ملتقى عبق الجنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول
لمن يهمه الأمر :... إضافة الإعلانات الخاصة في الملتقى مجانية للمواقع الإسلامية .. لإضافة الإعلان يرجى مراسلة الإدارة على البريد الإلكتروني ( a.eljenan@hotmail.com ) .. إدارة الملتقى
لأي اقراحات وأي شكاوى يرجى مراسلة فريق الإدارة على البريد الإلكتروني ( a.eljenan@hotmail.com )
للتنويه فقط .. تم إختيار مشرفين جدد وتم بفضل الله إضافتهم إلى فئة المشرفين .. وسيتم تحديد أقسام الإشراف لكل منهم بعد الإستشارة وإجراء بعض الأمور الإدارية الأخرى ,,, والله المستعان
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Support
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:46 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:46 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:45 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:45 am من طرف صبر جميل

» المصحف الالكتروني المجود
رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد أغسطس 21, 2011 2:32 am من طرف علاءعزب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
زهراء فلسطين
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
عبق الجنة
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
فدا الإسلام
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
عقد الورد
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
عزّي اسلامي
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
روحي فداك
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
نسيم الملتقى
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
Nadin
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
كلمة حق
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 
الطبيعه 2
رواية حلم حياتي - صفحة 2 Bk_tableرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catgرواية حلم حياتي - صفحة 2 I_back_catg 

الأقصى


 

 رواية حلم حياتي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:24 am

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :



هذي من اروع القصص اللي قرأتها في حياتي قصه اكثر من رائعه اتمنى تعجبكم

اول شي للامانه القصه منقوله حبيت اذكر اسم كاتبة القصه لحفظ حقوقها

اسم الكاتبه

anglesmile



"حلم حياتي"

مقدمة:

تمضي الأيام لتحل مكانها أيام أخرى.. ليكبر الصغير.. ويشيب الكبير.. لتكبر الأحلام ومعها تزداد فرصة تحقيق الأمنيات..
هل حلمت يوما بامتلاك منزل كبير؟.. أو حتى فكرت بالحصول على سيارة من أحدث
طراز..ما الذي منعك من تحقيق هذه الأمنيات؟.. أو ما الذي يمنعك الآن؟..
تكاسل ام خيبة امل.. ام هو يا ترى الشعور بان الأحلام لا تتحقق..
من قال هذا؟..جميع الناس على هذه الأرض الواسعة لا تكف عن التمني..وبالعزم
والاصرار..حققوا ما يحلمون به ويصبون إليه منذ ان كانوا صغارا..
هي تمنت وحلمت.. ومع الايام كبر معها حلمها هذا..
هو تمنى أيضا.. وكان يطمح بتحقيق حلمه هذا..
لكن أشياء كثيرة كانت تقف حائلا بينهما؟.. أشياء منعتهما من تحقيق هذا الحلم الجميل..التي ترفرف حوله العصافير..عصافير الحب.....









*الجزء الاول *
(هل هي وظيفة أحلامها؟)


ابتسامة مليئة بالسعادة شملت وجه تلك الفتاة وهي تدلف الى منزلها وتهتف قائلة بفرح: أبــــــــي.. أمـــــــي..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت باستغراب: لم تصرخين هكذا يا (وعــــد)؟..
قالت وعد بابتسامة واسعة وسعيدة وهي تلوح بكفيها: لقد تم قبولي في الوظيفة..
ابتسمت والدتها وقالت : هذا سيريحنا من سماع صوت صراخك أخيرا..
قالت وعد باستنكار : أمي.. ماذا تقولين..
ابتسمت والدتها وقالت وهي تعود لتدلف الى المطبخ: لا عليك.. مبارك يا وعد..
ابتسمت وعد قائلة: أجل هذا ما كان يجب عليك قوله منذ البداية..
لحظة واحدة.. لنخرج من سياق القصة قليلا وأعرفكم بهذه الفتاة..اسمها
وعد..فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها..ذات شعر كستنائي ينسدل على
كتفيها بنعومة.. وعينان عسليتان واسعتان..بشرتها بيضاء صافية.. وملامحها
الملائكية.. تزيد من جمالها..
وعد فتاة مليئة بالمرح والحيوية..متفائلة .. اجتماعية ..وتكره الوحدة
والانعزال.. تحب الحياة .. محبة للجميع..والجميع يحبها..لم تعرف معنا
للكره في حياتها.. ولكنها عنيدة ومتمردة..اغلب الأوقات.. مكابرة رافضة
للاستسلام مهما حدث.. ابتسامتها ومرحها يجعلانها أشبه بالأطفال..
لنعد الى القصة مجددا.. ها هي ذي وعد تهز كتفيها وتتوجه نحو الدرج الذي
يقود الى حيث غرفتها.. حين سمعت صوتا يأتي من خلفها وصاحبه يقول: صحفية..
أليس كذلك؟
التفت الى صاحب الصوت وقالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها : بلى هذا صحيح يا (هشـــام)..
قال مبتسما: ما الذي يدفعهم لتوظيف فاقدوا الأهلية في الصحف..
رفعت حاجبيها وقالت: أنا يا هشام .. حسنا سترى ايها الاحمق..
وأردفت قائلة: ثم ما الذي جاء بك الى هنا؟..
هز كتفيه وقال: دعوة من عمي لتناول الغداء انا وعائلتي في منزله..
قالت ساخرة: لكني لا أرى سواك هنا..
قال بهدوء: ذلك لأني كنت قريبا من المنزل بعد انتهاء فترة عملي..
تريدون ان تعلموا من هو هشام اليس كذلك؟ خصوصا مع اسلوبه المبسط مع
وعد..حسنا هشام شاب في السادسة والعشرين من عمره .. ابن عم وعد..طموح
ومثابر ..مرح ولكنه هادئ نوعا ما..وهو أفضل من يقدم لك النصيحة فلديه
أسلوب غريب للاقناع..قضى مع وعد اغلب ايام عمرهما..وهو يعمل مهندسا في
احدى الشركات..
ملامحه تتسم بسمرة خفيفة ووسامة..ذا شعر بني قاتم يميل الى السواد وعينين من اللون ذاته..فارع القامة..المهم نعود مرة اخرى..
قالت وعد في تلك اللحظة: ولم تكون الأسبق للحضور الى هنا..ألم ترى غداءا في حياتك؟..
قال ساخرا: بلى شاهدت.. ولكني اليوم هنا حتى أنغص عليك وقتك..
قالت مبتسمة: وكيف هذا؟
قال مبتسما بدوره: سأمنعك من تناول طعام الغداء..
قالت بمرح: وتتناوله أنت أليس كذلك.. يا للجشع..
قال وهو يتصنع الجدية : أتظنين بأنني امزح.. كلا.. هيا اذهبي الى غرفتك .. لن تتناولي شيئا هذا اليوم..
قالت وهي تتطلع اليه باستخفاف: حقا أرعبتني كثيرا.. ابتعد عن طريقي والا ندمت..
عقد ساعديه امام صدره وقال وهو يتعمد الوقوف في وجهها: وإذا لم أفعل..
قالت بسخرية: ستحصل على هذا....
قالتها وركلت قدمه وأسرعت تجري مبتعدة عن المكان.. فهتف هشام بها قائلا: سأريك يا وعد..
ضحكت بمرح وهي تتجه الى المطبخ.. الى حيث والدتها التي قالت مبتسمة وهي تلتفت لها: ماذا جرى لك؟
قالت وابتسامتها المرحة لم تفارق شفتيها: لا شيء.. اخبريني يا أمي أتودين أي مساعدة؟..
اشارت والدتها الى الأطباق وقالت: أجل ضعيها على طاولة الطعام التي بالخارج..
حملت الأطباق بحذر واتجهت نحو الردهة.. حين سمعت صوت هشام يهتف بها: بامكاني دفعك حتى تسقطين أرضا وتتحطمين مع الاطباق ..
ابتسمت وقالت وهي تضع الاطباق على الطاولة وتستعد لتنظيمها: ويهون عليك ان تشوه هذا الجمال..
قال ساخراً: ربما تزدادين جمالاً مع بعض الرضوض.. او ربما تتأدبين ولا تتطاولين على من هم أكبر منك سناً حينها..
قالت بأسف مصطنع: معذرة يا جدي لم اعني ركلك بقدمي.. ذلك فقط حتى لا تتحداني مرة أخرى..
قال وهو يلتقط أحد الأطباق: ماذا تعنين بقولك هذا.. تظنين انني سأصمت على ما فعلتيه..
- وماذا ستفعل اذا؟..
- هذا..
قالها وبكل برود رمى بالطبق ارضاً..ليتحطم بدوي قوي وخصوصا مع أرضية
الردهة الرخامية..فأغلقت وعد عينيها بقوة وقالت بحدة: أيها المجنون..
اما والدة وعد فقد خرجت من المطبخ وهي تقول بخوف: ماذا حدث؟..
قال هشام وهو يشير الى وعد: لقد كسرت طبقا وهي تحاول ان ترميه نحوي..
صاحت وعد قائلة: لا تكذب يا هشام..
والتفت الى والدتها لتقول: انه يكذب هو من رماه أرضا متعمدا..
قالت والدتها بعصبية: لابد وانكما قد جننتما.. هيا نظفي ما تحطم..
هتفت وعد قائلة: امي اقسم هو من رماه.. وهو من عليه ان ينظف ال...
قاطعتها والدتها بغضب: هذا يكفي.. هيا نظفي المكان قبل أن يصل عمك..
انحنت وعد نحو الارض لتلتقط القطع المحطمة من الطبق وقالت وهي تتطلع الى هشام بنظرات غاضبة وحانقة: كله بسببك..
ابتسم وقال: هذا حتى تتعلمي من أخطائك..
تطلعت اليه بنظرة احتقار.. في حين مضى هو عنها وابتسامة انتصار تعلوا
شفتيه..وما ان انتهت من ازالة القطع المحطمة من الارض.. حتى ارتفع صوت
رنين جرس الباب.. فنفضت يديها فبل ان تتوجه الى الباب وتفتحه .. واتسعت
ابتسامتها وهي تقول مرحبة: اهلا بك يا (عماد).. مضى زمن طويل منذ أن
رأيناك آخر مرة..
قال بابتسامة هادئة: ليس طويلا الى ذلك الحد..
فتحت الباب بشكل أكبر وقالت مبتسمة: نفضل الى الداخل..
(عماد .. ابن خال وعد.. في التاسعة والعشرين من عمره.. لم يتزوج بعد
لانشغاله بالعمل في شركة والده.. يغلب عليه طابع الهدوء والرزانة.. ويبدوا
أكبر من عمره بسبب طريقة تفكيره..وسيم نوعا ما)
قالت وعد في تلك اللحظة: هل جئت وحدك؟
قال في هدوء:والداي سيحضران بعد قليل..
قالت متسائلة: كيف هي أحوال العمل؟..
- على مايرام.. ماذا عنك؟..هل وجدت عملاً؟..
قالت فجأة وكأنها قد تذكرت أمرا ما:صحيح نسيت أن أخبرك.. لقد وجدت وظيفة أخيرا..وقد تم قبولي فيها..
التفت لها وقال بابتسامة: مبارك يا وعد ..انت تستحقين الافضل دوما..
قالت بابتسامة مرحة: شكرا لك.. أخجلت تواضعي..
- وقد عملت في الصحافة كما كنت تطمحين.. صحيح؟..
أومأت برأسها وقالت: بلى فقد كانت هذه وظيفة أحلامي..
سألها قائلا: اين هي عمتي؟..
قالت وهي تشير الى المطبخ: كالعادة لا تبارح المطبخ ابدا..
قال في هدوء: عندما تتزوجين ستصبحين مثلها..
قالت في مرح: لا تجني علي أرجوك..لا أريد الزواج في حياتي وإذلال نفسي..
- انها سنة الحياة يا وعد..وأي فتاة لابد لها ان تتزوج يوما ما وتغادر منزل اهلها..
قالت مبتسمة: لا اظن ان هذا اليوم سيأتي قريبا..
كاد أن يهم بقول شيئا ما.. لكن وعد صاحت قائلة منادية والدتها: أمي لقد حضر عماد..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت بابتسامة واسعة: عماد كيف حالك يا بني؟
توجه نحوها وقال: بخير..كيف حالك أنت وحال عمي؟
قالت مبتسمة: بخير..أخبرني أنت الم تفكر بالزواج بعد؟
قال مبتسما: لم؟.. ألديك عروسا لي؟..
تطلعت الى وعد وقالت بابتسامة حالمة: عروسك موجودة..
شعرت وعد بالاحراج وقالت في سرعة محاولة التهرب من الموضوع: سأذهب الى غرفتي عن اذنكما..
قالتها واسرعت تمضي الى الطابق الاعلى..في حين هزت والدتها رأسها وقالت: هذه الفتاة لن تكبر ابدا..
قال عماد في هدوء: الفتيات في سنها يشعرون بالحيوية وبالطاقة التي تجعلهم
يبدون كالأطفال في تصرفاتهم..انه وضع طبيعي لكل فتاة في سنها..
قالت وهي تلتفت اليه: ولكن حقا.. الا تزال مصرا على عدم الزواج..
قال وهو يهز كتفيه: ما الذي يدعوني للعجلة؟
- وعد يا عماد لن تظل هكذا الى الابد.. إذ ربما يتقدم لها شاب وتقبل به..
او ربما تتعرف على أحدهم وتصر على الزواج به.. وعندها لن يمكننا فعل شيء
سوى الرضوخ لمطلبها...ففي النهاية هذه هي حياتها.. وهي من تقرر من ترتبط
به..
قال عماد في هدوء: اسمعيني يا عمتي.. أنا اعرف ان وعد لا تفكر بي كزوج
المستقبل.. من جانبي فأنا اراها فتاة أحلام أي شاب.. ولكن هي لا تراني
فارس احلامها..
قالت والدتها متسائلة: لو ناقشتها بالموضوع ووافقت على فكرة الزواج بك..هل ستتقدم لها حينها رسميا وتتزوجها..
قال مبتسما: بالتأكيد..وعد فتاة يتمناها أي شاب.. ولكن...
بتر عبارته وصمت فاستحثته والدة وعد قائلة: لكن ماذا؟
قال في هدوء: لا تفتحي معها الموضوع الآن دعيها تفرح بوظيفتها الجديدة.. لا اريد أن اكون سببا في ضيقها..
قالت باستنكار: أي كلام تقوله؟..الزواج بك اصبح يسبب الضيق.. يجب عليها أن ترقص من السعادة لأنها سترتبط بشاب مثلك..
قال عماد وهو يمسك بكتفها: ارجوك يا عمتي من أجلي..
قالت وهي تزفر باستسلام: كما تشاء..
*********
استبدلت وعد ملا بسها في سرعة وتطلعت الى نفسها في المرآة بعد أن
انتهت..كانت ترتدي فستانا أزرقا بلون السماء الصافية..وربطة شعر من اللون
ذاته..ربطت بها بعض من خصلاتها لتترك الباقي ينسدل على كتفيها..ولم تنسى
ارتداء قلادة تحتوى على حجر كريم يشبه لون الفستان الى حد ما..وكادت أن
ترتدي حلقها لولا ان سمعت طرقات على الباب..فتطلعت الى الباب بنظرة سريعة
وقالت: من؟
جاءها صوت فتاة تقول: ومن غيري؟
اسرعت وعد تفتح الباب وقالت بسعادة: (فرح) هذه أنت..
قالت فرح مبتسمة وهي تدلف الى الداخل: أجل ..كيف حالك يا ايتها الصحفية المستقبلية؟..
قالت وعد بفخر: لم أعد كذلك..انني ومنذ الغد سأكون صحفية حالية..
قالت فرح بدهشة: أحقا ما تقولين؟
اومأت وعد برأسها وقالت بسعادة: اليوم تم قبولي في صحيفة الشرق (اسم وهمي)..
قالت فرح وهي تمسك بكفي وعد بسعادة: مبارك يا وعد..انا سعيدة لأجلك..
ضحكت وعد بمرح وقالت: وأنا كذلك..
سألتها فرح قائلة: اخبريني يا وعد هل شاهدت هشام؟
تبدلت ملامح وعد الى الحنق وقالت: اياك ان تتحدثي معي عن شقيقك هذا..
ضحكت فرح وقالت: ولم؟.. ما الذي حدث بينكما مؤخرا؟..
قالت وعد بضيق:اسأليه هو؟
- سأفعل ولكني لم اعثر عليه بالمنزل..
- أتمنى أن يكون قد رحل..
قالت فرح مبتسمة: لم تكرهين شقيقي؟
(فرح هي شقيقة هشام.. في الواحد والعشرين من العمر..مرحة ولطيفة..رقيقة
المشاعر والاحاسيس..لكنها خجولة ومنطوية على نفسها ..جميلة بملامحها
النقية الخالية من أي مستحضرات للتجميل..لون شعرها وعينيها بنيان وهي تشبه
في ذلك هشام)
قالت وعد في سرعة: لا أكرهه.. ولكنه يغيظني بأفعاله..
قالت فرح فجأة: آه..نسيت أن أخبرك الغداء جاهز بالأسفل ولقد طلبوا مني أن أستدعيك..
قالت وعد بمرح: تستدعيني.. ومكثت معي.. فلنمضي قبل أن يرسلوا من يستدعيك أنت الاخرى..
قالتها وخرجت من الغرفة وتبعتها فرح ..وقالت هذه الاخيرة: لقد شاهدت عماد بالأسفل.. لقد جاء مبكرا اليوم على غير عادته..
قالت وعد مبتسمة: عماد دائما يأتي في موعده..
قالت فرح مبتسمة وهي تهبط مع وعد على درجات السلم:ما هذا ؟..مديح لعماد..وذم في هشام..كلا أنا لا اقبل..
( من هذا الذي يذمني؟)
قالها هشام وهو يتطلع اليهما من أسفل الدرج.. فقالت فرح مبتسمة: هشام.. اين كنت؟
قال بلامبالاة: ذهبت لأتمشى قليلا في الحديقة الخلفية.. لم تخبريني من هذا السخيف الذي كان يذمني؟
قالت وعد في حدة: أنا.. ماذا ستفعل؟
قال ساخرا: يبدوا وانك قد عرفت أخيرا قدر نفسك وانك فتاة سخيفة..
قالت بسخط: لم يطلب أحدهم رأيك..
قالت فرح مبتسمة: ما بالك يا وعد .. هشام يمزح معك..
قالت وعد بضيق: دمه ثقيل..ومزاحه سخيف..
مال نحوها هشام وقال مبتسما: هل غضبت مني حقا؟..انني امزح معك لا غير..انت الأعلم بمعزتك لدي..
التفت اليه وكادت ان تهم بقول شيئا ما ولكن ابتسامته اذابت الغضب التي
تحمله بداخلها فلم تستطع الا ان تبتسم وتقول ولكن مع القليل من العناد:كلا
لا أعلم .. وخصوصا وانك جعلتني انظف المكان بسبب ما فعلته انت..
قال وهو يغمز لها بعينه: لا عليك سأنظف أنا المنزل بأكمله في المرة القادمة..
قالت وابتسامتها تتسع: مع الحديقة الخارجية ايضا..
قال وهو يراها تمضي عنه: لا تحلمي كثيرا.. لقد كنت أمزح لا غير..
همست له فرح قائلة وهي تمضي الى جانبه: يبدوا وان وعد أنستك وجودنا..
قال مبتسما: اني اراك يوميا وبصراحة مللت من رؤية وجهك.. اما وعد فلا اراها الا يوم واحد في الاسبوع..
قالت بابتسامة خبيثة: مللت مني.. ام انها قد احتلت تفكيرك بالكامل.. حتى انك لم تعد ترانا..
قال بمكابرة: أي هراء تقولينه..
قالت بابتسامة وهي تميل نحوه: أَقسم بأنك لا تحمل لها أي من المشاعر في قلبك..
هز كتفيه وقال:هذا طبيعي لأنها ابنة عمي..
- انت تعلم ما أعنيه فلا تتغابى يا....
(فرح هيا ..ما الذي يوقفك هناك؟)
كانت وعد هي ناطقة العبارة السابقة.. فقال هشام محاولا التهرب من الموضوع: هيا اذهبي اليها إنها تناديك..
قالت مبتسمة بخبث: سأذهب..إليها..
قالتها وتوجهت نحو طاولة الطعام التي اجتمعت حولها العائلة..جلست هي الى
جوار وعد والى جوار الأولى جلس عماد..وابتسم هشام بابتسامته المرحة
المعتادة قائلا وهو يجلس على المقعد المواجه لوعد: بالتأكيد أعدت خالتي
طبقي المفضل..
قالت وعد ساخرة: بلى..حساء الضفادع على يمينك..
ضحكت فرح وشاركتها وعد الضحك..في حين اكتفى عماد بابتسامة واسعة.. وبغتة
تأوهت وعد .. فتوقفت فرح عن الضحك والتفت لها قائلة: ماذا بك؟
قالت وهي تطالع هشام بنظرة غاضبة: لا شيء ولكن احدهم لا يزال يود أن يجرب عينة أخرى من ركلاتي..
قالتها وهي تدوس على قدم هشام..الذي داس على قدمها منذ لحظات حتى يوقفها عن الضحك..فقال هشام مهددا: ستندمين يا وعد..
أخرجت له لسانها وقالت: لن يمكنك فعل شيء..
قالتها وضحكت بمرح.. فهتفت بها والدتها قائلة: تأدبي ياوعد..وكفاك ضحكا .. احترمي وجودك معنا..
احست وعد بالحنق .. خصوصا وهي ترى نفسها في موقف محرج امام الجميع..وقالت وهي تعبث في طبقها: حسنا..
في تلك اللحظة لم تنتبه وعد الى نظرات هشام المعلقة بها..والذي كان يتطلع اليها بنظرات تملؤها الحنان....

* * * * * *
ما ان انتهى عماد من تناول طعام الغداء...حتى قال: اعذرني يا عمي واعذريني أنت أيضا يا عمتي.. فعلي ان اغادر الآن..
قالت والدة وعد باستنكار: ماذا تقول يا عماد؟.. لم تأتي الى المنزل الا قبل ساعة..اننا لا نراك الا في هذا اليوم..
قال بابتسامة هادئة: معذرة يا عمتي.. ولكن لدي من الأعمال الكثير ولو أجلتها إلى الغد أيضا..فلن انهيها أبدا..
التفت اليه وعد وقالت باستنكار: صحيح يا عماد لا يزال الوقت مبكرا..
نهض من على مقعده وقال: ان الجلسة معكم لا تُمل..ولكنه العمل الذي لا يرحم أحدا..
واردف مودعا: أراكم بخير الاسبوع القادم..الى اللقاء جميعا..
قال والد وعد: صحبتك السلامة يا بني..
غادر مكانه من على الطاولة وما ان مر الى جوار وعد حتى قال هامسا: كان بودي البقاء أكثر..
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تلتفت اليه.. وبادلها هو الابتسامة.. وهنا ظهرت
علامات الضيق على وجه هشام.. وما ان غادر عماد المنزل حتى لم يتمالك هشام
نفسه وقال بعصبية هامسة: ماذا قال لك؟
رفعت وعد حاجبيها بدهشة مصطنعة وقالت: من؟
قال بحدة: عماد..ومن غيره..
هزت كتفيها وقالت: ماذا قال؟..
انفعل قائلا: انا من يسألك..
تدارك نفسه عندما شاهد عيون الجميع تلتفت اليه وتتطلع له بدهشة.. فنهض من مكانه وقال: عن اذنكم..
قالها وغادر المكان .. فهمست فرح لوعد قائلة: لماذا تفعلين هذا؟..
ابتسمت وعد وقالت: وما شأنه هو بما قاله لي عماد..
قالت فرح بضيق: عندما ترينه راغبا في معرفة شيء عنك.. تصرين دوما على اللف والدوران..
قالت وعد بمرح وهي تنهض من مكانها: خصوصا مع شقيقك هذا..
وأردفت وهي تتطلع الى ساعتها: تعالي معي الى غرفتي.. اريد ان اريك شيئا..
قالت فرح باستغراب: شيء.. وما هو؟
ضحكت وعد وقالت: تعالي وسترينه بنفسك..
تبعتها فرح الى الطابق الاعلى وهي تدلف خلفها الى غرفة وعد..وهناك قالت فرح بحيرة: والآن ماذا؟
اشارت لها وعد بأن تتبعها الى النافذة وقالت مبتسمة: انظري..
تطلعت فرح من النافذة لتشاهد شقيقها هشام يتطلع الى نافذة غرفة وعد وما ان
شاهدهما يتطلعان اليه عبرها.. حتى ابتعد متوجها الى الحديقة الخلفية
للمنزل.. فقالت فرح بدهشة: أهذا ما كنت تريدين أن تريني اياه..
قالت وعد بابتسامة واسعة: بالتأكيد لا..لقد شاهدت شقيقك ذاك يخرج وهو غاضب وعلمت انه سيتطلع إلى نافذة غرفتي..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: وهل هذا يدعو الى السخرية؟..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها بدهشة: من قال انني اسخر منه.. ولكني استغرب ما
يفعله كل مرة عندما يغضب او يتظايق.. لا اراه الا يتطلع الى نافذة غرفتي
من الحديقة..
قالت فرح وهي تمط شفتيها: أأنت بلهاء يا وعد؟
ضحكت وعد وقالت: ربما ..تعالي سأريك هذه الاوراق الخاصة بتوظيفي ..
- اتعلمين انك فتاة ذات مزاج رائق..
- انا هكذا .. حسنا يافرح.. كنت سأمنحك ما اشتريته لك وانا في طريقي الى هنا..
قالت فرح بابتسامة: احقا؟..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: لا تحلمي ..لن امنحك اياه.. انا ذات مزاج رائق عندما اطلب منك أن تشاركيني فرحتي..
قالت فرح وهي تقترب من وعد: كفاك دلالاً واخبريني ..ماذا جلبت لي؟..
قالت وعد وهي تشيح بوجهها عنها: لا تحلمي.. لن اخبرك..فلتموتي قهرا..
- تبا لك يا وعد..سأريك..
ضحكت وعد وقالت: وماذا ستفعلين؟
قالت فرح بخبث: سأخبر هشام بأنك تتحدثين مع شاب على الهاتف..
قالت وعد مبتسمة: مع إنها إشاعة لكن أخبري والدي أفضل بألف مرة من إخباره هو.. لا استبعد أن يرميني انا والهاتف من النافذة..
قالت فرح وهي تتصنع التفكير: ويرميني انا خلفكما..
قالت وعد وابتسامتها تتسع: ويظل هو دون إصابات او حتى....
بترت وعد عبارتها اثر طرقات على الباب وتوجهت نحو الباب لتقول بصوت يغلب عليه الملل:من؟
جاءها صوت هشام يقول: انه أنا..
قالت وعد بابتسامة قبل أن تفتح الباب: ليتنا تحدثنا عن سيارة..
قالت فرح مبتسمة: أنا أفضل قلادة من الماس..
فتحت وعد الباب في تلك اللحظة وقالت وهي تتطلع الى هشام بملل: ماذا تريد؟
قال ساخرا: من قال انني جئت من أجل ان ارى وجهك المخيف.. لقد جئت لشقيقتي الفاتنة..
التفتت وعد الى ما خلفها وقالت: ايتها الفاتنة.. وحش كاسر يريدك على الباب..
قال هشام وهو يتطلع اليها: تأدبي يا وعد..
أخرجت له لسانها لتغيظه.. في حين قالت فرح وهي تتقدم منه: ما الامر يا هشام؟
- سنذهب الى المنزل..
قالت فرح بدهشة: بهذه السرعة؟؟
قال وهو يهز كتفيه: اريد العودة الى المنزل..ووالداك سيغادران الى احد
محلات الأثاث ومنها الى المنزل.. لا يوجد أحد ليوصلك الى المنزل سواي..
قالت بضجر: لكن الساعة لم تتجاوز الخامسة.. ابقى يا هشام ساعة واحدة فقط..
قال مستهزئا: أحقا؟.. ساعة واحدة فقط.. كما تشائين يا سيدتي..ألا تريدين البقاء حتى الغد.. أفضل اليس كذلك؟
قالت مبتسمة: بلى أفضل بكثير..
هتف قائلا بحدة: هيا..احملي حقيبتك وسنمضي.. واياك والتفوه بكلمة زائدة..
قالت فرح بحنق وهي تعود لتدلف الى داخل غرفة وعد لتجلب حقيبتها: حاضر..
قالت وعد بحنق وهي تتطلع الى هشام: من تظن نفسك.. لم تصرخ في وجهها هكذا..
قال ببرود: أصمتي يا وعد وإلا علقتك على باب المنزل..
عقدت ساعديها امام صدرها وقالت: أحقا كيف؟ .. ارني.. اريد أن ارى قوتك يا ايها الملاكم..
أمسك بشعرها وشدها منه وهو يقول: ألا تصمتين؟
قالت وهي تبعد يده في خشونة: ابعد يدك يا هذا والا قطعتها لك..
قال هشام بحدة: ليس لدي البال الرائق للحديث معك والا كنتِ في عداد الموتى الآن و...
صاحت فرح مقاطعة اياهما: يكفي..يكفي.. ألا تشعران بالملل من كل تلك المشاجرات..
قال هشام مستفزا: ابدا..
التفتت فرح الى وعد وقالت: وأنت..ألا تأتين الى منزلنا.. لأن شقيقي التافـ....اعني العزيز.. يريد أخذي الى المنزل الآن..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: اذهبي هيا.. تريديني ان آتي وشقيقك هذا هناك..
قال هشام وهو يرفع حاجبيه: ان كنت لا تعلمين لا ازال واقفا.. فلا تتحدثي عني بسوء..
قالت بلامبالاة: وهل أخشى منك أنا؟..
قالت فرح برجاء: وعد.. ارجوك.. لم نجلس معا الا قليلا..
قالت وعد مبتسمة: أعدك أن احضر ولكن ليس اليوم.. غدا اولى ايام بالعمل.. اريد تهيئة نفسي..
قال هشام ساخرا: تعني تريد تجهيز أي ملابس سترتدي.. واي حقيبة ستحمل..
قالت وعد متعمدة اغاظته: لا شأن لك..سأرتدي أكثر ملابسي روعة وأناقة..
- سيظنون انك ذاهبة الى حفلة.. لا تجعلي نفسك أضحوكة منذ اليوم الاول..
قالت وعد بغضب: اذهب فورا ايها المزعج.. لا اريد ان أراك هنا..
قال بسخرية اكبر: هذا الممر أملاك عامة..ليس من حقك طردي..
واردف بابتسامة وهو يميل نحوها: سأرحل كما ترغبين يا ايتها الجميلة..أراك الاسبوع القادم..
قالت بغرور: سأتغيب الاسبوع القادم عن الغداء..حتى اتخلص منك..
قالت فرح في تلك اللحظة بملل وهي تتثاءب: إذا أكملتما هذا المسلسل أخبراني..
ضحكت وعد وقالت: لن ينتهي ابدا.. فلا تتعلقي بآمال واهية..
ابتسم هشام وقال: هيا يا فرح ..
وهمس لوعد قائلا: لن ينتهي المسلسل الا بزواجنا..
دُهشت وعد لوهلة ثم ما لبثت أن قالت وهي تعود الى داخل الغرفة: لا تحلم كثيرا.. فتصدق نفسك..
غادر هشام مع فرح المنزل ولم ينسى إلقاء نظرة أخيرة على نافذة الطابق العلوي.. نافذة غرفة وعد....
* * * * * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:37 am

* الجزء الرابع والعشرون*
(هل ستعود؟)



تسللت اشعة الشمس الدافئة..لتضيء ارجاء تلك الغرفة الصغيرة .. عندما فتحت
صاحبتها تلك الستارة التي كانت تحول دون دخول ضوء الشمس الى
الغرفة..وتطلعت الى الخارج لبرهة قبل ان تقول وهي تداعب زجاج النافذة
باصابعها: ترى ما الذي يحدث بالصحيفة الآن؟..
اطالت النظر بشرود من خلال النافذة الى حديقة المنزل قبل ان تردف: وما الذي يفعله طارق الآن؟..
ولم تلبث ان تنهدت وهي تلتفت عن النافذة وتقول: لم اشأ التغيب عن الصحيفة يوما..ولكن ما حدث جعلني اترك الصحيفة على الرغم مني..
وعادت لتتنهد وهي تتوجه نحو ذلك الكيس الذي وُضع بداخله علبة مستطيلة
الشكل مغلفة..كانت هدية عماد لها.. وقالت وهي تخرج العلبة من الكيس: حتى
الهدايا لم افكر بفتحها الى الآن..
وازاحت ورقت التغليف عن العلبة.. قبل ان تفتح غطاء العلبة ومن ثم قالت
بانبهار وهي تتطلع الى الفستان الذي بداخله: يا للروعة.. لن يلبث عماد ان
يدهشني بذوقه الرائع.. وهداياه المرتفعة الثمن..
اخرجت الفستان من علبته وقد كان ارجواني اللون .. قصير يصل الى ما اسفل
الركبة.. وتتنتشر به الورود الصغيرة..أما كماه فقد كانا ذا لون ارجواني
شفاف..وابتسمت وعد ابتسامة واسعة وهي تضعه امام جسدها وتقف امام المرآة..
لتهتف قائلة: انه غاية في الروعة.. يا ترى كيف سيبدوا لو اني ارتديته.. هل
سيناسبني؟..
ظلت تتطلع الى نفسها بالمرآة لفترة.. وهي تتخيل نفسها ترتدي هذا الفستان..
قبل ان ينتشلها من تأملاتها صوت طرقات على الباب.. فالتفتت اليه.. وهي
تقول: من ؟..
جاءها صوت والدتها وهي تقول بدهشة وهي تفتح الباب: هل استيقظت مبكرا هذا اليوم ايضا على الرغم من انه ليس لديك أي عمل؟..
هزت وعد كتفيها بلامبالاة وقالت: لقد اعتدت الاستيقاظ في وقت كهذا طوال فترة عملي بالصحيفة..
قالت والدتها بهدوء: حسنا اذا اتبعينا الى طاولة الطعام.. لتتناولي طعام الافطار معنا..
قالت وعد تستوقفها: لحظة واحدة يا امي..
التفتت لها والدتها وقالت بغرابة: ماذا هناك؟..
قالت وعد وهي ترفع الفستان قليلا ومن ثم تقول بابتسامة: ما رأيك به؟.. هل تظنين انه سيناسبني؟..
ابتسمت والدتها وقالت وهي تتطلع الى الفستان: انه جميل جدا.. من اين لك به؟..
- انها هدية عماد لي..
هزت والدتها رأسها ومن ثم قالت: يؤسفني انك قد اضعت هذا الشاب من بين يديْك..
مطت وعد شفتيها ومن ثم قالت: هل ستعودين مرة اخر الى هذا الكلام يا امي؟.. ثم انه سيخطب فتاة قريبا..
عقدت والدتها حاجبيها وقالت: ومن تلك الفتاة؟..
- لا اعلم..
تطلعت اليها والدتها للحظة قبل ان تتنهد بأسف ومن ثم تقول: الآن ستذهب املاك اخي كلها لفتاة غريبة..
زفرت وعد ومن ثم قالت برجاء: ارجوك امي.. كفي عن هذا الكلام.. لقد انتهى الامر.. ولم يعد هناك أي داع لاعادته..
صمتت والدتها ومن ثم قالت وهي تخرج خارج الغرفة: لا بأس.. لن اعيده.. ولا تنسي اتبعينا لطعام الافطار..
اومأت وعد برأسها.. وتوجهت الى خزانتها الخاصة لتستبدل ملابسها.. ولكنها
توقفت بغتة بعد ان لمحت هدية هشام التي لم تفتحها.. وعادت ادراجها
لتلتقطها ومن ثم تزيل الغلاف عن تلك العلبة..وما لبثت ان اتسعت عيناها..
وهي تتطلع لما بين يديها.. وابتسمت ابتسامة واسعة وهي تقول: لم اكن اتوقع
ابدا ان تكون هذه هي هديتك لي..
واردفت كأنها تخاطب هشام: اشكرك كثيرا يا هشام.. لو تعلم كم كنت احتاج لمثل هذه الكاميرا..
وظلت تتطلع الى الكاميرا لفترة بعد ان اخرجتها وهي تتحسسها برفق وحذر..
وقطع اندامجها هذا..صوت رنين هاتفها المحمول.. فعقدت حاجبيها وهي تقول
بغرابة: الساعة لم تتجاوز الثامنة والنصف صباحا.. من ذا الذي يتصل بي في
وقت كهذا؟..
وادارت افكار عدة برأسها وهي تحاول معرفة كنه المتصل.. قبل ان تهز كتفيها
باستسلام.. وكأنها تعلن هزيمتها من معرفة ذاك المجهول الذي يتصل.. فنهضت
من مكانها لتلتقط حقيبة يدها..وتخرج هاتفها المحمول.. واحست بحيرتها
تتضاعف وهي ترى رقما مجهولا يضيء على شاشة هاتفها..لكنها لم تلبث ان اجابت
وهي تقول بتردد: الو.. من المتحدث؟..
- الآنسة وعد؟..
ازداد انعقاد حاجبيها وهي تقول: انا هي.. من المتكلم؟..
- انا طارق يا وعد.. الم تتعرفي على صوتي؟؟..
واتسعت عينا وعد بدهشة كبيرة ..وهي غير قادرة على اجابته بأي شيء على الاطلاق..
**********
توقف عماد بسيارته بجوار ذلك المنزل المتوسط الحجم.. والذي يحتل احد
المناطق بذلك الحي الهادئ.. ولم يلبث ان ضغط على بوق السيارة.. وهو يداعب
المقود باصابعه بترقب وانتظار ..و ان انفتح باب المنزل بغته.. فاستدار له
وهو يتطلع الى تلك الفتاة التي خرجت من المنزل لتوها واقتربت من السيارة
لتقول بصوت خافت بعض الشيء وهي تميل باتجاه النافذة: هل تأخرت؟..
ابتسم عماد وقال: ابدا.. ادخلي الى السيارة..
قالت وهي تفتح باب السيارة وتجلس بالمقعد المجاور: سأحاول الاسراع في
المرة القادمة.. ولكنك لم تخبرني بمجيئك لاصطحابي الا قبل نصف ساعة.. لهذا
لم استطع الاستعداد في سرعة..
قال عماد مداعبا: وما تحتاجينه انت من وقت للاستعداد يقدر بثلاث او اربع ساعات.. اليس كذلك؟..
ابتسمت ليلى ومن ثم قالت: لن تفهمونا ابدا..
هز عماد كتفيه ومن ثم قال: لا داعي لذلك مطلقا..فالبعض يقول: (لا احد يستطيع ان يفهم المرأة.. سوى المرأة نفسها)..
قالت مبتسمة بمرح وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: معهم حق في ذلك..
انطلق بسيارته ومن ثم قال: لم تخبريني كيف هي أحوالك ؟..
قالت بهدوء: لم يتغير بي شيء منذ الامس..
اختلس نظرة اليها ومن ثم قال: وماذا عن الخاتم الذي تركته امانة لديك؟..
توردت وجنتاها وهي تقول: لا يكاد يفارقني ابدا..
قال بابتسامة واسعة: اجل اريدك ان تعامليه هكذا دوما..
واردف بصوت هامس: وانا ايضا..
تطلعت اليه بخجل شديد ومن ثم قالت: انت لا تفارق عقلي او قلبي ولو للحظة..
ابتسم بحنان ومن ثم قال: ما رأيك ان لا نذهب الى العمل اليوم ونختار مكانا آخر لنقضي به وقتنا؟..
قالت بمرح مفاجئ: ما هذا يبدوا انك ستتكاسل بعملك منذ الآن.. هيا كفاك دلالا.. وانطلق الى الشركة..
ابتسم عماد وقال: كما تأمرين سيدتي..
ضحكت ليلى بمرح.. وشاركها عماد الضحك.. وهما ينطلقان بالسيارة الى المصنع..
*********
ظلت وعد صامتة غير مصدقة لما سمعته باذنها منذ لحظات ..فآخر شخص توقعت ان
يتصل بها .. هو الآن يحادثها.. ثم من اين جلب رقم الهاتف؟.. في حين كان
طارق يشعر بغرابة صمتها على الطرف الآخر فقال: وعد.. الا زلت على الخط؟..
قالت وعد وهي تحاول السيطرة على دهشتها وتوترها: اجل..
واردفت وهي تعقد حاجبيها: ولكن من اين حصلت على رقم هاتفي؟..
قال طارق بابتسامة باهتة: ليست بمشكلة على من يعرف اسمك بالكامل..
واستطرد بهدوء: ربما تتساءلين الآن عن سبب اتصالي بك.. اليس كذلك؟..
اجابته وهي تزدرد لعابها: بلى..
اكمل قائلا: لقد اتصلت بك لأخبرك بشيء ما..
تساءلت بفضول: وما هو؟..
ابتسم طارق ومن ثم قال: يمكنك العودة الى الصحيفة منذ اليوم ان اردت..
صاحت بانفعال: ماذا تقول؟..
ثم انتبهت الى انفعالها فاخفضت صوتها ومن ثم قالت: اعني.. اأنت متأكد مما قلته؟..
قال طارق وابتسامته تتسع: تمام التأكيد والا لما كنت لاتصل بك.. فقد فضلت
ان اخبرك انا بنفسي عن هذا الخبر لاني اعلم بانك ستفرحين كثيرا اذا علمت
بأمر عودتك الى الصحيفة..
قالت متسائلة: ولكن.. لم تم اعادتي الى الصحيفة من جديد وانت تعلم ان رئيس
التحرير لن يتراجع عن امر الفصل المؤقت الا اذا تراجعت انا عن موضوعي..
قال طارق بابتسامة ساخرة بعض الشيء: يبدوا وانه قد اقتنع اخيرا بصدق موضوعك..
واردف قائلا بلهفة: هه..متى ستحضرين الى الصحيفة؟..
قالت في سرعة: بعد ساعة على الاكثر ستجدوني بينكم..
ابتسم طارق وقال: انتبهي في طريقك للسيارات فلا تدعي سعادتك للقدوم الى الصحيفة..تجعلك تحطمين سيارات الآخرين..
قالت وهي ترفع حاجبيها بغرابة: ماذا قلت؟..
ضحك قائلا: لا شيء ابدا.. الى اللقاء واراك بخير..
اغلقت وعد الهاتف ومن ثم لم تلبث ان هتفت في سعادة: سأعود الى الصحيفة من جديد.. واخيرا سأعود.. يالسعادتي..
واردفت بصوت هامس: ها انذا سأعود اليك يا طارق من جديد..انتظرني..
********
حاولت وعد بقدر الامكان ان تخطوا خطوات بطيئة وحذرة بحيث لا ينتبه احد الى
وصولها الى القسم.. وما ان وصلت عند الباب حتى دارت بعينيها للمكان الذي
لم يكن يضم بداخله سوى احمد وطارق.. ربما كانت نادية في مهمة ما..ومن ثم
طرقت الباب بخفوت وهي تقول محاولة تغيير صوتها: الاستاذ احمد والاستاذ
طارق.. المدير يطلبكما.. ويبدوا انه ينوي طردكما..
رفع طارق رأسه عن الاوراق التي بين يديه بحدة وهو يتطلع بدهشة الى الواقفة
بجانب الباب.. في حين ابتسم احمد ابتسامة واسعة ومن ثم قال : اخبري المدير
اننا لسنا مستعدون للطرد هذا الاسبوع .. فلدينا مسئوليات كبيرة على
عاتقنا..
ضحكت وعد بمرح ومن ثم قالت: يبدوا وانه يريد ان يكتفي بصحفي واحد بالصحيفة فحسب..
غمز احمد بعينه ومن ثم قال: وهذا الصحفي سيكون المدير نفسه بكل تأكيد..
ابتسمت بمرح.. ودارت عيناها لا اراديا الى حيث يجلس طارق .. تريد ان تراه.. تشبع عيناها برؤيته.. برؤية دفء
عينيه وبرودها بالوقت ذاته..في حين لم تكن عينا طارق قد فارقتها مطلقا..
فقد اخذت تتابع كل حركة من حركاتها وكل لمحة من ملامح وجهها.. وابتسم لها
بحنان .. ووجدت نفسها ترتبك من بسمته الحنونة هذه.. ومن ثم اتجهت الى حيث
مكتبها وقالت وهي ترمي نفسها عليه: لا يشعر الشخص بقيمة الشيء الا اذا
فقده.. حتى لو كان هذا الشيء هو مكتب ومقعد لا اكثر..
قال احمد وهو يهز كتفيه: لقد رفض المدير اعادتك الى الصحيفة مرة اخرى وكل
هذا بسبب قرار رئيس التحرير بشأنك.. وانك تحديت الاوامر.. ولولا ما فعله
طارق لما سمح لـ...
قاطعه طارق قائلا: احمد.. لا داعي لان تقول مثل هذا..لقد انتهى الامر ..
التفتت وعد الى طارق وتطلعت اليه باهتمام.. قبل ان تلتفت الى احمد وتقول: ما الذي فعله الاستاذ طارق لأجل يعيدني الى هنا؟؟..
قال احمد بهدوء: لقد قدم استقالته.. وخيرهم بين امرين اما اعادتك الى هنا.. او ان يستقيل من العمل نهائيا..
رفعت وعد حاجبيها بدهشة كبيرة ومن ثم قالت: لم يكن هناك اي داعي لفعل
ذلك.. كانت ثلاثة ايام لا اكثر.. وبعدها كنت سأعود الى الصحيفة..
هز احمد كتفيه ومن ثم قال: انا ايضا ارى ذلك.. ولكنه اصر على تقديم
الاستقالة لان ما حدث معك كان ظلما كما قال.. وانه لا يريد ان تتعرضي لمثل
هذه القرارات القاسية التي يتعرض لها هو كثيرا و...
قاطعه طارق بحدة: يكفي يا احمد..
تطلع له احمد بصمت ومن ثم قال: فليكن سأصمت وافعل ما تشاء..
التفتت وعد الى طارق ومن ثم قالت بحيرة: لماذا فعلت ذلك؟.. لماذا قدمت
استقالتك؟.. ماذا لو تم قبولها؟.. ستغادرالصحيفة.. ولن نراك مجددا بيننا
هنا..
قالت وعد جملتها الاخيرة والحروف تختنق بحلقها..ولم تستطع ان تواصل..
فاشاحت بوجهها وهي تحاول التماسك قليلا..وشعر طارق بالعطف تجاهها فقال وهو
يهمس باسمها بحنان: وعد..
ظلت مشيحة بوجهها ولم تجبه.. فقال مبتسما: انظري الي فقط..
كادت ان تلتفت اليه.. كادت ان تفعل.. لولا ان سمعت صوت احدهم يقول وهو يقف عند باب القسم: هل حضرت الآنسة وعد؟..
التفتت له وعد وانشد انتباهها لما سيقوله..في حين اردف هو قبل ان يجيبه
احد: اذا لم تحضر.. اخبروها بأن رئيس التحرير يطلبها على وجه السرعة
والاهمية..
قال طارق بعصبية : وماذا يريد منها؟..
هز الرجل كتفيه ومن ثم قال: لست اعلم.. يمكنك سؤاله بنفسك يا استاذ..
قالها وابتعد مغادرا.. فقالت وعد بغرابة: فيم يريدني ايضا؟..
قال احمد وهو يفكر: ربما لانه اعادك الى العمل .. فيود تحذيرك من اعادة نشر مثل تلك المواضيع..
قالت وعد وهي تعقد حاجبيها: ان كان الامر يتعلق بهذا
فعلا.. فليحلم.. لن اتراجع عن مبدأي ابدا..
ولم تلبث ان نهضت من خلف مكتبها لتخرج من القسم ومن ثم تسير بين الممرات
الى ان وصلت الى مكتب رئيس التحرير..حتى طرقت باب المكتب ومن ثم دلفت الى
الداخل هاتفة: هل طلبتني يا استاذ نادر؟..
قال في سرعة: بلى.. استمعي الي هناك حريق باحد المباني.. اريد منك تغطية الحدث على وجه السرعة..
قالت متسائلة: حسنا ومن سيكون معي؟..
عقد حاجبيه ومن ثم قال: لن يكون معك أحد.. ستكونين لوحدك..
قالت وهي ترفع حاجبيها بحيرة: وحدي؟..
قال بحزم: اجل وحدك.. واثبتي جدارتك في هذه المهمة واذا نجحت ستكونين صحفية فعلية بالصحيفة..
قالت بشك: هل تعني ما تقوله يا استاذ نادر؟..
قال بجدية: اجل.. فنحن في مكان عمل وليس هناك وقت للمزاح..
صمتت للحظة ومن ثم قالت: حسنا اذا انا اوافق.. امنحني العنوان فورا..
خط لها العنوان فوق ورقة صغيرة بعض الشيء ومن ثم قال برنة استخفاف: دعينا نرى جدارتك ايتها الصحفية..
قالت بتحدي: ستراها يا استاذ نادر بنفسك.. وستعلم اني اهلا لاكون صحفية..
قالتها ومن ثم اخذت العنوان وغادرت مكتبه..وكلها عزم واصرار على النجاح في هذه المهمة...
**********
اصدر هاتف ليلى رنينا متواصلا ليمنعها من مواصلة عملها.. ويجعلها ترفع
رأسها عن الملفات التي بين يديها ومن ثم تلتقط هاتفها المحمول.. وارتسمت
ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تقول مجيبة بصوت منخفض بعض الشيء: هذا انت
يا عماد ..اخبرني لم تتصل بي الآن؟..
قال عماد وهو يبتسم: اشتقت اليك..
اتسعت ابتسامتها وهي تقول: وانا كذلك.. ولكن حقا .. لم تتصل بي الآن؟..
قال وهو يستند الى مقعد مكتبه : اخبرتك انني قد اشتقت اليك والى سماع صوتك.. لم لا تصدقين؟.
- هذا فقط ما دفعك للاتصال بي؟..
قال بحنان: وهل يوجد سبب اهم من سماع صوت ليلى الحبيبة؟..
توردت وجنتاها بحمرة الخجل ومن ثم قالت وهي تتطلع لمن معها في المكتب:
استمع الي يا عماد.. انا اعمل مع عدد من الموظفين والموضفات واخشى ان...
صمتت ولم تكمل فقال عماد بهدوء: لقد فهمت ما تودين قوله..انت تعنين انهم
سيتحدثون عن سبب ارتباطي بك وسيظنون الامر فيه مصلحة ليس الا.. اليس
كذلك؟..
ارتبكت وقالت: انت تعلم نظرة الناس الى ارتباط شخصين من طبقتين
مختلقتين..وخصوصا ونحن نعمل في مكان عمل واحد.. سيظنون انني قد قمت
باستغلالك او شيء من هذا القبيل..
قال عماد وهو يعقد حاجبيه: حسنا اذا سأنهي الاتصال بك الآن كما تريدين..
ولكني لست مثلك.. فلا اخشى من كلام الناس الذي لا ينتهي مهما حدث..
قالت ليلى بارتباك اشد: عماد انا آسفة.. ولكنك رجل وسيم وذا مركز والف فتاة تتمناك.. ولكن انا ...
قاطعها قائلا بابتسامة: ولكنك اجمل فتاة رأيتها في حياتي .. تمتلك اروع شخصية تعاملت معها.. يكفي انك استطعت ان تأسري قلبي..
شعرت بضربات قلبها تتسارع من كلماته وبانفاسها تضطرب.. وازدردت لعابها عدة
مرات محاولة السيطرة على ارتباكها ومشاعرها.. لكنها لم تلبث ان قالت: معك
حق.. فيم سيهمني حديث الناس؟..
قال عماد بابتسامة عريضة: اجل هكذا اريدك..
واردف قائلا: والآن اتركك فلدي بعض الاعمال التي يتوجب علي انهائها.. اراك بخير..
قالت مبتسمة : الى اللقاء..
قال في سرعة: ليلى..
قالت باهتمام: اجل ما الامر؟..
قال بحنان وحب: احبك..
تضرج وجهها بحمرة الخجل وقالت بتلعثم: وانا كذلك..
قال بحنان: اتركك الآن.. ولا تتعبي نفسك كثيرا بالعمل..
قالت بابتسامة مرحة: هل اسمي هذا بالوساطة؟..
قال بمرح: سمِه ما شئت.. المهم ان لا تتعب حبيبتي ليلى ابدا..الى اللقاء..
- الى اللقاء..
قالتها بشرود وهي تنهي اتصالها بعماد.. ومن ثم لم تلبث ان امسكت بهاتفها
المحمول وتطلعت اليه لفترة قبل ان تهمس لنفسها قائلة وهي تحتضن الهاتف
بكلتا كفيها: ( احبك يا عماد.. احبك)..
*********
اسرعت وعد تتجه الى القسم ومن ثم الى مكتبها .. لتجمع الاشياء التي
ستحتاجها معها لتغطية الحدث في سرعة.. فقال احمد بدهشة: ماذا حدث؟..هل قام
بفصلك مرة اخرى؟..
ضحكت وعد ومن ثم قالت: لا ابدا.. فقط ارسلني في مهمة صحفية..
عقد طارق حاجبيه ومن ثم قال: لوحدك؟..
اومأت برأسها وقالت: اجل لوحدي.. وقد قال ان نجحت فيها فسيتم اعتباري صحفية بحق بينكم..
قال احمدة مبتسما: هذا جيد جدا.. ابذلي جهدك..
اما طارق فقد قال متسائلا وهو يزيد من عقد حاجبيه: وما هو نوع هذه المهمة الصحفية.. مقابلة ام ماذا؟..
هزت رأسها نفيا ببطء ومن ثم قالت: لا.. بل سأغطي حدثا عن حريق اصاب احد المباني..
قال طارق باستنكار: انت لا تزالين مبتدأة في مثل هذه الامور .. لم تذهبي
معي سوى مرة واحدة وقد كان مجرد حادث.. ومع هذا لم تستطيعي التصرف لوحدك..
فكيف الآن؟..
قالت وعد بهدوء: سأحاول ان افعل كل ما استطيع.. حتى اكون صحفية مثلكم تماما ولست تحت التمرين فحسب..
قال طارق باستنكار اكبر: لن تستطيعي التصرف لوحدك.. سأذهب معك..
قالت وعد وهي تلتفت له: لقد طلب مني رئيس التحرير ان اذهب لوحدي ليعرف كفائتي ..كان هذا هو شرطه.. وانا وافقت عليه..
صمت طارق ولم يعلق وهو غارق في تفكير عميق.. في حين نهضت وعد من خلف
مكتبها وقالت بمرح مصطنع لتخفي توترها من هذه التجربة الجديدة ومن خوفها
من فشلها فيها: ادعو لي بالتوفيق.. وان انجح في هذه المهمة..حتى اغيظ رئيس
التحرير قليلا..
قال احمد وهو يغمز بعينه: هذا اهم سبب يدعونا ان نتمنى لك النجاح..
ابتسمت وعد بخفوت وهي تتحرك مغادرة القسم.. حين شعرت فجأة بكف تمسك
معصمها.. فالتفتت بدهشة الى صاحبها وسمعته يقول: لن تذهبي وحدك.. سأذهب
معك..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: استاذ طارق.. دعني اذهب ما دام هذا هو شرط رئيس التحرير الوحيد ليعتبرني صحفية في هذه الجريدة..
قال طارق بحزم: لن تعرفي التصرف وحدك وخصوصا مع الاضطراب الحاصل بسبب الحريق..لهذا سأذهب لرئيس التحرير لاطلب منه ان أذهب معك..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: لن يوافق..
قال طارق باصرار: بل سيوافق..
قالت وعد وهي تعقد حاجبيها وتقول بعناد فجأة: حتى لو وافق انا لن اوافق..
اريد ان اعرف كفائتي انا ايضا وهل اصلح لاكون صحفية في هذه الجريدة ام لا..
شعر طارق بالدهشة من ردها للحظة لكنه مالبث ان قال بصرامة: وعد لا داعي لهذا العناد.. قلت اني سأذهب معك..
قالت بعناد اكبر: وانا قلت لا.. دعني اتصرف لمرة واحدة لوحدي واعرف قدرتي وكفائتي..
قال طارق بصرامة اكبر: انت لن تحسني التصرف ابدا.. لانك وبكل صراحة لا
تفهمين شيئا في مثل هذه الامور.. انك حتى لم تتلقي أي تدريبات عليها..
تدخل احمد اخيراوهو يقول: طارق .. انها على حق.. دعها تذهب..
التفت له طارق وقال باستنكار وحدة: ماذا تقول؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: اقول انها على حق.. فمن حقها ان تحصل على فرصتها لتتعرف على مهارتها في هذا المجال..
قال طارق بدهشة من كلماته: ولكنها لم تتلقى أي تدريب و...
قاطعه احمد قائلا: حتى انا لم اكن قد تلقيت أي تدريب يوم ان تم ارسالي في مهمة مشابهة..
قال طارق ببرود: لقد كان الامر مختلفا بالنسبة لك.. فأنت كرجل تستطيع تدارك الموقف.. اما هي فلن تستطيع و...
قاطعته وعد هذه المرة قائلة: ولم؟.. الأني فتاة فقط؟.. استاذ طارق دعني اغادر من فضلك..
لم يستجب لها وظل ممسكا بمعصمها فقالت وعد برجاء وهي تطلع اليه: ارجوك..
لم يعلم لم اطاعها باستسلام بعد ان شعر برنة الرجاء في صوتها..افلت يدها و
تركها تذهب لمجرد انها قد ترجته ..هل شعر بالشفقة تجاهها؟.. ام ان مشاعره
لها باتت اقوى من تفكيره حتى..ومن ان يرفض طلبا لها..
وتابعها بنظراته وهي تغادر القسم.. ولم يعلم لم شعر بانقباض في قلبه وهو
يراها تغادر المكان..وكأن شيئا ما سيحدث لوعد.. شيئا ليس جيدا.. ليس كذلك
ابدا...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:38 am

*الجزء الخامس والعشرين*

(هل ستصاب بمكروه؟)




انطلقت وعد
بسيارتها الى العنوان الذي خطه رئيس التحرير على تلك الورقة.. وهي تحاول
تمالك التوتر الذي يرجف اطرافها احيانا.. هذه اول مهمة صحفية لها ..
وستكون وحدها فيها.. دون مساعدة احد.. وعليها ان تنجح فيها لان بناءا على
نجاحها سيتحدد اذا ما كانت اهلاً لان تكون صحفية ام لا.. هذا يعني انها
يجب ان تتصرف بكل مهارة ..وعليها ان تبذل كل ما في وسعها.. لتثبت جدارتها
امام رئيس التحرير اولا.. وامام طارق ثانيا.. ونفسها ثالثا..

وما ان
وصلت الى المكان المقصود.. حتى شعرت باضطرابها وتوترها يتضاعف نظرا لكل
تلك التجمعات من الناس حول ذلك المبنى المحترق.. بالاضافة الى سيارات
الاسعاف والشرطة والمطافئ المنتشرة بالمكان..

واخذت
تحاول تذكر ما فعله طارق بالمرة السابقة حتى سمحوا له بالتصوير وبالدخول
الى المنطقة.. واخيرا ادركت ان الصحافة وحدها هي التي لها الصلاحية لمثل
هذه الامور.. فبطاقتها المهنية ستقدم لها هذه الصلاحية التي تنشدها..

واسرعت تخرج من السيارة لتتوجه نحو المبنى .. ولكن احد الشرطة استوقفها وهو يقول بصرامة: ممنوع يا آنسة..

قدمت له وعد بطاقتها المهنية فقال وهو يقرأها باهتمام:هل انت وحدك هنا ام هناك آخرون غيرك من الصحافة؟..

اجابته وعد قائلة: كلا ليس هناك آخرون.. انا وحدي هنا..

قال الشرطي وهو يعيدلها بطاقتها: حسنا اذا انتبهي جيدا.. فلا اظن ان المكان آمن تماما..

اسرعت تقول وهي تخرج جهاز التسجيل من حقيبتها: هل تسمح لي اذا بتوجيه بعض الاسألة لك؟..

تطلع لها من غير اهتمام ومن ثم قال: تفضلي.. ولكن بسرعة من فضلك.. فلدي اعمال اخرى..

اسرعت تقول: حسنا.. اخبرني بوقت هذا الحريق واسبابه؟..

واستمر
حوارها مع هذا الشرطي لعدة دقائق اخرى وهو يجيبها عن اسألتها بلامبالاة..
واخيرا قالت: شكرا لتعاونك وعلى تقديم الاجابة على اسألتي..

لم يهتم
باجابتها واكتفى بان هز رأسه بخفوت.. فاتجهت لتسأل رجال المطافئ والاسعاف
ومن شاهدوا الحريق من الناس.. وبعد ان انتهت من كل هؤلاء.. اخرجت الكاميرا
الرقمية من حقيبتها .. لتقوم بتصوير المبنى الذي التهمته النيران من عدد
من الزوايا.. وشعرت بالخوف وهي تقترب من مستوى ذلك المبنى.. وترى المصابين
من هذا الحريق ..ولكنها تمالكت نفسها لتكمل التصوير..

وربما كان
خطأها الوحيد بانها قد قامت بالتصوير بعد ان انتهت من توجيه الاسألة..مما
قد يسبب ان تختفي معظم اللقطات المهمة التي ستحدث في بداية الحدث.. ولكنها
لم تنتبه لخطأها هذا.. بل ابتسمت بسعادة بعد ان انتهائها هذا العمل وعلى
النحو الذي اشعرها بأنها قد قامت بعمل كبير جدا..

واخرجت
هاتفها المحمول من جيبها..لتتصل بطارق وتخبره انها انتهت ولتطمئنه عليها..
لم تعلم لم ستتصل ..ولكنها شعرت بأنه كان قلقا عليها لهذا ستطمئنه عليها
فحسب ولن تزيد في الحديث معه.. وضغطت رقمه ومن ثم زرالاتصال.. ولكنها لم
تلبث ان انهته في سرعة.. لا داعي للاتصال به.. انها ستذهب الآن له على اية
حال.. وسيطمئن عليها.. وربما ما تريده هو ان تستمد منه هذا الاطمئنان
ولتتخلص من خوفها الذي اخذت تشعر به وهي في هذا المكان لوحدها وترى كل هذه
المشاهد..

وتوجهت
بهدوء الى حيث سيارتها وفتحت بابها الجانبي لتضع عليه اوراقها وحاجياتها..
وكادت ان تدور حول مقدمة السيارة لتحتل مقعد القيادة..ولكن ...

(ها قد التقينا من جديد يا ايتها الجميلة)

استدارت
وعد بحدة الى مصدر الصوت..وشهقت بالرغم منها وهي تتطلع الى ذلك الشاب
الوقح الذي تعرض لها ذات يوم بجوار المصنع..وظلت عيناها جامدتان وهي تراه
يتقدم منها فقال هو بسخرية وهو يقترب: مصادفة جميلة اليس كذلك؟..

تمالكت نفسها وقالت بتحدي وسخرية: لا اظنها ستكون كذلك بالنسبة لك..

قال وهو يهز كتفيه باستهزاء: لا تزالين طويلة اللسان..

قالت باستهزاء اكبر: وانت لا تزال صغيرا وتافها..

تطلع اليها بغضب ولكنه قال ببرود: اين صديقك ذاك؟.. لا اراه معك..

قالت وهي تلوح بكفها: من رأيته في تلك المرة ليس صديقي بل مجرد زميل لي بالعمل..

قال وهو يضحك بسخرية: حقا؟ .. ولهذا كاد ان يجلب لنفسه المشاكل لاني قد تعرضت لك بالطريق..

قالت ببرود: وها انتذا قلتها.. انك تعرضت لي.. لهذا ابتعد والا ناديت لك رجال الشرطة..

قال وهو يمط شفتيه: لن يسمعك احدهم.. جميعهم منشغلون بما هو اهم..

ظلت صامتة
لفترة وهي تحاول ان تفكر بما قاله.. ان كان ما قاله خداعا ام لا.. وتطلعت
الى رجال الشرطة المنتشرون بالمكان والذي كان شغلهم الشاغل هو المساعدة في
انقاذ من بقي محتجزا بذلك المبنى..

و ما لبثت
ان استدارت عن ذلك لشاب وتوجهت الى حيث مقعد القيادة وفتحت باب السيارة..
حين فوجئت بقبضة تغلقه وصاحبها يقول بسخرية: لحظة.. لم ننهي حديثنا بعد..

تطلعت اليه بغضب ومن ثم قالت: كيف تجرؤ؟؟.. ابتعد عن طريقي والا...

قاطعها باستهزاء: والا قمتِ بنداء صديقك التافه ذاك .. اليس كذلك؟..

قالت بخشونة: ما التافه الا انت..

قال وهو
يميل باتجاهها: استمعي الي يا فتاتي .. ربما كان هذا الكلام كبيرا على
سنك.. ولكن لن يمضي ما حدث في المرة الاخيرة على خير..واخبري صديقك الاحمق
بانه لا يرعبني مطلقا بسخافاته..

قالت بعصبية: وما الذي حدث لك يا هذا ؟.. انت من اعترضت طريقي..( ومن يطرق الباب عليه ان يسمع الجواب)..

قالتها ومن
ثم عادت لتفتح الباب من جديد وفي هذه المرة امسك بمعصمها وقال وهو يرفع
حاجبيه بسخرية: ما بالك يا فتاة؟.. الم تسمعي ما قلته؟.. حديثنا لم ينته
بعد..

جذبت معصمها من كفه وقالت بغضب : اياك وان تحاول ان تمسك بمعصمي مرة اخرى .. اتفهم..

قال وهو يضحك بقوة: يا الهي.. لقد ارعبتني بشدة بتهديدك هذا..

هتفت وعدقائلة بانفعال: قلت ابتعد عن طريقي الا تفهم .. ابتعد..

- واذا لم افعل؟..

- لا تظن اني غير قادرة على الدفاع عن نفسي..

مال نحوها وامسك بذراعها بجرأة وقال باستهزاء: احقا؟.. وماذا ستفعلين يا ايتها الـ....

بتر عبارته بالرغم منه.. فقد هوت كف وعد على وجنته بصفعة اودعت فيها كل غضبها وهي تصرخ فيه هاتفة: ايها الوقح..

لا تعلم
وعد كيف فعلت ذلك.. لقد وجدت نفسها تصفعه لا اراديا.. للدفاع عن نفسها..
امام وقاحته وجرأته.. ولتثبت له انها قارة على تحديه والدفاع عن نفسها..
وشعرت بالقلق والخوف وهي ترى نيران الغضب قد اشتعلت بعيني ذلك الشاب نتيجة
لما فعلته.. وقال بقسوة: ستندمين.. اقسم على ذلك.. ستدفعين ثمن هذه الصفعة
غاليا..

توتر جسد
وعد بالرغم منها وشعرت بانفاسها تضطرب.. واخذت تلهث بقوة وهي نحاول تمالك
نفسها.. واستجماع قوتها للتصدي لمثل هذا الشاب الوقح.. ضربات قلبها اخذت
تسرع وهي ترى نظرات ذلك الشاب لها والمليئة بالقسوة والغضب..

ولكن...

جسدها ما
لبث ان ارتجف في قوة.. وعيناها لم تلبثا ان استدارتا الى الشخص الذي تقدم
منهما وقال بصوت يمتلئ بالصرامة والغضب: ليس قبل ان تدفع انت ثمن كل كلمة
خرجت من بين شفتيها غضبا..

همست وعد باسمه لا اراديا وقالت بسعادة وجسدها يرتجف من الانفعال: طارق..

التفت لها
طارق وتطلع لها بحنان.. قبل ان يعيد انظاره الى ذلك الشاب وقال وقد اختفت
نظرة الحنان من عينيه لتحل محلها نظرة مليئة بالغضب: والآن جاء وقت تصفية
الحساب..

**********

تريدون ان
تعلموا كيف وصل طارق الى وعد؟.. وما الذي جاء به الى حيث المبنى؟.. وكيف
علم بمكانه؟.. اليس كذلك؟.. لا بأس .. دعونا نعود بالزمن الى الوراء قليلا
..وبالمكان الى حيث الصحيفة تحديدا..عندما كان طارق يجلس على مكتبه متوترا
وهو يقول: ليتني ما تركتها تذهب لوحدها..

قال احمد بغرابة: لا داعي لكل هذا .. انها ليست طفلة.. وقد خاضت تجربة مشابهة لهذه تقريبا معك..

قال طارق بحدة: لكن هذه الرة ستكون وحدها.. ثم اني...

بتر عبارتها واكملها بزفرة حادة انطلقت من صدره تحمل توتره وقلقه.. فسأله احمد باهتمام: ثم انك ماذا؟..

قال طارق بقلق: لا اعلم ولكني اشعر بانقباض في صدري منذ ذهبت.. وبالضيق يسيطر على ذهني..

قال احمد بهدوء: تفاءل بالخير وستجده باذن الله..

قال طارق وقد تضاعف قلقه: ولكنها لا تزال مبتدأة واخشى ان ....

صمت ولم
يكمل..وفي اللحظة ذاتها انطلق رنين هاتفه المحمول فاسرع يختطفه..وتطلع الى
الرقم الذي يضيء على شاشته قبل ان يجيبه قائلا بتوتر: الو .. اهلا وعد..

لم يتلقى ردا فصاح هاتفا: وعد..هل تسمعيني ؟..وعد..

انقطع الخط بغتة منهيا الحديث ولكنه اخذ يهتف وكأن الاتصال لا يزال قائما: وعد.. اجيبي..

التفت له احمد وقال بدهشة: ماذا بك؟..

قال طارق بتوتر وهو يبعد الهاتف عن اذنه: انها وعد... هي من اتصلت..

قال احمد وهو يزفر بحدة: اعلم ذلك.. وبعد..

قال طارق وهو يدس اصابعه في خصلات شعره بعصبية: لم تنطق بحرف واحد.. وانهت الاتصال..

قال احمد بغرابة وحيرة: انهته؟؟..ولم؟؟

قال طارق بعصبية اكبر: وما ادراني انا؟..

قال احمد بهدوء: اهدأ لا داعي لكل هذا الانفعال واجلس لنفكر معا..

قال طارق وهو يخرج من القسم: لا بل سأذهب لها.. ان شعوري بالضيق لم يفارقني اليوم للحظة..

قال احمد وهو ينهض من خلف مكتبه: الى اين ؟.. انت لا تعرف بمكانها حتى..

قال طارق وهو يبتعد اكثر: سأتصرف..

وتوجه لمكتب رئيس التحرير.. فأوقفته السكرتيرة قائلة: ماذا هناك يا استاذ طارق؟..

قال وهو يحاول السيطرة على اعصابه: اريد مقابلة رئيس التحرير واخبريه ان الامر هام..

- انتظر لحظة..

قالتها ودلفت لى داخل المكتب للحظات ومن ثم عادت لتخرج منه وهي تقول: تفضل بالدخول انه ينتظرك..

اسرع طارق بالدخول الى المكتب وسأله رئيس التحرير بهدوء قائلا: ماذا هناك؟..

قال طارق في سرعة: اريد العنوان الذي ارسلت الآنسة وعد اليه..

قال رئيس التحرير وهو يعقد حاجبيه: ولم؟..

صمت طارق وهو لا يعلم بم يجيب في حين استطرد رئيس التحرير قائلا: هل تفكر بمساعدتها بالتقرير؟..

اسرع طارق يقول: كلا .. ولكنها اتصلت بي لتطلب مني الحضور اليها..

- ولماذا لم تمنحك العنوان ما دامت اتصلت بك؟..ثم لم اتصلت؟..

يا لرئيس
التحرير هذا.. لا يفوته شيء ابدا.. وقال طارق بحزم مصطنع: لقد توقفت
سيارتها بالطريق وطلبت مني ان أذهب لها لمساعدتها.. ولم تخبرني العنوان
لان هاتفها قد انقطع فجأة ولا اعلم السبب..

قال رئيس التحرير بشك:ولم لا تأخذ سيارة اجرة اذا؟..

ياله من داهية.. مترصد لكل شيء..وقال طارق وهو يلوح بكفه: لقد.. لقد نست محفظتها بالمكتب ولم تأخذها معها..

قال رئيس التحرير بشك اكبر: نستها؟؟..

اومأ طارق
برأسه وقال باندفاع (الا يقولون ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم): اجل
والآن هلا اعطيتني العنوان قبل ان تسبقنا أي صحيفة أخرى بنشر الخبر..

تردد رئيس التحرير قليلا ولكنه ما لبث ان خط العنوان على احد الاوراق وهو يقول: سأمنحك اياه.. ولكن حذار من ان تساعدها بتقريرها..

قال طارق بصدق: لن افعل..

قال رئيس التحرير: سأخذها منك كلمة شرف..

اومأ طارق
برأسه ومن ثم غادر المكتب في سرعة ليغادر المبنى كله بعدها وينطلق
بسيارته..دون ان يبالي يهتاف الناس المحتج او بأبواق السيارات التي انطلقت
لتحذره من هذه التجاوزات والسرعة التي ينطلق بها.. لكن كل هذا لم يهمه..كل
ما كان يهمه هو ان يصل الى وعد بأسرع ما يمكنه..

وتراءى له
المبنى من بعيد.. فبحث بعينه بلهفة بين جماعات الناس عن وعد.. واخيرا
لمحها .. لم تكن وحدها بل كانت مع ذلك الشاب الذي صادفه ذات مرة بجوار احد
المصانع..وقد بدا على وجهها امارات الغضب والعصبية وهي تتحدث اليه.. وهنا
خرج طارق من سيارته في سرعة ليتجه الى وعد وشاهدها في تلك اللحظة تصرخ
بقوة: ايها الوقح..

وتكمل صرختها بصفعة على وجه ذلك الشاب.. تطلع طارق الى الموقف بدهشة لكنه مالبث ان عقد حاجبيه وهو يقترب منهم....

*********

دقيقة صمت مرت بعد عبارة طارق الاخيرة.. واخيرا قال ذلك الشاب وهو يلتفت الى طارق بتحدي: اجل انه وقت تصفية الحساب والاجساد ايضا..

قال طارق بصرامة: دع الفتاة وشأنها اولا.. والا اقسم على ان تندم..

تطلع الشاب الى وعد بكره ومن ثم دفعها بقسوة بعيدا عنه وهو يقول: لا حاجة لي بمتوحشة مثلها..

تراجعت وعد عدة خطوات الى الوراء اثر دفعته وصاحت به: ايها الوغد.. ما المتوحش الا انت..

اشار طارق لها بالصمت ومن ثم قال: ابتعدي انت عن المكان.. لا اريد ان تحدث اية مشاكل لك..

قالت وعد باستنكار: بل ان المشاكل قد حدثت بالفعل..

قال طارق وهو يعقد حاجبيه بصرامة: فقط ابتعدي انت عن المكان..وانا سأتصرف..

قال الشاب بسخرية: وماذا ستفعل؟..

قال طارق وهو يتطلع الى نقطة ما خلف الشاب: انظر خلفك لتدرك اني استطيع ان ازج بك بالسجن في لحظة..

قال الشاب بسخرية اكبر: لن يهتم أي من رجال الشرطة بامرك..

قالها ومن
ثم اندفع نحو طارق وهو يكور قبضته.. وشهقت وعد بخوف وهي تتراجع بضع خطوات
الى الخلف..وابتعد طارق عن قبضة الشاب التي كانت تشق الهواء املا في
الوصول الى وجهه.. واسرع طارق يمسك بقبضة ذلك الشاب وهو يقول بصرامة: لا
تزال صغيرا على تعلم مثل هذه الالعاب يا فتى..

قال الشاب بغضب: دعني يا هذا..

لوى طارق ذراعه خلف ظهره ومن ثم دفعه بقوة وقال: ابتعد واياك ان ارى وجهك مرة اخرى.. او اقسم على ان يصيبك مالا يرضيك..

اصطدم
الشاب بسيارة وعد بقوة اثر دفعة طارق .. مما جعل براكين الغضب تتأجج
بداخله .. وهو يفكر بالثأر لنفسه ولكرامته وهزيمته امام طارق هذا..واسرع
باخراج شيئا من جيبه والتفت لطارق وقال بسخرية: دعنا نرى الآن .. كيف
ستدافع عن نفسك..

