بسم الله الرحمن الرحيم
أراد الأعشى الشاعر الجاهلي أن يسلم لله رب العالمين،فجهز نفسه
للسفر إلى يثرب لمقابلة محمد صلى الله عليه وسلم،وإعلان
إسلامه،فعلمت قريش هذا الخبر فاجتمعت وأرادت أن تثنيه عن قراره،
لأنها تعلم أن له لساناً صداحاً ،وشعراً كالعطر فواحاً،فإذا أسلم أسلمت
الجزيرة العربية كلها،لأنه سيمدح محمداً وأصحابه والإسلام كله،وعلى
اثر ذلك قد تسلم العرب،فلاقوه عند الحرم المكي،وقالوا له يا أبا
بصير:إن محمداً حرم الزنا ،فقال الأعشى:أنا رجل كبير وليس لي حاجة
في النساء،وليس لي في ذلك ارب،فقالوا له:إن محمداً حرم الربا،فقال:
أنا في حياتي لم أتداين أو أدن أحداً،وليس عندي مال ليربو،فمالي وما
للربا،فقالوا له: إن محمداً حرم الخمر،فقال لهم: أحرم محمدٌ الخمر
حقاً؟-وكان الرجل يحبها ويهيم بشربها- فقال له أبو سفيان: لقد
حرمها وأثم شاربها وصانعها وحاملها،فقال الأعشى:إن عندي سبابة
من خمر صنعتها البارحة،أشربها في عامي هذا،فإذا كان العام المقبل ،
غدوت إلى محمد وأسلمت لله،ففرحت قريش بذلك،ثم انصرف الأعشى
على ظهر بعيره، فإذا هو في الطريق زل الجمل فسقط الأعشى واقعاً
على صخرة صماء،ففلقت رأسه نصفين فنزف ومات،فلا شرب الخمور
،ولا توجه لله الغفور.