زهراء فلسطين المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 884
| موضوع: 11 وسيلة للتأثير على القلوب الخميس يناير 14, 2010 5:15 pm | |
| هذه سهام لصيد القلوب، أعني تلك الفضائل التي تستعطف بها القلوب،وتستر بها العيوب وتستقال بها العثرات، وهي صفات لها أثر سريع وفعّال على القلوب،فإليك أيها المحب سهاماً سريعة ما أن تطلقها حتى تملك بها القلوب فاحرص عليها،وجاهد نفسك على حسن التسديد للوصول للهدف واستعن بالله.
الوسيلة الأول: الابتسامة :
قالوا هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تملك بهالقلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة، ( فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) كما في الترمذي، وقال عبدالله ابن الحارث ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
الوسيلة الثانية : البدء بالسلام :
سهم يصيب سويداء القلب ليقعفريسة بين يديك لكن أحسن التسديد ببسط الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشد الكف علىالكف، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام، قال عمر الندي (خرجت مع ابن عمرفما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه)، وقال الحسن البصري (المصافحة تزيد فيالمودة) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لا تحقرن منالمعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ). وفي الموطأأنه صلى الله عليه وسلم قال : ( تصافحوا يذهب الغل،وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء) قال ابن عبد البر هذا يتصل من وجوه حسان كلها.
الوسيلة الثالثة : الهدية :
ولها تأثير عجيب فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب، ومايفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أنلا يكلف نفسه إلا وسعها، قال إبراهيم الزهري (خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتبخاصته وأهل بيته ففعلت، فقال لي تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت لا قال بلى رجللقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير) انتهى كلامه.
انظروا أثّر فيه السلام الجميل فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافئه على ذلك.
الوسيلة الرابعة : الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع :
وإياكوارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وإياك وتسيد المجالس وعليك بطيب الكلامورقة العبارة (فالكلمة الطيبة صدقة) كما في الصحيحين، ولها تأثير عجيب في كسبالقلوب والتأثير عليها حتى مع الأعداء فضلاً عن إخوانك وبني دينك، فهذه عائشة رضيالله عنها قالت لليهود ( وعليكم السام واللعنة) فقال لها رسول الله صلى الله عليهوسلم : ( مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمركله) متفق عليه، وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : (عليك بحسن الخلق وطول الصمتفو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما) أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما.
قد يخزنُ الورعُ التقي لسانه …… حذر الكلام وإنهلمفوه
الوسيلة الخامس: حسن الاستماع وأدب الإنصات :
وعدم مقاطعة المتحدث فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطعالحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوابه بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة، واسمع لهذا الخلق العجيب عن عطاء قال : ( إنالرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد).
الوسيلة السادسة : حسن السمت والمظهر:
وجمال الشكل واللباس وطيبالرائحة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن اللهجميل يحب الجمال) كما في مسلم. وعمر ابن الخطاب يقول ( إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح )، وقال عبدالله ابن أحمد ابن حنبل ( إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربهوشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل).
الوسيلة السابعة : بذل المعروف وقضاء الحوائج :
سهم تملك به القلوب وله تأثير عجيب صوره الشاعر بقوله:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبدالإنسانَ إحسانُبل تملك به محبة الله عز وجل كما قالصلى الله عليه وسلم : ( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس)، والله عز وجل يقول { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}.
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى …….. مملوكلكل رفيقوكن مثل طعم الماء عذبا وباردا ……… على الكبد الحرى لكل صديقعجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحراربمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه.
الوسيلة الثامن: بذل المال :
فإن لكل قلب مفتاح،والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان، والرسول صلى الله عليه وسلميقول : ( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبهالله في النار) كما في البخاري.