اتسعت عينا وعد وقالت بصوت مرتجف: خنجر!!..

شد الشاب قبضته على الخنجر ومن ثم صرخ وهو يندفع نحو طارق : سيكون موتك على يدي..

عقد طارق
حاجبيه واسرع يبتعد بضع خطوات الى الخلف ليتفادى نصل الخنجر.. وشعر طارق
بالخنجر يشق الهواء الى صدره .. وسمع صرخة وعد وهي تهتف به بخوف وتحذير:
طــــارق..انــــتــــبــــه!!...

لم يجد
طارق امامه حلا سوى ان يحمي صدره بذراعه.. وأخفت وعد وجهها بكفيها وغير
قادرة على متابعة ما يحصل.. وسمعت بغتة صوت تأوه يصدر من شفتي طارق ..
ففتحت عيناها .. وما ان فعلت حتى صرخت بخوف: طارق...

والتفتت
الى الشاب لتقول بصوت منفعل ومرتجف وهي تتقدم منه: ايها الوغد الحقير..
ستندم على ما فعلته.. سأرد لك الصاع صاعين على ما فعلته.. ايها الجبان
الوغد..

كانت ذراع
طارق تنزف بشدة اثر نصل الخنجر الذي مزق كم قميص طارق ليمزق جلد ذراعه..
مخلفا جرحا عميقا.. لا تتوقف الدماء فيه عن النزيف..

قال طارق في تلك اللحظة وهو يشير لها بكفه السليمة: لا تقتربي اخشى ان يؤذيك هذا الحقير..

أي انسان
هو هذا.. هو بحالة لا يعلم بها سوى الله مما اصابه.. وكل هذا لاني اقحمته
في مشكلتي مع هذاالحقير.. ومع هذا يفكر بي وان لا يصيبني أي مكروه.. على
الرغم من اني انا سبب اصابته تلك..

وهمت وعد بقول شيء ما لولا ان ارتفع صوت صارم بالمكان وصاحبه يقول: ما الذي يحدث هنا؟..

تطلعت وعد
الى رجل الشرطة الذي كان يقف خلفهم و طالعه ذلك الشاب بدهشة ممزوجة
بالتوتر وهو يحاول اخفاء الخنجر الذي يمسك به بكفه.. اما طارق فقد تطلع
بصمت الى ما يحدث ..وبغتة صاحت وعدفي رجل الشرطة هاتفة وهي تحاول ان تخفي
الارتجاف من رنة صوتها : بل ماذا تفعلون انتم هنا؟..كل هذا الذي حدث
امامكم ولا تحاولون التدخل حتى..

عقد رجل الشرطة حاجبيه وقال: وما الذي حدث؟..

احتدت وعد
وقالت بغضب وغصة تملأ حلقها: الا ترى ما يحدث امامك؟.. ان ذراع زميلي
مصابة.. وكل هذا بسبب هذا الوغد الذي هاجمه بهذا الخنجر..

قالتها وهي تشير الى الشاب بانفعال.. فالتفت الشرطي الى هذا الاخير وقال: اعطني الخنجر..

قال الشاب وهو يهز كتفيه متصنعا اللامبالاة: لقد كنت ادافع عن نفسي به..

اتسعت عينا
وعد للحظة من كذبته المتقنه هذه وكادت ان تعترض لولا ان قال الشرطي بصرامة
اكبر: قلت اعطني الخنجر .. وسنتفاهم بمركز لشرطة..

مط الشاب شفتيه بقهر وهو يسلمه الخنجر فقال الشرطي بحزم: بطاقاتكم الشخصية لو سمحتم...

سلمته وعد
بطاقتها وسلمه ذلك الشاب ايضا.. واسرعت الاولى تلتفت لتتطلع الى طارق الذي
كان يمسك بذراعه بقوة محاولا ايقاف النزيف.. وترك ذراعه للحظة ليخرج
البطاقة من جيب سترته بذراعه السليمة والتقطها بانامله الملطخة بالدماء
..وكاد ان يتوجه الى حيث الشرطي ليسلمه البطاقة لولا ان رأى كف وعد
تلتقطها من كفه وهي تقول بحنان امتزج بخوفها عليه: سآخذها انا اليه.. اهتم
انت بذراعك..

تطلع لها طارق ومن ثم قال وهو يحدث نفسه بسخرية : ( هذا ما كان ينقصني يا وعد.. ان اصبح موضع شفقة لديك!!)

في حين انتهى الشرطي من تسجيل بياناتهم فقال بحزم: اتبعوني الى مركز الشرطة بسياراتكم..

قالت وعد باستنكار: ولكن ذراع زميلي تنزف وهو بحاجة الى اسعاف عاجل..

- يمكنه الحصول على هذا الاسعاف بعد ان يدلي باقواله..

قالت وعد بعصبية: ولكن هذا قد يزيد حالته سوءا و...

قاطعها طارق قائلا: لا داعي لكل هذا.. سأذهب الى المركز حيث يريد.. ومن ثم اذهب الى المشفى..

قالت وعد باعتراض وهي تتطلع اليه بقلق: ولكن يا طارق ان ذراعك لا تتوقف عن النزيف..

قال وهو يدير لها ظهره ليتوجه الى سيارته: لا بأس.. لقد خف الألم قليلا الآن..

اسرعت خلفه وقالت: انتظر لن تستطيع قيادة السيارة بذراع مصابة.. سأقودها بدلا منك..

قال في هدوء: ذراعي الاخرى على ما يرام واستطيع ان اقود السيارة بها..

اسرعت تقول: ولكني اخشى ان لا تستطيع الاكمال بذراع واحدة.. دعني اقود السيارة عوضا عنك.. لن يحدث شيء..

شعر طارق بالالم من شفقتها له..اتشفق عليه ام ماذا؟..هل اصبحت هي من تساعده بدلا من ان يساعدها هو؟..هل انقلبت الادوار هكذا فجأة..

والتفت
عنها وهو يتجه نحو سيارته فلحقته وامسكت بذراعه السليمة لتوقفه هاتفة
برجاء: على الاقل اصطحبني معك... حتى استطيع القيادة عوضا عنك ان تطلب
الامر ..

صمت طارق للحظة قبل ان يقول: لا بأس.. اصعدي..

ارتسمت
ابتسامة شاحبة وقلقة على شفتيها وهي تصعد في المقعد المجاور له ..كانت
ذراعه اليمنى هي المصابة مما كان يتيح لها رؤية ذلك النزيف الذي اخذ يتدفق
من ذراعه.. اما اليسرى فقد كان يستخدمها لقيادة السيارة..وشعرت بالقلق
والخوف تجاهه.. ووجدت نفسها تقول بتوتر: ذراعك تنزف بشدة..

لم يجبها.. فقالت وهي تزدرد لعابها للتغلب على خوفها وارتجافة جسدها : هل لديك منديل؟..

قال وهو يومئ برأسه: اجل.. لم تريدينه؟..

- اعطني اياه فقط..

اخرج
المنديل من جيبه ومنحها اياه بذراعه المصابة ببطء.. وكاد ان يعيد ذراعه
الى موضعها السابق..لولا ان اسرعت وعد تمسك بكفه .. وشعر بالدهشة من
حركتها هذه.. والتفت لها للحظة ونظرات الغرابة مرتسمة في عينه.. فقالت هي
وهي تحاول ان تخفي الخوف البادي على وجهها: سأحاول ايقاف نزيف ذراعك..

قال متسائلا: وهل تعرفين شيئا عن الاسعاف الاولي في هذه الحالة؟..

- اشياء بسيطة.. ولكن اظن انها ستساعدني في ايقاف نزيف ذراعك ولو لفترة مؤقتة..

قالتها ومن
ثم شرعت في رفع كم القميص عن ذراعه.. ورأت الجرح الغائر بذراعه.. احست
بالاشمئزاز لوهلة من منظر الجرح والدماء ولكنها قررت المواصلة بالنهاية..
وقالت متسائلة مرة اخرى: هل لديك زجاجة مياه معدنية؟..

قال وهو يواصل قيادة السيارة: ستجدينها في الدرج الذي امامك..

التفتت عنه
لتفتح الدرج وتخرج زجاجة المياه المعدنية وواصل طارق قائلا ربما ليبدد جو
التوتر الذي سيطر عليهما: استخدمها احيانا لتبريد محرك السيارة..

قالت وهي
تلتقط انفاسها وتحاول فتح غطاء الزجاجة : جيد انك تحتفظ بواحدة في
سيارتك.. لو كنا بسيارتي لما وجدت الممياه لتنظيف الجرح..

قال متسائلا بحيرة: الا تحتفظين بزجاجة مياه بسيارتك؟..

قالت وهي تهز رأسها نفيا وتغمس المنديل بالمياه : لا .. ولكني سأفعل لتجنب مثل هذه المواقف..

قال بابتسامة: أي مواقف تعنين؟.. اصابة ذراعي ام توقف السيارة بالطريق؟..

اجبرتها ابتسامته على ان تبتسم على الرغم من الاضطراب الذي يسيطر على جسدها باكمله وقالت: الاثنين على ما اظن..

اتسعت
ابتسامته واختلس النظر اليها ليجدها تنظف الجرح بواسطة الماء .. احس
بلمسات كفها الرقيقة.. وشعر باهتمامها وحنانها بالوقت ذاته.. ترى لماذا
تهتم لأمره؟.. هل هو اهتمام.. اعجاب.. ميل.. ام ماذا؟..هل تبادلني مشاعري
ام انني سأظل احلم طويلا ان احيا بسعادة مع الفتاة التي اختارها قلبي؟..
اخبريني يا وعد لم تهتمين لامري؟ ..لم؟؟..

كانت وعد
في تلك اللحظات قد انتهت من احكام ربط المنديل حول ذراعه حتى يتوقف
النزيف.. ورفعت رأسها اليه لتفول بابتسامة شاحبة بعض الشيء: ها انذا قد
انتهيت.. ما رأيك؟..

تطلع الى ذراعه للحظة قبل ان يتطلع لها ويقول بحنان: اشكرك على الاهتمام لامري..

قالت وهي تتنهد: لا داعي فأنا كنت سبب اصابتك تلك..

قال بهدوء: هل تتوقعين ان اقف مكتوف اليدين وانا اراك بمشكلة ما؟..

قالت وهي تهز رأسها نفيا: لا..لا اظن..

والتفتت
لتطلع من خلال النافذة بشرود.. وشعر هو بضربات قلبه تزداد.. وهو يراها
مهتمة لامره الى هذه الدرجة.. وقال بهمس وهو يمسك بكفها بحنان: وعد...

شعرت
بالرجفة تسري في اطرافها من لمسة يده.. وشعرت بحرارة جسدها ترتفع
وبانفاسها تضطرب كلما شعرت بالحنان والاهتمام لها في رنة صوته.. وقالت
بتوتر وارتباك: ماذا؟..

كان من
الممكن ان يعترف لها بحبه في تلك اللحظة... ان يصرخ فيها هاتفا (احبك يا
ايتها العنيدة.. احبك بكل ذرة في كياني.. لم اعد استطيع التحمل.. اريدك ان
تعلمي.. ان تفهمي حبي هذا.. وتبادليه بآخر.. احبك يا من كنت لي حلما
يوما.. احبك)..

لولا...

كثيرا ما
تكون هذه الكلمة فاصلا بين ما نريد وما لا نريد.. كثيرا ما توقف وقوع
الحدث.. وقد فعلت..فقد كاد طارق ان يصرّح بحبه لوعد.. لولا ان اشار له
الشرطي بالتوقف عند احد المباني..مما جعل الاحباط يتسلل اليه ويفقد الامل
على ان تعرف بحبه هذا يوما.. فلحظة ان قرر الاعتراف بحبه.. لم يجد
الفرصة.. وعندما وجدها تلاشت في الهواء مع اوامر ذلك الشرطي..

وعادت وعد لتكرر السؤال بتوتر: ماذا هناك يا طارق؟..

قال وهو يترك كفها بهدوء : لقد وصلنا..

تطلعت اليه وعد بدهشة ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى المبنى الذي توقف عنده طارق.. فزفرت بحدة وقالت: اجل.. لقد وصلنا..

هبطت برفقته من السيارة وهما يتوجهان الى داخل المركز.. وعينا طارق تتابعان وعد اينما تذهب.. وذهنه لا يكف عن التفكير بها ولو للحظة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:38 am

*الجزء السادس والعشرين*
(هل ستعلم؟)


قال ضابط الشرطة بحزم وهو يتحدث الى طارق: اخبرني يا سيد .. ما الذي حدث؟.. ولماذا حاول هذا الشاب اذيتك؟..
قال طارق بهدوء: انا صحفي من جريدة الشرق قد جئت مع زميلتي لتصوير حدث
احتراق المبنى.. ولكن هذا الشاب الوقح تعرض لزميلتي من قبل وتعرض لها
اليوم ايضا.. وقد حاول مهاجمتي بالضرب ولكنه لم يستطع .. لهذا لم يجد
امامه سوى ان يهاجمني بسلاحه وانا اعزل وهو يظن اني لن استطيع الدفاع عن
نفسي في هذه الحالة..
سأله الضابط قائلا: ولم حاول ان مهاجمتك بالضرب منذ البداية؟..
اسرع ذلك الشاب يقول: لانه قد قام بمهاجمتي بالضرب اولا..
اتسعت عينا وعد وقالت بحدة: يالك من كاذب..
التفت الضابط الى الشاب وقال: اصمت انت.. اذا سألتك أجب .. اتفهم..
والتفت الى طارق ليكرر سؤاله قائلا: اخبرني لم حاول مهاجمتك بالضرب في البداية؟..
قال طارق وهو يزفر بحدة: لاني حاولت الدفاع عن زميلتي..
عقد الضابط حاجبيه وقال: ولم تدافع عنها؟.. مالذي حاول هذا الشاب فعله؟..
اسرعت وعد تقول: هل تسمح لي بالاجابة انا يا سيدي؟..
التفت لها الضابط وقال: تحدثي..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: لقد تعرض هذا الشاب لي قبل فترة ولكني اوقفته
عند حده.. وقد كان زميلي في المرة السابقة معي ايضا.. وقد تصدى له ايضا..
ولما كنت هذه المرة وحدي وقد كان زميلي بعيدا عني.. قرر ان يثأر لنفسه..
وان ينتقم مني .. فتعرض لي وتجرأ على تهديدي والامسك بذراعي.. مما دفعني
لصفعه على وقاحته هذه ..ورأى زميلي هذا وقرر الدفاع عني.. ولكن هذا الوقح
قرر مهاجمته وضربه ..وعندما رأى ان زميلي خصما قويا له.. قرر استعمال
الخنجر ومهاجمة زميلي به.. مما ادى الى اصابة ذراعه كما ترى يا سيدي ..
صمت الضابط مفكرا ومن ثم قال وهو يلتفت الى الشاب: والآن اخبرني انت.. لم
حاولت التعرض للفتاة في الحالتين؟.. ولم حاولت مهاجمة هذا الصحفي بالضرب
واصبت ذراعه بجرح عميق بخنجرك؟..
قال الشاب مصطنعا اللامبالاة: كل ما قيل كان كذبا وافتراءا علي.. لقد حاول هذا الصحفي اذيتي فدافعت عن نفسي بواسطة سلاحي..
قال الضابط بصرامة: تدافع عن نفسك بواسطة سلاحك وهو اعزل!..
قال الشاب وهو يهز كتفيه: ما باليد حيلة فقد كانت بنيته الجسدية تتيح له التفوق علي ..
قال الضابط بنفاذ صبر: ولم حاول اذيتك من الاساس كما تقول؟..
قال الشاب بمكر: لاني تحدثت الى زميلته قليلا ويبدوا انه يغار عليها الى درجة الجنون مما دفعه الى ضربي بغتة..
قال طارق بقسوة: تبا لك.. من اين تجلب كل اكاذيبك تلك؟..
والتفت الى الشرطي ليقول: سيدي تستطيع التحقق من الامر من زميلتي او من أي
شخص رأى ما حصل بالطريق.. هذا الشاب قد حاول التعرض لزميلتي من قبل وصمت
عنه.. لكن في هذه المرة تعدى على حدوده وامسك بذراعها امامي .. لهذا
اوقفته عند حده بكلماتي.. ولكنه ثار وحاول التهجم علي بالضرب ولما تصديت
له استخدم سلاحه.. وذراعي خير دليل لصدق ما اقول..
قال الضابط وهو يلتفت للشاب: هه.. ما رأيك؟..
قال الشاب وهو يلوح بيده: انه يكذب..
قالت وعد بغضب: بل انت من يختلق الاكاذيب طوال الوقت..
قال طارق متحدثا الى الضابط بنفاذ صبر: والآن ماذا يا سيدي؟..
قال الضابط وهو يزفر بحدة: لست اعلم من منكم الذي يقول الحقيقة.. ولكن في
الوقت الراهن .. ستوقعان كلاكما تعهدا على عدم التعرض للآخر.. واذا عثرنا
على الدليل الذي يدين أي منكما .. فسنرسل في طلبكما لنكمل الاجراءات
القانونية..
ظهرت نظرة ماكرة في عيني ذلك الشاب .. وتمتمت وعد قائلة بحنق: يا له من ماكر خبيث..
ربت طارق على كتفها بهدوء ومن ثم قال: اذهبي لتجلسي وترتاحي قليلا ريثما ننهي هذه الاجراءات..
التفتت له وقالت بابتسامة شاحبة: سأظل معك..
قال طارق بابتسامة حانية : لن اتأخر.. اعدك بهذا..
وتحدث طارق الى الضابط قليلا ليسمح لوعد بانتظاره في الخارج... فسمح له
الضابط بذلك بعد ان وقعت على اقوالها.. وتنهدت بحرارة وهي تلقي على طارق
نظرة اخيرة قبل ان تغادر مكتب الضابط لتجلس على احد المقاعد بالخارج..
شعرت بالتعب.. بالضعف.. بأنها فتاة قبل كل شيء.. وتحتاج لمن يقف الى
جوارها.. الى رجل تستمد منه الامان والقوة.. الى رجل تعتمد عليه .. يدافع
عنها ولا يسمح لشخص بأن يلمس شعرة من رأسها.. شعرت بأنها اخطأت عندما اصرت
منذ البداية على الذهاب وحدها .. وكان يجب عليها ان تقبل بعرض طارق.. ولكن
ما حدث اليوم كان مجرد مصادفة.. فقد كاد يومها ان ينتهي بسلام لولا ما
حدث..
لقد اقحمت طارق في مشاكل لا علاقة له بها.. ادخلته الى مركز الشرطة وربما
يدخله لاول مرة بسببها..ماذا تفعل الآن؟.. هل هذا هو جزاء الاحسان.. لقد
ساعدها مرارا ووقف الى جانبها.. شجعها.. ونصحها.. دافع عنها.. فهل جزاءه
في النهاية اصابة في ذراعه.. واقرار يوقع عليه بعدم التعرض لذاك الشاب
الحقير؟..
ولكن.. هناك اشياء لم تفكر فيها.. طارق.. كيف وصل اليها؟.. وكيف عرف
العنوان؟.. هل تبعها؟.. لا لو كان كذلك لرأته منذ البداية.. ربما حصل على
العنوان من رئيس التحرير بشكل ما وانطلق الى حيث هي.. لكن .. لماذا؟..
لماذا جاء؟.. هل كان يشعر بأنها في خطر؟ .. لا غير معقول.. اذا لماذا؟..
( وعد.. هيا سنغادر)
رفعت رأسها اليه لترى علامات التعب واضحة على ملامحه.. فقالت معتذرة: آسفة لكل ما عرضتك له من مشاكل بسببي..
وضع سبابته على شفته وقال: لا اريد سماع هذا الكلام.. انت زميلة عزيزة.. والدفاع عنك واجب علي..
تطلعت الى ذراعه وقالت بقلق وقالت: كيف حال ذراعك الآن؟..
قال بابتسامة: بخير.. بفضل اسعافاتك..
بادلته الابتسامة.. فقال هو: هيا لنغادر الآن..
قالها وهو ينتظرها ان تتحرك.. فسارت الى جواره وهما يغادران مركز الشرطة..
وما ان استقر بهما المقام في السيارة .. حتى قال طارق وهو يدير المحرك:
سوف ننطلق الى الصحيفة.. لتسلمي تقريرك الى رئيس التحرير..
قالت باستنكار: ماذا تقول؟.. سنذهب الى المشفى اولا لنسعف ذراعك..
- دعك من ذراعي.. ستكون بخير..
- لا.. ثم ان تقريري قد وضعته بسيارتي عند ذلك المبنى..فالنذهب اولا الى المشفى لتعالج ذراعك ومن ثم يمكننا الذهاب الى الصحيفة..
قال طارق بتفكير: ولكننا قد تأخرنا كثيرا واخشى ان لا يقبل بتقريرك بعد ذلك..
هزت رأسها وقالت: لا يهم.. ما يهمني هي ذراعك الآن..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ما رأيك ان انزلك بجوار سيارتك واكمل انا طريقي الى المشفى؟..
قالت وعد في سرعة: لا.. انت بالكاد تقود بذراع واحدة ..وتحتاج لمن يقود
عوضا عنك ان احتجت لذلك..ثم ان الطريق الى المبنى يبعد مسافة طويلة نوعا
ما عن هنا..
قال طارق بابتسامة: حسنا فهمت يا ايتها الزميلة العنيدة..
عقدت وعد ذراعيها امام صدرها ومن ثم قالت: جيد يا ايها الجليد المتحرك..
اتسعت ابتسماته وقال: لم اعد جليدا بعد اليوم.. لقد بات يتلاشى شيئا فشيئا..
التفتت له وقالت مبتسمة: ولم؟..
قال وهو يختلس النظرات اليها: الم اخبرك بأن صحفية عنيدة قد دخلت حياتي فجأة لتقلبها رأسا على عقب؟..
الجم الارتباك لسانها لبضع لحظات .. ومن ثم قالت مغيرة دفة الحديث: لم تخبرني.. كيف وصلت الى حيث كنت انا؟..
ادرك محاولتها في تغيير الموضوع.. وقال مجيبا: الم تتصلي بي؟..
قالت بدهشة : انا فعلت؟..لا ابدا لم....
بترت عبارتها.. وعقدت حاجبيها وهي تتذكر.. ومن ثم قالت بغتة: اجل.. لقد
اتصلت لاخبرك ان كل شيء سار على ما يرام.. ولكني انهيت المحادثة في سرعة
قبل ان تجيب على الهاتف..
قال طارق بهدوء:وانا شعرت بالقلق من هذه المكالمة وراودني شعور بأنك
تحتاجين الي مما دفعني الى طلب العنوان من رئيس التحرير لآتي اليك..
- ومنحك العنوان بهذه البساطة؟..
قال طارق بابتسامة: مطلقا احتاج الامر الى حَبّك الموضوع واعداد قصة متقنة وبالكاد انطلت عليه..
قالت وعد بابتسامة: اعرفه.. داهية.. لا ينطلي عليه شيء ابدا..
ضحك طارق وقال: معك حق في هذا. .
وتوقف طارق الى جوار المشفى في تلك اللحظة ليقول: هاقد وصلنا الى المشفى.. خذي سيارتي وعودي بها و....
قاطعته في سرعة: لن اتحرك من مكاني قبل ان اطمأن عليك..
قال طارق وهو يهز رأسه: عنيدة..
قالت وهي تلتفت له: مغرور..
شعر بالدهشة والتفت لها قائلا: انا ؟..
اومأت برأسها بمرح وقالت: اجل انت..
رفع حاجبيه وقال بسخرية: يبدوا وانك ستجبريني على توصيلك الى الصحيفة الآن..لتعلمي من هو المغرور فعلا..
اسرعت تقول بتوتر: لا ..لا اريد العودة.. انت لست مغرورا ابدا..
قال مبتسما: جيد.. جيد..هكذا هي الفتاة المطيعة..
تطلعت اليه بحنق.. ولكن ابتسامته لا تلبث ان تجبرها على الابتسام ..فقالت مكابرة: لا تصدق كل ما يقال لك..
ضحك طارق مرة اخرى.. وهبط برفقتها .. ووعد تحمل بقلبها القلق الكبير على ذراع طارق المصابة...
**********
دعونا نترك طارق ووعد ونتوجه الى تلك الشركة الصغيرة التي غادر الموظفين
فيها مكاتبهم اعلانا عن انتهاء موعد العمل.. وهم يشعرون بالراحة لانتهاء
وقت العمل الشاق.. وبداية وقت الراحة الذي سيقضونه مع اسرهم.. او مع
اصدقائهم..
وابتسمت تلك الموظفة بسعادة وهي تصافح احدى الموظفات وتقول: اراك بخير غدا..الى اللقاء..
غمزت الموظفة لها قائلة: سلمي لنا على المدير يا ليلى..لا تنسي..
قالت بارتباك مشوب بالخجل: لا تخشي شيئا لن انسى..
لوحت لها زميلتها بكفها قبل ان تغادر مبنى الشركة.. والتقطت ليلى نفسا
عميقا قبل ان تغادر مبنى الشركة بدورها وهي تسير بخطوات هادئة بعض الشيء
وشاردة .. والتقطت مفتاح سيارتها لتفتحها و...
(الى اين؟..)
انتفضت اثر الصوت الذي سمعته فجأة والتفت بحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت
وهي تزفر بقوة: ارعبتني يا عماد.. لا تفاجئني هكذا وانا شاردة الذهن..والا
سأصاب بسكتة قلبية..
قال مبتسما: لا اظن..
قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: ولم لا تظن؟..
قال مبتسما وهو يشير لها: لان بقلبك يسكن شاب يدعى عماد.. لن يسمح لأي شيء بأن يصيبك..
قالت مازحة: سأرفع من ايجار المساكن بقلبي لعله يغادره..
مال نحوها وقال بهمس: لن يتحرك من مكانه شبرا واحدا.. ولو وصلت الايجارات الى الملايين..
قالت مبتسمة وهي تتطلع الى عينيه العميقتين: اعرفه.. يبذر امواله على كل شيء..
قال وهو يغمز بعينه: كل شيءيصبح رخيصا لاجل الحصول على مكان بقلبك..
ارتبكت ليلى وتوردت وجنتاها خجلا.. فاطرقت برأسها وهي تحاول السيطرة على
خجلها هذا.. فقال عماد متسائلا بغتة: هل قمت بشراء فستان لحفل الخطبة؟..
هزت رأسها نفيا ومن ثم قالت: لا ليس بعد..
قال مبتسما: جيد..
قالت بحيرة: ولم جيد؟..
جذبها من معصمها لتسير معه.. فقالت هي بغرابة: عماد ما الامر؟..
توقف امام سيارته ومن ثم قال: تفضلي الى الداخل.. فسنذهب الى مكان ما..
- واين هذا المكان؟..
قال مبتسما: لا أسألة حتى نصل..
قالت بابتسامة ساخرة: وماذا تفيد الاسألة بعد ان نصل؟..
ضحك وقال: لست اعلم.. المهم انها مفاجأة..
دلفت الى المقعد المجاور له.. واحتل هو مقعد القيادة.. لينطلق بالسيارة..وقالت والفضول وصل منها مبلغه: اخبرني الي اين نحن ذاهبان؟..
قال بابتسامة ماكرة: اذا وصلنا سأخبرك..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها: شكرا لك ففي تلك الفترة لدي عينان لأتعرف المكان بنفسي..
قال مبتسما: اذا انتظري لتعرفي المكان بنفسك..
قالت بعد وهلة من الصمت: سنذهب الى احد المطاعم .. اليس كذلك؟..
قال وهو يبتسم: لا ليس كذلك..
قالت بتفكير: اذا الى احد المجمعات او الحدائق.. او الاسواق..
قال وهو يختلس النظر لها: ولا هذا ايضا..
قالت بفضول: عماد اخبرني.. مللت الانتظار.. والفضول يكاد يقتلني..
- رويدك لم يبقى شيء ونصل..
التفتت عنه وقالت: سأنتظر ولكن لخمس دقائق فحسب..
غمز بعينه وقال: تكفيني حتى ولو اضطررت للقفز على السيارات..
ابتسمت بهدوء.. فقال هو بعد فترة من الصمت: ها قد وصلنا.. ولكن المشكلة هي كيف بامكاني العثور على موقف لسيارتي..
والتفت لها ليقول بلهجة ذات مغزى: ام تفضلين ان اسرع بالوقوف بأحد المواقف قبل ان تسبقني اليها احدى السيارات..
ارتفع حاجباها بدهشة ..وهي لم تستوعب ما قاله بعد.. والتفتت لتتطلع الى
حيث هم.. وما ان شاهدت المكان .. حتى ارتسمت الابتسامة على ثغرها وقالت
مداعبة: افضل ان تسبقك الى الموقف احدى السيارت بكل تأكيد..
قال بمرح: اجل كالمرة السابقة الذي ظللت لربع ساعة ابحث عن موقف للسيارات بعد ان تنازلت عن موقف السيارة لك..
قالت بعناد: لم يكن يخصك .. بل يخصني انا..
قال مبتسما بسخرية: بلى اعلم ذلك.. ولهذا فقد جئت بعد ان عثرت انا على الموقف وكدت ان ادخل سيارتي به..
قالت مبتسمة: هل سنتشاجر الآن؟..اخبرني لم جئت بي الى هنا؟..
غمز بعينه وقال: المتجر الذي التقينا به لاول مرة.. ما رأيك به وبالفساتين التي يقوم ببيعها؟..
قالت وهي غير مدركة القصد من سؤاله: فساتينه رائعة جدا ولكن اغلبها غالي الثمن و....
بترت عبارتها والتفتت له بحدة لتقول: هل تعني اني سأشتري فستان الخطبة من هذا المتجر ؟... ومعك؟..
- اجل هذا ما اقصده..
قالت بارتباك: ولكن .. ولكني ارغب بالشراء لوحدي.. لاني ...
قاطعها قائلا: وما رأيك ان قلت اني اود ان اختار الفستان معك؟..
توردت وجنتاها واطرقت برأسها فقال مبتسما: هيا اريد ان ارى ذوقك وما ستقومين باختياره..
ازدردت لعابها وقالت متهربة من الموضوع: لنأجل هذا الى يوم آخر.. فأنا اشعر بالتعب..
قال عماد بخبث: لم تحزري..
ادركت ان محاولاتها فاشلة لا محالة ففتحت باب السيارة لتغادرها وغادر عماد
بدوره.. وقال وهما يتوجهان الى حيث المتجر: لا تفكري بالسعر اتسمعين.. ما
يهمني هو ان تختاري ما ترينه الاجمل والافضل بالنسبة لك..
قالت وهي تمط شفتيها: ها قد بدأنا سنتشاجر من اولها..
ابتسم ابتسامة واسعة وقال: ولم الشجار؟..
قالت وهي تهز كتفيها: لاني من المستحيل ان اشتري فستانا حتى لو اعجبني اذا كان ثمنه مرتفع..
قال في سرعة: لا تفكري بالنقود.. لدي مبلغ مممتاز قد قمت بتجميعه سابقا..
قالت بنظرة تأنيب: لا تبعثر نقودك هنا وهناك.. فقد تحتاجها ذات يوم ..
قال بحب: وهل لدي اغلى منك لأمنحها كنوز العالم كله؟..
توردت وجنتاها وقالت مسيطرة على خجلها: ولو ..هذا لا يمنحني الحق في تبذير اموالك التي جمعتها لسنين طوال..
دلفا الى المتجر في تلك اللحظة وقال بهمس بعض الشيء: كلماتك هذه وحدها
تثبت لي انك لا تفكرين الا في مصلحتي.. فلا داعي لأن ترفضي طلبي..وتقبلي
بشراء فستان لك الآن..
قالت بابتسامة: لقد وصلنا على اية حال ولا مجال للتراجع..
ابتسم بدوره وقال وهو يغمز بعينه له: هيا ارني ذوقك..
قالت وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: اتظن الامر بهذه السهولة؟.. عليك
الانتظار لاربع ساعات على الاقل حتى اجد الفستان الذي يناسبني.. والى ساعة
أخرى لأرى قياسه.. هذا ان اعجبني شيء.. وان لم نخرج من هنا خاليا اليدين..
اتسعت ابتسامته وقال بمكر: لا تحاولي.. لن اتراجع.. وسأبقى معك ولو استدعى الامر ان نظل الى منتصف الليل..
هزت كتفيها وقالت بلامبالاة مصطنعة: هذا شأنك..
واردفت وهي تلتفت له: ولكن لا تتبعني في كل حركة .. فلن استطيع الاختيار بشكل جيد هكذا..
غمز بعينه وقال بابتسامة: لن افعل..
قالت وهي تطلع له بحنق: هذا يعني انك ستفعل العكس تماما .. اليس كذلك؟..
لوح بكفه وقال مصطنعا: ابدا.. ابدا.. سأقف هنا ولن اتحرك..
تطلعت له بنظرة سريعة ومن ثم قالت: سنرى..
وتوجهت لتختار احد الفساتين من المجموعات العديدة المعلقة المختلفة
الالوان والاشكال.. شعرت بالحيرة وهي تطلع الى كل ما حولها.. كل تصميم
يبدوا فريدا بنوعه.. اخذت تقارن بين الالوان والتصماميم المختلفة.. في حين
ابتسم عماد بمكر وهو يهم بأن يتبعها...ولكن رأى باب المتجر يفتح في تلك
اللحظة.. فالتفت بحركة عفوية لينظر الى القادم.. ثم التفت عنه ليكمل
طريقه.. ولكن صوت القادم جعله يتجمد بمكانه دون ان يخطو خطوة واحدة.. سمع
ذلك الرجل الذي يبدوا في الأربعينيات من عمره يقول وهو يقترب منه: كيف
حالك يا عماد.. وكيف حال والدك؟..
قال عماد بتوتر على الرغم منه: بخير.. كيف حالك انت يا عماه؟..
اشار الرجل الى فتاة تقف بالقرب من المكان وقال : هذه ابنتي .. وهي من اصرت على القدوم الى هنا لشراء فستان من هنا..
اقتربت الفتاة من المكان وقالت: ابي.. لقد وجدت فـ...
بترت عبارتها عندما لاحظت وجود عماد .. واقتربت من المكان بهدوء.. وفي
اللحظة ذاتها انتبهت ليلى ان عماد يقف في مكان ما من المتجر وهو يتحدث مع
رجل وفتاة.. عقدت حاجبيها واتجهت نحوه.. وشعر عماد بخطواتها التي تقترب..
فالتفت لها وابتسم بقلق.. ووقفت هي الى جواره وهي تتطلع الى الرجل
والفتاة.. فقال عماد وهو يزدرد لعابه ويتطلع الى ليلى: اعرفك يا عماه..
ليلى خطيبتي..
قال الرجل مبتسما: هل قمت بالخطبة دون ان تدعونا؟..
اسرع عماد يقول: لا ابدا.. حفل الخطبة الاسبوع القادم.. وستكون اول المدعوين يا عم..ولكننا قد عقدنا قراننا بالامس فحسب..
قال الرجل بابتسامة واسعة: مبارك يا عماد .. الف مبارك..
ابتسم عماد وقال: اشكرك يا عماه..
التفت الرجل للفتاة الواقفة الى جواره: هذا هو عماد الذي حدثتك عنه طويلا..ابن اعز اصدقائي..
قالت الفتاة بهدوء متسائلة: ابن صاحب شركة الزجاج؟..
قال وهو يومئ برأسه: بلى هو.. وهو يعمل بكل اخلاص وكأنه احد الموظفين وليس ابن صاحب الشركة وان الشركة هي ملك له و....
توقف الزمن لدى ليلى ولم تعد تسمع المزيد مما قيل او سيقال ..عقارب الساعة
تجمدت بعد الذي سمعته.. وصدمتها بالحقيقة الجمت لسانها وجمدت نظراتها وهي
غير قادرة على فعل شيء سوى التطلع اليه بصدمة وجمود وذهول.. وهي غير مصدقة
تقريبا لما سمعت.. ومن جانب آخر كان عماد يتطلع لها باضطراب وهو في انتظار
ردة فعلها مما سمعته..والقلق والتوتر قد بلغ منه مبلغه...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:39 am

* الجزء السابع والعشرون*
(لماذا خدعتني؟)




توقف الوقت في تلك اللحظة.. لم يعد للزمان او المكان أي اهمية..توقفت
الصورة وتوقف المشهد بين عماد وليلى.. وكلاهما يتطلع الى الآخر ولكن بشعور
مختلف..فالاول كان يشعر بالقلق والتوتر من ردة فعلها.. وينتظرها ان تنطق
بكلمة ليعرف ماالذي تفكر فيه.. وصبره يكاد ينفذ من الانتظار..
ومن جهة اخرى.. كانت ليلى غير قادرة على التفوه بكلمة .. وهي تحاول
استيعاب ما قيل..تحاول استيعاب ان عماد كان يكذب عليها طوال الوقت..
يخدعها.. وفي ماذا؟ .. في اهم شيء.. الا وهو هويته.. لماذا لم يخبرها
الصدق؟ .. لماذا لم يقل بكل وضوح انه ابن صاحب الشركة؟.. هل ظن انها لا
تستحق عائلة غنية مثله ام ماذ؟ا.. كيف لم تدرك هذا قبل الآن.؟. لقد فات
الآوان وانعقد قرانهما.. ولكن لا.. لم يفت بعد.. ولن تصمت على فعلته هذه..

وعقدت حاجبيها بغتة وتطلعت الى عماد بنظرات جامدة خالية من اية مشاعر..وشعر عماد بقلقه يتضاعف من نظرتها هذه فقال بهمس: ليلى..
القت عليه نظرة لم تكن تحمل سوى معنى واحد..(لقد خيبت ظني بك).. ومضت في
طريقها مغادرة المتجر دون ان تلقي عليه كلمة واحدة.. تطلع عماد اليها
بذهول ونظرتها تقطعه من الداخل الف قطعة.. بالتأكيد قد فهمت الموضوع بشكل
خاطئ..وقال للرجل باعتذار: عن اذنك..
قال له الرجل وهو يهز رأسه: اذنك معك..
اسرع عماد يغادر المتجر بدوره وهو يأمل ان يلحق بليلى وان لا تكون
قدغادرت.. وشعر براحة نسبية وهو يراها واقفة تنتظر احدى سيارات الاجرة ..
واشارت لاحداها بالتوقف في تلك اللحظة.. فأتجه نحوها واسرع يناديها: ليلى
..
لم تلتفت له حتى وصدمتها تفوق الوصف بعد ان علمت انه يخدعها طوال الوقت
ومنذ البداية.. بداية علاقتهما التي كانت يجب ان تقوم على اساس الصراحة و
الصدق والثقة المتبادلة ..كان اساسها الزيف والكذب والخداع..
شعرت بغصة في حلقها وهي ترى سيارة الاجرة قد توقفت.. وسارت نحوها ولكنها
شعرت بكف تمسك ذراعها.. والتفتت ببرود الى عماد وهي تتطلع اليه بصمت..
وقال عماد بجدية: ليلى اود ان اتحدث اليك..
قالت بحنق: اترك ذراعي..اريد ان اغادر..
قال عماد بحزم: لن تغادري قبل ان تفهمي الموضوع على شكله الصحيح.. ولماذا اخفيت عنك الحقيقة..
التفتت له ليلى وقالت بانفعال والدموع تترقرق في عينيها : افهم ماذا؟..
اجبني.. انك كنت تخدعني طوال الوقت.. انك كنت تمثل علي دور الموظف.. ان
الاساس الذي كان يجب ان نبنيه في بداية حياتنا لم يكن سوى زيفا وكذبا
وان...
شعرت بغصة في حلقها فبترت عبارتها ومن ثم قالت وهي تطرق برأسها بمرارة:
وانك قد اخفيت عني الحقيقة لاني لست في مستوى عائلتك..او ربما لانك خشيت
ان اطمع بنقودك.. فاقبل الزواج بك لهذا السبب..
قال عماد في سرعة: ليلى انت تفهمين الامر بشكل خاطئ.. انت اكثر شخص يعلم
اني لم ولن افكر باختلاف الطبقات في حياتي.. وحتى ولو كنت تعانين من شدة
الفقر فلن اهتم وسأرتبط بك..
قالت بعصبية: حديث مجرد حديث.. لا اجد منك سوى الحديث.. اخفيت عني حقيقة
كونك صاحب الشركة.. واستمريت في خداعي على الرغم من اني خطيبتك وفي حكم
زوجتك الآن..لقد بنيت حياتنا علىكذبة .. وكل هذا لانك تخشى ان اكون طامعة
باموالك..
قال عماد وهو يعقد حاجبيه: انا يا ليلى؟.. انا لم افعل لك شيئا سوى الحديث
يوما؟.. الم اعدك بالزواج ؟..وقد وفيت بوعدي .. ولو كنت اخشى ان تكوني
طامعة باموالي كما تقولين .. لما فكرت بالارتباط بك يوما ..ولكني كنت اعلم
أي فتاة هي انت.. وربما منذ اول مرة رأيتك فيها..
قالت بانفعال ودموعها تجاهد لان تسيل على وجنتيها: اذا لم اخفيت عني
الحقيقة؟ .. لم كذبت؟.. هل تريدني ان اصدقك بعد ان كذبت في اهم شيء وهو
هويتك؟..
قال وهو يحاول ان يمتص غضبها: الطريق ليس مكانا للحوار..سنكمل حديثنا بالسيارة.. تعالي معي..
قالت وهي تشيح بوجهها: اذهب انت وحدك.. وسأغادر انا بسيارة اجرة..
قال وهو يحاول تمالك اعصابه: بل ستأتين معي..
- لا اريد..
قال عماد بغضب: لست امزح معك.. هل تريدين الركوب في سيارة اجرة لوحدك.. وانا موجود؟..
قالت بعناد: سأذهب سيرا على الاقدام لو تطلب الامر..
قال عماد بحدة: ليلى.. تعالي معي ولا تدعي صبري ينفذ..
التفتت له وقالت ودموعها قد انتصرت في النهاية لتسيل على وجنتيها: لقد
خدعتني يا عماد ..هل تريد مني بعد ذلك ان اثق بك واستمر معك في علاقتنا؟..
شعر بالشفقة نحوها وهو يراها تبكي على هذا النحو.. لم يعلم ان كذبته هذه
التي استخدمها يوما ليقرب العلاقة بينهما.. ستكون سببا في ابتعادهما عن
بعضهما في النهاية!..
وقال بحنان: ليلى علاقتي بك اكبر من كل شيء.. انت لم تدعي لي الفرصة حتى لأشرح موقفي.. وسبب اخفائي للحقيقة..
- لا اريد ان اعلم..
قال بيأس: كما تشائين.. ولكن انا من سيوصلك الى المنزل.. لن تغادري في سيارة اجرة ابدا..
تطلع اليها وهو ينتظرها ان تتحرك.. سارت ولكن خطواتها كانت بطيئة.. ماحدث
معها لم يكن بالشيء الهين.. من احبته ومنحته قلبها كان يخدعها لا اكثر
..حبها له جعلها تثق به ثقة عمياء.. وتصدق كل حرف نطق به.. وهي الغبية كيف
لم تنتبه الى التشابه بين اسم والده واسم صاحب الشركة.. كيف ؟.. كيف؟..
دلفت الى السيارة وجلست على المقعد .. ودموعها تسيل بصمت على
وجنتيها..واختلس عماد النظرات اليها وهو يقود السيارة وهو غير قادر على
رؤيتها تتألم وهو صامت.. مهما يكن ومهما يحدث.. ليلى هي الفتاة التي يحب
والتي يعشق.. انها خطيبته .. كيف يتركها تتألم لوحدها وهو لا يفعل شيئا
سوى النظر اليها.. وقال بحنان: ليلى لا اريد ان ارى دموعك.. صدقيني لم
اقصد ما فهمتيه باخفائي للحقيقة..
قالت بحدة: ما السبب اذا؟.. كنت تشعر بالعار مني واني لن اناسب مستوى عائلتك الغنية..و..
قاطعها قائلا: يكفي.. لا تفسري الامور كما تشائين.. الامر كله اني لم ارد ان...
اغلقت اذنيها بكفيها وقالت: لا اريد سماع المزيد.. لا اريد.. لقد قتلتني مرة ولا اريد ان اموت مرة اخرى..
قال برجاء: اسمعيني فقط حتى انتهي من كلامي..
صرخت بانهيار: يكفي.. يكفي..لا اريد سماع شيء.. لا اريد.. كاذب.. كاذب..
كلماتها كانت كالسكاكين التي تنغرز بصدره وقلبه الواحدة تلو الاخرى.. لا
تعلم ان كلماتها تجرحه الى اقصى حد.. كيف لا.. وهي تتهمه بشيء اراد منه ان
يتقرب منها.. هل هذا هو جزاءه؟.. لم يفكر ان يكذب عليها يوما.. ولكنها تظن
اليوم ان كل شيء قاله لها بات كذبا وربما حتى حبه لها..
لم يكن عماد مخطأ في حدسه.. فليلى في تلك اللحظة كانت بدأت تشعر بالشك من
كل كلماته..(احبك يا ليلى)..(اعدك بانك ستكونين سعيدة معي)..(لم احب فتاة
في حياتي سواك).. كل هذا كذب ..خداع.. لقد كذب مرة ومن السهل ان يكذب آلاف
المرات غيرها.. انها لا تكره شيء في هذا العالم اكثر من الكذب والخداع..
واذا كان هذا هو بداية لحياتها مع عماد فهي لا تريد هذه الحياة..لا
تريدها...
اختلست نظرة صامته له.. لا تستطيع ان تنكر انها تحبه.. وان حبه بات نبض
قلبها .. لا تستطيع ان تنكر انه الشاب الوحيد الذي رأت فيه كل صفات فارس
احلامها.. و...ولكنه بالنهاية لم يكن سوى كاذب..مخادع.. استغل حبها
لمصلحته ولم يهتم بمشاعرها التي تعلقت به..
وصلا في تلك اللحظة الى منزلها.. فتوقف عماد عنده وقال وهو يزفر بحدة: انت تظلميني يا ليلى..
قالت دون ان تلتفت له: وانت خدعتني يا عماد.. خدعتني في كل شيء..
قال في سرعة : اقسم يا ليلى.. اقسم بالله بأني لم اقل لك شيئا كاذبا طوال
فترة علاقتي بك وان كل ما قلته لك هو الحقيقة.. ما عدا ما اخفتيه عنك
بكوني ابن صاحب الشركة..
قالت ليلى وهي تفتح باب السيارة وتزدرد لعابها لاخفاء تلك الغصة التي ملأت حلقها: جيد انك اعترفت بان ما قلته يومها كان كذبا..
قال عماد بوجه شاحب: ليلى انت لا تفهمين..
قالت وهي تهم بمغادرة من السيارة: ولا اريد ان افهم..
امسك بكفها قبل ان تغادر.. وشعرت ليلى بالدهشة والارتباك من مسكة يده التي
ترجف جسدها بالرغم منها ولكنها لم تلتفت له وظلت صامتة.. وقال عماد في تلك
اللحظة بحب وحنان: انظري الي..
لم تشأ ذلك وقالت بشحوب: دعني اذهب ارجوك.. انا متعبة..
قال مكررا: انظري الي فقط.. وسأدعك تذهبين..
التفتت له وقالت وهي تزدرد لعابها: هاقد فعلت..والآن ماذا؟..
ضغط على كفها بحنان وهمس: احبك يا ليلى واقسم على هذا .. ومستعد لأن اكتبها بدمي... لو شككت لحظة واحدة في حبي لك..
رفعت عينيها اليه وهمت بأن تقول شيء ما.. ولكن عيناه اصمتتها تماما.. تلك
العينين العميقتين التي تجذبها اليه .. في بحر حنانهما وصلابتهما.. وبعثرت
نظراتها بعيدا لتخفي مشاعرها عن عماد واسرعت تجذب كفها وهي تقول: دعني
اذهب الآن..
ترك كفها .. فاسرعت تغادر السيارة ودموعها تسيل على وجنتيها دون توقف..في
حين تنهد هو بحرار وقال وهو يكور قبضة يده متحدثا الى نفسه : (والآن ماذا
يا عماد؟.. ما الحل؟.. يبدوا ان ليلى قد فقدت ثقتها بك.. ما الذي ستفعله؟
.. ستترك حبكما يتلاشى كذرات الغبار بهذه السهولة.. ام ستفعل المستحيل
لتعيد علاقتكما كما كانت..وتعيد ثقة ليلى بك..)
واردف بصوت متهدج: ( لو استمعت الي فقط يا ليلى..لما غادرت وانت تتألمين
.. ولما كان هذا حالي الآن.. لعلمت اني لم اخفي الحقيقة عنك.. الا لأتقرب
منك وتعرفي بحبي.. دون ان يكون هناك ما يمنع ان تبادليني مشاعري..اخبريني
يا ليلى أكل ذنبي اني قد ولدت لأكون ابن صاحب الشركة ..وولدتِ انتِ لتكوني
موظفة لدي.. اهذا هو كل ذنبي.. ليتني لم اكن الا موظفا مثلك.. فربما لن
تفكري بي على هذا النحو لحظتها)
وغادر بسيارته المكان وانفاسه المتوترة تزداد .. وهو يفكر بأي حل ليعيد المياه الى مجاريها بينه وبين ليلى..
ومن بعيد.. تطلعت تلك الفتاة من نافذة غرفتها.. الى سيارة عماد التي غادرت
المكان من امام منزلها.. وعادت الدموع لتسيل على وجنتيها وهي تمسك بستارة
التافذة وتقول بصوت مختنق: وانا ايضاً احبك يا عماد ..لا تذهب وتتركني ..
لا تتخلى عني ارجوك.. انا بحاجة اليك..
ولم تلبث ان سقطت على الارض لتبكي بانهيار وهي تقول: لماذا يا عماد؟.. لماذا خدعتني؟.. لماذا؟؟..
واختلطت دموعها بشهقاتها المكتومة.. التي لم يسمعها أحد.. سوى تلك الزهور
الحمراء التي كانت تتحرك باستكانة مع ذلك النسيم الهادئ الذي تغلغل الى
الغرفة.. وكأنها تشاركها حزنها وآلامها هذه..
***********
قال طارق بهدوء شديد وهو يجلس على مقعد الانتظار: لن تفيديني في شيء..
سأدخل الى داخل الغرفة ليتم خياطة الجرح ومن ثم اخرج.. ماذا ستفعلين
انت؟.. وعلى ماذا تريدين الاطمئنان؟..
قالت وعد باصرار: لن اتركك.. انا من كان سببا في اصابتك هذه .. وعلي على الاقل ان اطمأن عليك..
قال طارق وهو يزفر بحدة: تطمأني على ماذا؟.. خياطة الجرح؟.. استمعي الي..
الصحيفة ستغلق ابوابها بعد نصف ساعة لا اكثر.. خذي سيارتي واذهبي بها
لتجلبي تقريرك من سيارتك ومن ثم تنطلقين الى الصحيفة لتسلمي تقريرك.. وحتى
يحين ذلك الوقت.. اكون انا قد عولجت.. وبانتظارك حتى تعودي الي واصطحبك
بسيارتي الى حيث سيارتك..
ظهر التردد على وجهها فقال وهو يشد على يدها بتشجيع بيده السليمة: هيا يا
وعد.. انها فرصتك الوحيدة لتكوني صحفية.. اليست هذه هي كلماتك؟..
قالت بتردد: ولكني قلقة عليك..
قال وهو يتنهد: لن تفيديني في شيء بانتظارك معي.. وثانيا سأكون بانتظارك
هنا.. حتى تنتهي من تسليم تقريرك.. ومن ثم ينتهي وقت العمل بالصحيفة..
فتعودي الى هنا.. اتفقنا؟..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: هل ستكون بخير لوحدك؟..
ابتسم وقال: لست بطفل يا وعد.. يمكنك الذهاب ..وسأكون على ما يرام..
قالت وعد بكلمات متقطعة: اهتم بنفسك..
ونهضت من مكانها فقال هو مبتسما: بل اهتمي انت بنفسك..
اومأت برأسها وهمت بالتحرك من مكانها لولا ان ناداها قائلا: وعد..
التفتت اليه في لهفة وقالت: اجل.. ما الأمر؟..
ابتسم وقال وهو يرفع مفاتيح سيارته امام ناظريها: لقد نسيت أخذ مفاتيح السيارة..
ابتسمت ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: يبدوا ان ذهني مشتت هذا اليوم..
قالتها ومن ثم التقطت من كفه المفاتيح قبل ان تتجه بخطوات بطيئة لتسير
بممر المشفى وهي تختلس النظر اليه بين الفترة والاخرى.. وتفكر في العودة
اليه.. لا تريد ان تتركه .. ولكن هذه هي فرصتها الوحيدة كما قال طارق
لتكون صحفية.. وتنهدت بقوة وهي تغادر المشفى الى حيث مواقف السيارات..
وهناك انطلقت بسيارته الى ذلك المبنى على الفور لتأخذ تقريرها ومن ثم
تنطلق بعدها الى الصحيفة.. ولكن ذهنها وتفكيرها ظلا مع طارق.. طارق الذي
دافع عنها بكل شجاعة وشهامة.. طارق الذي لم يكترث بأي شيء قد يصيبه من
اجلها.. طارق الذي تشعر باهتمامه نحوها احيانا وتتمنى ان يكون ما هو اكثر
من ذلك.. طارق الذي وثق بها وفتح لها قلبه ليخبرها بالحكاية التي جعلته
بارد المشاعر وصلب الاحاسيس..
سؤال واحد اخذ يشغل تفكيرها.. لماذا يهتم لأمرها وترى في عينيه الحنان
احيانا.. هل يبادلها المشاعر؟..لا.. بكل تأكيد لا..مايا هي حب حياته
ويبدوا بأنها قد احتلت قلبه بالكامل حتى انه لم يعد يرى سواها في هذا
العالم.. على الرغم من انها قد غادرته..انا لست الا زميلة عزيزة استطاعت
اخراجه من محنته واعادته الى جزء من طبيعته السابقة.. الم يقل ذلك بنفسه؟..
وانتبهت في تلك اللحظة الى وصولها بجوار سيارتها.. وهبطت من سيارته لتتجه
الى سيارتها وتفتح الباب الامامي لتأخذ من داخل السيارة كل الاوراق
اللازمة لتقريرها وكاميرتها الخاصة.. قبل ان تعود الى سيارته وتنطلق بها
الى الصحيفة ..وحاولت بقدر الامكان ان تصل قبل فترة تسمح لها بتسليم
تقريرها ..على الاقل قبل ربع ساعة من اغلاق الصحيفة لابوابها.. وضغطت على
دواسة الوقود لتزيد من سرعة السيارة..
وما ان وصلت الى المواقف حتى اسرعت بايقاف السيارة.. والخروج منها.. لتدلف
الى المبنى وتصعد بالمصعد الى الطابق الثالث..والتقطت نفسا عميقا وهي ترى
نفسها اخيرا امام باب مكتب رئيس التحرير.. وطرقت الباب بطرقات متتابعة..
وما ان سمعت صوته يدعوها للدخول.. حتى دلفت الى الداخل وهمت بقول شيء ما
.. لولا ان اسرع رئيس التحرير يقول ساخرا: لا يزال الوقت مبكرا يا
آنسة..لماذا جئت؟.. لم يبقى على انتهاء وقت العمل سوى عشر دقائق..
قالت وعد وهي تطلع الى ساعة يدها: بل اثنا عشر دقيقة يا استاذ نادر..
صاح فيها قائلا: لا تستخِفي بدمك أتفهمين.. نحن هنا بالصحيفة علينا ان
نسابق الزمن.. وانت ماذا فعلت ؟.. ارسلتك بمهمة قبل اربع ساعات لمجرد
اعداد تقرير وصور.. لتختفي ولا اراك الا قبل عشر دقائق من انتهاء وقت
العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: لم يكن ذلك بيدي يا استاذ نادر .. لقد تأخرنا
بسبب عدد من المشاكل التي واجهتنا.. ولو علمت بما اصابنا لما قمت بلومي
على تأخري..
قال رئيس التحرير بحدة: لا يهمني ما قد يحدث.. ما يهمني هو ان تقومي بعملك
في وقته المحدد.. لقد اتفقت معك ان تسلميني التقرير هذا اليوم والا ...
قاطعته قائلة وهي تضع الاوراق على الطاولة: لا داعي للتهديد.. ها هو التقرير امامك وبالنسبة للصور فستكون جاهزة بعد قليل فحسب..
تطلع الى التقرير الذي امامه بغرابة وكأنه كان يظن بأنها لن تستطيع ان
تعده وتنتهي منه اليوم وخصوصا بعد ان تأخرت كل هذا الوقت ومن ثم قال: حسنا
لا بأس و بما انك سلمت التقرير اليوم فسأتقاضى عن الأمر..وقرار تعيينك في
الوظيفة بشكل مستمر سيصدر بعد مراجعة التقرير بنفسي ومعرفة ان كنت اهلا
لتكوني في هذا المكان او لا..
قالت وهي تمط شفتيها: والآن يا استاذ نادر.. هل استطيع الانصراف؟..
اومأ برأسه بهدوء .. والتفتت عنه.. فأسرع يهتف بها قائلا: لحظة واحدة..
التفتت له فقال وهو يعقد حاجبيه: ما الذي دعا الى تأخركما انت والاستاذ
طارق؟.. هل قام بمساعدتك في اعداد التقرير؟.. لقد وعدني بأن لا يفعل وانا
اعرف من يكون هذا الاخير جيدا.. وبما انه قد وعد فهو لا يخلف ابدا.. ربما
انت من الح عليه و...
قاطعته في سرعة واستنكار: لا داعي للقلق.. لم يساعدني بحرف واحد.. ثم انه لم يكن لديه الوقت الكافي لمساعدتي..
قال متسائلا: لم ؟..ما الذي حدث؟..
قالت ببرود: بما انك تثق به اسأله بنفسك.. فأخشى ان تعتبر ما سأقوله كذبا..
عقد حاجبيه بقوة وقال بصرامة: عودي الى مكتبك في الحال..
هزت كتفيها وقالت: ومن قال اني لن افعل..
وخرجت من مكتبه لتهبط بالمصعد الى الطابق الثاني ومن ثم تتوجه الى القسم
الذي تعمل به..وهناك قابلها أحمد وقال بدهشة: آنسة وعد.. متى عدت؟..
قالت وهي تزفر بحدة: الآن فحسب..
تسائل قائلا: وما الذي حدث لك؟.. لقد اتصلت على طارق فجأة واتجه بعدها فورا مغادرا الصحيفة..
قالت وهي تتنهد: انها حكاية طويلة.. سأخبرك بها.. ولكن هل تصنع لي معروفا ؟..
قال مبتسما: بكل تأكيد..
سلمته كاميرتها ومن ثم قالت: اريدك ان تقوم بطباعة الصور الموجودة في ذاكرة هذه (الكاميرا)..
قال مبتسما: هذا فقط.. لقد ظننت ان الامر فيه توسل للمدير او شيء من هذا القبيل..
ابتسمت بهدوء.. في حين قام هو بتشغيل آلة التصوير..ومن ثم وصلها بجهاز
الحاسوب..وقال وهو مندمج بعمله: والآن.. اخبريني ما الذي حدث لك انت
؟..واين طارق؟..
اخذت تشرح له الامر بهدوء.. ةتباطئت سرعة عمله على جهاز الحاسوب وهو يستمع
اليها وعيناه تتوسعان تدريجيا.. وقالت منهية الحديث: ولقد جئت الى هنا
لاسلم التقرير ومن ثم انطلق الى المشفى مرة اخرى حيث سيكون طارق..
قال احمد بغير تصديق: كل هذا قد حدث دون حتى ان يخبرني احدكما.. ورجال الشرطة كيف لم ينتبهوا لكل ما حدث؟..
قالت وهي تتنهد: لقد كانوا جميعا مشغولون بالمبنى والاصابات .. وسيارتي كانت تبعد قليلا عنهم..
قال احمد وهو يعقد حاجبيه: وذلك الوغد.. كيف استطاع ان يختلق كل تلك الاكاذيب ليبرأ نفسه؟..
- انسان وقح مثله كان علينا ان نتوقع كل شيء منه..
غمز بعينه وقال: بصراحة..لقد كان يستحق ما فعلتهِ به..
فهمت انه يعني تلك الصفعة التي وجهتها لذلك الشاب الوقح عندما تجرأ وامسك
ذراعها..ابتسمت لوهلة ومن ثم لم تلبث ان قالت في سرعة: حسنا يا استاذ
احمد.. معذرة إن كنت سأأخرك عن اعمالك لتقوم بطباعة صور التقرير..ولكني
مضطرة لأذهب الى الاستاذ طارق بالمشفى... حتى...
قاطعها قائلا: يبدوا انه لم يعد هناك حاجة لذهابك..
قالت بغرابة: ماذا تعني؟..
ابتسم وقال: انظري من جاء الينا بنفسه..
رفعت رأسها الى حيث ينظر واصطدمت عيناها بعيني طارق للحظات.. وهي في ذهول من وجوده معهم .. وقال هو بابتسامة: مرحبا بالجميع..
قال احمد مبتسما: اهلا بك.. وحمدلله على السلامة..
نقلت وعد بصرها لا اراديا الى ذراعه لتطلع الى ذلك الرباط الذي التف حول
ذراعه.. وتمالكت نفسها لتتحدث وتسيطر على ذهولها.. في حين قال طارق
مبتسما: ماذا يا وعد؟.. الا يوجد حمدلله على السلامة على الاقل؟..
قالت وهي لا تزال غير مستوعبة لما تراه: كيف جئت الى هنا؟..
قال وهو يهز كتفيه: بواسطة سيارة اجرة..
قالت وهي تعقد حاجبيها: ولماذا لم تنتظرني حتى اعود؟..الم تعدني بذلك؟..
قال مبتسما: بلى ولكني لم اشأ ان اتعبك..
قالت بحنق: انت مصاب وتفكر ان كان مجرد توصيلك سيتعبني ام لا..
لم يجبها فقالت بحنق اكبر: عنيد..
قال طارق بهدوء وهو يتقدم منها: ولكني لست اشد عنادا منك.. ارأيت ماذا فعل
بك عنادك.. لولا وصولي الى المكان في الوقت المناسب.. يعلم الله ما قد كان
سيحدث لك..
كانت تعلم انها مخطأة ولكنها قالت بتحدي: لقد سار كل شيء على ما يرام.. وما حدث كان مصادفة ليس الا..
قال وهي يتطلع لها بضيق: ستظلين على عنادك هذا دائما..
والتفت عنها ليتوجه الى مكتبه .. فاسرعت تقول وهي تطرق برأسها: آسفة على كل ما حصل لك اليوم بسببي..
قال طارق وهو يلتفت لها وقد تحول ضيقه الى ابتسامة: وماذا كنت اقول انا
منذ الصباح؟.. لا داعي للاعتذار.. انت لا تعلمين بانك زميلة عزيزة علينا
جميعا هنا..
ابتسمت بهدوء وهي تطلع اليه..في حين كان احمد قد راقب كل ما حدث امامه..
وانصت الى كل ما قيل.. وهو يظن.. لا بل متأكد.. ان قصة حب جديدة اخذت تنسج
خيوطها بين هاذين الاثنين...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:40 am

*الجزء الثامن والعشرون*
(هل ستنجح فكرته؟)


(ماذا افعل؟.. اخبريني بالله عليك؟..)
تطلعت فرح بغرابة الى هشام.. وقالت: ماذا تفعل في ماذا؟..
قال بحدة: انت تعلمين كل شيء.. فلا تتغابي الآن..
قالت بدهشة: اخبرك ماذا تفعل لتجعل وعد تبادلك المشاعر؟ ..هل نحن من يصنع هذه المشاعر تجاه شخص ما يا هشام؟ ..هل المشاعر بيدها هي؟..
تطلع اليه بضيق ومن ثم قال: لا.. ولكني اظن ان من الممكن ان تبادلني
المشاعر يوما ما..في السابق كنت اشعر بها قريبة مني.. اما الآن.. فأنا
اشعر ان هناك ما يفصل بيني وبينها..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: ماذا تعني بالضبط؟..
قال وهو يشعر بضيق يكتم على انفاسه: لست اعلم.. ولكن ربما كانت تحب شابا ما..
اتسعت عينا فرح وقالت: لا مستحيل.. لوكان الامر كذلك لاخبرتني انا على الاقل..
قال وهو يلوح بكفه بضيق: هل تظنين انها ستخبرك بأمر خاص بها كهذا؟..
قالت فرح باستنكار: ولم لا؟..
- لانها تشعر بأن امرا كهذا خاص بها وحدها ولا يحق لأحد ان يعلمه.. وان
مجرد اخباره للغير سيسبب لها الكثير من الاحراج.. ولديك خير دليل على
ذلك..انا الذي اقف امامك.. منذ متى وانا احبها.. هل علم احد فيكم بالامر..
وانت بنفسك لم تعلمي بهذا الامر الا قبل اسبوعين فحسب..
صمتت فرح قليلا وهي تفكر ومن ثم قالت: حسنا لنفترض هذا..وما الحل برأيك
الآن؟..منذ فترة وهي لا تفكر بك الا كأخ لها.. تظن انك بعد ان اعترفت لها
بمشاعرك ستبادلك اياها..
قال هشام بعصبية: وماذا بي انا؟..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: هشام انتما مختلفان في كل شيء .. اهتماماتك تختلف
عن اهتماماتها.. تفكيرك يختلف عن تفكيرها..صدقني لو حدث وان ارتبطتما
..ارتباطكما هذا سيفشل..
واردفت وهي تقول بصوت هادئ: اتعلم ماهو خطأك؟.. انك لم تنظر في حياتك الى
فتاة سوى وعد..ووعد فقط.. لهذا اتجهت مشاعرك اليها فقط..ولم تفكر في حياتك
في فتاة سواها.. انك حتى لم تمنح لنفسك فرصة بهذا..
- كيف تريدين ان افكر في فتاة اخرى وقلبي تسكنه وعد..
قالت بنفاذ صبر: هشام لو علمت ان ابنة خالتي تحبك.. هل ستبادلها المشاعر وتقبل بها زوجة لك؟..
قال هشام باستنكار: تلك المدللة ..مستحيل..
- اذا لا تحلل لنفسك ما تحرمه على غيرك..
فهم ما تعني ولكنه قال باصرار: وعد تحبني استطيع ان اقسم على هذا وهذا هو الفرق في الموضوع..
- كأخ لها فقط.. لا تنسى..
نهض بغتة من فوق المقعد الذي يجلس عليه ومن ثم قال: لن اعدم الوسيلة.. وسأتصرف بنفسي..
قالت فرح بقلق: ماذا ستفعل؟..
قال بصرامة: لن انتظر حتى ارى احدهم قد اخذها مني.. وعد لي فقط..
قالت فرح وقلقها يتضاعف: هشام لا تكن مجنونا..
- لا تقلقي لم افقد عقلي بعد..ولكن علي ان اتخذ خطوة ما الى الامام ولا انتظر لأراها تزف الى غيري يوما ما..
- ما الذي تفكر فيه بالضبط؟..
قال هشام بغموض: ستعرفين كل شيء في حينه..
وتسلل القلق والتوتر الى قلب فرح وهي تفكر فيما قد يفعله هشام.. لتكون وعد له وليست لسواه..
********
لم تتوقف الدموع من الانذراف من عيني ليلى ولو للحظة.. وهي تصطنع النوم
على فراشها.. ووسادتها قد اكتفت بدموعها.. ولكن عينيها لم تكتف بعد..
وجرحها لا يزال ينزف.. وهي تتذكر ما فعله عماد معها..وانه كان يخدعها طوال
الوقت لا اكثر..انها تحبه.. واذا جرحنا من نحب.. يكون جرحه الاكثر ايلاما
وعمقا.. ولا يلتئم الا عندما ننسى من نحب.. وكيف تنسى عماد؟.. عماد الذي
بات بحكم زوجها الآن.. وهذا يعني انها له.. ولكن من حقها ان تطلب
لاانفصال.. وتنهي الخطوبة.. اجل من حقها.. والا لماذا وضع الناس فترة
للخطوبة.. اليس لكي يعترف كلا الطرفين على الآخر و...
الانفصال؟؟.. هذا آخر ما تفكر فيه.. انها تحبه.. كيف تتركه .. لا تستطيع
.. ستنتزع روحها من جسدها لو انفصلا..وعماد ماذا عنه؟..هل يحبها؟.. آخر
كلماته التي قالها لها في لقائهما الأخير تثبت لها ذلك..اذا لم خدعها؟..
لم؟..
كانت قد تركت هاتفها على الوضع الصامت حتى لا تجيب على أي مكالملت من أي
احد.. وخصوصا عماد.. لا تستطيع ان تتحدث اليه بعد كل ما حدث.. لا تستطيع
..والتفتت الى حيث هاتفها الذي لم تتوقف الاضاءة عن شاشته منذ
ساعة..بالتأكيد هو عماد.. والا من يصر على الاتصال بها كل هذه الفترة..
ومن جانب آخر..شعر عماد بالعصبية والغضب وهو يرى انها ترفض الرد على أي من
مكالماته.. او رسائله القصيرة.. لو تفهم فقط.. لو تفهم..لما فعلت بي ذلك..
كيف يمكنها ان تفهم دون ان تمنحني فرصة للحديث او الدفاع عن نفسي.. فسرت
الامر كما تشاء.. ولم تقبل ان تستمع لما سأقول حتى ..تبا .. تبا.. ليتني
اخبرتها بالحقيقة منذ البداية..ولكني كنت اخشى ان افقدها.. يا الهي.. ماذا
افعل الآن؟..
شعر بالضيق يكتم على صدره.. واتصل هذه المرة بصديقه عمر..وقال هذا الاخير
عندما اجاب على اتصاله: اهلا عماد..من الغريب ان تتصل بي في وقت كهذا من
المساء..
قال عماد بجدية: ارغب بالتحدث اليك..
قال عمر بحيرة: عن ماذا بالضبط؟..
قال عماد في سرعة: ستعلم بكل شيء ان التقينا..
- حسنا..اين؟..
- مطعم العاصمة.. هل يناسبك؟..
قال عمر مبتسما: بالتأكيد يناسبني..ولكن اخبرني لم دائما تدعوني على هذا المطعم؟..
قال عماد مداعبا بابتسامة شاحبة:لانه الارخص ثمنا.. والآن الى اللقاء.. اراك هناك..
قال عمر بهدوء: يبدوا ان الامر مهم جدا..اشعر بانك متضايق جدا من امر ما..
صمت عماد ولم يعلق فقال عمر: حسنا يا عماد.. اراك هناك.. الى اللقاء..
اغلق عماد هاتفه..وانطلق في سرعة مغادرا المنزل..لينطلق بسيارته بعدها وهو
يشعر بالضيق والالم يعصر قلبه..وهو يخشى ان لا تفهم ليلى موقفه ابدا..
نعود الى ليلى.. التي اعتدلت في جلستها اخيرا وهي متأكدة ان النوم آخر ما
تفكر فيه.. ونظرت لا اراديا بعينيها المغرورقتان بالدموع الى ذلك الهاتف
..الذي توقفت شاشته عن الاضاءة ..وقررت اخيرا ان ترى من الذي كان يتصل
بها..
مسحت دموعها بانامل مرتجفة..والتقطت هاتفها لترى ان 30 مكالمة لم يتم الرد
عليها.. 25 منها من عماد.. اما الباقي فهي اما من معارفها او من
صديقاتها.. وهمست بصوت مرتجف متحدثة الى نفسها : ما الذي تريده مني
الآن؟.. بعد ان خدعتني ..بعد ان كذبت علي واوهمتني بشيء يخالف حقيقتك.. لم
اتصور يوما ان اخدع .. ومن من؟..من احب شخص الى قلبي..لقد مزقت احلامي
التي رسمتها يا عماد..حطمتها دون ان تنتبه ان ما فعلته قد مزقني وحطمني
انا قبل ان يمس تلك الاحلام..
ضمت رجليها الى صدرها وطوقتها بذراعيها.. وهي تواصل بكائها بألم وحرقة ..ودموعها لا تتوقف عن السيل على وجنتيها...
*********
دلف طارق الى القسم في سرعة وقال بابتسامة عريضة: لدي لكم خبر رائع.. لن يسمعه الا من يدفع اكثر..
والتفت الى أحمد ليقول بابتسامة: هه .. كم تدفع؟..
قال احمد مصطنعلا التفكير: هل تكفي خمس قطع نقدية؟..
قال طارق بسخرية: يا لك من كريم..
وقال وهو يلتفت الى نادية: وماذا عنك يا استاذة؟.. كم تدفعين؟..
ابتسمت قائلة: عشر قطع..
فكر قليلا ومن ثم قال: دعونا نرى الصحفية الاخيرة الموجودة هنا.. ربما تدفع الاكثر..
واردف وهو يلتفت الى وعد: كم تدفعين لتعلمي بهذا الخبر..
قالت وهي تهز كتفيها بلا اهتمام مصطنع: لا شيء..
قال طارق مبتسما: هل انت متأكدة؟.. خبر كهذا يساوي مليون قطع نقدية..
شعرت بالفضول وقالت:اريد ان اعلم ماذا هناك اولا.. ثم اقرر كم ادفع لخبرك هذا..
غمز بعينه وقال: اظن ان الخبر سيعجبك كثيرا..
قالها ومن ثم فرد صحيفة امامها على الصفحة الاولى.. وقال وهو يتطلع لها: هه.. ما رأيك؟..هل يستحق ام لا؟..
تطلعت الى الجريدة بغير تصديق .. ورفعت عينيها الى طارق بذهول وقالت باضطراب: هل ما اراه بالصفحة الاولى هو تقريري حقا؟؟..
اومأ برأسه وقال: اجل.. تقريرك انت يا وعد..لقد فعلتها واثبت للجميع انك صحفية ماهرة ورائعة..
قال كلمته الاخيرة بحنان فقالت وعد ودموع الفرحة تكاد تقفز من عينيها: هذا يعني...اني.. اني...
واردفت وهي تهتف بانفعال وفرحة: هذا يعني اني قد اصبحت صحفية بينكم اخيرا.. اخيــرا..هل تصدقون؟.. انا الآن صحفية مثلكم..
شعر طارق بالفرحة تتسلل الى قلبه.. وهو يراها سعيدة الى هذه الدرجة ..
سعادتها ذكرته بسعادة الطفل الصغير عندما يحصل على ما يريد.. وابتسم بحب
وهو يتطلع لها.. وسمع وعد تقول في تلك اللحظة: اتعلم؟.. خبرا كهذا يستحق
ما يفوق المليون قطعة نقدية..
ابتسم طارق وقال: فليكن.. هلمي.. امنحيني المبلغ..
قالت مبتسمة: لسوء الحظ .. لست املك ربع هذا المبلغ حتى..
قال مبتسما بحنان وهو يهمس لها قائلا بصوت لا يسمعه سواها: لا تهمني كنوز
العالم كله.. مادمت ارى هذه الابتسامة تزين شفتيك وتضئ وجهك..
ارتجف قلب وعد بين ضلوعها.. وشعرت بالحرارة تغزو جسدها.. وسيطر عليها
الارتباك بالرغم منها من كلماته ..وتسائل واحد خطر بذهنها..ترى ماذا يعني
بما قال؟.. وقالت متهربة من الموضوع: اخيرا اعترف رئيس التحرير بأن ما
اقوم به جيد ويستحق النشر..
قال احمد بابتسامة: صدقيني لو لم يفعل لوقفنا له كلنا بالمرصاد..
واردف وهو يتطلع الى طارق بخبث: اليس كذلك يا طارق؟..
تطلع البه طارق وقد فهم ما يقصد وقال متعمدا البرود وهو يجلس خلف مكتبه:
هذا يتوقف عليك انت.. فأنت الوحيد الذي ستخشى الوقوف في وجه رئيس التحرير..
تطلع اليه احمد باستنكار ومن ثم قال: انا يا طارق؟..
ضحكت وعد بمرح .. والتفت لها طارق وقال مبتسما: ما رأيك يا وعد اليس ما اقوله صحيحا؟..
تطلع لها احمد وقال وهو يرفع حاجبيه: بالتأكيد لا.. اليس كذلك يا وعد ؟..
تطلع له طارق بضيق.. فقال احمد وهو يتنحنح: اعني يا آنسة وعد..
ظهر شبح ابتسامة على شفتي وعد وقد لاحظت نظرات طارق المتضايقة..اهذا ما
ضايقه؟.. ان احمد قد قام بندائي بأسمي مجردا ؟.. اليس هو اول من بدأ
يناديني بهذه الصورة؟ .. قلم يبدوا رافضا لفكرة ان يناديني سواه باسمي
مجردا من ايه القاب؟ ..وقالت بعد وهلة من الصمت وهي تضع سبابتها اسفل
ذقنها: في الحقيقة انا صحفية وواجبي ان اقف مع الحق..لهذا فأنا اقول ان
الجميع هنا سيقفون معي ويساعدوني لو احتجت يوما لمساعدتهم..
ابتسم احمد وقال: جيد.. لقد اتخذت موقفا محايدا وارضتي جميع الاطراف..
قالت بابتسامة واسعة: وهذا هو عملي..
صمتت للحظات ومن ثم قالت بتردد: كيف حال ذراعك الآن يا استاذ طارق؟..
قال بابتسامة: بخير.. دعك من هذا الامر ولا تفكري فيه كثيرا.. انه مجرد جرح بسيط لا اكثر..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: ولكن بسببي لن تتمكن من الكتابة بشكل جيد الا بعد فترة من الوقت..
قال طارق وهو يرفع حاجبيه: من قال هذا؟..
قالت وعد وهي تشعر بتأنيب الضمير: ذراعك اليمنى لا تزال مصابة كيف ستتمكن
من تحريكها وهي كذلك؟ ..وحتى لو حاولت سيكون الامر صعبا عليك..
قال احمد مبتسما: من هذه الناحية لا تقلقي..
التفتت الى احمد وقالت: ماذا تعني؟..
ولما لم يجبها عادت لتلتفت الى طارق وقالت: ما الامر؟.. لست افهم شيئا..
قال طارق وهو يلوح بيده اليسرى الممسكة بالقلم: كل هذا الوقت ولم تعلمي بعد اني اقوم بالكتابة باستخدام بيدي اليسرى..
قالت بدهشة: احقا؟..لم انتبه من قبل..
قال طارق بهدوء:في العادة الناس يستخدمون ذراعهم اليمنى للهجوم واليسرى
للدفاع.. اما في حالتي فقد فعلت العكس.. لان ذراعي اليسرى هي الاكثر
استخداما لدي.. ولهذا ترين اني قد حميت صدري باستخدام ذراعي اليمنى لا
اليسرى..
قالت وعد وهي تومئ برأسها: لقد فهمت الآن..حتى عندما كنت تقود السيارة كان يبدوا شيئا عاديا لديك وانت تقودها بذراعك اليسرى..
قال بهدوء: لاني معتاد على ذلك..وعلى استخدام ذراعي اليسرى في القيادة دائما..
ران الصمت على المكان بعد عبارته الاخيرة..وقد عاد الجميع لممارسة
اعمالهم.. وسمعوا بعد فترة من الوقت طرقا على الباب.. وقال من يقف عنده:
الاستاذ طارق المدير يطلب رؤيتك..
زفر طارق بحدة.. ومن ثم نهض من مكانه مغادرا القسم.. وعينا وعد تتبعه....
********
جلس عماد خلف مكتبه وهو يتذكر حديثه بالامس مع عمر بالمطعم بعد ان شرح له
ما حدث بينه وبين ليلى..وظل عمر صامتا لفترة من الوقت.. قبل ان يقول:
سأكون صريحا معك يا عماد..انت المخطأ في كل ما حدث..
قال عماد وهو يحاول ان يبرر لعمر ما فعله: ولكني كنت احاول ان اقرب
العلاقة بيني وبينها بهذه الطريقة.. فكما اخبرتك.. كانت دائما تتهرب مني
لمجرد اني المدير.. ماذا ستفعل اذا لو علمت اني صاحب الشركة..
قال عمر وهو يهز رأسه: هذا ليس مبررا.. ان لم تكن ستعلم بهذا الامر سابقا
فستعلمه فيما بعد وكان عليك ان تدرك هذا..فبداية علاقتكما كانت يجب ان
تقوم على الصدق والثقة المتبادلة.. لا ان تخدعها في هويتك..اتعلم ماذا
فعلت الآن؟.. لقد فقدت ثقتها بك.. باتت تراك انسان مخادع وربما لم يحبها
يوما..
قال عماد وهو يكور قبضته بانفعال: اقسم بأني قد احببت ليلى بكل مشاعري..
اقسم بأنها الفتاة التي اتمناها زوجة لي.. اقسم بأني قد بت مهووسا بهذه
الفتاة.. وان فراقي لها ولو للحظات يجعلني اتلهف للقاءها.. اقسم على ذلك..
قال عمر بهدوء: لا داعي لهذا الانفعال.. انت تستطيع ان تصلح الامور وتجعلها تفهم وجهة نظرك بالامر..
قال عماد باستغراب: ماذا تعني بالضبط؟..اخبرتك انها ترفض الاستماع لي وحتى اتصالاتي ترفض الاجابة عليها..
قال عمر وهو يهز كتفيه: لها الحق في ذلك ولو كنت مكانها لقطعت علاقتي بك نهائيا..
قال عماد بحدة: اردتك ان تخفف عني لا ان تزيد الطين بلة..
قال عمر بتأنيب: هذه هي الحقيقة.. ام ان كلمة الحق تجرحك..
قال عماد وهو يضرب الطاولة بقبضته: ارجوك لم اعد احتمل اللوم.. اريد حلا لهذا الامر..
ابتسم عمر وقال: دائما انا من يحل مشاكلك العاطفية..
قال عماد مبتسما بشحوب: وهل لي من صديق سواك؟..
قال عمر وهو يهز رأسه بابتسام: لمصلحتك فقط..حسنا استمع الي سأخبرك بطريقة ربما تستطيع بها اصلاح ما حدث بينكما..
قال عماد بلهفة: وما هي؟..
قال عمر وهو يفكر: اخبرني اولا ماذا ستعطيني بالمقابل..
- يالك من شخص مادي.. الا يكفيك ان تساعد صديقك؟..
قال عمر بابتسامة: لا ابدا.. فالمرة الاولى كانت بدون مقابل..
تطلع له عماد باستخفاف وقال: ايكفيك لكمة في معدتك؟..
- لا شكرا لك..
قال عماد بحنق: قل ما عندك يا عمر.. فلست في مزاج يسمح لي بالمزاح..
قال عمر بهدوء: حسنا استمع الي.. انت صاحب الشركة ومديرها اليس كذلك؟..
قال عماد بضيق: ماهذا السؤال السخيف؟..
- دعني اكمل .. اعني انك المدير بالشركة.. الآمر الناهي.. وهي موظفة لديك ..
قال عماد باستغراب: حسنا اعلم ذلك.. وبعد؟..
تطلع له عمر بصمت وفي عيناه بريق مكر..فقال عماد وقد فهم ما يعنيه اخيرا: لقد فهمت .. ولكن هل تتوقع ان تستمع الي في النهاية؟..
قال عمر مبتسما: اظن ذلك..
قال عماد بابتسامة: اشكرك كثيرا يا عمر.. لا اعلم ماذا كنت سأفعل بدونك..
قال عمر مداعبا: انا في الخدمة دائما وخاصة للمشاكل العاطفية..

