عقد الورد المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 473 مكان الإقامة : حدائق الورود
| موضوع: العفــــــاف العفاف الأحد فبراير 14, 2010 3:11 pm | |
|
بقلم/ إبراهيم عبد الله الأزرق
العفــــــــاف ... العفاف
العفاف معنى نبيل جاءت النصوص المتظاهرة آمرة به محرضة عليه، بل اتفقت الفطر السوية على مدحه، وجاءت الشرائع السماوية كافة بحمده، ولهذا لمّا سأل هرقل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: بماذا يأمركم؟ فقال أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. ثم قال هرقل معقباً على أجوبة أبي سفيان رضي الله عنه: سألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم حتى أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه، الحديث متفق عليه . ولو لم يكن وصف العفاف مؤثراً في النتيجة التي قالها هرقل –في اعتقاده الذي علمه من صحيح شرعه المُقَرِّ عليه- لما ذكره... والنتيجة: (سيملك موضع قدمي هاتين)، ومن أعظم أسباب ذلك ما عدد، ومنه العفاف. وليس ملك الدنيا وحيازة أعظم الممالك الثمرة الوحيدة التي كان العفاف من جملة أسبابها. بل العفاف سبب لإنجاح مقاصد أخرى مهما اقترن ببعض الأعمال، ومن ذلك ما صح عند الترمذي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم: "الناكح الذي يريد العفاف" . ولما كان العفاف باباً لخير كثير، أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من سؤال الله إياه، فقد صح عند مسلم من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" . وعلى سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى صالحو هذه الأمة، فكان من دعائهم سؤال الله العفاف؛ فروي في مصنف ابن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الأمن والإيمان، والصبر والشكر والغنى والعفاف . وقد استقر عندهم عظيم أجره، فعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله، قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أوينفعهم الله به ويغنيهم . وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم السعي في تحصيل العفاف من جملة الجهاد، فعن كعب بن عجرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوبين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان . وقد حض على العفاف من بعد الصحابة المرضيين الصالحون من عباد الله المؤمنين، ففي شعب الإيمان للبيهقي قال أحمد بن الحواري لأبي سليمان الداراني: بم نال أهل المحبة المحبة من الله عز وجل؟ قال: بالعفاف، وأخذ الكفاف . بل حض على العفاف وحرص عليه عقلاء البشر من أصحاب السؤدد والمروءة، قال أبو عمرو بن العلاء القارئ المشهور واللغوي البارع، العارف بأخبار العرب ولسانها: كان أهل الجاهلية لا يسوِّدون إلا من كانت فيه ست خصال: السخاء، والجدة، والحلم، والصبر، والتواضع، والتأني، وتمامهن في الإسلام العفاف. وسأل معاوية رضي الله عنه رجلاً من عبد القيس: ما تعدون المروءة فيكم؟ قال: الحرفة والعفة. وعن أبي سوار قال: قيل لمعاوية: ما المروءة؟ قال: العفاف في الدين وإصلاح في المعيشة . وشيء بهذه المثابة، وله تلك الآثار، جدير أن يشاع ويذاع بين الأمم، وأن ندعو إليه الناس، وأن نحرص على الالتزام به.. بعد معرفته، وإذا أردت أن تعرف معنى العفاف الذي ذكرت شيئاً من مكانه ومقامه وحض الناس عليه، فاعلم أن المقصود به في نصوص الشريعة معنى أخص من الإطلاق اللغوي الدائر على معنى الكف عمّا لا يحل ولا يجمل، وقد جاءت المادة في القرآن في أربعة مواضع، دائرة على معنيين: الأول: الكف عمّا في أيدي الناس، وذلك في آيتين؛ قول الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سُورَةُ البَقَرَةِ: 273]، وقوله سبحانه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا} [النساء: 6].
والثاني: الكف عن الفواحش والآثام وكل ما لا يجمل من مقدماتها أو مما لا يليق. ومن هذا قول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [النور: 33]. فهذا أمر بالكف عمّا حرم الله من الفواحش والآثام لمن لم يجد سبيلاً إلى نكاح مشروع.. وفي السورة نفسها قوله سبحانه: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 60]. وهذا كف عن وضع الثياب المباح للائي لا يرتجين نكاحاً حال كونهن غير متبرجات. وفي هذه الآية ما يبين أن العفة مفهوم أوسع من الانكفاف عن الفاحشة، وأنها قد تتعلق بمجرد اللباس المحتشم الساتر ولو لم يكن واجباً. فاحرصي أخت الإسلام –وكذا أخاه- على العفة.. واسعي لتحصيلها، وتذكري دائماً أنها معنى فوق مجانبة الفاحشة وأسبابها.. معنى يقتضي ترك ما لا يجمل بك.. حتى بين الأهل والصويحبات.
مجلة المتميزة عدد صفر 1430هـ
| |
|
نسيم الملتقى مشرف
الجنس : عدد المساهمات : 295 مكان الإقامة : فلسطين
| موضوع: رد: العفــــــاف العفاف الأحد فبراير 14, 2010 9:58 pm | |
| اللهم اني اسأل العفاف والغنى يا رب
لي ولجميع احبتي اللهم امين جزيتي كل الخير اختي الغالية عقد الورد على الاطروح المميز بارك الله فيكي وفي ميزان حسناتك
| |
|
عقد الورد المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 473 مكان الإقامة : حدائق الورود
| موضوع: رد: العفــــــاف العفاف الإثنين فبراير 15, 2010 8:02 pm | |
| أسعدني تواجدك العطر الكريم في صفحتي أخي الجنرال .. بوركت أخي
| |
|