[size=21]كرسي في مسجدنا
[/size][size=16]بقلم : الشيخ رامي حبيب الله
فلسطين[/size]
[size=16]
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عظم من أمر الصلاة بقوله: "ما من امرئ
مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما
قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله" رواه مسلم.
نعم إخوتي بالله إنها الصلاة التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى، والتي
باتت عند بعض الناس عادة لا عبادة إلا من رُحم.
حديثنا عن الصلاة اليوم سيتمحور في ظاهرة غريبة، لا نعلم كيف تسربت بهذه
الصورة حتى أصبح بعض الناس يقومون بها بلا أعذار.
أما أصحاب الأعذار فنحن وصفناهم بأنهم أصحاب أعذار، ولكن ماذا مع غير أصحاب
الأعذار؟؟!!
إن هذه الظاهرة التي سنتحدث عنها اليوم والتي لا أعرف إلى أين وصل
انتشارها؟ وكم أصبحت الأعداد في المساجد تعاني منها؟ إنها لظاهرة يجب طرحها
والعمل للحد من انتشارها.
إن هذه الظاهرة هي الصلاة على الكرسي أو الكراسي أو حتى المقاعد سمها ما
شئت، المهم أنها هي الظاهرة الغريبة التي باتت تتوغل في مساجدنا، والناس
باتوا لا يعرفون أحكامها، فبمجرد أن هناك شخصا مصابا بألم ما، نراه يهرع
وبسرعة ليصلي قاعدا مرخصا بذلك لنفسه ومجيزا بالقعود.
إخوتي بالله، الأمر ليس بهذه البساطة، وليس بهذه الصورة العجيبة التي باتت
تشكل مظهرا من مظاهر الإزعاج في المساجد. وقبل أن أتحدث عن أحكامها أريد أن
أطرح السؤال المهم في هذه القضية وهو: أين كانت هذه المقاعد والكراسي قبل
عدة سنوات؟؟!.
لا أذكر أنها كانت موجودة، فكل ما أذكره أن المساجد كان يكسوها البساط
الجميل الهادئ ليعطيها ميزة رائعة.
وبعد هذا السؤال نأتي لنتعرف على أحكام هذه الصلاة، وما هي الأخطاء القاتلة
فيها.
أما حكمها، فهي جائزة لأصحاب الأعذار الذين لا يستطيعون حقا القيام ولا
الركوع ولا السجود، بسبب مرض أحال به ألما شديدا جدا.
وتكون واجبة على من يشعر بالمشقة الشديدة، لأنه في هذه الحالة يعد من أصحاب
الأعذار، لقوله تعالى "ما جعل عليكم في الدين من حرج".
ولقد رخص النبي صلى الله عليه واله وسلم للمسلم أن يصلي كيفما يقدر، إذا
كان صاحب عذر، فعن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه واله
وسلم عن صلاة الرجل قاعدا فقال: إذا صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله
نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد" رواه البخاري.
فحرصا منا على هيبة مساجدنا وقبول صلاتنا، وكسبنا الثواب التام يجب علينا
أن نجدد النية والعهد مع الله عز وجل، ونتذكر الصحابة رضوان الله عليهم
الذين كان بعضهم يأتي للصلاة حبوا ويصلي قائما لشدة شوقه للصلاة وكسب
الثواب.
قد لا يسعني التطرق في هذه المسألة إلى جميع جوانبها، لذلك من الأجدر بكل
واحد يصلي على المقاعد أن يسأل إمام مسجده أو من يعرفه من أهل العلم بصحة
ما يقوم به.
ومن هنا أناشد أئمة المساجد بالحديث عن هذا الموضوع بجدية تامة، وعن
الأخطاء التي يرتكبها المصلون، فمثلا نرى أحدهم يستطيع القيام والركوع
فيبدأ أول الصلاة جالسا وفي الوقت نفسه يغفل هذا الأخ الحبيب أن القيام
والركوع من أركان الصلاة.
ففي مثل هذه الحالة تكون صلاته باطلة من حيث لا يدري، لأنه فوت على نفسه
ركنين من أركان الصلاة.
أخي العزيز، أختي الفاضلة، يجب علينا أن نصل إلى مرحلة كافية من الوعي
بأحكام ديننا الحنيف، لنرتقي دائما نحو مستقبل مشرق نبني به أسسا للجنة
بإذن الله تعالى.
[/size]