تنهد عماد بعمق بعد ان استرجع ما حدث معه بالامس وهو يفكر.. ترى استنجح
فكرة عمر وتعود الى العلاقة كما كانت بينه وبين ليلى..ليس بيده سوى
المحاولة.. لقد حاول كثيرا الاتصال بها ولكنها ترفض حتى الاجابة
عليه..انها ترفض ان تمنحه حتى فرصة ليدافع بها عن نفسه..
وضغط على زر الاتصال بين مكتبه ومكتب سكرتيرته وقال: اطلبي من موظفة
الحسابات ليلى بالقدوم الى مكتبي واحضار ملفات ميزانية الشركة لهذا العام..
اجابته السكرتيرة قائلة: امرك يا سيد عماد.. اتأمر بأي شيء آخر..
- لا شكرا..
قالها وانهى الاتصال بينه وبين السكرتيرة.. واسند رأسه بتعب الى مسند
المقعد.. لم يحظى في الليلة الماضية سوى بساعة واحدة ارتاح فيها.. طوال
الوقت كان يفكر بما آلت اليه علاقته بليلى بعد تلك العلاقة الجميلة التي
كانت تجمعهما..ليلى الآن تظن بأنه مخادع ..كاذب..حتى حبه لها تظن انه كذبة
..ماذا يستطيع ان يفعل ليصلح علاقته بها.. لا شيء سوى الحل الذي عرضه عليه
عمر..
ومن جانب آخر.. ليلى التي كانت تحاول ان تنغمس بالعمل لتبعد نفسها وعقلها
عن التفكير بعماد.. تحاول ان تفعل أي شيء .. حتى لا يتسلل الى ذهنها
ويسيطر عليه.. كانت تشعر بالقهر وتكاد دموعها تقفز من عينيها في اية لحظة
..ولكنها قاومت هذا الاحساس حتى لا ينتبه لها احد و...
(ليلى.. ماذا بك؟..)
صوت زميلتها جعلها تفيق من انغماسها بالعمل..ورفعت رأسها قائلة بتعب: ماذا هناك؟..
ليلى ايضا لم تستطع النوم الليلة الماضية الا من نصف ساعة او ربما اقل..واجابتها زميلتها قائلة: ماذا بك؟.. انا اناديك منذ فترة..
قالت ليلى وهي تتنهد: لم انتبه لك معذرة..
قالت زميلتها مبتسمة: بل انت في عالم آخر تماما..
لم تجبها ليلى وظلت صامتة..لا تعلم بم تعلق.. تخبرها انها في عالم من
الآلام والمرارة والعذاب..تخبرها بان لشخص الذي احبته وارتبطت به قد
خدعها..
انطلق رنين هاتف المكتب بالمكان فجأة ليقطع ذلك الصمت الذي غلف المكان
لعدة دقائق.. فأجابت عليه احدى الموظفات هناك قائلة: الو.. قسم الحسابات
معك..
واردفت وهي تستمع الى الطرف الآخر باهتمام: حسنا..ستأتي في الحال..الى اللقاء..
اغلقت الهاتف وتطلعت الى ليلى قائلة: المدير يطلب الملفات المتعلقة بميزانية الشركة لهذا العام.. خذيها اليه يا ليلى..
زفرت ليلى بتعب وقالت: حسنا سآخذها اليه في....
بترت عبارتها وكأنها استوعبت هذا الامر لتوها.. تأخذ الملفات لمن؟..
للمدير؟..الذي هو عماد خطيبها.. تذهب اليه وتتحدث اليه.. وبهذا ستضطر
لمواجهته.. لا ليست لديها القدرة على مواجهته الآن..يجب ان ترفض.. ان...
وقالت وهي تهز رأسها نفيا: معذرة ولكني اشعر بالتعب ..فلتذهب أي موظفة اخرى بدلاً مني..
قالت زميلتها بهدوء: انه يطلبك بالاسم..
اتسعت عينا ليلى باستنكار ودهشة وقالت بانفعال: ماذا؟؟..
وكأنها تنبهت الى انفعالها.. فخفضت صوتها قائلة: اعني لا استطيع الذهاب.. انا اشعر بالتعب و...
قاطعتها زميلتها قائلة: ولكني اخبرته انك قادمة..ثم لماذا ترفضين الذهاب اليه؟.. هل هو الخجل يا ترى؟.. ام انكما متشاجران؟؟..
انتفضت ليلى اثر عبارة زميلتها الاخيرة وقالت نافية: كلا ابدا لا هذا ولا ذاك..
- اذا لم ترفضين الـ...
جاء دور ليلى لتقاطعها قائلة: لانني متعبة لا غير.. ولكن لاثبت لك انه لا شيء مما قلته صحيح.. سآخذها اليه الآن..
قالتها والتقطت عدد من الملفات وهي تمثل اللامبالاة.. مع ان دقات قلبها
تنبض بعنف شديد.. وارتباكها قد سيطر على كيانها كله .. حتى ان اناملها
بدأت بالارتجاف ..وازدردت لعابها بصعوبة في محاولة منها للسيطرة على
توترها .. وسارت بخطوات بطيئة بعض الشي مغادرة القسم..حاولت السيطرة على
ارتباكها وهي تبعد خصلات شعرها خلف اذنها..وحاولت قدر الامكان الابطاء من
حركتها.. وكأنها لن تصل الى مكتب عماد لو فعلت ذلك..
ووجدت نفسها أخيرا في مكتب سكرتيرته الخاصة التي قالت لها: هل من مساعدة اقدمها لك يا آنسة؟..
قالت ليلى بارتباك وهي تزيح خصلات شعرها خلف اذنها مرة اخرى بتوتر: انا ليلى .. موظفة الحسابات.. وقد.. احضرت الملفات..كما...
تنهدت وهي تحاول تمالك نفسها لتكمل .. ولكن السكرتيرة قالت في سرعة: يمكنك
الدخول يا آنسة.. لقد طلب مني السيد عماد ادخالك على الفور..
ازدردت ليلى لعابها.. انه يتعمد ذلك.. يتعمد اللقاء بها..هذا اللقاء الذي
تتحاشاه.. طلبها بالاسم.. والآن يتعجل دخولها اليه.. وقالت متحدثة الى
السكرتيرة: الا يمكنك ان تعطيه الملفات بدلا مني؟.. فلدي من العمل الكثير..
قالت السكرتيرة باعتذار: معذرة يا آنسة.. لقد طلب ان تسلميه الملفات بنفسك.. وليس أي موظفة سواك..
وهاهي ذي نقطة ثالثة تثبت لها الامر.. وعقدت حاجبيها بغتة وقالت متحدثة
الى نفسها مصطنعة التحدي والقوة: (ومم اخشى؟.. سأمنحه الملفات وأخرج.. كأي
موظفة اخرى.. ماذا يستطيع ان يفعل بي حتى اخشى لقاءه.. لاشيء.. ثم انني
مرتبطة به..اجل سأدخل ليس هناك ما اخشاه.. لست بالجبانة ابدا..)
وتوجهت الى حيث باب مكتبه لتطرق الباب وبدون ان تسمع حتى صوته يدعوها
للدخول دلفت الى الداخل.. بخطوات حاولت قدر المستطاع ان تكون هادئة....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:41 am

* الجزء التاسع والعشرون*
(هل تحبيني يا حلم حياتي؟)


توجهت ليلى الى حيث باب مكتب عماد لتطرق الباب وبدون ان تسمع حتى صوته
يدعوها للدخول دلفت الى الداخل.. بخطوات حاولت قدر المستطاع ان تكون
هادئة..
وتبخر تحديها بغتة كله في الهواء .. وهي تتطلع الى عماد الذي كان مغمض
العينين ويبدوا عليه التعب وهو يعقد حاجبيه بذلك النحو ويقطب جبينه
..واحست بالشفقة تجاهه.. انه يبدوا متعبا للغاية.. ترى أبسببي انا وبسبب
ما حدث بيننا ام لسبب آخر؟..تطلعت اليه بعطف ورق قلبها تجاهه.. ولكنها
تمسكت بكرامتها ووضعت الملفات على مكتبه دون ان تنطق بكلمة وكادت ان تنسحب
من المكان ظنا منها انه لم ينتبه الى وجودها حتى وهو متعب على هذا النحو
..لكنها لم تكن تدرك ان عماد قد استمع الى صوت فتح الباب والى خطواتها
التي تقترب من مكتبه.. وتسلل الى انفه عبيرها عندما اقتربت منه.. وحتى صوت
انفاسها المتوترة كانت مسموعة لديه..وهمس قائلا وهو يفتح عينيه ليوقفها:
انتظري قليلا يا ليلى ..
لم تتحرك من مكانها وقد سيطر عليها التوتر اثر فتح عينيه فجأة وقالت محاولة السيطرة على اضطرابها: اتطلب أي شيء آخر يا سيد عماد؟..
قال عماد وفي عينيه نظرة رجاء: اجل.. اطلب دقائق فقط لأشرح موقفي لك..
قالت ليلى ببرود: هذا لا يدخل نطاق عملك يا سيد عماد على ما اعتقد.. لهذا سأنصرف ..عن اذنك..
التفتت عنه لتنصرف.. ولكن كف عماد امسكت بمعصمها في سرعة وقال هو بارهاق:
ليلى لا تفعلي هذا بي.. انا متعب للغاية.. لم انم ليلة البارحة.. وانا
افكر بكل ما حدث .. لقد اخطأت واعترف بهذا.. ولكن امنحيني فرصة للدفاع عن
نفسي.. لا تصدري حكمك علي بدون الاستماع حتى لتبريراتي..
قالت ليلى وغصة مرارة تملأ حلقها: وماذا ستقول؟.. المزيد من الخداع..
المزيد من الاكاذيب.. لم اعد احتمل سماع المزيد منها.. اترك معصمي من فضلك
ودعني اغادر..
ترك عماد معصمها على عكس ما كانت تتوقع.. واحست لوهلة بالدهشة .. ولكنها
لم تستمر في دهشتها بل التفتت عنه لتغادر المكتب.. وما كادت تسير بضع
خطوات مبتعدة عنه حتى وجدته خلفها يمسك بذراعها بقوة وهو يقول: حسنا يا
ليلى.. لقد سأمت هذه اللعبة.. سينتهي الامر الآن.. وستستمعين الي شئت ام
ابيت..
رفعت ليلى حاجبيها باستنكار وقالت: هل اصبح الاستماع اليك امرا مفروضا علي ايضا؟..
قال بغضب: اجل .. عندما تتهميني بالخداع وبالاكاذيب ..عندما تتهميني بأن
عاطفتي لك ليست الا كذبا.. عندما ترفضين الاستماع الي والى تبريراتي.. فمن
حقي هنا ان ادافع عن نفسي.. وافرض عليك الاستماع الي والى ما سأقوله..
قالت ليلى بحدة: واذا رفضت الاستماع اليك.. ما الذي ستفعله؟..
اشتعلت عينا عماد غضبا..وقال وهو يتقدم منها: اجلسي..
لأول مرة منذ التقت به.. تراه ليلى غاضبا الى هذه الدرجة ..وتراجعت الى
الوراء لا اراديا.. فصاح بها قائلا بانفعال: قلت اجلسي..الا تسمعين؟..
اطاعته بخوف واستسلام.. وهي تجلس على الاريكة .. فقال عماد وهو يجلس بدوره
على المقعد: حسنا يا ليلى سنبدأ منذ بداية علاقتي بك..والتي كنت ترفضين
تقربي منك لمجرد اني مدير هذه الشركة..لقد وجدت وقتها ان فرصة ان اكون
قريبا منك تعادل الصفر بالمائة لو اخبرتك اني ابن صاحب هذه الشركة
ايضا..لهذا فضلت الصمت وعدم اخبارك بالامر .. حتى تكوني قريبة مني.. بدون
حواجز او معوقات تبعدنا عن بعضنا.. ليس ذنبي اني ولدت لأكون ابن صاحب هذه
الشركة.. وليس ذنبك ايضا انك ولدت لتكوني موظفة فيها.. ولكن ذنبنا نحن
الاثنين ان كنا سنجعل من هذه الامور التافهة عائقا بيننا..
وصمت عماد اخيرا ليلتقط انفاسه ويحاول السيطرة على عصبيته وتطلع الى ليلى
التي اغرورقت عيناها بالدموع بصمت ..وانتظرها حتى تتحدث ..وبعد دقيقة
كاملة من الصمت قالت ليلى بصوت مختنق: اتعتقد ان ما قلته يعد مبررا؟..
اتعتقد اني لم اكن لأعلم الامر عاجلا ام آجلا.. ام انها كذبة اخرى؟..
قال عماد بانفعال: اقسم على انها ليست كذبة.. اقسم على اني لم اكذب عليك
في يوم..سوى ما اخفيته عنك بشأن اني ابن مالك هذه الشركة..اقسم اني احبك
الى حد الجنون.. اقسم على اني لم اعد احتمل المزيد من مما تفعلين..
واردف وهو يمسك جبينه بتعب: ليلى ارجوك .. انسي هذا الامر.. اني اعترف
بخطأي وانه لم يكن يجب علي ان اخفي عنك امرا كهذا..ليلى حفلة الخطوبة لم
يبقى عليها سوى ايام .. لا اريد ان ...
بتر عبارته وهو يحاول التقاط انفاسه .. وليلى تراقبه بصمت ..وقالت بعد وهلة من الصمت: عماد.. اتعلم لماذا انفصل ابي عن امي؟..
تطلع اليها بغرابة ومن ثم اجابها بحيرة: لقد قلت ان ابيك كان عصبيا وكانت
هناك الكثير من المشاكل التي تنشأ بينه وبين والدتك بسبب هذه العصبية..
قالت ليلى بشرود: اجل كان هذا سبب من الاسباب ولكن السبب الرئيسي كان ان
ابي قد خدع امي في يوم.. ربما لم يقصد ذلك.. ولكن امي وقتها اصرت على
الانفصال.. ولهذا بات الخداع والكذب اكثر صفتين ابغضهما في هذا العالم..
لأنهما كانا سببا في هذا الانفصال بين والدي ووالدتي .. لهذا لا اريد ان
تتكرر المأساة..وان يجد طفل ما نفسه مشتتا بين والدين منفصلين ..
وسالت دموعها على خديها بلا استئذان.. فقال عماد بحنان : ليلى.. والديك
مجرد حالة في هذا العالم .. لا تجعليهما قاعدة لنا.. ربما كان الخداع صفة
بغيضة.. ولكن الحب امر رائع.. لهذا لا تدعي مثل هذا الامر.. يهدم هذا الحب
الذي بنيناه سويا..
دفنت وجهها بين كفيها واخذت تشهق شهقات مكتومة وهي تنتحب.. ووجدت عماد
يبعد كفيها عن وجهها بغتة فتطلعت اليه بغرابة .. فقال بهمس: ولم البكاء
الآن؟..
تطلعت اليه بصمت غير قادرة على التحدث.. فقال عماد وهو يمسح دموعها
بأنامله: هل كذبت عليك في يوم يا ليلى؟..هل فعلت يوما؟..هل تشكين في صدق
حبي لك؟..
هزت ليلى رأسها نفيا..فقال عماد برجاء: اذا لم كل هذه القسوة؟.. لم لا تنسين ما حدث ونبدأ صفحة جديدة؟..
- من الصعب على الانسان ان ينسى بسهولة..
- ولكن ليس امرا صعبا ان يسامح انسانا يحبه بجنون..
تطلعت اليه وقالت متسائلة: الن تتخلى عني يوما؟.. الن تتركني وتذهب كما فعل ابي؟..
قال عماد وهو يبتسم: والدك لم يتركك ابدا يا ليلى..انه موجود في أي وقت احتجت اليه..
واردف بحب: اما انا..فقلبي ينبض بأسمك ولأجلك.. لو فكرت يوما ان اتركك
فحينها سيتوقف هذا القلب عن النبض..وستجديني جثة هامدة جسدا بلا روح..
اسرعت ليلى تقول: لا تقل مثل هذا الكلام ارجوك.. كيف لي ان احيا في هذا العالم دون ان تكون الى جواري..
قال عماد بابتسامة: هل اعد هذا بداية للصفح عني؟..
قالت ليلى وهي تطرق برأسها وابتسامة باهتة ترتسم على شفتيها: انت قلتها.. كيف لي ان لا اسامح انسان يحبني وانا اعشقه..
تطلع لها عماد بحب والتقط كفها بين كفيه وقال وعيناه تنطقان بهذا الحب
الكبير:بل انا من يعشقك يا ليلى .. انت حلم حياتي ..الذي تحقق...
**********
رنين متصل في ذلك القسم من مبنى الصحيفة جعل وعد تترك ما في يدها وتلتقط هاتفها المحمول لتجيبه قائلة: اهلا هشام.. كيف حالك؟..
قال بسخرية: في اسوأ حال.. ماذا عنك؟.. انك في افضل حال اليس كذلك؟..
قالت بمرح: من قال هذا لدي تقرير كامل علي انجازه اليوم وهذا يعني عدم الحصول حتى لساعة واحدة للراحة..
قال بسخط وغيرة واضحة: ولكن اثنين من الرجال حولك ..ماذا تريدين اكثر من ذلك؟..
ادركت تلميحه وقالت وهي تضحك: حقا؟.. والشركة التي تعمل بها تمتلأ بالفتيات الجميلات ايضا.. ما المشكلة في الامر؟..
قال بحنق: المشكلة انك تعملين معهم في نفس القسم.. اما انا فأعمل مع مجموعة من الرجال في القسم و...
قاطعته وعد قائلة: ومهندسة واحدة لا تحاول الانكار..
صمت بغرابة لمعرفتها بهذا الامر .. وقال متسائلا: وكيف عرفت؟..
قالت وعد بمرح: شقيقتك العزيزة بالخدمة دائما..
قال بسخرية: هكذا اذا.. كل اخباري تصل اليك عن طريقها..
- اجل.. تماما كما اخباري تصل اليك عن طريقها ايضا..
واردفت بجدية: اعلم ان وراء اتصالك سببا ما.. فما هو؟..
قال هشام يهدوء: اجل انت محقة في هذا..
- اخبرني اذا لم اتصالك هذا؟...
قال بجدية وحزم: اريد ان اسألك سؤالا واريد اجابته بصراحة..
ادركت وعد ان سؤاله لن يكون عاديا .. وقالت بتردد: تفضل..
قال وهو يضغط على حروف كلماته: هل هناك شخص في حياتك؟..
اتسعت عينا وعد..ولم تقوى على الاجابة..ما الذي يدفعه ليسأل سؤالا كهذا
الآن..هل شعر بشيء ما ام ماذا؟..هل حبي لطارق الذي اخفيه بداخلي يبدوا
واضحا للعيان..ام اني لا استطيع اخفاء مشاعري؟..
وقال هشام وهو يعقد حاجبيه بغرابة اثر صمتها: الا زلت على الخط؟..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: بلى..
- لم تجيبي على سؤالي؟..
قالت بارتباك: وما الذي يدفعك لتسأل سؤالا كهذا؟..
قال هشام بصدق: احساس بداخلي يخبرني انك بعيدة عني بسبب شخص ما..هل انا محق؟..
الجمت الصدمة لسان وعد..لم تعلم بم تجيب او ماذا تقول.. انه يكاد يكشفها..
ما الذي يمكنها قوله؟..هل تصمت.. ام تكذب.. ام تخبره بالحقيقة؟.. لا
تعلم.. لا تعلم..
وحاولت النطق بأي شيء ولكنها ترددت وهي تحاول التفكير في عاقبة ما
ستقوله.. في حين قال هشام على الطرف الآخر : هل اعد صمتك هذا دليلا على
اني محق في كل ما قلته..
اسرعت تقول: هشام استمع الي.. سواء اكان هناك شخص في حياتي ام لا.. سنظل ابناء عم دائما..
فهم هشام من عبارتها انها تعني ان مهما حدث لن تقبل به زوجا لها ابدا..وقال بمرارة: حسنا هل لي ان اعلم السبب؟..
تنهدت وعد وقالت: هشام.. كم مرة علي ان اعيد عليك هذا الامر.. مشاعري لك
لا تتجاوز حدود الاخوة.. كيف لي ان اقبل بأخي ان يكون زوجا لي.. لقد
تربينا سويا يا هشام.. حتى طعامنا كنا نتقاسمه احيانا.. هل تظن انه من
السهل علي ان احول مشاعر الاخوة هذه لشخص اعتدت ان يكون اخي.. الى مشاعر
حب لزوجي؟..
قال هشام بعصبية: ولكني احبك.. لم لا تفهمين؟..
قالت وعد بحنق: وانا احب شخصا آخر .. هل ارتحت الآن؟..
لم تدرك وعد فداحة ما نطقت به الا بعد ان قالته..وادركت انه لا مجال
للتراجع وانها بهذا قد زادت الطين بله.. وقال هشام بسخرية مريرة: اذا فقد
كنت محقا منذ البداية..
قالت وعد في سرعة: لا تتسرع يا هشام.. لقد قلت ما قلته في لحظة انفعال و....
قاطعها قائلا بغضب: لن تخدعيني يا وعد.. اكثر شخص يفهمك في هذا العالم هو
انا..واعلم انك لا تقولين ما تخفينه الا في لحظات استفزازك او
انفعالك..وان ما قلتيه الآن هو الحقيقة بعينها.. اخبريني من هو؟.. ولم
فضلته علي؟..
ظلت صامتة دون ان تجيبه .. ثم من اين لها القوة بأن تجيبه ..وقال هو بغضب
اكبر: فليكن يا وعد..لا تتحدثي وابقي صامتة.. ولكني اقسم يا وعد.. اتسمعين
اقسم على اني لن اسمح لأي شخص بالزواج منك.. فمادمت لست لي.. فلن تكوني
لسواي..
كاد هشام ان يغلق الخط لأن وعد ظلت صامتة لفترة من الوقت دون ان تتحدث
ولكن هذه الاخيرة قالت بصوت منفعل ومختنق اخيرا: لم انت اناني يا هشام؟..
اخبرني لم؟..
قال هشام بدهشة: انا اناني يا وعد؟..
قالت بحدة وغصة تملأ حلقها: اجل انت.. لا تفكر الا بنفسك .. تقول انك
تحبني.. ومن يحب .. يحب الخير لحبيبته.. ماذا عني انا؟.. الم تفكر بي؟..
الم تفكر بمشاعري؟..الم تفكر اني ربما لا اكون سعيدة معك؟.. لا تفكر الا
في نفسك.. وان تحظى بمن تحب.. لكن انا لا اهمك.. ان كنت سأسعد معك.. ام
سأتألم..
قال هشام محاولا الدفاع عن نفسه على الرغم من الذهول الذي اصابه من كل ما
نطقت به وعد: وانت ايضا لم تفكري بي يا وعد.. لم تفكري ان حبك المتوجه
لشحص آخر سيقتلني..
قالت وعدواناملها ترتجف من شدة النفعال: لو لم اكن افكر بك.. لقبلت بشخص
يحبني على الرغم من اني لا ابادله العاطفة ..اتعلم ماذا سأكون انا عندها..
مجرد فتاة حقيرة استغلت مشاعر من تحب على الرغم من انها تفكر في شخص آخر..
قال هشام وهو يحاول السيطرة على غضبه: هل لي ان اعلم من هو على الاقل؟..
- ليس المهم ان تعرفه.. المهم ان تعرف.. انك شقيقي يا هشام.. وستظل كذلك دائما..
- ولكن يا وعد..انا...
قاطعته وعد قائلة لتنهي الحديث قبل ان تنفجر الدموع من عينيها: عن اذنك الآن يا هشام.. لدي من العمل الكثير.. الى اللقاء..
قالتها واغلقت الهاتف.. وهي تحاول السيطرة على انفعالها وارتجاف اناملها..
وربما من حسن حظ وعد ان طارق قد غادر المكتب منذ فترة ولم يعد اليه حتى
الآن.. والا لكان لاحظ كل شيء وكل تعابير وجهها الحزينة وما كان ليتركها
وشأنها وهي في هذه الحالة..ولسألها عشرات الاسألة ليعلم ما بها..ولكانت
حينها ستنفجر بالبكاء دون شك..وهي تكره ان يراها احد وهي على هذه الحالة..
وجدت نفسها تنهض من على المقعد وتقول بصوت متحشرج: عن اذنكم..
وتسرع بمغادرة القسم..في خطوات سريعة وهي تحاول ان تمنع تلك الدموع من
الانذراف على وجنتيها وعينا احمد ونادية تتبعانها في قلق .. ولم تنتبه في
سيرها بسبب عجلتها هذه فاصطدمت بعدد من الاشخاص في طريقها دون قصد منها
وفي كل مرة كانت تتمتم: المعذرة.. انا في عجلة من امري..
وبدت لها دورة المياه بعيدة جدا وكأنها لن تصلها ابدا.. وما ان لمحت
اللاقتة.. حتى اسرعت الى هناك ولم تلبث ان اصطدمت بشخص آخر وقالت: المعذرة
لم اقصد.. آسفة جدا..
وكادت ان تبتعدعنه لولا ان سمعته يقول وهو يهمس في اذنها: لا بأس... ولكن انتبهي مرة اخرى في طريقك..
التفتت لطارق لوهلة بدهشة ناطق العبارة السابقة.. ولكنها لم تلبث ان اشاحت
بوجهها عنه لتواصل طريقها..ولكن كف طارق كانت اسرع منها فأمسك بذراعها
بقلق وهو يقول: وعد .. ماذا بك؟..
هذا ما كانت تخشاه.. وقالت بصوت حاولت ان يبدوا طبيعيا: لا شيء ابدا..
عقد حاجبيه وقال: على من تكذبين.. عيناك تملأهما الدموع..
قالت وعد بصوت مختنق دون ان تلتفت لطارق حتى: ارجوك دعني اذهب..لم اعد احتمل..
افلت يدها وهو في غرابة مما اصابها ومن سر بكائها هذا.. فابستثناء انه قد
رآها تبكي مرة واحد بعد سماع قصته مع مايا.. لم يراها حزينة ابدا بعدها..
ترى ما الذي حدث؟.. ومن السبب في حزنها هذا..
ولم يجد امامه الا احمد ليشبع فضوله منه.. ويعلم سر حالة وعد.. وما ان دلف الى داخل القسم حتى قال: ما الار؟.. ماذا بها وعد؟..
تنهد احمد وقال: لست اعلم ولكني سمعت كلمات مبعثرة من حديثها على الهاتف..ثم اني لا احب التدخل في المشاكل الخاصة بشخص ما..
قال طارق وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه بجوار مكتب احمد: ولا انا.. ولكن يهمني معرفة سبب حزنها هذا..
قال احمد وهو يسأله بهدوء: ولم؟..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: لانها زميلة عزيزة وارغب في التخفيف عنها و...
قاطعه احمد بسخرية وقال: هل تظن اني قد صدقتك الآن؟..
واردف بهدوء: اعلم كم يهمك امرها ومعرفة سبب حزنها هذا.. ولهذا سأخبرك..
لم استمع الى ما قالته جيدا.. ولكن يبدوا الامر يخص شخص ما يود التقدم
لخطبتها وهي قد رفضته.. ويبدوا انه يصر على الزواج منها على الرغم من
رفضها له...
وكأن تيار كهربي قد صعق طارق.. فانتفض في مكانه وهو يقول: ماذا؟.. خطبة وشخص تقدم لخطبتها..
اومأ احمد برأسه وقال: اجل.. فقد سمعتها تقول له انه كأخ لها وانه سيظل كذلك..و...
صمت احمد بغتة وكأنه قد تذكر شيئا ما واردف وهو يعقد حاجبيه: اظن انه ابن
عمها الذي جاء لزيارتها قبل اسبوعين هنا.. فقد سمعتها تناديه باسمه..هل
تذكره؟..
اومأ طارق برأسه وقال ببرود: اجل اذكره.. واسمه هشام على ما اعتقد..
قال احمد وهو يتذكر: اظن انه هو .. ولكن لا اعلم سر رفضها له.. يبدوا انها تعتبره كأخ لها.. ويبدوا انه لم يتقبل مثل هذا الامر..
قال طارق وهو يتطلع الى احمد بحاجبين معقودين: حسنا اكمل..
قال احمد وهو يزفر بحدة: لقد كان صوتها في البداية منخفضا لهذا لم استمع
اليها جيدا.. ولكن في لحظة وجدتها تنفعل وتقول لابن عمها..انها تحب شخصا
آخر...
تطلع طارق اليه بدهشة وقد اتسعت عيناه.. وهو يحاول استيعاب ما قاله احمد
.. وقال بعد ان سيطر على دهشته: تحب شخصا آخر؟؟.. لم قالت هذا؟.. ومن هو
هذا الشخص؟؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: لم قالت هذا.. فلست اعلم.. ربما قالتها في لحظة
انفعال حتى تتخلص من اصرار ابن عمها على الزواج منها..وربما كانت تقول
الصدق.. اما بانسبة لمن هو...
صمت احمد للحظات ومن ثم اردف وهو يميل نحوه بخبث: فيمكنك ان تسألها بنفسك..
قال طارق باستنكار: ماذا تقول؟؟..اجننت؟؟..
- لا ليس بعد.. ولكن اظن انك انت من سيجن لو لم تعلم بحقيقة حبها لذاك الشخص ومن يكون..
قال طارق بحدة وهو ينهض من على المقعد: كف عن هذا الهراء..
غمز احمد بعينه وقال: اواثق انه هراء؟..
مط طارق شفتيه وابتعد الى حيث مكتبه وجلس خلفه ويهز قدمه بعصبية.. ما سر
بكاء وعد؟.. امعقول انه مجرد ان يتقدم شخص ما لخطبتها..لا.. يبدوا ان
الامر اكبر من ذلك..ثم من هو هذا الشخص الذي تحبه؟.. وهل حقا هي تحب؟..
وان كانت كذلك.. فمن يكون؟؟ ..من؟؟..
لو استطيع التحدث اليها الآن.. لو استطيع .. لعلمت منها الامر .. ولكن ..
من انا حتى تخبره بمشاكلها الشخصية.. مجرد زميل لها في العمل .. ليس له
الحق في التدخل فيما لا يعنيه ..ولكن.. العلاقة بيننا اكبر من ذلك.. اننا
اكثر من زملاء عمل .. ربما اصدقاء او... انها تفهم ما يتبادر بذهني قبل ان
اقوله.. وانا استطيع قراءة عينيها دون ان تفتح شفتيها..ترى هل هذا هو
الحب؟.. وهل انا من تحب؟.. هل انا هو؟؟..اريد ان اعلم..وعد اجيبيني
ارجوك.. هل تشعرين بالتوتر كلما التقت عينانا كما اشعر به انا تماما؟.. هل
تتمنين ان لا ينقضي الوقت سريعا عندما نكون معا كما اتمنى انا ذلك؟.. هل
تشعرين بالسعادة كلما رأيتني مقبلا على المكتب كما اشعر انا بها عندما
اراك تدلفين اليه؟..هل يشرد ذهنك بالتفكير بي طوال الوقت كما يحدث معي؟..
هل تشعرين بنفسك في عالم آخر عندما ترين الابتسامة على شفتي كما اشعر انا
بابتسامتك تسحرني؟ .. هل ترغمك عينانا كلما التقيتا على الغوص في بحر
الاخرى وتمنعك من الاشاحة بوجهك؟.. ارجوك اجيبيني يا وعد..هل تحبين شخصا
يراك الآن حلم حياته؟..هل تحبيني يا وعد كما احبك.. اجيبيني .. ارجوك..
وظلت افكاره تسبح في عقله .. دون ان تسبب له الا مزيدا من الحيرة.. واليأس من العثور على اجابة واحدة فحسب لأي من تساؤلاته..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:41 am

*********
قال عماد مداعبا وهو يفتح لليلى باب السيارة: تفضلي يا سمو الاميرة..
قالت ليلى مبتسمة وهي تهبط من السيارة: الن تكف عن حركاتك المسرحية هذه؟..
قال وهو يغمز لها بعينه: كلا وخصوصا معك..
واردف وهو يسير الى جوارها الى ذلك المطعم: هل يعجبك المكان؟..
اومأت برأسها وقالت: كثيرا..
وما ان دلفا الى الداخل واختارا احدى الطاولات.. حتى اسرع عماد يجذب لها مقعد وهو يهمس لها قائلا: تفضلي بالجلوس اميرتي..
التفتت له وقالت بابتسامة عذبة: الا ترى انك تبالغ في معاملتي اليوم كثيرا؟..
قال وهو يشير الى نفسه باستنكار مصطنع: انا ؟.. ابدا..
وهمس لها قائلا بخبث: انا ادللك فقط..
ابتسمت بخجل وجلست على المقعد..وقالت بارتباك: عماد..هذا يكفي..
قال وهو يميل برأسه لها بخبث: ماذا قلت؟..
قالت بانفعال وارتباكها قد وصل اقصاه: يكفي..
ضحك بمرح واعتدل في وقفته وقال: ليتك تستطيعين النظر الى وجهك الآن...
قالت باستغراب: لم ؟.. ما به وجهي؟..
- لقد اصبح في لون ثمرة الطماطم..
قالت باضطراب وانفاسها تتلاحق: اجل.. كله بسببك ..اذهب واجلس على مقعدك.. ام انك تفضل الوقوف خلفي هكذا..
قال مبتسما وهو يمسك ذقنه: لو كنت تريدين الصدق.. فأنا افضل الوقوف خلفك..
قالت بعصبية: عماد يكفي ارجوك الناس بدأت تتطلع الينا..
قال مبتسما بحنان: وما دخلهم بنا؟.. انا وخطيبتي احرار..
لم تستطع التحدث امام ابتسامته الحانية ..ولم تجد امامها سوى ان تطرق
برأسها خجلا.. فجذب له عماد المقعد الواجه لها وقال وهو يجلس عليه: يالك
من فتاة.. لم اكن ادرك من قبل انك خجولة الى هذه الدرجة..
قالها ورفع ذقنها بسبابته برقة.. فتطلعت اليه ليلى وقلبها يخفق
بشدة..وقالت بصوت متقطع: عماد.. فلتنادي النادل ..حتى نقوم بطلب ما نريد..
- الا ترين معي ان بدونه يصبح الوضع افضل؟..
قالت ليلى بصوت مرتجف وقد جف لعابها من حلقها اثر اضطرابها: عماد.. ماذا جرى لك اليوم؟..
قال عماد بابتسامة واسعة: اني سعيد.. لا بل في قمة السعادة. . انني احلق
فرحا.. ان كان هذا الوصف يوفي.. فمحبوبتي تجلس امامي ومعي وانا اتبادل
معها الاحاديث كما اشاء ..دون ان يمنعنا أي شخص..
توردت وجنتاها خجلا من كلماته لكنها لم تلبث ان ابتسمت قائلة: اظن انك مخطأ..
رفع حاجبيه باستغراب.. فتطلعت ليلى الى نقطة ما خلف عماد..والتفت عماد
بدوره ليرى ما تنظر اليه.. وتجهم وجهه للحظة وهو يستمع الى القادم وهو
يقول: ماذا تطلبان؟..
ابتسمت ليلى بمرح وهي ترى ملامح عماد المتجهمة في حن قال عماد بهدوء: كأسا عصير الفواكة من فضلك..
سأله النادل قائلا: هل تريد شيئا آخر ايضا؟..
- لا شكرا لك..
انصرف النادل بهدوء مغادرا في حين التفت عماد الى ليلى التي كانت تتطلع
اليه وعلى شفتيها ابتسامة مرحة. .فقال عماد: لم تخبريني.. هل يناسبك
الاسبوع القادم لحفل الخطبة؟..
اومأت ليلى برأسها بصمت.. فقال وابتسامة مرتسمة على شفتيه: جيد..حسنا اذا وماذا عن خطيبك؟.. هل يناسبك هو الآخر؟..
قالت ليلى مداعبة: ابدا.. افكر بتغييره..
قال عماد بغرور مصطنع: ومن اين لك ان تجدي شابا في مثل وسامتي وشخصي المميز؟ ..
قالت ليلى وفي صوتها رنة خجل: ولم انت واثق هكذا..
- لاني اثق بنفسي.. وادرك جيدا انه لايمكن لفتاة ان تقاوم سحري الخاص..
رقعت ليلى حاجبيها ومن ثم قالت بسخرية: هل بت تمارس العاب السحر؟..
ضحك عماد وقال: تقريبا..
وغمز بعينه مردفا: سحر من نوع خاص جدا..
قالها ومس كفها بانامله برقة.. مما جعل الرجفة تسري في جسدها كله.. وتطلعت اليه بحرج بالغ وقالت بهمس: اريد ان اسألك سؤالا؟..
قال وهو يعقد ذراعيه امام صدره: تفضلي..
ترددت ومن ثم قالت: هل انا اول حب في حياتك حقا؟..
صمت قليلا ومن ثم قال: لقد كنت معجب بفتاة قبلك ولكنها لم تكن تبادلني هذا
الاعجاب لهذا لم احاول ان اوضح لها اعجابي هذا.. وانتهى الامر معها منذ ان
عرفتك..
قالت بغيرة: هل يزعجك ان سألتك كيف تعرفت عليها؟..
قال بابتسامة : في الحقيقة لا اعلم.. لقد كانت اغلب الاحيان معي..
تطلعت له باستغراب فقال وابتسامته تتسع: انها ابنة عمتي..
عادت لتسأله وغيرتها تكبر بداخلها: وهل تراها كثيرا ؟..
ادرك من سؤالها انها تشعر بالغيرة تجاهه فقال بجدية مصطنعة: اجل كثيرا جدا.. وتأتي لزيارتي كثيرا..
عقدت حاجبيها وقالت بضيق: احقا؟..
رفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وقال: اجل لم الاستغراب؟..
قالت بحنق واضح: لا شيء.. لست مندهشة او مستغربة ابدا..
ابتسم وقال: لقد حدثتها عنك وباركت لي على الخطبة.. وتحمست لتراك..
صمتت ليلى وهي تشعر بالضيق .. هل هي الغيرة التي اخذت تنهش في قلبها ؟...
مع انه اكد لها ان الامر انتهى مع ابنة عمته..ام انها تشعر بهذا الضيق
لأنها ليست اول فتاة في حياته؟..صمتت وهي تبعثر نظراتها بعيدا عن عماد..
وتحاول ان تشغل تفكيرها بأي امر أخر..ورأت النادل بعدها يضع كأسي العصير
ومن ثم يتصرف مغادرا..
امسكت بكأسها بهدوء وكادت ان ترتشف منه لولا ان سمعت عماد يقول: ليلى..
تطلعت اليه بتساؤال وقالت: اجل..
قال بابتسامة ساحرة: احبك..
بهتت لوهلة ومن ثم لم تلبث الدماء ان تصاعدت الى وجنتيها ..وقالت بهمس: وانا كذلك..
غمز بعينه وقال: وانت كذلك ماذا؟..
تطلعت له وقالت بخجل: احبك..
قال عماد وهو يتطلع اليها بحنان: اتعلمين يا ليلى.. لقدكانت والدتي تصر
علي ان اتزوج.. وخصوصا واني بالتاسعة والعشرين من عمري الآن.. او يمكنك ان
تقولي اني على مشارف الثلاثين..ولم اتزوج بعد.. ولكني لم اكن ارغب بالزواج
الا من فتاة.. افهمها وتفهمني.. اعجب بها..تبادلني اعجابي.. اميل اليها..
وتبادلني مشاعري..باختصار كنت ارغب بالزواج من فتاة احبها..
قالت متسائلة بفضول: وماهي مواصفات فتاة احلامك؟..
قال وهو يتطلع لها: تستطعين ان تقولي انها تشبهك..فقد تمنيتها ان تكون ذات
قلب ابيض.. رقيقة..لا تخلو من المرح..تحب الناس..ذات شخصية قريبة من
شخصيتك...و..ذات ملامح رائعة الجمال مثلك..
واردف وهو يتطلع لها: لقد كانت هذه الفتاة مجرد حلم في حياتي.. ولكن ها انذا اراه امامي الآن..
واستطرد وهو يتطلع لها: وانت ماذا كانت مواصفاتك لفارس احلامك؟..
قالت وهي تستجمع افكارها: لقد تمنيته رجل بكل معنى الكلمة..ذا شخصية
قوية.. حازم ويأخذ حقه بيده..وفي الوقت ذاته.. تمنيته مرحا..طيبا
وحنونا..يرسم البسمة على شفتي لو تضايقت.. ويمسح بانامله دموعي لو بكيت..
واردفت مبتسمة: لقد توقعت في يوم اني لن اجد هذا الشاب الذي رسمته في
خيالي ابدا..ولكن المصادفات الذي جمعتني بك.. جعلتني اظن ان القدر يضعك
امامي متعمدا..وانك انت من تمنيت بشهامتك التي رأيتك عليها منذ اول لقاء
بيننا..
قال مبتسما: اذا فالاحلام تحقق..
قالت بابتسامة: يمكنك ان تقول هذا..وان احلامنا قد نستطيع تحقيقها بأيدينا لو اردنا ذلك..وخصوصا اذا كان اكبر حلم في حياتك..
قال بابتسامة هادئة: لعلك تعنين حلم حياتي الذي كنت اتمناه طوال عمري..والذي تحقق اخيرا..
قالت بخجل : ربما..
تطلع لها بنظرات تمتلأ بالحب وبادلته هي نظراتها الخجولة المتفرقة .. وها نحن ذا نرى ان حلم حياتهما قد تحقق اخيرا..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:42 am

*الجزء الثلاثون*
(أيكما اختار؟)


ما ان عادت وعد الى القسم مرة اخرى حتى اسرعت الى مكتبها لتجمع حاجياتها وقال احمد باستغراب: ستغادرين؟..
قالت دون ان تلتفت له وهي تواصل جمعها لحاجياتها: اجل..
سألتها احمد قائلا بهدوء: ولم؟؟..
ظلت صامتة دون ان تجيبه.. وكاد
طارق ان يكرر سؤال احمد لولا ان سمع وعد تجيب: اشعر بالصداع ولا استطيع
مواصلة العمل.. ولقد اخذت اذن بالخروج من العمل وقد اذن لي المدير بذلك..

قالت نادية بابتسامة هادئة: سلامتك..
ردت لها وعد ابتسامتها بابتسامة شاحبة وقالت وهي تستعد للمغادرة: اراكم بخير .. الى اللقاء..
قال طارق فجأة : اترغبين في ان اوصلك؟..تبدين متعبة..
هزت رأسها نفيا وقالت: كلا .. اشكرك..
ومن ثم لم تلبث ان غادرت
القسم.. ووجهها يحمل بوضوح آثار الحزن والارهاق النفسي على ملامحها..ماذا
تفعل في هذه المصيبة؟.. ومن اين جاءت لها؟..هشام.. آخر انسان توقعت ان
يسبب لها هذا الحزن الذي تشعر به الآن.. لم هو اناني هكذا؟..لم لا يفكر بي
وبمشاعري؟.. اشعر بالقهر.. بالغضب.. برغبة في البكاء..

ولكن الدموع قد جفت في مقلتيها
بعد بكائها المتواصل .. شعرت بقلبها ينعصر الما..ماذا تفعل؟.. او ماذا
سيفعل هشام الآن؟..لن استغرب ابدا لو انه ينتظرها في منزلها الآن..

وصلت في تلك اللحظة الى الطابق
الارضي.. وتنهدت تنهيدة قوية.. تحمل معها كل ما تخفيه في نفسها من ضيق
وحزن ..وتوجهت نحو سيارتها..وفتحت باب السيارة.. لتصعد اليها..وما ان
استقر بها المقام داخل السيارة..حتى انطلق رنين هاتفها المحمول..استغربت
لوهلة من ذا الذي يتصل بها الآن؟ ..ومن ثم التقطته وهي تتطلع الى شاشته..
وتجمدت يدها عليه .. فلم يكن المتصل سوى هشام.. ماذا يريد الآن؟ .. الم
يكفيه ما قاله؟..شعرت بالغضب يتفاقم داخلها.. ولكنها آثرت تجاهل رنين
هاتفها.. ولكنه ظل يرن باصرار غريب.. وأخيرا اجابته وعد وهي تقول بانفعال:
نعم ماذا تريد؟.. سوف تأتي الآن وتختطفني لتتزوجني رغما عني..

وعلى الرغم من الحزن الذي كان يكسوا وجه هشام الا انه قد ابتسم بشحوب وقال: فكرة لا بأس بها..
قالت بحدة: قل ماذا تريد.. وخلصني..
قال هشام بهدوء: اريد ان اتحدث معك بهدوء.. هل هذا ممكن؟..
- الم يكفيك كل ما قلته لي قبل قليل؟.. الم يكفيك؟..
قال هشام وهو يزدرد لعابه:
وعد.. قد ترين ان ما اقوله انانية.. ولكن من الصعب علي ان ارى من احب ترسل
مشاعرها لشخص آخر غيري..دون ان تتولدفي اعماقي الغيرة وافعل أي شيء لمنعها
من ذلك..

قالت بحنق: اقتلني حتى نرتاح نحن الاثنين.. لو كان هذا الحل يرضيك..
قال هشام بحدة: روحي فداك يا وعد.. اقتل من يمس شعرة واحدة من رأسك..كيف تقولين مثل هذا الكلام؟..
قالت وعد بعصبية: ارجوك يا هشام انا متعبة واريد المغادرة.. الى اللقاء..
قالتها واغلقت الهاتف دون ان
تنتظر منه جوابا.. هل يريد ان يصيبها بالجنون..ماذا يريدها ان تفعل له..
تحبه بالرغم منها.. أي جنون هذا...اشعلت المحرك بعصبية و...

وفجأة...
سمعت صوت طرقات على نافذة
سيارتها.. التفتت لترى ما الامر..ولم تلبث ان شهقت بقوة.. وهي تضع كفها
على فمها..وقالت بصوت قد بح من اثر المفاجأة: هشام!!!..

اشار لها هشام ان تفتح نافذتها.. ولكن اثر المفاجأة جعل عقلها يتوقف عن الاستيعاب.. فقالت بارتباك: ماذا؟..
قال وهو يرفع صوته: افتحي لنافذة..
ضغطت على زر النافذة وبدأت تنفتح تدريجيا.. وقالت وهي تتطلع الى هشام: ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قال هشام بهدوء: من قال اني غادرت مكاني اصلا..
عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت: ماذا تعني؟..
ابتسم بسخرية لنفسه وقال: انا
هنا من اول مكالمة اجريتها معك.. لقد جئت لاصطحابك معي او ربما للصعود
اليك.. وتوقعت ان حديثي معك بالهاتف سيثمر بنتيجة.. ولكنه زاد الامور سوءا
ليس الا.. وخصوصا بعد علمي ان هناك من احتل قلبك..ولهذا فضلت تركك لترتاحي
قليلا لاني اعلم ان حديثي معك كان قاسيا بعض الشيء على ان انتظرك حتى
ينتهي عملك في الصحيفة..

قالت باستغراب: امجنون انت؟.. تنتطرني لخمس ساعات كاملة..
مال نحوها هشام وقال: ربما اكون
مجنونا يا وعد..ولكن لاني احببتك..هذا ما اسميه الجنون.. ان تحب وتضحي بكل
شيء حتى بكرامتك دون ان يأبه بك الغير..

تنهدت بصمت ومن ثم قالت: والمطلوب مني الآن؟..
- لا شيء.. اردت ان اعتذر منك عن اسلوبي في الحديث معك هذا اليوم و...
بتر عبارته ومن ثم اردف بجدية: واردت ان اتحدث اليك في مكان ما على انفراد..
قالت بنفاذ صبر: اين مثلا؟..
صمت ومن ثم قال: ما رايك بشاطئ البحر؟..
قالت باستغراب: ولم البحر بالذات؟..
هز كتفيه ومن ثم قال: لا لشيء ولكن لدي ذكرى عزيزة فيه.. وذكراها يجلب على نفسي السرور..
قالت وهي تجاريه لتعرف الى اين يريد ان يصل: حسنا سأكون هناك.. هل يرضيك هذا؟..
لم يجبها وابتعد عنها ليدلف الى
سيارته وينطلق بها عابرا الشوارع وهو يفكر في وعد..بينما انطلقت وعد خلفه
وهي تشعر بالسخط.. لم علي ان افعل ما يريد؟..لم لا يستطيع ان يفهم اني احب
شخص آخر؟..هل حبه لي وصل الى مرحلة الجنون واللا استيعاب؟..حتى انه لا
يستطيع ان يفهم انه اخ لي لا اكثر .. يا الهي .. كيف استطيع ان
افهمه؟..ليتركني وشأني.. هشام صدقني لا اقصد جرح مشاعرك.. ولكني سأضطر لأن
اقول ما سأقوله لك..

رأت سيارة هشام امامها تتوقف
امام عند شاطئ البحر.. فتوقفت بدورها.. وتنهدت بقوة وهي تهبط من سيارتها..
ورأت هشام يشير لها بأن تقترب من حيث يقف..زفرت بملل واقتربت منه وقالت:
والآن ماذا؟..

تطلع الى الافق البعيد وقال وابتسامة شاردة ترتسم على شفتيه: اتذكرين متى جئتِ الى هنا آخر مرة؟..
عقدت وعد حاجبيها بتفكير عميق وهي تحاول التذكر ومن ثم قالت: اظن انه قبل خمس او ست سنوات..
قال هشام وهو مستمر في لهجته
الشاردة: قبل ست سنوات ونصف تقريبا..جئنا جميعا الى هذا المكان.. كرحلة
ليوم واحد للاستمتاع بالعطلة الصيفية..كان يوما لا ينسى ..اتذكرينه؟..

استغربت وعد سؤاله عن هذه
الذكريات التي حصلت قبل فترة طويلة ولكنها قالت: اجل اذكره.. ولكن بعض
المواقف التي حدثت فقط.. لا تنسى انه قد مر زمن طويل عليها..

قال وهو يلتفت لها ويبتسم: لقد
كنا انا وانت وفرح نسير بجوار البحر ونتبادل الاحاديث حين سمعتك تقولين:
يا لمياه البحر الرائعة.. اتمنى السباحة فيها..

اجبتك حينها بقولي: وما الذي يمنعك؟..
هززت كتفيك وقلت: لا اشعر بالرغبة بذلك الآن..
قاطعته وعد لسرده لما يقوله
وقالت مبتسمة: بلى لقد تذكرت الآن..يومها باغتني بحركة مفاجئة لتحملني بين
ذراعيك واسقط انا معك في البحر..وقد كانت المياه باردة جدا..

قال هشام وهو يبتسم : ولقد اخذتي تصرخين.. "انزلني يا ايها المجنون.. انزلني.."
ضحكت وعد بمرح وقالت : ولا زلت مجنونا الى يومنا هذا..
قال هشام وهو يلتفت عنها ويتطلع الى صخرة ما في عرض البحر: اعترف بهذا..
ران الصمت بعد عبارته.. ووعد
مستغربة حديثه عن ذكريات الامس.. لم يخبرها الآن بمثل تلك الذكريات؟ .. هل
يحاول ان يصل الى امر ما؟.. ام انه يريد ان يريها انه هو وهي معا منذ ان
كان صغارا..وقبل أي شخص آخر..

هزت رأسها بقلة حيلة.. والتفتت له منتظرة منه ان يتكلم .. ولكنه ظل صامتا..وسألته وعد قائلة: الام تنظر؟..
قال بهدوء: الى تلك الصخرة.. اترينها؟..
واشار الى حيث هي.. واردف هو
قائلا دون ان ينتظر جوابها: على الرغم من انها صخرة صلبة لا يمكن ان
يحطمها شيء بسهولة.. الا انها تتفتت تدريجيا بمجرد ضربات بسيطة من امواج
البحر..

استغربت وعد حديثه ورفعت
حاجبيها بحيرة .. فقال هشام مستطردا وهو يلتفت لها ولهجته تملأها المرارة
والألم: وهذا ما يحدث لقلبي الآن يا وعد.. على الرغم من صلابته الا اني
اشعر به يتحطم ويتفتت تدريجيا من مجرد كلمات قد لا تكوني تقصديها
احيانا..وتتعمدينها احيانا أخرى..

أخذت وعد نفسا عميقا ومن ثم قالت وهي تبعدخصلات شعرها المتطايرة عن جبينها: هشام.. الا تتمنى لي السعادة؟..
قال هشام في سرعة: ستكون سعادتك
معي يا وعد..لن ابخل عليك بشيء .. كل ما تطلبينه سيكون لك.. ستجدين معي كل
ما تريدين .. من حب وحنان..سأحاول قدر الامكان ان اسعدك..

قالت وعدبهدوء شديد: وما ادراك
ان سعادتي ستكون معك؟.. هل السعادة ستكون لو لبيت لي ما اطلب؟.. هل ستكون
سعادتي لو حصلت على ما اريد؟.. وحتى لو منحتني حبك وحنانك.. فأنا لا
استحقهما.. اتعلم لم؟.. لأني لا ابادلك هذه المشاعر..

قال هشام وهو يتطلع الى عينيها بحب وكأنه لم يسمع حرفا من مما قالته: لو طلبت منك الزواج الآن.. ماذا سيكون ردك؟..
اتسعت عينا وعد بصدمة وقالت محاولة ان تغير الموضوع: هشام ارجوك..لا تتـ...
قاطعها قائلا بجدية: ما هو ردك يا وعد؟..
ظلت وعد صامتة دون ان
تجيبه..ومر في هذه اللحظة في ذهنها..طيف طارق..هل تتخلى عنه بهذه السهولة
من اجل هشام؟..ماذا تفعل؟..هشام اكثر من اخ لها ولا تريد ان تفقده.. وطارق
فارس احلامها.. حلم حياتها الذي كانت تحلم به طويلا.. واخيرا وجدته
ورأته..ربما يكون طارق لا يبادلها المشاعر.. وتضيع حب اعز انسان على
قلبها.. برفضها لهشام..وربما يبادلها طارق المشاعر ..فتخسره الى الابد لو
قبلت بهشام.. هشام يعرض عليها الأمر الآن بجدية ومنتظرا جوابها.. ولهذا
عليها ان تفكر بالامر مليا..

ورفعت رأسها اخيرا الى هشام
الذي يتلهف لسماعها وهو خائف في الوقت ذاته من جوابها.. وسمعها تقول في
تلك اللحظة: امنحني وقتا للتفكير.. واعدك ان افكر بالامر بجدية..

ابتسم هشام بهدوء.. كونها تريد
مهلة للتفكير هذا لا يعني انها ترفضه رفضا قاطعا بل انها تفكر فيه على
الاقل.. وهناك امل في ان توافق على الارتباط به.. وقال مبتسما: خذي وقتك
بالتفكير.. ولكن لا تطيلي في اعطائي ردك.. فأنا انتظره على نار..

ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: لم انت متلهف هكذا؟..
قال بمداعبة وهو يدفع جبينها بسبابته: لاني اهوى تعذيبك ولن يكون هذا افضل من ان اقيدك بقيد الزواج..
قالت بمرح مصطنع: فهمت الآن سر اصرارك على الزواج بي.. ليس لأجلي اذا..
قال هشام بحنان: بل لاجلك.. وهل يوجد من هي اغلى منك عندي في هذا العالم؟..
قالت وعدمازحة: اجل والدتك..
قال بابتسامة: لكل منكما محبة خاصة في قلبي..
سألته وعد بغتة بجدية: فرضا لو وافقت يا هشام على الارتباط بك.. ستسمح لي ان اواصل عملي..اليس كذلك؟..
قال هشام مبتسما: اعلم كيف انت متعلقة بالصحافة ولن امنعك ابدا عما تحبين.. ما يهمني هي سعادتك.. وسعادتك فقط يا وعد..
ترددت عبارة هشام في ذهنها (لن
امنعك ابدا عما تحبين).. لو تعلم يا هشام انك الآن بطلبك هذا ستمنعني حقا
عمن احب.. ستمنعني عمن نبض له قلبي..و من تتلهف عيناي لرؤيته.. لو تعلم
ذلك يا هشام.. لو تعلم...

********
زفر طرق بحدة وهو يتطلع الى ساعة يده بملل.. فقال احمد مبتسما: ليس من عادتك انتظار وقت انتهاء العمل هكذا..
قال طارق ببرود: لقد مللت وارغب بالنغادرة..
قال احمد بخيث: وهذا الشعور لم لم يأتي لك عندما كانت وعد هنا؟.. لم شعرت به عندما غادرت فقط؟..
قال طارق بتلقائية: هي التي تضفي جو من المرح هنا طوال الوقت .. هذا القسم
كان هادئا صامتا لا يكاد يسمع منه صوت قبل ان تنضم اليه وتبعث فيه المرح ..
قال احمد بخبث اكبر: ليس المكتب فحسب.. هناك اشخاص ايضا كانوا بالكاد يتحدثون.. انطلق لسانهم فجأة منذ ان رأوا وعد..
قال طارق متعمدا عدم الاهتمام وكأنه لا يعلم شيئا عن الامر: ومن هم؟..
قال احمد وهو يبتسم بمكر: موجودون وفي هذا المكتب ايضا..
التفت له طارق وقال وفي عيناه نظرة خبث: لا تقل لي انه انت.. ما الذي
ستقوله خطيبتك عنك الآن؟.. لم تصدق وان ترى فتاة واحدة حتى تتغير حالك..
- انظر من منا الذي تغيرت احواله..
- عن نفسي لم تتغير احوالي مطلقا..
قال احمدبسخرية: اجل في هذا معك حق.. وخصوصا وانك قد بت تمزح.. والبرود الذي كان يلازمك اصبحنا لا نراه الا عندما تغادر وعد مكتب..
قال طارق ببرود متعمد: لم مصر على ان لي علاقة بها..
- لانها الحقيقة.. ولكن بصراحة لست اعلم الى الآن.. لماذا لم تعترف لها انت بالامر..
قال طارق بمكابرة: لان ليس هناك ما اعترف به اصلا..
قال احمد بتحدي: اتقسم على ذلك؟..
قال طارق متهربا من الموضوع: اخبرني كم الساعة الآن؟..
قال احمد مبتسما: يمكنك المغادرة الآن انها الساعة الثانية ظهرا..اخرج
سريعا حتى تتصل بها وتعرف احوالها بعد حزنها ذاك.. مع انه كان لا بد لك ان
تتصل من هنا.. فالجميع هنا يعرف بأمر ما تخفيه بقلبك..
"الجميع"..اظن انك مخطأ يا احمد.. مخطأ بشكل كبير.. لو كان الجميع يعلم
بهذا الامر.. لعلمت وعد بالحب الذي احمله لها في قلبي وبنظرات الحنان الذي
اخصها بها.. لعلمت بأنها قد سلبت تفكيري بأكمله .. لعلمت انها قد باتت نبض
قلبي..وحلم حياتي.. لا اعرف احيانا لم اشعر بأنها تريد ان تتهرب من كلماتي
ونظراتي لها.. ليس الامر بدافع الخجل.. هناك سبب اكبر بالتأكيد ..ليتني
اعرفه..
نهض من خلف مكتبه وجمع حاجياته في سرعة.. ليغادر القسم.. وما ان هم
بمغادرته حتى سمع احمد يهتف من خلفه: على الاقل ودعنا قبل ان تغادر.. ام
ان وعد قد انستك وجودنا تماما..
التفت له طارق وقال ببرود: ان كنت تريد اليوم ان تعود الى منزلك يا احمد دون كسور.. فالافضل لك ان تصمت..
ضحك احمد بقوة وقال : كل هذا من اجلها..
التفت عنه طارق بنفاذ صبر وهو يعلم ان النقاش سيستمر لو واصل في الحديث مع
احمد.. فقرر المغادرة ومن ثم مغادرة المبنى بأكمله..وما ان وصل الى سيارته
حتى احتل مقعد القيادة.. ووضع حاجياته على المقعد المجاور..ومن ثم لم يلبث
ان تراءت على شفتيه ابتسامة..وهو يتذكر كلمات احمد.. وكأنه يعلم بما افكر
فيه.. وكأنه قد ادرك اني كنت اعد الدقائق والثواني حتى ينتهي وقت العمل
واتصل بها..
اشعل محرك سيارته وانطلق بها وفي الوقت ذاته التقط هاتفه واتصل بوعد..
استمر الهاتف بالرنين لوقت طويل دون ان يجد جوابا له.. استغرب الامر..
ربما تكون نائمة او قد تركت هاتفها على الوضع الصامت..توقف عن الاتصال
للحظات ومن ثم لم يلبث ان عاود ذلك.. ولكن ما من مجيب...
على الطرف لاآخر كانت وعد تفكر بجدية بالطلب الذي عرضه عليها هشام.. ليس
الرفض امرا بهذه السهولة.. هشام رجل بكل معنى الكلمة.. يملك شخصية رائعة
تحلم بها كل فتاة.. مرح .. طيب القلب..ساخر.. مرهف المشاعر..هشام هو ابن
عمها وتعرفه قبل أي انسان آخر.. عاشت معه لسنين طوال..ويمكنها القول انها
عاشت معه العمر كله.. ولكن.. ليس الامر بيدها.. ليته كان كذلك .. لوافقت
عليه في الحال...
طيف طارق لا يزال يهاجمها بين فترة واخرى.. وكأن التفكير في هشام بات
خيانة لمن تحب..اشعر احيانا ان طارق مهتم لأمري.. اشعر في كلماته احيانا
الحنان.. ولكن هل هذا معناه انه يبادلني المشاعر.. لا تخدعي نفسك يا وعد..
انسيت من هي مايا.. حبه الاول الذي لن يبارح قلبه مطلقا.. هي التي تحتل
قلبه وعقله وليس أي فتاة سواها..
كانت قد تركتت هاتفها على الوضع الصامت حتى تفكر بهدوء دون ازعاج من أي
شخص.. تنهدت بقوة وهي تسند رأسها الى وسادتها وهي جالسة على فراشها
والوسادة خلف ظهرها.. ضمت رجليها الى صدرها وهي تشعر بالحيرة..
بالتردد..بم تجيبه ؟..بم؟.. لو كانت تشعر بأن طارق يبادلها مشاعرها لما
انتظرت لحظة واحدة حتى ترفض .. وايضا هشام يعلم بأنها تعتبره شقيق لها ومع
هذا مصر على الزواج منها.. وهذا يعني انه متمسك بها.. يا الهي ماذا افعل..
ارشدني..
وكأن الله قد استجاب لدعائها.. فالتفتت في تلك اللحظة الى هاتفها لتلتقطه
وتتصل على فرح.. ولكنها شاهدت 3 مكالمات لم يتم الرد عليها.. ضغطت على زر
الفتح.. وشعرت بالدهشة الكبيرة التي تتغلغل في نفسها وهي ترى ان جميع تلك
المكالمات كانت من طارق..ماذا يريد منها؟ ..لم يتصل؟.. ربما كان الامر
يتعلق بطلبها في الصحيفة.. اجل ربما هذا.. والا لم سيتصل بي؟...
هزت كتفيها بلامبالاة.. ولكن الهاتف في اللحظة ذاتها عاود رنينه المُلح
ولكن بصمت..رأت اسم طارق يضيء على شاشة هاتفها دون ان تقوى على الاجابة..
وازدردت لعابها بصعوبة.. ربما الصحيفة تطلبني.. سأجيبه..وارى ما
يريد..ضغطت على زر قبول المكالمة وقبل ان تنطق بحرف سمعته يقول بلهفة:
واخيرا!!..
قالت وعد بغرابة: ما الامر؟..هل تتحدث معي؟..
قال معاتبا: اجل.. ما هذا يا وعد؟..لم لا تجيبين؟.. لقد اتصلت بك قبل الآن ثلاث مرات ولم تجيبي..
قالت وعد وهي تلتقط نفسا عميقا: لقد تركت هاتفي على الوضع الصامت ولم
انتبه له.. اخبرني..ما الامر وما سر اتصالك؟ ..بالتأكيد الصحيفة تطلبني
الآن.. اليس كذلك؟..
قال طارق مبتسما: ليست الصحيفة هذه المرة بل انا..
لم تفهم ما يعنيه فظلت صامتة وعلامات الدهشة تغلف وجهها ..وكأنه قد قرأ
افكارها فقال: في الحقيقة يا وعد لقد اتصلت بك لاتحدث اليك في امر يخصك..
خفقات قلبها عادت لتنبض بشكل عنيف.. والحرارة انتشرت في جسدها كله.. مالذي يحدث لي؟.. قالت بصوت مبحوح ومرتبك: يخصني انا؟؟..
ابتسم وقال: اجل يخصك انت..
واردف بصوت هادئ: هل ستعتبرين اني اتدخل في امورك الخاصة لو اني سألتك عن سبب ضيقك وحزنك هذا اليوم؟..
ارتبكت وعد بشدة.. آخر شيء كانت تفكر فيه ان يكون قد اتصل بها للسؤال
عنها.. الا يعتبر هذا اهتماما زائدا منه؟..وقالت وعد بعد برهة من الصمت:
هل سيضايقك ان اخبرتك اني لا استطيع اجابة سؤالك هذا؟..
شعر طارق بالدهشة وقال بألم وهو يظن انها لا تريد منه ان يتدخل في امورها الشخصية: ولم؟..
وعد لم تكن تريد اخباره عن الامر اولا لأن هذا الامر يخصها وحدها ويندرج
تحت بند الخصوصية لديها ..وثانيا لان امرا كهذا لن يهمه كما كانت تظن.. ثم
لم تخبره؟ ..هل سيغير ذلك في الامرشيئا؟.. لا تظن..
واجابته بهدوء: لا اريد ازعاجك بمشاكلي..
قال طارق بجدية: وعد.. في يوم سألتيني عن سبب برودي الزائد وانا اجبتك..
وفتحت لك قلبي لاقول لك كل ما اخفيه.. واليوم جاء دورك لتفتحي لي قلبك
وتخبريني عما ضايقك..وتجيبي عن سؤالي..
ازدردت وعد لعابها وتوترت اطرافها.. لم لا اشعر بهذه الرجفة الا عندما
اسمع صوتك انت بالذات؟..وقالت بصوت متوتر: انه أمر يخصني واخشى...
لم تعرف بم تكمل فصمتت عن مواصلة الحديث فقال طارق بسخرية مريرة: لقد
فهمت.. الامر خاص بك وحدك ولا يحق لي معرفته..يبدوا انني قد تخطيت حدودي
معك وسألتك عن امر لا يخصني.. معذرة ولكني ظننت اننا على الاقل اصدقاء ..
يحق لكل منا معرفة مشاكل الآخر..
"اصدقاء".. اهذا ما استطعت ان تقوله.. اصدقاء فقط.. التقطت نفسا عميقا ومن ثم قالت : نعم نحن كذلك يا طارق .. وسنظل كذلك ..
قالت عبارتها الاخيرة بمرارة.. فقال طارق دون ان ينتبه الى المرارة التي غلفت صوتها:اذا هل يمكنني ان اعيد مطلبي؟..
تتنهدت وعد وقالت:فليكن سأخبرك بالامر.. واخبرني برأيك به..
قال طارق بتردد: انه يتعلق بأبن عمك اليس كذلك؟..
قالت وعد بذهول واستغراب: كيف عرفت؟؟..
قال بهدوء: لا يهم كيف عرفت..
رفعت حاجبيها باستغراب ومن ثم قالت وكأنها قد فهمت: انه احمد.. اليس كذلك؟..
صمت ولم يجبها فقالت بابتسامة باهتة: صمتك دليل على صحة ما قلته..
- دعي احمدوشأنه واخبريني بالامر..
تنهدت وعد بقوة ومن ثم قالت: ان اردت الصدق فهو يتعلق به بالفعل..
قال طارق بضيق لم يعرف سببه: ماذا عنه؟..
قالت وعد وهي تترقب ردة فعله: لقد اعترف لي قبل فترة من الوقت انه ..يحبني..
جاوبها صمت تام.. وانتظرت ردة فعل من طارق ولكنه لم يتحدث.. فقالت وهي تزدرد لعابها بتوتر: الا زلت على الخط يا طارق؟..
اجابها طارق ببرود: اجل..اكملي..
ظنت انها ستلمح في صوته ولو القليل من الغضب او الضيق ولكن بروده هذا لا
يعني الا امرا واحدا هو غير مهتم بالامر تماما..شعرت بخيبة الامل..وقالت
بعد برهة من الوقت وهي تتنهد: واليوم قد عرض علي الزواج بشكل جدي..
لم يتمكن طارق من اخفاء ضيقه هذه المرة وقال بضيق لا مبرر له: وبم اجبته؟..
تنهدت وعد مرة اخرى ومن ثم قالت: لقد طلبت منه وقت للتفكير بالامر.. فمهما كان الامر جدي ويجب ان افكر فيه باهتمام..
وايضا تفكرين بالامر يا وعد.. ماذا عني انا؟..هل سيكون علي ان اموت مرتين
وانا ارى حبي يندفن للمرة الثانية امام عيني؟..وقال بسخرية مريرة: ما
المحزن في الامر اذا؟ ..كان ينبغي عليك ان تحلقي من السعادة وانت تسمعين
عرض ابن عمك..
قالت وعد بمرارة متحدثة الى نفسها: ( تريدني ان افرح يا طارق.. تريدني ان
ابتسم.. وانا اوشك ان اقتل هذا الحب وهذا الحلم الذي كنت احلم به منذ
فترة.. منذ ان وقعت عيناي عليك وانا اشعر بهذا الشعور الذي يوتر اطرافي..
لقد سلبت قلبي يا طارق في لحظة دون ان اشعر..اتريدني بعد كل هذا ان ابتسم
لو قتلت نفسي يا طارق)..
وقالت بصوت مختنق: ليست المشكلة في عرضه.. بل في انا..
عقد طارق حاجبيه وقال: ماذا تعنين؟..
ماذا تريدني ان اقول لك؟.. اني احبك..ولهذا اشعر بالحيرة.. واشعر بالخوف
من ان ارفض هشام.. واكتشف في النهاية ان احلامي لا اساس لها..واراها تتحطم
امام ناظري ...التقطتت نفسا عميقا ومن ثم قالت ببطء: ان مشاعري نحو ابن
عمي لا تتعدى الاخوة وعندما صارحني بحبه اخبرته بهذه الحقيقة .. ولكنه
اليوم بما انه يعرض علي الزواج فأنا اجده قابل بفكرة أني لا ابادله
المشاعر..وهي يرضى الارتباط بي على ذلك..
قال طارق ببرود: ولهذا انت الآن تفكرين بالامر بجدية.. ماذا تنتظرين؟.. لم لا توافقين وتحققين له رغبته؟..
قالت وعد بصوت يغلب عليه الالم: ولكنها ليست رغبتي انا..
تنهد طارق هذه المرة.. وحاول ان يجمع افكاره المشتتة.. وكلماته التي اخذت
ترفض ان تعترف لوعد انه يحبها ولهذا هو يرفض بشدة ولو الحديث عن زواجها من
شخص آخر..حاول قدر المكان ليخفي الاهتمام من صوته.. ربما لان كبريائه
يمنعه من الاعتراف لفتاة لا يعلم حقيقة مشاعرها نحوه..
واخيرا تحدث ولكن هذه المرة باهتمام واضح: وعد استمعي الي..انت من سيتزوج
لا الآخرين.. لا تفكري بغيرك.. هذا زواج يا وعد.. بمعنى حياة طوال العمر..
شراكة ابدية بين الزوجين.. فكري بالامر بجدية..انت من سيتزوج يا وعد..فكري
بنفسك قبل غيرك.. قبل ان تندمي على اتخاذ خطوة ..تعيشين بعدها بألم الى
ابد الدهر..فكري جيدا يا وعد..
ظلت وعد صامتة.. وكل كلمة يقولها تعود لتردد في ذهنها.. (افكر بنفسي..انا
من سيتزوج..قد اندم لو اتخذت خطوة ما دون ان اقتنع بها.. انها حياة ابدية
.. انا من سيتزوج لا الآخرين)..
ران الصمت لوهلة بعد ما قاله ..وارتسمت ابتسامة على شفتي وعد بغتة وقالت
متحدثة الى طارق: شكرا لنصيحتك يا طارق.. لو تعلم ان كلامك هذا قد ازال
الكثير من حيرتي..
قال طارق بترقب ولهفة: ماذا تعنين بالضبط؟؟..
- سأفكر في الامر بجدية واتخذ الخطوة المناسبة..
ولم تستطع منع نفسها من ان تقول: هل لي بسؤال؟..
قال باستغراب من سؤالها: اجل تفضلي..
قالت بتردد: لم انت مهتم بأمري الى هذه الدرجة؟..
ابتسم طارق ابتسامة باهتة ومن ثم قال: اتسألين يا وعد..لم انا مهتم
بك..بفتاة قلبت كياني رأسا على عقب.. الم تهتمي انت بي ايضا في ذلك اليوم
عندما جرحت ذراعي؟..
اسرعت تقول: صحيح كيف حال ذراعك الآن؟..
ضحك طارق من سؤالها الذي لم يكن في مكانه وقال: بخير وترسل تحياتها لك..
احست وعد بالاحراج وقالت محاولة تغيير دفة الحديث: لقد كنت مهتمة بذراعك يومها لاني انا كنت سبب في اصابتها اولا وثانيا لانك...
صمتت ولم تكمل فقال طارق بابتسامة هادئة: لاني ماذا؟..
آثرت الصمت وهي لا تعلم ما تقول.. لم تشأ ان تقول أي شيء يفضح مشاعرها
لطارق.. وسمعت هذا الأخير يقول: سأخبرك يا وعد.. لم انا مهتم بك..ليس
لمجرد انك زميلة وصديقة عزيزة علي الامر يفوق هذا..
دقات قلب وعد اخذت تتسارع بشكل كبير ولسانها اصابه الشلل عن الحديث ..
لهفة الانتظار جعلتها تصمت دون ان تنطق بحرف.. وهي بشوق لسماع ما سيقول..
وقال اخيرا بصوت يملأه الحنان: وعد.. انا اشعر بأنك قريبة جدا مني..
اتسعت عينا وعد ولم تستطع الا ان تقول بذهول : انا؟؟؟..
وقبل ان يجيبها سمعت صوت طرقات على الباب تلاها صوت فرح وهي تقول: ايتها
السخيفة.. لم تغلقين عليك الباب.. افتحي اريد الدخول... ام تريدين من
الآنسة فرح ان تنتظر في الخارج..
هتفت وعد قائلة: لحظة واحدة يا فرح..
ثم عادت لتحادث طارق وقالت: معذرة يا طارق.. ولكن علي انهاء المكالمة الآن..
قال طارق بهدوء: كما تشائين.. اراك غدا..الى اللقاء..
قالت بابتسامة باهتة: الى اللقاء..
ونهضت من فوق فراشها وكلمات طارق الكثيرة تتردد في ذهنها متبعثرة.. وشعرت
بالضيق من قدوم فرح في هذه اللحظة ..على الاقل كانت ستفهم سبب قوله انها
قريبة منه .. ربما لسبب غير الذي تتصوره.. ربما يعني شيئا آخر تماما..
فتحت وعد الباب لها وهي تقول في حنق: ما الذي جاء بك الى هنا؟..
ضحكت فرح وقالت:اهكذا تستقبلين ابنة عمك الوحيدة؟..
قالت وعد بسخرية: وماذا احصل منك غير كل ضيق في حياتي..
قالت فرح بثقة: بل لولاي انا لعشت طوال عمرك في حالة من الملل..
ضحكت وعد وقالت: في هذا معك حق..
واردفت بخبث: والآن لم جئت الى هنا؟.. لا تقولي لزيارتي فليس من عادتك الزيارة في هذا الوقت من الظهيرة..
قالت فرح وهي تتنهد: في الحقيقة هناك سبب آخر..
واردفت بجدية: لقد حدثني هشام بالامس.. عن امر يفكر به وسيفعله حتى تكوني
له.. هل حدث بينك وبينه أي شيء يا وعد.. ام انه لا يزال ينتظر الـ...؟
قاطعتها وعد قائلة: شقيقك يطلب الزواج مني يا فرح..
اتسعت عينا فرح بصدمة وقالت: ماذا؟؟..
قالت وعد بهدوء: ما سمعته..انه يصر على الزواج بي..
قالت فرح بغرابة: ولكنه لم يخبر ايا منا بالموضوع.. والدي نفسه لا يعلم بالأمر..
- يريد معرفة رأيي اولا..حتى يمكنه التقدم رسميا لخطبتي وهو يشعر بالراحة من انني سأوافق ولن ارفضه..
قالت فرح بتردد: وقد رفضتي انت الامر.. اليس كذلك؟..
قالت وعد بهدوء: بل وعدته بالتفكير بالامر بجدية.. انه زواج يا فرح.. وعلي ان اتخذ خطوة حتى لا اندم في المستقبل..
قالت فرح بهدوء: مع اني اتمناك زوجة لاخي.. ولكني في الوقت ذاته اتمنى ان اراك سعيدة.. ايا ستختارين يا وعد.. سأكون معك في اختيارك..
قالت وعد بغموض وهي تتذكر كل ما حدث طوال هذا اليوم منذ اتصال هشام لها
صباحا وحتى كلمات طارق الاخيرة : ويبدوا انني قد اتخذت قراري يا فرح..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:43 am