صفوان ابن أمية فر يوم فتح مكة خوفا من المسلمين بعد أن استنفذ كل جهوده فيالصد عن الإسلام والكيد والتآمر لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعطيه الرسولصلى الله عليه وسلم الأمان ويرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب منه أن يمهلهشهرين للدخول في الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لك تسير أربعةأشهر، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين والطائف كافراً، وبعد حصارالطائف وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر في الغنائم يرى صفوان يطيل النظرإلى وادٍ قد امتلأ نعماً وشاء ورعاء. فجعل عليه الصلاة والسلام يرمقه ثم قال لهيعجبك هذا يا أبا وهب؟قال نعم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم هو لك ومافيه. فقال صفوان عندها : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، اشهد أن لا إلهإلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
لقد استطاع الحبيب صلى الله عليهوسلم بهذه اللمسات وبهذا التعامل العجيب أن يصل لهذا القلب بعد أن عرف مفتاحه.
فلماذا هذا الشح والبخل؟ ولماذا هذا الإمساك العجيب عند البعض من الناس؟حتى كأنه يرى الفقر بين عينيه كلما هم بالجود والكرم والإنفاق.
الوسيلة التاسعة : إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم :
فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه، فأحسن الظن بمنحولك وإياك وسوء الظن بهم وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلكالتصرفات ويذهب بك كل مذهب، واسمع لقول المتنبي: إذاساء فعل المرءِ ساءت ظنونه …… وصدق ما يعتاده من توهمعود نفسكعلى الاعتذار لإخوانك جهدك فقد قال ابن المبارك ( المؤمن يطلب معاذير إخوانه،والمنافق يطلب عثراتهم ).
الوسيلة العاشرة : أعلن المحبة والمودة للآخرين :
فإذا أحببت أحداً أو كانتله منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس ولذلك قال صلىالله عليه وسلم ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزلهفليخبره أنه يحبه) كما في صحيحالجامع، وزاد في رواية مرسلة ( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة)، لكن بشرط أنتكون المحبة لله، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال، والشهرة والوسامةوالجمال، فكل أخوة لغير الله هباء، وهي يوم القيامة عداء (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضعدو إلا المتقين).
والمرء مع من أحب كما قال صلى الله عليه وسلم - يعني يومالقيامة -، إذا فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرقِ للتأثير على القلوب. فإمامجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر والاختلاف،لذلك حرص صلى الله عليه وسلم على تكوين مجتمع متحاب فآخى بين المهاجرين والأنصار،حتى عرف أن فلانا صاحب فلان، وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين في قبر واحد بعداستشهادهما في إحدى الغزوات.، بل أكد صلى الله عليه وسلم على وسائل نشر هذه المحبةومن ذلك قوله صلوات الله وسلامه عليه (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتىتحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) كما في مسلم.
وللأسف، فالمشاعر والعواطف والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض ، فهناك منيتعامل مع إخوانه بأسلوب جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف، وهناك من يتعامل معهمبأسلوب عاطفي حساس رقيق ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب والتعلق بالأشخاص. والموازنةبين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنهفضل الله يؤتيه من يشاء.
الوسيلة الحادي عشر: المداراة :
فهل تحسن فن المداراة؟ وهل تعرف الفرق بين المداراةوالمداهنة؟ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ( أن رجلااستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما راءه قال بئس أخو العشيرة، فلما جلستطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت لهعائشة يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عندالله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحشه) قال ابن حجر في الفتح (وهذاالحديث أصل في المداراة) ونقل قول القرطبي ( والفرق بين المداراة والمداهنة أنالمداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت،والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا ).
إذا فالمداراة لين الكلام والبشاشةللفساق وأهل الفحش والبذاءة، أولاً اتقاء لفحشهم، وثانيا لعل في مداراتهم كسباًلهدايتهم بشرط عدم المجاملة في الدين، وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت منالمداراة إلى المداهنة فهل تحسن فن المداراة بعد ذلك؟ كالتلطف والاعتذار والبشاشةوالثناء على الرجل بما هو فيه لمصلحة شرعية، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال ( مداراة الناس صدقة ) أخرجه الطبراني وابن السني، وقال ابن بطال ( المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفضالجناح للناس، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسبابالألفة) | |
|