*الجزء الواحد والثلاثون*
(الحب ..ام الكبرياء؟)


القت الشمس اشعتها الذهبية على تلك المساحة الشاسعة من الارض.. وغمرت
المدينة بأكملها بنورها الدافئ.. لتعلن صباح يوم جديد.. وتسلل ذلك الضوء
الى نافذة تلك الغرفة ليزعج عيني تلك الفتاة ويجعلها تفتح جفنيها وتسدلهما
مرة اخرى في ضيق وهي تقول: يا الهي لماذا انسى اغلاق الستائرجيدا في
المساء؟..
نهضت من فراشها وتطلعت الى الساعة.. لديها نصف ساعة لتنامها .. ولكن من
يأبه بالنوم الآن.. بعد ان استيقظت بالرغم منها ..وبعثرت خصلات شعرها
بهدوء.. وهي تحاول ترتيبه.. وقبل ان تنهض من فراشها.. سمت صوت رنين بنغمة
وصول رسالة قصيرة.. فالتقطته.. ولم تلبث ان ارتسمت على شفتيها ابتسامة
سعيدة وهي تقرأها: ((صباح الخير يا اجمل من بالوجود.. صباح الخيريا نسمة
بين الورود..صباح الخير والسرور..يا حبيبتي الغالية... يا مبعث الوجود..))
ابتسمت ليلى برفة وهي تتطلع الى رسالة عماد الرقيقة والحانية والتي تحمل
بين طياتها ذلك الحب الكبير الذي يمنلأ به قلبه تجاهها..واخذت تكتب وترسل
له رسالة قصيرة تقول: ((يكفيني انك ارسلت كلماتك.. واثبت لي اشواقك ..واني
قد بت جزء من احلامك..يكفيني انك قد بعثت لي كلمات حبك وحنانك..والتي تزيد
لهفتي للقياك وانتظارك..))
ونهضت من فراشها لتتوجه نحو دورة المياه وقد اختفى أي ملمح من ملامح النعاس والتعب على وجهها لتحل محله ابتسامة واسعة وسعيدة..
وعلى الطرف الآخر..ارتسمت ابتسامة حنان على شفتي عماد الذي كان يستعد
لمغادرة غرفته في تلك اللحظة ..واعاد هاتفه الى جيب سترته بعد ان قرأ
رسالتها له.. وهمس قائلا بحب: كم احبك..
وما ان غادر غرفته وهبط السلالم حتى استوقفه صوت والده وهو يقول: الى اين يا عماد؟..
التفت عماد الى والده وقال بابتسامة هادئة: الى الشركة..
قال والده بحيرة: لا يزال الوقت مبكرا يا بني..ان الشركة تبدأ اعمالها بعد النصف ساعة تقريبا..
قال عماد بابتسامة: لا بأس يا والدي..لقد استيقظت مبكرا واشعر بالنشاط.. لهذا سأذهب الى هناك على الفور..
قال والده بهدوء: كما تشاء يا بني..
ابتسم عماد بهدوء وغادر المنزل.. وهو يشعر بأن كل ما قاله لم يكن السبب
الحقيقي لذهابه مبكرا..انما هي..ليلى.. شوقه للقياها.. وشوقه لرؤيتها..
واصطحابها معه الى الشركة او الى أي مكان آخر.. المهم اه منذ ان فتح عينيه
هذا الصباح وهو يشعر بلهفة لرؤيتها على الرغم من ان آخر لقاء لهما كان
بالامس فحسب.. والتقط هاتفه المحمول في نفس اللحظة التي دلف فيها الى
السيارة.. واتصل بها وهو في شوق لسماع صوتها..وما ان اجابته قائلة: اهلا
عماد..
حتى قال بحنان: اهلا بك..كيف حال حبيبتي الغالية اليوم؟..
قالت بابتسامة خجلة: في خير حال..ماذا عنك؟..
قال بابتسامة وهو يشعل المحرك وينطلق بالسيارة: بخير..واشتقت اليك كثيرا..
قالت مبتسمة: لم يمضي على آخر لقاء لنا حتى اربع وعشرون ساعة..
قال وهو يهز كتفيه: وماذا يهم.. انا اشتاق اليك حتى وانت معي..
توردت وجنتاها بحمرة الخجل وقالت مغيرة دفة الحديث: ما سر اتصالك يا ترى في هذا الصباح الباكر؟..
قال بخبث وقد ادرك رغبتها في تغيير دفة الحديث: لسماع صوتك الرائع..
ازدادت سرعة نبضات قلبها وقالت بارتباك: اخبرني حقا لم اتصلت؟..
قال بمرح: اخبرتك الصدق حقا.. لسماع صوتك.. وايضا لاصطحابك معي..
قالت بحيرة: تعني الى الشركة؟..
قال بابتسامة:الى الشركة او الى أي مكان آخر.. فقط كوني جاهزة..
قالت في سرعة: حسنا اذا .. سأكون جاهزة ريثما تصل..الى اللقاء..
قال عماد بحنان: الى اللقاء يا اميرتي..
واغلق الخط وهو يواصل طريقه..متجها الى منزل ليلى.. وشوقه لها يتضاعف..
*********
دلفت وعد الى القسم الرئيسي بالصحيفة وقالت بمرح يبدوا جليا على وجهها: صباح الخير جميعا..
ابتسم احمد وهو يتطلع اليها قائلا: صباح الخير.. من الغريب ان تغادرينا
بالامس وانت حزينة.. وتحضري اليوم وانت تبدين في حالة من المرح والسعادة..
نقلت عينياها الى طارق على الفور وقالت مبتسمة: وما الغريب في الامر.. هذه هي الحياة.. يوم سعيد ويوم حزين..
منحها طارق ابتسامة تحمل في طياتها الكثير من الحنان وقال لها: صباح الخير يا وعد..
واردف بهدوء: وانا معك في ما قلته..
ومن طرف آخر قالت نادية وهي تراها تجلس خلف مكتبها: صباح الخير يا وعد.. لقد قلقت عليك حقا.. بسبب حزنك المفاجئ بالامس.. ماذا حدث؟..
لوحت وعد بكفها وقالت بابتسامة: لا شيء.. مجرد مشاكل اعتيادية..
اما احمد فقد قال بخبث متحدثا الى طارق: تقول انك معها في ما قالته.. وما الغريب في هذا؟..فمنذ متى كنت ضدها..
التفتت له وعد واجابته هذه المرة بابتسامة مرحة: كثيرا ما كان ضدي وخصوصا في الايام الاولى من استلام وظيفتي هنا..
قال احمد بمكر: هذا كان في السابق عندما لم يكن يعرفك جيدا .. اما الآن....
قاطعه طارق قائلا وهو يرفع حاجبيه: اما الآن.. فعليك ان تصمت وتعمل بجد اكثر..
التفتت وعد الى طارق.. وقد استغربت منعه احمد من اتمام عبارته.. ربما شعر
مع عبارة احمد انه يسخر منه او شيئا من هذا القبيل.. لم تهتم وهي تجلس خلف
مكتبها وتخرج من حقيبتها ورقة كانت عليها كلمات من الواضح انها كتبت بسرعة
ودون ترتيب.. فاعادت كتابتها فوق احد الاوراق بشكل منظم..
اما طارق فقد التقط من درج مكتبه ورقة مجعدة قد بات من الواضح عليها ان من
كتبها كان يرغب في التخلص منها.. وأخذت عينا طارق تلتهمان كلمات تلك
الورقة وابتسامة هادئة ترتسم على شفتيه.. ومن ثم لم يلبث ان تطلع الى وعد
وهو يعيدها الى درج مكتبه..
وران الهدوء على القسم كله.. قبل ان يقطعه صوت رنين هاتف القسم الذي ازعج
الجميع وتركهم يتركون ما بيدهم..والتقط طارق سماعة الهاتف ليجيبها قائلا:
قسم الصفحة الرئيسية .. من المتحدث؟..
استمع الى صوت محدثه باهتمام ومن ثم لم يلبث ان قال: حسنا في الحال يا استاذ نادر..
واغلق سماعة الهاتف .. ليتجه الى مكتبه ويجلس خلفه ومن ثم يلتقط عدة اوراق ونادى وعد قائلا: وعد احضري مقعدا وتعالي هنا..
رفعت حاجبيها وقالت: ولم؟..
قال بهدوء: تعالي وستعرفين كل شيء..
نهضت من خلف مكتبها وجذبت لها مقعدا لتجلس بجوار مكتب طارق ومن ثم قالت: ما الأمر؟..
التفت لها طارق وقال: لقد طلب الاستاذ نادر ان نجمع بعض المعلومات اللازمة
عن احد المسئولين بالبلاد.. وبعدها سنذهب لعمل لقاء صحفي معه..
اومأت برأسها قائلة: حسنا.. امنحني الاسم فقط..
قال بهدوء: نبيل سالم..
ومن ثم اعتدل في جلسته ليواجه جهاز الحاسوب وقال: سأبحث عن أي معلومات تتعلق عنه في شبكة الانترنت.. اما انت سجلي كل ماامليه اليك..
سألته وهي تعقد حاجبيها بغرابة: ولم لا تقوم بطباعة ما نريد من معلومات؟..
- لسنا نحتاج الا لمجموعة من المعلومات البسيطة والمتفرقة..
اومأت برأسها مرة اخرى وقالت: فليكن..
اخذ يلقي على مسامعها عبارات متفرقة.. ما بين اعمال هذا المسئول..وما بين
امور تتعلق بمنصبه وعلاقاته الخارجية.. واخيرا قال طارق بهدوء: اظن ان هذه
المعلومات تكفي..
تطلعت وعد الى الورقة التي امتلأت تقريبا بمعلومات عن ذلك المسئول وتمتمت موافقة: اجل .. اظن ذلك..
استدار لها طارق وقال وهو يمد لها كفه: امنحيني الورقة اذا حتى ارى ما كتبته..
منحته اياها..واخذ يقرأها هو باهتمام.. ومن ثم لم يلبث ان وضعها بدرج
مكتبه وقال: حسنا سأذهب لأتحدث الى الاستاذ نادر بشأن اللقاء وان كان قد
اخذ لنا موعدا مع المسئول ام لا.. وبعدها سوف نغادر نحن لعمل اللقاء..
قالت وعد في لهفة لم تتمكن من اخفائها: تعني اننا سنكون معافي هذا اللقاء..
ارتسمت ابتسامة حانية وقال: اجل.. فيم كان عملنا سويا اذا؟..
قالت بتوتر بالرغم منها من ابتسامته الحانية: ظننت انك اردت مساعدتي لا اكثر..
تطلع اليها لبرهة من الوقت ومن ثم قال: انتظريني لدقائق.. سأعود لنغادر سويا..
ابتسمت وهي تراه يغادر واسرعت هي تعد اوراقها وآلة التصوير بالاضافة الى
جهاز التسجيل..واستغرق منها هذا وقتا قبل ان تنتبه الى طارق الذي كان
واقفا عند باب القسم وقال: هيا يا وعد سنذهب ..الم تقومي بتجهيز اشيائك
بعد؟..
اسرعت تقول: في الحال..
قال وهو يخرج خارج القسم: اسرعي سأنتظرك في....
بتر عبارته وكأنه تنبه الى امر هام ومن ثم قال: لقد نسيت اخذ الورقة..احضريها يا وعد..
فهمت انه يعني الورقة التي قد جمعا فيها المعلومات عن المسئول.. فاتجهت الى مكتبه وقالت متسائلة: في أي درج وضعتها؟..
قال دون ان يلتفت لها وهو يتطلع الى ساعته: الاول..
اسرعت بفتح الدرج والتقاط الورقة المنشودة ...ولكن ...ورقة أخرى استرعت
انتباهها..فتأملتها وهي تشعر بأنها مألوفة لها .. خصوصا وهي مجعدة بنحو
غريب وكأنها مهملة .. ووجدت فضولها يجبرها على مد يدها والتقاط الورقة..
لمعرفة ما بها.. وعن سر احتفاظ طارق لورقة مجعدة مثلها.. فضت الورقة وسقطت
عيناها على اول الحروف...
في اللحظة ذاتها رفع طارق رأسه اليها وقال بضجر: الى متى سأنتظر يا وعد؟.. كل هذا الوقت لاحضار تلك الـ....
بتر طارق عبارته بغتة وهو يلمح عينا وعد التي تنظر اليه بصدمة وغضب..وادرك
على الفور سر نظرتها هذه عندما وقع بصره على الورقة التي في يدها..ووجد
نفسه يقول في توتر: سأشرح لك الامر..
اما وعد فلم تستمع الى عبارته..لقد ظلت تتطلع الى طارق بعينان تملأهما
الصدمة..لقد كان يحتفظ بكلماتها طوال تلك المدة.. من اين حصل عليها؟..
وكيف يمنح لنفسه الحق التعدي على خصوصيتها وقراءة اوراقها الشخصية..لقد
علم من هذه الورقة بمشاعرها التي تريد ان تخفيها منذ زمن عنه.. لهذا كان
يخصها بذلك الحنان .. لهذا اخبرها بقصته مع مايا.. لم يفعل كل هذا الا
عندما قرأ كلمات الاهتمام التي عبرت عنها الخاطرة..لقد تقصد بكل تأكيد
الاطلاع عليها.. واحتفظ بها.. هل اهتمامه بي شفقة اذا على مشاعري نحوه؟..
لم يكن عقل وعد يستطيع التفكير في تلك اللحظة.. ويجعلها ترى الامر بوضوح
اكبر..وان احتفاظ طارق بالورقة لا تعني الا انه ييريد ان تبقى كلماتها معه
دائما.. لم تكن ترى انها فعلت مثل ما فعله طارق بالسماح لفضولها لالتقاط
الورقة من درجه ..لم تكن ترى لحظتها سوى ان طارق قد اقتحم خصوصيتها
ومشاعرها بغير حق.. وانه قد كان يشفق عليها باهتمامه ليس الا.. ووجدت
نفسها تهتف بغضب: كيف تجرؤ على التدخل في خصوصياتي؟..
قال طارق في سرعة: سأشرح لك الامر كله يا وعد..
قالت في حدة دون ان تنتبه الى احمد ونادية الذي ادهشهما هذا الشجار بينهما
والذي لم يعرفا سببه: لهذا كنت تهتم لأمري اذا ..لانك كنت تعلم انك قد
جذبت انتباهي منذ البداية.. لقد كنت تشفق على مشاعر فتاة بلهاء مثلي ليس
الا..
قال طارق بحزم: من قال هذا؟.. لا شيء يدعوني للشفقة.. لا شيء يدعوني لأن
انافق في مشاعري.. لا شيء يدعوني للخداع.. ان كل ما افعله او انطق به انما
هو الصدق.. ونتيجة لما احمله لك من مشاعر..
وعلى الرغم من رنة الصدق في صوته الا ان غضب وعد اعماها عن الانتباه لصدقه
وهي تقول: كيف تسمح لنفسك بالتدخل في خصوصياتي؟.. لقد رفضت انت ان يتدخل
أي احد بماضيك.. رفضت مجرد السؤال عنه.. فكيف تسمح لنفسك بالتدخل في
خصوصيات غيرك؟..
قال طارق وهو يزفر بحدة: اعترف اني اخطأت بهذا الشأن.. ولكن انتابني
الفضول لحظتها على ان اعرف سر هذه الورقة المهملة وظننتها موضوعا آخر
تركتيه باهمال.. ولم اكن ادرك انها كلمات رائعة عبرت عن براعة اسلوبك في
هذا المجال..
وعلى الرغم من رقته في قولها الا ان هذا لم يهدئ من غضب وعد وقالت بعصبية:
هل كنت ستسمح لي بالتجسس على اوراقك واسرارك؟.. هل كنت ستسمح مجرد معرفة
جزء من مشاعرك دون ان تقولها انت بنفسك؟..
تطلع اليها طارق بدهشة من انفعالها.. وخيل اليه انه يلمح مايا بعصبيتها
وانفعالها الدائم.. لم يعلم لم تذكر مايا الآن؟.. ولكن عصبية وعد المبالغة
جعلته يتذكرها وهي تختلق الشجارات معه.. وتصر دوما انها على حق.. وتذكر
كيف كان يعالج الموقف وقتها..ولكن هذه المرة من تواجهه وعد وليست مايا..
وعد بعصبيتها ورقتها في آن واحد.. وعد بكبريائها الذي يجعلها ترفض ان يعلم
احد بمشاعرها.. تظن الآن انه عندما علم بمشاعر الاهتمام التي تكنها نحوه
بادلها هو المشاعر.. ستكون حمقاء لو فكرت هكذا.. وان مشاعره لها ليست سوى
شفقة..
وقال اخيرا بصوت هادئ: لم كل هذه العصبية يا وعد؟.. سأشرح لك الامر بهدوء وبعدها يمكنك الحكم بنفسك..
قالت وفي عينيها نظرة لوم: لا احتاج الى شفقتك..
ومرت من جانبه في سرعة لتغادر القسم ولم تكد تفعل حتى فوجئت بطارق يمسك معصمها في قوة ويقول: استمعي الي اولا.. قبل ان تهربي..
قالت في انفعال وغصة تملأ حلقها: انا لا اهرب.. ووفر شفقتك لنفسك..
قالتها وجذبت معصمها من كفه في خشونة..لماذا؟.. لماذا الآن؟..لماذا بعد ان
شعرت بالسعادة لأنه يهتم بي ويخصني بنظراته؟.. لماذا بعد ان علمت انه يشعر
بقربي له؟..لماذا اكتشف الآن ان هذا ليس سوى مزيج من شفقته وعطفه
علي؟..لماذا؟..
لم تعرف الى اين تتجه.. ولكن وجدت قدماها تقودانها الى الممر الذي تقع
المصاعد في نهايته.. ووجدتها فرصة مناسبة لابعاد تلك المرارة والحزن من
اعماقها..واخفاء دموعها التي تترقرق في عينيها عن الجميع.. ستخرج من
الصحيفة لتختلي بنفسها ولو لدقائق او ربما تذهب الى الكفتيريا لترتاح
قليلا .. اهم شيء ان تبعد عن نفسها هذا الاحساس بالحزن وتنسى طارق بمشاعر
الشفقة التي يحملها لها..
واطلقت تنهيدة الم..لكنها لم تكتمل.. وهي تلمح طارق يقف امامها بجسده
الممشوق القوام ليعترض طريقها ويحول عنها التقدم قائلا: قلت لا تهربي..
سنتفاهم اولا..
وضعت كفها على فمها لتمنع شهقة دهشة كادت ان تنطلق من بين شفتيها..وهي
التي لم تكن تشعر به يتبعها على الاطلاق ..وقالت ببرود بعد ان تلاشت
دهشتها: ابتعد عن طريقي..
قال بصرامة: ليس قبل ان نتفاهم..
قالت والدموع تعود لتترقرق في عينيها: شكرا لك لست احتاج لكلمات الشفقة منك..
قال طارق بعصبيه هذه المرة: عن أي شفقة تتحدثين؟.. هل كانت مشاعري نحوك
بهذا القدر من الكذب الذي تصفين؟ ..انني لم افكر يوما حتى بالشفقة نحوك..
ومنذ اليوم الاول لقدومك للمكتب كنت تعلمين اني لم اكن اهتم بأي احد.. فهل
كنت سأهتم بمشاعرك واشفق عليها؟..
تطلعت اليه وعد وقد شعرت بصدق منطقه.. ولكنها قالت ببرود: ولكن هذا لا يمنحك الحق بالتدخل في خصوصياتي ومشاعري الخاصة..
قال طارق بتحدي هذه المرة: الم تفعلي المثل؟..
قالت وعد باستنكار: انا؟؟..
- اجل انت.. كيف علمت بأمر هذه الورقة في درجي اذا..الم تلتقطيها من درجي وهي تخصني انا؟..
شعرت بالارتباك وقالت بعد برهة من الصمت: ولكنها تخصني انا..
قال طارق وهو يعقد ساعديه امام صدره: وكيف كنت لتعلمي بهذا لو لم تلتقطيها
بنفسك وتقرأيها.. مايدريك وقتها ان الورقة لم تكن لتحمل امور تخصني او شيء
من هذا القبيل..
سيطر عليها الحرج والتوتر.. ولقد علمت حقا انها قد فعلت ما ترفضه الآن
وبشدة..وتمتمت مدافعة عن نفسها: لم اكن اقصد ذلك..لقد بدت مألوفة لدي ..
ليس الا..
واردفت في حدة: والآن..هلا ابتعدت عن طريقي..
لم يتزحزح طارق من مكانه قيد انملة.. فقالت وعد بعناد: فليكن انا من ستبتعد عن المكان..
قالتها وهي تلتفت عنه وتسير مبتعدة.. لكن صوت طارق الصارم جعلها تتوقف في
مكانها وهي تستمع اليه وهو يقول: لا تظني يا وعد اني سألحق بك مجددا..
مادمت نرفضين الاستماع الي الآن.. فلن احاول تبرير الامر لاحقا..اما انت
فيمكنك الهرب الآن.. يمكنك ان تهربي من الحقيقة كما تشائين..
وجدت وعد نفسها تتوقف وتلتفت له قائلة بحدة: لقد شرحت لي الامر وانتهى الموضوع.. ماذا تريد الآن؟..
قال طارق بجدية: لا لم ينتهي الامر بعد .. فعيناك تقولان ان الشك لا يزال يراودك فيما قلته..
قالت وعد بسخرية وهي تعقد ساعديها امام صدرها: صحيح .. نسيت انك تستطيع قراءة لغة العيون..
قال طارق وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: ولا يفهمها الا من يهتم بصاحبها.. اليس كذلك؟..
توترت وعد بعبارته.. ووجدت يداها تسقطان الى جوارها وهي تتطلع الى اجمل
عينان رأتهما في حياتها.. عينان تستطيع ان ترى بداخلها الصدق والحنان..
الصرامة والحزم..المرح وقوة الشخصية.. عينان هي اغرب ما تكون بكل ما تحمله
من مشاعر.. وهمت بنطق شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف طارق.. وسمعته
يجيبه قائلا:اجل يا استاذ نادر...في الحال.. سنذهب بعد دقائق..الى اللقاء..
ولم يلبث ان اغلق الهاتف ومن ثم قال وهو يتحدث اليها: هيا سنذهب الى اللقاء الصحفي الآن..
قالت بعناد: لا.. لن اذهب الى أي مكان..
قال طارق وهو يهز كتفيه: فليكن يا وعد.. افعلي ما بدا لك..سأذهب الى اللقاء الصحفي وحدي.. ولكن قبل هذا...
بتر عبارته ومن ثم اردف وهو يضغط على حروف كلماته: سأنتظرك لعشر دقائق في
موقف السيارات بالاسفل.. عشر دقائق لا غير.. ان لم تحضري فسأغادر..
قالها والتفت عنها ليتوجه الى حيث المصاعد والقى عليها نظرة اخيرة قبل ان
يستقل احدها الى الطابق الارضي.. اما وعد فقد توقفت في مكانها للحظات وهي
غير عالمة لماتفعله..أتتبعه الى هناك.. ام تحتفظ بكبريائها وتجعله يذهب
وحيدا..ولكن لم كل هذا؟..انه على حق في كل ما قاله.. لقد شعرت بصدقه في كل
حرف نطق به.. ولكن مع هذا قد تدخل في شيء يخصها.. في مشاعرها التي جاهدت
لتخفيها عنه وعن الجميع.. ان طارق هو الانسان الذي تحب..هل تضحي بكرماتها
وتذهب اليه؟.. ام تحتفظ بها وتتركه يذهب وحيدا؟..انها تعلم انه جاد فيما
يقوله.. وانه سيتركها ويرحل فعلا لو لم تتبعه.. ولهذا ازدادت الحيرة
بداخلها اضعافا .. وهي غير عالمة لما تفعله...
وظلت في حيرة من امرها وهي تنقل بصرها بين ركن لمصاعد الذي كان يقف فيه
طارق منذ لحظات وبين ساعة يدها التي اعلنت مضي دقيقتين حتى الآن...
**********
ارتفع حاجبا ليلى بحيرة وهي ترى ان سيارة عماد لم تصل بعد.. على الرغم من
وقوفها بالخارج لخمس دقائق.. وقالت متمتمة: لقد فال لي انه سيحضر بعد
دقائق فقط..ما الذي اخره؟..
واردفت بقلق: اتعشم ان يكون بخير..
اخرجت هاتفها من حقيبتها واتصلت به على الفور.. واستمعت اليه بعد وهلة يجيبها: هل اشتقت الي بهذه لسرعة؟..
تنهدت بارتياح..ومن ثم قالت متسائلة: اين انت يا عماد.. ولم تأخرت؟..
قال بابتسامة: حتى اثأر لنفسي ..ففي المرة السابقة انت من تأخر..اما اليوم فمن حقي انا ان اتأخر..
قالت ليلى بضيق: عماد.. قل الصدق..
قال بهدوء: معذرة يا ليلى ولكن الشوارع مزدحمة.. سأصل اليك بعد دقائق على الاكثر..
قالت بهدوء: سأنتظرك.. الى اللقاء..
وانهت الاتصال.. ولم تمض دقيقة واحدة حتى لمحت سيارة عماد تتقدم منها
وتتوقف الى جوارها..فتنهدت براحة وهي تنطلق نحو السيارة وما ان فتحت بابها
واستقرت بداخلها حتى قالت بابتسامة شاحبة وهي تتطلع الى عماد: لقد اقلقتني
عليك..
قال عماد وهو يغمز لها بعينه: لا داعي لكل هذا القلق يا اميرتي.. ولكن الطرق كانت مزدحمة ليس الا..
قالت بهدوء: ولم لم تتصل بي لتبلغني بأنك ستتأخر لهذا الامر؟..
قال بمرح وهو يعاود انطلاقه بالسيارة:حتى اعرف مدى حبك لي وان كنت ستقلقين علي ام لا..
التفتت له وقالت وفي صوتها رنة خجل: الا زلت تشك في مقدار حبي لك؟..
قال بابتسامة: مطلقا..
واردف وهو يهمس لها: والآن الى اين نذهب.. الى الشركة .. ام الى آخر مكان في هذا العالم؟..
قالت هي بخبث هذه المرة: ليست لدي رغبة في العمل هذا اليوم .. ولكن .. مع هذا لا اريد ان اترك انجاز الاعمال ليوم آخر..
قال عماد بابتسامة واسعة: هذا يعني ان نذهب الى احدالمطاعم .. اليس كذلك؟..
- بل الى الشركة وفي الحال..لا اريد كسلا بعد الآن.. يا سيد عماد.. اتفهم؟..
قال عماد وهو يلتفت لها: افهم جيدا يا اميرتي.. الى الشركة وفي الحال..
قالت ليلى وهي تتطلع اليه: اياك ان تتخذ مسارا مختلفا .. فأنا اراقبك..
قال عماد وهو يضحك: يا الهي هل بت مراقبا الآن؟..
- يمكنك ان تعتبر نفسك كذلك..
قال بحنان: حسنا انا اوافق.. لاني سأكون مراقبا من اجمل فتاة رأيتها في
حياتي.. واروع عينين ستظلان تتبعاني طوال الوقت .. ماذا اريد اكثر من
ذلك؟..
توردت وجنتيها وقالت ليلى وهي مصطنعة العناد: لا تحاول التأثير علي بكلماتك.. لن نذهب الى أي مكان قبل انتهاء وقت العمل..
هز كتفيه وقال: فليكن.. ولكن انت احتملي ذنب شاب مسكين ..رفضت تحقيق مطلبه..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها بهدوء: لا عليك سأحتمله وبكل سرور..
قال وهو يتصنع الحزن: احتملي عذاب الضمير اذا..
قالت ليلى وقد ارتسمت ابتسامة على شفتيها: متى ستكف عن تمثيليتك هذه؟.. قلت لن نذهب الى مكان ما.. قبل ان تنهي اعمالك بالشركة..
- فليكن يا سيادة المديرة..لن اتحرك من مكاني خطوة واحدة قبل ان انهي اعمالي..
قالها بكل حب صادق وهو يتطلع الى ليلى..ليلى التي بادلته بنظرات تمتلأبالحنان والحب..وخفقات قلبها تزداد تسارعا...
*********
أسبل طارق جفنيه بهدوء وهو يسترخي بداخل سيارته الرياضية من نوعها.. وهو
مستغرق بالتفكير في امر ما.. ثم ما لبث ان فتح عينيه وقال وهو يتطلع الى
ساعته: يبدوا انها أعند مما توقعت..
قالها وهم بادارة المحرك.. لولا صوت تلك الخطوات التي اقتربت من سيارته..
فالتفت الى صاحبها.. او صاحبتها ان اردنا الدقة ..وابتسم بهدوء وهو يراها
تتقدم منه وتفتح الباب المجاور له.. وتدلف الى الداخل بصمت.. ومن ثم تشيح
بوجهها عنه.. فقال طارق وهو يدير المحرك بالفعل هذه المرة: لقد كدت امضي
في طريقي لو تأخرت لدقيقة فقط..
قالت وعد بحدة: لم آتي لأجلك.. لقد جئت من اجل اللقاء الصحفي..
هز طارق كتفيه وقال: اعلم.. لم يطلب احد منك المجيء لأجلي..
تطلعت اليه وفي اعماقها شعرت بالحنق الشديد.. أي انسان هو هذا؟.. الا يفهم
ان يقرأ ما بين السطور؟.. الا يفهم انها لم تقل هذا الا لتبين له انها قد
جاءت من أجله؟.. ومن أجله فقط..فليذهب اللقاء الصحفي الى الجحيم.. المهم
هذا الانسان الغريب بجاذبيته.. والفريد بشخصيته.. ما يهمها بالامر برمته
هو ولا احد سواه..وعلى الرغم من ان الامر متوتر بينهما الا انها القت
بكرامتها خلف ظهرها وتحطم عنادها كله امامه.. وهي ترى نفسها تجمع اشياءها
وتهبط الى حيث هو.. هذا هو طارق..انسان يجعلها تتصرف عكس ما تريد.. يجعلها
تتصرف بأشياء خارجة عن ارادتها..
وازدردت لعابها في توتر.. وهي تفكر..ما حدث بينهم كانت مشكلة وانتهت..
وادركت وعد ان كلاهما كان مخطئا.. فمن ناحية قراءة طارق لورقة تخصها.. ومن
ناحية اخرى فعلها شيء مماثل عندما حاولت معرفة كنه تلك الورقة في درجه..
ولكن يبدوا ان ما حدث جعله متحامل عليها.. فها هو ذا يقود السيارة دون ان
يتبادل معها حرف واحد ..هل هو غاضب من تصرفاتها يا ترى.. ايهما له الحق في
الغضب.. هي ام هو؟..
وتوقف طارق اخيرا امام مبنى متوسط الحجم.. وقال وهو يلتفت لها: لم كنت تتطلعين الي طوال الطريق؟..
شعرت بالحتق منه.. وقالت متعمدة السخرية: ربما كنت معجبة بك..
وعلى الرغم من انه انتبه الى سخريتها الا انه قال بصدق: ليس الامر غريبا اذا .. فانا ايضا معجب بك..
شعرت بالصدق في كل كلمة ينطق بها وقالت بتردد: تظن اني سأصدق سخريتك هذه؟..
قال طارق بحزم: اولا انا لا اسخر منك.. وثانيا يمكنك تصديق ما تشائين..فلست مجبرا على ان اقسم لك..
ما هذا الذي فعلته؟.. يبدوا انها قد زادت الطين بلة.. ورأته يفتح باب
السيارة ويهبط منها دون ان يضيف كلمة اخرى ..وهبطت من السيارة في سرعة
وقالت وهي تناديه في سرعة: طارق..
كاد ان يلتفت لها ولكن صوت نداء آخر كان يهتف بأسمه جعله يلتفت الى صاحبته
وقال وهو يرى تلك الفتاة وهي تقترب منه وعلى شفتيها ابتسامة مرحة: هل
تعرفيني يا آنسة؟..
قالت الفتاة بابتسامة واسعة: لم تتغير كثيرا يا طارق.. سوى انك قد ازددت ضخامة..
تطلعت اليها وعد في غرابة.. هذه الفتاة تعرفه وتحدثه باسلوب مبسط وكأنه
صديق قديم لها.. وكما انها تمزح معه .. ولكن هل يعرفها طارق؟..
تطلع اليها طارق في حيرة ومن ثم قال: هل التقينا من قبل يا آنسة؟..
ضحكت الفتاة بمرح ومن ثم قالت: لم اكن اظن ان ذاكرتك تمتاز بسرعة النسيان.. هل نسيتني بهذه السرعة؟..
قال طارق وهو يتطلع لها بتمعن: ملامحك ليست غريبة علي.. ولكني لا اتذكر اين رأيتك من قبل..
قالت الفتاة بلهجة ذات مغزى: هيا ايها القائد.. يمكنك التذكر.. انا واثفة..
حركت هذه العبارة بداخل طارق العديد من الذكريات القديمة والدفينة.. وثال
بعد ان اتضحت له هوية محدثته: لقد مضى زمن طويل منذ التقينا آخر مرة يا
(رنا)..
قالت رنا بمرح: سبع سنوات واربع شهور تقريبا..لم نرك بعدها ابدا وافترقنا جميعا..اخبرني ما هي احوالك؟..
على الجانب الآخر كانت وعد تشعر بالحنق.. اولها لتجاهل طارق لوجودها
تماما.. وثانيها هذه الفتاة التي اخذت تتحدث اليه بتبسط كبير..يبدوا انها
قد كانت صديقة او زميلة له يوما ..ولم تستطع كتم حنقها اكثر من ذلك..
فقالت والضيق يبدوا جليا على وجهها: اظن اننا قدتاخرنا على المقابلة
الصحفية يا طارق..
تطلعت اليها رنا بخبث ومن ثم قالت: من هذه الآنسة؟.. صديقتك ام خطيبتك؟..فأنا لا ارى في اصبع أي منكما خاتم زواج..
توترت وعد لمجرد الفكرة وارتجف قلبها.. لمجرد ان تخيلت ان اسم طارق قد
يزين اصبعها يوما.. وانها ستكون زوجته .. ولكن هل سيحدث هذا يوما حقا
ويتحقق حلمها .. ام ان احلامها ستتلاشى كالظلام مع بزوغ فجرالواقع؟..
وسمعت طارق يقول في تلك اللحظة: نسيت ان اخبرك انا الآن صحفي في جريدة الشرق..اما هذه الآنسة فهي...
بتر عبارته واردف وهو يلتفت الى وعد ويتطلع لها وابتسامة ترتسم على شفتيه:
فهي اعند فتاة رأيتها في حياتي..زميلتي بالعمل.. الآنسة وعد عادل..
قالت رنا بخبث: اعند من مايا؟..
لم تعلم رنا انها بكلماتها هذه كادت ان تنكأ جرح طارق الذي لم يلبث ان
التأم مع الزمن..اما وعد فقد تطلعت الى تلك الفتاة بدهشة واستنكار
شديدين.. لم ادخلت اسم مايا بالموضوع؟..الآن ستعود لطارق مشاعره
القديمة..وحبه الاول.. ولن اكون انا سوى صفر على الشمال..
وقال طارق بهدوء: لكل منهما شخصيتها المتميزة..
قالت رنا بابتسامة: تتحدث عن مايا وكأنها لا تزال على قيد الحياة.. الا تزال تذكرها؟..
قال طارق وهو يطلق زفرة حارة: ومن ينساها..
شعرت وعد بالضيق يزداد في اعماقها..وهي تستمع الى كل حديثهم..مايا..
مايا.. لقد سأمت منها.. من هذه الفتاة التي احتلت قلبك يوما يا طارق.. لقد
بت احقد عليها مع انها لم تعد في هذا العالم.. هل تعلم لم؟..صحيح انها
فارقت الحياة ولكنها لا تزال تحيا في قلبك وعقلك..
وقالت بعصبية: اظن اننا قد تاخرنا اكثر مما ينبغي على اللقاء.. ان كنت تريد المكوث هنا فابقى.. اما انا فسأغادر..
قال طارق وهو يرفع حاجبيه ويلتفت لها: ولم كل هذه العصبية؟..
كادت ان تصرخ في وجهه: ( لأني احبك ولا احتمل وجودك مع سواي)..
ولكنها كتمت مشاعرها وهي تشيح بوجهها عنه بصمت .. فقال طارق متحدثا الى رنا: معذرة ولكن فعلا وقتي ضيق.. سعدت بالحديث معك..
قالت رنا بمرح: وانا كذلك ايها القائد.. اخبرني .. هل لديك مقابلة مع رئيسي بالعمل؟..
قال متسائلا: اتعملين هنا؟..
اومأت برأسها ايجابيا ومن ثم قالت وهي تتجه نحو المبنى: هيا سنذهب معا..
سار طارق الى جوارها .. في حين تطلعت اليه وعد بنظرة حانقة قبل ان تسير
الى جواره من الجهة الأخرى..وعلى الرغم من ان طارق كان يختلس النظرات
اليها الا انها لم تنتبه اليه وهي تشعر بالحنق الشديد.. دائما مايا هي من
تقف حائلا بيني وبينه.. والآن هذه الفتاة من تكون؟..يبدوا انها كانت
صديقته ايام الجامعة..تباً لكل شيء.. ولمشاعرها التي احبت انسانا قلبه
ملكا لغيرها..
ودلفا ثلاثتهم الى المصعد في تلك اللحظة.. وضغطت رنا على زر الطابق
الثاني.. في حين ضغط طارق على زر الطابق السابع ..وعادت رنا لتتحدث قائلة
: اتذكر آخر مرة رأيتك فيها يا طارق كنت باردا.. هادئا الى اقصى حد.. حتى
وداعك لنا لم يكن يحمل أي حياة..لقد كانت في عينيك نظرة حزن عميقة.. اما
الآن فها انذا اراك وفي عينيك نظرة متفائلة مقبلة على الحياة من جديد..
واراك تبتسم بسعادة حقيقية.. يبدوا ان للزمن اكبر تأثير على ما حدث لك من
تغيير..
قال طارق بابتسامة: ليس الزمن فحسب..بل الاشخاص ايضا..
قالها والقى على وعد نظرة مختلسة.. كان يتمنى ان يصل اليها ما
يقصده..وانها السبب في اعادة البسمة والامل اليه.. ولكن يبدوا ان القدر
كان يمنعهما من ان يوضح أي منهما للآخر مشاعره.. فقد كانت وعد شاردة في
تلك اللحظة وهي تسند ظهرها الى احدى زوايا المصعد..وافكارا كثيرة في
ذهنها.. تتقاذفها يمنة ويسرة وهي غير قادرة على التفكير السليم..
وما ان وصل المصعد الى الطابق الثاني حتى قالت رنا وهي تلتفت الى طارق: سعدت بلقائك يا طارق.. وارجو ان يتكرر لقائي بك..
قال طارق وهو يراها تغادر المصعد: وانا كذلك..
تطلعت رنا الى وعد ومن ثم قالت بابتسامة: الى اللقاء يا آنسة وعد.. واهتمي بطارق..
تطلعت اليها وعد بنظرة باردة ومن ثم قالت وشبح ابتسامة ساخرة يرتسم على شفتيها: اظن انه اكبر من ان يحتاج للاهتمام..
قالت رنا بخبث وهي تلقي عليهم نظرة اخيرة: ربما اهتمام من نوع خاص..
واغلق المصعد ابوابه قبل ان تسألها وعد عما تعنيه..واختلست نظرة الى
طارق..هل يا ترى شعرت ان بيني وبينه علاقة ما؟.. او انني احمل له مشاعر
خاصة.. لقد اسرفت في عصبيتي وانا اتحدث اليها ..ربما لهذا قد لاحظت انني
قد تضايقت لحديثها ووقوفها معه..
ظلت صامتة دون ان تنبس ببنت شفة.. وهي تتطلع الى طارق الصامت بدوره..
والذي اكتفا بمراقبة تلك الارقام الضوئية التي كانت تظهر تصاعديا على شاشة
المصعد..الى ان وصل المصعد اخيرا الى الطابق السابع فتوقف بحركة خافتة
وانفتحت ابوابه..
وقال طارق وهو يخطوا الى خارج المصعد: اتبعيني..
عقدت حاجبيها بعصبية.. امر آخر يلقيه اليها.. من يظنها تابعة له.. سارت
خارجة من المصعد..وهي تشعر بالحنق والسخط الشديد ..ترى لم يتصرف معها
هكذا.. بسبب ما حدث بينهم قبل قليل..ام لسبب آخر؟..
وصل طارق في تلك اللحظة الى مكتب السكرتيرة وقال: انا صحفي من صحيفة الشرق
وادعى طارق جلال..اتيت انا وزميلتي وعد عادل لاجراء مقابلة صحفية مع السيد
نبيل سالم.. ولدينا موعد معه..
قالت السكرتيرة بهدوء: اعلم.. ولكن السيد نبيل منشغل بمكالمة هاتفية هامة.. انتظرا لدقائق فحسب ريثما ينهيها..
عقد طارق حاجبيه لوهلة ومن ثم قال: لا بأس..
اشارت السكرتيرة للاريكة التي كانت بنصف طول الجدار تقريبا..وقالت: تفضلا..
توجه طارق في بساطة ليجلس على الاريكة.. والتفت الى وعد التي كانت تتطلع اليه وقال بصوت هادئ: ما بالك لا تجلسين؟..
جلست على الاريكة بصمت دون ان تنطق ببنت شفة وقال هو في تلك اللحظة وهو يتطلع اليها بنظرة لم تفهمها: والآن ما الذي يضايقك؟..
كان السؤال غريبا ولم تتوقعه وعد ابدا.. ورفعت هذه الاخيرة حاجبيها وقالت بدهشة: يضايقني؟؟..
اومأ طارق برأسه ايجابيا ومن ثم قال: اجل هناك ما يضايقك منذ ان انطلقنا من الصحيفة ..فما هو؟..
على الرغم من ان وعد كانت تنوي اخباره بما يثير في نفسها كل هذا الضيق ..
الا انها وجدت نفسها تشيح بوجهها بعناد وتقول: لا شيء ابدا..
التفت عنها ومن ثم لم يلبث ان قال بعد ان زفر بقوة: هذا بسبب تجاهلي لك في مبنى الصحيفة..اليس كذلك؟..
كانت تريد ان تجيبه بنعم.. ولكنها لم تفعل.. ربما كان عنادها او كبريائها
اللذان وقفا حائلا دون ان تنطق بكلمة.. في حين قال طارق بهدوء وهو يلتفت
لها: اتعلمين لما فعلت ذلك وتركتك خلفي في مبنى الصحيفة؟..
ظهرت الحيرة جليه في عينيها فقال مردفا: لانني اعلم كم انت عنيدة وانني لو
اصررت على مجيئك معي لازدادت شدة عنادك.. ورفضت القدوم بشدة.. ولهذا لم
اجد امامي حلا سوى ان اتركك تختارين احد الامرين بنفسك.. ودون ان يضغط
عليك احد.. وكنت اشعر بانك سوف تحضرين .. ولم اخطأ في حدسي..
قال عبارته الاخيرة بابتسامة وهو يتطلع الى وعد التي كانت تعلم انه حق في
هذه النقطة.. لو اصر على قدومها ما كانت لتحضر.. وكان عنادها هو من سينتصر
عليها في النهاية.. ووجدت نفسها تقول في تلك اللحظة: وماذا عن تجاهلك لي
طوال الطريق .. وحتى في هذه الشركة؟..
هز كتفيه ومن ثم قال: ذلك لاني كنت انتظر حتى تهدئي قليلا واتمكن من
الحديث اليك بهدوء.. كنت اعلم اني لو ناقشتك في الامر لانفجرت في وجهي بكل
غضب وعصبية..
هتفت وعد بحدة وسرعة: وحديثك مع تلك الفتاة .. كان قلقا من غضبي ايضا؟..
تطلع اليها طارق بدهشة..وارتفع حاجباه لعبارتها.. وتطلع اليها لفترة من
الوقت باستغراب.. قبل ان يلتفت عنها وترتسم على شفتيه ابتسامة تحمل ما بين
الغموض والسرور: هل تشعرين بالغيرة يا وعد؟..
تطلعت اليه وعد واتسعت عيناها بذهول.. فلم تدرك عندما نطقت عبارتها
السابقة انها قد اعلنت مشاعر ضيقها من تلك الفتاة وبمنتهى الوضوح.. وهذا
لا يعني سوى امرا واحدا..وشعورا واحدا تحمله بداخلها وتحاول ان
تخفيه..شعور يسمى..
الغيرة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:44 am

* الجزء الثاني والثلاثون*

(هل يجب ان اقولها؟)



ارتفع حاجبا ليلى
باستغراب وهي ترى عماد يوقف سيارته في احد المواقف يهدوء بجوار عدد من
المنازل .. هي لم تنتبه الى تغييره لمساره ابدا.. وربما تكون هذه المنازل
في مثل خط سير الطريق المؤدي الى الشركة تقريبا.. وقالت اخيرا بدهشة وهي
تلتفت له: لم توقفت هنا؟..

التفت عماد اليها وقال وهو يشير الى المنازل التي كانت على يمينه: ما رأيك بهذه المنازل.. اهي جيدة؟..

اومأت برأسها وقالت باستغراب:بل ممتازة .. ولكن لم؟..

ابتسم عماد وقال: لآخذ رأيك بها فحسب..

قالت ليلى باستغراب: هل قام صاحب هذا المنزل بعقد صفقة معك من اجل نوافذ هذا المنزل أو..؟

قاطعها عماد قائلا وهو يقتح باب سيارته: يمكنك ان تقولي انه قد عقد معي صفقة بالفعل..

هتفت به وهي تراه يغادر السيارة: الى اين؟..ماذا عن الشركة؟..

قال عماد بمرح: ستجد من يهتم بها.. ولنهتم نحن بشؤوننا..

قالت بحنق: عماد هل تريد ان تترك الشركة هكذا من دون شخص يشرف عليها ويديرها من اجل اخذ رأيي بمجموعة من المنازل فحسب..

قال عماد بابتسامة: وماادراك إن اخذ رأيك في هذه المنازل لن يكون بمقدار اهمية ادراة الشركة..

تطلعت اليه بحيرة فقال: اهبطي الآن من السيارة وسنتحدث بالامر لاحقا..

فتحت باب السيارة
لتهبط منها.. ومن ثم تسير الى جواره الى تلك المنازل التي كانت قيد
الانشاء..ولكن مع هذا فقد بدت رائعة بتصميمها الخارجي الانيق..وقالت ليلى
وهما يعبران بابه الامامي ويدلفان الى الردهة: يبدوا المنزل جميل جدا
وخصوصا مع طريقة بناءه هذا بالاضافة الى الردهة التي تبدوا واسعة جدا
ومصممة بطريقة انيقة..

التفت لها عماد وقال: اذا فالمنزل يعجبك..

قالت في سرعة: بكل تأكيد.. انا لم اقل غير هذا أ...

بترت عبارتها بغتة وعقدت حاجبيها ومن ثم التفتت اليه لتقول: عماد لا تقل لي ان هذا المنزل ليس سوى....

بترت عبارتها ولم تكمل فضحك عماد وقال بمرح: ما يدور بذهنك صحيح.. انه منزلنا..

اتسعت عيناها بدهشة ومن ثم قالت: ولم لم تخبرني بالامر منذ البداية؟.. ومتى قمت بشرائه وكيف؟..

ابتسم وقال: لم
اخبرك بالامر لأني كنت اريدها ان تكون مفاجأة لك..ومتى قمت بشرائه
وكيف..فأنا قمت بذلك قبل يومين وليس شراءا بالمعنى المعروف..وانما دفعت
مبلغ من المال كمقدم لثمن المنزل.. وسأدفع الباقي كأقساط شهرية الى ان
يصبح المنزل ملكا لنا..

قالت وهي تزدرد
لعابها من اثر المفاجأة: ولكن الا ترى ان الوقت لا يزال مبكرا على شراء
منزل .. يمكنني ان اعيش في منزل والديك فيما بعد ..لن اعترض على هذا
مطلقا..

التفت لها عماد
وقال بحنان: اعلم يا ليلى .. ولكني ارغب في ان يكون لنا منزلنا الخاص..
وحياتنا الخاصة .. هذا المنزل الذي سنختار الوان جدرانه بانفسنا.. وسنختار
اثاثه بمفردنا دون تدخل من أي احد.. انت تفهميني يا ليلى اليس كذلك؟..

ابتسمت ليلى وقالت : اجل افهم انك شخص مبذر للنقود..

ضحك بمرح وقال وهو يجذبها من كفها: تعالي سأريك الردهة من زاوية افضل..

وتوقف عندما اقترب
من تلك الزاوية ومن ثم قال: ما رأيك؟.. هنا سنضع طقم الجلوس.. سيكون عبارة
عن اريكة ومقعدين ومكتبة بالاضافة الى جهاز التلفاز..

قالت بابتسامة وهي تلوح بسبابتها: ولا تنسى ان تضيف التحف واللوحات التي ستجعل المكن اجمل بالتأكيد..

ابتسم وقال: هذه اشياء سنقرر شراءها فيما بعد.. المهم الآن هي الاشياء الرئيسية..

واضاف وهو يشير لها ان تتبعه: سأريك الآن غرفة اخرى..

تبعته الى حيث توجه ومن ثم قال وهو يقف عند باب تلك الغرفة: هذا هو اكثر الاماكن التي ستقضين فيها وقتك على ما اظن..

قالت مبتسمة: لقد فهمت.. انه المطبخ اذا..

واردفت وهي تلتفت اليه وتقول بضيق مصطنع:ولكن ليس انا من سيقضي فيه وقتا طويلا.. بل الخادمة..

قال عماد بدهشة مصطنعة: من قال انني سأحضر خادمة الى المنزل؟..

قالت وهي تصطنع الاسف: رباه.. لا تقل لي اني سأضطر لتنظيف جميع الاواني بيدي هاتين..

قالتها ورفعت
كفيها في حركة تلقائية..وفوجئت بعماد وهو يمسك بكفيها ويقول بحنان: لا..
لن تفعلي شيئا في هذا المنزل سوى اصدار الاوامر..انت هنا اميرة هذا
القصر.. اتسمعين؟.. اميرته فحسب..

رفعت عيناها اليه وقالت بابتسامة: عن أي قصر تتحدث؟..

قال وعلى ثغره ارتسمت ابتسامة مليئة بالحنان: هذا الذي تقفين على بساطه يا سمو الاميرة..

ضحكت ليلى برقة ومن ثم قالت: اتعلم..انت تجيد المثيل كثيرا..

قالتها وجذبت
كفيها من كفيه فقال وهو يميل نحوها: لست كذلك يا سمو الاميرة..كل مشاعري
انما ابثها لك من هذا القلب الذي اختطفته معك..

قالت ووجنتيها قد توردتا خجلا: كف عن حركاتك المسرحية هذه ولنكمل جولتنا..

قال وهو يشير نحو السلم: فلنصعد الى الطابق الثاني اذا..

اومأت برأسها وصعدت معه.. وهناك توقف امام احد الغرف وقال مبتسما: لو عرفت لمن هذه الغرفة سأمنحك ترقية استثنائية..

ضحكت وقالت: صحيح لقد نسيت انك المدير لوهلة..ولا اشك يوما لو انه حدث خلاف بيننا ان تقوم بفصلي من العمل..

هز كتفيه وقال بلامبالاة مصطنعة: هذا يتوقف على نوع الشجار..

ومن ثم اردف وهو يتطلع الى داخل الغرفة: والآن لمن تتوقعين ان تكون هذه الغرفة..

قالت مفكرة: اظن انها ستكون غرفتنا نحن.. اصحيح؟..

هز رأسه نفيا ببطء ومن ثم قال: لا..غير صحيح..

سألته في سرعة: اذا؟..

قال وهو يغمز بعينه: انها غرفة (حلا)..

تطلعت لها بدهشة كبيرة وقالت: من هي حلا؟؟..

تقدم منها ومن ثم قال مبتسما: ملاكنا الصغير يا ليلى..

توردت وجنتا ليلى ومن ثم قالت: لقد ظننت ان الرجال يفضلون الاولاد في العادة..

- ليس كل الرجال سواء.. ولكنني افضل ان تكون فتاة حتى تحمل ملامح والدتها ..

قالت ليلى بمرح بغتة: وما ادراك ربما لايرزقنا الله غير الاولاد..

قال مبتسما: اهم شيء انك والدتهم.. وانا متأكد انهم سيحملون ملامحك..

وقال وهو يتوجه
نحو النافذة ويتطلع منها.. تلك النافذة التي كانت مجرد اطار في جدار
الغرفة دون أي لوح زجاجي: لقد اخترت هذا المنزل بالذات لانه اولا سيكون في
خط سيرنا باتجاه الشركة..

قالت مبتسمة وهي تقترب لتقف الى جواره: اجل لهذا لم اشعر انك قد غيرت مسارك طوال الطريق..

وواصل عماد قائلا
وكأنه لم يسمعها: وثانيا لاني استطعت الحصول عليه بسعر مناسب وذلك بفضل
مهندس من العائلة الذي يعمل في الشركة ذاتها..

قالت ليلى مبتسمة: اظن انه يتوجب علي ان اشكره..

قال مبتسما: لقد فعلت بالنيابة عنك..

واردف بحنان وهو
يحيط كتفها بذراعه ويضمها اليه: متى سيأتي هذا اليوم يا ليلى.. اليوم الذي
نجتمع في هذا المنزل بالفعل..ونتطلع الى اطفالنا الذين سيكبرون امام
اعيننا ليبدأوا مسيرة حياتهم..

قالت ليلى بخفوت: وربما كان هناك عماد آخر منهم ..يحب فتاة التقى بها بعد عشرات الصدف الغريبة التي جمعت بينهم..

ضحك وقال: او ربما ليلى اخرى.. توجه لخطيبها النصائح على عدم تبذير النقود..

شاركته ليلى الضحك.. وهما يرسمان في ذهنيهما الكثير من الاحلام الوردية التي يتمنان تحقيقها يوما ما..

**********

الغيرة...

ترددت هذه الكلمة
المكونة من ستة حروف في ذهن وعد..هل هي حقا تغار على طارق الى هذه
الدرجة؟..هل هي الغيرة حقا.. واذا كانت كذلك.. فالغيرة هي الوجه الآخر
للحب..فلو علم طارق انها تشعر بالغيرة عليه.. فهذا يعني انها تحبه.. لا
تفسير آخر.. لهذا عليها ان تتهرب من الاجابة.. وبأي وسيلة كانت.. ولكن
كيف؟..

وشاهدته يلتفت لها
وهو يتطلع لها بابتسامة .. وازدردت لعابها بتوتر اثر ابتسامته.. شعرت ان
ابتسامته هذه تحمل كل الثقة بما قاله..وانه يثق بحقيقة مشاعرها
تجاهه..وقالت وعد في تلك اللحظة محاولة الدفاع عن نفسها: عن أي غيرة تتحدث
يا...

(سيد طارق .. المدير ينتظرك في مكتبه)

زفرت وعد بحدة مع
هذه النجدة التي جاءت لتنقذها من تبرير موقفها..وشاهدت طارق ينهض
واقفا..فنهضت بدوره وسمعته يقول وهو يتوجه نحو باب المكتب: اشكرك يا آنسة..

تبعته وعد..وبداخلها تولد شعور بالارتياح..ان هذه المقابلة ستأخذ وقتا طويلا سينسى خلالها ما قاله لها..وعن موضوع الغيرة هذه...

ومضت ساعتين من الوقت استغرقاها في اللقاء الصحفي ..وبعدها سألها طارق : اتريدين توجيه أي اسئلة اخرى..

هزت رأسها نفيا فقال طارق متحدثا الى المدير: اشكرك يا سيد نبيل..و سعدنا بلقاءك..

ابتسم السيد نبيل وقال: وانا كذلك..

قال طارق وهو ينهض من مجلسه ويمد يده مصافحا:نراك بخير.. الى اللقاء..

صافحه المدير بهدوء.. في حين اكتفت وعد بهز رأسها وقالت: الى اللقاء يا سيد نبيل..

وغادرت مع طارق المكتب..وقال وهو يسير الى جوارها في ذلك الممر: انه من القلائل اللذين يتعاونون مع الصحافة..

قالت وعد بابتسامة: لاحظت ذلك انا ايضا..

وصلا في تلك اللحظة الى حيث المصاعد.. فضغط على الزر منتظرا احدها وقال: ربما يكون سبقا صحفيا افضل من سابقه هذه المرة..

سألته قائلة: ماذا تقترح اذا ليكون عنوان لمثل هذا اللقاء؟..

فكر قليلا ومن ثم
قال: لا يزال الوقت مبكرا.. على اختيار العنوان.. ولكن بما ان اللقاء كان
يحوي اغلبه على العلاقات الخارجية واثرها في التطور فأنا اقترح ان يكون
العنوان هو...شمس التطور تطل من الخارج و...

صمت وعقد حاجبيه في تفكير ومن ثم هتف هو ووعد في آن واحد: وتتسلل الى نافذة الداخل!..

تطلعت اليه وعد لوهلة بدهشة ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تضحك بمرح: يبدوا وان افكارنا متقاربة..

قال طارق بابتسامة واسعة: بل استطعت قراءة ما بذهني قبل ان اقوله..

قالت وعد بمرح وهي تدلف الى المصعد الذي وصل لتوه وفتح ابوابه:ليست لدي القدرة على قراءة الافكار..

قال مبتسما وهو
يدلف خلفها ويضغط على زر الطابق الارضي: ربما ليس قراءة الافكار..نستطيع
القول تخمين ما يدور بذهن الشخص قبل ان ينطقه وذلك لمعرفتك بشخصيته وطريقة
تفكيره..

ضحكت وعد وقالت: ها قد عدنا للفلسفة..

التفت لها وقال:
ليس ما اقوله فلسفة.. وانما لمعرفتي بشخصيتك وانك قادرة على قراءة ملامح
من امامك وقادرة على فهم ما يدور بذهنه لو عرفت شخصيته..

واردف وهو يضغط على حروف كلماته: وكثيرا ما تستخدمين هذا الاسلوب للهرب..

غمغمت بدهشة: الهرب؟؟..

التفت لها وقال
وفي عينيه نظرة غامضة: اجل الهرب.. فغالبا ما تهربين من كلمات الاهتمام او
الحنان التي اوجهها لك ولا زلت اجهل السبب الى الآن..

تطلعت اليه بدهشة ومن ثم لم تلبث ان قالت بتردد: انا لا اهرب وانما..وانما...

عقد حاجبيه وقال: وانما ماذا؟.. هناك شخص ما في حياتك .. وانت لا تريدين ان يكون لك أي علاقة بآخر..أليس كذلك؟..

قالت في سرعة: لا .. الامر ليس هكذا..وانما...

قال وهو يمسك بكتفيها بغتة ويتطلع الى عينيها مباشرة: وانما ماذا يا وعد.. اجيبيني ارجوك..

ازدردت لعابها وتحاشت نظراته وهي تقول: الحقيقة انني اخشى ان تكون...

قال بلهفة وهو يحثها على مواصلة حديثها: ان اكون ماذا؟.. تحدثي يا وعد ارجوك..

ترددت طويلا ولم
تستطع ان تخبره ان سبب هذا الهروب هي مايا .. تخشى انها لا تزال في قلبه
وما زال يحبها..الحب الاول لا يمكن ان ينسى بسهولة.. هو كالطفل الذي يكبر
مع الانسان.. وكالجذور التي تتشبث به..

ووجدت طارق يترك
كتفيها بغتة ويستدير عنها.. وفهمت السبب على الفور.. لقد وصل المصعد الى
الطابق الأرضي ..وانفتحت بوابتاه على مصراعيها .. فسار بخطوات هادئة
مغادرا المصعد.. وسارت وعد الى جواره دون ان يتبادلا كلمة واحدة.. تطلعت
له وعد بتردد بطرف عينها.. اتخبره سبب هروبها من مشاعره.. وهروبها من
اهتمامه وكلماته .. اتخبره انها تخشى ان لا تكون مشاعره نحوها سوى الاعجاب
والاهتمام او ربما الميل على الاكثر ..وعندها سيتحطم قلبها وسيصبح
فتاتا..لن تحتمل ان ... ولكن ربما يكون ما يحمله لها من مشاعر هو
...الحب... لا .. لا تكوني واهمة يا فتاة.. ان مايا قد تغلغلت بداخله من
المستحيل ان ينساها او ان يبعدها عن تفكير لحظة واحدة .. الم يقل هذا
بنفسه لتلك الفتاة..الم يقل انه لا يستطيع ان ينساها وانه...

(مصادفة..)

جاء هذا الهتاف من
خلف كل من طارق ووعد ..واستدارت هذه الاخيرة الى مصدر الصوت ولم تلبث ان
عقدت حاجبيها بضيق وهي تلمح رنا تقف خلفهما..وتلك الاخيرة تردف بابتسامة:
مصادفة ان اراكما وانا قادمة الى المؤسسة .. واراكما وانا اغادرها ايضا..

قال طارق وهو يتطلع الى ساعته في سرعة: ولكن الوقت لا يزال مبكرا على المغادرة..

ضحكت رنا وقالت :
لقد فهمتني بشكل خاطئ.. عملي لم ينته بعد.. ولكن مغادرة المؤسسة هي جزء من
عملي ..حيث سألتقي بمدير شركة أخرى وافهم منه سبب اعتراضه على منتجاتنا..
واحاول ان اشرح له الامر.. انت تعلم هذه الامور المعقدة..

ابتسم طارق وقال: اجل .. اعرفها جيدا..ومن منا لا تواجهه هذه الصعوبات في عمله..

قالت وهي تتجاوزهما مبتسمة: عن اذنكما الآن.. واياك وان تنساني يا طارق مرة اخرى..

قال طارق وهو يضحك بمرح: اعدك ان احاول..

تطلعت اليه رنا
وقالت بهمس هي تغادر المكان مبتعدة عنهما: لا يزال رائعا ووسيما كما عهدته
دائما.. لقد عاد طارق القديم..يبدوا انه استطاع ان يتغلب على ما حدث له في
الماضي اخيرا..

وعد وحدها لم تكن
تبتسم.. او تشاركهما الحديث.. كانت تشعر بالحنق يتضاعف في اعماقها.. ما
الذي تريده منه هذه الفتاة.. الآن تذكرته بعد مرور سبع سنوات.. الآن اصبحت
تفكر فيه بعد ان نبض قلبها هي -وعد- بحبه..

سار طارق الى حيث
سيارته دون ان ينتبه الى امارات الغضب التي علت وجه وعد.. ودار حول مقدمة
السيارة ليحتل مقعد القيادة وينتظر من وعد الركوب..وصعدت وعد الى السيارة
ولكن في هذه المرة لاحظ الغضب البادي على وجهها.. انطلق بالسيارة وهو في
حيرة من امره.. لم تغضب ان شاهدته يتكلم مع فتاة خرى؟..انها الغيرة
بالتأكيد.. والغيرة هي الوجه الآخر للحب.. ولكن تصرفاتها معه لا تثبت له
ابدا انها تحبه.. انها تتهرب منه ومن كلماته وكأنها ترفضها.. انه حتى لم
يسمع منها كلمة واحدة تبثه فيها حنانها او حتى اهتمامها.. ما عدا يوم
اصابته.. وكان هذا شيء طبيعي يومها لانها كانت المسؤولة عما حدث له..
وايضا تلك الخاطرة..لم كتبتها اذا؟.. ان هذا يعني انها مهتمة به.. ولكن
تصرفاتها تشير الى العكس.. احيانا يراها مهتمة به واحيانا اخرى لا
مبالية..احيانا يرى في عينيها نظرة حنان واحيانا اخرى لا يرى سوى نظرة
عابرة لا تحمل اية مشاعر ..احيانا يراها متلهفة لرؤيته واحيانا اخرى يشعر
بالجفاء في تصرفاتها..او يستطيع ان يقول انها تتعمد الرسمية معه في احيان
كثيرة..انه يشعر بالحيرة.. كأنه تائه لا يعلم ماذا يفعل ..هل وعد تبادله
مشاعره؟.. ام انه مجرد اعجاب؟..

واخيرا تحدث وهو يحاول ان يجعل صوته هادئا قدر الامكان وهو يتسائل: ما الامر؟..ماذا بك؟..

اجابته بضيق واضح: لا شيء ابدا..لا تشغل نفسك بي فقط انتبه للطريق..

قال طارق وهو يزفر بحدة: هل بدر مني ما ضايقك؟..

عقدت وعد ساعديها امام صدرها وقالت بسخط: ابدا لم تفعل أي شيء..

قال بحيرة: انت لم تخبريني حتى الآن .. مم تخشين؟.. وما الذي يدفعك للهروب من كلماتي..

قالت وعد بعصبية: لا شيء يدعوني للهروب..ولم اهرب اساسا؟..

قال بضيق وهو يختلس النظرات اليها: هذا السؤال يجب ان توجهيه لنفسك..

قالت بعصبية اكبر: لست مهتمة لامرك اساسا حتى اهتم بالهروب من كلماتك..

قال طارق بعصبية هذه المرة: وماذا عن كلماتك التي كتبتها في تلك الخاطرة؟..

بهتت لوهلة ومن ثم لم تلبث ان اشاحت بوجهها وقالت بارتباك: لقد استغربت شخصيتك الغامضة والتي تتسم بالبرود ..لهذا كتبتها..

قبض طارق على مقود السيارة بكل قوته وكأنه يبث له انفعاله.. ومن ثم قال: وهذا الشخص البارد الاحاسيس قد تغير بسببك انت..

قالت وعد وهي تتطلع عبر النافذة بحنق: وما الذي فعلته انا حتى تتغير؟..لا شيء..لم افعل شيئا على الاطلاق..

كان كلاهما يشعر
بانفعال يحاول تفريغه بأي وسيلة.. فمن ناحية وعد وغيرتها التي تكاد تنهش
قلبها.. وتكاد تتيقن من ان طارق سيكون مخلصا للابد لحبه الاول.. ومن ناحية
اخرى .. طارق ومشاعره المضطربة.. وهو غير عالم ان كانت وعد تهتم به..ام
لا..غير مدرك ان كانت تبادله المشاعر.. ام انها كما قالت ..مجرد اهتمام
بالشخصية ليس الا..حيرته تتضاعف.. وانفعاله يزداد.. ماذا يفعل ليعلم حقيقة
مشاعرها؟.. ماذا يفعل؟..هل...

( انتبه يا طارق..!!)

اخترقت هذه
العبارة- التي القتها وعد- اذنيه فجأة ..وجعلتاه يستيقظ من تأملاته..
ليكتشف بعتة..ان يكاد يصطدم بالسيارة التي امامه..لن يكون هناك مجال لضغط
الفرامل.. لهذا ادار المقود بغتة على نحو مباغت وقال لوعد في حزم: تشبثي
بمقعدك..

اغمضت وعد عينيها
وقلبها ينبض بانفعال..وقبضت بكل قوتها على المقعد لتتشبث به.. في حين
استطاع طارق السيطرة على الوضع بعد ان انحرف بغتة الى جانب الطريق وتوقف
فيه متفاديا الاصطدام.. وقال وهو يسند رأسه بمسند المقعد: كل شيء على ما
يرام الآن..

والتفت لها مستطردا: أأنت بخير؟..

وجدها تطرق برأسها
لتخفي دموعها التي تترقرق في عينيها وتقول بصوت مختنق: فقط لأني اشبهها..
فقط لاني اذكرك بها.. لهذا تغيرت لانها عادت للظهور في حياتك من جديد..
حبك الاول الذي لا يمكنك انتزاعه من قلبك..اما انا فلاشيء .. دائما على
الهامش.. مجرد خيال لمن تحب.. مجرد انعكاس لها..

اتسعت عينا طارق
وقال بانفعال: انت لا تفهمين .. لا تفهمين ابدا..تظنين اني ارى مايا فيك
انت لمجرد تصرفاتكما المشتركة .. ولكن هذا ليس صحيحا ابدا..انت وعد وهي
مايا.. كلاكما فتاة مختلفة..ان كنت سأهتم بك فهذا لاني اهتم بوعد نفسها..
وان كنت سأبثك كلمات الحنان فهذا يعني انني اوجهها الى وعد.. ربما ما شد
انتباهي بك في البداية فقط هو بعض الصفات المشتركة بينكما.. ولكنكما في
النهاية شخصيتان مختلفتان تماما...

واردف وانفعاله
يتضاعف: وعد لم لا يمكنك ان تفهميني؟.. لطالما قرأت ملامح وجهي.. هل يجب
ان اقولها؟.. الا ترينها في نظرة عيني وانا اتطلع اليك؟..الا تسمعينها في
نبرة صوتي وانا اتحدث اليك؟..الا تشعرين بها في لمسة كفي لك؟..

قالها وهو يمسك
بكفها مما ارجف جسد وعد بأكمله وجعلها تلتفت له وقلبها ينبض بانفعال وطارق
يتابع:الا تستطعين ان تشعري بها في كل هذا؟.. ايجب ان اصرخ واقولها؟..
حسنا سأفعل ان كان هذا ما تريدينه..سأقول اني احبك.. احبك ..احبك ..احب
وعد.. وليس أي فتاة اخرى سواها .. احب تلك الفتاة العنيدة..تلك الصحفية
الذكية والجريئة ..وعد الرقيقة الحانية.. المرحة والعصبية.. فهل هذا يرضيك
الآن؟...

صمت تام اطبق على
السيارة بعد عبارته تلك..هدوء خيم على سيارته لم يجرأ ايهما على
قطعه..والدموع التي كانت تترقرق في عينا وعد قد جفت تماما.. وكلماته تتردد
في ذهنها دونما توقف.. شعور هو اشبه بالذهول والصدمة وعدم التصديق..وكأنها
لم تستوعب ما قاله بعد.. تحاول ادارته في ذهنها عشرات المرات لتجد السبيل
لاستيعابه..لا يمكن ان تتحقق الاحلام بهذه البساطة.. لا بد وانها لم تستمع
الى العبارة جيدا.. لابد انها تتخيل..

ومن طرف آخر كان
طارق يلوم نفسه لفضحه لمشاعره على هذا النحو وفي لحظة انفعال..لم قالها
الآن؟..لم اعترف بحبه لها؟..انه لا يرى منها أي شيء يدل على مبادلته هذه
المشاعر..فلم قالها؟..لم؟..

وجد وعد تجذب كفها من يده بهدوء.. فابتسم لنفسه بمرارة وقال: يجب ان نعود الى الصحيفة الآن..

اسرعت وعد تقول وهي تلتفت له: طارق..

التفت لها وقال بهدوء: ماذا؟..

ابتسمت بخجل وارتباك وقالت: الا تريد ان تعلم مم اخشى؟ .. ولم كنت اهرب من كلماتك طوال الوقت..

التفت عنها وقال: لم يعد هذا مهما الآن..

عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت: الا يهمك ان تعرف حقا؟..

وازدردت لعابها
لتردف بتوتر: لقد كنت اخشى من ان تكون مايا لا تزال في قلبك.. لا تزال في
عقلك.. تسيطر على كيانك ومشاعرك بأكملها..انت نفسك اثبت انها لا تزال في
قلبك بسردك تلك الحكاية.. وحديثك عنها وكأنها لا تزال على قيد الحياة..
واخيرا قولك لزميلتك منذ ساعات انك لا تستطيع ان تنساها..

تطلع طارق اليها لفترة من الوقت ومن ثم قال: سأسألك سؤالا واجيبيني عليه بصراحة..

اومأت برأسها
فاردف متسائلا: هل يمكنك نسيان اهلك؟.. نسيان اصدقائك او زملاء
الدراسة..نسيان من كان لهم ولو لحظات بسيطة في حياتك؟.. هل يمكنك هذا؟..
ان النسيان معناه ان الشخص لم يعد في حياتك نهائيا.. وانك تقتلعينه بلا
رحمة من ذاكرتك.. ليكون لا شيء..لا اظن ان أي شخص في هذا العالم باستطاعته
نسيان اهله او حتى زملائه..لانه عندها سيكون قد اخفاهم من حياته نهائيا..
هل ادركت ما اعنيه جيدا؟..

تطلعت اليه بدهشة
وعيناها متسعتان وهي تحاول ادارة ما قاله في ذهنها..ومن ثم لم تلبث ان
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وقالت: اجل لقد فهمت..

قالتها وهي تعتدل
في جلستها وابتسامتها لا تفارق شفتيها.. ووجدت طارق يقول في تلك اللحظة
بتردد: وعد.. انا اشعر ان مشاعري التي اشعر بها تجاهك من طرف واحد..
اصحيح؟..

تطلعت له وعد بطرف عينيها وقالت: ربما...

تطلع لها بدهشة ومن ثم لم يلبث ان قال وقد ارتسمت بتسامة على شفتيه وقد ادرك محاولتها في عدم منحه اجابة صريحة: ماذا تعنين؟..

التفتت له وقالت وهي تتطلع له بعينان يملأهما الحب والحنان: باستطاعتك قراءة لغة العيون.. دعها هي من تمنحك الاجابة..

اتسعت ابتسامة طارق وقال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: هل اعد هذا تحديا لي؟..

هزت وعد كتفيها وقالت: اعتبره ما تشاء..

وابعدت عينيها عنه بعد لحظة وقالت : والآن اخبرني هل فهمت شيئا من عيني؟..

اومأ طارق برأسه وقال وهو يلتفت عنها: اجل.. ادركت اني كنت مخطئا..

ارتسمت الدهشة على وجهها فاردف وهو يغمز بعينيه: في ان مشاعري من طرف واحد وحسب..

توردت وجنتيها
بحمرة الخجل ورأته ينطلق بالسيارة وعلى شفتيه يحمل ابتسامة سعادة ورضا
وحنان.. لقد استطاع ان يعلم اخيرا بمشاعرها نحوه من نظرة عينيها التي كانت
تحمل له في هذه المرة كل الحب والحنان..

وعد ايضا استطاعت
ان تعلم بمشاعر طارق لها.. تلك المشاعر التي جاهدت طويلا لتعرف كنهها
وهاهو ذا القدر يمنحها الاجابة وبكل وضوح.. وهو ينتظرها لتتخذ قرارا فيما
عرضه عليها هشام سيحدد مصيرها باكمله ..اما بالقبول او الرفض..

وانطلقت السيارة بهما لتبدأ مرحلة جديدة في حياة كل منهما..


*******

اخذ هشام يخط
بقلمه الرصاص تلك الخطوط بشرود شديد على لوحة الرسم الهندسية في مكتبه
بالعمل.. وعقله يسترجع ذلك الحوار الذي دار بينه وبين فرح بالامس..عندما
طرق باب غرفتها وقال بشيء من الهدوء: فرح هل يمكنني الدخول؟..

جاءه صوتها وهي تقول: بكل تأكيد ادخل..

فتح باب الغرفة
ليدلف الى الداخل وشاهدها جالسة خلف جهاز الحاسوب والتفتت له لتقول بمرح:
هشام يستأذن قبل الدخول.. يالها من معجزة.. لابد وان في اذني خلل ما هذا
اليوم..

قال هشام وهو يتجه ليجذب له مقعد ويجلس الى جوارها متجاهلا عبارتها: اخبريني ماذا تفعلين؟..

قالت وهي تهز كتفيها بملل: اقوم بعمل بحث للجامعة..

سألها قائلا: هل هذا سيستغرق منك الكثير؟..

التفتت له وقالت مبتسمة: هشام.. لم لا تدخل بالموضوع مباشرة؟..

زفر هشام بحدة ومن ثم قال: هل اخبرتك وعد بشيء؟..

كانت تعلم ما يعنيه ولكنها قالت متظاهرة بعدم معرفتها بطلبه من وعد: شيء مثل ماذا؟..

اشاح بنظراته
بعيدا قبل ان يقول: لقد طلبت رأيها في موضوع وانا انتظر جابها.. فهل
اخبرتك بشيء؟.. لقد علمت انك كنت اليوم في منزلها..

قالت فرح مبتسمة:
وانا اقول لنفسي لم يطرق الباب؟.. ولم يبدوا مهذبا الى هذه الدرجة؟.. ان
الامر يتعلق بوعد وبجوابها المنتظر على شيء ما..

واردفت وهي تميل نحوه: ولكن ما هو هذا الشيء؟..

تردد هشام طويلا قبل ان يحسم قوله ويقول: في الحقيقة لقد طلبت وعد للزواج..

اصطنعت على وجهها الدهشة وقالت: هكذا يا هشام.. تطلبها للزواج دون ان تأخذ رأي والدي على الأقل..

قال هشام بحزم: لا اظنهم سيعارضون الامر ابدا..

- على الاقل يكون لديهم علم بالموضوع..

قال وهو يلوح بكفه: دعينا من هذا الموضوع الآن واخبريني هل اجابتك بشيء ام لا؟..

قالت باقتضاب: لا.. لم تجب بشيء ابدا.. كل ما قالته انها ستفكر بالامر مليا وانها ستتخذ القرار قريبا..

تطلع لها هشام لوهلة ثم لم يلبث ان قال وهو يعقد حاجبيه: اذا فقد كنت تعلمين بالامر منذ البداية..

قالت فرح بلهجة مرحة: امر مهم كهذا لا يمكن ان يخفى على شقيقتك ابدا..

- لم تظاهرت بالعكس اذا؟..

- كنت اريدك ان تخبرني عن القرار التي اتخذته بنفسك..

واردفت بهدوء:
اتعلم يا هشام.. مشكلتك انك لا تستمع لنصائح الغير ابدا.. تظن ان كل شيء
من حقك ان تحصل عليه في هذا العالم.. مشكلتك ان اعجبك شيء ما فانك تصر على
امتلاكه على الرغم من ان هناك العديد غيره في هذا العالم الكبير..هذا كله
يعود الى طبيعتك الانانية المتملكة..

اشار الى نفسه باستنكار وقال: انا؟؟..

اومأت برأسها وقالت: اجل انت..لقد تربيت منذ ان كنت صغيرا على ان تحصل كل ما تريد ويبدوا ان هذه الخصلة قد كبرت معك مع مرور الزمن..

قال بحنق: اخبريني ما سر هذه المقدمة السخيفة؟..

قالت وهي تهز
كتفيها: لانك لا ترى من حولك سوى وعد.. ووعد فقط.. اخبرني هل فكرت بجدية
بأي فتاة اخرى سواها.. فقط لان وعد امام ناظريك عليك ان تختارها هي
وتتزوجها هي.. هكذا تفكر.. ولكن اعلم ن الحب ليس هكذا.. مادامت وعد لا
تبادلك المشاعر.. فابحث عن حب حقيقي..ابحث عن فتاة تحبها وتحبك.. ولا تضيع
سنوات عمرك في انتظار وعد..

قال هشام بضيق:
انت لا تعلمين من هي وعد بالنسبة لي.. ان وعد هي الهواء الذي اتنفسه.. هل
تريدين بكل هذه البساطة ان ارمي مشاعري تجاهها خلف ظهري..انه امر مستحيل..
امر لن يمكنني فعله مطلقا..

قالت فرح بحدة: لا
يوجد مستحيل في هذا الموضوع.. انت من تعلق نفسك بها.. وتراها كل شيء في
هذا العالم.. وبامكانك ان تبعدها عن ذهنك وتبدأ حياة جديدة مع فتاة اخرى
سواها لو اردت..

قال هشام بعصبية: لا تظني ان الامر بمثل هذه السهولة ابدا..

قالت فرح وهي تميل باتجاهه: وليس بمثل تلك الصعوبة ايضا.. اليس كذلك؟..


تراجع هشام برأسه
عن تلك اللوحة الهندسية بعد ان افاق من ذكرياته..وهو يفكر في عبارة فرح
السابقة.. احقا من السهل نسيان ذلك الحب؟..ذلك الحب الذي رافقه منذ سنوات
عمره الاولى..هل يمكن له ان يلقي فجأة بكل شيء خلف ظهره ويبدأ من جديد؟..
يبدأ مع فتاة غير وعد..هل الامر بهذه البساطة التي يظنونها؟..صحيح ان حبه
من طرف واحد.. ولكن هذا لا يعني ان يستسلم بهذه البساطة.. فربما تبادله
وعد حبه هذا يوما و...

(استاذ هشام.. اريد رأيك في هذا المخطط الهندسي)

التفت هشام الى
تلك الفتاة التي تطلعت اليه بتردد وهي منتظرة رده.. انها المهندسة الوحيدة
هنا بين مجموعة من الهندسين الرجال.. وقد اثبتت قدرتها على انها اهلا لذلك
وانها في مستوى مهارتهم.. بل انها تفوقهم احيانا..

اسمها (شذى)..فتاة
بسيطة هي..في الخامسة والعشرين من عمرها..متواضعة.. ذكية..مخلصة ومجتهدة
في عملها.. تفضل البساطة ولكن لها طموحاتها .. خيالها الواسع يجعلها تبتكر
العديد من التصاميم..تمتلك ذلك النوع من الجمال الهادئ .. ولها عينين
جميلتين تخفيهما تلك النظارة الطبية.. المهم ان شذى نشعر بالاعجاب الكبير
تجاه هشام.. لم ينتبه هشام له مطلقا او ربما لم يعره أي انتباه..فقد كان
يقتصر في معاملته لها على الرسمية وفي حدود العمل ..

ومد هشام يده لها وقال بهدوء: دعيني اراه..

منحته الرسم
وقلبها يخفق.. تتمنى سماع كلمات الاطراء والمديح منه..تتمنى ان يعجب
بعملها..وبالتالي ربما بها.. ووجدته يقول وهو يتطلع له بامعان: جيد..

تطلعت له بخيبة امل.. اهذا كل ما استطاع ان يقوله..جيد فقط..وقالت تستحثه على المواصلة: وماذا عن شكل النوافذ.. وشكل الغرف..

طوى التصميم وقال
وهو يمنحها الرسم: لا بأس ابدا ..ولكن افضل ان تأخذي رأي رئيس القسم بهذا
الشأن وليس رأيي انا..فأنا لن افيدك بشيء..

قالت شذى في سرعة: من يدري ربما يفيدني رأيك كثيرا..

قال وهو يعقد حاجبيه: من أي ناحية تعنين؟..

زفرت وقالت: لا اعني شيئا.. انس الامر..

التفت عنها.. وهو
غير مهتم بما قالته.. في حين واصلت هي عملها وهي تشعر بخيبة الامل
الحقيقية.. هذا الشاب لن ينتبه لها ابدا.. يعاملها برسمية تفوق الحدود..
انه حتى لا يتبادل معها سوى التحية على الاكثر..في حين تنهد هشام وهو
يتطلع الى ساعته.. لم يبق شيئا وينتهي وقت العمل.. واختلس نظرة عابرة الى
شذى.. ترى هل تعنين يا فرح ان اترك فرصة لنفسي بالتعرف على فتاة اخرى؟..
اني لا ارى من شذى الفتاة المناسبة لي ابدا.. فتاة طيبة وبسيطة .. هادئة
وجادة احيانا.. وبصراحة لا اراهاتتفق مع فتاة احلامي التي حلمت بها..

وابتسم بسخرية
لنفسه.. فتاة احلامه التي تخيلها واحبها لا تبادله المشاعر.. من يدري ربما
من تخالف صورة فتاة احلامه ويبدأ معها حياة جديدة وتبادله المشاعر..ربما
لو منح لقلبه فرصة اخرى.. ربما لو استطاع ابعاد وعد عن ذهنه..

هز رأسه محاولا نفض تلك الافكار عن ذهنه وهو يغادر مكتبه ويلتقط سترته قائلا: الى اللقاء جميعا..

ودعوه جميعا في
حين تابعته عينا شذى وهو يغادر المكان ..اما هشام فقد غادر المبنى والعديد
من الافكار لا تزال تراود ذهنه..وترفض الابتعاد عنه..وانطلق بسيارته.. وهو
لا يزال حائرا.. ماذا لو رفضته وعد من جديد؟.. ما الذي سيفعله؟..هل
سيستطيع ان ينساها وينسى الحب الذي جمعه بها بهذ البساطة؟.. لا ..بكل
تأكيد لا.. وعد ليست مجرد فتاة في حياته.. وعد هي نبضات قلبه وكيانه كله..
بدونها يشعر بأنه لا قيمة له.. وانه يفتقر الى شيء شديد الاهمية.. ولكن...
ماذا لو وافقت وعد على الزواج به؟..عندها ستنتهي أي مشكلة وسيعيش سعيدا
ابد الدهر..و ستكبر معه الاحلام و...

انتزعه من افكاره
بغتة ذلك الارتطام القوي الذي كان مبعثه تلك السيارة التي ارتطمت بسيارته
من الخلف .. والذي جعله يرتد في مقعده بقوة..ورأسه يكاد يصطدم بالمقود
..وازاح دهشته وتوتره في سرعة وهو يفك حزام مقعده ويخرج من سيارته هاتفا
بعصبية: أي حماقة تلك؟.. الا ترى امامك يا هذا حتى تحطم سيارتي على هذا
النحو؟..

رأى باب السيارة يفتح وسمع صوت يقول: ولكن انت من توقف فجأة يا سيد..

عقد حاجبيه بشدة
فالصوت كان لفتاة.. ورآها تغادر السيارة وعلى وجهها علامات
التوترالشديد..كانت تبدوا مرتبكة وهي تقف بجوار سيارتها..كانت جميلة بحق
بذلك الشعر الكستنائي القصير.. وتلك الخصلات المبعثرة على جبينها
ووجنتيها..وعيناها الواسعتان..وبشرتها البيضاء التي تتخللها بعض الحمرة
عند وجنتيها..

ولكن هشام لم يأبه بكل هذا وهو يقول بحدة: هذا ليس عذرا..

قالت الفتاة وهي تلوح بكفها بارتباك: كيف تريدني ان اتفادى الاصطدام وانت توقفت بسيارتك فجأة؟..

قال بعصبية: هذه مشكلتك وليست مشكلتي..

قالت الفتاة
بهدوء:حسنا يمكنني تحمل تكاليف اصلاح السيارة..فقط سأتصل بادارة المرور
حتى تعلم بالامر.. وبالتالي ستتولى شركة التأمين اصلاح سيارتك و...

قاطعها قائلا: وهل
تظنين انني متفرغا لك او لادارة المرور التي لن تصل الا بعد مضي وقت
طويل؟.. ان لدي موعدا مع شخص ما.. وعلي مقابلته بعد ربع ساعة فحسب..

قالت الفتاة بنفاذ صبر: وما الذي يمكنني عمله اذا؟..

صمت هشام قليلا ومن ثم قال: انت مستعدة لتحمل نفقات اصلاح السيارة وفي الوقت الذي اريد.. اليس كذلك؟..

اومأت برأسها ايجابيا.. فقال بلامبالاة: اذا امنحيني رقم هاتفك.. وسأقوم بالاتصال بك عندما...

قاطعته بدهشة وحدة: مستحيل..ماذا تقول يا هذا؟.. اتطلب بكل وقاحة رقم هاتفي و...

قاطعها بانفعال:
لا تظني بنفسك الكثير يا آنسة.. فلست حتى افكر بالنظر اليك.. واذا كان هذا
الامر يزعجك الى هذا الحد.. امنحيني رقم أي شخص آخر حتى اقوم بالاتصالى به
واخبرك بأن هذا الوقت المناسب لاصلاح السيارة..

قالت ببرود: سأمنحك رقم المنزل اذا..

قال بملل: لا بأس..

همت بقول شيء ما..
ولكنها قالت وهي تلتفت لسيارتها: لم لا تسجل رقم سيارتي وتمنحه لادارة
المرور .. وعندها سينصلون بي ويبلغوني عن الامر وسيحل الامر دون تعقيدات..

- ادارة المرور تطلب تواجدك او هويتك.. فمن سيصدقني لو منحتهم رقم سيارتك فحسب؟..

زفرت بحنق ومن ثم قالت: لا خيار اذا..

واخذت تمليه رقم هاتف المنزل..ومن ثم قالت: والآن يمكنني المغادرة اليس كذلك؟..

قال في سرعة: سأخبرك باسمي حتى تعلمي انني المتصل اذا ما اتصلت بك..انا ادعى هشام..

عقدت حاجبيها ومن ثم قالت: فليكن..والآن عن اذنك..

ابتعدت عنه بسيارتها اما هو فقد توجه نحو سيارته وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة.. ابتسامة غامضة الى ابعد الحدود...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:45 am

*الجزء الثالث والثلاثون*
(ألقاءها من صنع القدر؟)


استغرقت وعد قي عملها .. واخذت تضع اللمسات الاخيرة لتقريرها.. وتعيد
مراجعته.. واختيار الصور المناسبة له.. وقالت في سرعة وهي تنهض من خلف
مكتبها: عن اذنكم سأسلمها لرئيس التحرير..
واسرعت تغادر القسم..وفي تلك اللحظة التفت احمد الى طارق وقال: ما هذا
اراكما سعيدان.. مع ان شجارا قدحصل بينكما هذا الصباح فقط.. ما الامر؟..
هل حدث تطور ما في الآونة الاخيرة؟..
قال طارق وهو يقوم بترتيب بعض الاوراق: اولا اظن انك تتدخل فيما لا يعنيك.. وثانيا هل ستحاسب المرء على سعادته ايضا؟..
قال احمد بابتسامة: ما اراه على وجهيكما يفوق السعادة.. اكاد اقسم انكما قد...
قاطعه طارق في سرعة: لقد تشاجرنا وتصالحنا وانتهى الامر.. هل انت مرتاح الآن؟..
هز احمد كتفيه وقال: بل لست مقتنعا ابدا..هناك شيء يفوق هذا بكل تأكيد..
قال طارق بهدوء: ربما ولكن لا تظن انك ستعلم بكل شيءفي هذا العالم و...
بتر عبارته عندما دلفت وعد الى القسم وقالت بابتسامة وهي تفرد اصبعيها
السبابة والوسطى علامة النصر: يبدوا وان تقريري قد حاز على اعجاب رئيس
التحرير اخيرا..
قال احمد بحماس:احقا؟.. لا بد وانه قد اعترف بمجهودك الكبير اخيرا..
قالت وعد بابتسامة واسعة: يبدوا هذا..فقد وعدني بمكافأة نهاية هذا الشهر..
وقالت نادية وهي تلتفت لها: واخيرا قام بتصرف صحيح طوال فترة عمله هنا..
اما طارق فقد تطلع الى وعد بابتسامة ونظرة يطل منها الفرح وقال: انا سعيدلأجلك..
توجهت وعد لتجلس خلف مكتبها ومن ثم قالت وهي تتطلع له: اشكرك..
ولكن نظرتها كانت تحمل له كل الامتنان..على سعادته الواضحة من اجلها وانه
يشاركها سعادتها هذه.. وسمعت بغتة رنين هاتفها معلنا عن وصول
رسالة..فالتقطته وتطلعت الى الرسالة التي كانت تقول: (مبارك..يا حلم
حياتي) ..وكان مرسلها هو طارق بنفسه.. التفتت له بدهشة.. فغمز لها بعينه
ولم يعلق..فابتسمت بحنان وهي تعيد الهاتف الى حقيبتها.. وتعود لتنغمس في
عملها..دون ان تنتبه الى مرور الوقت.. وان وقت الاستراحة قد حان الا عندما
سمعت صوت هامس يقول: لقد غادر الجميع ..لم يبقى سوانا هنا.. اتفضلين تضييع
فترة الاستراحة من اجل انجاز العمل؟..
رفعت رأسها بحدة له وقالت بدهشة: طارق..
قال مبتسما وهو يضع كفيه في جيبي سترته: اجل انا طارق.. هل نسيتيني ام ماذا؟..
قالت مبتسمة: الامر ليس هكذا.. ولكنك فاجأتني..
قال وهو يتطلع لها: حسنا هل ستتركين العمل الآن ونشارك الجميع فترة الاستراحة.. ام تفضلين البقاء بين هذه الاوراق؟..
قالت وهي تبعد الاوراق قليلا وتستند الى مسند مقعدها: ما رأيك؟.. ايهما افضل؟..
مد لها كفه وقال بابتسامة: كل قواعد المنطق تقول ان الانسان بحاجة الى فترة الاستراحة..والآن هيا..
ترددت قليلا قبل ان تمد لها كفه.. فامسك بها في راحته وساعدها على
الوقوف..وهنا ارتجف جسدها كله .. احست بالحرارة تمنتشر بكل جزء من جسدها..
ما الذي يحدث لها كلما لامست كفه؟.. وارتبكت بشدة مما دفعها لتجذب كفها
بهدوء وتقول: هيا بنا..
سار الى جوارها في ذلك الممر وقال: يبدوا وانك تتقدمين بالصحافة بسرعة كبيرة..
قالت وهي تلتفت له وفي عينيها نظرة استعلاء مصطنعة: لم ترى شيئا بعد..
ابتسم وقال: حقا؟.. اذا يجب ان اكون حذرا في المرات القادمة..
ابتسمت وقالت: اظن انه يتوجب عليك ذلك حقا..
التفت عنها وقال بغتة في هدوء: اتعلمين يا وعد.. هناك امر يحيرني ؟..
قالت باهتمام : ما هو؟..
قال بابتسامة وهو يتطلع لها : انت..
اشارت الى نفسها وقالت باستغراب: انا ..لم؟..
قال وهو يبدوا شاردا: تجمعين بين النقيضين.. لا اعرف كيف ولكنك تمزجينهما
في مزيج غريب رائع.. الضعف والشجاعة .. الرقة والصلابة .. العصبية
واللامبالاة ..العناد والاهتمام..
ابتسمت وقالت بخجل: ربما اكون مختلفة عن غيري قليلا..
قال مبتسما: لا يوجد ربما.. بل بكل تأكيد.. انت تختلفين عن أي فتاة رأيتها
في حياتي.. بالنسبة لي انت فتاة رائعة..قلما تراها في هذا العالم.. فتاة
رائعة الجمال وذكية..فتاة لا تستسلم ابدا لأي شيء..فتاة يصعب ان تجد مثلها
في هذا العالم..
واردف وهو يميل نحو اذنها ويهمس: ولهذا احبك..
عادت الحراة لتسري في جسدها وضربات قلبها لتخفق بسرعة غريبة .. والتفتت له
وازدردت لعابها لتحاول نطق شيء ما لكنها لم تستطع..فالتفتت عنه وارتباكها
وتوترها قد بلغ مداه.. وسمعته يقول في تلك اللحظة عندما وصل الى تلك
الكافتيريا: ها قد وصلنا..ماذا تريدين ان اقوم بالشراء لك؟..
قالت وعد بارتباك: اشكرك.. سأقوم بذلك بنفسي..
قال بابتسامة: ايلازمك عنادك هذا كثيرا؟..
ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: انه جزء من شخصيتي..
غمز بعينه لها وقال: اعلم.. والآن ماذا تطلبين؟..
قالت مستسلمة: حسنا فليكن احضر لي معك....
اخذت تخبره بما تريد فقال هو بهدوء: انتظريني على احدى الطاولات ريثما آتي بوجبتينا..
اومأت برأسها فاتجه مبتعدا..في حين توجهت هي لتجلس خلف احدى
الطاولات..وهناك..اسندت ذقنها الى كفها وهي تتطلع الى طارق في مزيج من
الاهتمام والحنان..الشخص الوحيد الذي خفق قلبها بحبه..بسحره الغريب الذي
جذبها اليه..وبشخصيته القوية التي زادت اعجابها به..بعيناه الحازمتان التي
تشعرها بصلابة هذا الانسان..و...
بغتة اقتحم ذلك الجسد مجرى نظرها..ليمنعها من مواصلة التطلع الى طارق
ويصنع حائلا بينها وبين هذا الاخير..وسمعت صوتا يقول: كيف حالك يا آنسة
وعد؟..
رفعت نظرها الى صاحب الصوت ولم تلبث ان رفعت حاجبيها باستغراب وقالت: هل تعرفني يا سيد؟..
لم يجب على سؤالها بل قال وهو يشير الى المقعد المواجه لها: هل هذا المقعد لأحد؟..
اومأت برأسها ايجابيا وقالت: بلى.. لزميل لي..
جذب المقعد وقال بلامبالاة وهو يجلس: لا يهم..بالتأكيد انت لا تعرفين من اكون.. اليس كذلك؟..
مطت شفتيها دون ان تجيب.. فقال : فليكن سأعرفك بنفسي ..انا سامر أنور..صحفي بالصفحة الاقتصادية و...
قاطعته وعد قائلة ببرود : هل استطيع ان اخدمك بشيء يا سيد؟..
قال في سرعة: ليس تماما.. ولكن بصراحة لقد اعجبت بطريقة كتاباتك ورغبت بالتعرف على وعد الانسانة.. لا الصحفية..فهل لديك مانع؟..
تطلعت اليه بضيق ومن ثم قالت: اولا يا سيد سامر انا لم اسمح لك بالجلوس او
الحديث الي..وثانيا لا اظن ان حديثا كهذا يصلح بالصحيفة.. وثالثا...
قاطعها سامر بحدة: انا اعلم السبب..
قالت ببرود: سبب ماذا؟..
قال وهو مستمر بحدته: ذلك الجليد المتحرك..هو السبب.. الجميع هنا يقولون
انكما على علاقة ما..وانكما دائمي الذهاب سويا الى كل مكان..ولهذا فأنت لا
ترغبين بان تكون لك أي صلة مع شخص آخر..خصوصا بعد ان أثر عليك بكلماته
المعسولة..
قالت بعصبية: لحظة.. عن أي كلمات معسولة تتحدث..من ذا الذي يحاول السيطرة
علي الآن..هو ام انت؟..انت الذي جلست لتقول انك معجب بي.. وترغب بالتعرف
علي .. ولا اعرف ماذا.. استمع الي يا سيد.. الاستاذ طارق لم يحاول يوما
الحديث معي خارج نطاق العمل في هذا المبنى.. وهو يحترم وظيفته ومكان عمله
جيدا..
قال سامر وهو يهز كتفيه: انه لا يستحقك بكل صراحة..
تطلعت اليه بغضب وهمت بقول شيء ما .. لولا ان ارتفع صوت طارق وهو يقول ببرود شديد: من الذي يستحقها اذا؟ .. انت؟..
التفت سامر اليه..وقال بلهجة لامبالية وكأنه لم يقل أي شيء منذ لحظات: اهلا طارق.. كيف حالك؟..
قال طارق بلامبالاة مماثلة: بخير..
ومن ثم اردف بسخرية وهو يمسك بمعصم وعد ويعاونها على النهوض: عن اذنك.. فيبدوا انك ترغب بالجلوس على هذه الطاولة لمدة طويلة..
عقد سامر حاجبيه بحنق.. ومن ثم لم يلبث ان قال بعد ان ابتعد كل من وعد
وطارق عنه وابتسامة ساخرة على شفتيه: لا بأس يا طارق..ولكن لن تكون هذه هي
المرة الأخيرة ..خذها كلمة مني..
اما طارق ووعد.. فقد اتجها ليجلسا على طاولة اخرى بعيدا عن سامر.. وقال بضيق: ماذا كان يريد منك ذلك التافه؟..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: دعه منك.. انه لا يستحق ان تشغل نفسك لأجله..
قال طارق بحزم: لم تجيبي عن سؤالي..
تنهدت وقالت: يقول انه قد اعجب بكتاباتي ويرغب بالتعرف علي ..
قال بضيق اكبر: وبم اجبتيه؟..
قالت وعد وهي تتطلع الى طارق بحنان: طارق .. انه لا يستحق ان تشعر بكل هذا الضيق لأجله.. مجرد انسان تافه لا يستحق مجرد الاهتمام..
كرر طارق سؤاله قائلا: بم اجبتيه يا وعد؟..اريد ان اعرف..
- حسنا.. لقد اخبرته بأنه قد جلس دون اذن مني.. وانه قد تحدث الي دون ان
اسمح له بذلك.. وحديثه هذا لا يصلح لأن يكون في مكان عمل كهذا..
قال طارق بسخط: انه لا يكف عن حيله تلك.. كلما صادفته فتاة جديدة
بالصحيفة.. يجري خلفها..ويوهمها باعجابه وبتعلقه بها..وما ان تصدقه الفتاة
.. حتى يتركها وكأنها لا شيء..اتذكر آخر مرة اجبر فتاة على ترك الصحيفة
والانتقال للعمل الى مكان آخر..
قالت وعد بابتسامة باهتة: لست ممن يهتمن بامثاله.. ثق بهذا ..ثم انني...
بترت عبارتها واعتراها الارتباك مما جعل طارق يقول باهتمام: ثم انك ماذا؟..
كانت تريد ان تقول له انها تراه افضل من ذاك الشاب بملايين المرات ولكن
خجلها تغلب عليها بالنهاية وجعلها تقول: ثم انني اردت ان اشكرك.. لأنك
خصلتني منه..
قال طارق بشك: اهذا ما كنت تريدين قوله حقا؟..
قالت بابتسامة مفتعلة: بالتأكيد.. اذا ماذا كنت اريد ان اقول؟..
قال بهدوء: لا اعلم ولكنه شيء يبعث على نفسك الارتباك .. ربما امر يتعلق بـ...
قالت بتوتر: بماذا؟..
قال وهو يميل نحوها ويقول وهو يغمز بعينه: امر يتعلق بمدحي..او ربما يتعلق باعجابك بي..وانني افضل من ان تهتمي بسواي..
تطلعت له وعد بدهشة وارتباك شديدن ومن ثم قالت وهي تمط شفتيها: يالك من مغرور..
قال بابتسامة: ليس غرورا بل ثقة بالنفس..
قالت في سرعة: لم اكن ارغب الا في شكرك.. لان ذلك الصحفي.. كان ضيفا ثقيلا بالفعل..وقد خلصتني منه..
قال بابتسامة جذابة: حقا؟..
قالت بارتباك وقد وترتها ابتسامته: اجل حقا..
ارتفع بغتة صوت رنين هاتف طارق المحمول.. فاخرجه من جيب سترته ومن ثم تطلع
الى الرقم بحيرة وقال وكأنه يتحدث الى نفسه: من ذا الذي يتصل بي؟..
اسرعت وعد تسأله: ماذا تعني؟..
قال وهو يضغط زر اجابة الاتصال:انه رقم غريب..
ومن ثم اجاب هاتفه قائلا: الو.. من المتحدث؟..
صمت قليلا ومن ثم قال: اجل انا هو....حسنا سآتي في الحال...
قالها واغلق الهاتف فقالت وعد بحيرة: من كان المتصل؟..
قال طارق وهو ينهض من على مقعده: سأضطر الىالمغادرة الآن يا وعد..عن اذنك..
اسرعت تمسك بكفه قبل ان يغادر وقالت في سرعة وقلق مكررة سؤالها: من كان المتصل يا طارق؟..
قال بابتسامة باهتة وهو يجذب كفه بهدوء: لا تقلقي.. عندما اعود سأخبرك بكل شيء..
التفت عنها وكاد ان يبتعد لكن حاجبيه لم يلبثا ان انعقدا فقال وهو يعود
للالتفات لها: والافضل ان لا تجلسي وحيدة.. شاركي اي من الصحفيات طاولتهن
.. فذلك الوغد لا يزال ينظر باتجاهك..
ابتسمت وعد بمرح لا يتناسب مع الموقف وقالت: لا تقلق علي.. استطيع تدبر امري.. وتلقينه درسا لن ينساه لو حاول الاقتراب مرة اخرى..
مال نحوها طارق بصرامة: لن تجلسي وحيدة يا وعد .. وستغيرين مكانك .. الآن..
قالت وعد وهي تعقد ذراعيها امام صدرها: وماذا لو قلت لا ..او لنقل .. لن اغير مكاني قبل ان تخبرني عن هوية المتصل بك..
قال ببرود وهو يمسك بذراعها ويجبرها على الوقوف: والدتي..
قالت بسخرية: حقا.. لم اعلم ان لوالدتك كل هذه السرية التي تحيطها بها..
قال متجاهلا سخريتها: انظري هناك حيث تجلس الاستاذة نادية مع عدد من الصحفيات .. شاركيهم الطاولة..فلا اظنهم سيمانعون..
قالت وهي تصطنع التفكير: وماذا لو رفضوا جلوسي معهم.. ماذا سأفعل حينها؟..
قال طارق بجدية: وعد ان ذهابي يعد امرا ضروريا.. ولا يمكنني تركك للجلوس
وحيدة بينما هذا الوغد يسعى خلفك.. ارجوك خذي الامر بجدية اكبر..
قالت بابتسامة رقيقة: الا تثق بي؟..
قال وهو يومئ برأسه: بلى.. ولكني لا اثق به هو..
ومن ثم قال في سرعة: اعلم انك ستنفذين ما قلته على الرغم من عنادك الذي تتمتعين به.. اليس كذلك؟..
فكرت قليلا ومن ثم قالت بمرح: حسنا ليس لدي حيلة سوى تنفيذ اوامرك يا
استاذ طارق..ولكن عندما تعود سأطالبك بشرح مفصل عن كنه هذا المتصل الذي
ترفض الاخبار عنه..
ابتسم لها طارق وقال وهو يلتفت عنها: انتظريني ريثما اعود..
تطلعت له وعد وهو يغادر المكان ومن ثم قالت بشرود وهي تتطلع الى النقطة التي اختفا فيها: سأنتظرك...الى الابد..


********
تردد هشام قليلا وهو يتطلع الى هاتفه .. قبل ان يحسم امره ويضغط ازرار
هاتفه في سرعة خشية ان يتراجع.. وسمع رنينا متصلا قبل ان يجيبه صوت طفولي
يقول: الو ..من؟..
ابتسم هشام وقال: انا هشام..ومن انت؟..
قال الطفل ذو الستة اعوام: انا فارس..اسمي فارس..
- وكم عمرك يا فارس؟..
أخذ الطفل يعد على اصابعه ..فأخطأ العد عدة مرات.. قبل ان يقول بضيق: خمسة او ستة .. لا اعرف..
ضحك هشام وقال: حسنا لا بأس..اخبرني يا فارس.. هل لديك اخوات؟..
اسرع فارس يقول: اجل لدي اخت واحدة كبيرة وهي طيبة ولكنها احيانا تغضب مني..
قال هشام مبتسما: وما اسمها؟..
قال الطفل ببراءة: اسمها هو....
وجد الطفل يصمت قليلا ومن ثم يقول وكأنه يحادث شخص ما على الطرف الآخر: لا اعرفه .. ولكنه يقول ان اسمه هشام.. يبدوا لطيفا..
ثم سمع هشام صوت فتاة تقول : لا بأس اذهب انت..
ومن ثم التقطت سماعة الهاتف وقالت: الو .. من المتحدث؟..
قال هشام مبتسما: اعتقد ان الصغير قد اخبرك بمن اكون..
قالت وهي تريد التأكد: انت هشام؟..
قال وهو يهز كتفيه: اجل انا هشام.. من صدمتِ سيارته ..او ربما اقول حطمتِ سيارته ليتناسب المصطلح مع ما حدث حقا..
مطت الفتاة شفتيها وقالت: الامر لا يتعدى كوني قد كسرت مصباحا واحدا
لسيارتك.. على العموم.. انا مستعدة لاصلاحها..استمع الي هل تعرف تلك
الورشة لتصليح السيارات بالمنطقة الخامسة ؟.. انها تقع قريبا من الشارع
الثاني..بالقرب من فندق الساحل..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه متذكرا: بلى لقد عرفتها..
قالت في سرعة: سأكون هناك بعد نصف ساعة من الآن..الى اللقاء..
قالتها واغلقت السماعة قبل ان تمنحه فرصة اخرى للحديث.. والتفتت الى
شقيقها الصغير لتقول بتأنيب: فارس.. ليس كل شخص يتحدث معك على الهاتف
تخبره بكل شيء..
قال فارس متسائلا: هل اكذب عليه اذا؟..
قالت وهي تربت على رأسه: بل اسأله عمن يريد..او بأمكانك استدعائي او استدعاء والدانا..اتفقنا؟..
اومأ فارس برأسه ايجابيا.. فقالت مبتسمة: اجل هكذا انت تكون رجلا كبيرا..
ثم لم تلبث ان اتجهت نحو غرفتها التي تقع بنهاية الممر .. لتستعد لمغادرة
المنزل.. وعلى الطرف الآخر..ابتسم هشام امام المرآة وهو يعقد رباط عنقه
وقال متحدثا الى نفسه: ترى .. هل لقاءها من صنع القدر؟..
(لقاء من؟..)
جاءه هذا السؤال من عند الباب .. فقال دون ان يلتفت: الا تكفين عن عادة التجسس يا فرح؟..
قالت مبتسمة: من قال اني كنت اتجسس.. لقد سمعتك تتحدث.. وظننت انك قد جننت واصبحت تحدث نفسك.. فجئت لاستطلع الأمر..
قال وهو يرتدي حذائه في سرعة: يمكنك اعتباري اذا اني قد فقدت عقلي..و اني قد كنت اتحدث الى نفسي..
سألته قائلة: الى اين انت ذاهب؟..
التفت لها وقال: هل يهمك الامر الى هذا الحد؟..
قالت وهي تهز كتفيها: مجرد سؤال..
قال مبتسما: الى ورشة تصليح للسيارات..
قالت فرح بحنق: لا تسخر مني..
قال وهو يغمز بعينه: اقسم اني ذاهب الى هناك..
قالت فرح بحيرة: حقا؟.. اذا من هذه التي لقاءها من صنع القدر؟..
قال بسخرية: الورشة.. لقد التقيت بها مصادفة بالطريق..
قالت فرح بعصبية: هشام.. لا تكن سخيفا..
قال بغرور: لست كذلك.. الكل يقول اني خفيف الظل..
قالت فرح بسخرية: بل خفيف العقل..
اتجه نحو باب غرفته وقال: معذرة يا شقيقتي العزيزة .. ولكني لا املك الوقت للجدال معك..
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بضيق: اراهن ان في الامر سر ما..
سمعته يقول وهو يبتعد عنها: ستخسرين الرهان اذا..
وغادر المنزل باكمله بعدها..منطلقا بسيارته الى تلك الورشة..وطوال الطريق
وعقله يفكر في الامر بجدية اكبر .. ربما تكون هذه الفتاة قد وضعها القدر
امامه من اجل ان تكون في حياته.. ربما تكون تعويضا من القدر له..تعويضا عن
وعد التي ترفض حبه وتعتبره مجرد اخ لا اكثر .. ويبدوا انها سترفض الزواج
منه كذلك في القريب العاجل ..لقد تمسك بخيط امل واه عندما طلب منها الزواج
ولكن ..لقد قالتها بلسانها.. انها تحب شخصا آخر ولا تحبه هو مهما فعل او
سيفعل..وربما كما قالت فرح.. الحب لا يأتي بالاجبار.. انه احاسيس نشعر بها
فجأة.. وما دامت لم تشعر بها كل تلك السنوات..فهل ستشعر بها الآن؟..
ومن يدري ربما يكون لتلك الفتاة التي وضعها القدر امامه الكثيرمن الاثر
على نفسه ..نظرته الاولى لها لم تكن بذلك الوضوح.. لهذا ربما رغب في معرفة
امور اكثر عنها.. ولكن كيف الطريق الى هذا؟..
توقف بعد ربع ساعة من قيادته السيارة بجوار تلك الورشة التي وصفتها له تلك
الفتاة..وخرج من سيارته ليقف الى جوارهذه الاخيرة ويعقد ساعديه امام صدره
منتظرا وصول تلك الفتاة.. وبعد خمس دقائق لمح سيارتها وهي تقترب من المكان
..ووجدها توقفها الى جوار سيارته..وقال وهو يراها تغادر سيارتها: اهلا..
لقد تأخرت في الحضور..حوالي خمس دقائق..
قالت الفتاة وهي تمط شفتيها: هل انت دائما دقيق في المواعيد والامور الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة: احيانا..
واردف: والآن ماذا يا آنسة؟..
قالت بضجر: سأتولى الامر مع الورشة..بامكانك الذهاب لو اردت ..
تحرك مبتعدا قليلا عن المكان.. ولكنه لم يغادره.. بل ظل يراقب الفتاة وهي
تتناقش مع احد الموظفين بالورشة وتشير الى سيارة هشام من حين لآخر..ومن ثم
رآها تومئ برأسها وتلتفت عن الموظف متجهة لسيارتها.. ولكنها توقفت بغتة
بدهشة وتطلعت الى هشام قائلة: الم تغادر بعد؟..
اشار الى سيارته وقال: وكيف اغادر وسيارتي ستظل هنا؟..
شعرت بالحنق منه..هل يحاول تمثيل دور الغبي معها؟.. وقالت ببرود: يمكنك المغادرة بالحافلة..او بسيارة اجرة..
قال بسخرية: حقا؟..لم اكن اعلم من قبل..
عقدت حاجبيها بضيق ومن ثم التفتت عنه متوجهة نحو سيارتها .. فقال يستوقفها: لحظة يا آنسة..
التفتت له وقالت بنفاذ صبر: ماذا؟..
قال وهو يهز كتفيه: انت المسئولة عما حدث سيارتي.. واصلاحها هنا في
الورشة.. ومسئولة ايضا عن انه لم يعد لدي سيارة لأعود بها الى المنزل..
قالت الفتاة بحدة: والمطلوب ؟..ألست الآن أصلح سيارتك على نفقتي الخاصة؟..
ركل حجرا صغيرا بقدمه وقال وهو يهز كتفيه: بلى.. ولكن ماذا عن عودتي الى
المنزل؟..هل تريدين ان اعود باحدى الحافلات التي تبعد اقرب محطة لها عن
هنا حوالي كيلومترين ..ام تريدين ان انتظر وصول سيارة اجرة الى هنا وان
ادفع لها من جيبي الخاص.. وانت المسئولة عن كل هذا..
قالت الفتاة بحنق: ان كنت تريد مالا لركوب سيارة اجرة .. فسأعطيك ما تريد..كان ينبغي ان تقول اني ارغب بمال منذ البداية بدلا من...
كانت تتحدث وتهم بفتح حقيبة يدها.. حين سمعت هشام يقاطعها بحدة: لست متسولا يا آنسة..
التفتت له بغضب وقالت: ماذا تريد اذا؟.. الا تظن انك قد تجاوزت حدودك بالفعل؟..
قال بلامبالاة: لا.. لا اظن..كل ما اطلبه منك..ان توصليني الى المنزل..
فغرت فاهها بدهشة وقالت: ماذا؟..
قال مبتسما: هل اذنك تعاني مشكلة ما؟..قلت بأني اريد ان توصليني الى المنزل لأني لم اعد املك سيارة للعودة بها الى هناك بسببك..
تطلعت اليه بدهشة ممزوجة بالحنق..ياله من جرئ.. ايطلب منها ان توصله..وبكل
هذه البساطة.. وسمعته يقول في تلك اللحظة: يقولون ان الصمت علامة للرضا
والموافقة.. لهذا سأعتبر انك قد وافقت..
قالها واتجه بكل ثقة الى سيارتها ليفتح الباب المجاور ويجلس ..كل هذا امام
عينيها.. وكأنها لم تعد تملك من امرها شيئا..وكأن هذه السيارة هي سيارته
هو لا هي.. توجهت له وقالت بغضب وهي تتطلع اليه من نافذة السيارة: من فضلك
يا سيد..لا اريد مشاكل..اهبط فورا..
عقد ذراعيه امام صدره وقال: اترفضين مجرد ايصالي بعد ان حطمتي سيارتي..
لاحظي بأني لم اطلب الشيء الكثير.. ولم اطلب منك تعويضا حتى عما اصاب
ذراعي نتيجة لقيادتك السيئة..
تطلعت اليه بدهشة.. ولم تدرك انه ممثل بارع برسم كل تلك الجدية على وجهه
لحظتها..فلم تجد حلا للتخلص من مضايقته لها سوى ايصاله الى حيث يريد..هزت
كتفيها بملل قبل ان تتوجه الى الباب الآحر وتستقر على مقعد القيادة..وقالت
وهي تدير المحرك: لا تظن اني راغبة بتوصيلك..انا مضطرة لذلك حتى اتخلص من
مضايقاتك..
قال مبتسما وهو يضع يديه خلف رأسه: حقا؟..هل اسبب لك الضيق؟..
قالت بحنق:بأكثر مما تتصور..
قال وهو يصطنع اللامبالاة: جيد اذا..
التفتت له وقالت بحدة: الى اين اذهب الآن؟..اين الطريق الى منزلك؟..
قال بهدوء شديد: نهاية الطريق ومن ثم يمينا..
ران الصمت لدقائق بعد عبارته..ومن ثم لم يلبث ان قال قاطعا الصمت الذي
غلفهما :لقد سأمت هذا الهدوء.. ما رأيك ان نتحدث قليلا بدلا من هذا الصمت
المتواصل؟..
قالت ببرود:بالنسبة لي افضل الصمت على سماع صوتك..
ابتسم وقال وكأنه لم يسمعها: سأعرفك بنفسي اولا.. انا ادعى هشام..هشام شريف..ابلغ من العمر السابعة والعشرين من عمري.. واعمل ...
قاطعته قائلة بنفاذ صبر: من طلب منك ان تقرأ بطاقتك الشخصية على مسامعي؟..
قال مبتسما : لا احد.. اعتبريني اتحدث مع نفسي..
قالت بحدة: انت كذلك بالفعل..
في حين قال هو مكملا: واعمل مهندسا في الشركة المتحدة للمقاولات..واخيرا..عازب..
تتطلعت اليه ببرود ومن ثم قالت: والآن الى اين اتجه؟..
قال وهو يتطلع من النافذة بلامبالاة: يسارا..
واردف وهو يتطلع الى الطريق بهدوء شديد: والآن اول منعطف على اليسار ..
قالت وهي تنعطف يسارا: نسيت ان اخبرك.. يمكنك ان تذهب لأخذ سيارتك غدا..فقد اخبرني ذلك الموظف انه سينتهي من اصلا....
قاطعها بغتة: يكفي.. الآن توقفي على جانب الطريق..
توقفت على جانب الطريق ومن ثم قالت بحيرة: ارى انها منطقة تجارية ..ولا
يوجد فيها أي منزل .. سوى تلك العمارة البسيطة .. فهل تسكن باحدى الشقق؟..
قال وهو يهز رأسه نفيا: لا ابدا..
التفتت له وقالت متسائلة: اذا؟..لم جئنا الى هنا؟..
اشار باصبعه الى خارج النافذة ومن ثم قال: لأني ارغب بالذهاب الى هناك..
عقدت حاجبيها وقالت: المطعم؟؟..
قال مبتسما: اجل .. فلم اتناول طعاما منذ الصباح.. واشعر بالجوع الشديد..
وفكرت بالحصول على وجبة بسيطة الآن .. ما رأيك هل تشاركينني؟..
قالت وقد اتسعت عيناها بدهشة: لابد وانك تعاني من مشكلة ما في
عقلك..تصطحبني الى هنا من اجل ان تتناول وجبة طعام .. كان بامكانك الحصول
على ما تريد بمنزلك..دون ان تسبب لي كل ...
قاطعها قائلا:لا اظن اني قد تسببت في تأخيرك عن أي عمل هام ..اليس
كذلك؟..ثم ما المشكلة ان طلبت تناول وجبة الآن؟.. هل يعد المرء مجنونا ان
تحدث بصراحة وتصرف بحرية؟..
قالت بحدة: هذه ليست صراحة وحرية.. بل جرأة ووقاحة..
قال وهو يهز كتفيه: فليكن .. سميها ما تشائين..المهم اني سأهبط لتناول وجبة ما.. ولن ارفض ان شاركتيني المائدة..
قال عبارته الأخيرة وهو يبتسم لها بجاذبية..تطلعت له لوهلة بغرابة.. ولم
تستطع ان تنكر بأنه وسيم بعيناه البنيتان الجذابتان ..وان ابتسامته قد
زادته وسامة.. وقالت وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه : اسمعني جيد يا سيد.. لو
انك ستهبط فاعلم اني سأغادر المكان على الفور..لست مستعدة على ان اجاريك
في العابك..
قال وهو يغمز لها بعينه ويفتح باب السيارة: فليكن.. افعلي ما يمليه عليك
ضميرك..وغادري ان اردت.. ولكني اكرر ..لو اردت مشاركتي فلن ارفض..
قالها وهبط من السيارة..متجها الى ذلك المطعم..تاركا اياها في حيرة من
امرها.. هل تتركه وتمضي؟ ..ام تنتظره؟ ..او ربما تقبل بعرضه؟.. لا ..
مستحيل.. أي تخريف هو هذا.. اشارك شابا غريبا مائدته .. والادهى ان معرفتي
به لم تزد على نصف يوم لا اكثر.. انا لا اعرفه.. ولا اعرف من يكون وكيف هي
شخصيته واخلاقه.. وبماذا يفكر بالضبط.. انه يبدوا لها شابا جريئا .. ولكنه
في الوقت ذاته.. يمتلك شخصية ساحرة استطاعت ان تؤثر عليها و...ما هذا الذي
تقوله؟؟.. لقد بدأت تهلوس حتما ..يبدوا ان هذا الشاب قد افقدها عقلها
تماما..
والآن ماذا تفعل؟.. كيف تتصرف تجاه هذه الشاب الأحمق؟..تضاعفت حيرتها
عشرات المرات ومن ثم لم تلبث ان اتخذت قراراها وقالت: سأنتظره..اجل
سأنتظره ريثما ينتهي.. وحسب...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:46 am


*الجزء الرابع والثلاثون*
(الى متى سيمكنك الانتظار؟)


شعرت وعد بالملل وهي تجلس على تلك المائدة التي تضم نادية وعدد من
زميلاتها واخيرا هي.. لم يكن مبعث مللها هو الاحاديث الدائرة.. بل بسبب
قلقها على طارق.. منذ ان غادر المكان منذ نصف ساعة لم يعد حتى الآن ولم
يحاول الاتصال بها ليخبرها عن ما هنالك..ما الأمر؟..هل المكالمة الذي جاءت
له مهمة الى هذه الدرجة.. والى ان يغادر مبنى الصحيفة بأكمله من اجلها؟..
(هيا يا وعد.. لنعد الى القسم.. لقد انتهت فترة الاستراحة ..)
التفتت وعد الى نادية صاحبة العبارة السابقة .. وقالت وهي تزفر بحدة: حسنا..
قالتها ونهضت من مكانها وسارت بالممر بشرود..حين سمعت نادية تقول: صحيح..
اين الاستاذ طارق؟..لقد كان يشاركك الطاولة في بداية فترة الاستراحة..
التفتت لها وعد وقالت: جاءته مكالمة هاتفية.. غادر على اثرها مبنى الصحيفة..
- مكالمة هاتفية؟..وممن؟..
قالت وعد وهي تزفر مرة اخرى بحدة: ليتني اعرف..
قالت نادية متسائلة: الم يخبرك الى اين هو ذاهب؟..
هزت وعد رأسها نفيا ببطء ومن ثم قالت: نعم لم يخبرني ..كل ما قاله ان المكالمة هامة وتستدعي مغادرته لمبنى الصحيفة..
قالتها ومن ثم دلفت الى القسم الذي كانتا قد اقتربتا منه في طريقهما..ورمت
بنفسها خلف مكتبها بضيق.. وهي تتطلع الى مكتبه الفارغ.. اين هو؟.. لماذا
لم يعد حتى الآن؟ ..لم؟ .. ربما يكون منشغلا بالأمر الذي استدعى خروجه
..او ربما ما اخره هو ازدحام الشوارع لا اكثر ..لم لا تتصل به؟..اجل لم لا
تفعل؟.. لتطمئن وتعرف اين هو وما الذي اخره؟..
اخرجت هاتفها المحمول من حقيبتها وضغطت رقم هاتفه باصابع متوترة..قبل ان
تستمع الى الرنين المتواصل على الطرف الآخر ..وانتظرت في لهفة اجابته..
ولكن انقطع الرنين دون ان يجيب.. اعادت الاتصال به مرة اخرى .. ولم يجب
ايضا..تبا..اين هو الآن؟.. اين هو؟..
اعادت الهاتف الى حقيبتها بعصبية.. وتطلعت الى مجموعة الاوراق النصف
مكتملة امامها..هل لديها مزاج رائق للعمل الآن؟..هل يمكنها ان تعمل بهدوء
وهي لا تعلم الامر الذي استدعى طارق مغادرته للمبنى..هل الار بمثل هذه
الخطورة حقا؟.. حتى يرفض اخبارها او اخبار أي شخص آخر و...
خطرت لها بغتة فكرة .. جعلتها تلتفت في سرعة الى احمد وتقول: استاذ احمد..
التفت لها وقال: اجل..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: منذ متى غادر الاستاذ طارق الصحيفة؟..
قال وهو يتطلع الى ساعة يده: منذ نصف ساعة تقريبا..
عقدت وعد حاجبيها بتفكير..اذا فهو يعلم بأمر مغادرته .. وربما يعلم بالامر
الذي جعله يغادر الصحيفة على عجل ..وسألته قائلة بلهفة: هل اخبرك بسبب
مغادرته؟..او الى اين هو ذاهب؟..
صمت احمد للحظة ومن ثم لم يلبث ان قال بابتسامة: ان كنت تريدين اية اجوبة.. فاطلبيها منه هو بنفسه..
قالت وعد في سرعة: انت تعلم اذا الى اين قد ذهب..
قال وهو يهز كتفيه: ليس تماما..
- اخبرني بالله عليك اذا..الى اين قد ذهب؟..
تردد احمد طويلا وقال: صدقيني.. سيخبرك بكل شيء بنفسه .. لا تتعجلي الامور..
التفتت عنه وقالت بعصبية: هل الامر يستدعي كل هذه السرية؟.. هو لا يطارد
عصابة من اللصوص وقد ذهب للقبض عليهم الآن على ما اظن..حتى تخفوا الامر
عني بهذه الطريقة..
قال احمد وابتسامته تتسع: من يدري ربما يفعل.. مع طارق لن يمكنك تخيل القادم ابدا..
لم تعلق على عبارته.. بل اخذت تكمل ما بدأته من عمل بضيق وعصبية .. لم لم
يخبرها بمكان ذهابه؟.. لم يتركها لكل هذه الحيرة والقلق .. لم يصر على ان
يغلف نفسه بغلاف من الغموض فيما يفعل.. الا يحق لها ان تعلم الى اين قد
ذهب على الاقل؟...
(وعد.. آنسة وعد)..
انتزعها الصوت من افكارها التي سيطرت عليها..وقالت وهي ترفع رأسه لنادية ناطقة العبارة السابقة: اجل.. ماذا هناك؟..
قالت نادية بابتسامة مشفقة: هاتفك يرن..
انتبهت لتوها الى رنين هاتفها..والتقطته بلهفة من حقيبتها..ولم تكد ترى
رقم المتصل.. حتى هتفت بكل القلق الذي في اعماقها: طارق .. اين
انت؟..اخبرني ارجوك..لا تتركني في حيرة من امري هكذا..
قال طارق مبتسما: هوني عليك يا وعد.. الامر لا يستحق كل هذا..
قالت بحدة: اجل لأنك لست في موضعي الآن.. لهذا تتكلم بكل هذا البرود..
بينما انا هنا.. لا اعرف اين انت؟.. وما الذي دعاك للمغادرة فجأة؟..او
ربما ان مكروها قد حدث ...
بترت عبارتها ولم تستطع ان تكملها..فقال طارق بهدوء: لقد وعدتك بأن اخبرك بكل شيء عندما اعود..
- ولم ليس الآن؟..
- الموضوع طويل ويطول شرحه..
قالت وعد بقلق واهتمام: طارق ..أأنت بخير حقا؟..
قال طارق بحنان: انا بخير يا وعد.. لا تقلقي ابدا..
قالت بهمس: عدني..
قال متسائلا: بماذا؟..
قالت بصوت خافت: ان لا تتركني اقلق عليك هكذا مرة اخرى ..
ابتسم بحنان وحب.. ومن ثم قال بهمس: اعدك..
واردف: وعلى فكرة.. فأنا قريب من مبنى الصحيفة ..سآتي الى القسم في الحال لأزعج احمد قليلا..
ارتسمت ابتسامة على شفتي وعد وقالت: دعه وشأنه.. انه صديق مخلص جدا.. ويندر وجود اصدقاء مثله..
سألها قائلا: وكيف عرفت؟..
قالت بحنق: لقد رفض اخباري بمكانك وظل مصرا على اخفاء الامر عني..كما اتفقتما .. اصحيح؟..
قال طارق بابتسامة: لقد وعدني ان لا يخبر احدا بمكاني لو اخبرته..ولكني
طلبت منه اني لو تأخرت لفترة طويلة بعض الشيء ان يخبرك الامر.. فأعلم انك
ستكونين قلقة علي حينها ..
قالت متسائلة بحيرة: ولكن.. لم لم تجب على هاتفك؟..
قال مجيبا: معذرة فقد نسيته في السيارة لحظتها..
واردف قائلا: والآن الى اللقاء يا وعد..فقد وصلت الى مبنى الصحيفة..
قالت بهدوء: الى اللقاء..
اغلقت الهاتف .. وارتسمت ابتسامة ارتياح على شفتيها بعد محادثة طارق لها
فقد تأكدت على الاقل انه على مايرام ..وانه لم يصب بأي مكروه ..انها تشعر
براحة نسبية على الرغم من جهلها لمكان تواجده طوال تلك المدة السابقة..
و...
( ام اقول اني وصلت الى قسم الصفحة الرئيسية)
التفتت وعد الى صاحب الصوت وقالت هامسة باسمه في لهفة: طارق..
ابتسم وقال: كيف حالكم جميعا؟.. يبدوا انكم قد استمتعتم في عدم وجودي..
قال احمد مبتسما: كثيرا.. وخصوصا ان المكتب كان فارغا منك ومن سخريتك..
اما نادية فقد قالت: اين كنت كل هذ الوقت يا استاذ طارق؟..
قال طارق ملوحابكفه: الامر ليس بمثل تلك الاهمية ابدا.. فلا تقلقوا بشأني..
واردف وهو يتطلع الى احمد بابتسامة: اراهن انك اول من اشتاق لوجودي في هذا القسم..
قال احمد مبتسما: ابدا..لقد تخلصت منك بكل صراحة..
اما وعد فقد كانت تتابعه بعيناها في لهفة.. وهي تحاول ان تستشف من ملامحه
ما يحاول ان يخفيه عنها بداخله..وشاهدته يتجه ليجلس خلف مكتبه ومن ثم
يلتفت لها ويبتسم ..ابتسامته كانت اقرب الى المرح وهو يشير الى شيء ما على
طاولتها..تطلعت اليه في حيرة وعيناها تتسائلان عما هنالك..وانتبهت بغتة
الى انه يشير الى هاتفها المحمول.. فأمسكت به ورفعت عيناها متسائلة
..بمعنى هل هذا ما قصده..فأومأ برأسه بهدوء.. ولم يكد يفعل حتى ارتفع رنين
هاتفها معلنا عن وصول رسالة..انتفضت بدهشة..ولم تلبث ان رفعت عيناها الى
طارق وهي تتطلع اليه في حنق لارعابها على هذا النحو.. اتسعت ابتسامته
المرحة مما اكد لها انه حقا من ارسل تلك الرسالة لها..التقطت الهاتف
وفتحتها لتقرأ حروفها التي كانت تقول: ( سأخبرك بكل شيء بعد ان تنتهي فترة
العمل بالصحيفة.. اعدك..ومعذرة ان كنت قد اقلقتك علي)..
اغلقت الرسالة ووضعت هاتفها في حقيبتها وكأنها لم تهتم برسالته
ابدا..وواصلت عملها بهدوء..فارتفع حاجبا طارق لوهلة من ردة فعلها .. لكنه
لم يلبث ان لمح تلك الابتسامة التي جاهدت طويلا لتخفيها في اعماقها..
ابتسامة تحمل كل معنى للارتياح والاطمئنان والسعادة...
**********
تطلع هشام بابتسامة ماكرة من خلال النافذة الى تلك السيارة .. التي وقفت
بسكون الى جوار المطعم..لقد تعمد اخذ طاولة الى جوار النافذة الزجاجية
للمطعم..وقد اختار موقعا لا يمكن لها من خلاله ان تلمحه من الخارج..
ليراقب تحركات تلك الفتاة وما ستفعله..هل ستنتظره؟.. ام ستغادر غير مبالية
به..وعندما شاهدهالم تغادر المكان بعد دخوله الى المطعم.. ادرك بأنها
ستنتظره..ولن تغادر ..ولهذا تعمد التأخير بجلوسه في المطعم..وكلما جاء
النادل ليأخذ طلبه قال بابتسامة هادئة: انني انتظر شخصا وربما سيتأخر..
وهكذا كان يضيع من الوقت متعمدا حتى يزيد من فترة تأخيره..وتطلع الى ساعته
وقال وابتسامته الماكرة تتسع: فلنرى.. الى متى سيمكنك الانتظار؟..
وجاءه النادل للمرة الثالثة وهنا قال هشام وقد ادرك ان النادل قد بدأ يشك في كونه زبونا: احضر لي عصير برتقال طازج..
اومأ النادل برأسه وقال: فليكن يا سيدي.. اترغب في أي شيء آخـ...
قاطعه هشام بغتة وهو يقول في سرعة وحماس وهو يتطلع من النافذة: اجعلهما اثنين..
اومأ النادل برأسه وهو يستغرب حالة الحماس الذي سيطرت على هشام بغتة..
وانصرف مبتعدا..في حين قال هشام وهو يعقد ساعديه امام صدره: لقد استسلمت
اخيرا.. وهاهي ذي قادمة بنفسها الى هنا..
فقد شاهد تلك الفتاة تهبط من سيارتها وهي تتجه الى حيث المطعم.. ويبدوا من
طريقة سيرها انها غاضبة والى اقصى حد..وهاهي ذي تتلفت في المطعم بحثا عنه
وما ان لمحته حتى توجهت اليه وقالت وهي تقف في مواجهة مائدته و تحاول
السيطرة على عصبيتها: لقد تأخرت كثيرا يا سيد.. الى متى تظنني سأنتظر؟..
قال بابتسامة: لا اذكر اني قد طلبت منك انتظاري..
قالت بحدة وانفعال: صحيح انت لم تطلب مني ذلك..ولكن انا الحمقاء التي
انتظرتك..ظنا مني انك ستحترم انتظاري لك وستأتي سريعا.. لا ان تجعلني
انتظرك كل هذا الوقت خارجا وكأنني سائق اجرة خاص لـ...
قاطعها هشام قائلا وهو يضع سبابته امام شفتيه: اهدئي قليلا واجلسي حتى نتفاهم.. الكل يتطلع اليك..
اختلست النظرمن حولها فأدركت صدق ما قاله.. ترددت طويلا قبل ان تجلس
بارتباك وتقول : اسمع ان لم تغادر هذا المكان بعد خمس دقائق قسأمضي في
طريقي ولن آبه بك..
قال وهو يهز كتفيه: وما ذنبي ان كانت خدمة هذا المطعم بطيئة..
في نفس الوقت رأى النادل يقترب منهما ويضع امامهما كأسي العصير .. فقال وهو يشير الى الكأسين: ارأيت .. لقد احضرهما لتوه..
قالت بحنق: اتحاول اقناعي انك قد قمت بطلب هذا العصير منذ ان دلفت انت الى هنا..ولم يحضرهما الا الآن؟..
قال هشام وهو يلتفت الى النادل: احضر غداء لشخصين من فضلك..
اسرعت تقول وهي ترى النادل ينصرف: لحظة واحدة.. من قال اني اقبل دعوتك لتناول الطعام .. انا هنا من اجل ...
قاطعها هشام قائلا ببرود: ومن قال ان الوجبة الاخرى لك؟..
- اذا لمن؟..هل يوجد شخص ثالث معنا؟..
قال بابتسامة مستفزة: اشعر بالجوع .. وارغب بتناول وجبتين..فهل يزعجك هذا في شيء؟..
قالت وهي تشيح بوجهها عنه في غضب: من فضلك يا سيد ..لقد تطوعت بايصالك الى
مكان سكنك..لهذا احترم ما فعلته تجاهك..وحاول ان لا تتسبب في تعطيلي اكثر
من ذلك .. تناول ما تريد في سرعة.. اما انا فسأنتظرك بالسيارة و...
قال هشام بلهجة جدية وجدتها غريبة عليه: الا تعلمين ان عمل المكيف طوال فترة توقف السيارة يؤدي الى تعطله وربما تعطل السيارة كذلك؟..
قالت وهي ترفع حاجبيها بحيرة واستغراب: احقا؟..
اومأ برأسه وقال: بلى ان هذا الامر حقيقي واقسم على هذا..
واردف وهو يعتدل في جلسته قليلا: ولهذا اظن انه من الافضل لك انتظاري هنا.. لن اتأخر كثيرا..
قالت بسخط: اشك في هذا..
كان هشام يحاول ان يستبقيها معه بشتى الطرق.. يريد ان تمنحه فرصة ليتحدث
اليها ..يريد ان يعرفها عن قرب..يعرف اشياء اكثر عنها.. شخصيتها..
هواياتها.. دراستها ..طريقة تفكيرها .. فهو يشعر بأنها تعويض من القدر له..
وقال هشام بابتسامة: بدلا من الشجار.. ما رأيك في ان نتحدث قليلا؟..
قالت وهي تسند ذقنها الى قبضتها في عصبية: انا لا اتحدث مع شاب لا اعرفه الا للضرورة..
قال هشام وابتسامته تتسع: بل تعرفينني..وتعرفين انني ادعى هشام وانني مهندس..وماذا عنك؟..
تجاهلت السؤال الموجه لها تماما.. فقال بهدوء: فليكن.. على الاقل ماذا تدرسين؟..او ماذا درست؟..
رفعت عيناها اليه وقالت بملل: هل يهمك الامر الى هذه الدرجة؟..
قال وهو يلوح بكفه: لا.. مجرد سؤال لتمضية الوقت..
تطلعت الى نقطة وهمية ومن ثم قالت: فليكن اذا.. انا ادرس تخصص الديكور..
قال مبتسما: ممتاز اذا..فتخصصانا متقرابان الى حد ما.. سأخطط انا لتصميم
المنزل ..وانت تخططين للديكور الداخلي له..لو حدث وتوظفت يوما في الشركة
التي اعمل بها..
قالت بحنق: سأستقيل وقتها بكل تأكيد..
قال وهو يتطلع لها: هل ترينني ثقيل الظل الى هذه الدرجة؟..
كان عقلها يجيب بلا..تعترف بأنه ليس كذلك ابدا..بل انه مرح ودائم
الابتسام.. يأخذ الامور ببساطة كبيرة.. وعلى الرغم من انه جرئ الى درجة
كبيرة الا انه مهذب في الوقت ذاته و...
ابعدت تلك الافكار عن ذهنها في سرعة وقالت: ما رأيك انت في شخص يدعو نفسه
ليوصله شخص ما الى مكان سكنه بنفسه؟..ومن ثم تراه يأخذك الى مطعم لرغبته
في تناول الطعام وبعدها يتركك تنتظر نصف ساعة واكثر خارجا..
قال هشام بسخرية: شخص ثقيل الظل حقا..
وقال مردفا وهو يصطنع الاهتمام: ولكن من هذا الشخص؟..
قالت بسخرية هي هذه المرة: تستطيع ان تراه في المرآة لو نظرت اليها بنفسك..
قال ساخرا: وكذلك انت .. تستطيعين ان ترينه لو نظرت الى نفسك في المرآة..
عقدت حاجبيها بغضب وهمت بأن ترد عليه..لولا ان وضع النادل امامهما طبقي
الطعام..فقالت هي وهي تشيح بوجهها: اسرع بتناول ما تريد فأريد ان اعود الى
المنزل.. سيقلقون علي لو تأخرت لساعة أخرى..
قال هشام مبتسما: ومن سيقلق عليك؟..فارس؟..
تطلعت اليه بدهشة ومن ثم تذكرت ان شقيقها قد حادثه عندما اتصل وربما اخبره
باسمه..ولم تجب عليه بل تطلعت من خلال النافذة بشرود.. وسمعت هشام في تلك
اللحظة يقول: لو ترغبين في مشاركتي الطعام فلن امانع..
ودون ان تدرك ارتسمت على شفتيها ابتسامة ..ابتسامة لاحظها هشام.. فقال وهو
يتطلع لها: اتعلمين انها اول مرة اراك في وضع يخالف تجهم وجهك ..
التفتت له وتطلعت اليه بحيرة فأردف مبتسما: انها المرة الاولى التي ارى فيها ابتسامتك..
ادركت في تلك اللحظة فقط انها ابتسمت لعبارته السابقة ..ولم تعلق على ما قاله.. بل عادت لتلتفت عنه وتطلع من النافذة بشرود اكبر...
*********
قال طارق مبتسما وهو يغادر الطابق الارضي لمبنى الصحيفة برفقة وعد: هل حقا قلقت علي الى تلك الدرجة؟..
التفتت له وقالت باستنكار مصطنع: من قال هذا؟..
قال وهو يشير اليها: صوتك من قال هذا وانا اتحدث اليك عن طريق الهاتف..
واردف وهو يقلد طريقتها في الحديث: طارق اين انت؟..لماذا لم تعد؟.. لماذا لم تخبرني بمكانك؟..لماذا جعلتني اقلق عليك؟..لماذا...
قاطعته وهي تقول بسخرية: لماذا تحدث نفسك الآن؟..
قال وهما يسيران باتجاه المواقف: اردت ان اؤكد لك فقط انك كنت شديدة القلق علي؟..
قالت في سرعة: لماذا تفسر اسألتي عنك هكذا؟..
التفتت لها وقال وهو يتطلع الى عينيها مباشرة: ولماذا تكابرين؟..
اسرعت تقول وهي تتوجه نحو سيارتها: انا لا اكابر وانما احاول شرح وجهة نظري.. فعندما كنت ...
قاطعها في سرعة: الى اين انت ذاهبة؟..
تطلعت له بحيرة ومن ثم قالت مجيبة: الى سيارتي بكل تأكيد..
قال وهو يضع كفيه في جيبي سترته: الا يهمك معرفة مكاني؟..
قالت في لهفة: بلى .. بكل تأكيد..
فتح الباب المجاور لسيارته وقال بابتسامة: اذا اصعدي ..وسأخبرك بكل شيء في الطريق..
قالت متسائلة وهي تتجه نحوه: والى اين سنذهب؟..
هز كتفيه وقال : وفيم يهم؟..
واردف وهو يميل نحوها: المهم ان نكون معا..
احست برجفة في اطرافها وهي تراه يميل نحوها وتطلعت له لوهلة ومن ثم قالت بخجل: ربما معك حق..
قالتها ودلفت الى سيارته لتجلس الى جوار مقعد القيادة الذي احتله
طارق..وانطلق بالسيارة وقال وهو يخشى من ردة فعلها: لقد كنت بــ...بمركز
الشرطة..
تطلعت اليه وعد بعينان لا تفهمان.. وكأنها لم تستوعب ما قاله ..وقالت بصوت مرتبك: هل تمزح؟..
قال وهو يهز رأسه نفيا: وهل يوجد مزاح في امر كهذا؟..
قالت بانفعال: ماذا تعني اذا؟.. لم كنت هناك؟..
قال بهدوء وهو يختلس النظر اليها: اتذكرين ذلك الشاب.. الذي تعرض لك لمرتين..
اومأت برأسها وقالت بدهشة: بل اذكره ولكن لما...
بترت عبارتها واتسعت عيناها وقالت مردفة وهي تلتفت له: هل من الممكن ان يكونوا قد عثروا علىدليل او شاهد ضده؟ ..
قال طارق وهو يتطلع الى الطريق الممتد امامه: لم ارد ان اخبرك عندما
اتصلوا بي صباحا واخبروني بأنهم يرغبون في ان اتواجد بالمركز بخصوص ذلك
الشاب الذي تعرض لك..خشية ان يكون الامر ليس في صالحي فتلومي نفسك وتظني
انك السبب فيما قد يحدث لي..ولهذا غادرت المكان بعد ان تكتمت على الامر
وتوجهت الى المركز لأجد ان هناك شاهد رأى كل ما حدث وشهد بأن ذلك الشاب قد
تعرض لك اولا ومن ثم هاجمني فجأة دون ان احاول التهجم عليه..
تطلعت له وعد ومن ثم لم تلبث ان ابتسمت بحنان وقالت: الهذا السبب لم تخبرني بالامر؟..
قال طارق مبتسما: لم اكن اريدك ان تلومي نفسك على ما حدث ابدا فأنت لم
تفعلي شيئا ابدا سوى انك كنت ذاهبة لتأدية عملك.. ليس ذنبك ان حاول ذلك
الوقح التعرض لك.. وليس ذنبك انني قد حاولت الدفاع عنك واصبت..
سألته قائلة بابتسامة: حسنا وماذا فعلوا بشأن ذلك الوقح؟..
قال طارق بهدوء: اظنهم سيسجنونه.. ولكن اظن ان المدة ستكون قصيرة جدا..فهو يبدوا من عائلة ثرية وذات نفوذ..
قالت وعد بغضب: تبا.. اهذا هو العدل؟.. يسجنونه لفترة قصيرة وقد اصابك في ذراعك لمجرد انه ابن عائلة ذات نفوذ..
قال طارق وهو يوقف السيارة في احد المواقف: لا تقلقي نفسك.. لقد قلت اني اظن فحسب.. ومن يدري ربما ينتصر العدل في النهاية؟..
قالت في سرعة: سأحاول ان لا تتعرض لأي مشكلات بسببي مرة اخرى..
قال متسائلا: وكيف هذا؟..
قالت بصوت مرتبك بعض الشيء: قد لا اذهب مرة اخرى وحدي في مهمة صحفية..
قال باهتمام وهو يلتفت لها: احقا يا وعد.. لن تفعلي؟..
شعرت ببعض الخجل ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة: لقد قلت قد..اي ربما اجل.. وربما لا..
و صمتت لوهلة ومن ثم قالت بعد ان لاحظت توقف السيارة: لم توقفت هنا؟..
قال وهو يلتفت لها ويتطلع اليها: ما رأيك بدعوة من شاب بسيط مثلي على الغداء؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وقالت وهي تلتفت عنه بخجل: بسيط؟.. يالك من متواضع.. الجميع يقول انك افضل صحفي في الصحيفة..
- يبالغون لا اكثر..
واردف متسائلا: والآن ما رأيك هل توافقين على دعوتي؟..
ابتسمت بخجل وقالت: وهل استطيع ان ارفض دعوة من افضل صحفي بالجريدة؟..
قال باستنكار: فقط؟..الهذا تقبلين دعوتي؟..
التفتت له وقالت بحنق: طارق انت تفهمني.. فليس هناك أي داع لتجر مني الحديث..
قال وهو يصطنع الضيق: كيف افهمك وانت لا تتحدثين؟..
قالت وهي تزفر بحدة: فليكن.. ولأنك اكثر البشر برودا..
قال بسخرية: كان من الاجدر بك ان لا تتحدثي ما دمت ستمتدحيني بهذه الطريقة..
قالت مبتسمة: حسنا ولأنك ذا شخصية متميزة..
لم يعلق على عبارتها.. واصطنع التطلع من خارج النافذة ..فقالت وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: لا يكفي ايضا..
واردفت وهي تهمس بحنان: ولأنك الشخص الوحيد الذي جذب اهتمامي له منذ اللحظة الاولى..
التفت لها بشك مصطنع.. فأسرعت تقول: كما وانك قد وقفت الى جواري طويلا وساعدتني .. واصبت بسببي..
مال نحوها وقال بابتسامة: وايضا؟..
فتحت الباب المجاور لها وقالت بكبرياء وهي تخرج من السيارة: لا شيء..
فتح الباب بدوره وقال وهو يخرج من السيارة: لماذا تكابرين؟ ..
قالت وهي تهز كتفيها: لا اكابر وانما اقول الصدق..
قال وهو يسير الى جوارها: من اين تعلمت العناد؟..
قالت بهدوء: لست عنيدة..
ضحك وقال: ماذا؟.. لست ماذا؟.. ان وعد هي العناد بعينه..العناد مجسد بداخلك..
قالت بحدة: لست كذلك..
قال وهما يدلفان الى ذلك المطعم: هل تريدين اثبات .. حسنا ..بماذا تسمين اصرارك على الذهاب في لقاء صحفي لوحدك؟ ..
- رغبة في اثبات الذات..
- يالك من فتاة.. ولكن دعينا من هذا الآن..ولنتحدث في امر آخر..
- امر مثل ماذا؟..
كاد ان يجيبها لولا ان شاهد النادل يقترب منهما ويقول: طاولة لشخصين؟..
اومأ طارق برأسه .. فسار النادل امامهما ليرشدهما نحو احدى الطاولات وقال بابتسامة هادئة: هل تناسبكما؟..
قال طارق بهدوء : جيدة..
احتلت وعد احد المقاعد.. واحتل طارق المقعد المواجه لها..فقدم لهما النادل
قائمتين للاطعمة ومن ثم قال بهدوء: اترغبان بأي خدمة اخرى اقدمها لكما؟..
اجباته وعد هذه المرة قائلة: لا .. شكرا لك..
انصرف النادل مغادرا.. فقالت وعد بابتسامة: يبدوا مطعما ممتازا..
قال طارق في هدوء: احضر احيانا الى هنا.. ولقد قررت ان تكون اول دعوة لك في مطعم ممتاز كهذا..
قالت بابتسامة مرحة: تجيد الاختيار اذا..
تطلع لها وقال بحنان: بأكثر مما تتصورين.. والا لم احببتك دون سواك؟..
خفق قلب وعد في قوة.. انه يبدوا اكثر حنانا من أي مرة رأته فيها.. صوته
يبدوا يحمل كل حب الدنيا.. وعيناه تحملان لها مزيجا من هذا وذاك وهو يتطلع
اليها.. وحاولت قول أي شيء .. ولكنها لم تستطع.. احست بالكلمات تهرب من
على لسانها في كل مرة تريد فيها ان تبثه مشاعرها ..ولهذا اكتفت بان تهرب
بنظراتها بعيدا..وسمعت طارق يقول في تلك اللحظة: وعد ..لم لا تقولينها؟
..الى متى ستهربين من الحقيقة؟..لقد رأيتها في عينيك.. ولكني اتمنى ان
اسمعها بصوتك ..اسمعك وانت تنطقينها بنفسك..
قالت وهي تصطنع عدم الفهم: اقول ماذا؟..
تطلع الى عينيها مباشرة وقال بهمس: قولي بأنك تبادليني مشاعري ..
ارتسمت على شفتيها ابتسامة مرحة بغتة وهي تقول: حسنا كما تريد..انك تبادليني مشاعري..
قال طارق بضيق: وعد!..
قالت مبتسمة بمرح: ماذا؟..الم تطلب مني ان اقول تلك العبارة؟ ..
ابتسم بالرغم منه وقال وهو يتطلع اليها بحب: وتقولين بعد كل هذا بأنك لست عنيدة..
قالت وهي تضحك: لست كذلك..
تطلع الى ضحكتها المرحة بشرود.. وذهنه يشرد للتفكير في امر ما..امر يتمنى ان ينفذه في اسرع وقت كان..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:47 am


*الجزء الخامس والثلاثون*
(هل هو الوداع؟)


قالت الفتاة التي التقى بها هشام وهي تدلف الى سيارتها متحدثة الى هذا
الأخير في حنق: اسمعني يا سيد.. لو حاولت هذه المرة ايضا ان تقودني الى
مكان آخر غير مكان اقامتك..فأقسم على ان اتركك وارحل..فلست اعمل سائقة
لعائلتك..
قال هشام بابتسامة وهو يستقر في المقعد المجاور لها: ومن قال لك اننا نقبل
بسائقة مثلك لا تعرف القيادة وتصطدم بالسيارات التي امامها..
التفتت له وقالت بغضب: يجب عليك ان تشكرني لأني لم اخبر ادارة المرور بما حصل والا لكان التعويض من نصيبي انا..
قال هشام ببرود مثير للاعصاب: لم اكن اعلم من قبل ان التعويض من حق المتسبب في الحادث..
صاحت به في انفعال: انت من توقف فجأة في الطريق ولهذا اصطدمت بسيارتك ومع هذا ...
قاطعها هشام قائلا بملل: اذا انتهيت من حديثك الممل هذا فأخبريني حتى اصف لك الطريق الى مسكني..
ادارت المحرك بغضب لتنطلق بالسيارة.. وافكار شتى دارت في ذهنها.. من يظن
نفسه هذا الوقح.. بدل ان يشكرها على اصلاحها لسيارته على نفقتها الخاصة
..تراه يتعمد استفزازها واثارة حنقها وسخطها.. وكأنه يستمتع بذلك ..ولكن
مع هذا تشعر بأنه شاب مختلف.. لا تعلم من أي ناحية .. ولكن تشعر ان له
شخصيـ...
( اول منعطف على اليمين الآن)
ايقظها صوت هشام من شرودها ..فاختلست النظر اليه قبل ان تنعطف بسيارتها
الى اليمين..اما هشام فقد كان يعيش في صراع ..صراع بين قلبه المتعلق
بوعد..ورغبته في بدء حياة جديدة.. حياة مع انسانة تبادله المشاعر بحق ..
لا ان يتذلل في طلب هذا الحب..
تنهد بحرارة وهو يسند رأسه الى مسند المقعد..انه يشك ان قلبه سيتعلق بأخرى
سوى وعد.. ولكنه في الوقت ذاته..ليس متأكدا .. فمن يدري ربما يتغلل حب
فتاة اخرى الى وجدانه ..فتكون حبه الوحيد.. والحلم الذي طالما حلم به..ان
يكون مع فتاة تحبه بحق في ذلك المنزل الذي سيصممه بنفسه.. من اجله ومن
اجلها..
وقال في تلك اللحظة بهدوء: سيري في خط مستقيم بعد هذه الاشارة الضوئية..
استغربت الفتاة صمته المتواصل وشعرت بأن شيء ما يشغل تفكيره فقد كان يتعمد
الحديث اليها في كل لحظة.. اما الآن فهو يبدوا صامتا اكثر من اللازم.. ما
به؟.. هل يشغل تفكيره امر ما او انه...؟..وما الذي يهمني انا؟..فليكن ما
يكون.. ووجدت نفسها تقول في تلك اللحظة بهدوء: والآن الى اين؟..
قال باقتضاب: يسارا..
ظنت انه سيكتفي بهذه القول لكنه اردف: لا تقلقي انه الطريق الى مكان اقامتي بالفعل هذه المرة..
قالت بابتسامة باهتة: ومن الذي يضمن لي ذلك؟..
قال بهدوء: اقسم انه كذلك..
قالت وهي تختلس النظر اليه: اتعلم.. استغرب تناولك لوجبتين في ذلك المطعم..
ابتسم وقال: لقد اكتفيت بواحدة فقط.. اما الأخرى فأنا لم المسها..
قالت باستغراب: ماذا؟..لم تلمسها؟.. ولكني رأيتك تتناول الوجبتين بالفعل..
- كنت اتظاهر بتناول الثانية فقط.. وانت لم تكوني مهتمة لتنظري الى الاطباق التي امامي..
ابتسمت وقالت: اذا فقد كانت الأخرى لي بالفعل..
قال هشام بسخرية: لا بل للنادل.. فقد اشفقت عليه وقررت ان امنحه وجبة طعام مجانية..
مطت شفتيها وقالت: انه يستحق الوجبتين .. لا واحدة..
قال مبتسما: وماذا عني انا..الا استحق تناول أي وجبة؟..
وجدت نفسها تقول في سخرية: بلى.. ولكن بالسم..
ضحك هشام وقال: لم اكن اعلم انك تكرهيني وتتمنين موتي الى هذه الدرجة..
أنبت نفسها كثيرا على ما قالته.. كيف تتبسط معه هكذا؟ .. من اين تعرفه؟ ..
ولكن عليها ان تعترف ان اسلوبه المبسط في الحديث هو ما شجعها على ان
تسترسل في الحديث معه.. وسمعت هشام يقول في تلك اللحظة: اتجهي الآن يمينا..
واردف قائلا: ولكنك لم تخبريني بعد..
قالت بدهشة: اخبرك بماذا؟..
قال بصوت هامس بعض الشيء وهو يلتفت لها: هل حقا تكرهيني ؟..
توترت وقالت: اكرهك؟..ولم اكرهك؟..
قال وهو يهز كتفيه: ربما لأني انسان ثقيل الظل كما تقولين..
قالت محاولة السيطرة على توترها: اسمع يا سيد..انني لم اعرفك الا منذ صباح هذا اليوم فقط.. فليس هناك ما يدعو لأن اكرهك..
قال بهدوء: معك حق .. ليس هناك ما يدعوك الى كرهي .. فأنت سترتاحين من رؤية وجهي قريبا..والى الابد..
ظهرت الحيرة على وجهها وسألته قائلة: ماذا تعني؟..
وبدل ان يجيبها.. قال بصوت حازم بعض الشيء: توقفي هنا.. هذا يكفي..
اوقفت السيارة الى جانب الطريق وقالت متسائلة: اتقيم في هذه المنطقة؟..
ابتسم وقال: اجل بالجوار من هنا..ما رأيك ان ادعوك على كوب من العصير بدل دعوتي السابقة لك والتي ...
تطلعت له بضيق فقال وابتسامته تتسع: انا امزح لا غير..لا تتطلعي الي
هكذا..ثم اني اشكرك على ايصالي.. وكذلك على تحملك لي طوال تلك المدة..اعلم
اني شخص ثقيل الظل احيانا..ولكن ها انتذا ستتخلصين مني اخيرا ومن ثقل ظلي
ولن ترينني بعدها..
الآن فقط فهمت ما يعنيه.. الآن فقط ادركت ان بايصالها له سيفترقان وربما
الى الابد..مهمتها انتهت..وكذلك لقاءها به..هل يمكن ان تراه مرة اخرى؟..
احتمال هذا لا يزيد على خمسة في المائة..لم تعلم لم شعرت بالضيق لهذا
الفراق السريع بينهما .. وعلى الرغم من انه تعمد اثارة حنقها وعصبيتها
طوال ذلك الوقت الذي قظته معه .. الا انها شعرت بأنه استطاع السيطرة على
تفكيرها طوال الوقت..ربما لشخصيته المختلفة عن كل الشبان الذين رأتهن من
قبل..وربما لأنه الوحيد الذي بدا لها جريئا الى درجة كبيرة.. وربما لانه
...
قاطع افكارها صوت هشام وهو يقول: سأغادر الآن ..واراك بخير .. ربما نلتقي
مرة اخرى .. من يدري ..المهم أني قد قضيت وقتا جميلا معك هذا اليوم بحق..
التفتت له في حدة واتسعت عيناها بدهشة وهي تتطلع اليه ..وابتسم هو مردفا:
وعلى الرغم من اني لم اعرف عنك شيئا سوى انك تدرسين الديكور..الا انني ارى
انك فتاة ذات قلب ابيض..طيبة ومحبة لمساعدة الآخرين.. واعذريني لو سببت لك
الضيق.. ولكن ..هذا هو انا كما يقولون.. وهذه هي شخصيتي..
وجدت نفسها تبتسم ابتسامة مريرة وتقول وهي تهز رأسها نفيا: ابدا لم تفعل
ما يثير الضيق .. ولكني انا التي ابدوا في احيان كثيرة حادة المزاج
ومتسرعة..
قال مبتسما: وانا اشهد على ذلك..ولكن هل لي بسؤال؟..
صمتت فأردف وابتسامته تتسع: الن تخبريني باسمك حقا؟..
قالت مبتسمة: سأترك لك فرصة تخمينه..
قال مبتسما بسخرية: اذا فهو ...ياسر..
قالت وهي تمط شفتيها: سخيف..
- سترتاحين من سخافاتي ايضا..
واستطرد قائلا وهو يهم بفتح باب السيارة: اظن انه يتوجب علي المغادرة الآن.. فقد اثقلت عليك اكثر من اللازم..الى اللقاء..
قالت وهي تتطلع اليه وفي عينيها نظرة حزينة: اظن انه يتوجب عليك ان تقول الوداع..
التفت لها وقال بابتسامة: لا تتسرعي..قد نلتقي ذات يوم.. وتتمنين انت وقتها لو ان هذا اللقاء لم يحدث ابدا..
كادت ان تجيبه بلا.. انها تتمنى ان تلتقي به مرة اخرى بالفعل .. لم تعلم
لم؟ ..مجرد رغبة بداخلها تجعلها تتمنى ان تلتقي به مرة اخرى.. وقالت
مصطنعة اللامبالاة وهي تلتفت عنه: وكيف سيحدث ذلك اللقاء الآخر كما تقول
؟..
قال مبتسما: سأقود سيارتي بعد ان يتم اصلاحها الساعة الثامنة صباحا في
المنطقة الرابعة بالشارع 22..يمكنك الاصطدام بسيارتي هناك وفي ذلك الوقت..
واردف قائلا بمرح وهو يخرج من السيارة : ويمكنك ايضا زيارتي في مكان عملي
.. الشركة المتحدة للمقاولات .. لا تنسي..اخبريهم بأنك ترغبين بمقابلة
افضل مهندس بالشركة وستلتقين بي في الحال..
قالت بضيق: لابد وانك تهذي..اذهب الى الشركة لمقابلتك .. من تظن نفسك؟..ومن تظنني حتى افعل هذا؟..
اغلق باب سيارتها وقبل ان ينصرف قال وهو يميل نحو النافذة: هشام شريف..افضل المهندسين على الاطلاق..اما انت ففتاة قد اعجبت بي..
قالت وهي تمط شفتيها: هل هذه كذبة ابريل؟..
غمز لها بعينه وقال: لا فنحن الآن بشهر يونيو..
وثم قال وهو يرفع يده مودعا: والآن الى اللقاء يا آنسة..
وابتعد عن سيارتها مديرا ظهره لها.. وسار بخطوات هادئة بداخل احد
الممرات.. وعينا تلك الفتاة تتابعه..ومن ثم لم تلبث ان قالت بابتسامة: معك
حق..انها ليست كذبة ابدا..
واردفت وابتسامة حزينة ترتسم على شفتيها وهي تنطلق بالسيارة: الوداع يا..هشام..
قالتها وانطلقت بالسيارة وحزن غريب يعتصر قلبها لهذا الفراق بعد لقاء قصير
لم يتعدى الساعتين..وتمنت من كل قلبها ان تلتقي به مرة اخرى.. وقريبا..
*********
ابتسمت وعد وقالت وهي تلتفت الى طارق الذي احتل مقعد القيادة: شكرا ..
التفت لها طارق وقال: على ماذا؟..
اشارت الى الخارج وقالت: على اعادتي الى حيث سيارتي..
قال مبتسما: اكنت تريدين ان اتركك تعودين سيرا على الاقدام اذا؟..
قالت مبتسمة: ولم سيرا على الاقدام؟..الا توجد سيارات اجرة؟..
مال نحوها وقال: بلى توجد.. ولكن من قال اني سأسمح لك بركوبها وحدك؟..
قالت بمرح: لن يختطفني احدهم ونحن في منتصف النهار..
واردفت قائلة: والآن الى اللقاء.. اراك غدا..
ابتسم قائلا وهو يتطلع لها: الى اللقاء..
فتحت باب السيارة لتخرج منها.. ولوحت بكفها مودعة .. قبل ان تتوجه نحو
سيارتها وتنطلق بها..كانت تشعر بسعادة كبيرة في هذا اليوم بالذات.. ماذا
تريد اكثر من هذا.. من تحب اعترف لها بحبه اخيرا.. وحلمها على وشك ان
يتحقق اخيرا ..آلاف الاحلام التي تخيلتها اخذت تنسجها مع طارق .. مع فارس
احلامها..ولكن لا تزال هناك مشكلة بسيطة عليها ان تجد حلا لها..هشام..بم
تخبره؟..لو رفضته فما هو السبب لذلك؟..انها لا تريد جرح مشاعره.. انه يعلم
انها الآن لا تعتبره اكثر من اخ.. ومع هذا فهو متمسك بها..
تنهدت بحرارة وهي توقف سيارتها بجوار المنزل..وهبطت منها لتتوجه الى باب المنزل وتبتسم قائلة وهي تدلف اليه: لقد عدت..
قالت والدتها بدهشة: وعد..اين كنت كل هذا الوقت؟ ..ولم تأخرت الى هذه الساعة؟..
اضطرت وعد للكذب وقالت بتوتر: لقد كان لدي عمل اضافي بالصحيفة..
قالت والدتها متسائلة: وهل تناولت طعام الغداء؟..
اومأت وعد برأسها ايجابيا..فسألها والدها بابتسامة: وكيف حال مقالاتك؟..
ابتسمت وعد وقالت بمرح: بالصفحة الاولى دائما بكل تأكيد..
ومن ثم اردفت في سرعة: عن اذنكما.. سأصعد الى غرفتي لأغير ملابسي..
كانت تحتاج لأن تختلي بنفسها.. واسرعت الى الطابق الاعلى ودلفت الى غرفتها
.. لتلقي بنفسها على السرير وتفكر في امور متفرقة..طارق..حبيبها الوحيد..
وحلم حياتها..الذي يكاد يتحقق اخيرا..وهشام..ابن عمها العزيز الذي تعتبره
اكثر من شقيق لها.. لا تريد ان تكون سبب في آلامه ..يجب ان لا تنسيها
سعادتها ان برغم كل شيء هشام لا يزال يحبها من كل قلبه ..وان ...
قاطعها رنين هاتفها المحمول ..فالتقطته وابتسمت عندما شاهدت رقم الهاتف
الذي يضيء على شاشته.. وقالت بمرح: يا الهي .. هل افكاري تتحول الى واقع
بهذه السرعة؟ ..
قال هشام بابتسامة: اشك اني كنت محور تفكيرك قبل دقائق..
قالت مبتسمة وهي تعتدل في جلستها: من قال انك كنت محور تفكيري لقد احتللت جزء بسيط منه فحسب..
قال بخفوت: كحياتك تماما..
- المشكلة انك ابن عمي وانا مضطرة لان تحتل جزء كبير من حياتي..
قال هشام بهدوء: حسنا يا وعد.. سأسألك للمرة الأخيرة.. ومهما كان جوابك سأتقبله..هل تقبلين الزواج بي؟..
صمتت وعد للحظات وهي تفكر في وسيلة لبدء الحديث معه ..ومن ثم لم تلبث ان
قالت بصوت حاولت ان تجعله هادئا: انت تعلم يا هشام اني اتمنى لك السعادة
.. ولكن.. سعادتك لن تكون معي..صدقني.. انت انسان رائع لا تستحق فتاة مثلي
لا تبادلك مشاعرك.. بل تحتاج الى فتاة تحمل لك بداخلها كل الحب ..لا يمكن
ان تظل على احتمال ان ابادلك مشاعرك يوما .. بل يجب ان تكون متأكدا من ان
من ستتزوجها تبادلك المشاعر بالفعل ..فأنا ...
قاطعها هشام وقال بسخرية مريرة: هل اكمل انا يا وعد؟ ..حسنا سأفعل..فأنت
تعتبريني كأخ تماما وربما لا تتطور العلاقة بيننا لأكثر من ذلك.. وعلي ان
ابدأ من جديد و اجد فتاة تحبني بحق..بدل من انتظار ان تحبيني يوما.. اليس
هذا ما اردت قوله؟..
قالت وعد بحنان: هشام انت انسان رائع.. وليت المشاعر كانت بيدي.. فعندها كنت انت اول من سأحب..
قال هشام وهو يتنهد بحرارة: من هو؟..
قالت بحيرة: من تعني؟..
- من تحبين..
قالت وعد بارتباك: اسمعني يا هشام اخبرتك من قبل سواء اكان هناك شخص في حياتي او لم يكن.. فأنت ستبقى دائما شقيقي العزيز..
قال هشام وقبضة باردة تعتصر قلبه: الا يحق لي معرفة من اختطف قلبك على الاقل؟..
صمتت دون ان تجيبه..فقال بألم: فليكن يا وعد..افعلي ما تشائين..ولكن...
بتر عبارته وقال بابتسامة شاحبة وهو يردف: ولكن لو ضايقك فأخبريني حتى آخذ حقك منه..
ابتسمت وعد وقالت: ماذا اريد اكثر من ان يكون لدي ابن عم يحميني بكل قوته من كل من يضايقني..
واردفت قائلة : ولكن اتعلم هناك من يضايقني بالفعل..
سألها قائلا : ومن هو؟..
قالت بمرح: رئيس التحرير.. لو تستطيع تلقينه درسا.. فلن انسى صنيعك هذا ابدا..
قال هشام بابتسامة باهتة: معذرة يا فتاة..فلم اقل اني سأعمل حارسا شخصيا
لك.. ثم ان تعرضي لرئيس التحرير..قد ينشر بالصحيفة.. وتكون وصمة عار في
تاريخ افضل المهندسين على الاطلاق..
قالت بابتسامة: وانا من ستتكفل بنشر هذا الحدث..
قال هشام بسخرية: يالك من خائنة.. ادافع عنك..فتتسبين في فضيحة لي..
- وما المشكلة ان كنت سببا في شهرة ابنة عمك الوحيدة؟ ..
- ابحثي لك طريق آخر للشهرة بدلا من استغلال طيبتي..
واردف بابتسامة شاحبة: والآن يا وعد..اظن انه يتوجب علي توديع حلمي في ان
تكوني من نصيبي الى الابد..لهذا فسأقول لك للمرة الاخيرة.. انك لو غيرت
رأيك في أي وقت فستجدينني دائما مستعد للارتباط بك..
قالت مبتسمة: حتى ولو بعد خمسون عاما..
قال بسخرية: ومن قال اني سأموت على ذكراك.. سأكون متزوجا حينها ولدي من الاولاد والاحفاد ما يكفي..
قالت مبتسمة: يالك من شاب..الم تقل انك مستعد للارتباط بي في أي وقت..
هز كتفيه وقال: ولكني لم اقل اني مستعد لأن اظل عازبا طوال عمري..
قالت وعد مبتسمة: اتمنى من كل قلبي ان تتزوج سريعا من فتاة تحبها وتحبك..
- هل تفكرين بالتخلص مني بهذه السرعة؟..ثم حتى لو تزوجت من قال اني سأدعك وشأنك..
- الا تخشى ان تقيم زوجتك الحرب على رأسك؟..
قال هشام بسخرية: سأخبرها بأنك شقيقتي بالرضاعة..
ابتسمت وقالت: ومن يصدق كاذب مثلك..
قال هشام بهدوء: سأغلق الآن يا وعد.. فلدي ما اقوم به ..واتمنى ان تعيشي سعيدة مع من اخترتيه بنفسك..
قالت وعد بهدوء مماثل: واتمنى ان تحيا انت ايضا بسعادة في حياتك القادمة مع فتاة تحمل لك الحب في قلبها بقدر ما تحمله لها..
قال بابسامة حانية: الى اللقاء اذا يا ابنة عمي الحمقاء..
قالت بابتسامة: الى اللقاء يا ابن عمي الأحمق..
قالتها واغلقت الهاتف .. وابتسمت بشحوب وهي تشرد بأفكارها وتتطلع الى
السماء الملبدة بالغيوم من النافذة.. وهمست قائلة: اعذرني يا هشام.. اعلم
اني حطمت حلمك برفضي .. ولكن صدقني .. لو كنت املك مشاعري لما اخترت سواك
.. ستظل دائما اغلى شخص لدي في هذا العالم ..ولكن لست انا من اختار فارس
احلامي..بل قلبي ..الذي اختار طارق وخفق لمرآه.. وارتجف مع لمسته ..ارجوك
اغفر لي يا هشام.. لو سببت لك الألم والحزن برفضي لك ..واتمنى من كل قلبي
ان تحظى بفتاة تستحقك بالفعل..
ايقظها من شرودها وحديثها مع نفسها صوت رنين الهاتف مرة اخرى..فانتفضت في
حدة..قبل ان تزفر وتلتقطه لتتطلع الى رقم عماد الذي يضيء على شاشته..ورفعت
حاجبيها باستغراب .. ما الذي يدعوا عماد للاتصال بها؟.. واجابته قائلة
بهدوء: اهلا عماد ..كيف حالك؟..
قال عماد مبتسما:بخير.. ماذا عنك ايتها الصحفية؟..
- بخير..
- لقد قرأت لك عدد من المقالات.. تبدين صحفية جيدة..
قالت باستنكار: جيدة فقط؟..لو تعلم كم اكابد من العناء لتسجيل حوار فقط..
ابتسم وقال: اعتقد ان هذا هو عملك الذي اخترتيه بنفسك ويجب ان تتحمليه..
قالت مبتسمة: معك حق..
قال بغتة بجدية: في الحقيقة يا وعد.. لقد اتصلت بك حتى ادعوك الى حفل الخطبة..
قالت بابتسامة واسعة: واخيرا..منذ متى وانت وخطيبتك تحضران لها؟..
قال بهدوء: منذ اسبوعين تقريبا..
قالت وعد متسائلة في لهفة: ومتى ستكون؟..
- بعد غد..
اتسعت عيناها وقالت: انت تمزح بكل تأكيد..
ابتسم وقال: لا.. لا افعل ابدا..
قالت وهي تمط شفتيها بضيق: ولماذا تدعوني مبكرا هكذا؟..
اتسعت ابتسامته وقال: معذرة يا وعد.. ولكن كنت ابحث عن صالة للحجز منذ
اسبوع.. وقد وجدت واحدة اليوم اخيرا ..وكان هناك يومان يمكن ان
احجزهما..احدهما بعد غد ..والآخربعد شهر.. وانت تعلمين انني لا استطيع ان
ااجل جميع الترتيبات التي اعددتها لبعد شهر كامل..
قالت مبتسمة: حسنا لقد سامحتك..ولكن اظن انني لن استطيع تجهيز نفسي خلال فترة قصيرة كهذه.. لهذا اخبرك منذ الآن قد لا احضر..
قال مبتسما: افعليها وانظري ماذا سيحدث..
- ماذا تستطيع ان تفعل؟..
- سأرسل احدهم لأخراجك من المنزل بالقوة..
قالت مبتسمة: فليكن.. وتهنياتي لكما مقدما..
- شكرا لك.. وحذاري ان لا تحضري.. الى اللقاء الآن.. فهناك قائمة طويلة علي ان ابلغهم بهذا الموعد المفاجئ..
قالت مبتسمة: الى اللقاء واوصل سلامي الى خطيبتك..
- يصل..مع السلامة..
قالها واغلق الهاتف.. والتفت ليتطلع الى ليلى التي تجلس معه على تلك
المائدة في احد المطاعم وكانت تنظر اليه بنظرات متضايقة ومن ثم سألته
قائلة: مع من كنت تتحدث؟..
قال مبتسما وهو يتطلع لها:اظنك استمعت للمكالمة كلها..
قالت بحنق: ليس كلها.. ولكني علمت انها فتاة.. ولكن تهتم لحضورها كثيرا الى الحفل.. فلم؟..
مال نحوها وقال: ولم تظنين انت ذلك..الأني مغرم بها مثلا؟..
اشاحت بوجهها بعصبية وعقدت ساعديها امام صدرها لتقول: ربما..
قال مبتسما بسخرية وهو يومئ برأسه : معك حق.. وانا اجلس مع خطيبتي وقبل
حفل الخطبة بيومين فقط.. سأتحدث مع فتاة اغرمت بها فجأة هكذا..
مطت شفتيها وقالت: ولم لا؟..
قال مبتسما: اظن ان الفكرة بدأت تروق لي فعلا..
التفتت له وقالت بحدة : عماد..
قال بمرح: نعم سيدتي..
تسائلت وقد خفتت حدت صوتها بعض الشيء: من كانت تلك الفتاة؟..
قال في هدوء: ابنة عمتي..وهي ترسل تهانيها لك..
قالت متسائلة بغيرة: وهل انت نهتم لحضورها الى هذه الدرجة؟..
- ايتها الحمقاء.. فيم تفكرين؟..انها ابنة عمتي وحسب ولن تكون أي شيء
آخر.. فأنا لدي حبيبة واحدة فقط.. وها انذا امتع عيناي برؤيتها..
قالت مبتسمة وهي تطرق برأسها: انحبني حقا؟..
امسك بذقنها برقة وقال وهو يتطلع الى عيناها: الديك شك في هذا؟..
قالت بخجل وهي تبعد خصلات من شعرها خلف اذنها بارتباك: لا وانما اردت ان.. اسمعها منك..
امسك بكفها بغتة وقال بحنان: فقط..اهذا ما تريدينه ..حسنا يا آنسة ..اسمعت
عن قيس..انا هو .. انني مجنونك يا ليلى ..احبك يا توأم روحي .. احبك يا
شريكة حياتي القادمة ..احبك وكل حرف انطق به يشهد على هذا الحب ..
توردت وجنتاها .. وشعرت برجفة لذيذة تسري في اطرافها مع لمسته .. وهمست قائلة: وهل ستخلص لهذا الحب الى الابد؟ ..
قال بصدق وحنان: مادام في جسدي نفس يتردد..
قالت مبتسمة بخجل وهي ترفع وجهها له: حسنا انا اصدقك يا قيس..اعني يا عماد..
قال عماد بابتسامة حب: متى يأتي موعد حفل الخطبة يا ليلى؟..
قالت بابتسامة مرحة: بعد غد..ولم انت مستعجل هكذا؟ ..
قال بحنان وحب كبيرين: حتى ارى اجمل حورية تأتي لتجلس الى جواري في ذلك الحفل وهي في كامل جمالها وروعتها..
توردت وجنتاها بشدة وقالت بارتباك: عماد.. الا تكف عن اثارة ارتباكي؟..
- ولم؟..لا اظن اني قلت أي شيء خاطىء يا ايتها الحورية..
تطلعت اليه بطرف عينها وقالت: هل تتعمد ذلك ام ماذا؟..
ضحك بمرح وقال: يمكنك قول هذا..
واردف وهو يميل نحوها قائلا بهمس: فأنت تزدادين جمالا وانت خجلة..
ارتجف جسدها في قوة لكلماته ..واشاحت بوجهها لتخفي ارتباكها..وقالت: انا لم اخجل ابدا..
قال بسخرية: اجل واضح..
قالها ومن ثم التفت الى النادل ليطلب منه احضار طلباتهما.. وتطلعت اليه
ليلى بحب كبير.. يا الهي كم هو صغير هذا العالم ..شاب التقت به مصادفة ..
وحصلت مشادة بينهما مرتين .. المرة الاولى كانت متعمدة والمرة الثانية
كانت عن طريق الخطأ.. ومن ثم جاء القدر ليوظفها عنده وتكون تحت امرته ..
وهاهي ذي اليوم ترى نفسها ترتدي خاتما يحمل اسمه.. هل هذا حلم يا ترى؟..
ام ان حلم حياتها قد تحقق اخيرا؟...

************
اخذ هشام يتطلع الى شروق الشمس عبر النافذة بذهن شارد.. والى ذلك الضوء
الخافت الذي أخذ يبدد ظلام الامس.. والى ذلك اللون الارجواني الذي أخذ
يكسو السماء..لينتشر ضوء الشمس رويدا رويدا على امتداد البصر..
وتنهد هشام بمرارة قائلا: حسنا يا هشام.. يجب ان تعترف انها النهاية..
والنهاية لكل شي..لأحلامك.. لحبك.. ولحياتك التي تخيلتها طويلا.. والتي
كانت بطلتها هي وعد..يجب ان ينسدل الستار هنا .. وتعلن كلمة النهاية ليصفق
الجمهور.. ربما اعجابا وربما الما على البطل ومن ثم يرحلون غير آبهين بأي
شيء.. ولكن من سيحزن على شخص مثلي.. كان له دورا هامشيا في هذه المسرحية
بأكملها.. دوره يقتصر على حب ابنة عمه بكل ما امتلك من مشاعر.. ويتخيلها
فتاة احلامه.. حتى يصطدم بالواقع وهو يراها لا تهتم به وهي تحب آخر
سواه..وها هو ذا يجرع كأس المرارة لوحده دون ان يشعر به أي احد..
وزفر بحدة مواصلا: هل هي النهاية حقا يا هشام؟..ماذا عن منزل الاحلام الذي
صممت له رسما هندسيا بنفسك؟..هل سينتهي هو ايضا كما انتهى حبك لوعد؟..لا
اعلم..ولن اعلم ما يخفيه المستقبل لي.. ولكن...اظن انه بامكاني تغيير
المستقبل قليلا.. وبدء حياة جديدة ..ربما..تكون مع تلك الفتاة..
قالها وعاد ذهنه ليشرد من جديد..في امور عدة..امور قد تتعلق بالماضي او
بالمستقبل القريب..ورمى بنفسه على الفراش ليحظى بساعات ولو كانت قليلة من
النوم..ولم تكد الساعة تعلن العاشرة صباحا.. حتى استيقظ من نومه وارتدى
ملابسه على عجل حتى يذهب الى تلك الورشة ليستلم سيارته.. ومما سهل عليه
الامر انه اليوم كان يوم اجازة..خرج من غرفته ليتوجه الى الطابق
السفلي..وهناك شاهد فرح ووالدته يتناولان طعام الافطار..وابتسمت هذه
الاخيرة قائلة بحنان: هشام.. هلم معنا..تناول طعام الافطار..
قال مبتسما وهو يلتفت لها: ومنذ متى تناولت افطارا يا امي؟..
قالت فرح وهي تبتسم ابتسامة مرحة: دعك منه يا امي.. الا ترين انه سمين جدا.. ويريد عمل حمية مكثفة لتخفيف...
بترت عبارتها بغتة وتأوهت نتيجة لأمساك هشام بشعرها وقال هذا الاخير
بابتسامة ساخرة وهو يميل نحوها: لم اسمعك جيدا.. من هو السمين هنا؟..
التفتت الى امها وقالت: امي انظري ماذا يفعل؟..
عقدت والدتها حاجبيها وقالت بضيق: هل انت طفل يا هشام؟..ما هذه التصرفات الصبيانية؟.. دعها وشأنها..
قال وهو يترك شعرها بلامبالاة: عليها ان لا تسخر مني مرة اخرى.. والا وجدت نفسها معلقة على السطح..
قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها: يالك من متحذلق .. ولكن الى اين انت ذاهب؟..أليس اليوم هو يوم اجازة؟ ..
قال مبتسما: بلى.. ولكن هل يمنع هذا خروجي؟..
سألته والدته هذه المرة قائلة: حقا يا هشام.. الى اين انت ذاهب في هذه الساعة المبكرة؟..
هز كتفيه وقال: الى ورشة لتصليح السيارات..
قالت فرح بحنق: ما الامر مع تلك الورشة؟.. كلما اسألك عن مكان ذهابك ستقول الورشة..
- انا لا اكذب.. الم تلاحظي يا اختي البلهاء ان سيارتي لم تعد موجودة امام المنزل؟..
قالت فرح وقد انتبهت لهذا الامر للتو: صحيح.. انت على حق .. ولكن لماذا اخذتها الى هناك؟.. هل بها عطل ما؟..
اومأ برأسه وانصرف مبتعدا وهو يقول: عن اذنكم الآن..
وغادر المنزل لينطلق باحدى سيارات الاجرة الى الورشة.. وما ان وصل الى
هناك بعد خمسة عشرة دقيقة تقريبا.. حتى نقد سائق الاجرة اجره واتجه ليتحدث
مع احد الموظفين بشأن سيارته ..الذي قال بعد ان تأكد من ملكية هشام
للسيارة وخصوصا وانه رآه بالامس مع الفتاة التي تفاوضت معه في امر
السيارة: يمكنك استلامها يا سيد.. ان الامر لم يتعدى اعادة تركيب مصباح
خلفي جديد..
قال هشام بهدوء: وهل استملت من الآنسة التي تحدثت معك بشأن السيارة بالأمس مبلغ التصليح ؟..
قال الموظف وهو يهز رأسه نفيا: لا يا سيدي .. ولكنها قالت انها ستأتي فور تسلمك السيارة..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه بتساؤل: وكيف ستعلم انني قد استلمت سيارتي؟..
- سنتصل بها فقد تركت رقم هاتفها معنا و...
قاطعه هشام قائلا: لا داعي لذلك..
قال الموظف مستغربا: ماذا تعني يا سيدي؟..
قال هشام وهو يسلمه مبلغ من المال: هل هذا المبلغ كاف لتصليح السيارة؟..
- اجل يا سيدي ولكن...
قال هشام بهدوء: لا يوجد لكن..خذ المال .. واذا جاءت الآنسة لتدفع المبلغ ايضا.. اخبرها ان المبلغ قد دُفع..
قال الموظف وهو يومئ برأسه: فليكن يا سيدي..
- اريد وصل بدفعي للمبلغ المطلوب كاملا..
اومأ الموظف برأسه مرة اخرى..ودلف الى الورشة ليختفي فيها دقائق.. ومن ثم
يعود ليسلم هشام الوصل..وتوجه هذا الاخير ليستقل سيارته هذه المرة وينطلق
بها..وبرزت في رأسه بغتة تلك الفكرة..فأسرع ينفذها وهو يضغط ارقام ذلك
الهاتف...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:47 am

*الجزء السادس والثلاثون*
(لماذا لم تخبريني؟)


اومأ الموظف برأسه مرة اخرى..ودلف الى الورشة ليختفي فيها دقائق.. ومن ثم
يعود ليسلم هشام الوصل..وتوجه هذا الاخير ليستقل سيارته هذه المرة وينطلق
بها..وبرزت في رأسه بغتة تلك الفكرة..فأسرع ينفذها وهو يضغط ارقام ذلك
الهاتف...
واستمع هشام الى الرنين المتواصل على الطرف الآخر.. حتى اجابه صوت طفولي يقول: الو..من؟..
قال هشام مبتسما: الا يوجد سواك ليجيب على الهاتف يا فارس..
قال فارس وهو يهز رأسه: لا.. ولكني اسرع كلما اسمع صوت الهاتف.. فربما يكون ابي.. فأخبره بم يحضر لي معه وهو قادم..
قال هشام: حسنا يا صديقي.. هل لي ان اطلب طلبا منك؟..
قال فارس بجدية طفولية: من انت اولا؟..
قال هشام وهو يصطنع الدهشة: ماذا؟.. الم تعرفني يا فارس حقا؟..انا هشام..
قال فارس بحيرة: هشام من؟..
- الذي حدثك بالامس.. واخبرته ان عمرك ربما يكون خمس او ست سنوات..
- انا لا اعرفك..
ابتسم هشام وقال: فليكن يا صغيري..ولكن هل لك ان تنادي شقيقتك لأتحدث اليها قليلا؟..
قال فارس متسائلا: من تعني؟..(غادة)؟..
بهت هشام لوهلة من ثم قال بخبث: اجل هي غادة.. اذهب لتناديها بسرعة..
اسرع فارس يقول: حسنا..
ومن ثم اسرع راكضا الى تلك الغرفة التي تحتل نهاية الممر.. وطرقها قائلا: غادة.. غادة.. افتحي..
فتحت الباب واطلت عليه قائلة: ماذا تريد يا فارس الآن؟..لن امنحك مزيدا من الحلوى..
اشار نحو الهاتف وقال: لا اريد حلوى.. ولكن..هناك من يريدك على الهاتف..
قالت متسائلة: ومن يريدني على الهاتف؟..
اجابها وهو يلوح بكفه ويبتسم: ذلك الذي اتصل بالأمس.. لقد فعلت كما
اخبرتني.. ولم اخبره بأي شيء..فقط سألته من هو والى من يريد التحدث..
شعرت غادة بالتوتر..وقالت بصوت حاولت ان تجعله هادئا: من تعني؟..هشام؟..
اومأ برأسه ايجابيا..قأزدردت لعابها لتسيطر على توترها وقالت وكأنها تحدث نفسها: حسنا سأذهب للتحدث اليه..
سارت ببطء في ذلك الممر القصير باتجاه الهاتف..وهي تشعر بتوترها يزداد..
والتقطت سماعة الهاتف والشك يراودها في ان يكون هشام.. فما الذي سيدعوه
للاتصال بها؟.. ولكن ربما امر يتعلق بسيارته هو ما دعاه الى ذلك.. واجابت
قائلة وهي تزدرد لعابها: الو .. من المتحدث؟..
قال مبتسما: كيف حالك يا آنسة؟..
حاولت ان تخفي اللهفة في صوتها وهي تقول: انت!..لم تتصل بي الآن؟.. هل هناك حادث آخر تعرضت له وتريد مني دفع نفقات التصليح لك؟..
اتسعت ابتسامته وقال: ليس بعد.. فلقد تسلمت سيارتي للتو .. ومن يدري ربما اصطدم بسيارة بعد قليل..فأتصل بك لتدفعي نفقات التصليح..
قالت وهي تصطنع الضيق: لم تخبرني بعد..لم تتصل بي؟..
قال وهو يهز كتفيه: للسؤال عن احوالك..
اسعدها انه مهتم لأمرها وقالت في سرعة: انا بخير..
قال متابعا وكأنه لم يسمعها: ولأشكرك على اصلاح السيارة ..
قالت بلا مبالاة: انا لم افعل شيئا.. انا التي تسببت في الحادث.. لهذا علي ان ادفع تعويض لك..
قال مبتسما: اذا فأنت تعترفين انك المتسببة في الحادث..
مطت شفتيها دون ان تجيب فأردف: على العموم لقد اتصلت للسؤال عن احوالك ولأشكرك و...
بتر عبارته بغتة.. فسألته قائلة: وماذا؟..
قال بلهجة جعلتها تشعر ان ما سيقوله مهم: ولأخبرك بأمر ما..
تسائلت قائلة: وما هو؟..
- لم اكن اريد ان اخبرك ولكن... اظن انه يتوجب علي ان افعل .. وخصوصا وانها ربما تكون المكالمة الأخيرة بيننا ..
انصتت له بكل حواسها وقالت وهي تشعر بالارتباك.. وقد احست ان ما سيقوله يتعلق بها: اجل.. ماذا تريد ان تقول؟..
قال بصوت بدت فيه الجدية: في الحقيقة انا... انا...
ازدردت لعابها وقالت بتلعثم وفد تسلل اليها الخجل منه لأول مرة: انت ماذا؟..
ابتسم وقال: في الحقيقة انا قد دفعت نفقات تصليح السيارة.. فلا حاجة لك لللذهاب الى هناك ودفعها..
اتسعت عيناها وقالت بغضب: ماذا؟.. ابقيت دقيقة كاملة صامتا لتقول لي هذا فقط؟..
قال بخبث: لم؟..اكنت تتوقعين سماع شيء آخر؟..
مطت شفتيها وقالت بحنق: لا لم اكن اتوقع أي شيء آخر.. فأنت دائما هكذا.. تقول كل ما هو سخيف..
قال مبتسما: حسنا.. سأعدي لك شتمك لي هذه المرة.. والآن الى اللقاء..
اسرعت تقول: لحظة واحدة..
- ماذا؟..هل اشتقت لي بسرعة هكذا ام لا ترغبين في ان انهي المكالمة ابدا؟..
قالت بحنق: كف عن سخافاتك واخبرني..لماذا دفعت مبلغ تصليح السيارة؟..
قال وهو لا يزال محتفظا بابتسامته: اولا اشفقت عليك من القدوم مجددا ودفع المبلغ ..
عقدت حاجبيها وقالت: وثانيا؟..
- وثانيا.. لم اكن اريد ان اجعلك تدفعي أي مبلغ وانا من كان سببا في ذلك الحادث.. فلولا وقوفي المفاجئ بالطريق لما اصطدمت بي..
قالت بدهشة: اذا لماذا كنت تقول منذ البداية انني السبب في الحادث؟.. وانه
يتوجب علي ان ادفع جميع مصاريف التصليح .. ما دمت تعترف بنفسك انك السبب
في الحادث.. هذا بالاضافة الى دفعك مبلغ التصليح.. وكأن.. وكأن لم يكن لكل
ما فعلته أي داع..اخبرني لماذا؟..
قال بابتسامة مقلدا اسلوبها: سأترك لك فرصة تخمين هذا..الى اللقاء الآن..
- الى اللقاء..
قالتها ومن ثم اغلقت الهاتف..ليظهر شبح ابتسامة على شفتيها وهي تتمتم: يالك من شاب..
واعتلت تلك الابتسامة شفتيها وهي تتوجه نحو غرفتها.. وقلبها ينبض بسعادة غريبة تعرفها للمرة الاولى في حياتها...
********
ابتسم طارق وقال وهو يوقف سيارته بجوار منزل وعد: يبدوا وانها ستكون مفاجئة كبيرة لها..
قالها ومن ثم ضغط رقم هاتف وعد.. التي ما ان استمعت الى رنين الهاتف حتى اجابته قائلة بابتسامة واسعة: اهلا طارق .. كيف حالك؟..
ابتسم وقال: بخير.. وماذا عنك؟..
- على ما يرام..
- وما الذي تفعلينه الآن؟..
هزت كتفيها ورمت بنفسها على ذلك المقعد لتقول: لا شيء مهم.. وانت..ما الذي تفعله؟..
قال بابتسامة وهو يتطلع الى منزلها: اتجول بالسيارة قليلا.. اتودين مرافقتي؟..
قالت مبتسمة: ليت هذا ممكن.. ولكن كما تعلم اليوم هو يوم اجازة ولن اتمكن من رؤيتك في الصحيفة..
اتسعت ابتسامته وقال: من يدري.. ربما ترينني في مكان آخر..
تطلعت الى سقف الغرفة وقالت مبتسمة: مثل ماذا؟..
- بجوار منزلك مثلا..
ضحكت وقالت: يا للخيال.. كيف ولماذا ستكون بجوار منزلي؟..
قال بهدوء: كيف بسيارتي.. ولماذا.. ربما لرؤيتك.. وربما لـ...
- لماذا؟..
قال بحنان مفاجئ: وربما لطلب يدك..
جاوبه صمت تام.. مما جعله يقول: وعد الا زلت على الخط.. اتسمعيني؟..
ازدردت وعد لعابها بصعوبه ولم يستطع الا سماع صوت تنفسها المتوتر.. فقال مبتسما: ما بك؟..لم اقل ما يخيف..
شعرت وعد يضربات قلبها المتسارعة تتعالى وكأنها ستصل الى مسامع طارق..
وازدادت قوة امساكها لهاتفها المحمول وهي ترى ارتجافة يدها وجسدها
كله..واردف طارق بهدوء: وعد .. اترغبين برؤيتي حقا؟..
ازدردت لعابها مرة اخرى وقالت بصوت متلعثم: أ..أجل..
قال مبتسما: تمني هذا فقط؟..
قالت بحيرة: ماذا تعني؟..اتمنى ماذا؟..
- ان ترينني..
قالت بابتسامة باهتة: وهل تتحقق الامنيات؟..
- ربما.. فقط تمني انت ان ترينني وربما تتحقق امنيتك..
- لا اعلم ماذا افعل.. ولكن سأجاريك فيما تقوله..حسنا انا اتمنى رؤيتك..
قال بدهشة بغتة: يا الهي..كيف وصلت الى هنا؟..
قالت بدهشة: اين؟..
- انظري من أي نافذة تطل على الشارع الامامي لمنزلكم..
كادت ان تسأله لم؟..لكنها لم تفعل وهي تسرع خارجة من الغرفة وتنطلق الى
الصالة العلوية لمنزلهم..لتطل منها الى الشارع الامامي.. وهنا شهقت بقوة
وقالت: انها سيارتك..
قال بحنان وهمس: ارأيت ان الاماني تتحقق احيانا..
قالت متسائلة بدهشة: ولكن لماذا جئت؟..
ابتسم وقال: الم اخبرك سابقا؟..لرؤيتك..
قالت بقلق: اسرع بالمغادرة قبل ان يراك والدي وتقع في مشكلة..
شاهدته يخرج من سيارته في تلك اللحظة وهو يقول: ومن قال اني لا اريده ان يراني..
شاهدته يتجه الى المنزل وقالت وقلقها يتضاعف: طارق..اسرع بالابتعاد..لا تقترب اكثر..
رفع رأسه الى الطابق العلوي وهو يبحث بعيناه عنها في احدى تلك النوافذ
المطلة على الشارع..وقال مبتسما: اهبطي لتفتحي لي الباب فسوف اطرقه بعد
لحظات..
اسرعت تهبط درجات السلم نحو الطابق السفلي وقالت بهمس: ما الذي تحاول فعله؟..
- رؤيتك فحسب..
اسرعت تتجه نحو الباب الرئيسي.. وشاهدها والدها فقال بدهشة: الى اين يا وعد؟..
توقفت عن جريها واغلقت هاتفها بتوتر لتزدرد لعابها وهي تقول بارتباك: كنت متوجهة الى...
انقذها من ارتباكها صوت رنين جرس الباب..فقال لها والدها: افتحي الباب..
اومأت برأسها ايجابيا وتوجهت نحو الباب وهي تشعر بقدماها تتثاقلان عن
التقدم..وعقدت حاجبيها وهي تفكر.. ما الذي يفكر فيه؟..ولماذا
جاء؟..ألرؤيتي كما يقول؟ ..ولكن لن يفعل هذا علنا وبوجود والداي هنا..اذا
فيم يفكر؟.. هل من الممكن انه قد جاء لـ...
اعتراها الخجل عند تفكيرها الاخير.. وارتسمت ابتسامة متوترة على شفتيها وهي تقول وهي تفتح الباب: من؟..
ابتسم طارق عندما انفتح الباب وقال وهو يتطلع الى قلقها: صديق..
ابتسمت وقالت بصوت هامس: واي نوع من الاصدقاء تعني؟..
غمز بعينه وقال: الاوفياء بكل تأكيد..
ارتبكت فجأة وقالت: لكن ما الذي جاء بك الى هنا حقا؟..
قال بهدوء: لا تقلقي.. فقط اخبري والدك اني صحفي معك بالصحيفة وارغب في التحدث اليه..
- ولكن...
قاطعها قائلا: قلت لا تقلقي..
اومأت برأسها في ارتباك.. وقالت وهي تتنحى عن الباب قليلا: تفضل بالدخول.. ريثما ابلغ والدي بما تريد..
سار الى الداخل بخطوات هادئة وواثقة وقال وهو يلتفت لها: منزلكم جميل على الرغم من بساطته..
ابتسمت بهدوء ولم تعلق على عبارته وهي تتجه الى حيث يجلس والدها وقالت بصوت مرتبك: هناك من يريد رؤيتك يا ابي..
ترك الصحيفة من يده وقال متسائلا: ومن هو؟..
اشاحت بنظراتها بعيدا وقالت بصوت متوتر بعض الشيء: انه ..الصحفي طارق جلال .. زميل لي بالصحيفة.. ويرغب في التحدث اليك..
قال والدها وهو يعقد حاجبيه: وفيم يحدثني؟..
هزت وعد رأسها وقالت: لست اعلم.. لم يخبرني بشيء..
- فليكن ابلغيه ان يحضر الى حجرة المعيشة واطلبي من الخادمة ان تعد لنا كوبين من العصير ومن ثم اصعدي الى غرفتك..
أومأت وعد برأسها ايجابيا ومن ثم توجهت الى طارق مرة اخرى وقالت بتوتر: والدي ينتظرك.. تقدم معي..
ابتسم طارق وقال: فليكن آنستي..
سار الى جوارها وقال مردفا: ما الذي يدعوك الى كل هذا القلق؟..
التفتت له وقالت: قدومك المفاجئ هذا..
وضع كفيه في جيبي بنطاله وقال مبتسما: اظن انك انت من تمنى رؤيتي وهاقد تحققت امنيتك..
فتحت له باب غرفة المعيشة وقالت وهي تنظر اليه بحنق: لم اكن اعلم انك تقف بجوار المنزل منذ البداية والا لما تمنيت هذا..
- ولم لا؟..
قالت وهي تراه يدلف الى غرفة المعيشة: لانك ستضع نفسك في المشاكل الآن..
التفت لها وقال: اقولها لك للمرة الثالثة..لا تقلقي..
تنهدت وقالت: افعل ما تشاء.. فلم اعد افهمك..
قالتها واغلقت الباب.. لتتوجه الى المطبخ وتقول للخادمة: اعدي كأسين من العصير.. وخذيهما الى غرفة المعيشة..
اومأت الخادمة برأسها.. في حين التفتت وعد لتتطلع الى باب غرفة المعيشة..
وتقول متحدثة الى نفسها: ترى لماذا جئت اليوم الى هنا يا طارق؟.. ألسبب ما
يتعلق بك؟..ام لأمر يتعلق بي انا؟..
(( ربما لرؤيتك.. وربما لطلب يدك))
انتفضت بغتة وهي تتذكر عبارة طارق .. ترى اجاء الى هنا من اجل هذا السبب حقا؟...
**********
ابتسم هشام وقال وهو يتحدث الى احد الموظفين في ادارة المرور: حسنا هل تقوم بهذه الخدمة لي؟..
تطلع الموظف الى الورقة التي منحها له هشام منذ دقائق ومن ثم قال: سيد
هشام.. انت تمنحني رقم السيارة ونوعها والاسم الاول فقط من اسم مالكتها..
ولكن لن تستفيد شيئا لو ان السيارة ليست باسمها..
قال مبتسما: وسأستفيد كثيرا لو كانت كذلك..
هز الموظف رأسه وقال: لو لم يكن صديقك زميلا لي .. لما قمت بهذا العمل..
هز هشام كتفيه وقال: ولم لا تقوم به؟..
عقد الموظف حاجبيه وقال: اشعر انك تريد معلومات عن هذه الفتاة..لسبب شخصي..
ابتسم هشام بزاوية فمه وقال: حسنا وان كان الامر كذلك.. ما الذي سيضرك في الامر؟..
- لا شيء ولكن كما اخبرتك.. لم اكن لأستخرج معلومات عن صاحب هذه السيارة لولا ان صديقك هو من طلب مني ذلك..
- حسنا اذا.. استخرج مالديك من معلومات.. ومن ثم امنحني اياها..
واردف بصوت منخفض: دون ان تمثل دور المثالي..
اخذ الموظف يبحث في اجهزة الحاسوب المختلفة.. واستمر بحثه لعدة دقاءق..
قبل ان يقول وهو يقوم بطباعة ورقة ما: هذا كل ما لدينا بشأن مالك السيارة..
مد له يده بالورقة.. فاختطفها هشام في سرعة وقال بابتسامة: لا بأس.. شكرا لك..وسلم لي على صديقي..
مط الموظف شفتيه وهو يراقب هشام الذي ابتعد وهو يمسك بالورقة في يده..
ويتجه ليغادر ادارة المرور..ومن ثم يسير بخطوات سريعة بعض الشيء الى حيث
اوقف سيارته.. وما ان احتل مقعد القيادة..حتى اسرع يلتهم كلمات تلك
الورقة.. وارتسمت على شفتيه ابتصامة انتصار وهو يقول: هه.. ان السيارة
باسمها بالفعل كما توقعت..
واخذ يقرأ بصوت مسموع بعض الشي: الاسم (غادة ابراهيم)..تاريخ الميلاد 1985..
واردف وابتسامته تتسع:عنوانها مسجل بالكامل ايضا..هذا يجعل الامور اسهل
بكثير..وكذلك رقم هاتفها هي ووالدها ورقم المنزل كذلك..وهي لا تزال طالبة
في الجامعة..كل هذا يجعل الامور ابسط مما تخيلت..
والقى بالورقة على المقعد المجاور له.. قبل ان ينطلق بسيارته ويقول وهو
يبتسم بزاوية فمه: ها هو ذا اللقاء قد يتجدد بيننا يا غادة.. من قال ان
القدر لم يضعك في طريقي عمدا؟..لتتغير حياتي قليلا.. ولأنسى ما اعانيه من
آلام قليلا...
**********
صمت والد وعد طويلا بعد ان استمع الى طارق الذي انتهى من قول كل ما اراد
قوله .. وانتظر تعليقا من والد وعد.. ولكن هذا الاخير ظل صامتا.. حتى ان
طارق شعر بأن في الامر سر ما.. وقال متسائلا: ما الأمر يا سيد عادل؟.. لقد
شرحت لك كل ظروفي.. واخبرتك اني امتلك منزل اسكن فيه انا واسرتي..
وبامكاني ان اوفر مسكن آخر ان اردت.. كما وان راتبي لا بأس به ابدا و...
قاطعه والد وعد قائلا بهدوء: ليس لدي ادنى اعتراض عليك يا بني..فأنت تبدوا
لي منذ النظرة الاولى.. بأنك رجل بكل معنى الكلمة.. وانا أفخر لو كان لي
ابن مثلك ولكن...
اذا في الامر سرا ما كما توقع..ولكن ماذا هناك؟ ..واسرع يتسائل بما خطر في ذهنه: اذ ما الامر يا سيد عادل؟..
قال والد وعد وهو يزفر بحدة: معذرة يا ولدي.. ولكن ..ولكني لا استطيع ان اقبل بزواجك من ابنتي..
وكأن صاعقة اصابت طارق..ووجد نفسه يقول بذهول: ولكن لماذا؟..
قال والد وعد بابتسامة باهتة: لو انك جئت قبل يومين لكان الامر مختلف..
كنت سآخذ رأي وعد على هذا الزواج.. وبعدها كنت سأوافق دون ادنى اعتراض ..
ولكن الآن الامر قد اختلف..
قال طارق وهو يكور قبضته بقوة: اخبرني ما الامر؟ .. ما الذي يدعوك الى الرفض؟.. اخبرني بالله عليك..
حاول والد وعد ان ينطق هذه العبارة بهدوء ولكنها خرجت بالرغم منه متوترة وهو يقول: ان ابنتي مخطوبة..
تطلع له طارق غير مصدقا .. وقال بحدة : مخطوبة.. أي كلام هذا.. انها لا
ترتدي أي خاتم للخطوبة.. كما وانها لم تتحدث عن أي امر يتعلق بهذه الخطوبة
المزعومة..
عقد والد وعد حاجبيه وقال: ان وعد لا تعلم شيء عن امر هذه الخطبة.. انها بيني وبين عمها فقط..
قال طارق وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره في عصبية: هل لك ان توضح الامر قليلا لي؟..
- استمع الي يا استاذ طارق.. لقد جاء عم وعد لطلب يدها لابنه هشام قبل
يومين.. وبما اننا دائما نرى هشام ووعد على وفاق وانهمامناسبان لبعضهما
وخصوصا وانهما ابناء عم قد تلقيا التربية معا منذ الطفولة..ادركنا انهما
سيوافقان على امر هذه الخطبة ولن يعارضاها.. لهذا فقد وعدت اخي بأن كل شيء
سيتم كما يريد.. وان وعد ستتزوج هشام ابن عمها كما طلب..
قال طارق وعيناه متسعتان: ولكن هذا ظلم لكلا الطرفين .. فقد لا ترغب وعد بالزواج من هشام.. وقد لا يرغب هو بهذا الزواج..
قال والد وعد وهو يزفر بحدة: اخبرتك سابقا اننا على علم انهما لن يعارضا
هذا الامر وانهما تقريبا موافقان.. خصوصا وان هشام ابن عمها قد لمح لوالده
عدة مرات برغبته بالزواج من وعد..
عقد طارق حاجبيه وقال: وماذا عن وعد؟.. هل هي الاخرى لمحت بالموافقة على هذا الزواج..
- تقريبا .. اجل..
توتر جسد طارق ووجد والد وعد يردف:ان هشام شاب يصعب على أي فتاة ان
ترفضه.. فهو مهندس ويمتلك راتبا ممتازا وذا شخصية مميزة ووسيم الطلعة..
ولا اظن ان وعد ترفض شاب كهذا.. الست معي في هذا؟..
تطلع طارق للحظات الى والد وعد ومن ثم قال ببرود:اجل.. من الصعب عليها ان
ترفض شاب يتملك كل هذه الصفات.. وخصوصا وانه ابن عمها وهو احق بها..
واردف وهو ينهض من مكانه: اظن ان علي المغادرة الآن يا سيد عادل.. وتشرفت بالتعرف عليك..
قالها ومد يده مصافحا الى والد وعد.. الذي صافحه وقال بابتسامة باهتة:
الفتيات كثيرات يا بني.. ستجد من تصلح لتكون شريكة لحياتك من بينهن..ولا
تدع رفضي يؤثر عليك..
قال طارق بشحوب: صحيح يا سيد عادل.. الفتيات كثيرات .. ولكن واحدة منهن
فقط هي وعد.. ولا اعتقد اني سأجد شريكة لحياتي كما تمنيتها..فقد خسرتها ..
ومرتين..
تطلع له والد وعد وقال بهدوء: هل ابنتي تعني لك الكثير الى هذه الدرجة؟..
قال طارق وهو يجاهد لرسم ابتسامة على شفتيه: بأكثر مما تتصور..
- اعذرني يا بني.. هذا الامر ليس بيدي.. فلقد منحت عمها كلمة.. ووعدته بالموافقة على هذا الزواج..
هز طارق رأسه وقال: لا داعي للاعتذار.. فأنا اتفهم هذا الموقف..وربما كما قلت ستوافق وعد على ابن عمها.. ولن ترفضه..
قال والد وعد بابتسامة باهتة وهو يرى آثار الحزن وخيبة الامل جلية في
عينيه: انت صحفي رائع.. وانا اقرأ معظم مقالاتك .. اكمل المشوار الذي
بدأته.. ولا تتوقف امام أي عقبة ..مهما كانت ..
تنهد طارق وقال: حتى لو كانت هذه العقبة.. هي ضياع الحلم الذي سعيت لتحقيقه طويلا.. حتى لو كانت خسارة حلم حياتي بأكمله..
ربت والد وعد على كتفه وقال: انت لا تزال شابا يا بني.. والحياة ممتدة امامك..
تنهد طارق مرة اخرى وقال: عن اذنك الآن يا سيد عادل.. مع اني كنت اتمنى ان اناديك بلقب عماه..
تطلع والد وعد الى طارق الذي غادر غرفة المعيشة.. واتجه الى الباب الرئيسي
ليغادر المنزل.. لكنه لم يلبث ان توقف حين سمع صوتها وهي تناديه قائلة:
طارق.. توقف.. الى اين انت ذاهب؟..
قال بسخرية مريرة: لم يعد لبقائي أي داع..
قالت وعد بدهشة: ماذا تعني؟..انت لم تخبرني حتى بسبب قدومك الى هنا..
التفت لها وقال بنظرة رأت فيها وعد.. الألم والغضب في آن واحد: لماذا لم تخبريني من قبل بأنك مخطوبة؟..
مخطوبة..مخطوبة..هل يعنيني انا؟.. هل يمزح؟..متى تمت خطبتي؟.. لم يخطبني
احدهم ابدا..ورأته يغادر المنزل وهو يغلق الباب خلفه في حدة.. وتجمدت قدما
وعد وهي تتطلع الى النقطة التي اختفا فيها طارق..وعادت عبارته لتتردد في
ذهنها .. لماذا لم تخبريني من قبل بأنك مخطوبة؟..ولكن.. ولكني.. لست
مخطوبة.. لست كذلك ابدا.. ارجوك .. عد وافهمني بالامر كله يا طارق.. لا
ترحل هكذا .. وتتركني في دوامة من الاسئلة والحيرة..ارجوك عد ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:48 am



*الجزء السابع والثلاثون*
(لماذا علي ان اعاني مرتين؟)


تجمدت قدما وعد في مكانها وهي غير قادرة على الحراك.. وقد تذكرت نظرة طارق
اليها التي كانت تحمل كل الغضب والالم..لم كان ينظر اليها بتلك النظرة؟..
وما معنى عبارته الاخيرة؟.. هل اخبره والدها بشيء؟.. لو كان الامر كذلك..
فان والدها يعلم سبب ما قاله طارق قبل قليل..
اخذت تبحث بعيناها عن والدها في الردهة .. لكنها لم تجد أي أثر له.. ووجدت
نفسها تتوجه بخطوات متثاقلة الى غرفة المعيشة.. وفتحت الباب بهدوء شديد
وقالت بصوت مرتبك وهي تطل برأسها الى الداخل: ابي .. هل انت هنا؟..
جاءها صوته هادئا اقرب الى البرود وهو يقول: اجل يا وعد.. اتريدين شيئا ما؟..
تقدمت منه وعد وقالت: ابي .. لقد غادر الاستاذ طارق وهو يبدوا..متضايقا
بعض الشيء.. فلم؟.. في ماذا تحدث اليك؟.. وماذا قلت له حتى يتضايق هكذا؟..
تطلع والدها اليها بنظرة حانقة وقال:هل هو تحقيق يا وعد؟..هل ستمارسين مهنتك علي؟..
اسرعت تهز رأسها نفيا وتقول: كلا.. ابدا يا والدي.. كل ما اردت معرفته هو سبب قدوم زميلي الى هنا.. وسبب تضايقه الى هذا الحد..
صمت والدها ولم يجبها .. فأسرعت تقول: ارجوك اخبرني يا والدي.. ان كان الامر يتعلق بي..
نهض والدها من مقعده وسار بضع خطوات وقال وهو يشبك اصابع كفيه خلف ظهره: انه كذلك بالفعل..
قالت وعد برجاء: ما الامر اذا يا والدي.. ما الذي اراده الاستاذ طارق بالمجيء الى هنا؟..
التفت لها والدها بغتة وقال: طلب يدك..
تطلعت له وعد ببلاهة وكأنها لم تفهم ما قاله.. وقالت متسائلة: ماذا؟.. طلب يدي انا؟..
اومأ والدها برأسه ايجابيا..فأحست وعد بالنشوة والسعادة ..واخذ قلبها يخفق
في شدة.. ولكن كل هذا تلاشى بغتة وهي تتذكر عبارة طارق لها..ووجدت نفسها
تقول بصوت مرتجف وكأنها تدرك الاجابة مسبقا: وهل.. اخبرته اني..مخطوبة؟..
تطلع لها والدها لوهلة ومن ثم قال: هل اخبرك هو بهذا الامر؟..
قالت وعد وهي غير مستوعبة لكل ما يحصل: لقد كان مغادرا المنزل ويبدوا عليه
الضيق.. فاستوقفته وسألته عن سبب مغادرته هكذا..وبدل ان يجيبني سألني
قائلا بسبب عدم اخباره اني مخطوبة من قبل..
واردفت وهي تتطلع الى والدها وغصة مرارة تملأ حلقها: هل انت من اخبره اني مخطوبة يا والدي؟..
تنهد والدها وقال: اجل.. انا من اخبره بذلك..
ارتجف قلب وعد في قوة وقالت بصوت اقرب الى البكاء: لماذا اخبرته بذلك يا والدي؟؟..لماذا؟؟..
رأت في عيني والدها نظرة حزينة وقال: لأنك كذلك بالفعل..
اتسعت عينا وعد ووجدت نفسها تقول بانفعال:ماذا تقول يا والدي؟.. انا مخطوبة؟.. أي قول هو هذا؟..
قال والدها بهدوء: اهدئي يا وعد..لا داعي لكل هذا الانفعال .. لقد جاء عمك قبل يومين وحدثني بشأن رغبته في ان تكوني زوجة لابنه ..
جلست وعد على اقرب مقعد لها وهي تشعر ان قدماها لم تعودا قادرتان على حملها وقالت بذهول:ماذا؟.. هشام؟..
استطرد والدها قائلا: لقد كنا نراكما دائما يا وعد.. نتمنى دوما ان نراكما
معا الى الابد.. ولهذا كانت رغبتنا في زواجكما تكبر مع الايام..وهشام قد
لمح لأخي عدة مرات برغبته في الزواج بك..ولقد شعرت انك لن ترفضي هشام..
فمن اين ستحصلين على شاب مثله؟.. ولهذا اخبرت اخي بموافقتي على طلبه..
رفعت وعد رأسها لوالدها وقالت بذهول: دون ان تأخذ رأيي حتى يا والدي..
قال والدها بابتسامة باهتة وهو يقترب منها ويضع كفه على كتفها: وعد يا
صغيرتي..اخبرتك بأننا كنا نراكما دائما معا.. ونراكما سعداء وعلى وفاق..
ورأينا انه من المناسب ان نتوج علاقتكما بالزواج..
اطرقت وعد برأسها وقالت والدموع تترقرق في عينيها: ولكن يا والدي ..
علاقتي بهشام لم تتعدى الاخوة.. كنت اراه دائما كشقيق لي والا لما رأيتني
اتبسط معه في الحديث على هذا النحو..ان هشام اخي.. وانا لا استطيع الزواج
به ..ارجوك افهمني يا والدي.. انا ابنتك الوحيدة.. هل تقبل ان اتزوج على
هذا النحو؟..
قال والدها وهو يربت على كتفها: سأحاول ان اتحدث مع اخي في هذا الامر.. لكن لا استطيع ان اعدك بشيء الآن..
تطلعت اليه وفي عينيها نظرة رجاء..ومن ثم لم يلبث والدها ان قبل جبينها
وقال بحنان: اصعدي الى غرفتك الآن يا وعد.. وسأتحدث مع عمك بالامر بعد
قليل.. وسأخبرك بما سيحدث بيننا ..
تطلعت وعد الى والدها للحظات.. ومن ثم لم تلبث ان وقفت بتثاقل وسارت
بخطوات بطيئة وغادرت غرفة المعيشة.. وترقرقت الدموع في عينيها بغتة وهي
تشعر بتلك الغصة في حلقها.. لماذا؟.. لماذا الآن؟..عندما جاء طارق
لخطبتها..لم يحصل كل هذا؟.. لم لا اشعر بالسعادة التي طالما تمنيتها وبحثت
عنها؟.. لم؟؟..
واسرعت تصعد درجات السلم وهي تنطلق باتجاه غرفتها.. والدموع التي كانت
تترقرق في عينيها منذ دقائق.. تغلبت عليها وسالت على وجنتيها في الم
وحرقة..وما ان وصلت الى الغرفة حتى اغلقت الباب خلفها في قوة.. والقت
بنفسها على فراشها ودموعها لا تتوقف عن الانهمار وصوت نحيبها يصل الى
مسامع من بالخارج..واخذت تقول بأنين: لماذا الآن يا ابي؟.. لماذا تحطم
حلمي وهذا الحب الذي نسج بين قلبينا؟..لقد رحل طارق دون ان يفهم الامر..
ودون ان يعلم اني قد رفضت هشام من قبل..واني لم ولن احب سواه..رحل وهو يظن
اني مخطوبة لشخص آخر..
لم تجد امامها من حل سوى ان تتصل بطارق وتفهمه الامر كله .. اسرعت تلتقط
هاتفها وتضغط رقم هاتفه المحمول.. وانتظرت سماع اجابته بعد الرنين
المتواصل.. ولكن انقطع الخط دون أي اجابة..اعادت الاتصال عدة مرات.. وفي
كل مرة لا تسمع سوى انقطاع الخط ..وقالت بألم وهي تتطلع الى هاتفها: لم لا
تجيب يا طارق؟.. اعلم انك تشعر بالحزن لما حصل.. ولكني اقسم لم اكن اعلم
بشيء.. والا لرفضت كل ما يحصل هنا..ولم اكن لأضعك في موقف كهذا..
مسحت دموع عينيها بأناملها وشردت بتفكيرها بعيدا وهي تفكر في حل لهذا
الامر.. طارق يرفض الاجابة.. ووالدها وعدها بأن يرى الامر مع عمها.. ولكن
هل سيتم حل هذه المشكلة بالفعل؟..تطلعت الى ما حولها بعيون دامعة ..
وتوقفت بغتة عند آلة التصوير.. وهنا عقدت حاجباها باصرار وقالت: لن يحل
هذه المشكلة الا صاحب الشأن وحده..
قالتها واخذت تضغط رقم ذلك الهاتف .. منتظرة الاجابة بلهفة...
**********
التقط هشام هاتفه وقال بابتسامة واسعة: يمكنني الآن ان اتحدث مع المتسرعة غادة..
ضغط رقم هاتفها..ولكن رنين هاتفه المستمر جعله يتوقف عن هذا..ويتطلع الى
الرقم الذي يضيء على شاشة هاتفه بدهشة..واجاب قائلا: اهلا وعد.. ما الذي
حدث لك؟.. فأنا اعلم انك لا تتصلين بي الا عندما تحدث مصيبة ما وتر...
قاطعته وعد قائلة بعصبية: ليس وقت مزاحك الآن يا هشام.. الامر اكبر من هذا..
قال هشام بهدوء: حسنا وما الذي حدث؟..
هدأت من عصبيتها قليلا ومن ثم قالت: والدك..
عقد حاجبيه وقال بتساؤل: ماذا به؟..
ترددت قليلا ولكنها لم تلبث ان حسمت امرها وقالت: لقد طلبني لأكون زوجة لك.. وابي قد وافق..
قال هشام بدهشة: ماذا تقولين؟..أأنت واثقة؟.. والدي لم يخبرني بأي شيء عن هذا الامر ابدا..
قالت وعد بألم: لو لم أكن واثقة من هذا الامر لما اتصلت بك.. ثم ان الامر كان بين والدي ووالدك فقط.. ولهذا لم يعلم به كلانا..
ابتسم هشام وقال بسخرية ليلطف الجو قليلا: هل الزواج بي يسبب كل هذا الحزن.. لا تقلقي يا ابنة عمي العزيزة سأكون طيبا معك و...
قالت وعد بصوت باكي: هشام لم لا تفهمني.. لا احد يستطيع حل هذه المشكلة
سواك.. وانت لا تأبه بي.. ولا تفعل شيء سوى السخرية مني والتفكير في نفسك..
قال هشام بهدوء: انا يا وعد؟.. فليكن سأقبلها منك لأن اعصابك متوترة.. كل ما اردته ان الطف الجو قليلا..
اطرقت برأسها في الم وقالت: اريد حلا لهذه المشكلة يا هشام.. ارجوك افعل شيئا..
صمت هشام قليلا ومن ثم قال: فليكن يا ابنة عمي العزيزة.. سأحل الموضوع بنفسي.. ولا تقلقي.. اعتبري ان الموضوع انتهى منذ هذه اللحظة..
قالت وعد بشحوب: لو استطعت ان تنهي هذا الموضوع بالفعل يا هشام.. فلن انسى معروفك هذا ابدا..
ابتسم هشام ابتسامة باهتة وقال: انظري للقدر.. انا بنفسي من يمنع زواجي
بك..ولكن اتعلمين لم افعل هذا؟.. لاني احبك.. وكما تقولين انت دائما من
يحب يتمنى السعادة لحبيبته ..ولهذا فأريد ان اراك سعيدة دائما حتى لو كان
هذا على حسابي انا ..
قالت وعد وهي تمسح دموعها: ولكن ما الذي ستفعله؟..
قال مبتسما: هذا امر لا يخصك.. فقط دعي الامر لي.. واذهبي لتغسلي وجهك.. وكفي عن بكاءك هذا..
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي وعد وقالت: حسنا.. الى اللقاء.. وافعل كل ما بوسعك..
قال بهدوء: الى اللقاء..
اغلق هشام الهاتف ومن ثم قال وهو يبتسم بسخرية: هيا يا هشام..افعل ما تطلبه منك.. وامنع زواجك منها بنفسك..
تنهد في حرارة قبل ان يخرج من غرفته ويتوجه نحو درجات السلم .. ليهبطها
الى الطابق الاول.. وهناك شاهد فرح تتطلع الى احد الافلام بالتلفاز فسألها
قائلا: اين والدي؟..
قالت دون ان تلتفت له: اظن انه بالمكتب..
سار مبتعدا عنها الى حيث غرفة المكتب.. ووقف في مواجهة الباب لثواني..
ليلتقط انفاسه ومن ثم يطرق الباب بهدوء ويدلف الى الداخل..وترك والده ما
كان بيده وتطلع اليه قائلا: هشام..جيد انك جئت لوحدك.. فقد كنت ارغب في ان
اتحدث اليك في موضوع يخصك..
قال هشام وهو يتفدم منه ويضع كفيه على الطاولة التي يجلس خلفها والده: وانا جئت لأحدثك في الموضوع نفسه يا والدي..
عقد والده حاجبيه وقال بتساؤل: وهل تعلم انت فيم اريد ان احدثك؟..
اومأ هشام برأسه وقال: بشأن وعد..أليس كذلك؟..
ابتسم والده وقال: وما رأيك؟.. لقد كنت اريدها ان تكون مفاجأة لك..
قال هشام وهو يشيح بوجهه قليلا: ابي.. انا لا اريد الزواج بوعد..
هتف فيه والده بحدة: ماذا؟.. اكنت تلمح لي طوال تلك الفترة بأن اخطبها لك
من اجل ان تقول انك لا تريدها في النهاية؟.. اكنت تتسلى فحسب يا هشام؟..
هز هشام رأسه نفيا ومن ثم قال:لا.. فقبل ان تذهب انت الى عمي.. تحدثت مع وعد بشأن رغبتي بالزواج بها.. ولكنها ..رفضت ..
- ولم ترفضك؟..اتظن انها ستجد شابا افضل منك يصلح ليكون زوجا لها؟..
تنهد هشام وقال:لا يهم ان كانت ستجد ام لا.. المهم انها صارحتني بأني لست
اكثر من اخ في حياتها.. وانا لا اقبل ان اتزوج من فتاة تراني اخاها فقط..
قال والده وهو يتطلع اليه: هشام يا ولدي.. انت لم تعد صغيرا.. انت في
السابعة والعشرين من عمرك.. ولديك العمل والمال والمسكن.. لا ينقصك سوى
زوجة تشاركك حياتك.. وانا لم ارى افضل من وعد لك..لهذا فمهما كانت مشاعرها
لك قبل الزواج..فقد تتغير بعده..
قال هشام بحزم: على العكس يا والدي.. لو تزوجت من وعد وهي لا تحمل لي الا
هذه المشاعر.. فهناك نسبة ضئيلة جدا في ان تتغير مشاعرها نحوي ..اما الامر
الغالب حدوثه فهو ان تبقى مشاعرها كما هي ولا تتغير ابدا..
كلمات هشام التي خرجت من بين شفتيه ادهشته هو نفسه قبل ان تدهش والده..
كيف يقول هذا؟.. وهو الذي كان يرفضه بشدة.. ودائما ما يؤكد ان المشاعر من
الممكن ان تتغير بعد الزواج..هل اصبح الآن يؤمن بطريقة تفكير وعد وفرح..
وبأنهما على حق في ما قالتاه..ام انه يبحث عن أي عذر يقدمه لوالده حتى
يستطيع رفض هذا الزواج؟..
واردف قائلا وهو يتطلع الى والده: ابي سوف اذهب الى عمي لأخبره بأمر رفضي لزواجي من ابنته..
اتسعت عينا والده وقال بعصبية: ماذا تقول يا هشام؟؟.. ستذهب لعمك لتخبره
انك لم تعد راغبا في ابنته..هل تريد ان تحرجني وتحرج نفسك امامه؟..
لوح هشام بكفه وقال: لن يحرج احد يا والدي.. فأنا متأكد ان والد وعد
سيتفهم الموضوع.. وخصوصا عندما يعلم انك لم تستشرني قبل ان تذهب لخطبة وعد
لي..
عقد والده حاجبيه وقال: وماذا عن اتفاقي معه؟.. وقرارنا الذي اتخذناه.. هل ستنهيه هكذا كما يحلو لك؟..
قال هشام بهدوء: ابي سأحل هذه المشكلة بنفسي.. فهي تخصني انا ووعد فقط..ولن يتعرض أي منكما للحرج.. اعدك بهذا.. والآن عن اذنك..
قالها واستدار في سرعة مغادرا المكتب.. واسرع والده يهتف به: هشام ..توقف..انتظر..
ولكن هشام لم ينتظر بل اسرع يغادر المنزل وينطلق بسيارته متجها الى منزل عمه.. في اقصى سرعة تمكن من السير بها في الشوارع العامة...
**********
قال عماد بابتسامة وهو يتحدث الى ليلى عن طريق الهاتف: كيف حالك اليوم؟.. وهل انهيت استعدادك للحفل؟..
قالت ليلى مبتسمة: مع هذا الموعد المبكر جدا.. لا اظن اني سأنتهي ابدا..
- انتبهي فلم يبقى لك سوى يوم واحد..
دست اصابعها بين خصلات شعرها وقالت: لا داعي ان تذكرني بهذا في كل مرة اتحدث اليك فيها وتوترني على هذا النحو..
قال عماد بمكر: ولم تتوترين؟..
زفرت بحدة وقالت: لأني اولا لم انهي جميع التجهيزات.. وثانيا اخشى ان لا
اظهر بشكل لائق في الحفل.. وثالثا ان يوم كهذا من الطبيعي ان اتوتر فيه
وانا ارى كل الانظار الموجهة لي..
هز عماد كتفيه وقال: تجهيزاتك يمكنك انهائها حتى بعد الحفل..وبالنسبة لك..
فأنت فاتنة بدون مساحيق تجميل فكيف بها..وستبهرين الجميع بجمالك وخصوصا
انا.. اما عن الانظار الموجهة لك.. فستكون موجهة لي انا ايضا..
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خجلة بعض الشيء وقالت:اتظن انك وجدت حلا لتوتري هكذا؟..
قال بثقة: بكل تأكيد..
ابتسمت بمرح وقالت: اجل فلابد ان تجد الحل لجميع المشكلات ..يا سيادة المدير ..
قال عماد في هدوء: دعي عنك المشكلات والمدير.. وتذكري اني خطيبك الآن..
قالت بمرح: ومن قال اني قد نسيت..
قال عماد مبتسما: سأعطيك ترقية استثنائية لو اخبرتني ما يبرهن على حبك لي اذا..
ضحكت ليلى وقالت: ما هذا الاستغلال؟.. خطأي اني قد وافقت على الزواج من رئيسي في العمل..
- انا انتظر..
- وستنتظر طويلا..
ضحك قائلا: يالك من قاسية.. الا تشفقين علي قبل يوم واحد من حفل خطوبتنا.. وتخبريني بمشاعرك..
هزت كتفيها وقالت: ولم افعل وانت تعرفها..
- يالك من فتاة..
قالت مبتسمة: حسنا ولكن كلمة واحدة فقط..
- وانا موافق..
صمتت قليلا ومن ثم قالت بهمس: اشعر بالنعاس..
- ليلى.. كفى مزاحا..
قالت مبتسمة: اليس الشعور بالنعاس هو مشاعر ايضا؟..
قال بسخرية: دعي هذا النوع من المشاعر لك..
- فليكن ولكن اهدئ اولا..
صمت قليلا ومن ثم قال: لقد هدأت.. تحدثي الآن يا ايتها الجميلة..
التقطت نفسا عميقا ومن ثم قالت بخجل: حسنا انا اشعر بالشوق اليك الآن بالفعل..
قال بخبث: هذا فقط ما تريدين قوله؟.. الا تريدين قول شيء آخر؟..
قالت بخبث بدورها: لا.. لا شيء.. وماذا عنك؟..
قال مبتسما بحنان: لدي الكثير من الحديث لأتحدث اليك فيه.. ولكن سأتركه للغد..
واردف بهدوء: والآن سأتركك لتنامي.. فأشعر ان صوتك متعب حقا..
- اخبرتك اني اشعر بالنعاس ولكنك لا تصدق..
- حسنا الى اللقاء اذا يا خطيبتي العزيزة..
- الى اللقاء يا سيادة المدير..
ابتسم عماد وهو يغلق الهاتف .. وشرد تفكيره بعيدا وهو يلقي بجسده على
الفراش.. وظهرت صورة ليلى امام عينيه.. وسمع صوتها يعود ليدوي في
اذنيه..وارتسمت ابتسامة حانية وهو يغلق عينيه قائلا : متى يأتي الغد يا
ليلى؟..
وعاد عقله وقلبه ليسبحا بعيدا مع ليلى...
***********
مخطوبة...
الفتاة الوحيدة التي استطاعت اخراجي مما اعانيه من برود في المشاعر بعد ما
حدث قبل ثماني سنوات..الفتاة الوحيدة التي اثارت اعجابي .. الفتاة الوحيدة
التي امتلكت مشاعري كلها ..الفتاة الوحيدة التي احببتها بصدق وعاطفة ..بعد
ان فقدت مايا ..الفتاة الوحيدة التي كنت مستعدا للارتباط بها مهما
حدث..تكون في النهاية مخطوبة..
لماذا؟..لماذا علي ان اعاني فقدان من احب مرتين؟.. لماذا علي بعد ان فقدت
مايا الى الابد اعاني من استحالة زواجي بوعد مرة اخرى؟..لماذا؟..الا يحق
لي ان احيا في سعادة؟.. اليس من حقي ان اتزوج من احب لأحقق حلم حياتي؟..
لماذا يحدث لي كل هذا؟..لماذا؟..
لقد احببتها بصدق.. ومنحتها مشاعري كلها.. اقسم على هذا .. لقد كنت ارى
الامل في عينيها كلما نظرت اليها .. كانت تمنحني دائما الامل بأن حلمي
سيتحقق ذات يوم وسأتزوجها.. ولكن...
سحقا.. سحقا لكل شيء.. في كل مرة امنح قلبي لفتاة ما.. اراها تبتعد تاركة
اياي.. واجد نفسي وحيدا بعد ان فقدتها..في كل مرة يحدث هذا.. لقد تركتني
مايا من قبل.. وهاهي ذي وعد تفعل المثل.. هل علي ان اشعر بنفس الالم
والمرارة مرتين في حياتي؟..
تطلع طارق الى الهاتف الذي توقف عن الرنين منذ دقائق وقال بألم: وعد ارجوك
توقفي عن الاتصال بي.. انت لا تعلمين انك تقتليني بهذا.. وتجعليني اتألم
قبل ان تتألمي انت نفسك..
ربما انا لا استحق ان احيا في سعادة كالآخرين.. ربما كانت السعادة حلما
مستحيلا لا يمكنني تحقيقه ابدا.. او ربما احققه في العالم الآخر فقط..
ولكني.. اتمنى شيئا واحدا فقط الآن..اتمنى ان...
ارتسمت ابتسامة ساخرة بغتة على شفتيه وقال: لقد تمنيت هذا من قبل يا
طارق.. ولكن لا تحلم كثيرا بالحصول على كل ما تريد.. فأحلامك لا تتحقق
ابدا.. بل تنتهي بفقدانها الى الابد.. حتى لو كانت امنيتك هي.. الموت...
***********
تطلع والد وعد الى هشام الذي يقف امامه في الردهة وقال بدهشة: هشام .. ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قال هشام بهدوء شديد: جئت حتى اوقف ما يحصل..
- ما الذي تعنيه؟..
قال هشام دون مقدمات: انا ارقض الزواج بوعد..
اتسعت عينا والد وعد وقال: ماذا؟..
قال هشام وهو يهز كتفيه: انت ووالدي فقط اتخذتما هذا القرار .. دون ان
تسألاني انا او وعد..ولهذا فمن حقي ان ارفض هذا الزواج الذي لا نقبل به
كلانا..
عقد والد وعد حاجبيه ومن ثم قال: ولكن والدك يقول انك انت من لمح مرارا وتكرارابانك ترغب في الزواج من ابنتي ..
عقد هشام ساعديه امام صدره ومن ثم قال: ابي فهم تلميحي بشكل خاطئ.. لقد لمحت له بأني ارغب في الزواج.. ولكن ليس من وعد..
تطلع له والد وعد بنظرة حازمة ومن ثم قال: وماذا عن والدك؟..
- لقد تفاهمت معه في هذا الامر.. واخبرته ان وعد لا تعتبرني اكثر من اخ لها..ولهذا فأنا قد جئت الى هنا حتى انهي هذا الامر معك..
واردف برجاء: ارجوك يا عمي.. عليك ان تقدر مشاعر وعد..ان زواجها بي قد يألمها ولن يسعدها مطلقا..
تطلع له والد وعد بنظرة غامضة ومن ثم قال: اذا هكذا هو الامر..
واردف وشبح ابتسامة يرتسم على شفتيه:انت لمحت للزواج من ابنتي بالفعل..
ولكن وعد قد رفضت هذا الزواج لانها تعتبرك اخ لها.. اليس كذلك؟..
تطلع له هشام بدهشة ومن ثم قال وهو يزفر بحدة: بلى ..هذا ما حدث..
ارتسمت في هذه المرة ابتسامة على شفتي والد وعد وقال: غريب منك ان تسعى لرفض هذا الزواج اذا..
تنهد هشام وقال بشرود: لا يهمني شيء.. سوى ان ارى وعد سعيدة..
قال والد وعد بهدوء: انت تعلم اني اعتبرك انت وفرح منذ ان كنتما صغارا
ابنائي.. ولهذا فأنا اوافق على أي قرار اتخذته انت ووعد..لانكما ابناي
وسعادتكما تهمني قبل أي شيء.. وقد كنت سأتحدث مع والدك في هذا الموضوع..
لولا قدومك الى هنا..
تنهد هشام بارتياح ومن ثم قال: اذا فأنت ترفض هذا الزواج ايضا..
- أي قرار يسبب لك او لوعد الحزن والالم ارفضه بشدة..
قال هشام بتردد: واين هي وعد الآن؟..
اشار والد وعد الى الطابق الاعلى ومن ثم قال: انها لم تهبط من غرفتها منذ ان علمت بالامر..
قال هشام متسائلا وهو يشيح بنظراته: هل يمكنني ان اراها واتحدث اليها؟.. فربما اذا علمت ان الموضوع قد انتهى.. تخرج من عزلتها هذه..
استدار عنه والد وعد وقال وهو يغادر المكان: يمكنك هذا..
ابتسم هشام وقال بسعادة: اشكرك يا عمي على ثقتك هذه ..
التفت له والد وعد وقال مبتسما: انت ابني يا هشام.. الم تدرك هذا بعد؟..
التمعت نظرة السعادة في عيني هشام.. واسرع يصعد السلالم متوجها الى غرفة
وعد..وما ان وقف امام بابها.. حتى ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو
يطرق الباب قائلا: وعد.. ايتها البلهاء افتحي الباب..انا هشام..
رفعت وعد رأسها بحدة عن الفراش.. وقالت بدهشة: هشام..
اسرعت تمسح دموعها وقالت بصوت لم تخف منه رنة البكاء بعد: ماذا تريد يا هشام؟..
ثال مبتسما: سأقول ان فتحت الباب فقط..
سمع صوتها من خلف الباب يأتيه مبحوحا وهي تقول: لم تتغير ابدا يا هشام.. لا تزال قادراعلى اقناعي ..
ووجدها تفتح الباب بهدوء ومن ثم تقول : والآن ماذا تريد؟..
تتطلع هشام الى وجهها في حنان ومن ثم قال: وعد..
رفعت رأسها اليه وتطلعت اليه في رجاء ..منتظرة ان يخبرها عن محاولته في انهاء امر الزواج هذا.. وان كانت قد نجح في ذلك ام لا...






















رواية حلم حياتي - صفحة 2 User_online











رواية حلم حياتي - صفحة 2 Quote
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:48 am

*الجزء الثامن والثلاثون*
(هل سيحضر؟)


وجدها هشام تفتح الباب بهدوء ومن ثم تقول : والآن ماذا تريد؟..
تطلع هشام الى وجهها في حنان ومن ثم قال: وعد..
رفعت رأسها اليه وتطلعت اليه ..منتظرة ان يخبرها عن محاولته في انهاء امر الزواج هذا.. وان كانت قد نجح في ام لا...
فقال هشام مردفا بهمس: وعد..لم كل هذا البكاء؟.. لا شيء في هذه الدنيا يستحق دمعة واحدة من عينيك.. صدقيني .. لا شيء ..
اسرعت وعد تقول : هشام .. دعك مني.. واخبرني بما حصل .. اخبرني هل انتهى
الامر.. ام انك لم تستطع اقناعهما بانهاء هذا الزواج الذي يرفضه كلانا..
ابتسم هشام بسخرية وقال وهو يدس اصابعه بين خصلات شعره: يرفضه كلانا؟..كلا انت مخطأة يا وعد.. انت من يرفضه وحدك..
تراجعت وعد خطوة للوراء وقالت: هشام.. الم تقنعهما بأن يتراجعا عن قرارهما الذي اتخذاه بنفسيهما دون استشارتنا حتى؟..
هز هشام راسه نفيا ومن ثم قال: ولم افعل؟..
قالت وعد كالمصعوقة: لم تفعل؟.. الا تعلم لم؟.. لأني لا ارغب بهذا الزواج..
قال هشام بحزم: ولكني انا ارغب بأن يتم هذا الزواج..
قالت وعد وهي تضع كفها اما شفتيها: هشام .. انت.. انت...
امسك هشام بمعصمها بغتة ومن ثم قال: اجل انا لم افعل شيئا مما قلته..
قالت وعد بصوت اقرب الى البكاء: قل انك تمزح..
قال هشام بسخرية: اتحبينه الى هذه الدرجة؟.. الست قادرة على الزواج بغيره حتى؟..
قالت وعد بتوتر: هشام ما الذي تقوله؟..
جذبها من معصمها ومن ثم قال بصرامة: تعالي معي..
- الى اين؟..
قال في هدوء: سنتحدث قليلا..
رأته يتجه الى الردهة العلوية ومن ثم يجلس على احد المقاعد.. فجلست بدورها قائلة وتوترها يتضاعف: ماذا تريد ان تقول؟..
ابتسم ابتسامة غامضة ومن ثم قال: لقد...انتهى الامر..
تسائلت قائلة بدهشة: ماذا تعني؟..
تطلع لها وقال بابتسامة: انت حرة منذ الآن ويمكنك الزواج بما تشائين..
قالت وعد بارتباك وهي غير قادرة على الاستيعاب: وما قلته قبل قليل..ماذا كان؟..
اسند رأسه لمسند المقعد ومن ثم قال: مجرد مسرحية للتلاعب باعصابك..
اتسعت عيناها ومن ثم قالت : ماذا تقول؟..
ضحك بسخرية ومن ثم قال: ليتك رأيت وجهك حينها .. كنت موشكة على البكاء..
ركلت وعد ساقه بقوة وقالت بغضب: ايها السخيف.. لقد كاد قلبي ان يتوقف..
امسك بخصلات من شعرها بغتة وشدها بقوة قائلا: اياك وان تتمادي بضربي مرة
اخرى.. والا انا بنفسي سأنزل الآن الى والدك.. واطلب يدك منه..
ابتسمت وهي تشعر بالألم من امساكه لشعرها: ومن سيدعك تفعل هذا؟..
ترك شعرها ومن ثم قال بهدوء: المهم اني قد وفيت بوعدي واووقفت هذا القرار.. واجبرت والدك ووالدي على ان يتراجعا عنه..
قالت وعد وهي تتطلع اليه: لست استغرب هذا.. ممن لديه وسيلة غريبة في الاقناع..
اغمض هشام عينيه وقال: لقد نجحت هذه الوسيلة مع الجميع يا وعد..وكل من رغبت في اقناعهم بأمر اريده..
واردف وهو يفتح عينيه ويتطلع اليها: فيما عداك انت..لقد فشلت في اقناعك بالموافقة على الزواج مني..
قالت وعد بشرود: ربما لان المشاعر هي اقوى ما يمتلك الانسان وليست هناك أي قوة في العالم تستطيع تغييرها..
- ربما معك حق في هذا.. فأنا لست قادرا على ان انسى مشاعري تجاهك بعد كل
هذا الوقت.. وبعد ان رفضتيني بنفسك.. ولازلت تحاولين بكل قوة على ان لا
يتم زواجك بي ابدا..
قالت وعد وهي تشير الى نفسها: صدقني يا هشام انا لا استحقك .. انت لا
تستحق فتاة مثلي تراك اخاها.. بل تستحق فتاة تراك كفارس احلامها.. انت
تستحق من هي افضل مني بكثير ..
واردفت بابتسامة باهتة: هشام..هل تذكر عندما طلبت مني فرح ان اتمنى امنية في عيد ميلادي..اتعلم ماذا تمنيت حينها؟..
التفت لها فأردفت قائلة: لقد تمنيت حينها ان تنساني.. وتجد فتاة تحبك بحق..لأني لم ارد لك ان تتألم بسببي..
رفع هشام حاجبيه بغرابة ومن ثم قال وهو يسند رأسه لمسند المقعد: يبدوا ان جزء من امنيتك قد تحقق..
واردف قائلا بابتسامة: هناك فتاة حقا..
ابتسمت وعد وقالت بلهفة: ومن هي؟.. وكيف التقيت بها؟..
قال مبتسما: لست اعرف عنها سوى القليل جدا.. اما كيف عرفتها فلقد صدمت سيارتي..
قالت وعد بدهشة: ماذا؟..
قال في هدوء:ولكن مشاعري نحوها لا تتعدى الاعجاب بشخصها.. ولكن من يدري ربما تتحقق امنيتك ذات يوم ..
قالت وعد متسائلة: وماذا عنها هي؟..
هز هشام كتفيه وقال: لا اعلم ..ولكني اشعر بأنها ربما تكون تحمل لي القليل من الاعجاب..
ابتسمت وعد وقالت: هذا جيد اذا..
قال هشام فجأة وهو يلتفت لها: وعد.. الن تخبريني من يكون؟..
تنهدت وقالت: فليكن يا هشام.. انت فعلت الكثير من اجلي.. وانهيت امر الزواج هذا اليوم.. لهذا سأخبرك ..انه ..زميل لي بالصحيفة ..
تطلع لها هشام ومن ثم قال: لقد كنت اتوقع هذا.. ولكن ايهما؟..طارق ام احمد؟..
قالت في دهشة: اتعرفهما؟..
ابتسم وقال: لقد زرت الصحيفة مرتين.. وسألت هناك عن كل من يشاركونك القسم..وعرفت اشياء كثيرة عنهم..
قالت وعد بحنق: هل كنت تتجسس علي؟..
غمز بعينه وقال: بل اطمئن فقط..
تنهدت وقالت: يالك من شاب..
قال في سرعة: لا تغيري الموضوع.. واخبريني .. ايهما؟..
ازدردت لعابها وقالت: حسنا انه.. طارق..
تطلع لها لفترة ومن ثم التفت عنها وقال: لقد سمعت انه يلقب بالجليد
المتحرك.. لبرودة تعامله مع الجميع..لطوال فترة عمله بالصحيفة.. ولكنه مع
هذا صحفي ممتاز..
قالت وعد بهدوء: ولكنه لم يعد يعامل الجميع ببرود .. لقد تغير..
ابتسم هشام بخبث وقال: منذ ان رآك .. اليس كذلك؟..
تلعثمت ولم تستطع الاجابة فقال هشام مردفا: لا يهم يا وعد.. ما يهمني الآن هو ان اراك سعيدة فقط.. حتى وان كانت سعادتك هذه مع سواي..
**********
نهض طارق من فراشه بتثاقل وهو بالكاد يفتح عينيه..شعر بصداع حاد يكتنف
رأسه بغتة وعرف السبب..انه لم ينم الليلة الماضية الا قبيل الفجر.. فمن
الطبيعي ان يشعر بهذا الصداع وهو ينهض من نومه في ساعة مبكرة كهذه..
امسك برأسه في الم وغمغم قائلا بغضب: لماذا انا بالذات الذي عليه ان يعاني مرتين؟..لماذا؟..
تذكر قبل ثماني سنوات.. عندما فارقت مايا الحياة امام عينيه.. يومها ظل
متسمرا في مكانه ولم يتحرك من جوار فراشها.. حتى ارغمه عدد من الاطباء على
الخروج من غرفتها.. ولكنه مع هذا غادر بعدها المشفى بهدوء شديد وقلبه يحمل
اكبر معنى للحزن.. وتوجه الى منزله ليعاني وحده هناك.. يعاني فقدانه لمايا
الى الابد.. انعزل عن الناس لفترة زادت على الشهر حتى اكتسب شخصه ذلك
البرود الشديد في التعامل مع الناس..واصبح يتحاشى الناس وعلاقاته معهم ..
ربما لان عقله الباطن كان يرفض تلك العلاقات خشية ان يفقد شخص عزيز عليه
من جديد..
ولكن وعد غيرت كل هذا.. وحطمت كل القواعد التي وضعها له.. جعلته يبتسم
ويضحك من جديد.. جعلته يتمنى ان يعرفها عن قرب ويكتشف شخصيتها.. تمنى ان
تعجب به كما اعجب هو بها.. لقد جعلته يتخطى ذلك الخط الذي وضعه لنفسه..
ويتعلق بها.. لا بل احبها وعشقها.. والآن هاهي ذي تثبت له انه لم يكن عليه
من البداية ان يتبع مشاعره واول خفقة قلب له تجاهها..كان عليه ان يتجاهل
كل شيء .. ويقتل مشاعره.. حتى لا يكون الآن في مثل هذا الموقف.. ويعاني
مجددا..
وتنهد بمرارة وهو ويشعر بالالم يعتصر قلبه..التقط هاتفه الذي اغلقه منذ
الامس حتى لا يضعف ويجيب على أي من مكالمات وعد..يريد ان ينساها.. او
يبعدها عن حياته على الاقل.. حتى تبدأ هي حياتها كما تشاء.. ويغادر هو
حياتها الى الابد..
سار بتثاقل الى دورة المياه.. وغسل وجهه في سرعة وهو يهمس قائلا بألم: ليت
.. ليت هذا مجرد حلم.. استيقظ منه.. واجد ان وعد لازالت حرة وقد تكون لي
يوما.. ليت هذا ممكن..
اسرع يستعد للذهاب الى الصحيفة وكأنه يريد ان يفارق هذا المكان الذي قضى
فيه بالامس اسوأ ايام حياته بأسرع وقت ممكن..وغادر المنزل ببرود كبروده
السابق.. لينطلق بسيارته الى مبنى الصحيفة..وهناك صعد بالمصعد الى الطابق
الثاني ليدلف الى قسم الصفحة الرئيسية دون ان يلقي التحية على أي من
المتواجدين بالقسم.. ولكنه اختلس تظرة سريعة الى مكتب وعد.. الذي كان
فارغا.. وواصل سيره ليجلس خلف مكتبه..وهناك التقط مجموعة من الاوراق التي
لم ينهي كتابتها بالامس وواصل كتابتها وكأن لا شيء يهمه على الاطلاق..
وعلى الجانب الآخر..تطلع له احمد بغرابة ومن تصرفه الغريب هذا وخصوصا وانه
لم يلقي عليهم التحية حتى.. والتفت الى نادية التي هزت رأسها في قلة
حيلة.. والتفت احمد الى مكتب وعد..وقال بصوت مرتفع بعض الشيءوهو يريد ان
يرى تأثير ما سيقوله على طارق: صحيح.. لقد تأخرت الآنسة وعد بالمجيء الى
هنا على غير عادتها.. ما الامر؟..
رفع طارق رأسه بهدوء الى احمد لكنه لم يلبث ان عاد ليواصل علمه..في حين
قالت نادية بحيرة: احقا لا تعرف ان وعد قد اخذت اجازة هذا اليوم يا استاذ
احمد؟..
قال احمد وهو يهز رأسه نفيا: لا لست اعلم ذلك..لم أخذت هذه الاجازة؟..
قالت نادية مبتسمة: اليوم حفل خطبة ابن خالها..وقد اخذت هذه الاجازة لكي تستعد لهذا الحفل لانها لم تمتلك الوقت الكافي للاستعداد ..
قال احمد متسائلا: لكنها لم تدعوا أي منا لهذا الحفل ..فلم؟ ..
قالت نادية بهدوء: كما تعلم فهذا الحفل عائلي فحسب وهو لأفراد عائلتهم
فقط..كما وان بطاقات الدعوة ليست ملكا لها بل لابن خالها وهو بالتأكيد قد
منحها عددا بسيطا جدا لتوزيعه على اقاربهم.. ولا اظن ان هناك ما يكفي لنا
ايضا..لهذا فوعد ليس لها أي ذنب في عدم دعوتك الى هناك..
عقد احمد ساعديه امام صدره وقال: ولكني كنت ارغب حقا في الذهاب الى الحفل..
- ولم؟..
قال احمد وهو يهز كتفيه: هكذا فقط..
وتطلع طارق لهم بهدوء شديد حتى لم يبدوا عليه انه قد شرد بذهنه الى الوراء قليلا وقبل يومين من الآن...

(لقد تبقيت معي واحدة اضافية)..
رفع طارق رأسه الى وعد التي كانت تجلس امامه في تلك الكافتيريا بمبنى الصحيفة وقال بحيرة: ماذا تعنين؟..ما هو الشيء الذي تبقى معك؟..
ابتسمت وعد وقالت: بطاقة دعوة لحفل خطبة ابن خالي..لقد منحني خمس دعوات
لأقوم بتوزيعها على اقربائنا.. وبقيت واحدة اضافية لأن احدهم لن يحضر..
قال طارق مبتسما: امنحيها لاحدى صديقاتك اذا..
هزت وعد رأسها نفيا وقالت: انه حفل عائلي وللمقربين منا فقط.. لهذا...
بترت عبارتها بغتة فتطلع لها طارق وقال: انا لا افهمك ما الخطأ ان منحت احدى صديقاتك..اليست من المقربين لك؟..
اردفت وعد وكأنها لم تسمعه وهي تخرج بطاقة الدعوة وتضعه امامه على الطاولة: لهذا سأمنحها لك..
قال طارق بدهشة: انا؟.. ولم انا بالذات؟..
ابتسمت وعد ابتسامة رقيقة وقالت: لاني اتمنى ان تحضر الى الحفل..فهل ستفعل؟..
اومأ طارق برأسه ايجابيا وقال مبتسما: بالتأكيد سأفعل..من اجلك فقط..

عاد طارق الى عالم الواقع وزفر بحرارة وهو يشعر ان آلامه كلها انطلقت مع
هذه الزفرة..ورفع رأسه بهدوء شديد الى أحمد وقال: اتريد الذهاب الى ذلك
الحفل حقا؟..
قال احمد وهو يشعر بالغرابة من سؤال طارق: ماذا تقول؟..
قال طارق ببرود: قلت اتريد ان تذهب الى ذلك الحفل؟..
اومأ احمد برأسه وقال: بلى.. ولكن كيف سأستطيع الذهاب من دون بطاقة دعـ...
قبل ان يكمل عبارته القى طارق ببطاقة الدعوة اليه لتسقط على مكتب وعد..وتستقر فوقه..فقال احمد بدهشة: ألديك بطاقة دعوة؟..
- ما رأيك انت؟..
قال احمد متسائلا: وكيف حصلت عليها؟..
مط طارق شفتيه دون ان يجيب..فقال احمد مردفا وهو ينهض من خلف مكتبه ويلتقط بطاقة الدعوة: وانت الا تريد الذهاب؟ ..
قال طارق باقتضاب: لا..
التفت له احمد وقال مبتسما بخبث: احقا لا تريد الذهاب على الرغم من ان وعد قد دعتك بنفسها؟..
قال طارق ببرود: قلت لا.. هل لديك مشكلة في السمع؟..
تطلع له احمد باستغراب..اولا دعوة وعد له والتي يرفض قبولها .. على الرغم
من ان وعد ستكون هناك.. كما وانه كان يشعر بالضيق عندما كنت انطق اسم وعد
مجردا من اية القاب.. فما السبب الآن؟.. وكأنه لم يهتم حتى.. هل تشاجرا ام
ماذا؟..
هز احمد كتفيه وقال: هذا شأنك.. سأذهب انا عوضا عنك .. ولكن اشك انك لن تذهب الى الحفل حقا ..وخصوصا ان وعد ستكون هناك ..
التفت عنه احمد ليعاود الجلوس خلف مكتبه.. ولكنه توقف بغتة وقال: دعني
اقول لك كلمة اخيرة قبل هذا ..مهما حدث .. فلا تستسلم بسهولة.. وتترك حلمك
يضيع من بين يديك..لا تتخلى عنه وتهرب .. بل واجه الواقع وقاتل من اجل
تحقيقه.. لانه ...
بتر احمد عبارته..والتفت الى طارق ليردف بحزم: لانه حلم حياتك..
تطلع له طارق بصمت وقال متحدثا الى نفسه: اتخلى عنه؟..لا يا احمد.. لست
انا من يتخلى عن احلامي.. بل احلامي هي التي تتخلى عني .. لتتركني اعاني
وحدي دون السبيل الى تحقيقها .. مجرد امنيات واحلام احاول تحقيقها ولا
تكون في النهاية سوى اوهاما وخيالات.. لأن الواقع يختلف.. وهاهو ذا حلمي
يتحطم امام هذا الواقع لمرة ثانية...
********
(تبدين شاحبة..ما الامر؟)
نطقت فرح هذه العبارة وهي تتطلع الى وعد التي احتلت احدى الطاولات مع
الاولى في حفل الخطبة.. وقالت وعد وهي تهز رأسها: لا شيء.. فقط انا اشعر
بالتعب قليلا لاني لم انم جيدا ليلة البارحة..
- ولم؟..
- انه الارق لا اكثر.. لا تقلقي نفسك..
قالت فرح وهي تمنحها مرآتها الصغيرة: خذي.. انظري الى وجهك.. ثم اطلبي الي
ان لا اقلق..ان شحوبك هذا يدل على انك لم تذوقي طعم النوم بالامس ابدا..
شردت وعد وتحدثت الى نفسها قائلة: طارق لم لم تجب على مكالماتي او حتى
رسائلي؟.. لماذا تفعل هذا بي وبنفسك؟ .. لو قرأت رسائلي فحسب لعلمت ان كل
شيء قد انتهى.. ويمكننا الآن ان...
قاطعت فرح افكارها قائلة: انظري الى نفسك ايضا.. دائمة الشرود هذا اليوم.. انت لست وعد التي اعرف..
ابتسمت وعد بخفوت وقالت متصنعة المرح: وهل يمكن لفتاة اخرى مثلا ان تتنكر بملامحي؟..
قالت فرح بجدية: وعد انا لا امزح.. انت لا تبدين بخير.. اخبريني ما الامر؟..
اطرقت وعد برأسها في صمت .. وكادت فرح ان تهم بقول شيء آخر لولا ان ارتفع
صوت رنين هاتفها المحمول.. فالتقطته واجابت قائلا: اهلا.. كيف حالك؟..اين
انتما الآن؟.. لقد تأخرتما.. حسنا حسنا سأخبرها..الى اللقاء..
انهت فرح المكالمة فسألتها وعد قائلة: من كان المتصل؟..
اجابتها فرح قائلة: لقد كان هشام.. يقول انه هو وعماد بالطريق الى هنا..
قالت وعد وهي توفر بحدة: لقد تأخرا بالمجيء الى هنا..
اومأت فرح برأسها وقالت: بلى هذا صحيح..وقال ان السبب في هذا التأخير هو
عماد.. فقد اراد ان يعود الى منزله فجأة ليجلب شيء قد نسيه من هناك..
واردفت فرح قائلة: وبالمناسبة هو ينتظرك عند باب الرئيسي للصالة..
قالت وعد بحيرة: من تعنين؟..
قالت فرح مبتسمة: شقيقي بالتأكيد..
- ماذا يريد؟..
هزت فرح رأسها وقالت: لست اعلم.. لم يخبرني بشيء..
نهضت وعد من مكانها وقالت: حسنا سأذهب اليه..
سارت بين الطاولات بهدوء وتوجهت الى حيث الباب الرئيسي حيث رأت هشام واقفا وهو يسند ظهره للجدار.. فنادته قائلة: هشام..
اسرع يتجه نحوها فأردفت: ماذا كنت تريد؟..
منحها هاتفه وقال: خذي امنحيه لليلى فعماد سيتصل بعد قليل بها ويرغب في ان يتحدث اليها في امر ما..
قالت وعد بملل: ولماذا علي انا ان اقوم بهذا؟.. لماذا لم تطلب من فرح ذلك؟..
قال مبتسما: اردت ان اتعبك قليلا..
قالت بحنق: ثم لماذا لم يتصل هشام على هاتفي او هاتف فرح مباشرة؟..
- يمكنك سؤاله عن هذا..
مطت شفتيها وقالت: حسنا هل هناك أي شيء آخر؟..
اومأ برأسه وقال: اجل..
- ماذا هناك ايضا؟..
مال نحوها وقال بهمس: تبدين فاتنة هذا اليوم..
ابتسمت وهزت رأسها قائلة: يالك من شاب .. ألن تكف عن هذا؟..
- عن ماذا بالضبط؟..
رفعت رأسها اليه وقالت: السخرية مني..
قال مبتسما: ومن قال اني اسخر منك.. انها الحقيقة..
- لا اظن انك قد امتحدتني في يوم الا على سبيل السخرية..
غمز بعينه وقال: في هذه المرة الامر يختلف.. لأنك تبدين فاتنة بالفعل..
قالت بمرح: لو كان ما تقوله ليس سخرية.. فأشكرك على مجاملتك..
واستدارت عنه.. فأسرع يقول: انتظري للحظة..
قالت وعد وهي تبتعد: عن اذنك يا هشام.. سأوصل الهاتف الى ليلى..
زفر هشام بحدة وهو يراها تبتعد متوجهة الى ليلى.. وما ان وصلت الى حيث
تجلس هذه الاخيرة حتى قالت مبتسمة: يبدوا انه لا يستطيع الانتظار لسماع
صوتك..
قالت ليلى متسائلة: من تعنين؟..
سلمتها وعد الهاتف وقالت: ومن غيره.. العريس بكل تأكيد.. سيتصل بعد قليل للحديث معك..
قالت ليلى بحيرة: وهذا هاتف من؟..
-انه لابن عمي هشام.. خذي وقتك.. فلا اظن انه سيهتم بالهاتف الى هذه الدرجة..
ابتسمت ليلى بخفوت.. في حين ابتعدت وعد عن المكان لتأخذ ليلى حريتها في
التحدث الى عندما يتصل..ولم تمضي دقائق حتى ارتفع رنين الهاتف.. فأجابته
ليلى وقالت مبتسمة: اهلا عماد..
قال عماد بحنان: اشتقت اليك كثيرا..
قالت بابتسامة: بالامس فقط كنا معا..
واردفت متسائلة: ولكن لماذا تأخرت؟..
قال مبتسما: لا تغضبي لذلك.. ولكني قد نسيت شيء بالمنزل وعدت لأخذه..
قالت في حيرة: وما الذي يدعوك للاتصال بي الآن؟.. لم لا تدخل على الفور؟..
- اردت ان اقول لك شيء قبل دخولي..
صمتت لتترك له مجالا ليردف: اردت ان اقول اني احبك .. احبك بصدق.. وسأظل احبك الى الابد..
صمتت ليلى بخجل .. ومن ثم قالت بعد برهة من الصمت: وانا كذلك..
قال عماد بهمس: هذا ما اردت قوله ومعرفته منك.. والآن الى اللقاء.. فأنا اقف امام الباب الرئيسي للصالة..
اومأت برأسها وقالت: حسنا.. الى اللقاء..
انهت مكالمتها وبغتة انقطعت الموسيقى عن العزف.. واتجهت الاضواء الى ذلك
الباب.. ليفتح رويداً رويدا..ويطل واقفا خلفه عماد بزيه الرسمي الانيق
والفاخر.. ليبدوا في اشد وسامته.. وبجانبه هشام الذي رسم على شفتيه
ابتسامة لا مبالية.. ووضع كفيه في جيبي سترته..وان كان يبدوا اكثر وسامة
من عماد نفسه بحلته الفاخرة..
وسار عماد ببطء الى حيث ذلك المسرح الذي كان على شكل مقعدين تلتف حوله
الغصون واوراق الأشجار ..ويتوسطهما طاولة على شكل نافورة مياه.. وعلى
جانبي المقعدين استقر تماثلين صغيرين من العصافير.. فبدى المسرح وكأنه جزء
من حديقة صغيرة..
واتسعت ابتسامة عماد عندما وصل الى حيث تجلس ليلى.. فمد لها كفه وقالبصوت خفيض: مبارك..
صافحته قائلة بخجل: اشكرك..
مال نحوها ليطبع قبلة حانية على جبينها وهمس بحب: تبدين فاتنة ..
ازدردت لعابها وقالت وهي تشعر بالتوتر والخجل: وانت تبدوا وسيما كذلك ..
جلس على المقعد المجاور لها وقال: عذرا على تأخري..
اطرقت برأسها وقالت: لم يحدث شيء..
( بل حدث.. لقد اقلقت ليلى عليك يا عماد)..
التفت عماد الى فرح ناطقة العبارة السابقة والتي سارت وعد الى
جوارها..وقال الاول بابتسامة:عذرا يا آنسات.. فقد عدت الى المنزل لآخذ شيء
قد نسيته..
همت وعد بقول شيء ما ولكن وجدت عماد يتطلع لها ويقول باهتمام: تبدين شاحبة الوجه يا وعد؟.. ما الامر؟..
رسمت وعد على شفتيها ابتسامة وقالت: ابدا لا شيء .. ولكني لم انم جيدا ليلة امس..
تطلعت ليلى الى عماد في ضيق لاهتمامه بوعد.. في حين ابتسم فرح وقالت: على
العموم قد جئنا هنا للمباركة ولتهنئتكما..واخبرك منذ الآن ان ليلى هي
شقيقتنا الثالثة..
اومأ عماد برأسه وقال وهو يلتفت الى ليلى: بكل تأكيد..
بينما التفتت فرح الى وعد وقالت: هيا يا وعد..
اسرعت ليلى تقول: الهاتف..
ابتسمت فرح وقالت: سآخذه انا..
التقطت الهاتف وقالت وهي تسير بجوار وعد مغادرين المسرح: سآخذه الى هشام.. انتظريني على الطاولة التي كان نحتلها قبل قليل..
اتجهت وعد بهدوء نحو الطاولة.. لتجلس على احد مقاعدها.. ومن ثم تعود
للشرود من جدبد.. هل سيحضر طارق الى الحفل؟.. لقد دعته بنفسها.. فهل سيلبي
رغبتها ويأتي؟.. ام سيمتنع عن القدوم.. لقد قال انه سيأتي من اجلها.. فهل
سيفعل؟.. هل ....
(وعد.. هناك من يريد رؤيتك)
انتفضت وعد بحدة ازاء امساك فرح بكتفها فقالت هذه الاخيرة: هل اخفتك؟..
هزت وعد رأسها نفيا ومن ثم قالت: لقد كنت شاردة الذهن وحسب..
واردفت متسائلة: لم تخبريني.. من ذا الذي يريدني؟..
قالت فرح بخبث وهي تشير نحو الباب الرئيسي للصالة: يقول انه زميلك في الصحيفة..
خفق قلب وعد في قوة.. لقد جاء طارق.. جاء اخيرا.. سأخبره بكل شيء.. وكل ما حدث.. سينسى عندها ما كاد يحدث.. وسنبدأ صفحة جديدة معا..
ووجدت نفسها تنهض من مقعدها في سرعة لتقول: سأذهب لرؤيته..
اسرعت وعد تسير بين الضيوف.. وهي تتوجه بلهفة الى الباب الرئيسي..فهناك
سيكون طارق.. لقد حضر.. ولم يتراجع عما قاله لها.. وارتسمت ابتسامة سعيدة
على شفتيها وهي تشعر بقلبها يرتجف بين ضلوعها.. وما ان وصلت الى الباب
الرئيسي .. حتى تلفتت بحثا عنه وهي تقول بصوت خفيض بعض الشيء: طارق.. هل
انت هنا؟..
شاهدت احدهم يقف عند زاوية من المكان.. وهو يدير لها ظهره.. فالتمعت عيناها بلهفة وسعادة وهمست قائلة: طارق..
وبغتة اختفت تلك اللهفة من عينيها وشعرت بالتوتر وهمست بقلق متحدثة الى
نفسها: كلا هذا ليس طارق.. انه اقصر من طارق بقليل .. كما وان بنية جسمه
تختلف عنه..
ووجدت ذلك الشاب يلتفت لها وهو يقول بابتسامة: وعد.. كيف حالك يا صحفيتنا الجريئة؟..
ارتسم الالم في عيني وعد وقالت بصوت لم يخف منه رنة الاحباط: بخير.. ماذا عنك يا استاذ احمد؟..
تطلع لها لوهلة ومن ثم قال: معذرة لتخييب ظنك.. اعلم بأنك كنت تنتظرين
طارق.. لانه الوحيد الذي يمتلك بطاقة الدعوة.. ولكن قال انه لن يأتي
ومنحها لي..
اعتصر قلب وعد ألما ورددت قائلة بحزن: لن يأتي..
قال احمد في هدوء: هذا ما قاله..
اطرقت وعد برأسها في الم.. لقد كانت تتمنى قدوم طارق .. والآن هاهي ذي ترى
احمد قد جاء بدلا منه.. وهو بنفسه من منح احمد الدعوة.. وألقت حزنها خلف
ظهرها لثواني لتقول: تفضل يا استاذ احمد بالدخول..
ابتسم بهدوء وسار الى جوارها الى الداخل.. وقال بخبث: اتعلمين.. اشك انه لن يحضر..
التفتت له وعد في حدة وقالت: اتعني طارق؟..
قال مبتسما: ومن غيره.. لا اظن انه لن يأتي ويفوت على نفسه رؤيتك..
ابتسمت وعد بسخرية مريرة وقالت: انت لا تعلم انه يرفض سماع صوتي فحسب.. فماذا برؤيتي؟..
هز احمد كتفيه وقال: لست انت فحسب.. انه يشن الحرب علينا جميعا ويرفض الاجابة على أي منا..
هزت وعد رأسها في استسلام وقلة حيلة.. فقال احمد بابتسامة واسعة: لم اكن اعلم من قبل ان العلاقة بينكما وصلت الى هذا الحد..
قالت وعد متجاهلة ما قاله: تفضل يا استاذ احمد بالجلوس.. سأذهب انا لشرب كأس من العصير..
واسرعت تبتعد عنه ..هاربة من كل شيء.. من المها.. وحزنها.. وخيبة املها في
ان يحضر طارق الى هذا الحفل.. واحست بغصة في حلقها.. واغمضت عيناها بقوة
لتقول بألم متحدثة الى نفسها: لماذا لم تحضر يا طارق؟.. الم تقل انك ستأتي
ومن اجلي؟.. لم اعهدك تتراجع عن كلامك يوما؟.. فلم تراجعت الآن؟..لو حضرت
ستعلم بالحقيقة كلها.. ستدرك ان الامر قد مر بسلام وانني لم اعد مخطوبة
لأحد.. بل حرة نفسي.. انك حتى تقطع كل وسائل الاتصال بيننا.. حتى مكالمتي
ورسائلي القصيرة لا تجيب عليها.. لو فعلت فقط..لما كان كلانا يتعذب الآن..
تنهدت بحرارة.. وتوجهت عائدة في سيرها.. لولا ان رأت فرح تقترب منها وتقول: اين كنت كل هذا الوقت؟..
قالت وعد بهدوء: استقبل الضيف..
اشارت فرح باتجاه الباب الرئيسي وقالت:حسنا ولكن يبدوا ان هناك امر ما قد حدث.. فبعض الضيوف تجمعوا حول الباب الرئيسي..
عقدت وعد حاجبيها وقالت: سأذهب لأرى الامر..
قالت فرح في سرعة: سآتي معك..
سارت وعد بخطوات سريعة بعض الشيء لتغادر الصالة وتتوجه الى حيث رأت عدد
قليل من الضيوف قد تجمعوا حول المكان .. وقالت وهي تحاول المرور من بينهم:
من فضلكم.. ارغب بالمرور لارى ما الذي يحصل هنا و...
بترت عبارتها اثر صوت حارس الامن الذي جاء حازما بعض الشيء وهو يقول: من
فضلك.. لقد تلقيت اوامر بعدم السماح لاي شخص بالدخول دون بطاقة دعوة وانا
انفذها..
قال الشاب الذي يقف في مواجهة حارس الامن: لكني اخبرتك اني من اقارب العريس.. ولو سمحت لي بالدخول لأكد لك المدعوين ذلك..
قال حارس الامن في صرامة: لو كنت من اقاربه فلماذا لم يمنحك بطاقة دعوة؟..
- اخبرتك.. لقد اضعتها..
ازدردت وعد لعابها في تلك اللحظة..هذا هو صوته.. صوت طارق.. هل هو مجرد
شاب يشبه طارق في صوته ام انه هو حقا؟..انه يشبهه حتى في اسلوب وطريقة
حديثه.. المشكلة اني لا استطيع رؤية ما امام هذا الجمع من الضيوف .. لو
يسمحون لي بالمرور فقط ..
وسمعت ذلك الشاب يقول باصرار: انت فقط اطلب من احدى المدعوات القدوم الى هنا وستأكد لك هذا..
قال حارس الامن بشك: ومن هي ؟..
- الآنسة وعد عادل.. ابنة خال العريس..
تسارعت نبضات قلب وعد في تلك اللحظة.. اذا فهو طارق بالفعل.. انا لا
احلم.. انه هنا.. وقد جاء من اجلي.. لم يخلف بوعده او يتراجع..لقد جاء..
اخيرا...
***********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:49 am

*الجزء التاسع والثلاثون*
(ما الذي سيفعله؟)

سمعت ذلك الشاب يقول باصرار: انت فقط اطلب من احدى المدعوات القدوم الى هنا وستأكد لك هذا..
قال حارس الامن بشك: ومن هي ؟..
- الآنسة وعد عادل.. ابنة خال العريس..
تسارعت نبضات قلب وعد في تلك اللحظة.. اذا فهو طارق بالفعل.. انا لا
احلم.. انه هنا.. وقد جاء من اجلي.. لم يخلف بوعده او يتراجع..لقد جاء..
اخيرا...
واسرعت تقول للاشخاص اللذين يقفون امامها: من فضلكم .. ارغب بالمرور..
في نفس اللحظة كان حارس الامن يقول: سأفعل وسأرى ان كنت صادق فيما تقوله..
( لا داعي لذلك يا ايها الحارس..)
التفت الحارس الى وعد ناطقة العبارة السابقة.. والتي كانت قد استطاعت المرور من بين الجمع للتو.. وقال: ماذا تعنين يا آنسة؟..
قالت وعد وقد ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها ونظرة السعادة واضحة في عينيها وهي تلتفت الى طارق: انا هي وعد عادل..
-حسنا وما رأيك فيما يقوله هذا الشاب؟..
اومأت براسها وقالت: انه من اقاربنا بالفعل..
صمت حارس الامن للحظات ومن ثم قال: ما دام الامر كذلك.. فيمكنك الدخول يا سيد..
ابتسم طارق وقال: الم اقل لك منذ البداية انني من اقاربهم بالفعل؟..ولكنك تفضل الطرق المعقدة..
ومن ثم التفت الى وعد ليقول: هيا بنا يا وعد..
تطلعت له وعد بنظرة لهفة وفرح وقالت بهمس: لقد جئت..
اسرع طارق يقول للجمع الموجود بالمكان: لقد انتهت المشكلة يا سادة.. يمكنكم المغادرة..
ومن ثم جذب وعد من معصمها معه وقال بحنان: لم اكن استطيع ان اخلف بوعدي لك.. لقد وعدتك ان آتي من اجلك.. وها انذا هنا..
قالت وعد بحيرة: ولكن الاستاذ احمد قال انك اخبرتهم بعدم حضورك..
التفت لها وقال: لقد كنت افكر في عدم القدوم بالفعل.. ولكن لم استطع ان افوت علي فرصة ان اراك للمرة الاخيرة..
قالت وعد بدهشة: ماذا تقول؟.. لا يوجد مرة اخيرة يا طارق..
- ماذا تعنين؟..
دلفا في تلك اللحظة الى الصالة الرئيسي.. فجذبت معصمهامن كفه وعقدت
ساعديها امام صدرها لتقول: لو اجبت على احدى مكالماتي.. او على الاقل قرأت
احدى رسائلي القصيرة .. لفهمت ماذا اعني..
سمعت وعد بغتة صوت فرح يأتيها من الخلف وهي تقول بحنق: كيف تذهبين وتتركيني؟..
قالت وعد مبتسمة: المعذرة.. لقد نسيت انك كنت معي..
قالت فرح متسائلة: ماذا حدث؟..
لم يهتم طارق بسماع ما دار بينهما من حديث..بل االتقط هاتفه في سرعة..
وقام بفتحه ليجد اربع رسائل لم يقرأها وكلها من وعد..واخذ يقرأ الرسلة
الالى في لهفة والتي كانت تقول (لماذا لا تجيب يا طارق؟.. لم اكن اعلم
بالامر.. اقسم لك.. لقد حدث كل شيء دون ان اكون على علم به.. صدقني انا لا
ارغب بالزواج من ابن عمي..لا ارغب بذلك.. ارجوك اجب)..
تطلع لوعد لبرهة والتي كانت تتحدث الى فرح..وواصل قراءته للرسالة
الثانية..(طارق لقد انتهى كل شيء تقريبا .. ابن عمي غير موافق على الزواج
بي ايضا بهذه الطريقة ومادمت غير قابلة لهذا الزواج.. وسوف يقوم باقناع
الجميع بالتراجع عن هذا القرار )..ردد طارق في نفسه قائلا: تقريبا
فقط..الم ينتهي الامر نهائيا يا وعد؟.. ولكن علي ان لا استعجل الامور..
وانتظر حتى النهاية..
وفتح الرسالة الثالثة والتي كانت تقول ( طارق.. لقد انتهى الامر.. لقد
الغي هذا الزواج بأكمله..وانا حرة نفسي منذ الآن.. فقط اجب على مكالماتي
حتى لا نحيا كلانا في هذا الالم)..
ارتسمت ابتسامة مليئة بالسعادة على شفتي طارق.. وهمس قائلا بفرحة: واخيرا .. واخيرا انتهى هذا الكابوس.. واخيرا يا وعد..
كاد ان يردد هتافه بصوت عالي ولكن تمالك مشاعره.. واسرع يفتح الرسالة
الاخيرة..وكانت هذه هي كلماتها ..( لقد قلتها لي مرارا يا طارق.. وطلبت
مني قولها مرات عديدة.. وكنت دائما اتهرب.. ولكن لم يعد هنالك مبرر لاخفاء
هذا الامر اكثر.. لو اردت اعترافا مني يا طارق .. فها انذا اعترف لك..
بأني احبك.. لن اكون لسواك يا طارق.. لن اكون.. لانك حلم حياتي)..
ردد طارق بخفوت: حلم حياتها..
وسرعان ما تذكر عبارة احمد له حين قال: مهما حدث .. فلا تستسلم بسهولة..
وتترك حلمك يضيع من بين يديك..لا تتخلى عنه وتهرب .. بل واجه الواقع وقاتل
من اجل تحقيقه.. لانه ..حلم حياتك..
وابتسم طارق مغمغما وهو يعود للواقع ويتطلع الى وعد بسرور ممزوج بالحب
متحدثا الى نفسه: اجل يا وعد.. لن اهرب مرة اخرى.. بل سأواجه هذا الواقع..
وسأقاتل من اجل تحقيق حلمي.. لانه حلم حياتي بأكمله..
والتفتت له وعد في تلك اللحظة عندما انتبهت بأنه يتطلع اليها وقالت بحيرة: ما الامر؟..
صمت ولم يجبها.. واكتفى بأن يرسم على شفتيه ابتسامة حانية..في حين قالت
فرح في تلك اللحظة هامسة لوعد بخبث: لم اكن اعلم من قبل ان زملائك
بالصحيفة بمثل هذه الوسامة..
قالت وعد في ضيق: كفي عن هذا..
لكزتها فرح بمرفقها وقالت بمرح: استطيع ان اقسم انك معجبة به.. بل وربما
اكثر من ذلك.. وهو ايضا يبادلك تلك المشاعر.. انظري اليه كيف يتطلع اليك..
اختلست وعد نظرة الى طارق ومن ثم قالت: ليس هناك شيء مما قلته..
قالت فرح وهي تغمز بعينها لها: ان كان الامر كذلك.. فعرفيه علي اذا..
قالت وعد في غيرة واضحة:فرح.. ماذا تقولين؟.. هل جننت؟..
ضحكت فرح بمرح وقالت: لقد كشفت نفسك بنفسك يا فتاة.. انا لم اجلب شيئا من عندي.. ها انتذا تغضبين لاني اردت التعرف عليه فقط..
قالت وعد مكابرة:اني اتحدث عنك.. فمن الجنون ان تطلبي ان اعرفك على شاب ما..
غمزت فرح بعينيها مرة اخرى وقالت: انا اعلم ما تعنينه.. والآن سأترككما لوحدكما.. عن اذنك..
ما ان ابتعدت فرح قليلا عنهم.. حتى فوجئت وعد بطارق يميل حوها ليهمس في اذنها قائلا: وانا ايضا احبك..
خفق قلبها في قوة.. وتصاعدت دماء الخجل الى وجنتيها لتلتفت لطارق وتقول بارتباك: ماذا تعني؟..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي طارق.. وامسك الهاتف بقبضته ليضعه امامها ويقول: هذا..
ادركت ما يعنيه على الفور..فاطرقت برأسها في خجل..وهي تشعر بدقات قلبها
المتسارعة.. وازدردت لعابها بارتباك.. فقال طارق بابتسامة حانية: ليتني لم
اجب على مكالماتك منذ زمن اذا..
اشاحت بوجهها عنه لتخفي ارتباكها ومن ثم قالت: لقد كنت قلقة عليك لأنك لم
تجب على مكالماتي الليلة الماضية .. لهذا فقد ارسلت تلك الرسالة الاخيرة
لعلها تذيب اصرارك على عدم الاجابة علي.. ولكنك.. لم تفعل..
تنهد طارق بحرارة ومن ثم قال: لو تعلمين يا وعد.. اني قضيت بالامس اسوأ
ايام حياتي.. لقد رفضت الاجابة على الجميع ولم آبه بالنظر الى الهاتف
حتى.. لهذا لم انتبه الى أي من رسائلك.. لقد كنت على حافة الانهيار يا
وعد.. ولقد شعرت اني افقدك الى الابد.. بقرار تزويجك هذا.. كنت اعلم انه
لا شأن لك بالامر.. ولكن.. قلت ما قلته لك بالامس حتى ارى ما ستفعلينه..
هل ستوافقين على هذا الزواج.. ام ستسعين لرفضه وانهائه؟..
واردف وهو يتطلع اليها بحب: ولقد فعلت ما كنت اتمناه لقد رفضت هذا الزواج وانهيته.. من اجلي..
هزت وعد رأسها وقالت: الفضل يعود لابن عمي.. لقد ساعدني بحق في انهاء هذا
الزواج.. وربما لولا مساعدته هذه لما استطعت اقناع عمي بالتراجع عن قراره..
عقد طارق حاجبيه وقال بشك: ولكني سمعت من والدك ان ابن عمك هو من لمح للزواج بك.. فلماذا اذا يسعى لانهاء هذا الزواج..
تطلعت له وعد بصمت.. لا تستطيع ان تخبره انه قد فعل هذا لانه يحبها..
ويتمنى رؤيتها سعيدة.. لا تستطيع ان تخبره انه قد ضحى بحلمه بالزواج منها
عندما انهى امر هذا الزواج.. وكل هذا من اجلها..لا يمكنها ان تخبره بذلك
حتى لا تزيد من ضيقه وخصوصا بعد كل ما حدث..
واسرعت تقول مديرة دفة الحديث: الن تأتي للمباركة لابن خالي يا طارق؟.. هيا فسأعرفك عليه..
قالتها وادارت له ظهرها وهي تهم بالابتعاد عنه ولكن امسك طارق بمعصمها
بغتة ليوقفها.. وقال بابتسامة غامضة: لا.. هناك امر اكثر اهمية يجب علي ان
افعله..
التفتت له وتطلعت اليه بحيرة فأردف: ولن اجد افضل من هذا الوقت لكي افعله..
قالت بغرابة: وما الذي تود ان تفعله؟..
اتسعت ابتسامته الغانضة وهو يقول: خذيني الى والدك اولا.. وبعدها ستعرفين كل شيء..
توترت اطراف وعد وقالت بتردد: طارق.. انت لا تفكر في ان...
اومأ برأسه وقال مبتسما: دقيقة الملاحظة كما عهدتك يا وعد.. اجل انا افكر في ان اعيد طلبي على والدك من جديد..
ازدردت لعابها وتمتمت قائلة: ولكن الا ترى ان المكان غير مناسب لهذا..
- بل هو كذلك.. لقد خسرتك مرة يا وعد.. ولا اريد ان اخسرك مرة اخرى..
اطرقت برأسها في خجل وقالت: كما تشاء..
امسك بكفها وقال بحب: اذا خذيني اليه..
سارت الى جواره وهي تصحبه الى والدها قائلة: اتعلم.. لقد ادهشتني بما فعلته حتى تستطيع الدخول الى الحفل دون بطاقة دعوة..
قال مبتسما: انسيتي انني صحفي ويمكنني بسهولة ايجاد أي طريقة للدخول الى أي مكان..
تطلعت اليها وقالت: أأنت واثق من نفسك الى هذه الدرجة؟..
هز كتفيه وقال: انا لم آخذ لقب افضل صحفي بالجريدة عبثا..
ابتسمت وعد وقالت بمرح: ولو لم احضر اليك الى حيث حارس الآمن وقمت بالتأكيد على ما قلته..ماذا كنت ستفعل؟ ..
قال مفكرا: كنت سأتصل بك.. او سأجد حيلة اخرى لأدخل الىالحفل..وصدقيني لن
اعدم الوسيلة.. اهم شيء كان لدي في تلك اللحظة ان اراك ولو لمرة اخيرة..
توقفت بغتة عن السير .. مما دعا طارق الى الالتفات لها وهو يقول متسائلا: ماذا هناك؟.. لماذا توقفت؟..
هربت بنظراتها حتى لا يلحظ توترهاوقالت: انه هناك.. يمكنك الذهاب اليه لوحدك..
تطلع طارق حوله بحثا عن والد وعد وقال عندما رآه: حسنا وما الذي يخيفك لو جئت معي؟..
حاولت السيطرة على ارتجافة اناملها وهي تقول: طارق ارجوك.. اذهب اليه وحدك.. وسأنتظرك هنا..
ضغط على كفها بحنان وقال: بل سنذهب معا..
التفتت له ووجدت نفسها تنظر الى عينيه بامعان.. وكأنها تريد قراءة ما يجوب
بداخله.. لم ترى برودا هذه المرة.. لم ترى حزما او صلابة.. كل ما رأته في
تلك اللحظة كان دفئا وحبا وحنانا.. شعرت بأن عيناه تحتويها بداخلهما.. وان
لمسة كفه تبثها الامان الذي تنشده.. ووجدت نفسها تقول بشرود: اجل .. سنذهب
معا..
ابتسم وسار الى جوارها حتى وصل الى حيث والدها وهنا قال: اهلا يا سيد عادل..
التفت والد وعد اليه وقد غمرته الدهشة عندما شاهدطارق في هذا الحفل.. ولكن
دهشته خفتت تدريجيا عندما رأى وعد الى جواره.. فأدرك حينها ان وعد هي من
دعت طارق بنفسها الى هذا الحفل.. وابتسم بحنان ابوي وهو يحدث نفسه قائلا:
يبدوا انه يعني لها الكثير هي ايضا.. اشعر بالندم لاني حطمت تلك السعادة
التي اراها في عينيها الآن وهي معه في المرة السابقة..
وقال متحدثا الى طارق: اهلا استاذ طارق.. كيف حالك؟..
قال طارق وهو يمد يده لمصافحته: بخير.. ومبارك حفل الخطبة هذا..
قال والد وعد بلهجة ذات مغزى: أشكرك..واتمنى ان ابارك انا لك عما قريب..
فهم طارق ووعد ما يرمي اليه والد هذه الاخيرة.. فارتسمت ابتسامة على شفتي
طارق.. بينما توردت وجنتي وعد وهي تحاول ان تهرب بنظراتها بعيدا لتستقر
على أي شيء..وقال الاول: يبدوا ان هذا سيكون قريبا اذا حدث ما اتمناه
باذنه تعالى ..
واردف بصوت حاول ان يجعله حازما قدر المستطاع: سيد عادل.. اني اكرر مطلبي.. واطلب الزواج من وعد.. فما هو رأيك؟..
صمت والد وعد لدقيقة كاملة بدت لطارق ووعد وكأنها ساعة كاملة.. وتوترت وعد
وهي تنتظر قرار والدها بترقب ولهفة..في حين لم يستطع طارق اخفاء توتره وهو
ينقل بصره بين وعد ووالدها بين الحين والآخر.. واخيرا تحدث هذا الاخير
قائلا: لقد اخفيتي عني يا وعد اعجابك بشاب ما.. واخفيتي عني انه يود
الارتباط بك ايضا..
اسرعت وعد تقول بلهجة قلقة ومضطربة: لم اكن اعلم شيئا عن امر الارتباط هذا
يا والدي.. لقد جاء طارق بنفسه اليك يومها دون ان اعلم بهذا الامر..
قال والدها وهو يرمقها بنظرة حازمة : انا لم انهي كلامي بعد.. لقد كنت دائما المدللة في المنزل.. تفعلين كل ما يحلو لك.. لهذا...
بتر عبارته ونقل بصره بين طارق ووعد قبل ان يردف بابتسامة: لهذا لن استطيع
الا الموافقة على طلبك يا طارق.. وانا ارى كل هذه السعادة في عيني ابنتي..
تطلعت وعد الى والدها في عدم تصديق ومن ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة
واسعة.. وكادت ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان مال والدها نحوها وقال : طبعا
هذا ليس قبل موافقة العروس نفسها.. هه.. ما رأيك يا وعد؟.. هل تقبلين
بالزواج من طارق؟..
ازدردت وعد لعابها.. وظلت صامتة وهي تشعر بالحروف تهرب من على لسانها..
وان كانت تشعر بقلبها يكاد يرقص فرحا بعد موافقة والدها.. والاقتراب من
تحقيق حلمها.. وسمعت والدها يقول في تلك اللحظة: احيانا يكون الصمت علامة
للموافقة.. ولكن احيانا اخرى ربما يكون للرفض.. والا ما رأيك يا طارق؟..
قال طارق بابتسامة واسعة: انا معك في هذا..
اتسعت عينا وعد.. ماذا يقولون؟.. أي رفض هذا بعد ان لم يعد على تحقيق
احلامي سوى خطوة واحدة؟.. كيف ارفض وانا ارى اني على وشك لارتباط بمن احب
وبمن تمنيت؟ .. كيف ارفض وفارس احلامي الذي حلمت به منذ صغري يطلبني
للزواج .. كيف؟..
واسرعت تقول: لا لست ارفض..
ضحك والدها قائلا: اذا فهذا معناه انك توافقين..
تنبهت للتو على الموقف الذي وضعها فيه والدها..وارتبكت بشدة.. والتفتت الى طارق لتراه يضحك بدوره .. فقالت بحنق: كفا عن الضحك..
قال طارق بمرح: وان لم افعل..
قالت بعصبية: بل ستفعل والا ...
- والا ماذا؟..
وجدت نفسها تقول بدلال: سأرفض الزواج بك..
قال بابتسامة واسعة: لن تستطيعي..
قالت في سرعة: بل استطيع..
همس قائلا: بل لن تفعلي.. لانك تبادليني مشاعري..
قالت مبتسمة: هل تراهن؟..
اومأ برأسه وهو يرسم على شفتيه ابتسامة سعيدة.. فقالت وعد مردفة بمرح: كسبت الرهان اذا..
ومن مسافة بعيدة بعض الشيء.. تطلع اليهما ذلك الشاب وقال وهو يتنهد
بحرارة: يبدوا ان املي في ان تكوني لي يا وعد.. قد انتهى تماما..ولكن حسبي
الآن ان ارى هذه السعادة في عينيك.. وهذه الابتسامة على شفتيك..واتمنى من
كل قلبي.. ان تعيشي في سعادة .. مع من اخترتيه بنفسك.. اما انا.. فيبدوا
اني سأبدأ مشوارا لحياة جديدة منذ هذه اللحظة ...
*********
(لماذا كل هذا الضيق الذي اراه على وجهك؟)
قالها عماد وهو يتطلع الى ليلى بابتسامة هادئة واردف قائلا: الا يفترض ان تبتسمي لان الناس من حولك يتطلعون اليك في هذا الحفل؟..
قالت ليلى بغتة: لماذا كنت مهتما بها؟..
- من تعنين؟..
قالت بحدة: وعد ..وهل يوجد سواها؟..
قال وشبح ابتسامة على شفتيه: وهل هذا ما يضايقك؟..
قالت ليلى وهي تلتفت عنه: الم تكن الفتاةالتي تريد ان تتزوجها لاعجابك بها؟..
امسك بذقنها وادرا وجهها اليه ليقول برقة: انت قلتيها بنفسك.. مجرد اعجاب
ولا شيء آخر.. وها انذا ارتبط بالفتاة التي لم ولن احب سواها..
تطلعت اليه وقالت : ولكنك كنت مهتما بها كثيرا..
قال في هدوء: لانها ابنة عمتي.. وكنت سأهتم بفرح او هشام بالقدر ذاته..
واردف بابتسامة: ثم لم اكن اعلم من قبل انك غيورة الى هذه الدرجة..
- لست كذلك.. كل ما في الامر انك كنت تود الارتباط بهذه الفتاة .. لهذا فأنا...
قاطعها عماد قائلا: لهذا انت تخشين ان تشغل تفكيري وانسى خطيبتي الموجودة الى جواري..اليس كذلك؟..
مطت شفتيها دون ان تجيب فقال وهو يميل نحوها قليلا ويمسك بكفها: كيف تفكرين في امر كهذا هذا وقد تأخرت من اجلك؟..
رفعت حاجبيها في عدم فهم وقالت: تأخرت من اجلي انا؟..
اومأ برأسه ايجابيا..وقال وهو يضع احدى كفيه في جيبي سترته: اجل.. فلقد
قمت بشراء شيء ما لأجلك.. ولكني كنت مستعجلا في مغادرة المنزل لهذا فقد
نسيته هناك.. وفي اللحظة التي كنا قد اقتربنا فيها من صالة الحفل.. تذكرت
اني قد نسيته.. وجعلت هشام يعود الطريق بأكمله من اجل هذا الشيء..
اتسعت عيناها بدهشة ومن ثم قالت بحنان: هل فعلت هذا حقا؟..
اومأ برأسه ايجابيا.. فالتفتت عنه وتوردت وجنتاها بحمرة الخجل قبل ان تقول: حسنا وما هو ذلك الشيء الذي كلفك مشقة العودة من اجله؟..
اخرج كفه من جيبه ببطء ومن ثم قال وهو يرفعها لتكون في مواجهتها: هذا..
وفرد راحته لتتدلى تلك السلسلة الذهبية التي اخذت تتلألأ على اضواء القاعة
القوية.. وتدلى في نهايتها ذلك القلب الذهبي.. وتطلعت ليلى الى السلسلة في
دهشة .. قبل ان تلتفت الى عماد وتقول: هذا لي؟..
أومأ برأسه بابتسامة واسعة وقال: لقد اخترته بنفسي..واتمنى ان يعجبك..
قالت بامتنان: بكل تأكيد.. انه رائع .. اشكرك..
ولاحظت في تلك اللحظة ان هناك كلمة محفورة على سطح ذلك القلب.. فالتقطته قائلة: دعني اره للحظة..
وهنا استطاعت ان تقرأ ما كان محفورا عليه.. لقد كانت كلمة واحدة
فقط..(احبك).. ولكنها تغلغت في مشاعرها واثرت في نفسها اشد التأثير..ووجدت
اصابعها ترتجف بالرغم منها وهي تطلع الى القلادة..والتفت اليها عماد ليقول
بقلق: ليلى .. ماذا بك؟..لماذا ترتجفين؟..
التفتت له لتقول بصوت متقطع من شدة التأثر: اشكرك يا عماد..
ارتفع حاجباه بحنان وغمغم في همس: اتبكين يا ليلى؟..
شعرت لتوها بالدموع التي ترقرقت في عينيها فأسرعت تمسحهابأناملها قبل ان
تسيل على وجنتيها.. وقالت بعد برهة من الصمت: لا.. انها دموع الفرح.. فلم
يسبق لأحد ان اهتم بي على هذا النحو..
تطلع اليها وقال وفي عينيه نظرة حنان وحب: ليلى سأكون كل شيء لك في هذا
العالم.. انا زوجك.. وسأبقى الى ابد الدهر احيطك بحبي وحناني..انت حبيبتي
وزوجتي يا ليلى.. كيف لا تتوقعين ان اكون مهتما بك..
قالت ليلى وهي تطلع الى عماد بفرح: اشكرك يا عماد.. لو تعلم كم خففت عني كلماتك هذه..
قال في وهو يلتفت عنها ويتطلع الى جهة ما: ثم يا عزيزتي الجميع مهتم بك..
وليس انا وحدي.. لقد حضرت والدتك الى هذا الحفل.. وكذلك والدك..
قالت ليلى في سرعة: ابي هنا.. لقد ارسلت له بطاقة دعوة ولكن ظننت انه لن يحضر..
قال عماد مبتسما: عزيزتي الجميع مهتم بك.. الجميع..
تطلعت الى حيث يقف والدها ورأته يبتسم لها بحنان وسعادة.. فقالت مبتسمة: معك حق..
ومن ثم قالت وهي تلتفت الى عماد: يبدوا انه كان مهتم بي طوال الوقت ولم
انتبه.. كنت دائما اتمناه الى جواري.. واشعر انه قد قصر في حقي عندما
انفصل عن والدتي وترك المنزل.. ولكنه كان يتابع اخباري..لقد قال لي ذات
مرة عندما جاء لزيارتنا ان كان العمل الجديد جيد او لا.. وانا لم انتبه
اني لم اخبره أي شيء عن العمل.. الا بعد فترة.. ان والداي مهتمان بي ..
وليس كما كنت اظن..
قال عماد موافقا: الم اقل لك..
- ان هذا اليوم هو اسعد ايام حياتي حقا..
قال عمادا بحب: وانا كذلك يا ليلى..
سمعا بغتة صوت والدة عماد وهي تتقدم منهما قائلة: عماد..
التفت لها عماد بتساؤل.. فأردفت قائلة بابسامة: هيا انهض انت وعروسك.. فسترتديان خانما الخطوبة الآن..
التفت عماد الى ليلى التي تطلعت اليه ..فابتسم بهدوء وهو ينهض واقفا..
ووقفت ليلى بدورها..وهنا منحت والدة عماد كل منهما علية على شكل وردة
حمراء.. وضع في كلتيهما خاتم الخطوبة..
ومن بعيد ابتسمت وعد وقالت في سرعة: طارق اسرع سيرتديان خاتم الخطوبة..
تقدم طارق الى حيث تقف وقال مبتسما: ولم انت مستعجلة هكذا؟.. سترتدين واحدا قريبا..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرهابحنق: مضحك جدا..
ومن ثم اردفت وهي تتطلع الى عماد الذي امسك بكف ليلى اليمنى ليلبسها الخاتم وقالت: اليس رائعا؟..
قال طارق مبتسما: من عماد؟..
مطت شفتيها قائلة: اجل عماد.. اليس رائعا؟..
قال وهو يومئ برأسه: معك حق..انه رائع بالفعل..
قالت بضيق: طارق لا تمثل علي دور الغير الفاهم لأي شيء.. انت تعلم اني اقصد الخاتم..
قال طارق وهو يلتفت لها: انه رائع .. ولكن صدقيني سترتدين ما هو اروع منه في حفل خطبتك..
قالت مبتسمة: اهذا وعد؟..
قال بتأكيد: اجل .. حتى وان كان هذا على حساب نفسي..
- سيكون على حساب ميزانيتك ايضا..
تطلع اليها طارق بحنان وقال: صدقيني يا وعد.. انا لم اعد اريد أي شيء في
هذا العالم سواك.. لا تهمني كل كنوز العالم لو كنت سأحصل عليها من دونك..
التفتت وعد عنه ومن ثم قالت وهي تتطلع الى ما امامها بشرود: صدقني يا
طارق.. لقد كنت حلما يراودني منذ الطفولة.. لقد حلمت بك كثيرا.. ان التقي
بذلك الرجل الذي يمنحني حبه وحنانه.. ان التقي بذلك الرجل الذي يحميني من
أي خطر..ان التقي بالرجل الذي يخفق قلبي لأجله..
وابتسمت وهي تلتفت الى طارق قائلة: ويبدوا ان الحلم قد اصبح حقيقة اخيرا...
**********
تنهد هشام بحرارة وهو يتطلع الى ماحوله.. ومن ثم قال بابتسامة شاحبة: حسنا..انها بداية حياتي الجديدة للبحث عن حب حقيقي هذه المرة..
ووضع كفيه في جيبي سترته واردف بشرود: ولكن .. هل سيكون حقيقيا هذه المرة حقا؟..
وما ان انهى عبارته حتى لامست انامله هاتفه المحمول الموجود بجيب السترة..
فأخرجه من جيبه وتتطلع اليه لبرهة قبل ان يقول: ستكون البداية منذ هذه
اللحظة..وان لم افعل هذا الآن فأظن اني لن افعله ابدا..
تطلع الى ساعة معصمه التي اعلنت الحادية العاشرة تقريبا وهو لا يزال يجلس في حفل الخطوبة وقال: لا اظن انها نائمة الآن..
وابتسم بسخرية مستطردا: وحتى لو كانت كذلك.. لا بأس من ايقاظها من احلامها..
قالها واسرع يتصل بغادة.. واستمع الى الرنين المتواصل وهو يترقب اجابتها..
وعلى الطرف الآخر.. كانت غادة جالسة تتصفح احد الكتب بملل حين ارتفع صوت
رنين هاتفها.. والتقطته من جوارها ومن ثم شعرت بالحيرة من هذا الرقم
المجهول..وقالت متسائلة: هل اجيب ام لا؟..
تطلعت الى ساعة يدها ومن ثم قالت: لا اظن ان احدهم سيتصل بي في هذا الوقت الا اذا كان امرا مهما..
واجابت قائلة: الو .. من المتحدث؟..
جاءها صوت هشام قائلا: مر زمن طويل.. اليس كذلك؟ ..
ارتفع حاجباها بدهشة كبيرة بعد ان تعرفت على صوته.. وادهشها معرفته برقم
هاتفها المحمول..ولكنها لم تلبث ان سيطرت على دهشتها..وقالت وهي تصطنع عدم
معرفتها به: من المتحدث؟..
قال مبتسما: الم تعرفيني بعد يا آنسة؟..
قالت ببرود: من تريد يا سيد؟..
قال بسخرية: فارس..
ارتسمت بالرغم منها ابتسامة على شفتيها وقالت مكابرة: لا يوجد لدينا احد بهذا الاسم..
قال مبتسما: كيف لا وقد منحني هو هذا الرقم لأتصل به..
قالت بدهشة: هو من اعطاك هذا الرقم؟؟..
ضحك بسخرية وقال: اذا فهناك من يوجد بهذا الاسم حقا..
بهتت لوهلة ومن ثم قالت بحنق: ماذا تريد؟..ومن اين حصلت على رقم هاتفي؟..
قال بهدوء: لا يصعب علي ان اجد رقم هاتف من اصطدمت بسيارتي ذات يوم..
ومع انها كانت تشعر ببعض السعادة لاتصاله بها.. واهتمامه بايجاد رقم
هاتفها.. الا انها لم تكن تريد ان تواصل هذا الامر مع هشام والذي لا تعرف
نهايته.. انها حتى لا تعرف هشام بشكل جيد.. لا تعرف عنه الا القليل جدا..
ولهذا لا تريد ان تتبسط في الحديث معه ويجب ان تضع حدودا لها للتعامل معه..
وقالت وهي تصطنع الضيق: لم تخبرني بعد بما تريده..
قال مبتسما: الم تشتاقي لي ولسماع سخافاتي؟..
قالت ببرود: ومن يشتاق لسماع السخافات؟..
قال بثقة: انت.. وخصوصا اذا كانت مني..
قالت بحدة: يبدوا انك واثق من نفسك اكثر من اللازم.. ارجوك لا تتصل بي مرة
اخرى.. لقد ظننت ان امرا مهما وراء اتصالك ولكن يبدوا انك لا تفكر الا في
التسلية..
قال بغتة بجدية: اهذا ما تريدينه؟..
بوغتت بجديته وقالت متسائلة: ماذا تعني؟..
اردف وكأنه لم يسمعها: ان لا اتصل بك ابدا..
لم تعرف بم تجيبه .. ان عقلها يرفض ان تحادث شابا دون سبب ما.. ولكن
مشاعرها تتمسك به وتتمنى ان يتصل بها.. لا تعلم لم هذا الشاب بالذات الذي
انشغل تفكيرها به.. ولكن ... عليها ان تنهي هذا المر بأية وسيلة ..
وعاد هشام يكرر سؤاله: اترغبين في ان لا اتصل بك مرة اخرى حقا؟..
ازدردت لعابها في توتر ومن ثم قالت في سرعة وكأنها تخشى ان تتراجع: اجل..
تحولت جديته الى سخرية وقال: لن افعل اذا .. ما دام هذا ما تريدينه..
اتسعت عيناها وقالت في حدة: اتتعمد استفزازي؟..
قال مبتسما: ان اردت الحقيقة.. اجل..
عقدت حاجبيها بضيق ومن ثم قالت وهي تحاول السيطرة على اعصابها: سأغلق الخط الآن.. الى اللقاء..
قال وهو يضغط على حروف كلماته: هل استفزتك كلماتي بهذه السرعة يا آنسة غادة؟..
قالت بحنق: انها محض سخافات لا اكثر وانا لا يهمني ان...
بترت عبارتها بغتة..وانتبهت لهذا الامر للتو.. لقد نطق باسمها .. كيف
عرفه؟ ..وقفز السؤال من ذهنها الى لسانها لتقول بغرابة: كيف عرفت اسمي؟..
عرف هشام انه اصاب الهدف ومنعها من اغلاق الهاتف.. وقال مبتسما: في الحقيقة .. لقد اجريت اتصالات عديدة عنك عن طريق رجالي و...
قاطعته بعصبية: واجهزة التصنت وكاميرات المراقبة.. اليس كذلك؟..
قال بدهشة مصطنعة: ما ادراك؟.. هل كنت تعملين معنا ولا اعلم؟..
قالت متسائلة بانفعال: اخبرني الآن من اين عرفت اسمي؟..
- سأقول ولكن بدون انفعال او غضب..
- حسنا.. قل ما لديك..
بلل هشام شفته بلسانه ومن ثم قال: في الحقيقة لقد جمعت بعض المعلومات عنك عن طريق رقم سيارتك..
قالت متسائلة بغضب: ماذا تقول؟..كيف سمحت لنفسك بأن تجمع المعلومات عني؟..
قال مبتسما: الم تقولي انك لن تغضبي؟.. ولكن سأخبرك بالسبب .. لقد اردت ان اعرف عنك المزيد ما دمت ترفضين ان تخبريني أي شيء عنك..
تملكها الاضطراب بغتة وخفت غضبها.. ووجدت نفسها تتسائل قائلة: ولماذا اردت ان تعرف المزيد عني؟..
قال بسخرية: لاني اردت ان اعرف هوية الفتاة التي صدمت سيارتي ..
قالت بحنق: هل تهمك سيارتك الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة: بأكثر مما تتصورين..
قالت غادة وهي تمط شفتيها: اخبرني.. هل انت معتاد على التحدث باسلوب السخرية هذا دائما؟..
- تقريبا.. لم تسألين؟..
- لاني ضجرت منك ومن سخريتك..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: حسنا سأنهي المكالمة اذا ما دمت قد اثرت غضبك بما يكفي لهذا اليوم..
- سخيف..
قال بهدوء: لا بأس سأقبل الاهانة مرة اخرى.. ليس لأجلك بل من اجل فارس..
ابتسمت وقالت: انت لا تعرفه حتى..
قال بثقة: سأعرفه ذات يوم.. لا تتعجلي الامور.. والآن الى اللقاء..
اغلق هشام الخط.. وشعر ببعض الارتياح.. ان غادة لا ترفضه كليا.. بل انها
ترفض ان تكون لها صلة بشاب لا تعرفه جيداكما يبدوا.. انه يشعر بأنها معجبة
به بالفعل.. ولهذا سيحاول ايجاد أي فرصة قادمة لمحادثتها.. لعلها تقبل به
في حياتها...
********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:50 am

*الجزء الاربعون والاخير*
(هل هي بداية لحلم حياتي؟)


سار طارق الى جوار وعد في مبنى الصحيفة..وتسللت اصابعه لتمسك بكفها وهو يهمس لها قائلا: بم تشعرين؟..
التفتت له وقالت بابتسامة خجلة: بالسعادة والنشوة لأن جميع احلامي ستحقق قريبا..
قال طارق بابتسامة: اتمنى يا وعد ان احقق لك جميع احلامك بالفعل..
تطلعت اليه وقالت: انت اكبر احلامي ومادام قد تحقق فلا تهمني اية احلام اخرى أو...
( يا للمشهد العاطفي.. انه يصلح ان يكون حدثا لصحيفة الغد ..بعنوان (صحفية مبتدأة تقع في غرام صحفي منذ النظرة الاولى)..)
التفت لقائل العبارة السابقة كلا من طارق ووعد باستنكار ودهشة وتطلعا الى
سامر الذي وقف في مواجهتهما ويرسم على شفتيه ابتسامة ساخرة ..واردف هو
قائلا: انت لا تتحدثين معه الا فيما يختص بالعمل اليس كذلك يا آنسة وعد؟..
واستطرد بسخرية: وانا اشهد على ذلك وانا ارى اصابعكما المتشابكة..ونظراتكما الهائمة..
اسرعت وعد تقول بعصبية: اصمت ايها الحقير..
اشار لها طارق بالصمت وقال: دعيه يا وعد.. سأجعله يندم على كلماته التي نطقها قبل قليل..
ضحك سامر بسخرية: وما الذي ستفعله يا ايها العاشق؟..
عقد طارق حاجبيه وقال: وعد هي خطيبتي ..
قال سامر بدهشة مصطنعة: حقا؟.. لم اكن اعلم.. اذا لم لا ترتديان خاتما خطبة ؟..
قال طارق بصرامة: اسمع يا هذا.. ان صدقت او لم تصدق ..فهذا شيء لا يهمني..
ولكن اقسم لو حاولت مجرد التحدث الى وعد مرة اخرى.. فستدفع الثمن غاليا..
قال سامر باستهزاء: لم تقل لي بعد بم تستطيع ان تفعله..
قال طارق بصرامة اكبر: طردك من هنا لو استلزم الامر..
تطلع اليه سامر لوهلة ومن ثم قال وهو مستمر باستهزاءه: هل تم ترقيتك الى
منصب المدير يا هذا؟.. على العموم سنرى من فينا سينتصر في النهاية..
واردف وهو يبتعد عنهما: مع السلامة يا عزيزي..
في تلك اللحظة التفتت وعد الى طارق وقالت بعصبية: لم تركته يتحدث اليك
بهذا لااسلوب؟.. كان الاجدر بك ان تحطم اسنانه قبل ان يتفوه بكلمة مما
قال..
التفت لها طارق وقال بهدوء: وهذا ما يريده.. ان يستفزني حتى اتشاجر معه
واقوم بضربه.. وعندها سيستعمل هذا الامر كسلاح ضدي.. ويثبت انني قد تعديت
عليه في مبنى الصحيفة وامام الجميع.. مما قد يؤدي الى فصلي من عملي.. هل
فهمت الآن يا عزيزتي لم تركته يتحدث كما يحلو له؟..
بهتت وعد لما قال وخصوصا ان هذا الامر لم يخطر بذهنها ابدا ومن ثم قالت :
بلى.. ولكن لم ادرك ان ما يفكر فيه هو افتعال مشاجرة بينكما.. لقد ظننت
انه يريد ان يثبت انه لم يتراجع بعد عن ملاحقتي على الرغم من تجاهلي
الدائم له..
تنهد طارق وقال: انه يريد ان يثبت هذا ايضا.. لهذا حاولي قدر الامكان ان تكوني معي طوال الوقت..
اومأت برأسها ايجابيا وسارت الى جواره الى حيث القسم وهناك ما ان دلفت
اليه حتى سمعت احمد يهتف قائلا: واخيرا وجدتك .. اين كنت ؟.. لديك مهمة
صحفية..اسرعي بتجهيز ما تحتاجينه..
التفت طارق الى احمد وقال: ولكن المدير لم يخبرني بأي شيء عن هذه المهمة..
قال احمد مبتسما: انت لن تكون معها هذه المرة.. بل انا.. لان المدير سيرسلك في مهمة مختلفة..
قال طارق مستنكرا: ماذا تقول؟.. لقد كان دائما ما يرسل وعد معي في أي مهمة.. فلم ارسلها معك انت هذه المرة؟..
- لست اعلم.. يمكنك سؤاله..
واردف وهو يميل نحو طارق ويهمس له: ثم لا تكن شديدة الغيرة هكذا.. انا صديقك الا تثق بي؟..
تطلع له طارق لبرهة ومن ثم سار عنه مبتعدا الى حيث مكتبه .. وعندما رأى
وعد تستعد للمغادرة قال: وعد ..كوني على حذر .. وليكن مقالك افضل بكثير
هذه المرة..
قال احمد بمرح: سيكون.. مادامت معي.. والآن هيا..
اومأت وعد برأسها والتفت الى طارق قائلة: سأذهب الآن ..اراك بخير ..
في حين قال احمد عندما رآها تقترب منه: ما رأيك في اثارة غيرته قليلا..
قالت وعد مبتسمة: صدقني ستكون انت اول من سيفرغ فيه غضبه..
غمز احمد بعينه وقال: لا عليك..
وقال بصوت مسموع: هيا بنا يا وعد.. اسرعي..
عقد طارق حاجبيه في عضب وهتف قائلا: احمد كف عن سخافاتك.. لست طفلا حتى تمثل علي بهذه الطريقة..
ابتسمت وعد وقالت: الم اقل لك؟..
في حين قال احمد وهو يلوح بكفه: لا تقلق على وعد ستكون معي بأمان يا طارق..
قالت وعد مستغربة: مادخل ما قلته الآن بما فعلته قبل قليل؟..
قال بمرح: لكي يهدأ وينسى ما حدث قبل قليل..
واسرع يخرج من القسم في حين القت وعد على طارق نظرة اخيرة قبل ان تمضي في
طريقها..وما ان شعرت نادية ان طارق هدأ بعض الشيء حتى قالت: اسمعني يا
استاذ طارق.. ان مهنة الصحافة التي اخترناها جميعا.. تستوجب علينا ان نلقي
بعض الامور خلف ظهرنا..مثل ان نحصل على قسط من النوم بعد الظهر .. او
نتأكد من اننا سنعود في وقت محدد.. اننا احيانا عندما نعود الى المنزل بعد
عناء يوم طويل.. لا تمضي ساعة واحدة حتى يعيدون الاتصال بنا لنعود من جديد
من اجل عمل ما ..وكذلك قد نذهب يوما مع فريق صحفي كامل.. او ربما مع رجل
اوفتاة.. ان هذه المهنة تستوجب علينا هذا الامر .. واليوم انت ترى وعد
تذهب مع صديق لك وقد شعرت بكل هذه الغيرة والغضب من اجل ذلك .. فماذا لو
رأيتها تذهب مع شاب لا تعرفه؟..
كور طارق قبضته ومن ثم قال بحدة: ان كان الامر يستلزم ذلك.. فسأطلب منها ان تستقيل من هذه الوظيفة..
قالت نادية وهي تهز رأسها نفيا: خطأ يا استاذ طارق.. انت تعالج خطأ بآخر..
فبدل ان تجد حلا للمشكلة.. تحاول ان تمنع وعد من وظيفة احلامها.. الوظيفة
التي تمنتها طويلا..
قال طارق بعصبية: ما الحل في رأيك اذا؟.. اتركها تذهب مع اي صحفي في الصحيفة كما تشاء..
- يمكنك ان تطلب من المدير ان تكون معك بدلا من ذلك الصحفي لو كنت متفرغا.. ولا اظن انه سيرفض طلبا لافضل صحفي لديه في الصحيفة..
عقد طارق حاجبيه وقال: وماذا لو لم اكن موجودا؟..ماذا سأفعل حينها؟..
قالت نادية بهدوء: يمكنها الذهاب مع الاستاذ احمد.. هل هذا يريحك بعض الشيء؟..
واردفت في حزم: ثم حتى لو انك قد طلبت منها ان تستقيل ووافقت .. فستفعل
هذا لأجلك.. ولكن ان احست يوما انها قد فقدت الوظيفة التي تمنتها بسببك..
فستشعر بالندم.. وستراك دائما سبب في فقدانها لو ظيفتها..وستتحمل انت هذا
الذنب ..
صمت طارق ولم يعلق على عبارتها وان اشغل ما قالته تفكيره فاستطردت قائلة:
اسمع يا استاذ طارق.. لكل منا احلامه.. وكل انسان يسعىلتحقيقها..ويبذل
الكثير من اجل ذلك.. لهذا لا تهدم أي حلم بيدك.. بل حاول ان تكون سببا في
تحقيقه.. وعد تحتاجك الآن.. وتحتاج لأن تكون الى جوارها .. وتحققا
احلامكما معا.. ولا يجب ان تكون سببا في هدم هذه الاحلام.. اتفهم ذلك يا
استاذ طارق؟ ..
رفع طارق رأسه الى نادية.. وتطلع اليها لبرهة مندهشا..وعاد ليطرق برأسه في
تفكير.. ولم يعلم لم في تلك اللحظة بالذات خطرت له العبارة التي قالها منذ
قليل لوعد ..(اتمنى يا وعد ان احقق لك جميع احلامك بالفعل)..لقد اخبرها
انه سيحقق لها جميع احلامها.. فما باله يسعى لمجردالغيرة تحطيم اول حلم
حققته..هل هو اناني الى هذه الدرجة حتى يفكر بنفسه ناسيا انه يهدم بذلك
احلام من احب؟..
ورفع رأسه الى نادية مرة اخرى ولكن في هذه المرة ارتسمت ابتسامة على شفتيه
وقال: معك حق.. سأحاول علاج المشكلة بدلا من التفكير بأنانية .. هذه
الوظيفة اختارها سوانا لاننا تمنيناها طويلا.. ومن الانانية ان احرم وعد
منها ..واهدم احلامها بيدي..
صمت طارق للحظات ومن ثم اردف بحزم: لقد وعدت وعد ان احقق لها احلامها..
ولن اتراجع عن كلماتي هذه ابدا.. انني اثق بها.. اثق في مقدرتها على حماية
نفسها.. واثق في مشاعرها لي ..لهذا لو لم استطع يوما ان اكون معها في اية
مهمة صحفية.. فستكون بخير وبأمان.. اليس كذلك؟..
ابتسمت نادية وقالت: بكل تأكيد.. انها لم تعد تلك الصحفية المبتدأة التي
جاءت الينا قبل ثلاثة شهور وهي لا تعلم عن عملها الا القليل.. لقد باتت
صحفية جيدة جدا.. وذات قلم مميز.. ان البعض يحسدها هنا في الصحيفة لانها
تدربت تحت اشراف افضل صحفي في الصحيفة بأكملها..
تنهد طارق بارتياح ومن ثم قال بشرود: سأسعى لتحقيق احلامك يا وعد.. اعدك بهذا..
*********
صوت رنين الجرس انتشر في ذلك المنزل حتى قالت غادة التي كانت تتصفح احدى المجلات: فراس.. اذهب وافتح الباب..
قال فراس بملل: ولم انا؟..
قالت غادة مبتسمة وهي تلتفت اليه: لانك رجل..وعليك ان تقوم بأعمال الرجال..
تطلع اليها فارس للحظات ومن ثم قال بغرور طفولي وهو يتجه نحو الباب: حسنا ولكن يجب عليك ان تنفذي ما اطلبه لاني رجل ..
وما ان وصل الى الباب حتى كاد يفتحه فقالت غادة محذرة: كم مرة قلت لك يا فارس.. لا تفتح الباب قبل ان تعرف من خلفه..
قال بابتسامة طفولية: لقد نسيت ..
ومن ثم قال بصوت مرتفع: من؟..
سمع صوتا رجوليا يقول: افتح ايها الشقي الصغير.. اشتقت اليك كثيرا..
قال فارس بفرح وهو يفتح الباب: انه خالي..
اطل خاله من خلف الباب وقال وهو يربت على رأسه: كيف حالك يا فارسنا الصغير؟..
سأله فارس من فوره: ماذا احضرت لي معك؟..
ابتسم الخال وقال: لا شيء..
التفت فارس الى غادة وقال: غادة.. ما هو هذا الـ (لاشيء)؟ ..
ضحكت غادة وقالت وهي تترك ما بيدها وتتجه الى حيث يقف خالها مع فارس: انه نوع من انواع الحلوى يا صغيري..
قال فارس بفرحة وهو يلتفت الى خاله: احقا؟..
ضحك الخال وقال: غادة لا تورطيني مع هذا الصغير.. فلن يدعني وشأني فبل ان اشتري له هذا الـ (لاشيء)..
مالت غادة نحو فارس وقالت: ان خالي يعني انه لم يحضر لك معه أي شيء..
قال فارس بحنق: ولم لم يشتري لي شيء؟.. لقد قال لي عندما زارنا انه سيحضر لي كل ما اريد..
ابتسم الخال وقال: ولكنك لم تخبرني بأي شيء تريد حتى احضره لك..
قالت غادة مبتسمة: دعك منه يا خالي وتفضل الى الداخل..
قال خالها متسائلا: اين والدتك؟..
اسرعت تقول: سأناديها في الحال..
توجهت الى غرفة والدتها وما هي الا دقائق حتى كان الجميع مجتمعين
بالردهة.. حين قالت غادة مبتسمة وهي تتحدث الى خالها: كيف احوالك يا خالي
بعد انتقالك الى منزلك الجديد؟ ..
قال خالها بسرور: كل شيء على ما يرام.. المنزل في افضل حالاته .. وكل شيء
فيه ممتاز.. ولكني في الحقيقة افكر في ان اضيف غرفة للمنزل..
تساءلت غادة قائلة: ولم تريد ان تضيف مثل هذه الغرفة؟..
- احتاجها للاجهزة الرياضية التي امتلكها.. بالاضافة الى عدد من الحاجيات
التي لم اجد لها مكانا بالمنزل الى الآن ..وقلت اني سأتصل ببعض العمال
اليوم او غدا .. وسأبحث عن مهندس جيد من اجل هذه الغرفة..
- اتحتاج مجرد غرفة الى رسم هندسي حقا؟..
- على ما اظن ان كل بناء مهما كان صغيرا يحتاج الى مثل هذا الرسم.. ولكني
ايضا ارغب في ان اصمم تلك الغرفة على طريقة خاصة سأشرحها لذلك المهندس..
(هشام شريف..افضل المهندسين على الاطلاق)
انتفضت غادة بغتة عندما جال في ذهنها عبارة هشام التي قالها لها في ذلك
اليوم الذي اوصلته الى منزله..انه مهندس.. وربما يستطيع مساعدة خالها في
عمل تلك الغرفة التي يريدها..هل هذا عذر جديد تقدمه من اجل ان تتحدث الى
هشام مرة اخرى؟.. لا لا ان من تعرفه افضل من من لا تعرفه.. فما يدريها ان
المهندس الذي سيتفق معه خالها سيقوم بذلك التصميم على الوجه الاكمل وكما
يريده خالها تماما.. وربما يطلب لهذا التصميم ثمنا باهضا.. قد يكون هشام
جريئا ولكن شهم رغم ذلك.. لا يمكن ان يخدع احدا وهي تشعر انه سيعمل
بنزاهة.. ربما لأجلها سيفعل...ماذا بي؟.. لماذا اصبحت افكر بهذه الطريقة..
انه مجرد مهندس وسأطلب منه تصميما لا اكثر وسيقوم به مقابل اجر..
اقنعت نفسها بهذه الفكرة وقالت متحدثة الى خالها بتردد: انا اعرف مهندسا جيدا..وربما يفيدك..
تحدث خالها قائلا: ومن اين تعرفينه؟..
شعرت بالارتباك يعقد لسانها.. وتلعثمت لفترة قبل ان تقول: لست اعرفه..
وانما صمم لمنزل صديقتي احدى الغرف.. وقد اعجبني تصميمها الهندسي لهذا
فأنا اخبرك عنه الآن..
قال خالها بهدوء: ان كان الامر كذلك.. فأطلبي منها ان تمنحك رقم هاتفه لاتصل به واتناقش معه..
نهضت غادة من مكانها وقالت في سرعة: حسنا..
قالت والدتها في غرابة: الى اين؟..
قالت غادة بارتباك: سأتصل بصديقتي.. فهاتفي بداخل الغرفة..بالاذن..
توجهت الى غرفتها وشعرت انها تتسرع بالاتصال به.. طوال عمرها كانت فتاة
متسرعة وتتخذ قراراتها بسرعة .. فلم الآن تأنب نفسها على تسرعها.. اليس
هذا ما تريده.. ان تتحدث اليه.. وتسمع صوته مرة اخرى..و.. يكفي هذا يا
غادة انت ستتصلين به من اجل عمل ليس الا..
ومرة اخرى اقنعت نفسها بذلك وحسمت امرها وهي تتصل به.. وما ان سمعت صوته
حتى راودها التوتر والارنباك وهو يقول بابتسامة: الو..من المتحدث؟..
مطت غادة شفتيها وقالت: اعلم ان رقمي لديك.. فلا تمثل علي انك لا تعرف اني المتصلة..
قال هشام بدهشة مصطنعة: من؟.. غادة؟.. بصراحة لقد اندهشت عندما رأيت رقم هاتفك.. لقد ظننت ان شقيقك قد عبث بهاتفك واتصل بي بالخطأ..
قالت غادة بحنق: استمع الي انا اتصل بك من اجل عمل..فلا تظن أي شيء آخر..
قال هشام بسخرية: واي عمل هذا؟.. هل هو دعوتي على العشاء؟..
شعرت غادة بالعصبية من سخريته.. دائما يتمكن من استفزازها.. ولكن على
الرغم من هذا فسخريته لها طابع خاص ..اسرعت تنفض هذا الشعور عنها وقالت
بحدة: انت آخر من افكر في دعوته ولو على كوب من الشاي..
ضحك هشام وقال: ولم ؟..
توترت من السؤال .. واجابت بارتباك: لانك.. لانك شاب جريء ووقح..
قال هشام بسخرية: ما هذا؟.. تتصلين بي وتشتمينني.. يجب عليك ان تحمدي الله
وتشكريه لانك لو كنت تحادثين شخص آخر غيري لاغلق الخط في وجهك..
احست بالخطأ مما قالته .. فحقا لم يكن عليها ان تشتمه.. لقد كان يمزح معها
ليس الا.. وقالت بندم: معذرة لم اقصد.. ولكن انت من استفزني بكلامك..
قال مبتسما: لايهم.. اخبريني أي عمل هو هذا.. الذي جعلك تتواضعي وتتصلي بي..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: خالي انه يرغب في تصميم هندسي لأحدى غرفه بالمنزل..
قال مبتسما: وما الطلوب مني ؟..
- ان تعد هذا الرسم بالتكيد..
قال في هدوء: الشركة التي اعمل بها تستخدم هذه الرسوم لصالح مشاريعها.. أي
اننا نحن المهندسين بالشركة.. نعد تلك الرسمات من اجل مشاريع الشركة..
قالت متسائلة وهي تشعر ببعض القلق: اهذا يعني انك لن تتمكن من اعداد الرسم الهندسي الذي يطلبه خالي؟..
قال بثقة: لا بل سأقوم باعداده.. دعي كل شيء لي.. فقط فلتحضروا غدا الى
شركة المقاولات في الساعة التاسعة صباحا.. وسأتحدث انا مع المدير بهذا
الشأن قبل وصولكما .. ومن ثم اريد ان يريني خالك منزله حتى احدد له الحجم
المناسب لتلك الغرفة..
ربما ما اثار دهشة غادة وابعث على نفسها السرور في الوقت نفسه.. انه قد
تحدث بصيغة الجمع.. وكأنه يطلب منها القدوم مع خالها.. في حين تعمد هشام
ذلك حتى يتجدد لقاءه بها.. هذا اللقاء الذي تمناه منذ فترة.. وقالت غادة
بابتسامة: فليكن سأخبره بذلك..والآن الى اللقاء..
- لحظة واحدة؟..
- ما الامر؟..
ابتسم هشام وقال: أي مبنى تريدون تصميما له في المستقبل فأنا بالخدمة.. لا تنسي انني سأحصل على اجر مقابل ذلك..
قالت غادة مبتسمة: لو برهنت لنا انك مهندس جيد.. فمن يدري ربما تكون مهندس العائلة بالمستقبل..
قال هشام بابتسامة ساخرة: اهذه وظيفة جديدة؟.. على العموم انا لست جيد
فحسب بل مهندس ممتاز.. وسترين ذلك بنفسك.. عندما يمتدح خالك عملي.. او
ترينه بعينيك..
- واثق جدا..
- من حقي ان اثق بنفسي..
قالت غادة في سرعة: لا تصدق نفسك.. المهم الآن.. اننا سنأتي غدا في التاسعة صباحا كما اخبرتنا.. والآن الى اللقاء..
قال هشام مبتسما: الى اللقاء ايتها المتسرعة..
لم تعلم غادة لم شعرت بالسعادة بعد تلك المكالمة.. ربما لانها تحدثت الى
هشام مرة اخرى.. وربما لانها اكتشفت من كلامه انه يريد رؤيتها.. وربما
لانها ستراه غدا.. وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تنظر الى هاتفها
المحمول بنظرات حالمة.. ومن ثم لم تلبث ان نفضت تلك المشاعر عنها واسرعت
تغادر غرفتها لتخبر خالها بما حدث ..
********
قال عماد مبتسما وهو يقود سيارته والى جواره ليلى: لم اكن اعلم انك تحبينه الى هذه الدرجة؟..
التفتت له ليلى التي كانت تتطلع الى القلادة في شرود وقالت في دهشة: احبه؟.. ومن هذا الذي احبه؟..
قال مصطنعا الالم: من اهداك هذه القلادة.. حتى انه انساك وجودي تماما وجعلك تتطلعين الى القلادة طوال الوقت دون ان تأبهي بي..
تنهدت ليلى براحة وقالت مبتسمة: اجل احبه.. وفيم يضايقك هذا؟..
قال عماد وهو يختلس النظر اليها: لا شيء.. فقط انا احسده ..لانه استطاع امتلاك قلب فتاة فاتنة مثلك..
قالت ليلى مبتسمة: لا بأس يمكنك ان تتخيل نفسك مكانه..
قال عماد بابتسامة واسعة: احقا؟..
ضحكت ليلى بمرح ثم ما لبثت ان قالت متسائلة: ولكن الى اين نذهب نحن الآن؟.. لقد قلت انك ستدعوني الى مكان ما.. فالى اين؟..
قال مبتسما: الى منزلنا بعد الاضافات..
قالت ليلى مبتسمة وهي تلتفت اليه: هل هناك ما اضفته حقا؟..
أومأ برأسه وقال: اجل اثاث الطابق الثاني ولكن ليس بأكمله ..واتمنى ان يعجبك ذوقي..
قالت ليلى بمرح: اتمنى انا هذا ايضا.. فأخشى ان انصدم من بذوقك في اختيار الاثاث..
صمت عماد للحظات ومن ثم قال وهو يوقف السيارة بجوار المنزل ويلتفت لها وفي عينيه نظرة حزم: سأخصم من راتبك عشرة ايام..
قالت ليلى بحزن مصطنع: يا للمدير المتسلط..
قال عماد وهو يصطنع الصرامة: بل خمسة عشر يوما.. ما رأيك الآن؟..
اسرعت ليلى تقول وهي تحاول ان تمنع الابتسامة من الظهور على شفتيها: لا..
لم يتبقى لي من الراتب شيئا.. لقد كنت اعني اني سأنصدم من رؤية ذوقك
الرائع بالاثاث..
ضحك عماد وقال: في هذه الحالة ستحصلين على مكافأة..
فتحت ليلى باب السيارة وقالت وهي تهبط منها: دعني اراه بنفسي.. واخبرك برأيي..
هبط بدوره وسار الى جوارها قائلا: الم تقولي انه رائع ولم يعد له أي داع لرؤيته؟..
تأبطت ذراعه وقالت بابتسامة: من يدري؟..
ربت على كفها الممسكة بذراعها وقال: لو لم يعجبك.. انا مستعد لاستبداله بآخر..
دلفا الى المنزل ومن ثم قال وهو يتطلع الى الطابق الاعلى: انه خاص بالغرف الموجودة بالطابق الاعلى..
اومأت ليلى برأسها وقالت: فلنصعد لرؤيته اذا..
اخذا يصعدان السلالم وما ان وصلا الى الطابق العلوي حتى قال عماد مبتسما: سأريك غرفة حلا اولا..
التفتت له وقالت متسائلة: اريد ان اسألك لم اخترت اسم حلا بالذات؟..
قال بخبث: ان كان لا يعجبك.. فما رأيك بوعد؟..
قالت بضيق: لا حلا افضل بكثير..
ضحك عماد وقال: الم اقل لك؟..
ومن ثم لم يلبث ان فتح باب الغرفة وقال: انظري الى غرفتها بنفسك ..
تطلعت ليلى بانبهار الى ورق جدران الغرفة والذي كان عبارة عن صور لأطفال
وحيوانات برسوم طفولية.. والى السجادة التي تطرزت عليها صورلالعاب مختلفة
جمعت ما بين الدمى والسيارات..واخيرا الى السرير الذي كان يسع طفل في
العاشرة من عمره تقريبا..وابتسمت باعجاب قائلة: انه اروع مما توقعت..
- لانه ذوقي..
ضحكت وقالت: لا تكن مغرورا..
ابتسم وقال وهو يتناول راحتها في كفه: تعالي سأريك غرفة اخرى..
وسار في الممر ليفتح لها باب الغرفة المجاورة وقال: ما رأيك بهذه؟..
تطلعت الى الداخل بغرابة ومن ثم قالت: انها فارغة..
ضحك وقال: لاني اردت ان تختاري اثاث هذه الغرفة بنفسك ..
واردف بصوت متهدج:انسيت؟.. انها غرفتنا..
التفتت له ليلى بغتة وشعرت بتصاعدالدم الى وجنتيها وقالت وهي تشعر ببعض
الارتباك:حسنا ما رأيك ان نذهب الآن لنختار الوان الستائر والجدران..
قال عماد موافقا: لا بأس.. هيا..
تبعته ليلى لتهبط درجات السلم من جديد.. وهي ترسم بعين الخيال آلاف
الاحلام والامنيات التي ستحققها في هذا المنزل.. منزلها هي وعماد وفقط...
********
(طارق..هل انت متضايق بسبب ما حدث هذا الصباح؟)
قالتها وعد وهي تتطلع الى طارق الذي كان منهمكا في عمله منذ ان وصلت مع
احمد من تلك المهمة الصحفية.. والذي لم يتبادل معها منذ ان وصلت حرفا
واحدا واكتفى بالتطلع اليها بنظرة غامضة..ووجدته وعد يرفع رأسه لها ويقول:
ولم اتضايق؟.. ما حدث كان جزءا من عملك..
ازدردت وعد لعابها بتوتر وقالت: ولكن تعابير وجهك تقول عكس ذلك وانك قد تضايقت عندما غادرت المكان برفقة احمد ..
- لا استطيع ان انكر هذا.. لقد تضايقت بالفعل في البداية .. ولكن عندما ادركت ان الامر لا يتعدى جزء من عملك .. فقد ابعدته عن ذهني..
قالت وعد وهي تتطلع اليه: طارق انت تريد ان تقول لي شيئا ما .. اليس كذلك؟..
زفر طارق بحدة وقال وهو يومئ برأسه: بلى..
وتطلع الى ساعته قبل ان يقول: ولكن ليس الآن.. سأخبرك بعد ان تنتهي فترة العمل هنا..
قالت وعد بهدوء: كما تشاء.. فلم يبقى على انتهاء العمل سوى نصف ساعة..
مر الوقت بطيئا على وعد وهي تنتظر بفارغ الصبر مرور نصف ساعة حتى ينتهي
وقت العمل..وما ان اعلنت الساعة تمام الثالثة .. حتى سمعت احمد يقول وهو
ينهض: الى اللقاء ..اراكم غدا .. المعذرة فأنا مستعجل فخطيبتي تنتظرني على
نار الآن ..
ابتسمت وعد من تعليقه .. ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى طارق الذي كان
يصطنع ترتيب درج مكتبه حتى ينتظر مغادرة احمد ونادية..وما ان غادرا.. حتى
قالت وعد بابتسامة باهتة: اظن انه بامكانك التحدث الآن..
قال طارق متسائلا بعتة: لو طلبت منك يا وعد الاستقالة من عملك هذا..فماذا سيكون ردك؟..
تطلعت اليه وعد بذهول ورددت قائلة: الاستقالة من عملي؟؟ ..
- اجل.. ماذا سيكون ردك يا وعد؟.. لو طلبت منك ذلك ..
قالت وعد متسائلة وغصة تملأ حلقها: ولكن.. لماذا؟..
قال طارق وهو يتطلع اليها بابتسامة هادئة: وعد انت ستكونين زوجتي قريبا.. وذهابك وايابك مع سواي سيثير العديد من المشاكل بيننا..
قالت وعد وهي تشير الى نفسها: الا تثق بي؟..
- بلى.. ولكن لا اثق بهم هم..لا اثق بمن سيرافقك..
اطرقت وعد برأسها وظلت صامتة.. في حين تطلع اليها طارق بلهفة واهتمام
منتظرا اجابتها.. انه لم ينس بعد ما دار بينه وبين نادية من حديث هذا
الصباح.. ولكنه كان مصرا على ان يفتح هذا الموضوع مع وعد على الرغم من انه
بنفسه قال انه يثق بها وسيتركها تعمل في وظيفة احلامها..
ووجد وعد ترفع رأسها اخيرا وتقول بشحوب: انت تعلم يا طارق انك اغلى انسان
على قلبي.. وانك حلم حياتي بأكملها ..وتعلم ايضا ان هذه الوظيفة هي وظيفة
احلامي.. الوظيفة التي طالما تمنيت الحصول عليها..
وصمتت لحظات لتتمالك نفسها قبل ان تقول وهي تشيح بوجهها: صحيح ان الوظيفة
كانت جزءا من احلامي .. ولكنك انت كل احلامي..لهذا لو طلبت مني ان استقيل
فسأوافق.. من اجلك..
ارتسمت ابتسامة على شفتي طارق دلت على الارتياح والسرور الذي تسلل الى
قلبه.. وقال مبتسما: لكني لن اطلب منك ذلك.. اردت ان اختبر مشاعرك فحسب..
حتى ارى جوابك لو طلبت منك هذا يوما..
التفتت له وعد بدهشة وقالت:الا زلت تشك بمشاعري تجاهك؟ ..
تنهد طارق وقال: ان التضحية بأحد احلامك يا وعد امر صعب ..واصعب مما تظنين ..ولقد جربت هذا بنفسي..
قالت وعد متسائلة باهتمام: جربته؟..كيف؟..
قال طارق بهدوء: اتذكرين رنا؟.. تلك الفتاة التي قابلناها عند مبنى تلك الشركة.. والتي اثارت في نفسك الغيرة تجاهي..
شعرت وعد بالضيق من ان تلك الفتاة لها علاقة بالموضوع.. وقالت: بلى اذكرها.. ماذا بها؟..
- عندما كنا ندرس سويا في الجامعة وعلى مشارف العام النهائي لنا.. قالت لي
انها قد تحدثت مع احد معارفها من اجل الحصول على عمل لها.. على الرغم من
عدم حصولها على الشهادة الجامعية بعد..وقد رشحتني انا لهذه الوظيفة ايضا..
قالت وعد في غيرة واضحة: ولم انت بالذات؟..
ابتسم طارق وقال: لا اظن ان الامر يتعدى كونها قد رأت اني قد اجتهدت في
تخصصي وحصلت على درجات جيدة جدا فيه.. المهم ان الوظيفة كانت ممتازة..
وكان من المستحيل على احد رفضها .. وخصوصا بذلك الراتب المغري .. ولكني
رفضتها..
قالت وعد بدهشة: ولم فعلت؟..
- من شروط الحصول عليها ان اتوقف عن الدراسة بالجامعة.. صحيح ان احد
احلامي كان الحصول على مثل تلك الوظيفة.. ولكني ضحيت به من اجل حلم آخر..
الا وهو الحصول على الشهادة الجامعية..
واردف وهو يتنهد: لهذا اخبرك ان اصعب امر قد تتعرضين له هو التضحية بأحد احلامك..
ابتسمت وعد وقالت بحنان: لا تقارن نفسك بهذا يا طارق.. لقد اخبرتك من
قبل.. قد تكون هذه الوظيفة هي جزء من احلامي.. ولكن انت حلم حياتي..
قال طارق بحب: لم يخب ظني بك با وعد.. ستظلين دائما تلك الفتاة الرائعة.. التي يجري حبها في عروقي..
قالت وعد بلهجة مرحة بغتة: هيا اسرع بترتيب اوراق عملك.. فأنا اشعر بالجوع.. سأدعوك على الغداء.. ما رأيك؟ ..
قال طارق مبتسما: موافق على ان ادعوك انا..
لوحت بكفها ووقالت وهي تلتقط حقيبتها: لا يهم.. سأنتظرك بالاسفل..
اومأ برأسه وهو يراها تغادر المكتب..ولم يعلم لم شعر ببعض الضيق فجأة
عندما غابت عن عينيه.. ولكنه اسرع باعداد اوراقه للغد حتى يلحق بها
متجاهلا ذلك الشعور الذي راوده..واكملت وعد طريقها لتستقل المصعد الى
الطابق الارضي.. وعندما غادرت المصعد.. سمعت صوت رنين هاتفها.. فالتقطته
وابتسمت بمرح وهي تجيبه قائلة: اهلا فرح.. كيف حالك؟..
قالت فرح بصوت غاضب: ما هذا ايتها السخيفة؟.. ايحدث كل هذا وانا آخر من يعلم..
ضحكت وعد وقالت وهي تواصل طريقها الى خارج المبنى: ماذا تعنين بكل هذا؟..
قالت فرح بحنق: خطبتك بكل تأكيد..
قالت وعد مبتسمة: لم يحدث شيء رسمي بعد.. انه مجرد حديث..
قالت فرح متسائلة: ولكن من هو؟..
قالت وعد بصوت حالم: انه من رأيتيه معي بالامس.. انه يعمل معي في نفس الصحيفة ويدعى طارق..
قالت فرح بدهشة: ذلك الوسيم.. لا اصدق..كيف ارغمته على المجيء لخطبتك؟..
قالت وعد بحدة: هيي انت يا فتاة.. لست ارغم احد على شيء .. ان اراد طارق
فعل شيء فسيفعله بنفسه.. انه ليس من ذلك النوع الذي يأمره أي شخص كان..
قالت فرح بخبث: اذا فربما كان الحب هو السبب..
ابتسمت وعد وقالت: ربما..
قالت فرح مبتسمة: لم تخبريني بأي شيء ابتها الماكرة.. حتى كيف كان لقاءكما الاول على الاقل..
قالت وعد بابتسامة وهي تستعيد ذكرى ذلك اليوم: كل ما استطيع ان اصفه به.. انه كان لقاءا عاصفا و...
(اهلا.. كيف حالك؟..)
بترت وعد عبارتها والتفتت في حدة الى صاحب العبارة السابقة .. ومن ثم لم
تلبث ان عقدت حاجبيها وقالت متحدثة الى فرح: سأحدثك بعد قليل يا فرح.. الى
اللقاء..
وعادت لتلتفت الى صاحب العبارة وقالت بحنق: والآن..ماذا تريد؟..
قال سامر بسخرية: صحيح اين صديقك ذاك صاحب التهديدات؟ ..
قالت وعد ببرود: اولا انه خطيبي.. وثانيا هو في طريقه الى هنا حقا ..
ضحك سامر بسخرية وقال: اجل صدقتك.. فالنرى اذا ما الذي سيفعله لو اقتربت منك كما كان يقول..
وسار بضع خطوات متقدما منها ووعد تحاول ان لا تجعله يلحظ ذلك التوتر الذي
طرأ عليها.. واردف هو قائلا: من الحماقة ان يتركك تخرجين وحدك.. الا يخشى
عليك خطيبك المزعوم ذاك؟..
قالت وعد بعصبية: لا اريد ان اضيع وقتي معك.. ابتعد عن طريقي ..
لكن سامر تعمد ان يقف امامها مباشرة مانعا اياها من التقدم وقال وهو يميل نحوها: اخبريني .. ما الذي اعجبك فيه؟..
قالت وعد بحزم وهي تتطلع اليه: على الاقل هو ليس مخادعا..
عقد سامر حاجبيه وقال بحدة: ان كنت تقصدينني فأنت مخطئة.. لم اخدع أي فتاة ابدا..
قالت وعد بسخرية: ومن تحدث عنك او عن أي فتاة.. ولكن من يشعر انه قد ارتكب خطأ .. لابد وان يزل لسانه ذات يوم بالاعتراف ..
قال سامر بخشونة: اتعلمين انك فتاة وقحة..
قالت وعد بحدة: لابد وان تظهر على حقيقتك وخصوصا بعد ان علمت انه لم تعد
كلماتك المعسولة ذات نفع معي..فقناعك الزائف قد بدأ يسقط الآن ليظهر وجهك
الحقيقي ..
قال سامر بغضب: ايتها الـ...
قاطعه بغتة صوت طارق وهو يقول في صرامة: اياك وان تشتمها ..
واردف بصوت اكثر صرامة: لقد تجرأت على الاقتراب منها على الرغم من اني قد حذرتك..
تطلع له سامر وقال بلامبالاة: اهلا طارق..لقد كانت مغادرة المكان وقد عرضت عليها ان اوصلها في طريقي ليس الا..
تقدم منه طارق وقال بصوت يجمد الدم في العروق: اسمع يا هذا .. انني اكره
المخادعين امثالك.. لقد بت مكشوفا للجميع بالصحيفة.. وان لم تبتعد عن
طريقنا فستندم.. اتفهم؟..
قال سامر بسخرية: كف عن تهديداتك التي لا طائل منها و...
قاطعه طارق وهو يجذبه من ياقة قميصه اليه وقال بصرامة: ان لم تسمعني
جيدا.. فسأعيدها مرة اخرى.. قلت ابتعد عن طريقنا ..وحذاري ان تقترب من وعد
مرة اخرى..
وشدد من قبضته مردفا: وانت اكثر من يعلم اني عندما اقول شيئا فأنا اعنيه
..وللمرة الاخيرة احذرك..نحن لسنا في مبنى الصحيفة الآن.. ويمكنني ان اجعل
من جسدك هذا جثة هامدة على الطريق العام..
ظهر التوتر لأول مرة في عيني سامر.. وقال وهو يحاول تدراك الموقف: لم اكن اود ان اسيء اليها صدقني.. لقد كنت اتحدث اليها فحسب..
التفت طارق الى وعد.. التي ارتبكت وهي ترى في ملامحه كل تلك الصرامة.. وقال لها: اخبريني .. هل اساء اليك؟..
كانت وعد تريد ان تجيبه بالايجاب ولكنها احست انها لو فعلت ذلك ستتسبب في
مشكلة جديدة لطارق .. فقالت بابتسامة باهتة: لا.. لقد كان يحاول التحدث
الي ليس الا..
قال سامر في سرعة: ارأيت؟.. لم احاول الاساءة اليها على الاطلاق ..
ازاحه طارق عنه في خشونة وقال : اذهب واياك ان ارى وجهك مرة اخرى..
عدل سامر من هندامه ومن ثم اسرع يبتعد.. في حين قالت وعد وهي تقترب من طارق مبتسمة: لأول مرة اراك على هذه الدرجة من الغضب..
قال طارق هو يحاول ان يهدئ اعصابه: لقد كان يستحق ذلك حتى لا يفكر مجرد تفكير ان يقترب منك مرة اخرى..
قالت وعد وهي تعقد كفيها خلف ظهرها: ولكني سعيدة ..لاني رأيتك تحاول حمايتي للمرة الثانية وتدافع عني بكل قوة ..
التفت لها طارق وقال مبتسما: يالك من فتاة.. اتظنيني اصمت عنه اذا وانا اراه يحاول ايذائك..
ضحكت وعد وقالت: ولكنك ارعبتني بنظراتك..
قال طارق وابتسامته تتسع: فلننسى هذا الامر.. ولنذهب لتناول وجبة الغداء.. فلست وحدك الجائعة..
اومأت وعد برأسها وهي تسير الى جواره.. وان شعرت بداخلها ان هذه هي البداية.. البداية لتحقيق احلامها..التي ستتحقق بوجود طارق فقط...
*********
انشغل هشام باعداد ذلك الرسم الهندسي في مبنى الشركة .. لمنزل ما وقد صمم
نوافذه وابوابه بشكل مميز الذي جعله نادرا من بين المنازل..وزفر بتعب وهو
يسند ظهره الى مسند المقعد..لكنه لم يلبث ان عاد لمواصلة عمله و..
(هناك زوار يطلبون رؤيتك.. ايها المهندس هشام)
كاد هشام ان يسأل ذلك الموظف ناطق العبارة السابقةعن هؤلاء الزوار .. لكنه
رآه يبتعد.. ورآها تظهر امام عينيه .. آية من الجمال تسير على قدمين.. هي
بنفسها بشعرها الكستنائي القصير وخصلاته المبعثرة على جبينها وملامحها
الرقيقة ..ورأى من خلفها ذلك الرجل الذي غطى الشيب فوديه فاكسبه مظهرا
وقورا..وادرك على الفور انه خالها الذي تحدثت عنه..
وفي نفس اللحظة كان الخال يهمس لغادة قائلا: لا اعلم سر اصرارك على المجيء معي..
ازدردت غادة لعابها وقالت: انه الفضول ليس الا.. لرؤية منزلك وما ترغب باضافته عليه من تعديلات..
قال خالها بشك: اهذا السبب حقا؟..
اومأت برأسها في ارتباك وهي تحاول تحاشي اسئلة خالها وسألها هو: ايهم ذلك المهندس المدعو هشام؟..
ومع انها كانت تنظر باتجاهه.. وهو بدوره كان ينظر باتجاهها الا انها قالت:
لقد قال ذلك الموظف الذي اوصلنا الى هنا .. انه يجلس خلف آخر مكتب على
اليمين .. أي بجوار مكتب تلك المهندسة..
انقبض قلب غادة بغتة.. وهي تشعر بالضيق الشديد.. الم يجد مكانا آخر الا
بجوار مكتب تلك المهندسة؟.. هل انتهت مساحة القسم فجأة ليكون الى
جوارها؟..ومن جانب آخر كان هشام يتابع نظرات زملاءه بالمكتب التي تركزت
على غادة واخذت تتابعها باعجاب.. وعقد هشام حاجبيه.. ما بالهم؟..الم
يلتقوا بفتاة في حياتهم؟.. والتفت الى احدهم وهو يتطلع له بنظرة حازمة
ولكن زميله غمز له بعينه بخبث ..وعاد هشام ليلتفت الى غادة وخالها وسمع
هذا الاخير يقول: أأنت المهندس هشام شريف؟..
اومأ هشام برأسه وقال : اجل انا هو..
قال الخال بهدوء: انا فؤاد حازم.. لقد حدثتك بالامس ابنة اختي بشأن التصميم الخاص بالغرفة التي اود ان اضيفها بالمنزل..
مد هشام يده مصافحا وقال مبتسما: بلى وقد اعددت كل شيء لذلك .. وقد وافق
المدير ان اقوم بهذا التصميم لك على ان تقوم بالمقابل بالدفع لصالح
الشركة..
قال فؤاد متسائلا:لا بأس ولكن متى ستبدأ باعداد هذا الرسم؟ ..
اجابه هشام قائلا: بعد ان ارى الموقع ومساحته والشكل المناسب الذي سيتم على اثره اختيار مساحة الغرفة وشكلها الخارجي..
قال فؤاد بابتسامة هادئة: اذا هل نذهب الآن لرؤية المنزل؟..
اومأ هشام برأسه ومن ثم التفت الى شذى قائلا: هيا يا آنسة شذى.. سنذهب الآن..
اتسعت عينا غادة بدهشة واستنكاروقالت: هل سترافقنا هذه المهندسة ؟..
اومأ هشام برأسه وقال وهو يلتفت الى غادة: اجل..
عقدت غادة ذراعيها امام صدرها وقالت مصطنعة اللامبالاة: ولم هي بالذات؟.. اعني ان القسم مليء بالمهندسين..فلم اخترتها هي؟..
قال فؤاد بغرابة: غادة.. ماذا تقولين؟.. وما دخلك انت؟..
هزت كتفيها وقالت وهي تخفي توترها: مجرد سؤال..
ابتسم هشام قي تلك اللحظة وقال: لا يغرنك يا آنسة غادة انها مجرد فتاة..
فهي مهندسة بارعة.. ولديها افكار ممتازة ..ثم لست انا من اختارها
لترافقنا.. بل المدير..
ظلت غادة صامتة وهم يغادرون القسم.. وان حاولت ان لا تجعل شيء من الغيظ
المعتمر بداخلها من الظهور على وجهها ..وما ان غادروا مبنى الشركة .. حتى
قال هشام: امنحني عنوان منزلك يا سيد فؤاد حتى اذهب انا والآنسة شذى اليه..
عقدت غادة حاجبيها بضيق اكبر.. ايضا يريد الذهاب معها لوحده.. فليحلم..
مادمت هنا فلن تهنئ معها ولو للحظة واحدة .. وقالت وهي ترسم ابتسامة على
شفتيها.. وان ظهرت نظرتها ماكرة بعض الشيء: ما رأيك يا خالي ان نذهب
جميعنا في سيارتك؟.. فقد لا يستطيع المهندس ان يتعرف الطريق الى منزلك ..
قال فؤاد بحيرة: ولكن يا غادة.. اذا ذهبنا جميعا بسيارتي.. فسيكون علي أن ...
قاطعه هشام قائلا وهويختلس النظرات الى غادة : لا بأس.. يمكنك ترك سيارتك
هنا يا سيد فؤاد.. وسنذهب جميعا بسيارتي.. وسأعيدكما الى هنا بعد الانتهاء
من عملنا بمنزلك ..
قال فؤاد بابتسامة هادئة: لا بأس..
اشار لهم هشام عندها الى احدى السيارات وقال: انها تلك السيارة الرياضية..
لم تكن غادة تحتاج لان يشير اليها.. فقد تعرفتها منذ الوهلة الاولى.. كيف
لا وقد صدمت هذه السيارة ذات يوم؟ ..كيف لا وقد كانت هذه السيارة سببا
للفاءها بهشام؟ ..وتوجهت الى تلك السيارة من فورها وتعمدت ان تتجه الى
الباب الخلفي من جهة السائق..ورأت هشام يقترب منها في تلك اللحظة وهمس لها
قائلا وهو يتجه الى الباب الامامي: يالك من متسرعة.. الا تنتظرينا
حتى؟..ثم ماهذه الحيل القديمة؟ ..
همست له بخفوت قائلة: ماذا تعني بقولك هذا؟..
فتح الباب الامامي له وقال دون ان يلتفت لها: اصرارك على الذهاب جميعا في سيارة واحدة..
كادت ان تعلق على عبارته ولكنها وجدته يحتل مقعد السائق .. فزفرت بحنق وهي
تحتل مقعدها الخلفي بدورها ..وسمعت خالها يرشد هشام الى الطريق حيث
منزله.. ولكنها لم تأبه بذلك .. بل اختلست النظرات الى شذى التي تجلس الى
جوارها.. كانت فتاة جميلة .. لا يمكن انكار هذا ..بالاضافة الى انها
مهندسة بارعة كما كان يقول عنها هشام منذ قليل..وافكارها ممتازة و...
شعرت بغصة في حلقها وهي تتذكر كلماته.. لقد كان يمتدح تلك الفتاة امامها..
وهي لم تنل سوى السخرية منه..لماذا يمتدح تلك الفتاة ويسخر منها هي؟.. هل
هو معجب بهذه المهندسة يا ترى؟.. اذا لماذا يظل على اتصال بي لو كان
كذلك؟.. ربما هو يتسلى ولا يريد اكثر من تضييع الوقت .. ولكن...لا تعلم لم
تشعر انه مهتم لأمرها.. تماما مثلهاهي و... يا الهي.. ما بالي.. كلما
تذكرت هشام ..يصل تفكيري الى الاهتمام وربما الميل والحب!!.. لا.. انا احب
هشام.. مستحيل.. انه مجرد اعجاب لا اكثر..
ولكن دقات قلبها اخذت تخفق بعنف من تفكيرها ذاك.. وكأنها تشهد على مشاعرها
تجاه هشام.. ورفعت رأسها الى المرآة الجانبية.. وركزت نظراتها على
ملامحه.. انه وسيم ..لا بل اوسم مما كنت اظنه.. وابتسامته تزيد من هذه
الوسامة .. واسلوبه الساخر يجعله ذا طابع فريد.. لم اقابل شاب مثله في
حياتي.. لا يستطيع المرء التفريق بين جده وهزله ..
وبينما هي غارقة في افكارها.. لم تلحظ عينا هشام الذي شعر بنظراتها..
وابتسم لها بسخرية وهو يتطلع لها ..واتسعت عيناها لوهلة في دهشة من
ابتسامته الساخرة ..ولم تلبث ان اشاحت بوجهها عنه في حدة .. والتقط هو
هاتفه المحمول ليكتب رسالة قصيرة في سرعة وعيناه على الطريق في الوقت
ذاته..وانتفضت غادة بحدة عندما سمعت صوت رنين هاتفها معلنا عن وصول رسالة
قصيرة..وازدردت لعابها لعلها تسيطر على توترها.. وفتحت تلك الرسالة ..
وشعرت بدهشة بالغة لان مرسلها كان هشام..واخذت تلتهم كلماتها التي كانت
تقول (ما بالك؟.. الم تري شاب وسيم في حياتك حتى تلتهمينه بنظراتك ؟) ..
ارتفع حاجبا غادة بذهول.. كيف يجرؤ؟..ياله من وقح.. واسرعت تضغط ازرار
هاتفها بعصبية لترسل له رسالة قصيرة بدورها .. وما ان سمع هو نغمة وصول
الرسالة.. حتى التفت الى المرآة الجانبية وتطلع الى غادة للحظة رأى فيها
ملامحها الغاضبة.. وفتح الرسالة التي كانت تقول ( بل لأول مرة ارى فيها
شاب قبيح وسخيف مثلك)..اتسعت ابتسامته الساخرة واسرع يرسل لها رسالة اخرى
والتي كانت تقول ( لا تكذبي.. لقد كانت نظراتك لي هائمة .. ايوجد فتاة
تتطلع الى شاب قبيح بذلك الهيام؟ ..اعترفي بما يجول في داخلك)..
وما ان وصلت الرسالة الى غادة حتى عقدت حاجبيها بحدة.. هل فقد عقله؟..
بالتأكيد هو كذلك.. يريدني ان اعترف .. وبم اعترف؟ .. ويبدوا انه قد اصابه
الجنون في سن مبكرة .. لقد اخطأت عندما نظرت اليه حتى..دارت هذه الفكار في
رأسها وهي تعيد هاتفها الى حقيبتها ببرود..
وفي تلك اللحظة كان هشام قد وصل الى منزل خالها.. فأوقف السيارة ليهبطوا
جميعا منها ويتجهوا الى الداخل..وسار خال غادة الى الداخل وهو يرشدهم الى
الحديقة الخلفية التي يفكر ان يقوم ببناء غرفة على احد زواياها..واقترب
منه هشام وشذى.. فأحذ يشرح لهم خالها الشكل الذي يرغبه للغرفة ومساحتها
التقريبية.. وغادة تتطلع اليهم بنظرات غاضبة.. وهي ترى عمل هشام المشترك
مع شذى.. تراه يتبادل معها الكلمات ويتناقش في كل شيء.. ليتها كانت مكانها
الآن لتتمتع بحديثها اليه.. حتى لو كان ساخرا او مستفزا..تريد ان تكون
بقربه ولو للحظات..
شردت بأفكارها ونظراتها مثبتة على كل من هشام وشذى.. الى ان قاطعها صوت خالها وهو يقول: غادة.. تعالي معي الى الداخل..
التفتت الى خالها وقالت بدهشة: ولماذا؟..
جذبها من كفها لتقترب منه وقال لها بهدوء: سنعد العصير لهما.. فكما ترين الجو حار..
اختلست غادة نظرة الى هشام وهمست لنفسها قائلة: (تريدني ان اغادر يا خالي
واتركهما لوحدهما..هذا من سابع المستحيلات .. لن يهنئا معا وانا موجودة..
وسترى يا هشام ما الذي سأفعله؟)..والتفتت لخالها قائلة ببرود: فليكن..
دخلت مع خالها الى داخل المنزل وتوجهت الى المطبخ الذي كان يطل على
الحديقة الخارجية.. وشردت بافكارها وهي تطل من النافذة لتراهما يعملان
معا..تبا لها.. لم اختارها المدير هي بالذات؟..الا يوجد مهندسين بالشركة
باكملها حتى يختارها هي؟..واسرعت باعداد العصير لتأخذه الى الخارج .. فقال
لها خالها: انتظري قليلا.. سآخذه انا اليهما..
التفتت غادة الى خالها وقالت بابتسامة: وماالفرق؟..اذهب انت واسترح وسآخذه انا اليهما..
تطلع اليها خالها بغرابة لسر اصرارها على ان تأخذ العصير لهما.. اما هي
فقد توجهت الى الخارج وتعمدت ان تحمل كأسي العصير الى شذى اولا وقالت
بابتسامة مصطنعة: تفضلي..
التقطت شذى بهدوء كأس العصير وقالت بهدوء: اشكرك..
ومن ثم أعادت انظارها الى مساحة الارض الواسعة.. وتوجهت بالكأس الآخر الى هشام وقالت بابتسامة واسعة هذه المرة:تفضل العصير..
قال هشام مداعبا وهو يلتقط الكأس: ولم منحت احدالكأسين الى شذى اولا..أخشى ان يكون السم موجودا في كأسي..
قالت بسخرية: لن اقتلك وانت في بيت خالي.. ربما لو كنت خارجه لفكرت بالامر..
قال وهو يميل نحوها ويغمز بعينه: لا تستطيعين ..
قالت وهي تمط شفتيها: ولم لا؟..
قال بعد ان ارتشف قليلا من كأسه: انسيت.. حيلتك في ان نبقى جميعا في سيارة
واحدة..ثم نظراتك لي بالسيارة ..واخيرا نظرات الضيق التي توجهينها لي انا
وشذى كلما كنا معا.. ماذا يعني كل هذا غير انك تميلين لي وتشعرين بالغيرة
من شذى..
اتسعت عيناها باستنكار واحست بالتوترهي تشعر انه يلمس شيئا من الحقيقة
وقالت بحدة: أي قول تقوله؟.. اغير ممن وعلى من؟.. من تلك المهندسة التي لا
تمتلك حتى نصف جمالي.. وعليك انت .. هذا هو المستحيل بعينه.. ربما لو
انتهى الرجال بالكرة الارضية.. ربما حينها تستطيع ان تظن مثل هذا الظن..
ضحك هشام بسخرية وقال بخبث: ولم كل هذا الغضب؟.. يمكنك ان تقولي بكل
بساطة..انك لا تهتمين لامري.. بدل كل تلك التبريرات او بدل ان تمتدحي
جمالك امامي..
اشارت له بيدها وقالت بحنق: هذا فقط حتى لا تفكر اية افكار سخيفة بشأني..
ابتسم وقال: لقد اقنعتيني بتبريراتك بكل صراحة..
قالت غادة وهي تتطلع اليه بشك: اتعلم.. اشك ان المدير هو من طلب منك ان تكون تلك المهندسة معنا..
قال وهو يهز كتفيه: وهل يصنع ذلك فارقا؟..
كادت ان تجيبه.. لكنها تريثت قليلا وفكرت ان ما تقوله سيفضح مشاعرها.. لذا
فقالت ببرود: ابدا.. ولكني اردت ان اكتشف ان كنت تخدعنا او لا..
قال مبتسما: اطمئني لست اخدع احدا.. لقد طلب مني المدير اصطحابها معنا حقا..لما لديها من خيال واسع تجعلها تبتكر تصاميم ممتازة..
سألته قائلة: ومنذ متى تعملان معا؟..
قال هشام بسخرية: لم؟.. هل تفكرين بمنحها مكافأة على سنوات خدمتها في الشركة؟..
قالت بعصبية: بل افكر في ان اعرف كم من السنوات قد احتملتك تلك الفتاة..
- حسنا .. انها سنتان لا اكثر..
ضيقت غادة عينيها ..اذا فهو يعرفها منذ وقت طويل..وربما تلك الفتاة معجبة
به او ربما هو كذلك يبادلها تلك المشاعر ..وقالت غادة بهدوء:هل اسألك سؤال
وتجيب عنه بصراحة؟ ..
قال هشام وهو يبعد عينه عنها ويتطلع ال العمل الذي تقوم به شذى: هذا يتوقف على السؤال نفسه..
تابعت غادة نظراته ورأته يتطلع الى شذى باهتمام.. ولكنه في الحقيقة كان
يتطلع الى ما تقوم به شذى من عمل.. ووجدت نفسها تقول بعصبية: لماذا تتصل
بي دائما وتزعجني باتصالاتك ما دمت غير مهتم لأمري كما تقول؟..
التفت لها وقال بابتسامة جذابة: ومن قال اني لست مهتم لأمرك؟ ..
خفق قلب غادة في قوة.. وازدردت لعابها بارتباك ومن ثم قالت وهي تبعد عينيها عنه باضطراب: مهتم؟.. ولم انت مهتم؟ ..
هز كتفيه وقلا: لانك صدمت سيارتي وحطمتيها فلابد ان تدفعي ثمن هذا بأن اضايقك لسنة كاملة..
فغرت فاهها بدهشة ومن ثم لوحت باصبعها في وجهه وقالت بغضب: اسمعني يا
هذا.. كف عن الحديث عن السيارة لاني قد اصلحتها لك..وان كنت لا تفكر الا
في مضايقتي فاعلم اني استطيع انا الاخرى ان احيل حياتك جحيما..
قال بسخرية: حقا؟.. ثم يا آنسة انا من اصلحها على حسابي لا تنسي هذا.. واعلمي ايضا اني لست ممن يمكنك تهديدهم ..
- وهذا ما لا افهمه لماذا اخذتني الى هناك اذا وطلبت مني ان اصلح سيارتك؟.. اكل ذلك كان تمثيلا فقط؟..
وبدلا من ان يجيبها منحها كأس العصير وقال مبتسما: شكرا علىالعصير..
وابتعد عنها ليواصل عمله.. وفي داخلها شعرت غادة بالغضب والعصبية.. ليس من
تصرفاته وحسب.. بل لانه دائما يشير الى ان علاقتها به لا تتعدى التسلية او
مضايقتها.. وشعرت بغضبها هذا يتضاعف.. عندما رأت تلك الابتسامة من هشام..
لم تكن لها بل لشذى.. ووجدت نفسها تصرخ فيه هاتفة: هشام ..
استغربت شذى مناداتها لهشام من غير اية القاب.. ولكن تسرع غادة الدائم هو
ما يجعلها تتصرف دون تفكير.. في حين التفت لها هشام وقال بدهشة وهو يعود
ادراجه لها: ما بالك لم تصرخين هكذا؟..
ارتبكت وقالت: ان .. اعني ان.. هناك حشرة رأيتها على قدمي..ولهذا صرخت بخوف..
قال بسخرية: ولم تصرخين باسمي بالذات؟..اخبرتك يا آنسة انك تهمين بي.. فلم لا تعترفين؟..
اسرعت تقول: في احلامك..
ولوحت له بيدها وهي تبتعد عنه وقد حققت ما ارادته بابعاد هشام عن شذى قائلة: عن اذنك..
وابتسمت ابتسامة سعيدة وخجلة وهي تلقي على هشام نظرة أخيرة..وكأنها نظرة اعتراف لمشاعرها له..
*********
يسيران جنبا الى جنب..بخطوات هادئة تخشى ان تفسد ذرات الرمل.. متشابكي
الايدي.. مثبتين للجميع أي حب يجمعهما ..ونظرات الهيام وهمسات الحنان التي
تنطلق من بين شفتيهما بين الحين والآخر..واخيرا توقفت هي لتقول بابتسامة :
اذا فهو الغد ..
قال هو مبتسما: اجل انه اليوم الذي كنت انتظره منذ زمن طويل.. يوم عقد قراننا يا وعد..
التفتت له وعد وقالت: احقا كنت تنتظره؟..
اومأ طارق برأسه وقال بحنان: واقسم علىهذا..
تردد ت قليلا ومن ثم قالت: ولكن ماذا عن مايا.. ماذا عن رنا؟؟..
تطلع طارق الى عينيها مباشرة وقال: مايا هي الماضي يا وعد.. اما انت فالحاضر والمستقبل..
مست كلماته شغاف قلبها..وقالت بتردد: ورنا؟..
ابتسم وقال: ماذا بها هي الأخرى؟.. انا لم ارها منذ فترة طويلة ولا اعرف عنها أي شيء سوى انها كانت زميلة لي ايام الجامعة..
- فقط..
وضع كفه على كتفها وضغط عليه بحنان وحب قائلا: اجل فقط.. ولا تدعي غيرتك توهمك لما هو اكثر من هذا..
تطلعت وعد الى الافق البعيد والى مياه البحر النقية..وقال بابتسامة حانية: اتعلم لم احب هذا المكان؟..
لم يجب وان ظهر على وجهه التساؤل.. فقالت مبتسمة: لانه في هذا المكان رسمت شخصية فارس احلامي.. وبدأت اتخيل بداية لحلم حياتي..
ابتسم قائلا: وكيف بدأ هذا الحلم؟..
قالت بشرو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فدا الإسلام
المدير العام
المدير العام
فدا الإسلام


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 644
مكان الإقامة : فلسطين الحبيبة

رواية حلم حياتي - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 10:09 am

مجهود عظيم أختي عبق الجنة ...

بارك الله فيك ... ان شاء الله نقرأها ولكن على مراحل ... طويييلة

الله يرضى عنك ...

رواية حلم حياتي - صفحة 2 274888
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abaqeljenan.own0.com/index.htm
 
رواية حلم حياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» 48 رواية عربية جاهزة للتحميل نقلت لكم لتعم الفائدة
» مقال أحلى صيف في حياتي
» أصعب 12 دقيقه في حياتي وحياتك .....؟؟!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى عبق الجنان :: •·.·°¯`·.·• عبـــق العام•·.·°¯`·.·• :: القسم الأدبي :: القصص الأدبية والروايات-
انتقل الى: