ملتقى عبق الجنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول
لمن يهمه الأمر :... إضافة الإعلانات الخاصة في الملتقى مجانية للمواقع الإسلامية .. لإضافة الإعلان يرجى مراسلة الإدارة على البريد الإلكتروني ( a.eljenan@hotmail.com ) .. إدارة الملتقى
لأي اقراحات وأي شكاوى يرجى مراسلة فريق الإدارة على البريد الإلكتروني ( a.eljenan@hotmail.com )
للتنويه فقط .. تم إختيار مشرفين جدد وتم بفضل الله إضافتهم إلى فئة المشرفين .. وسيتم تحديد أقسام الإشراف لكل منهم بعد الإستشارة وإجراء بعض الأمور الإدارية الأخرى ,,, والله المستعان
رواية حلم حياتي Support
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:47 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:46 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:46 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:45 am من طرف صبر جميل

»  منتدى انور ابو البصل الاسلامي يتشرف بزيارتكم والانتساب اليه
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يونيو 07, 2015 6:45 am من طرف صبر جميل

» المصحف الالكتروني المجود
رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد أغسطس 21, 2011 2:32 am من طرف علاءعزب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
زهراء فلسطين
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
عبق الجنة
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
فدا الإسلام
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
عقد الورد
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
عزّي اسلامي
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
روحي فداك
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
نسيم الملتقى
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
Nadin
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
كلمة حق
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 
الطبيعه 2
رواية حلم حياتي Bk_tableرواية حلم حياتي I_back_catgرواية حلم حياتي I_back_catg 

الأقصى


 

 رواية حلم حياتي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:24 am



هذي من اروع القصص اللي قرأتها في حياتي قصه اكثر من رائعه اتمنى تعجبكم

اول شي للامانه القصه منقوله حبيت اذكر اسم كاتبة القصه لحفظ حقوقها

اسم الكاتبه

anglesmile



"حلم حياتي"

مقدمة:

تمضي الأيام لتحل مكانها أيام أخرى.. ليكبر الصغير.. ويشيب الكبير.. لتكبر الأحلام ومعها تزداد فرصة تحقيق الأمنيات..
هل حلمت يوما بامتلاك منزل كبير؟.. أو حتى فكرت بالحصول على سيارة من أحدث
طراز..ما الذي منعك من تحقيق هذه الأمنيات؟.. أو ما الذي يمنعك الآن؟..
تكاسل ام خيبة امل.. ام هو يا ترى الشعور بان الأحلام لا تتحقق..
من قال هذا؟..جميع الناس على هذه الأرض الواسعة لا تكف عن التمني..وبالعزم
والاصرار..حققوا ما يحلمون به ويصبون إليه منذ ان كانوا صغارا..
هي تمنت وحلمت.. ومع الايام كبر معها حلمها هذا..
هو تمنى أيضا.. وكان يطمح بتحقيق حلمه هذا..
لكن أشياء كثيرة كانت تقف حائلا بينهما؟.. أشياء منعتهما من تحقيق هذا الحلم الجميل..التي ترفرف حوله العصافير..عصافير الحب.....









*الجزء الاول *
(هل هي وظيفة أحلامها؟)


ابتسامة مليئة بالسعادة شملت وجه تلك الفتاة وهي تدلف الى منزلها وتهتف قائلة بفرح: أبــــــــي.. أمـــــــي..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت باستغراب: لم تصرخين هكذا يا (وعــــد)؟..
قالت وعد بابتسامة واسعة وسعيدة وهي تلوح بكفيها: لقد تم قبولي في الوظيفة..
ابتسمت والدتها وقالت : هذا سيريحنا من سماع صوت صراخك أخيرا..
قالت وعد باستنكار : أمي.. ماذا تقولين..
ابتسمت والدتها وقالت وهي تعود لتدلف الى المطبخ: لا عليك.. مبارك يا وعد..
ابتسمت وعد قائلة: أجل هذا ما كان يجب عليك قوله منذ البداية..
لحظة واحدة.. لنخرج من سياق القصة قليلا وأعرفكم بهذه الفتاة..اسمها
وعد..فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها..ذات شعر كستنائي ينسدل على
كتفيها بنعومة.. وعينان عسليتان واسعتان..بشرتها بيضاء صافية.. وملامحها
الملائكية.. تزيد من جمالها..
وعد فتاة مليئة بالمرح والحيوية..متفائلة .. اجتماعية ..وتكره الوحدة
والانعزال.. تحب الحياة .. محبة للجميع..والجميع يحبها..لم تعرف معنا
للكره في حياتها.. ولكنها عنيدة ومتمردة..اغلب الأوقات.. مكابرة رافضة
للاستسلام مهما حدث.. ابتسامتها ومرحها يجعلانها أشبه بالأطفال..
لنعد الى القصة مجددا.. ها هي ذي وعد تهز كتفيها وتتوجه نحو الدرج الذي
يقود الى حيث غرفتها.. حين سمعت صوتا يأتي من خلفها وصاحبه يقول: صحفية..
أليس كذلك؟
التفت الى صاحب الصوت وقالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها : بلى هذا صحيح يا (هشـــام)..
قال مبتسما: ما الذي يدفعهم لتوظيف فاقدوا الأهلية في الصحف..
رفعت حاجبيها وقالت: أنا يا هشام .. حسنا سترى ايها الاحمق..
وأردفت قائلة: ثم ما الذي جاء بك الى هنا؟..
هز كتفيه وقال: دعوة من عمي لتناول الغداء انا وعائلتي في منزله..
قالت ساخرة: لكني لا أرى سواك هنا..
قال بهدوء: ذلك لأني كنت قريبا من المنزل بعد انتهاء فترة عملي..
تريدون ان تعلموا من هو هشام اليس كذلك؟ خصوصا مع اسلوبه المبسط مع
وعد..حسنا هشام شاب في السادسة والعشرين من عمره .. ابن عم وعد..طموح
ومثابر ..مرح ولكنه هادئ نوعا ما..وهو أفضل من يقدم لك النصيحة فلديه
أسلوب غريب للاقناع..قضى مع وعد اغلب ايام عمرهما..وهو يعمل مهندسا في
احدى الشركات..
ملامحه تتسم بسمرة خفيفة ووسامة..ذا شعر بني قاتم يميل الى السواد وعينين من اللون ذاته..فارع القامة..المهم نعود مرة اخرى..
قالت وعد في تلك اللحظة: ولم تكون الأسبق للحضور الى هنا..ألم ترى غداءا في حياتك؟..
قال ساخرا: بلى شاهدت.. ولكني اليوم هنا حتى أنغص عليك وقتك..
قالت مبتسمة: وكيف هذا؟
قال مبتسما بدوره: سأمنعك من تناول طعام الغداء..
قالت بمرح: وتتناوله أنت أليس كذلك.. يا للجشع..
قال وهو يتصنع الجدية : أتظنين بأنني امزح.. كلا.. هيا اذهبي الى غرفتك .. لن تتناولي شيئا هذا اليوم..
قالت وهي تتطلع اليه باستخفاف: حقا أرعبتني كثيرا.. ابتعد عن طريقي والا ندمت..
عقد ساعديه امام صدره وقال وهو يتعمد الوقوف في وجهها: وإذا لم أفعل..
قالت بسخرية: ستحصل على هذا....
قالتها وركلت قدمه وأسرعت تجري مبتعدة عن المكان.. فهتف هشام بها قائلا: سأريك يا وعد..
ضحكت بمرح وهي تتجه الى المطبخ.. الى حيث والدتها التي قالت مبتسمة وهي تلتفت لها: ماذا جرى لك؟
قالت وابتسامتها المرحة لم تفارق شفتيها: لا شيء.. اخبريني يا أمي أتودين أي مساعدة؟..
اشارت والدتها الى الأطباق وقالت: أجل ضعيها على طاولة الطعام التي بالخارج..
حملت الأطباق بحذر واتجهت نحو الردهة.. حين سمعت صوت هشام يهتف بها: بامكاني دفعك حتى تسقطين أرضا وتتحطمين مع الاطباق ..
ابتسمت وقالت وهي تضع الاطباق على الطاولة وتستعد لتنظيمها: ويهون عليك ان تشوه هذا الجمال..
قال ساخراً: ربما تزدادين جمالاً مع بعض الرضوض.. او ربما تتأدبين ولا تتطاولين على من هم أكبر منك سناً حينها..
قالت بأسف مصطنع: معذرة يا جدي لم اعني ركلك بقدمي.. ذلك فقط حتى لا تتحداني مرة أخرى..
قال وهو يلتقط أحد الأطباق: ماذا تعنين بقولك هذا.. تظنين انني سأصمت على ما فعلتيه..
- وماذا ستفعل اذا؟..
- هذا..
قالها وبكل برود رمى بالطبق ارضاً..ليتحطم بدوي قوي وخصوصا مع أرضية
الردهة الرخامية..فأغلقت وعد عينيها بقوة وقالت بحدة: أيها المجنون..
اما والدة وعد فقد خرجت من المطبخ وهي تقول بخوف: ماذا حدث؟..
قال هشام وهو يشير الى وعد: لقد كسرت طبقا وهي تحاول ان ترميه نحوي..
صاحت وعد قائلة: لا تكذب يا هشام..
والتفت الى والدتها لتقول: انه يكذب هو من رماه أرضا متعمدا..
قالت والدتها بعصبية: لابد وانكما قد جننتما.. هيا نظفي ما تحطم..
هتفت وعد قائلة: امي اقسم هو من رماه.. وهو من عليه ان ينظف ال...
قاطعتها والدتها بغضب: هذا يكفي.. هيا نظفي المكان قبل أن يصل عمك..
انحنت وعد نحو الارض لتلتقط القطع المحطمة من الطبق وقالت وهي تتطلع الى هشام بنظرات غاضبة وحانقة: كله بسببك..
ابتسم وقال: هذا حتى تتعلمي من أخطائك..
تطلعت اليه بنظرة احتقار.. في حين مضى هو عنها وابتسامة انتصار تعلوا
شفتيه..وما ان انتهت من ازالة القطع المحطمة من الارض.. حتى ارتفع صوت
رنين جرس الباب.. فنفضت يديها فبل ان تتوجه الى الباب وتفتحه .. واتسعت
ابتسامتها وهي تقول مرحبة: اهلا بك يا (عماد).. مضى زمن طويل منذ أن
رأيناك آخر مرة..
قال بابتسامة هادئة: ليس طويلا الى ذلك الحد..
فتحت الباب بشكل أكبر وقالت مبتسمة: نفضل الى الداخل..
(عماد .. ابن خال وعد.. في التاسعة والعشرين من عمره.. لم يتزوج بعد
لانشغاله بالعمل في شركة والده.. يغلب عليه طابع الهدوء والرزانة.. ويبدوا
أكبر من عمره بسبب طريقة تفكيره..وسيم نوعا ما)
قالت وعد في تلك اللحظة: هل جئت وحدك؟
قال في هدوء:والداي سيحضران بعد قليل..
قالت متسائلة: كيف هي أحوال العمل؟..
- على مايرام.. ماذا عنك؟..هل وجدت عملاً؟..
قالت فجأة وكأنها قد تذكرت أمرا ما:صحيح نسيت أن أخبرك.. لقد وجدت وظيفة أخيرا..وقد تم قبولي فيها..
التفت لها وقال بابتسامة: مبارك يا وعد ..انت تستحقين الافضل دوما..
قالت بابتسامة مرحة: شكرا لك.. أخجلت تواضعي..
- وقد عملت في الصحافة كما كنت تطمحين.. صحيح؟..
أومأت برأسها وقالت: بلى فقد كانت هذه وظيفة أحلامي..
سألها قائلا: اين هي عمتي؟..
قالت وهي تشير الى المطبخ: كالعادة لا تبارح المطبخ ابدا..
قال في هدوء: عندما تتزوجين ستصبحين مثلها..
قالت في مرح: لا تجني علي أرجوك..لا أريد الزواج في حياتي وإذلال نفسي..
- انها سنة الحياة يا وعد..وأي فتاة لابد لها ان تتزوج يوما ما وتغادر منزل اهلها..
قالت مبتسمة: لا اظن ان هذا اليوم سيأتي قريبا..
كاد أن يهم بقول شيئا ما.. لكن وعد صاحت قائلة منادية والدتها: أمي لقد حضر عماد..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت بابتسامة واسعة: عماد كيف حالك يا بني؟
توجه نحوها وقال: بخير..كيف حالك أنت وحال عمي؟
قالت مبتسمة: بخير..أخبرني أنت الم تفكر بالزواج بعد؟
قال مبتسما: لم؟.. ألديك عروسا لي؟..
تطلعت الى وعد وقالت بابتسامة حالمة: عروسك موجودة..
شعرت وعد بالاحراج وقالت في سرعة محاولة التهرب من الموضوع: سأذهب الى غرفتي عن اذنكما..
قالتها واسرعت تمضي الى الطابق الاعلى..في حين هزت والدتها رأسها وقالت: هذه الفتاة لن تكبر ابدا..
قال عماد في هدوء: الفتيات في سنها يشعرون بالحيوية وبالطاقة التي تجعلهم
يبدون كالأطفال في تصرفاتهم..انه وضع طبيعي لكل فتاة في سنها..
قالت وهي تلتفت اليه: ولكن حقا.. الا تزال مصرا على عدم الزواج..
قال وهو يهز كتفيه: ما الذي يدعوني للعجلة؟
- وعد يا عماد لن تظل هكذا الى الابد.. إذ ربما يتقدم لها شاب وتقبل به..
او ربما تتعرف على أحدهم وتصر على الزواج به.. وعندها لن يمكننا فعل شيء
سوى الرضوخ لمطلبها...ففي النهاية هذه هي حياتها.. وهي من تقرر من ترتبط
به..
قال عماد في هدوء: اسمعيني يا عمتي.. أنا اعرف ان وعد لا تفكر بي كزوج
المستقبل.. من جانبي فأنا اراها فتاة أحلام أي شاب.. ولكن هي لا تراني
فارس احلامها..
قالت والدتها متسائلة: لو ناقشتها بالموضوع ووافقت على فكرة الزواج بك..هل ستتقدم لها حينها رسميا وتتزوجها..
قال مبتسما: بالتأكيد..وعد فتاة يتمناها أي شاب.. ولكن...
بتر عبارته وصمت فاستحثته والدة وعد قائلة: لكن ماذا؟
قال في هدوء: لا تفتحي معها الموضوع الآن دعيها تفرح بوظيفتها الجديدة.. لا اريد أن اكون سببا في ضيقها..
قالت باستنكار: أي كلام تقوله؟..الزواج بك اصبح يسبب الضيق.. يجب عليها أن ترقص من السعادة لأنها سترتبط بشاب مثلك..
قال عماد وهو يمسك بكتفها: ارجوك يا عمتي من أجلي..
قالت وهي تزفر باستسلام: كما تشاء..
*********
استبدلت وعد ملا بسها في سرعة وتطلعت الى نفسها في المرآة بعد أن
انتهت..كانت ترتدي فستانا أزرقا بلون السماء الصافية..وربطة شعر من اللون
ذاته..ربطت بها بعض من خصلاتها لتترك الباقي ينسدل على كتفيها..ولم تنسى
ارتداء قلادة تحتوى على حجر كريم يشبه لون الفستان الى حد ما..وكادت أن
ترتدي حلقها لولا ان سمعت طرقات على الباب..فتطلعت الى الباب بنظرة سريعة
وقالت: من؟
جاءها صوت فتاة تقول: ومن غيري؟
اسرعت وعد تفتح الباب وقالت بسعادة: (فرح) هذه أنت..
قالت فرح مبتسمة وهي تدلف الى الداخل: أجل ..كيف حالك يا ايتها الصحفية المستقبلية؟..
قالت وعد بفخر: لم أعد كذلك..انني ومنذ الغد سأكون صحفية حالية..
قالت فرح بدهشة: أحقا ما تقولين؟
اومأت وعد برأسها وقالت بسعادة: اليوم تم قبولي في صحيفة الشرق (اسم وهمي)..
قالت فرح وهي تمسك بكفي وعد بسعادة: مبارك يا وعد..انا سعيدة لأجلك..
ضحكت وعد بمرح وقالت: وأنا كذلك..
سألتها فرح قائلة: اخبريني يا وعد هل شاهدت هشام؟
تبدلت ملامح وعد الى الحنق وقالت: اياك ان تتحدثي معي عن شقيقك هذا..
ضحكت فرح وقالت: ولم؟.. ما الذي حدث بينكما مؤخرا؟..
قالت وعد بضيق:اسأليه هو؟
- سأفعل ولكني لم اعثر عليه بالمنزل..
- أتمنى أن يكون قد رحل..
قالت فرح مبتسمة: لم تكرهين شقيقي؟
(فرح هي شقيقة هشام.. في الواحد والعشرين من العمر..مرحة ولطيفة..رقيقة
المشاعر والاحاسيس..لكنها خجولة ومنطوية على نفسها ..جميلة بملامحها
النقية الخالية من أي مستحضرات للتجميل..لون شعرها وعينيها بنيان وهي تشبه
في ذلك هشام)
قالت وعد في سرعة: لا أكرهه.. ولكنه يغيظني بأفعاله..
قالت فرح فجأة: آه..نسيت أن أخبرك الغداء جاهز بالأسفل ولقد طلبوا مني أن أستدعيك..
قالت وعد بمرح: تستدعيني.. ومكثت معي.. فلنمضي قبل أن يرسلوا من يستدعيك أنت الاخرى..
قالتها وخرجت من الغرفة وتبعتها فرح ..وقالت هذه الاخيرة: لقد شاهدت عماد بالأسفل.. لقد جاء مبكرا اليوم على غير عادته..
قالت وعد مبتسمة: عماد دائما يأتي في موعده..
قالت فرح مبتسمة وهي تهبط مع وعد على درجات السلم:ما هذا ؟..مديح لعماد..وذم في هشام..كلا أنا لا اقبل..
( من هذا الذي يذمني؟)
قالها هشام وهو يتطلع اليهما من أسفل الدرج.. فقالت فرح مبتسمة: هشام.. اين كنت؟
قال بلامبالاة: ذهبت لأتمشى قليلا في الحديقة الخلفية.. لم تخبريني من هذا السخيف الذي كان يذمني؟
قالت وعد في حدة: أنا.. ماذا ستفعل؟
قال ساخرا: يبدوا وانك قد عرفت أخيرا قدر نفسك وانك فتاة سخيفة..
قالت بسخط: لم يطلب أحدهم رأيك..
قالت فرح مبتسمة: ما بالك يا وعد .. هشام يمزح معك..
قالت وعد بضيق: دمه ثقيل..ومزاحه سخيف..
مال نحوها هشام وقال مبتسما: هل غضبت مني حقا؟..انني امزح معك لا غير..انت الأعلم بمعزتك لدي..
التفت اليه وكادت ان تهم بقول شيئا ما ولكن ابتسامته اذابت الغضب التي
تحمله بداخلها فلم تستطع الا ان تبتسم وتقول ولكن مع القليل من العناد:كلا
لا أعلم .. وخصوصا وانك جعلتني انظف المكان بسبب ما فعلته انت..
قال وهو يغمز لها بعينه: لا عليك سأنظف أنا المنزل بأكمله في المرة القادمة..
قالت وابتسامتها تتسع: مع الحديقة الخارجية ايضا..
قال وهو يراها تمضي عنه: لا تحلمي كثيرا.. لقد كنت أمزح لا غير..
همست له فرح قائلة وهي تمضي الى جانبه: يبدوا وان وعد أنستك وجودنا..
قال مبتسما: اني اراك يوميا وبصراحة مللت من رؤية وجهك.. اما وعد فلا اراها الا يوم واحد في الاسبوع..
قالت بابتسامة خبيثة: مللت مني.. ام انها قد احتلت تفكيرك بالكامل.. حتى انك لم تعد ترانا..
قال بمكابرة: أي هراء تقولينه..
قالت بابتسامة وهي تميل نحوه: أَقسم بأنك لا تحمل لها أي من المشاعر في قلبك..
هز كتفيه وقال:هذا طبيعي لأنها ابنة عمي..
- انت تعلم ما أعنيه فلا تتغابى يا....
(فرح هيا ..ما الذي يوقفك هناك؟)
كانت وعد هي ناطقة العبارة السابقة.. فقال هشام محاولا التهرب من الموضوع: هيا اذهبي اليها إنها تناديك..
قالت مبتسمة بخبث: سأذهب..إليها..
قالتها وتوجهت نحو طاولة الطعام التي اجتمعت حولها العائلة..جلست هي الى
جوار وعد والى جوار الأولى جلس عماد..وابتسم هشام بابتسامته المرحة
المعتادة قائلا وهو يجلس على المقعد المواجه لوعد: بالتأكيد أعدت خالتي
طبقي المفضل..
قالت وعد ساخرة: بلى..حساء الضفادع على يمينك..
ضحكت فرح وشاركتها وعد الضحك..في حين اكتفى عماد بابتسامة واسعة.. وبغتة
تأوهت وعد .. فتوقفت فرح عن الضحك والتفت لها قائلة: ماذا بك؟
قالت وهي تطالع هشام بنظرة غاضبة: لا شيء ولكن احدهم لا يزال يود أن يجرب عينة أخرى من ركلاتي..
قالتها وهي تدوس على قدم هشام..الذي داس على قدمها منذ لحظات حتى يوقفها عن الضحك..فقال هشام مهددا: ستندمين يا وعد..
أخرجت له لسانها وقالت: لن يمكنك فعل شيء..
قالتها وضحكت بمرح.. فهتفت بها والدتها قائلة: تأدبي ياوعد..وكفاك ضحكا .. احترمي وجودك معنا..
احست وعد بالحنق .. خصوصا وهي ترى نفسها في موقف محرج امام الجميع..وقالت وهي تعبث في طبقها: حسنا..
في تلك اللحظة لم تنتبه وعد الى نظرات هشام المعلقة بها..والذي كان يتطلع اليها بنظرات تملؤها الحنان....

* * * * * *
ما ان انتهى عماد من تناول طعام الغداء...حتى قال: اعذرني يا عمي واعذريني أنت أيضا يا عمتي.. فعلي ان اغادر الآن..
قالت والدة وعد باستنكار: ماذا تقول يا عماد؟.. لم تأتي الى المنزل الا قبل ساعة..اننا لا نراك الا في هذا اليوم..
قال بابتسامة هادئة: معذرة يا عمتي.. ولكن لدي من الأعمال الكثير ولو أجلتها إلى الغد أيضا..فلن انهيها أبدا..
التفت اليه وعد وقالت باستنكار: صحيح يا عماد لا يزال الوقت مبكرا..
نهض من على مقعده وقال: ان الجلسة معكم لا تُمل..ولكنه العمل الذي لا يرحم أحدا..
واردف مودعا: أراكم بخير الاسبوع القادم..الى اللقاء جميعا..
قال والد وعد: صحبتك السلامة يا بني..
غادر مكانه من على الطاولة وما ان مر الى جوار وعد حتى قال هامسا: كان بودي البقاء أكثر..
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تلتفت اليه.. وبادلها هو الابتسامة.. وهنا ظهرت
علامات الضيق على وجه هشام.. وما ان غادر عماد المنزل حتى لم يتمالك هشام
نفسه وقال بعصبية هامسة: ماذا قال لك؟
رفعت وعد حاجبيها بدهشة مصطنعة وقالت: من؟
قال بحدة: عماد..ومن غيره..
هزت كتفيها وقالت: ماذا قال؟..
انفعل قائلا: انا من يسألك..
تدارك نفسه عندما شاهد عيون الجميع تلتفت اليه وتتطلع له بدهشة.. فنهض من مكانه وقال: عن اذنكم..
قالها وغادر المكان .. فهمست فرح لوعد قائلة: لماذا تفعلين هذا؟..
ابتسمت وعد وقالت: وما شأنه هو بما قاله لي عماد..
قالت فرح بضيق: عندما ترينه راغبا في معرفة شيء عنك.. تصرين دوما على اللف والدوران..
قالت وعد بمرح وهي تنهض من مكانها: خصوصا مع شقيقك هذا..
وأردفت وهي تتطلع الى ساعتها: تعالي معي الى غرفتي.. اريد ان اريك شيئا..
قالت فرح باستغراب: شيء.. وما هو؟
ضحكت وعد وقالت: تعالي وسترينه بنفسك..
تبعتها فرح الى الطابق الاعلى وهي تدلف خلفها الى غرفة وعد..وهناك قالت فرح بحيرة: والآن ماذا؟
اشارت لها وعد بأن تتبعها الى النافذة وقالت مبتسمة: انظري..
تطلعت فرح من النافذة لتشاهد شقيقها هشام يتطلع الى نافذة غرفة وعد وما ان
شاهدهما يتطلعان اليه عبرها.. حتى ابتعد متوجها الى الحديقة الخلفية
للمنزل.. فقالت فرح بدهشة: أهذا ما كنت تريدين أن تريني اياه..
قالت وعد بابتسامة واسعة: بالتأكيد لا..لقد شاهدت شقيقك ذاك يخرج وهو غاضب وعلمت انه سيتطلع إلى نافذة غرفتي..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: وهل هذا يدعو الى السخرية؟..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها بدهشة: من قال انني اسخر منه.. ولكني استغرب ما
يفعله كل مرة عندما يغضب او يتظايق.. لا اراه الا يتطلع الى نافذة غرفتي
من الحديقة..
قالت فرح وهي تمط شفتيها: أأنت بلهاء يا وعد؟
ضحكت وعد وقالت: ربما ..تعالي سأريك هذه الاوراق الخاصة بتوظيفي ..
- اتعلمين انك فتاة ذات مزاج رائق..
- انا هكذا .. حسنا يافرح.. كنت سأمنحك ما اشتريته لك وانا في طريقي الى هنا..
قالت فرح بابتسامة: احقا؟..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: لا تحلمي ..لن امنحك اياه.. انا ذات مزاج رائق عندما اطلب منك أن تشاركيني فرحتي..
قالت فرح وهي تقترب من وعد: كفاك دلالاً واخبريني ..ماذا جلبت لي؟..
قالت وعد وهي تشيح بوجهها عنها: لا تحلمي.. لن اخبرك..فلتموتي قهرا..
- تبا لك يا وعد..سأريك..
ضحكت وعد وقالت: وماذا ستفعلين؟
قالت فرح بخبث: سأخبر هشام بأنك تتحدثين مع شاب على الهاتف..
قالت وعد مبتسمة: مع إنها إشاعة لكن أخبري والدي أفضل بألف مرة من إخباره هو.. لا استبعد أن يرميني انا والهاتف من النافذة..
قالت فرح وهي تتصنع التفكير: ويرميني انا خلفكما..
قالت وعد وابتسامتها تتسع: ويظل هو دون إصابات او حتى....
بترت وعد عبارتها اثر طرقات على الباب وتوجهت نحو الباب لتقول بصوت يغلب عليه الملل:من؟
جاءها صوت هشام يقول: انه أنا..
قالت وعد بابتسامة قبل أن تفتح الباب: ليتنا تحدثنا عن سيارة..
قالت فرح مبتسمة: أنا أفضل قلادة من الماس..
فتحت وعد الباب في تلك اللحظة وقالت وهي تتطلع الى هشام بملل: ماذا تريد؟
قال ساخرا: من قال انني جئت من أجل ان ارى وجهك المخيف.. لقد جئت لشقيقتي الفاتنة..
التفتت وعد الى ما خلفها وقالت: ايتها الفاتنة.. وحش كاسر يريدك على الباب..
قال هشام وهو يتطلع اليها: تأدبي يا وعد..
أخرجت له لسانها لتغيظه.. في حين قالت فرح وهي تتقدم منه: ما الامر يا هشام؟
- سنذهب الى المنزل..
قالت فرح بدهشة: بهذه السرعة؟؟
قال وهو يهز كتفيه: اريد العودة الى المنزل..ووالداك سيغادران الى احد
محلات الأثاث ومنها الى المنزل.. لا يوجد أحد ليوصلك الى المنزل سواي..
قالت بضجر: لكن الساعة لم تتجاوز الخامسة.. ابقى يا هشام ساعة واحدة فقط..
قال مستهزئا: أحقا؟.. ساعة واحدة فقط.. كما تشائين يا سيدتي..ألا تريدين البقاء حتى الغد.. أفضل اليس كذلك؟
قالت مبتسمة: بلى أفضل بكثير..
هتف قائلا بحدة: هيا..احملي حقيبتك وسنمضي.. واياك والتفوه بكلمة زائدة..
قالت فرح بحنق وهي تعود لتدلف الى داخل غرفة وعد لتجلب حقيبتها: حاضر..
قالت وعد بحنق وهي تتطلع الى هشام: من تظن نفسك.. لم تصرخ في وجهها هكذا..
قال ببرود: أصمتي يا وعد وإلا علقتك على باب المنزل..
عقدت ساعديها امام صدرها وقالت: أحقا كيف؟ .. ارني.. اريد أن ارى قوتك يا ايها الملاكم..
أمسك بشعرها وشدها منه وهو يقول: ألا تصمتين؟
قالت وهي تبعد يده في خشونة: ابعد يدك يا هذا والا قطعتها لك..
قال هشام بحدة: ليس لدي البال الرائق للحديث معك والا كنتِ في عداد الموتى الآن و...
صاحت فرح مقاطعة اياهما: يكفي..يكفي.. ألا تشعران بالملل من كل تلك المشاجرات..
قال هشام مستفزا: ابدا..
التفتت فرح الى وعد وقالت: وأنت..ألا تأتين الى منزلنا.. لأن شقيقي التافـ....اعني العزيز.. يريد أخذي الى المنزل الآن..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: اذهبي هيا.. تريديني ان آتي وشقيقك هذا هناك..
قال هشام وهو يرفع حاجبيه: ان كنت لا تعلمين لا ازال واقفا.. فلا تتحدثي عني بسوء..
قالت بلامبالاة: وهل أخشى منك أنا؟..
قالت فرح برجاء: وعد.. ارجوك.. لم نجلس معا الا قليلا..
قالت وعد مبتسمة: أعدك أن احضر ولكن ليس اليوم.. غدا اولى ايام بالعمل.. اريد تهيئة نفسي..
قال هشام ساخرا: تعني تريد تجهيز أي ملابس سترتدي.. واي حقيبة ستحمل..
قالت وعد متعمدة اغاظته: لا شأن لك..سأرتدي أكثر ملابسي روعة وأناقة..
- سيظنون انك ذاهبة الى حفلة.. لا تجعلي نفسك أضحوكة منذ اليوم الاول..
قالت وعد بغضب: اذهب فورا ايها المزعج.. لا اريد ان أراك هنا..
قال بسخرية اكبر: هذا الممر أملاك عامة..ليس من حقك طردي..
واردف بابتسامة وهو يميل نحوها: سأرحل كما ترغبين يا ايتها الجميلة..أراك الاسبوع القادم..
قالت بغرور: سأتغيب الاسبوع القادم عن الغداء..حتى اتخلص منك..
قالت فرح في تلك اللحظة بملل وهي تتثاءب: إذا أكملتما هذا المسلسل أخبراني..
ضحكت وعد وقالت: لن ينتهي ابدا.. فلا تتعلقي بآمال واهية..
ابتسم هشام وقال: هيا يا فرح ..
وهمس لوعد قائلا: لن ينتهي المسلسل الا بزواجنا..
دُهشت وعد لوهلة ثم ما لبثت أن قالت وهي تعود الى داخل الغرفة: لا تحلم كثيرا.. فتصدق نفسك..
غادر هشام مع فرح المنزل ولم ينسى إلقاء نظرة أخيرة على نافذة الطابق العلوي.. نافذة غرفة وعد....
* * * * * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:25 am

*الجزء الثاني*
(ماذا قد يحدث باليوم الأول لها؟)


ابتسمت وعد بشرود وهي تلمح الساعة التي كانت تشير عقاربها الى السابعة
والنصف صباحا..اليوم هو اليوم الاول لها في عملها في جريدة الشرق.. ترى
كيف سيكون هذا اليوم بالنسبة لها.. وأي انطباع ستأخذ عن مكان عملها..
يقولون ان الانطباع الأول هو أهم من أي انطباع قد يأخذه الشخص في أيام
قادمة.. لأن الانطباع الاول يبقى في ذاكرة الشخص.. وبه يحدد إن كان هذا
المكان جيدا ام لا..
كانت وعد في شدة أناقتها هذا اليوم..كانت تبدوا كالملاك وهي ترتدي ذلك
البنطال الأبيض..وقميص ذا لون وردي هادئ.. يعلوه سترة بيضاء من النوع
القصير.. وشعرها الكستنائي مرفوع بأكمله بربطة شعر وردية اللون.. إلا من
خصلات تسقط على جبينها ووجنتيها بنعومة..
التقطت حقيبتها وهي تشعر بالتوتر ترى ما الذي ينتظرها هناك..اخذت نفساً
عميقا لتشعر بالقليل من الراحة.. ورسمت ابتسامة على شفتيها وان لم يغب
عنها التوتر..هبطت الى الطابق الأسفل وقالت بهدوء وهي تتوجه الى المطبخ
حيث والدتها: أمي أنا ذاهبة الآن..
سألتها والدتها قائلة: هل تناولت افطارك؟
أومأت وعد برأسها وقالت: عن اذنك الآن يا أمي..فيتوجب أن اكون في الصحيفة بعد نصف ساعة..
قالت والدتها بابتسامة: صحبتك السلامة يا بنيتي..
ابتسمت وعد وهي تغادر المكان الى خارج المنزل..وتتوجه نحو سيارتها
الحمراء..ولكن انعكاس في مرآة السيارة الجانبية جعلها تلتفت وتقول مبتسمة:
هشام.. ماذا تفعل هنا منذ الصباح؟..
خفق قلب هشام.. وعد اليوم تبدوا جميلة.. وجميلة جدا ايضا.. انه يخشى عليها
ان تذهب الى هناك وهي هكذا..لم ترتدي مثل هذه الملابس التي تزيد من جمالها
وهي ذاهبة الى العمل؟..أكان ذلك متعمدا؟.. ام انها...
وقطع أفكاره وهو يقول متجاهلا سؤالها: ما هذا الذي ترتدينه؟
قالت بسخرية: بنطال وقميص ان لم تكن ترى..
صمت عنها لأنه ليس له سلطة في التحكم بها ولكنه مع هذا ابن عمها ولا
يريدها أن تكون موضع لكل عين هناك..وقال في شيء من الحنق: عودي الى الداخل
واستبدلي ملابسك..
ضحكت وقالت: في أحلامك..لقد بقيت ساعة كاملة وأنا اختار ملابسي..
قال وهو يبتسم بالرغم منه: انتبهي لنفسك.. واخبريني بما يحدث معك هناك..
قالت وهي تلوح بكفها: إن وجدت الوقت الكافي.. مع السلامة..
قال في سرعة: الا ترغبين ان أوصلك؟
- لدي سيارة ان لم تعد ترى هذا ايضا..
دلفت الى السيارة وانطلقت بها.. وعينا هشام اللتان تراقبها..وتتطلع اليها بابتعادها.. كانت تحمل حنان العالم كله..
* * * * * * * *
وصل عماد الى عمله في شركة والده قبيل وقت العمل بربع ساعة..وما ان فعل
حتى رن هاتفه المحمول بغتة.. فتطلع الى الرقم قبل أن يجيبه قائلا: أجل يا
أمي.. ما الامر؟
استمع الى والدته التي كانت تتحدث في موضوع ما جعله يشعر بالضيق ويضطر لأن
ينهي المكالمة قائلا: حسنا .. حسنا .. سأرى الأمر عندما أعود.. أنا منشغل
اليوم.. الى اللقاء..
اغلق الهاتف وهو يزفر بحدة .. لم هم يهتمون هكذا الى هذا الامر.. ان تزوج
او لم بتزوج.. ان ظل عازبا ام لا.. هل تعدى سن الأربعين حتى يحدث كل هذا..
فليتركوه وشأنه..
والدته كانت تتحدث اليه عن احدى الفتيات التي تنوي أن تخطبها له..عن طريق
احدى صديقاتها.. وهو لن يقبل بفتاة مادام لم يشعر نحوها بأية مشاعر.. لا
يريد الزواج هكذا دون ان يكون له حتى العلم بشخصية هذه الفتاة..
انه يعترف بأنه معجب بوعد.. إعجاب بشخصها ليس الا..ولكنه لم يصل الى مرحلة
ان يكون ما يحمله لها عبارة عن مشاعر قوية لا تنفصم..لكن لو كانت وعد
توافق عليه كزوج.. هو سيقبل بالزواج بها.. لأنه يحمل لها الإعجاب.. ومع
الوقت قد تتولد المشاعر بينهما..
كان هذا ما يشغل ذهن عماد وهو مستغرق بعمله..
ترى ما الذي يخبأه لك القدر يا عماد؟..
* * * * * *
ما ان وصلت وعد إلى مبنى الصحيفة.. حتى زاد توترها أضعافا..وخصوصا عندما
وطأت قدماها ارض ذلك المبنى..وتطلعت الى المكان في شيء من الشرود.. هذا هو
الطابق الأرضي ويحمل مكتب الاستقبال..ومقاعد للانتظار ودورات مياه..
توجهت بخطاً ثابتة الى مكتب الاستقبال وسألت الموظف قائلة: من فضلك يا سيد.. في أي طابق توجد مكاتب الموظفين ؟
اجابها قائلا:بالطابق الثاني والثالث..اي قسم ترغبين بالذهاب اليه يا آنسة..
تحدثت وعد الى نفسها قائلة( وما أدراني انا..بأي قسم سأباشر عملي)
وأجا بته بارتباك: أظن انه قسم شؤون الموظفين..
كانت وعد تدرك ان هذا القسم مختص بتوظيف الايدي العاملة..ولهذا قد تعلم من هناك بمكان عملها..
وهنا اجابها الموظف قائلا: الطابق الثاني اذا..
شكرته وتوجهت نحو ركن المصاعد.. حيث استقلت واحدا الى الطابق الثاني وما
ان وصل المصعد وخرجت منه الى الطابق حتى اصطدمت بها سيدة كانت تنوي الدخول
الى المصعد وهي تحمل مجموعة من الاوراق.. وقالت تلك السيدة بلا مبالاة:
معذرة..
واصلت السيدة طريقها الى داخل المصعد في حين استغربت وعد هذه الفوضى
الحادثة بالطابق الثاني على عكس الطابق الأرضي الذي كان يتسم بالهدوء..شخص
يدخل هنا ليخرج آخر من هناك.. وآخر يرسل أوراق الى مكتب.. ليحمل غيرها الى
مكتب آخر..يبدوا ان هذا المكان سلسلة اعمال لا تنتهي.. ترى هل سأستطيع أن
اندمج مع كل هذا..
سارت في طريقها بهدوء باحثة عن قسم شؤون الموظفين..وهي تدلف في احد
الممرات لتتجه يمينا ومن ثم تبحث من جديد.. وأخيرا وجدته.. دلفت الى
الداخل وسألت اول من وقعت عليه عيناها: من فضلك يا سيد..انا موظفة جديدة
هنا.. اريد أن اعرف في أي قسم سأعمل..
التفت اليها وتتطلع اليها للحظة قبل ان يقول: بطاقتك الشخصية وقرار تعيينك هنا من فضلك..
سلمته ما يريد فبحث في سجلات الموظفين الجدد في سرعة قبل ان يقول: قسم الصفحة الرئيسية..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. ستكتب بالصفحة الاولى.. يا لي من محظوظة.. وقالت : شكرا لك..
اسرع يقول: ستجدينه بعد مكتبين من هنا..
أومأت برأسها وهي تبتعد عنه.. تطلعت الى المكاتب من حولها الى ان شاهدت
القسم الذي تحدث عنه ذلك الموظف.. دلفت الى الداخل وشاهدت ثلاث مكاتب
فقط.. مكتب تجلس عليه سيدة تبدوا في الثلاثين من العمر.. وآخر يجلس عليه
شاب منهمك في عمله حتى انها لا تستطيع ان تلمح وجهه.. وآخر مكتب كان خاليا
.. وان توجد عليه بعض الملفات والأوراق المبعثرة توحي بأنه لأحدهم..
عقدت حاجبيها.. إذا أين اجلس أنا؟.. توجهت نحو السيدة لتستفسر منها الأمر
قائلة: من فضلك .. انا موظفة جديدة هنا واريد ان أسألك بشأن....
قاطعتها المرأة قائلة: لا شأن لي..اسألي الاستاذ (طارق)..
مطت وعد شفتيها وتوجهت الى ذلك الشاب الذي لم يرفع عينيه حتى ليرى من
القادم وقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: من فضلك يا سيد.. لقد وظفت حديثا في
هذا القسم وأريد أن أسأل اين هو المكتب الذي سأجلس عليه حتى أباشر عملي
منه..
رفع رأسه عن مجموعة من الأوراق كان منهمكا بالعمل عليها.. وقال ببرود وهو يلتفت لها: وما شأني أنا..
توتر شديد أصاب وعد وهي تتطلع إلى هذا الشاب.. شعرت بجفاف حلقها واضطراب
في أنفاسها ..ترى ما الذي حدث لي.. أكل هذا لأنه وسيم.. لا.. أقل ما يمكن
أن يقال عنه هو أنه وسيم.. انه شديد الوسامة.. وخصوصا مع عينيه العسليتين
اللتان تحملان برودا لم أرى مثيلا له..وشعره البني القاتم الذي يميل الى
السواد..وملامحه الرجولية التي تشعر أي شخص يراه.. بحزمه وصرامته..
انتشلت نفسها من أفكارها ووجدت نفسها تقول بتوتر: ماذا تعني يا سيد؟.. اين أجلس أنا اذا؟..
عاد ليلتفت عنها ويقول: اسألي من قام بتوظيفك هنا..
عقدت حاجبيها وهي تتطلع إليه.. أيمزح.. ام انه لا يُحمل نفسه عناء
الاهتمام بأحد هنا..مغرور..كان هذا هو انطباع وعد الأول عن طارق هذا..
لم تعلم ما تفعله.. وهي واقفة مكانها غير عالمة الى أي مكان تذهب..وتطلعت
الى المكتب الذي يجاور مكتب طارق والذي كان خاليا وقالت متحدثة الى طارق
ببرود: حسنا.. هل يمكنني الجلوس على ذاك المكتب ريثما أجد حلا لهذا..
لم يجبها..ولم يهتم حتى بالإجابة.. فمطت شفتيها في حنق...اي شاب هو هذا.. أكثر برودا من الجليد نفسه..كيف يحتمله الموظفون هنا..
اتجهت لتجلس على المكتب الخالٍ..أي يوم هو هذا.. لقد كنت سعيدة بالأمس على
توظيفي في هذا المكان.. والآن أتمنى لو وظفت في أي مكان غير هذا.. انهم
حتى لا يأبهون بأمر أي موظف جديد هنا..
شعرت بالملل وهي تتطلع الى ساعة معصمها بين حين وآخر.. ترى إلى متى سأظل
جالسة هكذا.. ترقب الداخل والخارج..وتتطلع الى الجميع وهم يعملون ما عداها
هي التي جالسة دون عمل أو...
قطع أفكارها صوت نغمة هاتفها المحمول وهو يعلن وصول رسالة.. تنهدت وهي
تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتطلع إلى تلك الرسالة المرسلة من
هشام..والتي كانت تقول..(ما هي آخر الأخبار؟)..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. يظنها قد باشرت العمل الآن وتعلم بآخر أخبار العالم..لو يدرك انها لم تجد حتى مكتب لتجلس عليه ..
أرسلت له رسالة تقول..(قم بشراء الصحف..فلن اقوم بتسريب اية معلومات)..
وما ان فعلت حتى سمعت صوت أحد الأشخاص وهو يدلف الى القسم قائلا: لقد ظننت
إنني قد استدعيت من قبل المدير حتى يخصم من راتبي لـتأخري بالأمس.. ولكن
حمد لله كان أمرا مختلف تماما..لقد...
بتر عبارته عندما لمح وعد تجلس خلف مكتبه.. وقال مبتسما وهو يلتفت لها: عفوا.. من أنت يا آنسة؟
قالت في هدوء: موظفة جديدة هنا..ولا أعلم اين أجلس حتى..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: لا عليك.. لقد تم استدعائي من قبل المدير لأجل هذا الأمر تحديدا..
قالت متسائلة: من أجل إحضار مكتب لي؟..
ضحك وقال: كلا من أجل تدريبك على العمل هنا.. وإعطائك فكرة عن المبنى..
وأردف وهو يغمز بعينه: أما عن المكتب فلا تقلقي..سأرسل احدهم في إحضار مكتب لك..
ابتسمت وقالت: شكرا لك..
لوح بكفه وقال: لا داعي للشكر يا آنسة..
واردف مبتسما: مع انني استحقه..
اتسعت ابتسامتها بالرغم منها.. فقال ذلك الشاب وهو يميل نحوها: أعرفك بنفسي..أحمد فؤاد..صحفي واكتب بالصفحة الرئيسية..
وأردف متسائلا: وماذا عنك يا آنسة.. لم تعرفيني بنفسك..
نهضت من خلف المكتب وقالت : وعد عادل.. صحفية وأكتب بالصفحة الرئيسية ايضا..
مد يده مصافحا وقال مبتسما: تشرفنا..
صافحته بهدوء فأردف قائلا: هيا.. فأمامنا تدريب طويل..
أومأت برأسها وهي تلتقط حقيبتها من فوق المكتب.. وقبل أن تغادر معه.. القت
نظرة مختلسة على طارق..ذلك الشاب البارد الذي استطاع ان يجذب انتباهها
له..
* * * * * *
(اعملوا بجد أكبر..لن ننتهي من موقع البناء هذا ان بقيتم متقاعسين هكذا)
قالها هشام وهو يتحدث الى العمال الذين يقومون ببناء تلك العمارة في احدى
المدن الكبرى بالدولة..وأردف وهو يضع كفه عند جبينه ليحمي عينيه من الشمس:
أريد الانتهاء منها قبيل الشهران القادمان..لا اريد أي تقاعس..
جاءه احد العمال وقال وهو يلتقط نفسا عميقا: سيد هشام.. نحن بحاجة للمزيد من الاسمنت..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه: أخبر المسئول عن هذا الامر بحاجتكم من مواد البناء..
قال العامل: لقد اخبرناه.. ولكنه يرفض..
- ولم؟
- يقول اننا نستخدم المواد بكميات كبيرة..بينما موقع البناء لا يحتاج الا لنصف هذه الكمية..
قال هشام في هدوء: سأرى الأمر وأتحدث الى المسئول بهذا الشأن..
وابتعد عن المكان ليتوجه الى سيارته..واتصل بالمسئول ليناقش معه
الأمر..وما ان انتهى.. حتى أغلق هاتفه وقال بملل: يا له من شخص صعب
المراس..
اسند رأسه الى مسند المقعد وهو يعود للتفكير.. ومحور تفكيره هو شخص واحد
أو فتاة واحدة على الأحرى.. وعد.. ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه المشاعر
تجاهك؟.. ما الذي يجذبني اليك؟..بماذا تختلفين عن باقي الفتيات؟..هل هو
عنادك؟.. ام مرحك وحيويتك؟.. رقتك أم عصيبتك؟.. لم أعد أعلم يا وعد سوى
أمر واحد فقط.. حتى وان لم تكوني تفهمينه..أو حتى تقدرينه وسترينه يوما
ما..انك الوحيدة التي استطاعت امتلاك اغلى ما أملك...استطاعت امتلاك
تفكيري وعقلي و...قلبي...
ولكن هيهات يا وعد.. هيهات أن أخبرك بما احمله لك من مشاعر حتى ولو انطبقت
السماء على الأرض..مادمت لا تفهمينها أو تشعرين بي حتى.. أعلم انك لا ترين
أمامك سوى ابن عم فقط.. ابن عم ولا شيء آخر..ولكني سأنتظر.. سأنتظر حتى
ترين حبي هذا وتبادلينه بحب أقوى منه يوما ما..
لن استسلم.. قبل أن أرى الحب يلمع في عينيك.. والهيام تعبر عنه شفتاك.. لن
استسلم حتى تبادليني هذا الحب يوما.. هذا وعد أقطعه على نفسي.. ولن أخلف
بوعدي هذا مهما حدث....
ترى أأنت محق فيما تقوله يا هشام..هل ستتمكن من أن تجعل وعد الصلبة
والعنيدة تبادلك حبا بآخر؟..من جانبي فأنا ارى نسبة النجاح ضئيلة.. ولكن
من يدري فلندع الايام هي من تحكم...
* * * * * *

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:25 am

كانت
وعد تستمع الى أحمد باهتمام والذي كان يشرح لها طريقة استعمال الكاميرا
لتصوير مختلف المناطق ومن مختلف الجهات..واختلاف الوقت أيضا.. وقال وهو
يشير الى احد الأزرار بالكاميرا الديجتال (digital): عندما تضغطين على هذا
الزر يا آنسة وعد..سوف تقوم الكاميرا بأخذ فترة معينة .. خمس ثوان
مثلا..حتى تقوم بالتصوير وهذا يسمح لك بضبط وضع الصورة بطريقة افضل.. أو
أن تقومي بتصوير نفسك مع ما ترغبين بتصويره..

قالت مبتسمة: هل عملي سيكون مقتصرا على التصوير؟
قال مبتسما بدوره: بالتأكيد لا .. لم نطلب في الوظيفة مصورا فوتوغرافيا..لكن تعلمين أهمية الصور مع أي خبر أو حدث..
اومأت برأسها وقالت: بلى أعلم..فقد تجذب الصورة الشخص لقراءة الخبر بالصحيفة..
- أجل ولهذا ينبغي أن تكون واضحة ومعبرة..
- أفهم هذا..
قال أحمد وكأنه لم يستمع الى عبارتها السابقة: والآن انت تعرفين بما يتعلق بالمقال الذي ستكتبينه بعد كل حدث وما يحتويه..من...
قاطعته مبتسمة وهي تكمل: من عنوان وتاريخ.. الوقت والمكان.. إضافة جميع الأمور الهامة ولكن بصورة مختصرة وغير غامضة.. أليس كذلك؟
قال مبتسما: ياه.. هل كلامي سهل الحفظ إلى هذه الدرجة؟
قالت وابتساماتها تتسع: بل أنا من لدي القدرة على استيعاب الحديث وحفظه في سرعة..
قال وهو يغمز لها: هذا واضح..
صمتت للحظات ومن ثم قالت: هل لي بسؤال؟
- بالتأكيد..
أدارت الأمر في رأسها طويلا ومن ثم قالت: أتعرف الأستاذ طارق منذ فترة؟
قال بحيرة: بلى منذ ثلاث سنوات.. لم؟
قالت وهي تعقد حاجبيها: لا لشيء..
ولكني أحسسته غريب الطباع.. هادئ بشكل كبير الى درجة تجعله اقرب الى
البرود.. لا يهتم بأحد ولا يفكر إلا بنفسه..

قال مبتسما: معك حق في كل ما قلتيه..
ولكن أضيف الى هذا انه ذا قلب ابيض ومتعاون الى ابعد الحدود.. لن يتأخر
على مساعدة أي احد لو طلب منه ذلك او حتى لو لم يطلب .. لكنه مع هذا صارم
وحازم في تصرفاته.. تجبر الجميع على احترامه..

قالت وعد وهي تمط شفتيها: اعتقد بأنه شاب مغرور..
هز أحمد كتفيه وقال: الجميع اعتقد هذا في البداية.. ولكن صدقيني ستعرفين مع الوقت معدنه الحقيقي..
ومن ثم قال وهو يتطلع الى ساعة معصمه الفضية: هيا فلنصعد الى الطابق الأعلى.. فقد انتهى تدريبك لهذا اليوم ولنا لقاء بالغد..
قالت في هدوء: أشكرك.. ومعذرة ان كنت قد تسببت في إزعاجك..
قال مبتسما: ولو.. أنا دائما في الخدمة..
فكرة بسيطة التقطتها وعد عن أحمد.. شاب
نشيط وجاد في عمله.. لكنه في الوقت ذاته يتميز بروحه المرحة التي تذيب
الحواجز بينه وبين أي شخص يراه لأول مرة.. وتظن انه في الثلاثينيات من
عمره أو أصغر بقليل..

وقال أحمد في تلك اللحظة مقاطعا لأفكارها وهما يستقلان المصعد: نسيت أن أخبرك.. أن طارق هو الصحفي الأكفأ تقريبا في هذه الصحيفة..
التفتت له وقالت بدهشة: أحقا؟
أومأ برأسه وقال وهو يضغط على زر
الطابق الثاني: أجل.. والجميع يحاول أن يصل الى ما وصل اليه هذا الشاب
الذي يلقبه الجميع هنا بـ"الجليد المتحرك"..

قالت وعد مبتسمة: حقا هو كذلك..
قال أحمد وهو يلتفت لها: صدقيني مادمت لا تعرفينه جيدا فسوف تحكمين عليه بشكل خاطئ..
هزت وعد كتفيها في لا مبالاة.. ووصل
المصعد في تلك اللحظة الى الطابق الثاني..فخرجت وعد منه يتبعها أحمد..
ودلفا الى مكتب الصفحة الرئيسية..وهذا الأخير يقول: غدا سنكمل باقي
التدريبات وسأعرفك على المراحل التي يمر فيها الخبر أو الموضوع قبل نشره..

أومأت وعد برأسها.. وهي تتجه لتجلس خلف مكتبها الذي كان يتوسط مكتب أحمد وطارق بينما يقابله مكتب السيدة التي تدعى (نادية)..
والتقطت قلم حبر جاف وخطت فوق إحدى
الأوراق الموجودة أمامها أول شيء خطر في ذهنها.."الجليد المتحرك"..
وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها..وهي تقرأ هذه العبارة مرارا وتختلس
نظرات متفرقة وغير ملحوظة الى طارق..

وبغتة..انطلق رنين هاتفها المحمول..
فأسرعت ترسم خطوطا على العبارة حتى تخفيها وتمنع أي شخص من ملاحظتها..
والتقطت هاتفها لتتطلع الى الرقم قبل أن تجيبه قائلة بابتسامة واسعة: أهلا
هشام..

قال هشام ببرود: ما هذا؟ أتخشين على فاتورة الهاتف لهذه الدرجة..ان كنت كذلك فسأدفع أنا قيمة فاتورة هذا الشهر..
ابتسمت وعد بمرح وقالت: لم؟.. مع إني أرحب بفكرة ان تدفع عني أنت فاتورة هذا الشهر..
قال مستاءا: ألم اطلب منك لاتصال بي وإخباري بكل ما يستجد؟..
- أجل.. وأخبرتك أنا إني سأفعل ان وجدت الوقت الكافي..
- وما الشيء الهام الذي كان يشغل وقتك ويمنعك من الاتصال بي؟..
قالت وعد مبتسمة: أنا الآن صحفية..
وهذا يعني انني سأكون على انشغال تام.. فقد كنت أتدرب على إعداد التقارير
وتصوير المناظر المختلفة...

- أحقا ؟..اذا يمكنك اعداد تقرير عن المبنى الذي وضعت الرسوم الهندسية له وأشرف على بناءه الآن..
- كلا..لا تحرجني.. لا أريد أن أكون موضع للنقد والشتم بعد أن يسقط المبنى..
قال هشام مبتسما: ولم كل هذا التفاؤل؟..
ضحكت وعد بخفة وقالت: حتى تعلم انني أخشى على مستقبلي المهني من....
(كفاك إزعاجاً هنا)
كانت هذه العبارة كافية لأن تصمت وعد
وترغمها على ابتلاع كلماتها التي كانت على طرف لسانها منذ قليل..والتفتت
الى مصدر الصوت لتتطلع الى ناطق العبارة السابقة.. ودُهشت..بل ذُهلت عندما
شاهدت انه طارق نفسه!..

وسمعت صوت هشام عبر الهاتف وهو يقول مستغربا صمتها: وعد ألا زلت على الخط؟..وعد..
انهت وعد المكالمة دون ان ترد على هشام حتى..وأغلقت الهاتف دون ادراك منها..قبل أن تلتفت الى طارق وقالت بصوت يمتلئ بالدهشة: ماذا؟
قال طارق بصرامة وببرود شديد في الوقت
ذاته : عليك ان تعلمي انه مكان للعمل.. وليس للمحادثات الشخصية..انك
تزعجيننا وتمنعينا من مواصلة العمل بهدوء..

تطلعت اليه وعد ودهشتها تتفاقم من هذه
اللهجة الصارمة وهذه الكلمات القاسية التي قالها لها منذ قليل..دون ان
يتحلى بقواعد الأدب في الحديث معها مع انها تراه وتتحدث اليه للمرة
الثانية وحسب..من يظن نفسه؟..مغرور..

وقالت وهي تنهض من خلف مكتبها: عن إذنكم..
قالتها وابتعدت خارجة من المكتب.. في
حين أحس أحمد بالموقف المحرج الذي وضعت وعد فيه والذي لم يكن له أي داعي
من الأساس..وقال مخاطبا طارق: لماذا تحدثت إليها بهذه الطريقة؟..

قال طارق وهو يعود للتركيز في عمله: أي طريقة؟
قال أحمد بهدوء: انها موظفة جديدة هنا.. ولم تعرف بعد الا القليل عن هذا المكان.. فلم تكون قاسيا وتتحدث اليها هكذا..
- حتى تفهم..إنها في مكان للعمل..ولن أسمح لأي شخص هنا بالاستهتار في عمله..
- ولكنها لم تعتد المكان بعد.. ثم لا عمل لديها بعد هذا التدريب الذي خضعت له هذا اليوم..
لم يعلق طارق بل اكتفى بنظرة باردة ألقاها على أحمد وعاد لمواصلة عمله..وهز أحمد رأسه اعتراضا وعاد لمواصلة عمله بدوره...
* * * * * *
أوقفت وعد سيارتها الحمراء الى جوار
المنزل عند الساعة الثانية ظهرا تقريبا..والابتسامة التي كانت تحملها
عندما خرجت من المنزل تحولت الى غضب وتجهم وهي تعود اليه.. دلفت الى
المنزل وصعدت الى الطابق الأعلى دون أن تلقي التحية على والدتها أو والدها
حتى..

وأغلقت على نفسها باب الغرفة قبل أن
تستلقي على الفراش.. وتغرق بتفكير عميق..عن كل ما حدث هذا اليوم.. بدءا من
بحثها عن القسم الذي ستعمل به..وانتهاءا بعودتها إلى المنزل..كل شيء كان
يسير على ما يرام حتى...

حتى أحرجها ذلك المغرور أمام
الجميع..كان بإمكانه أن يخبرها بأن تنهي مكالمتها بشيء من الأدب والأخلاق
لا أن يتسبب في موقف كهذا لها أمام الجميع وكأنها قد فعلت ذلك
متعمدة..وتعمدت إزعاجهم..تبا..تبا له..أي يوم هو هذا.. في البداية لا أجد
حتى مكتب لأجلس عليه ثم يحرجني ذلك المغرور بقوله انه لا شأن له
بالأمر..ويعود مرة أحرى ليحرجني أمام الجميع عندما كنت أتحدث بالهاتف..
إلا يعلم انه اليوم الأول لي بالعمل واني لم استلم وظيفتي الا منذ ساعات؟..

تقلبت على فراشها بملل.. وتذكرت بغتة
أن هاتفها قد أغلقته منذ ذلك الحين.. فالتقطته من حقيبتها وقامت بفتحه
لترى تلك الرسالة القصيرة المرسلة اليها..عرفت انها من هشام قبل ان
تفتحها..وقرأت كلماتها في سرعة والتي كانت تقول (سترين يا وعد.. تغلقين
الهاتف في وجهي.. لا تحاولي الإنكار.. أعلم بأن البطارية لم تفرغ..)..

أي شيء تفكر فيه يا هشام..أنا أفكر في ما حدث لي وأنت تفكر في هذه الأمور التافهة..
وحطم الصمت الذي غلف المكان منذ مدة
صوت رنين الهاتف المتواصل..فمطت شفتيها وهي تطلع إلى رقم هشام الذي أخذ
يضيء على شاشته..ورمت الهاتف على الفراش وهي تقول بعناد: لن أجيبه.. أعلم
بأنه سيفتح معي محاضرة لا بداية لها ولا نهاية.. ورأسي لا يكاد يحتمل كلمة
أخرى بعد كل ما حدث..

وتوقف الهاتف على الرنين.. فتنهدت وعد
بارتياح وما كادت تفعل حتى عاد للرنين مرة أخرى..فتطلعت إلى الهاتف
باستنكار قبل أن ترمي الوسادة عليه وتقول بحنق: لن أجيب.. يعني لن أجيب..

وكلما يتوقف الرنين للحظة.. يعود من
جديد لدقائق..واستسلمت وعد أخيرا – مع انها لم تعتد الاستسلام- ولكن صوت
الرنين المزعج هو ما دفعها لإجابته وهي تقول بصوت لا يخفي الضيق منه: أجل
يا هشام..ماذا تريد؟..

قال هشام بسخرية: لا شيء..سماع صوتك فقط..
قالت وعد متحدثة الى نفسها بعصبية: (لا ينقصني إلا سخريتك أنت)
وأجابت على هشام قائلة: فليكن مادمت قد سمعته الآن.. الى اللقاء..
قال في سرعة: ما بالك ؟..هل أصابتك اصابة ما على رأسك في العمل ..حتى تفقدك عقلك؟..
قالت مستفزة: في الحقيقة.. كلا..
- اذا ماذا حدث لك اليوم؟..أخبريني لماذا لم تجيبي على اتصالاتي المتكررة ؟..
قالت وعد بسخرية: لأني اضع لك في هاتفي نغمة خاصة تشير الى انك المتصل..
قال بسخرية بدوره: وهل هذه النغمة تدعو الى النوم الى هذه الدرجة حتى انك ربما تكونين قد غفوت ولم تسمعيها..
قالت وعد بسخرية لاذعة: بل انها نغمة صامتة..
قال هشام ببرود: استمعي إلي يا وعد..سؤال لن أعيده.. لماذا أغلقت هاتفك اليوم وأنا أتحدث إليك صباحا؟..
قالت هازة كتفيها وهي تعود للاستلقاء على فراشها: أظنك قد أجبت على نفسك في تلك الرسالة القصيرة.. البطارية فرغت..
قال وهو يمط شفتيه: إياك والكذب فأنا اعرف كيف يكون وضع الهاتف عندما تنهين المكالمة بنفسك أو إذا فرغت بطاريته..
قالت بملل: هنيئا لي.. لدي ابن عم خبير بالهواتف وأنا لا أعلم.. كان الأجدر بك ان تعمل في متجر لبيع الهواتف.. فذلك يليق بك أكثر و..
قاطعها بحدة: أجيبي عن سؤالي يا وعد..
- هل هذا تهديد؟
- بل أمر..
قالت بسخرية: اذا لن أجيب..
قال هشام بغضب: وعد..تحدثي الي جيدا أو اقسم على ان تندمي..
قالت بضيق: ماذا تريدني أن أقول..
أغلقته بغير قصد مني..ثم ما لبثت أن أقفلته حتى لا يزعجني أحد..لأني
انشغلت ببعض الأعمال..ونسيت إعادة فتحه حتى هذه اللحظة..

قال بشك: لا أصدق كلامك هذا..
- هذه مشكلتك وليست مشكلتي.. على العموم أنا متعبة وبحاجة للراحة..لذا دعني ارتح قليلا وانام. ولا تزعجني باتصالاتك..
قال هشام ساخرا: نوما هنيئا يا سمو الأميرة..
قالت بابتسامة باهتة: أشكرك.. مع السلامة..
قالتها وأغلقت الهاتف في سرعة وقالت
متحدثة الى نفسها وهي تضع الهاتف على منضدة صغيرة قريبة من فراشها : )هذا
أنت يا هشام لن تتغير ابدا.. ستظل تلاحقني وتلا حق كل تحركاتي خطوة
بخطوة..وأنت الأعلم بمدى ضيقي بأن يُحكم الحصار حولي..تظن إن بهذا الشيء
تهتم بي..لكنك على العكس تجعلني اشعر بالملل من تصرفاتك.. او بالاختناق
على الأحرى)..

وأغمضت عينيها بملل ونلك الكلمة تعود
لترن في اذنيها..(كفاك إزعاجا هنا)..ستندم يا هذا ... ستندم على كل ما
سببته لي من إحراج..سأريك..أنت لم تعلم بعد من هي وعد..إنها كتلة من
العناد والكبرياء..أقسم على أن أجعلك تتخلى عن برودك هذا وتحترم تصرفاتك
وحديثك معي..سأريك يا ايها "الجليد المتحرك".. واعلم إن وعد لم تخن عهدا
قط....

* * * * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:26 am

*الجزء الثالث*
(هل يشعر أحد بتلك المشاعر الدفينة؟)




طرقات خافتة على باب الغرفة.. أرغمت وعد على ان تفيق من نومها..وتفتح عينيها بتعب هي تقول بصوت لم يغب عنه آثار النوم بعد: من؟..
فتحت والدتها الباب وقالت باستغراب: وعد.. ألا تزالين نائمة؟..هيا انهضي..
قالت وعد وهي تعود لإغلاق عينيها: دعيني انم لدقائق فحسب يا أمي.. أنا متعبة..
قالت والدتها باستنكار: أتعلمين كم الساعة الآن..انه موعد العشاء..
فتحت وعد عينيها وقالت بدهشة: يا إلهي.. هل حقا نمت كل هذا الوقت؟..
قالت والدتها في سرعة: أجل..هيا أفيقي من نومك واغسلي وجهك وبعدها اتبعينا إلى العشاء..
قالت وعد بصوت ناعس: حسنا.. ها أنذا قادمة..
واعتدلت في جلستها وارتدت خفيها لتتوجه الى دورة المياه التابعة
لغرفتها..وتطلعت إلى وجهها المليء بآثار النوم وقالت بسخرية: ها قد ظهر
الوجه الحقيقي لي..
غسلت وجهها بالماء البارد الذي جعل بدنها يقشعر وأحست برجفة أطرافها خصوصا
بعد الدفء الذي كان يمتلكه جسدها بنومها..وأعادت تسريح شعرها وهي تحاول
ترتيب خصلاته المبعثرة من اثر النوم..وهمت بالخروج من الغرفة لولا رنين
الهاتف الذي جعلها تعود أدراجها..وتقول بضيق: من هذا التافه الذي يتصل
بوقت العشاء؟..
وتتطلعت الى الرقم الذي يضيء على شاشة الهاتف قبل أن تقول وهي تبتسم بزاوية فمها: كنت أعلم انه تافه..
وأجابت قائلة في سرعة: أهلا هشام.. كيف حالك.. اتصل بي فيما بعد.. فسأذهب لأتناول العشاء.. عن اذنك .. مع السلا....
قاطعها هشام قائلا بسخريته اللاذعة: على رسلك.. هوني على نفسك.. أخشى ان تنقطع أنفاسك..
قالت بملل: ماذا تريد.. الا تكف عن الاتصال بي.. سوف اقوم بتغيير رقم هاتفي بسببك..
قال باستفزاز: سأتصل على هاتف المنزل..أو هاتف والدك أو والدتك..
قالت ببرود: سأغادر البلاد حتى ارتاح منك..
- سأتبعك حيثما تكونين..
قالت بسخط: أجل ..فلا استغرب ذلك على مجنون مثلك..
قال متحدثا الى نفسه وهو يتنهد بمرارة: ( معك حق..لقد كنت مجنونا عندما أحببت فتاة لا تشعر بي ولا تقدر مشاعري)..
قالت وعد منتزعة هشام من أفكاره: اخبرني الآن ماذا تريد؟
- جيد انك قد سألت أخيرا.. فقد كدت انسى مع كل هذه المشادات التي تحدث بيننا كلما اتصل بك أو تتصلي بي..
وأردف بجدية: سأمر غدا لأخذك بعد العمل و....
قاطعته باستنكار: ماذا؟..لا بد وانك تحلم..اياك وان تأتي والا قمت بالبلاغ عنك عند حارسي الأمن..
قال بضيق: دعيني أكمل كلامي أولا.. فرح تريدك في أمر ما..أظن انه يتعلق باختيار أحد الفساتين من متجر ما..
قالت وهي تزفر بحدة : حسنا..هل من أمر آخر؟..
- كلا .. تصبحين على خير..
لم تستطع وعد منع تلك الابتسامة من الارتسام على شفاتها.. فنادرا ما يكون
هشام مهذبا في الحديث معها..وقالت بابتسامة: وأنت كذلك..الى اللقاء..
قال في سرعة: وعد..
قالت متسائلة: ماذا؟
قال بحنان: اهتمي بنفسك..
قالت بملل: انا في المنزل الآن.. ليس هناك طرقا مليئة بالسيارات لأعبرها.. اطمأن..
- والاهتمام بالنفس لا يكون إلا عند عبور الشوارع.. يا لهذا الخيال الضيق..
- أشبهك في هذا..
ضحك وقال: معك حق..أتركك الآن..
- الى اللقاء..
قالتها وأغلقت الهاتف.. وسرعان ما تذكرت العشاء فمطت شفتيها وهي ترمي
بالهاتف المحمول على فراشها وتغادر الغرفة على الرغم من انها لا تشعر
بالرغبة في تناول أي شيء...
* * * * *
تطلعت فرح إلى هشام الغارق في أفكاره وهو يتطلع الى الهاتف في شرود بعد أن
أنهى مكالمته مع وعد..وتقدمت منه في خفة وقالت وهي تطل برأسها فجأة أمامه
وتتطلع الى الهاتف: هل يعرض هاتفك فيلماً شيقا الى هذا الحد؟..
قال هشام ساخرا وهو يضع الهاتف على الأدراج المجاورة له: أجل..وخصوصا وهو يعرض مشهدا عن قتل شقيق لشقيقته لأنها أزعجته..
قالت فرح مبتسمة حقا: أهذا فيلم ام هو عقلك الباطن الذي يتمنى هذا الشيء..
قال وهو يفتح أحد الأدراج: بل عقلي الواعي الذي يود فعل هذا الشيء الآن..
قالت بخبث: وماذا ذنبي أنا إن كانت وعد لا تهتم بأمرك..
تطلع إليها ببرود ومن ثم قال: من قال إنني اهتم بأمرها أساسا..
قالت بمكر: عيناك..
قال ببرود وهو يستخرج الرسومات الهندسية لمبنى: أحقا؟..وماذا تقول عيناي..
- الكثير أتود أن تسمع؟
- هيا.. كلي أذان صاغية..
تطلعت إلى عينيه بمكر شديد ومن ثم قالت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: أولا.. انت تشعر بالضياع..
قال مبتسما: بلى.. فقد نسيت عنوان المنزل..
قالت متجاهلة عبارته: وثانيا..أنت تميل إلى فتاة ما وهي لا تبادلك المشاعر..
شعر هشام بالضيق من كلام شقيقته وكأنها تؤكد له بأن وعد لا تهتم لأمره
حقا..واستطردت فرح قائلة: ثالثا.. أنت تحاول بشتى الطرق ان تجعلها تشعر
بحبك لها دونما فائدة..ورابعا..من تحبها هي فتاة قريبة منك وتراها دوما..
قال بضيق: من قال إني أحب وعد؟..
قالت بخبث: ومن تحدث عن وعد الآن.. أنا أتحدث عن فتاة تحبها وهي قريبة منك أو أنت تراها دوما..
قال وهو يتظاهر بالانشغال بالرسومات الهندسية التي أمامه: ووعد هي من تنطبق عليها هذه الصفات..
مالت نحوه فرح وقالت وهي تغمز بعينها: من قال ذلك.. ربما تكون احدى زميلاتك بالعمل..أو ابنة خالي..
قال هشام وهو يمط شفتيه: لا تذكريني بها.. تلك المدللة..
- المهم.. لم تقل كيف كانت قراءتي لعينيك..
في داخله كان هشام يهمس لنفسه..هل حقا مشاعره واضحة للعيان الى هذه الدرجة..ولكنه قال متحدثا الى فرح بعناد: أمنحك واحد بالمائة..
قالت وهي ترفع حاجباها: ولم الواحد؟.. لم انت كريم الى هذه الدرجة؟..
- نتيجة لجهدك وتعبك..والآن يا شقيقتي العرافة..هلاّ تركتيني لوحدي حتى انتهي من هذا العمل..
قالت بضجر وهي تتوجه نحو باب الغرفة: عمل في مكتبك وعمل في المنزل وعمل عندما نسافر.. ألا ينتهي عملك هذا ابدا؟..
قال مبتسما وهو يراها تغادر الغرفة: بلى.. عندما اتقاعد أو أستقيل من وظيفتي..
خرجت فرح من الغرفة وهي تقول متحدثة الى نفسها ومختلسة النظرات عبر فتحة
الباب الى هشام الذي يعمل بصمت: (هشام..صدقني لا فائدة من كل ما تفعله..
وعد لا تشعر بك..ولا اظنها ستشعر بك يوما.. بصريح العبارة هي ليست لك..
عليك ان تتفهم هذا الأمر..أعلم بمشاعرك تجاهها.. ولكني في الوقت ذاته ادرك
ان وعد لا تحمل لك سوى مشاعر الأخوة.. حاول ان تقدر هذا وتتفهمه.. حاول..)
وسارت مبتعدة عن المكان وهي تشعر بالألم يعتصر قلبها على شقيقها
الوحيد..الذي لا يستطيع أن يتخيل أو يتقبل فكرة ان وعد قد تتزوج يوما ما
من غيره..ولا أعلم – أنا نفسي- ما قد يفعله لو حدث وتزوجت وعد بشخص آخر
سواه....
* * * * *
تسللت أشعة الشمس الدافئة الى كل ركن من أركان المنطقة.. معلنة بذلك صباح
يوم جديد..وبداية يوم عمل جديد..ليخرج الناس من بيوتهم منطلقين الى
أعمالهم في همة او نشاط او حتى كسل..
وخير دليل على هذا هو ذلك المبنى الذي تعلوه لوحة كُتبت بحروف عريضة
وواضحة ..مشيرة الى انه المبنى الخاص بصحيفة الشرق..بدا ذلك المبنى وفي
ذلك الوقت المبكر من الصباح في فوضى دائبة.. كما يحدث يوميا..وكأن الممرات
باتت اشبه بالشوارع المزدحمة..بسبب حركة الموظفين المستمرة فيه..
وقال ذلك الشاب وهو يستند على مسند المقعد ويتنهد بحرارة: وأخيرا انتهيت..
فتطلعت اليه تلك السيدة بابتسامة: احقا؟..ومن اين توفر لك هذا الوقت
لانهاء ثلاثة مواضيع كاملة.. على الرغم من انك كنت تدرب تلك الصحفية
الجديدة بالأمس..؟
قال احمد مبتسما: لا تستهيني بي ابدا..
قالت السيدة نادية متسائلة: لم تخبرني..كيف كان تدريبك لتلك الآنسة بالامس؟
هز كتفيه وقال: عادي جدا..كنت اشرح لها وهي تستمع الي بانتباه تام..
صمتت لوهلة ثم قالت: وكيف تجدها؟..افضل من الصحفية السابقة التي وكلت أيضا بالإشراف عليها..
قال وهو يعيد ترتيب أوراقه: أفضل بكثير..فالآنسة وعد لها مستقبل باهر
ينتظرها بالصحافة لو استمرت على هذا المستوى من الذكاء والجرأة والحيوية..
- يبدوا وانها قد حازت على اعجابك..
ضحك وقال: كصحفية فقط و...
واردف وهو يتلفت حوله بمرح: ولا تنسي اني على وشك الارتباط فلا أريد ان تحوم حولي اية شائعات..
قالت بخبث: لك هذا..
تطلع اليها وقال بجدية مصطنعة: أستاذة نادية.. لم اعهدك تفشين الأسرار..
قالت بصوت منخفض بعض الشيء: لست انا ولكن الجدران لها آذان..
قال مازحا وهو يلتفت الى طارق المنشغل بمكالمة هاتفية بخصوص مقابلة ما: بينما الاستاذ طارق لا يتمتع بأي منها..
اتسعت ابتسامة نادية وقالت: معك حق..
لم يهتم طارق بأي مما كانوا يقولونه وقال منهيا حديثه بالهاتف: حسنا اذا كما اتفقنا .. سأكون بمكتبك بالغد..الى اللقاء..
(صباح الخير جميعا..)
التفت الجميع الى مصدر الصوت والتي لم تكن صاحبته الا وعد والتي توجهت نحو
مكتبها بخطوات واثقة وثابتة والتفت اليها أحمد ليقول بهدوء:صباح الخير..
واهلا بك في هذا القسم من جديد..
ابتسمت لطريقته العفوية والمرحة في الحديث وسمعت السيدة نادية تقول في تلك اللحظة: صباح الخير..كيف حالك يا آنسة وعد؟
قالت وعد مبتسمة: بخير..وانت؟..
قالت نادية وهي تواصل عملها: كالعادة.. على ما يرام..
صمتت وعد بانتظار الشخص الثالث أن يجيب على تحيتها او حتى يشير الى
انتباهه لما قالته.. ولكنه بدا أشبه بالتمثال لولا انه يتنفس وهو مستمر في
قراءة خبر ما احتل احد الجرائد..وأدهشها صمته هذا وجعلها لا اراديا تلتفت
اليه وتتطلع اليه بدهشة.. هل هو أصم ايضا؟..
وسمعت احمد يقول لها بصوت خفيض: لا عليك يا آنسة انه لا يجيب على تحية أي منا..
التفتت الى احمد وقالت بضيق: ألم أقل لك انه شاب مغرور لا غير..
قال في سرعة: ابدا.. ولكنه اعتاد أو ربما رغبة منه ان يدع الجميع يظنون
انه لا يهتم بهم .. ولكنه على العكس لا يقبل أي كلمة على أي من زملائه او
زميلاته..
قالت وهي تمط شفتيها: يبدوا وانه مصاب بعقدة نفسية..
قال وهو يلتقط أوراقه من على المكتب: لا تحكمي على ظواهر الأمور وتدعي بواطنها..
مطت شفتيها بملل دون أن تهتم للأمر كثيراً..وسمعت أحمد يقول وهو ينهض من
خلف المكتب: سوف أذهب إلى المدير الآن.. وأعود إليك من بعدها لننهي ما
بدأناه من تدريبات..
أومأت برأسها وهي تراه يخرج من المكتب ..وظلت صامتة للحظات .. وهي بانتظار
عودة أحمد..أفكار كثيرة جالت بذهنها.. تجاه طارق هذا..عن أي طيبة
يتحدثون..عن أي تعاون يتكلمون..انه لا يمتلك حتى ذرة إحساس ..مجرد مغرور
يرغب في أن يثير الانتباه.. او يظن انه أعلى من الجميع لذا فهو لن يهتم
ويتعب نفسه بالحديث مع من هم اقل مستوى منه في ظنه..
بارد كالثلج..جامد كتمثال من الحديد..هادئ كهدوء الليل وسكونه..غامض كغموض
البحر بما يخفيه من أسرار في اعماقه..غير مبالي وكأنه وحده من يحيا في هذا
العالم..أحقا يوجد بشر في هذا العالم على هذا النحو؟؟..
انتشلها من أفكارها صوت رنين هاتفها المحمول..من يكون المتصل في ساعة
مبكرة كهذه في الصباح..أخرجت هاتفها وتطلعت الى رقم فرح الذي يضيء على
شاشتها..وكادت ان تجيبه ولكن....
(آنسة وعد.. هاتفك يرن..)
تطلعت وعد إلى السيدة نادية ناطقة العبارة السابقة وقالت وهي ترفع رأسها لها: أعلم..ولكني لا أريد إزعاج أحد هنا..
قالتها وهي تقوم برفض المكالمة وتلتفت الى طارق.. ولا إراديا رفع رأسه هذا
الأخير بعد أن سمع ما قالته وفهم بذلك إنها تعنيه هو.. وتطلع إليها بنظرة
باردة كالثلج وعاد لمواصلة عمله..وكان شيئا لم يكن..
وعلى الجانب الآخر عقدت وعد حاجبيها بضيق.. أي إرادة فولاذية يملك..لم
يهتم حتى بالرد على ما قالته..ألا يشعر؟..بالتأكيد لا.. شخص بارد المشاعر
والأحاسيس مثله كيف له أن يشعر بشيء..
وجاءها صوت أحمد لينتشلها من هذا الضيق الذي تشعر به وقال مبتسما: ها انذا جئت..هل أنت مستعدة؟..
قالت وهي تنهض من مكانها: بالتأكيد..
قالتها وابتعدت خارجة من المكان بصحبة أحمد.. وما ان فعلت حتى ارتفعت عينا
طارق بهدوء شديد عما بيده ليتطلع الى النقطة التي كانت تقف بها وعد منذ
لحظات...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:26 am

* الجزء الرابع*
(شجار..أم مجرد سوء تفاهم؟)



زفر هشام بضجر شديد وهو يحرك أصابعه بعصبية على المقود..بعد أن أوقف سيارته في احد المواقف الخاصة بمبنى الصحيفة..
وقال بسخط وهو يتحدث إلى فرح الجالسة إلى جواره: اتصلي بها واخبريها بان هناك حمقى ينتظرونها بمواقف الصحيفة منذ نصف ساعة..
قالت فرح وهي تفتح عينيها المغمضتين
من الملل: عبثا أحاول..لقد اتصلت بها خمس مرات ولا تجيب.. ربما قد وضعت
هاتفها على الوضع الصامت..

قال هشام بعصبية: وأنا الأحمق الذي أخذت إجازة ساعة قبل انتهاء العمل بناء على تعليماتك..
قالت وهي تتطلع من نافذة السيارة: صدقني.. انا متأكدة من إن موعد العمل قد انتهى منذ ربع ساعة لا اعلم لم قد تأخرت..
وأشارت بسبابتها الى الخارج وكأنها تؤكد صدق ما تقول: انظر بنفسك.. لم تبقى سوى اربع او خمس سيارات فقط بالموقف..
قال بسخرية لا تتناسب مع الموقف: وربما بقية الموظفين يذهبون بسيارات الأجرة او حتى الحافلات العامة..
وأردف وهو يبتسم بسخرية لنفسه: أنا الأحمق في النهاية عندما استمع الى كلام الفتيات..
- ستصل بعد قليل..انتظر قليلا..
- اذا حان البعد قليل هذا
فلتخبريني..انا الآن متعب وجائع وسوف أعود الى المنزل..لن استمع الى كلام
أي فتاة مرة أخرى والا كنت أبلها..

قالت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها:
تسخر منا..أليس كذلك؟..لكنك في النهاية لن تلبث ان تقع في حب احد
منا..وتتمنى لو تستطيع ان تقدم لها كل ما تتمناه و...

صمتت فرح بغتة لأنها أدركت فداحة ما
قالته خصوصا مع الألم الذي ظهر على وجه هشام..كيف تقول هذا وهي الأعلم
بحبه الذي لا يلقى أي تجاوب من وعد..

وتنهد هشام وقال في تلك اللحظة وهو يتطلع الى مرآة سيارته الجانبية: وأخيرا حضرت الأميرة..
وأسرعت فرح بالتطلع من النافذة لترى وعد تتقدم باتجاه سيارتها بهدوء..فأسرعت بالخروج من سيارة هشام ونادتها قائلة: وعد..
التفتت لها فرح وقالت بغرابة وهي ترفع حاجبيها: فرح ..ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قالت فرح بحيرة: ألم يخبرك هشام؟..
عقدت وعد حاجبيها في محاولة للتذكر وقالت: يخبرني ماذا؟..
خرج هشام من السيارة بنفاذ صبر وقال: الم اتصل بك بالأمس وأخبرتك باني انا وفرح سوف نمر لأخذك والذهاب الى احد المتاجر..
قالت وعد بغتة: بلى لقد تذكرت الآن ..
قال هشام بحدة: فليكن هيا بنا اذا فقد مللت الانتظار كل هذا الوقت..
قالت وعد وهي تهز كتفيها بلا مبالاة: ولم انت غاضب هكذا لم اطلب منك المجيء ..انت من جاء لوحده..
قال هشام بعصبية: معك حق.. انا المخطأ..
قالها وهو يصعد سيارته وفرح تراقبه بدهشة فصاحت هذه الأخيرة قائلة: هشام ..ماذا ستفعل؟..
قال هشام بصوت مرتفع متحدثا الى وعد وهو يشعل المحرك: وأوصلي فرح في طريقك..
قالها وانطلق بالسيارة من فوره فقالت فرح بدهشة واستنكار: انه مجنون.. لاشك في هذا..كيف يتركني هنا؟..
قالت وعد مبتسمة وهي تصعد الى سيارتها: اصعدي الى سيارتي الآن.. قبل ان امضي في طريقي ولا تجدين من يوصلك بعدها..
قالت فرح وهي تجلس في المقعد المجاور لوعد: أتعرفين..كل ما حدث كان بسببك..
قالت وعد بابتسامة: أنت الآن معي فلا تسيئي الي.. فلا يوجد سواي ليوصلك إلى المنزل.. بعد ان تركك شقيقك ورحل دون ان يهتم لأمرك..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: لست أمزح
يا وعد.. لقد ترك عمله قبل ساعة وأخذني من المنزل لننتظرك هنا..فكما
تعلمين عمله ينتهي بعدك بساعة كاملة..

وأردفت وهي تمط شفتيها: ومكثنا ننتظر هنا لنصف ساعة.. حتى جئت إلينا و..
قاطعتها وعد بملل: وشقيقك العزيز قام بصب غضبه على رأسي أنا..
قالت فرح بحدة: لأننا كنا ننتظرك منذ فترة وأنت لم تقدري هذا بل قابلتينا بعدم اهتمام وكأننا ....
قالت وعد بملل: أرجوك كفى يا فرح..لم انتهي من هشام حتى تظهري انت لي الآن..
قالت فرح بحنق: هشام لا يستحق ما تفعلينه معه يا وعد..
قالت وعد باستنكار: وما الذي فعلته به؟..
- تتجاهلينه..لا تأبهين لما يفعل..لا تقدرين مشاعره و...
صمتت فرح وتنهدت وهي تشيح
بوجهها..فقالت وعد باستنكار شديد: أنا أتجاهله؟.. انه يتصل بي أحيانا حتى
عندما أكون نائمة.. ولكن إكراماً له لا أحرجه.. شقيقك هذا- عن اذنك -
مجنون..لن يكف على مراقبة تحركاتي والاتصال بي كل لحظة ليعلم اين انا..

قالت فرح وهي تتنهد: لن تقدري مشاعره ابدا...
- وماذا افعل له حتى اقدر مشاعره.. و....
بترت وعد عبارتها وقالت باستغراب: عن أي مشاعر تتحدثين.. هل اصابتك عدوى الجنون من هشام..
قالت فرح وهي تتنهد بسخرية مريرة: ربما اكون كذلك..لا تهتمي لما قلته..
صحيح ان فرح طلبت من وعد ان لا تهتم
للامر.. ولكن هذا كان اشبه بالحافز لهذه الأخيرة..فقد عقدت حاجبيها وهي
تطيل التفكير بالأمر طوال قيادتها.. وتمتمت لنفسها قائلة : ( ما الذي
تعنيه فرح بكلامها؟..عن أي مشاعر تتحدث؟..اتعني ما تقول حقا؟..ام انه مجرد
توقع من توقعاتها؟..لو كان ما تقوله صحيح فـ...يا الهي لا اتمنى ان يكون
حرفا مما قالته صحيحا والا سأكون في مشكلة.. هشام يحمل لي مشاعر في
قلبه..انها الطامة الكبرى ولا شك..كلا هذا غير صحيح ان فرح بدأت تهذي او
ربما تتخيل اشياء في غير محلها..أليس كذلك يا فرح..أليس كذلك؟)

لم تنتبه وعد الى نقسها وهي تنطق بشكل مسموع: أليس كذلك يا فرح؟..
تطلعت اليها فرح وقالت: تحدثيني؟؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها: كلا..دعك مني فقد اقتربنا من منزلك..
قالت فرح بهدوء: خذيني معك الى منزل
عمي لا اريد ان اعود الآن الى منزلي فلا بد ان هشام لا يزال غاضبا..وسأكون
افضل شخص ..يفرغ غضبه فيه..

قالت وعد بمرح: فليحاول فقط وانا سأجعله يندم لو صرخ في وجهك فقط..
قالت فرح مبتسمة: وما الذي يمكنك
فعله؟..أتذكرين قبل ان تدخلي الجامعة.. طلبت منه أن يأخذك الى هذه الأخيرة
حتى تلتحقي بها..ولكنه نسي الامر وبسبب ذلك لم تتمكني من التسجيل في تلك
الجامعة التي كنت ترغبين بالالتحاق بها...فغضبت وثرت وفي النهاية
هدأت...امام شقيقي لن يمكنك أن تفعلي شيء..

قالت وعد بابتسامة: أتصدقين شقيقك هذا
لديه وسيلة غريبة في الإقناع.. على الرغم من اني كنت في ذروة غضبي.. ولم
يكن لدي أي ذرة صبر او هدوء حتى استمع الى احد..ولكنه تمكن من ان يهدأ
غضبي ويجعلني انسى الأمر بالمرة..

قالت فرح بلهفة: ماذا قال لك يومها؟..
صمتت وعد في تفكير ومن ثم قالت وهي تهز كتفيها: لا اذكر جيدا.. ولكنه جعلني اقتنع ان الامر مسلم به..
وأردفت في هدوء:ها قد وصلنا..هيا فلتذهبي الى المنزل ..وان حاول هشام اذيتك اخبريني.. انا له دائما بالمرصاد..
قالت فرح بمرح: سنرى من منكما سينتصر في النهاية..
واردفت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي.. الى اللقاء..
اوقفتها وعد قائلة بابتسامة: والاجرة؟؟
قالت فرح وهي تغمز بعينها: تحصلين عليها نهاية الشهر..مع السلامة..
قالتها وهبطت من السيارة..وبالرغم
منها أحست وعد وهي تبتعد عن منزل عمها- والد هشام- بشعور غريب يتملكها اثر
كلمات فرح لها..شعور كان اقرب الى الخوف.. منه إلى الاستنكار..

*************
انشغل هشام بأخذ القياسات على المخطط
الموجود أمامه لمبنى ما..ولم ينتبه إلى فرح التي طرقت باب غرفته ومن ثم لم
تلبث ان فتحت الباب بعد أن يأست من أن يجيبها هشام وقالت بحيرة: هشام هل
أنت نائم؟..

قال مبتسما: اجل..
تقدمت منه وقالت بضيق: أليس لديك وقت لتجلس معي قليلا .. دائما منشغل بعملك هذا..
قال في هدوء: مع الأسف لم يتم توظيفي في شركتك الخاصة حتى أتذمر من كثرة العمل..
عقدت حاجبيها وقالت: لا تسخر مني..ثم ما أدراك من أن تكون لدي شركة خاصة في المستقبل..
قال بسخرية: هل بدأت تخططين للزواج من صاحب الشركة التي اعمل بها؟..
غمزت بعينها وقالت: ما رأيك في عماد.. والده لديه شركة..صحيح ليست بالكبيرة.. ولكن في ذات الوقت تسمى شركة..وستصبح لي في المستقبل..
شعر هشام بالضيق.. ربما عندما علم بأن
عماد افضل منه ماديا.. وانه زوج مناسب لكل فتاة.. وازداد ضيقه وهو يتذكر
ابتسامة وعد الواسعة لعماد في ذلك اليوم..

وأيقظته فرح من شروده وقالت وهي تتطلع الى المخطط الذي يقوم بتعديله: مبنى جميل.. هل هو من تصميمك؟..
قال بغرور: بالتأكيد من تصميمي.. لم يكن كذلك حتى قمت أنا بإضافة تلك المناطق فيه..
قالت مبتسمة: أيها بالتحديد..
أشار إلى المخطط وقال: تلك النافذة
التي تحتل عدة زوايا.. بالإضافة إلى هذا الباب الذي يمكن فتحه من
الجانبين..وذلك الجدار المنخفض الذي يفصل غرفة عن أخرى..

قالت وهي تتطلع إليه: أفكارك ممتازة..
قال مبتسما: اعلم..
قالت متسائلة: هل لي بسؤال؟؟
قال وهو يمسك بتلك المسطرة الطويلة نوعا ما..ويعد بعض القياسات على احد النوافذ: اجل.. ولكن بسرعة..
قالت بتردد: أتذكر عندما طلبت منك وعد
إيصالها إلى الجامعة قبل عدة سنوات..وغاب الأمر عن ذهنك واضطرت وعد بعدها
إلى التسجيل في جامعة أخرى بسبب هذا الأمر..

ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي هشام وقال: بالتأكيد اذكر..كيف لا وقد ملأت وعد الدنيا صراخا بسبب غلطتي التي لا تغتفر كما تقول..
مالت نحوه فرح وقالت: ماذا قلت لها حتى هدأت بعد ذلك واقتنعت..
عقد حاجبيه وقال وهو يترك ما بيده: ماذا قُلت لها؟؟
أومأت فرح برأسها..صمت هشام في
تفكير.. وقال بعد وهلة من الصمت: اذكر يومها إني طلبت منها ان نتحدث بهدوء
وبعيدا عن الآخرين ووافقت بعد جهد..

اومأت فرح برأسها وقالت مبتسمة: وبعد..
- وقلت لها ان ما حدث لم تكن غلطتي او غلطة أي شخص آخر..لذا ...
بتر عبارته وهو يتذكر كلماته جيدا ومن
ثم قال وكأنه يتحدث الى وعد: لا تنظري إلى الوراء يا وعد.. الماضي ولى
وذهب.. والحاضر هو الموجود لي ولك وللجميع..وأمامك سيكون المستقبل الذي
تحلمين به..ربما ما حدث كان لصالحك وان تلك الجامعة لم تكن بذلك المستوى..

ضحكت فرح وقالت: لم اعهدك فيلسوفا الى هذه الدرجة.. المهم بم أجابتك وعد؟..
- أتذكر انها قالت بعصبية (المستقبل الذي احلم به كان في تلك الجامعة.. وبسببك أنت خسرت حلمي بالالتحاق بها)..
ضحكت فرح وقالت: دائما وعد هكذا.. عنيدة من الصعب إقناعها..
وأردفت باهتمام: وبعد.. ماذا قلت لها حتى اقتنعت؟..
قال هشام وهو يشرد إلى تلك اللحظة:
نحن لن نستطيع تغيير الماضي مهما فعلنا.. لا نستطيع أن نعود إلى الوراء
ولو للحظة..اسمعيني يا وعد قد أكون أخطأت عندما لم اتذكر هذا الأمر.. ولكن
في النهاية أتمنى أن هذا قد حدث لخير لك..

قالت فرح بلهفة: وماذا حدث بعد ذلك..
قال هشام مبتسما وهو يهز كتفيه: ابدا
لا شيء تطلعت الي مترددة ومن ثم لم تلبث أن اقتنعت بوجهة نظري وانه لا ذنب
لي في ما حصل.. وانه ربما كان ما حصل لصالحها..وغادرت المكان..

قالت فرح وهي تغمز بعينها: لست سهلا أبدا.. اظنك تستطيع إقناع أي شخص بكل ما تريده..
قال بسخرية: اجل وخصوصا أنت عندما اقول لك..اخرجي خارجا لان لدي من العمل الكثير وقد صدعت راسي بوعد هذه..
قالت بملل: أنا صدعت رأسك بوعد..أم أنت الذي لا تصدق أن تجد أي فرصة لديك حتى تتحدث فيها إلى وعد على الهاتف..
قال هشام بسخرية لاذعة: أرجوك..كفي عن حديثك هذا والا احتجت الى النوم في مستشفى الأمراض العقلية..
عقدت حاجبيها وقالت بضيق: فليكن يا هشام سنرى من منا على حق في النهاية أنا أم أنت..
قالتها وخرجت خارج الغرفة وهي تغلق الباب في قوة.. فتنهد هشام وقال: أنت يا فرح.. أنت..
**************
غرقت وعد في تفكير عميق وهي تفكر في كل كلمة قالتها لها فرح..ترى أكانت تقول هذا وهي تقصد مشاعره تجاهها كأبنة عم ام كـ...؟
صمتت وهي غير قادرة على استيعاب أي
شيء..ان كان هشام الآن يسبب لها الجنون باتصالاته المستمرة
وبملاحقاته..وبسخريته المستمرة.. ماذا ستفعل ان اكتشفت انه يحبها!!..
سيزداد ما يفعله اضعاقا او ربما يتقدم لخطبتها..وهي لا تريد هذا لان
مشاعرها تجاهه لا تتعدى مشاعر أخت لأخيها..

ولكن لحظة لو حقا يحبها لتقدم لخطبتها
منذ فترة..فهي كما تعلم قد حصل على وظيفته واستقرت على احواله منذ ثلاث
سنوات..فما الذي منعه من خطبتها.. وهي ليست بالفتاة الصغيرة ابدا...

لم تكن وعد تعلم ان هشام رافض لأن
يتقدم ويخطبها وذلك بسبب تجاهلها له بالإضافة الى انه قد قرر ان لا يتقدم
لها حتى تبادله هي المشاعر.. الذي أصبح واثقا انها من طرفه فقط...

أقنعت وعد نفسها بذلك التفكير الذي
وصلت اليه وان مشاعر هشام لها كمشاعرها له..وتذكرت ما فعلته ظهر اليوم ..
وأحست بالعطف والشفقة تجاه هشام.. وخصوصا وانه يبدوا غاضب منها فلم يتصل
بها طوال اليوم..

ووجدت نفسها تضغط رقم هشام وتتصل به..وانتظرت رده وسمعته يقول ببرود بعد فترة من الرنين : نعم؟..
قالت وعد مبتسمة: أتعلم ببرودك هذا..تذكرني بشخص ما..
قال متجاهلا عبارتها: ماذا تريدين الآن.. تحدثي بسرعة فأنا مشغول..
قالت بسخرية: رويدك يا أخي..لا تتعب نفسك كثيرا..
- اشكر لك نصيحتك والآن ..ماذا تريدين؟
قالت بابتسامة: السؤال عنك..
- انا بخير.. أي شيء آخر؟..
قالت بضيق: كل هذا البرود واللامبالاة لاني قلت اني لم اطلب منك المجئ.. ماذا ستفعل لو اني طردتك من المكان؟..
قال ببرود متعمد: كنت سأجرك من شعرك الى السيارة..
قالت بسخرية: أتعلم.. أحيانا أكاد أصدقك..
قال بضيق: وعد ماذا تريدين الآن.. اخبريني انا مشغول وقد اجلت معظم وقتي في هذا الحديث معك..
قالت وهي تمط شفتيها: لقد استغربت عدم اتصالك طوال اليوم..لاني اعلم انك لن تلبث ان تتصل بي بين لحظة واخرى .. واتصلت بك لأرى....
قاطعها قائلا: عملي هو ما منعني من الاتصال..
قالت وعد بحنق: إلى اللقاء الآن.. فلا أريد ان أضيع عليك لحظاتك الثمينة..
قالتها واغلقت الهاتف في غضب وأردفت
بحدة: أنا المخطأة ..لماذا اتصلت به.. انه لا يستحق ان يسأل عنه احد او
حتى يكترث لأمره.. ثم قد تخلصت أخيرا من ازعاجاته الدائمة لي.. ولن يقلق
احدهم نومي بعد الآن..

وعلى الطرف الآخر أحس هشام بكلماته
الباردة والغير مبالية التي تحدث بها الى وعد.. يعلم انه قد زاد من الجرعة
هذه المرة حتى ان وعد اغلقت الهاتف دون ان تنتظر سماع رده..وقال متحدثا
الى نفسه: ( كان ينبغي ان افعل هذا يا وعد.. حتى تشعري انك بحق أصبحت
تتجاهليني.. وتلتفتي إلى هذا الأحمق الذي وقع في حبك..والذي أصبحت كل شيء
له في هذا العالم)...

**********
أسرع عماد يهبط درجات السلم وهو يتطلع
إلى ساعته بين الفينة والأخرى.. وقال على عجل وهو يستعد للخروج: أماه أنا
مغادر الآن.. أتحتاجين إلى شيء..

قالت والدته وهي تتطلع إليه: اجل انتظر لحظة..ارغب في الحديث إليك..
قال وهو يراقب ساعته للمرة الخامسة: بسرعة يا أماه..فقد تأخرت عن العمل نحو ربع ساعة..
قالت له والدته ببرود وهي تحثه على
الاقتراب حيثما تجلس: لا أظن أن أحدا يستطيع ان يقول كلمة واحدة عنك او عن
تأخيرك..فأنت ابن صاحب الشركة..

قال بهدوء وهو يجلس على مقعد مجاور
لها: كوني ابن صاحب الشركة لا يدعوني إلى الإهمال في العمل..او ان لا أكون
دقيقا في مواعيد العمل كبقية الموظفين..أليس كذلك؟..

قالت والدته بضيق: دعك من العمل قليلا وفكر في نفسك..
قال عماد بملل وضجر كبيرين: هل سنعود الى هذا الموضوع من جديد.. أخبرتك يا أماه أني لا أفكر بالزواج في الوقت الحاضر..
- متى إذا؟..
- أماه..أنا لم ابلغ الأربعين بعد حتى تلحي علي كل هذا الإلحاح..لا أزال في التاسعة والعشرين و...
قاطعته والدته وقالت بحدة: وستمضي الأيام دون ان تشعر بها.. وبعدها سيكون قطار الزواج فد فاتك..
قال عماد مازحا: سأستقل طائرة إذا.. أظن إنها الأسرع.. اليس كذلك؟..
قالت والدته بضجر: حديث لا معنى له أو تهرب من الموضوع.. هذا ما اجنيه منك كلما فتحت موضوع الزواج معك..
قال مبتسما وهو ينهض: دعي الأمر لي إذا.. وأنت أول من سأخبرها لو إنني فكرت بالزواج من إحداهن..
قالها وغادر المنزل.. لينطلق بسيارته..وسيل جارف من الأسئلة تحوم برأسه.. وأفكار كثيرة عن عدم ميله لأي فتاة حتى هذه اللحظة...
**********
سارت وعد بخطوات هادئة الى ذلك
القسم.. وما ان دلفت الى الداخل حتى شعرت باستغراب..اذ ان المكان خال من
أي موظف..لا يوجد احد بالمكتب..أين ذهب الجميع؟..

وقالت متحدثة بصوت خفيض: هل جئت مبكرة الى هذه الدرجة..ام ان اليوم هو يوم اجازة رسمية ولا اعلم..
( كلا..ليست إجازة مع اننا جميعا كنا نتمنى ذلك..)
التفت وعد الى صاحبة الصوت ولم تكن سوى السيدة نادية..فسألتها وعد على الفور: اين ذهب الجميع؟..
قالت نادية وهي تهز كتفيها: الأستاذ أحمد لديه تحقيق صحفي..والاستاذ طارق عند المدير..
قالت وعد بحيرة: لديه تحقيق؟؟..إذا من الذي سيقوم بتدريبي هذا اليوم..
قالت نادية بلامبالاة: ليس الأمر مهم إلى هذه الدرجة.. ما دمت قد تدربت على الأمور الأساسية والأولية في العمل..
قالت وعد وهي تزفر بحرارة: ومتى سيعود الأستاذ أحمد؟..
قالت نادية وهي تجلس خلف مكتبها: ربما اليوم..او ربما غدا..
صمتت وعد دون ان تعلق على عبارة نادية
وتوجهت نحو مكتبها لتجلس خلف مكتبها..وأسندت ذقنها الى كفها بملل..ماذا
يمكنها ان تفعل الآن.. في الايام الماضية.. كانت تشغل اغلب وقتها في
تدريباتها مع احمد..والآن ماذا ستفعل؟..

وقالت بعد تردد: أستاذة نادية..ماذا افعل الآن؟..
قالت نادية وهي ترفع رأسها لوعد بهدوء: يمكنك فعل ما تشائين.. ما دمت لا تزالين تحت التمرين.. ولم يسند اليك أي عمل حتى الآن..
واردفت وهي تبتسم: يمكنك قراءة المجلات.. او الجرائد..او كتابة موضوع ما..
وضعت وعد سبابتها أسفل ذقنها كعادتها عند التفكير ثم ما لبثت ان قالت بابتسامة باهتة: فليكن..
التقطت إحدى الأوراق وفتحت غطاء قلمها الجاف..وبدأت بالكتابة.. أي شيء كان بذهنها حتى وان لم يكن بالمستوى المطلوب..
" في عقل كل منا..طفل..
هل شعرت يوما بالشوق لطفولتك؟..هل كنت
تتمنى لو تعود الى تلك المرحلة؟..هل كنت تتمنى مشاركة الأطفال مرحهم؟..لا
احد منا يستطيع انكار انه قد مر ولو لمرة واحدة باشتياق لعالم الطفولة
الغامض..حيث الطفولة لها مفرداتها الخاصة التي يفهمها بعضهم البعض..

في عقل كل منا يحيا طفل.. يتمنى
اللعب.. المشاكسة.. الصراخ.. يتمنى ان يتحرر من التعقيدات التي يفرضه عليه
عالمه..عالم الكبار.........."

واستمرت في الكتابة والتفكير.. والوقت يسير ببطء شديد....
************
صمت تام غلف مكتب المدير.. الذي يجلس
فيه هذا الاخير مع طارق..وانتظر تعليق من ما قاله له قبل قليل..وقال طارق
بعد تفكير: وماذا عن أحمد؟..

قال المدير بهدوء: لديه تحقيق صحفي هام لهذا اليوم..ثم حتى وان لم يكن لديه..كنت سأختارك انت لهذا الامر..
قال طارق بهدوء: لا اعتقد انني سأستطيع تدبر الامر.. فكما تعلم انها المرة الاولى التي اذهب بها مع شخص ما في تحقيق صحفي..
قال المدير في اهتمام: انك الأكفأ
هنا... واعتقد انك ستكون خير مثال وقدوة للصحفية الجديدة..ثم انك ستقوم
بممارسة عملك كالمعتاد..وهي ستكتفي بالمراقبة.. وتعلم كيفية التصرف في كل
تحقيق ترسل فيه في المستقبل لوحدها..

واردف قائلا: ما رأيك؟..
صمت طارق للحظات.. ثم قال ببرود: لا بأس..مع إني لا أظن إنني أصلح لهذا الأمر..
- حسنا مادمنا قد اتفقنا.. يمكنك مغادرة المكان..ومباشرة عملك..ولا تنسى اصطحاب الآنسة وعد معك..
نهض طارق من مكانه..وعلامات البرود لا تبرح وجهه..واتجه نحو القسم الذي يعمل به.. دون أن يعلم كيف سيتصرف مع الموقف الذي وضع به....
*************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:27 am

*الجزء الخامس*
(هل سيمضي الأمر على خير؟)



انشغلت وعد بترتيب الموضوع الذي أنهته منذ لحظات
وبتعديل الأخطاء الإملائية ..وابتسمت برضا وهي ترى الموضوع النهائي بعد
التعديلات و....

( آنسة وعد..)
صوت بارد كالثلج عرفت وعد صاحبه على الفور.. ورفعت
ناظريها إليه وان كانت لا تزال تشعر بالحنق من تصرفه الأخير معها..وما
أثار استغرابها هو انه قد ناداها..لا بد ان أمر ما قد حدث.. او انه يود
توجيه عبارة محرجة لها..ورفعت رأسها إليه وبنظرات باردة تطلعت اليه وقالت:
ماذا؟..

قال وهو يقف عند الباب: لدينا مقابلة صحفية..مع احد المسئولين.. هيا..
عقدت وعد حاجبيها باستغراب وقالت متحدثة إلى نفسها:
(يقول لدينا.. بمعنى أنا وهو الذين سنقوم بتلك المقابلة الصحفية..أنا اذهب
مع لوح الثلج هذا.. لابد إن أعصابي ستتحطم..قبل أن نكمل نصف الطريق فقط..)

وقال طارق ببرود اشد وهو يراها لم تبرح مكانها بعد: لا أريد أن نتأخر..أسرعي هيا..
مطت وعد شفتيها وتطلعت إليه بنظرة تقول (الم يجدوا سواك لأذهب معه؟)..
طارق الذي لم يأبه بها..مضى في طريقه بصمت وتوجه نحو
المصعد ليستقله..ووعد التي تبعته بخطوات مسرعة بعض الشيء..لأنها تعلم بأنه
لن يلبث أن يغادر من المكان دون أن يبالي بأحد..ففي النهاية هو ليس سوى
شخص لا يهتم إلا بنفسه..

استقلت المصعد الذي صعد به منذ لحظات وهبطا الى
الطابق الأرضي مع بعض الموظفين..وخرجا من المبنى الى ان وصلا الى مواقف
السيارات..رأته يتوجه الى سيارته..ويتوقف عندها للحظات ..وحين شاهدها
تتوجه الى سيارتها قال: الى اين؟..

قالت وهي تمط شفتيها: سأستقل سيارتي..
قال وعلى شفتيه شبح ابتسامة ساخرة: وهل تعرفين الطريق الى حيث سنذهب؟..
قالت بتحدي: سأتبعك بسيارتي..
هز كتفيه بلا مبالاة واستقل سيارته وانطلق بها..دون
ان يلقي على وعد نظرة اخرى..وعلى الجانب الآخر .. كان ما يخيف وعد ان لا
تكون أهل للتحدي الذي وضعت نفسها فيه منذ لحظات..وان تضيع في شوارع
المدينة دون ان يكون لها العلم حتى بالمكان الذي سيذهبان اليه..

والقلق كان يرسم طريقه الى وجهها وملامحها..وهي تحاول
ان تتبع سيارة طارق بدقة..وكلما فصلتها عن سيارته سيارة او أخرى يزداد
قلقها اضعافا..

ومضى هذا الأمر على خير.. إذ وصلا أمام شركة ضخمة
للمقاولات..وأوقفت وعد سيارتها في إحدى مواقف تلك الشركة.. وهي تشعر
بالانبهار من ضخامة هذه الشركة..وخرجت من سيارتها وقالت وكأنها تتحدث الى
نفسها: كبيرة جدا..

ومع ان طارق قد سمع ما قالت الى انه قال ببرود وهو يسير باتجاه المدخل: اتبعيني..
شعرت وعد بالضيق.. أيظنها سكرتيرته الخاصة حتى
تتبعه.. إنها صحفية مثلها مثله.. لا يحق له التعالي عليها..وفي عناد أسرعت
تسير حتى باتت تسير إلى جواره تقريبا.. ونظراتها مليئة بالتحدي.. بينما
نظراته لا تختلف عن البرود الذي تحملانه..

وصعدا بالمصعد الى الطابق الثامن..وعد كانت صامتة
تتحاشى حتى النظر اليه..اما هو فقد كان يقرأ ورقة ما.. ويخط عليها بضع
كلمات إضافية..استغربت وعد عمله هذا وتساءلت بداخلها..ترى ماذا يفعل..ما
هذا الموضوع الغارق في قراءته..والمندمج في تعديله؟..

لم تشأ سؤاله..ووصل المصعد في تلك اللحظة الى الطابق
الثامن..فخرج طارق اولا وسار في طريقه دون ان يلتفت الى الوراء ويتأكد ان
وعد تسير خلفه..وكأنه قد نسي وجودها تماما او ربما يتناسى..

توجه الى حيث مكتب السكرتيرة وقال : اود مقابلة المدير العام من فضلك..
رفعت السكرتيرة رأسها اليه وقالت: هل يوجد موعد سابق؟..
اومأ طارق برأسه ايجابيا فقالت السكرتيرة: حسنا..ومن يود لقاءه؟..
قال طارق وهو يناولها بطاقته المهنية: طارق جلال..صحفي من صحيفة الشرق..
عقدت وعد حاجبيها وهي تستمع الى ما قاله.. انه حتى لم
يذكر اسمها..وكأنها ليست موجودة معه..او ستحضر هذا اللقاء الصحفي
برفقته..اي شخص هذا..

ولم تمض بضع دقائق حتى خرجت السكرتيرة من مكتب المدير العام وقالت: تفضل يا استاذ طارق..ان المدير العام ينتظرك..
ومن ثم فتحت له باب المكتب حتى يدلف الى الداخل ومن
خلفه وعد..وما ان وطئت قدما وعد المكتب..حتى رفعت حاجبيها إعجاباً بفخامة
المكان..وأثاثه الراقي الذي يعكس ثراء هذه الشركة.. وشاهدت طارق يصافح
المدير العام ويقول: هل نبدأ الآن يا سيد فؤاد..أم انك تود مراجعة الأسئلة
أولاً..

قال السيد فواد بابتسامة دبلوماسية: كلا ابدأ الآن..لا حاجة لمراجعة الأسئلة..
وشاهدته وعد يتطلع الى تلك الورقة التي كان يخط عليها
بضع كلمات قبل قليل..إذا هذه هي الأسئلة التي سيسألها للمدير العام خلال
اللقاء الصحفي..

قال السيد فؤاد في تلك اللحظة وهو يشير الى الأريكة: تفضلا من فضلكما..
ثم التفت الى وعد وقال: لم تعرفني بالآنسة..
قال طارق بلامبالاة: الآنسة وعد..صحفية جديدة في صحيفة الشرق..ولا تزال تحت التمرين..
صافحها السيد فؤاد ومن ثم قال متسائلا: ماذا تفضلان ان تشربا؟..
قال طارق ببرود: نشكرك كثيرا..لكننا نود انهاء عملنا أولاً..
وأردف طارق وهو يخرج من جيب سترته جهاز تسجيل: أأنت مستعد يا سيد فؤاد؟..
- اجل..
ضغط طارق زر التسجيل وبدأ في طرح الأسئلة..ووعد تراقب
ما يفعله.. تراقب كيفية طرحه للأسئلة..وكيف يمكنه تدارك موقف رفض السيد
فؤاد للإجابة..وكيف يمكنه إقناع هذا الأخير بوجهة نظره..إذاً لهذا جاءت
معه..حتى ترى بنفسها وتفهم كيفية التصرف مع أي شخص ستقوم بعمل لقاء صحفي
معه..وكيف يمكنها السيطرة على أي موقف تواجهه..

وظلت تراقب اسألة طارق المتواصلة للسيد فؤاد..ولما وجدت الأول قد صمت للحظات..قالت: سيد فؤاد..هل لي بسؤال؟..
انزعاج واستغراب هو ما كانت تعبر عنه ملامح
طارق..لقاء تدخلها في اللقاء الصحفي والذي قد يفسد الأمر..والتفت لها
بملامح باردة ومنزعجة..لكن وعد قالت بجرأة: لقد سمعت ان بعض الموظفين في
الشركة..يحصلون على رشوى من العملاء..اهذا الحديث صحيح؟..وما رأيك به؟..

ارتفع حاجبا طارق في استغراب من حديث وعد..انها المرة
الأولى التي تأتي الى هذا المكان..هذا اولاً..وثانياً كيف تمتلك الجرأة
لسؤال مباشر كهذا..

في حين تطلع اليها فؤاد وقال وهو يعقد حاجبيه: من اين سمعت مثل هذا الحديث؟..
قالت بحزم: ليس المهم المصدر.. المهم هو ان كان صحيحا ام لا..
قال السيد فؤاد بثقة: بالتأكيد لا..فالعمل هنا يسير بدقة..وهناك رقابة شديدة ولا يمكن لأي من الموظفين ان يستلم رشوى من أي عميل..
هنا قال طارق محاولا تغيير دفة الحديث: يقال انك ستزيد من ارباح شركتك لهذا العام..هل صحيح ما يقال؟..وكيف؟..
أجابه فؤاد عن سؤاله..واستمر اللقاء الصحفي..ووعد لم
تحاول ان تتدخل فيما بعد وآثرت لصمت..كانت تريد ان تتأكد من مقدرتها على
طرح الأسئلة ومن كونها قادرة على مواجهة أي موقف توضع فيه..وايضا..وبصراحة
كانت تريد ان تتحدى طارق وتريه أي فتاة هي..وان عليه ان لا يقلل من شأنها
بعد اليوم....

*********
(هشام..عد إلى المنزل..تبدوا مرهقا)..
قالها احد الموظفين..والذي يشترك مع هشام بالمكتب
ذاته..فقال هذا الأخير بابتسامة باهتة: لست كذلك..لا تحاول..لا تصلح لأن
تكون طبيبا..

قال زميله مبتسما: ومن قال إنني أفكر بمهنة الطب من الأساس..
وأردف بجدية: ولكن حقا يا هشام..أنت تبدوا متعبا وكأنك لم تنم بالأمس..
تنهد هشام..واسند رأسه الى مسند المقعد بتعب..ان ما
يقوله زميله صحيح..هو لم ينم بالأمس..وكل هذا بسبب شجاره مع وعد..أحس
بتأنيب الضمير لما قاله لها ..وكاد ان يتصل بها منتصف الليل ليعتذر عن
تصرفه معها.. ولكن أمرين منعاه من ذلك..لم يكن يريد مضايقتها وإيقاظها من
نومها..وأيضا لم يكن يريد إهدار كرامته..وهي حتى لم تكترث لما حدث..ولكنها
اتصلت به..وحاولت ان تجعله ينسى المشادة التي حصلت لهما بالأمس..و...

وعد..وعد..وعد..الا توجد فتاة في العالم غير وعد
ليفكر فيها..كيف لا..وهو يحبها...لا بل يعشقها.. لقد فتح عينيه على الدنيا
ليجدها الى جواره..تلعب وتضحك..تدرس وتبكي..كل هذا أمام عينيه..انه يعرف
وعد أكثر من نفسه..يعرف ما يغضبها..وما يفرحها..ما يحزنها..وما....

ابتسم ابتسامة مريرة وساخرة لنفسه..الآن هو يحمل نفسه
ذنب انه قد تشاجر معها بالأمس..وهي لا بد انها قد نست الأمر تماما ولم
تهتم إن كان يحدثها أم لا..على العكس ستشعر بالسعادة لأنها سترتاح من
اتصالاته المتكررة لها..

خطر في رأسه بغتة أن يرسل لها رسالة قصيرة..على الأقل
بديلا عن الاعتذار الذي لا يستطيع ان ينطق به..أخرج هاتفه المحمول من جيبه
وكتب رسالة قصيرة لوعد تقول (أتعلمين منذ ان علمت انك تعملين بجريدة
الشرق..توقفت عن شرائها)..

تردد في إرسالها..ربما يزيد النار حطبا هكذا..او ربما تتضايق من رسالته..او...
ابعد هذه الأفكار عن رأسه وأرسل الرسالة القصيرة في
سرعة..قبل أن يتردد مرة أخرى ولا يرسلها..ترى استفهم وعد ما بين السطور و
الاعتذار الذي أرسله مع هذه الرسالة ؟؟..

**********
سار طارق ووعد خارجين من الشركة..وتلك الأخيرة كانت
تشعر ببعض التعب..فتطلعت الى ساعتها وشاهدت ان موعد العمل لم ينتهي
بعد..وبقي على انتهاءه حوالي الساعتين..تريد ان تعود الى المنزل في سرعة
حتى ترتاح قليلا و...

(كيف تسألينه مثل هذا السؤال؟..)
انتبهت على طارق الذي وقف للحظات والتفت عليها
ليسألها السؤال السابق..وتطلعت إليه للحظات للتأكد ما اذا كان منزعج مما
فعلته..أم متقبل الأمر على الأقل..

لكن ملامحه كانت أكثر جمودا من أن توضح أي شيء بداخله..وقالت أخيرا وهي تهز كتفيها: خطر بذهني..وأردت ان اسأله هذا السؤال..
قال طارق وهو يعقد حاجبيه: ومن أين علمت بأمر الرشوى تلك؟..
ابتسمت بالرغم منها وقالت: كان الأمر مجرد حيلة لا أكثر لاستدراجه في الحديث..
صمت طارق وسار مبتعدا عنها الى سيارته..وأحست بأنه
على الأقل غير رافض لما فعلته..وانه قد تقبل الامر..ثم عليه ألا ينسى إنني
صحفية مثلي مثله ومن حقي توجيه الأسئلة خلال أي مقابلة صحفية..

دلفت الى سيارتها وكادت ان تنطلق بها لولا ان سمعت
صول نغمة وصول الرسائل بهاتفها المحمول..من سيرسل لها رسالة في هذا
الوقت..بالتأكيد فرح..فهشام قد تشاجرت معه بالأمس و...

التقطت هاتفها المحمول من جيبها..وفتحت الرسالة والتي
كانت من هشام..استغربت كون ان هشام قد ارسل لها رسالة وخصوصا وإنهم بالأمس
فحسب قد تشاجرا..ربما يكون قد نسي الأمر..أو ما عاد يهمه..قرأت الرسالة
بسرعة..ثم لم تلبث ان ابتسمت..هشام هو هشام..لن يتغير ابدا..أتجيب على
رسالته ام لا..أليست غاضبة مماحدث بالأمس ومن اسلوبه في الحديث
معها؟..حسنا لا بأس.. هي أخطأت وهو أخطأ..لقد تعادلا اذا..فلم الغضب؟..

اتسعت ابتسامتها وهي تترسل له رسالة تقول (أفضل..)..ولم تلبث ان انطلقت بالسيارة.. في طريقها للعودة الى مبنى الصحيفة..
********
فتح عماد باب المنزل في هدوء ودلف الى الداخل..وصعد
الى الطابق الأعلى حيث غرفة نومه ..دلف الى داخل غرفة النوم وخلع ربطة
عنقه..وما ان فعل حتى سمع صوت طرقات على الباب..التفت الى حيث الباب
..وتوجه اليه ليفتحه قائلاً: ما الأمر اماه؟..

قالت له والدته وهي تمنحه فاتورة ما: لقد قمت بشراء
فستان من متجر (رونق)..ولكنه كان بحاجة الى بعض التعديلات..لذا تركته هناك
حتى استلمه اليوم..هل لك ان تذهب الى هناك وتستلمه بدلا مني؟..

التقط الفاتورة منها وقال بابتسامة هادئة: بالتأكيد..
وخرج خارج الغرفة..ليتوجه نحو الطابق الأسفل ومن ثم
نحو سيارته لينطلق بها..وفي ذلك الشارع المجاور للمتجر..كان هناك ازدحام
للسير..وقال مستغربا: هل هناك مناسبة ما..هذا الأسبوع وأنا لا اعلم..

و بالكاد وبعد ربع ساعة تقريبا استطاع العثور على
موقف لسيارته..وكاد ان يوقف سيارته به..لولا ان شاهد سيارة أخرى تهم
بالدخول في الموقف ذاته..فرفع حاجبه وقال مستنكرا: أبحث عن موقف لمدة ربع
ساعة..لأترك هذه السيارة تدلف اليه..هذا ما ينقصني الآن..

شاهد صاحبة السيارة والتي لم يتبين ملامحها جيدا تشير
له بأن يتراجع للوراء..حتى توقف سيارتها هي بالموقف..فقال باستهزاء: وأيضا
تظن ان لها الحق في ان توقف سيارتها في هذا الموقف..

وسمعها تطلق بوق سيارتها ليتراجع..لكنه بدوره اطلق
بوق سيارته حتى تتراجع هي..رفعت تلك الفتاة حاجبيها بدهشة وقالت: إلى متى
سيستمر الوضع هكذا؟..فليبتعد..أريد إيقاف سيارتي..

أطلقت بوق السيارة من جديد..ولما وجد عماد ان الوضع
هكذا خاطئ وخصوصا وان السيارات التي خلفه بدأـ تطلق صيحات الانزعاج..قرر
الابتعاد والبحث عن موقف آخر..وتراجع للوراء ليواصل السير في ذاك
الشارع..في حين أوقفت تلك الفتاة سيارتها بالموقف وهي تقول براحة: وأخيرا..

وعلى الجانب الآخر استغرق عماد عشر دقائق اضافية حتى
عثر على الموقف..وأوقف سيارته به وقال بسخرية وهو يخرج من السيارة: هذا
ضريبة كوني رجلا..وشهما مع الفتيات اللاتي لا يستحقن..

توجه نحو المتجر ودلف اليه..وما ان وطأت قدماه المتجر
حتى رآها..نفس الفتاة التي كانت بتلك السيارة..صحيح انه لم يرى ملامحها
بوضوح..ولكنه متأكد من انها هي..خصوصا مع تلك النظارة الشمسية التي ترفع
بها خصلات شعرها البني الناعم..

ابتسم بسخرية بينه وبين نفسه لهذه الصدفة
الغريبة..وتوجه نحو البائعة ليقول بصوت هادئ وهو يقدم اليها الفاتورة: من
فضلك يا آنسة..هذه فاتورة لفستان قمنا بشرائه بالأمس..وقد احتاج بعض
التعديلات..هل هو جاهز؟..

التقطت البائعة الفاتورة منه..وتطلعت اليها للحظة ومن
ثم قالت: آه..أجل..لحظة واحدة فقط..سأرسل من يحظره لك من متجر الخياطة
المجاور..

أومأ عماد برأسه بهدوء..وأرسلت البائعة احد موظفيها
الى هناك..ولم ينتبه عينا تلك الفتاة التي كانت تختلس نظرات متفرقة
اليه..كانت تتحدث الى نفسها قائلةانه هو..ذلك الشاب الذي رفض الابتعاد عن
الموقف..ثم لم يلبث ان ابتعد وترك المجال لي..انا متأكدة..)

ثم لم تلبث ان اختارت احد الفساتين و توجهت الى حيث البائعة وقالت: كم سعر هذا الفستان يا آنسة؟..
تطلعت البائعة الى البطاقة الصغيرة المعلقة بالفستان وقالت: مئة وأربعون قطعة نقدية..
قالت الفتاة: أعني بعد التخفيض..
أخذت البائعة بحساب المبلغ باستخدام الآلة الحاسبة ومن ثم قالت: تسعون قطعة نقدية..
قالت الفتاة وهي تخرج من محفظتها بطاقة ائتمانية: وهل تقبلون البطاقات الائتمانية؟..
قالت الموظفة في هدوء: كلا..
صمتت الفتاة للحظات ثم قالت: حسنا سأذهب وسأعود بعد دقائق..
قالتها وغادرت المتجر..في حين تقدم عماد من البائعة وقال: ألم يصل الفستان بعد؟..
قالت البائعة بابتسامة: لحظات ويصل يا سيدي..
لمح في تلك اللحظة الفستان الذي تركته الفتاة..لم
يجدها في المتجر وعلم انها قد غادرت..لهذا التقط الفستان من على الطاولة
الموجودة أمام البائعة..وتطلع اليه..انه ينم عن ذوق جميل..يبدوا فستانا
انيقا وجميلا..بالإضافة الى انه هادئ الألوان..سوف يقوم بشرائه من أجل
وعد..فعيد ميلادها لم يتبق له الكثير..

وقال متحدثا إلى البائعة: سوف أقوم بشرائه..
قالت بلامبالاة: تسعون قطعة نقدية من فضلك..
وشاهدت ذلك الموظف الذي ارسلته منذ دقائق الى محل
الخياطة..وهو مقبل عليهما وفي يده كيس..التقطت البائعة الكيس من عند
الموظف وقدمته لعماد الذي اخذه وقال: شكرا..وماذا عن الآخر..

قالت بابتسامة باهتة: ان كنت تريده فسأضعه في الكيس..
أومأ برأسه وقدم لها النقود..وما كاد أن يلتقط الباقي
منها..حتى سمع صوت تلك الفتاة وهي تقول: لقد أحضرت النقود المطلوبة..هل
يمكنني استلام الفستان الآن؟..

التفت عماد إليها وعلم إنها تعني بذلك الفستان الذي قام بشرائه قبل قليل.....
**************
الجميع قد غادر القسم منذ نصف الساعة إلا طارق الذي
انشغل بإعداد التقرير للقاء الصحفي..وما ان انتهى حتى تنهد بهدوء ثم حمل
الأوراق والملف معه ونهض من على مكتبه..استعدادا للمغادرة..

وما ان سار مبتعدا عن المكتب بضع خطوات حتى عاد
أدراجه..بعد ان لمح ورقة على المكتب الخاص بوعد..عقد حاجبيه باستغراب
والتقطها من على المكتب..والتهمت عيناه الكلمات في سرعة ..وما ان انتهى
منه حتى قال بهدوء: جيد..

ووضعه بين أوراقه وغادر القسم بخطوات هادئة..
**********
التفت عماد على تلك الفتاة والتي ظن انها ستغادر
المتجر ولن تعود..وهاهي قد عادت..وهو قام بشراء الفستان الذي اختارته..ما
الذي ستفعله الآن؟..

هز كتفيه وقال بلامبالاة محدثا نفسه: (وماذا يهمني أنا؟..لم يطلب احد منها المغادرة..)
وتوجه ليغادر المتجر..وسمع تلك الفتاة تقول باستنكار قبل ان يغادره : ماذا قام بشرائه؟..
- اجل..
قالت الفتاة في سرعة: حسنا..أليس لديك فستان آخر غيره؟..
- كلا.. انه الأخير..
قالت الفتاة وهي تعقد حاجبيها: أمتأكدة؟..
أومأت البائعة برأسها ايجابيا..فتنهدت الفتاة بحنق
وأسى على الفستان الذي ناسب اختيارها اخيرا بعد عشرات المحلات التي دلفت
اليها ولم يعجبها أي منها..

واستدارت مغادرة..وهنا استطاعت ان تراه..هو من قام
بشرائه..ربما لو تحدثت اليه يقبل ان يتنازل عنه ويبيعني اياه..ولكن...ألا
يعد هذا جرأة مني...

قالت الفتاة مبتسمة بمكر وهي تتحدث الى نفسها ومن قال اني لست كذلك؟..)
وأسرعت إلى حيث يقف عماد ونادته قائلة بصوت مرتفع بعض الشيء: لحظة واحدة من فضلك يا سيد..
التفت اليها عماد..وعقد حاجبيه بغرابة وقال: هل من شيء؟..
قالت الفتاة بارتباك وتردد: الفستان الذي قمت بشرائه..
قال وهو يتطلع الى الكيس الذي بيده: ما به؟..
قالت وهي تزفر بحدة: لقد قمت باختياره..وقررت شرائه قبلك..أليس كذلك؟..
رفع حاجباه باستنكار وقال: وبعد؟..
قالت بتردد أكبر: هو الأخير في هذا المتجر..ولم يبقى سواه.. ومنذ مدة أبحث عن فستان كهذا..هل..هل بإمكانك بيعي إياه؟..
قال وعيناه تتسعان استنكارا: لا بد وانك تمزحين..
قالت في سرعة: استمع إلي..سأقوم بدفع مبلغ أكبر من المبلغ الذي قمت بدفعه انت لشراء هذا الفستان..ما رأيك؟..
قال مستهزئا: أتظنين إنني أفكر بفتح متجر للملابس..ام إنني محتاج لنقودك هذه؟..
فكرت قليلا ثم قالت برجاء: انني احتاجه للغد..لم يعد لدي الوفت الكافي للبحث عن آخر..
قال وهو يمط شفتيه: ليست مشكلتي..
قالت بسرعة وهي تلتفت للبائعة:حسنا انتظر قليلا..
وقالت متحدثة الى البائعة: متى ستحضرون مثل هذا الفستان مرة اخرى..
قالت البائعة في هدوء: ربما بعد اسبوع..
عادت الفتاة لتلتفت الى عماد وقالت: أتحتاجه قبل هذه الفترة يا سيد؟..
هز عماد رأسه نفيا بهدوء..فأسرعت الفتاة تقول: حسنا
ما دام الأمر كذلك..سأقوم بشرائه منك...ويمكنك ان تأتي الى هنا بعد هذا
الأسبوع لتشتري آخر..

قال وهو يعقد حاجبيه: وما الذي يضطرني الى هذا؟..
هزت الفتاة رأسها وقالت: لا شيء..لكن انت لن تخسر شيئا لو تنازلت لي عنه..اما انا فسأخسر الكثير..
صمت عماد لفترة ..فقالت الفتاة برجاء: لن يضرك ان تعود الى المتجر مرة أخرى بعد اسبوع..سأقوم بشراءه منك بالمبلغ الذي تريده..
تحدث عماد أخيرة بعد دقيقة من الصمت وقال: حسنا..يمكنك أخذه..
قالت بسعادة: احقا..أشكرك كثيرا ياسيد..صدقني لن انسى جميلك هذا ابدا..
قدم لها عماد الكيس بهدوء وكاد ان يغادر فقالت بسرعة: انتظر..لم أمنحك النقود بعد..
- لا يهم..
عقدت الفتاة حاجبيها وقالت بضيق: لست معتادة ان اقبل هدايا من أشخاص لا اعرفهم.. اما ان تأخذ النقود..او تعيد أخذ الفستان..
قال عماد بسخرية: فليكن..أعطني اياه اذا..
قالت الفتاة بارتباك: اتمزح؟..
ابتسم عماد لأول مرة منذ ان حدث هذه الفتاة وقال: لا لست أمزح..
رفعت له يدها بالكيس وقالت : فليكن ..خذه..
اتسعت ابتسامته وقال: أين النقود؟..
شعرت الفتاة بالسعادة..لأنها فهمت انها كان يمزح معها
لاغير..وأسرعت تقدم له المبلغ وتقول بابتسامة واسعة: لا اعلم ماذا
اقول..ولكنك كنت شهما معي..اشكرك كثيرا يا سيد..

قال عماد وهو يلتفت عنها: عن اذنك..
ومضى في طريقه مغادرا المتجر..دون ان يدرك انه قد ترك الأثر الكبير في نفس هذه الفتاة..
**********


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:27 am

**** الجزء السادس****


أفكار كثيرة أرغمت وعد على الابتعاد بعقلها عن المكان..كانت متناقضة في ما
بينها ..ولكن لا شيء كان يهمها في هذا التناقض سوى تفكيرها المستمر بذلك
المغرور المدعو طارق..في البداية ظنت انه شاب كغيره من الشباب..ولكنها
وبعد ثلاثة ايام ادركت انه أكثر الأشخاص برودا..ولا مبالاة..ومع هذا لا
زالت تفكر به و...

(وعد..هل أضع لك المزيد؟)

انتبهت وعد الى والدتها ناطقة العبارة السابقة..وقالت وهي تلتفت الى
والدتها التي كانت تهم بوضع المزيد من الأرز في طبقها: كلا..لقد شبعت..

سألها والدها قائلا: لم تخبريني..كيف حال العمل معك؟..
التفت الى والدها وقالت: لم أقم بشيء يسمى عمل إلى الآن..
ابتسم والدها وقال: ماذا تعنين؟..
هزت كتفيها وقالت: التعرف على أقسام الصحيفة..ثم تدريب..وفي النهاية اكون بمثابة مستمعة وحسب..

قال والدها وهو يلتقط احد الصحف من على طاولة الطعام ويبدأ بقراءتها:
بالتأكيد ستكونين كذلك فلا تزالين تحت التمرين..لا يمكنهم ان يدعوك تعملين
هكذا فجأة منذ ان يتم توظيفك..

قالت وعد بضيق: لا تزد إحباطي يا والدي..اذهب الى هناك يوميا منذ الساعة الثامنة ولا أجد شيء ليشغل وقتي الا لساعة او اثنتين..
- ولم لا تقومين بكتابة المواضيع؟..
- كتبت واحدا فعلا ولكني لست مقتنعة به.. لا اظن انه بذلك المستوى الذي يستحق النشر..

وأردفت وهي تتطلع الى والدها بدهشة مصطنعة: ابي..ما هذا؟..الآن أنا اعمل
في صحيفة الشرق..وعليك ان تقوم بتشجيعها.. أي تشتري صحيفة الشرق يوميا
بدلا من هذه..

قال والدها مبتسما: اترك صحيفة قمت بالاعتياد على قراءتها من أجل تشجيعك..لا بد وانك تهذين..
قالت وعد بمرح: وماذا في هذا..ألس...
قاطعها صوت والدتها وهي تقول: وعد هلا كففت عن عبثك هذا..أريد التحدث اليك..
التفتت وعد الى والدتها وقالت: ها انذا استمع..
صمتت والدتها للحظات ومن ثم قالت وهي تحاول انتقاء كلمات مناسبة لما ستقوله:كم عمرك الآن يا وعد؟..
ضحكت وعد وقالت: هل تتحدثين بجدية يا أمي؟..
قالت والدتها بحزم: أجل أتحدث بجدية..
ابتسمت وعد وقالت: حسنا في الثالثة والعشرين..
واردفت وابتسامتها تتسع: استغرب احيانا..كيف لأم ان لا تعرف عمر ابنتها الوحيدة..
قالت والدتها متجاهلة عبارتها: هذا يعني انك كبرت..ومن الممكن بين يوم وآخر ان يأتي أحدهم ويخطبك..
قالت وعد بملل: وهل جاء احد هؤلاء الذين تتكلمين عنهم؟..
قالت والدتها بهدوء واهتمام: ما رأيك بعماد؟..
قالت وعد وهي تلعب بالملعقة في الطبق: ابن خالي..طيب ..هادئ ورزين..
قالت والدتها وهي تتطلع اليها: وأيضا؟..
قالت وعد وهي تتنهد: و أيضا.. ذو أخلاق عالية..يحترم الجميع والجميع يحترمه..
قالت والدتها وهي تتفحص ملامحها مما ستقوله: وما رأيك فيه كزوج؟..
توقفت وعد عند هذه النقطة..وتغيرت معالم وجهها لتترك الملعقة تسقط في
الطبق..وتزفر بملل..اذا كل تلك لم تكن الا مقدمات لا غير..لقد كنت اعلم
منذ البداية ان هذا الاستجواب وراءه أمر ما..
والتفت وعد الى والدتها وقالت ببرود: زوج؟..ولم هل تقدم لخطبتي؟؟..
قالت والدتها متداركة الموقف: ليس هكذا..لكنه يفكر بالزواج.. ففكرت ان آخذ برأيك..
قالت وعد بملل: ابحثي عن غيري يا أمي..
قالت والدتها باستنكار: ولماذا؟..ما الذي يعيب عماد؟..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: لا شيء.. ولكني لا اشعر تجاهه بأي شيء على الإطلاق..
مطت والدتها شفتيها وقالت: عماد شاب وسيم وطموح وثري..لا تتركيه يضيع من
بين يديك من أجل أعذار واهية..وغدا ثروة اخي ستتجه لأشخاص غرباء..
(يكفي هذا.. لا ترغميها مادامت رافضة للامر)
قالها والد وعد بحزم..فقالت والدتها برجاء: ولكنه شاب ممتاز فلم ترفضه..
قال والد وعد بهدوء: ما دامت لا تفكر به كزوج..فدعيها وشأنها...
ابتسمت وعد ابتسامة باهتة لانتهاء هذا النقاش.. وأسرعت تنهض من على طاولة
الطعام ومتوجهة الى الطابق الاعلى..في حين قالت والدتها وهي تهز رأسها
بأسف: ستندم لأنها رفضت شاب مثل عماد..
وعادت لتتنهد..وهي تشعر بالأسى لرفض وعد لمثل هذه الزيجة...ترى أكان رفض وعد في محله؟؟....

***********

(ما هذه المسائل الصعبة؟)


قالتها فرح بعصبية وهي تحاول حل إحدى المسائل الخاصة بمادة ما..وهي تجلس عل طرف فراشها..وتعيد الحساب بالآلة الحاسبة مرارا وتكرارا..
وقالت بسخط: تبا..من اخترع هذه المسألة؟..ثم انه هو نفسه لم يعرف كيفية حلها ..أثق في هذا..
وبغتة اقتحم جو الغرفة المتوتر صوت رنين الهاتف المحمول..التي تضعه فرح
على نغمة هادئة جدا..وتطلعت الى الرقم للحظات قبل ان تقول: أهلا بمن لا
يسأل..
ضحكت وعد وقالت: رويدك علي..ألم نكن معا بالأمس؟..
- بلى ولكن هذا لا ينفي عنك التهمة..
- حسنا إن لم أسأل أنا أو اتصل ..اتصلي أنت..لا أظن اني الوحيدة في هذا الكون التي امتلك خدمة الاتصال بالهاتف..
ابتسمت فرح وقالت: في هذا معك حق ولكن الجامعة لا ترحم..وأظنك قد قمت بتجربتها قبلي..
وأردفت بتساؤل: والآن ما سر اتصالك بي؟..
تنهدت وعد وقالت: اذا فهمتي انني قد اتصلت لسبب ما..
- ابنة عمي وأعرفك أكثر من غيري..
قالت وعد بعد ان زفرت بحدة: عماد..يبدوا وانه حدث أمي بأمر رغبته بالارتباط..
قالت فرح بحيرة: وماذا في هذا؟..
قالت وعد وهي تسير في غرفتها وتتطلع من نافذتها بشرود: وكأنك لا تعلمين.. اني سأكون المرشحة الأولى لهذه الزيجة..
قالت فرح بعد تفكير: ولكن يا وعد..عماد بالفعل شاب جيد..فلم ترفضينه..
قالت وعد وهي لا تزال على شرودها: فرح..ان كنت لا تعلمين فأنا سأخبرك بأن
حلم حياتي ان أتزوج بشخص أحمل له المشاعر في قلبي..وهو بدوره يبادلني هذه
المشاعر..اي أحبه ويحبني..أفهمت؟..
قالت فرح وهي لا تزال على حيرتها: ولكنك لم تندمجي مع عماد بما يكفي.. انك لا تعرفين عنه إلا القليل بحكم زياراته القليلة لكم..
- ولو..هذا لا يعني إنني لا اعلم بأي مشاعر تربطني به..إنها القرابة ليس إلا..
قالت فرح باهتمام:اسمعي يا وعد..أنت الآن في الثالثة والعشرين..أي فكري
جيدا بمن سترتبطين به بعقلك لا بقلبك..وأنت اعلم من أن أخبرك..

لا أظن أن عماد مناسب لي..
- كما تشائين يا وعد وهذه حياتك في النهاية..ولكن فكري قبل ان ترفضي..
قالت وعد بابتسامة شاحبة: لقد رفضت وانتهى الموضوع..
ابتسمت فرح وقالت: يا لك من فتاة..
قالت وعد مبتسمة: حسنا أتركك الآن فغدا لدي عمل وعلي أن أنام مبكرة بعض الشيء..إلى اللقاء..
- إلى اللقاء..
قالتها فرح وأنهت المكالمة..وتنهدت بهدوء.. وتمتمت بصوت خفيض: من كان يصدق..وعد قد تتزوج و..
لم تكمل عبارتها والتفتت الى حيث كتبها..وهنا فقط شاهدت هشام الواقف عند باب غرفتها..وملامح جامدة وغامضة على وجهه.....

*************

تطلع عماد بصمت وشرود من نافذة غرفته الى الشارع التي تطل عليه..كان يلمح
السيارات القادمة والذاهبة..ويتابعها ولكن عقله لم يكن معه..ربما لا
تصدقون.. ولكنه كان يفكر بتلك الفتاة..ولم لا؟..
انه ولأول مرة يرى فتاة بجرأتها وبطريقة تفكيرها الغريبة..تبدوا جريئة
وفوق هذا تظن ان لها الحق في كل شيء تظن انه ملكا لها..وهذا ما جعلها محط
تفكير عماد..
أعاد شريط ما حدث اليوم معها في رأسه العديد من المرات..كلماتها لا تزال
تتردد في ذهنه..وملامحها لا تزال عالقة فيه..عباراتها لا تزال تُعاد في
رأسه المرة تلو الأخرى..والغريب في الأمر انه كان يفكر في البحث عن أسم
مناسب لتلك الفتاة..
العديد من الأسماء مرت بذاكرته ولكن أي منها لم يكن يشعره بأنه مناسب
لها..لكن يا ترى ابعد هذا التفكير من فائدة؟..انه حتى لا يعرف من
تكون..فتاة رآها بالصدفة وافترقا بعدها..لم يشغل نفسه بالتفكير الآن..
أجل لم التفكير؟..عليه ان يبعدها عن ذهنه تماما....

**************

صمت تام خيم على الغرفة...وكأن الصورة قد تجمدت فيها ولم تعد تتحرك..لكن
صوت الأنفاس المتردد في صدريهما اثبت عكس ذلك..وأخيرا تحركت عينا فرح
وهربت بعيناها بعيدا عن هشام..وسؤال واحد أخذ يتردد في ذهنها..منذ متى وهو
يقف هنا؟..
وعادت لتلفت إلى هشام لتجده وقد اقترب بعض خطوات وقال بصوت حاول ان يجعله هادئاً: هل صحيح ما سمعته؟..
قالت فرح بابتسامة مفتعلة: وماذا سمعت بالضبط؟..
قال وهو يتطلع اليها بنظرة متفحصة: كل ما قلتيه..تقريبا..
ارتبكت فرح وقالت: بالتأكيد صحيح والا ما كنت قلته..
قال بجمود: اذا وعد ستتزوج..
اتسعت عينا فرح وقالت بسرعة: كلا ليس المعنى الذي فهمته..عماد يفكر بالارتباط وقد رُشحت له ليس الا..
قال هشام متسائلا باهتمام حاول جاهدا ان لا يظهره: وماذا كان ردها؟..
قالت فرح وهي تلتفت عنه: هي رافضة للأمر..ولكن يبدوا وانها ستفكر فيه
خصوصا وان والدتها تحبذ عماد كزوج لها وبالتأكيد لن يُغلق الموضوع على
رفضها..
قال هشام بسخرية مريرة: وأنت لم تكذبي خبرا فأسرعت بحثها على التفكير في امر هذا الزواج وعدم رفضه..
قالت فرح وهي تمط شفتيها: هشام..انت لا تتحدث الا من منطق مشاعرك
انت..ولكن ماذا عن مشاعرها هي..ماذا عن طموحاتها..وأحلامها..ألا يجوز أن
يكون عماد هو الشخص المناسب لها؟..
قال بعصبية: وبأي حق يكون الأنسب لها..هل يعرفها؟..هل قضى حياته
بجوارها؟..هل شاركها اللعب والدراسة؟..هل حاول مرة ان يخفف من آلامها؟..هل
كان يذهب للانتقام ممن كانوا يؤذونها وهي طفلة؟..أجيبيني هل كان يفعل أي
شيء لها؟..اننا حتى لم نكن نراه..لا يأتي لزيارتنا إلا نادرا..ولا يشاركنا
في أي شيء..هادئ ومنطوي على نفسه طوال الوقت..هل هذا هو الشخص الأنسب لوعد
يا فرح؟..هل هذا هو؟..
شعرت فرح بالألم يقطر من كلمات هشام وهو يذكر لها كل ما جمعه بوعد منذ
أيام طفولتهما حتى الآن ويقارن به عماد..وأحست بالأسى لما يعانيه شقيقها
ولكن ليس بيدها ما تفعله..وتنهدت بمرارة قبل ان تقول: الحب لا يأتي
بالمشاركة يا هشام..ربما يكون حب الأهل والأقارب هو ما يأتي على هذا
النحو..ولكن حب فتاة لشاب لا..الفتاة تبحث عمن يشاركها أفكارها
وطموحاتها..من يحسسها باهتمامه..من تشعر انه متوافق معها وتشعر به قريب
منها..يحسسها بمشاعر تولد داخلها كلما رأته أو سمعت صوته..


عقد هشام حاجبيه بغضب وكاد أن يهم بقول شيء ما ولكنه تراجع..وأحست فرح
بغضبه ولكنها لم تحبذ أن تتحدث اليه وهو على هذه الحالة لأنه سينفجر في
وجهها بكل تأكيد..وأشاحت بوجهها عنه متطلعة الى الدفتر الذي كانت تقوم بحل
المسألة فيه قبل قليل..وظلت لدقيقة والصمت يغلف الغرفة..
وعندما عادت ورفعت ناظريها للمكان الذي يقف به هشام منذ لحظات..كان هذا الأخير قد اختفى من الغرفة...


التفت ليتطلع الى أحمد..لا يبدوا مرتبطا على الرغم من انه يبدوا في
الثلاثين من عمره..فأصابعه لا تحتوي على خاتم زواج أو خطوبة..والآخر
كذلك..اي قسم أقحمت به وعد الملئ بالشباب العازبين؟..فتاة مثلها يمكن أن
تأسر أي شخص بمرحها وحيويتها..بشخصيتها الفريدة..وبابتسامتها العذبة التي
...
ابعد الافكار عنه وهو يلمح ذلك العامل وهويضع قدح القهوة أمامه..وقال وهو يلتقطه: شكرا..
ابتعد العامل عنه مغادرا القسم..وقال أحمد في تلك اللحظة محاولا تحطيم
الصمت الذي غلفهما نظرا لشخصيته العفوية ببدء الحديث: سيد هشام..أهنئك على
ابنة عمك..فلها مستقبل باهر بالصحافة..
لم يعلم أحمد انه بكلماته تلك انما يزيد الطين بلة..وقال هشام ببرود شديد: أشكرك على المجاملة..
سأله أحمد قائلا: وماذا تعمل أنت يا سيد هشام؟..
ارتشف هشام القهوة ثم قال: مهندس في إحدى شركات المقاولات..
وجاءت وعد في تلك اللحظة..فقال هشام في سرعة: هل نمضي؟..
أومأت برأسها..فغادر معها القسم..وتوجها نحو قسم المصاعد وسألته وعد قائلة
بفضول: أي امر مهم لهذه الدرجة جعلك تتكرم وتقوم بزيارتي في عملي؟..
قال هشام وهو يدلف الى داخل المصعد: ستعرفين بعد قليل..
شعرت بالقلق وقالت وهي تدلف خلفه الى المصعد: هل حدث أمر ما لفرح؟..
قال وهو يهز رأسه نفيا والمصعد يهبط بهما الى الدور الأرضي: الجميع بخير..لا تقلقي..
- اذا ماذا هناك؟؟
قال وهو يتنهد: اريد الحديث معك في موضوع ..هذا كل ما في الأمر..
قالت بعصبية بالرغم منها: وهل هذا يستدعي اخراجي من العمل ..وعدم ذهابك انت بدورك لعملك..لقد ظننت ان امرا سيئا قد حدث..
- كنت أود الحديث معك على انفراد..
- ألا ينتظر هذا الأمر للغدأو بعد ان انتهي من عملي؟..
وصل المصعد في تلك اللحظة الى الدور الأرضي..فالتزما الصمت حتى وصلا الى مواقف الصحيفة..فقال حينها: لقد حاولت تأجيله ولكن...
صمت دون أن يكمل..فقالت وعد وهي تلتفت له: ولكن ماذا؟..
تنهد مرة أخرى وقال: لاشيء..تعالي معي في سيارتي..سنذهب الى احد الأماكن لنتحدث بهدوء..
أوقفته وعد بأن أمسكت بذراعه بهدوء وقالت بقلق: هشام..انت لا تبدوا طبيعيا..اخبرني الحقيقة هل حدث شيء لأحد من أهلي ..
التفت لها وقال بابتسامة شاحبة: اقسم انه لم يحدث لهم شيء..ولكني متعب فقط ..لا تقلقي..
وتوجه الى سيارته ليحتل مقعد القيادة..واحتلت وعد المقعد المجاور له ..وما ان انطلقت بهما السيارة حتى قالت وعد: والآن ما الأمر؟..
ظل صامتا ولم يجبها..فقالت وعد وهي تلتفت له بحيرة: هشام..هل هو أمر يتعلق بي أم بك؟..أخبرني بهذا على الأقل..
أوقف السيارة بغتة على جانب الطريق الرملي..وقال وهو يلتفت لها: يتعلق بكلانا..
أحست بالدهشة مما يقوله وقالت: تحدث اذا لا تظل صامتا هكذا..وأحاول جاهدة جعلك تتحدث..
عقد حاجبيه بغتة وقال مباشرة: هل صحيح انك ستتزوجين؟..
ارتفع حاجباها بغرابة وقالت: من قال هذا؟..
احتد وقال: الم يتقدم عماد لخطبتك؟..
قالت وهي تلوح بكفها: ابدا..لم يحدث هذا..كل مافي الأمر..انه يفكر بالزواج..وأمي اخذت رأيي بالأمر..وقد رفضت وانتهى الأمر..
سألها قائلا: ولماذا ترفضين شاب ثري ووسيم وطموح مثل عماد؟..
التفتت عنه لتتطلع من النافذة وقالت: لانني وبكل صراحة لا أحمل له أي
مشاعر خاصة..لا شيء يربطني به سوى القرابة..انني حتى لا اعرفه جيدا..كنت
اراه لفترات بسيطة عندما يأتي لزيارتنا..كيف اقبل بشاب لا اعرف عنه الا
اقل القليل؟..
ارتخت عضلات هشام واحس بالراحة لكلماتها..فإن رفضها هذا يعني انه لا مجال
للتراجع عنه..وهو يعلم كم هي عنيدة ومن الصعب ردعها عن قرار اتخذته..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:28 am

وسمع وعد تسأله في تلك اللحظة: ولكن كيف علمت بالأمر؟..
- سمعت فرح وهي تتحدث اليك عن طريق الصدفة..
ابتسمت وعد وقالت: الصدفة ام انك كنت تسترق السمع؟..
قال وقد عادت له سخريته: لن استرق السمع من أجل امر تافه كهذا..
قالت بسخرية بدورها: أمر تافه..وأخرجتني من العمل لأجله..
وأردفت باهتمام: ولكن حقا أنت ايضا لم تذهب لعملك اليوم..امن اجل هذا الأمر..
- قمت بأخذ اجازة لساعتين..
قالت متسائلة بتردد وقد عادت اليها كلمات فرح لها بشأن مشاعر هشام تجاهها: و هل هذا الأمر يهمك الى هذه الدرجة؟..
هز كتفيه وقال: بالتأكيد..ألست ابن عمك؟..
ابتسمت وعد وقالت: ابن عمي ولست والدتي لتهتم ان كنت قد خطبت أم لا..
ولما لم يعلق على عبارتها قالت: ما بالك متجهم هكذا..لم ارى ابتسامتك منذ أن خرجنا..
شرد هشام وحدث نفسه قائلا: (تريدين ان
ترين ابتسامتي يا وعد..كيف للحزن والسعادة ان يلتقيا ..ليتك فقط تفهمين
معنى كل ما افعله..ولكنك اما تتجاهلين الأمر ولا تهتمين له..او ربما لا
تفهمينه حقا)..

عقدت وعد ساعديها امام صدرها لما شاهدته على شروده وقالت: اعدني الآن الى الصحيفة..
قال وهو يلتفت لها: لم تنتهي اجازتك بعد..
- اعلم ولكنك صامت أو شارد طول الوقت..هل تريدني ان اتحدث مع الحائط..
قال بابتسامة: لا يوجد حائط بالسيارة ..ركزي على ما تقولين..
ارتبكت وقالت: فليكن..المهم أريد ان اعود الى الصحيفة..
مال نحوها قليلا وقال: ما رأيك ان ادعوك على شيء تحبينه..
- ماذا تعني؟..
- الكعك الذي تحبين..
ابتسمت وقالت: ان كان الأمر يتعلق بالكعك فأنا موافقة..
- ولكن حاذري ان لا تصابي بالسمنة..
قالت بنظرة حانقة: اصمت..
ضحك وقال وهو يدير مقود القيادة وينطلق بالسيارة: لا داعي للغضب..يمكنك عمل حمية بعد أن تصابي بالسمنة..
لم تجبه وعد وهذا ما أثار استغرابه..فقال مبتسما: ما الامر ألم تغضبك كلماتي..أأنا خفيف الدم الى هذه الدرجة..
- بل ثقيله..والى أقصى درجة ايضا..
وأردفت بابتسامة رقيقة:ولكني أشعر بالسعادة لأنك عدت الى طبيعتك..فهذا هو هشام الذي أعرف..
خفق قلب هشام في قوة ..منذ متى وانت
رقيقة معي يا وعد..منذ متى وانت تتحدثين الي بهذه الطريقة الحانية..ربما
لأننا لوحدنا فقط..وربما لأني لم أحاول اثارة غضبك..وربما لأني اعني لك
شيئا على الأقل..

وقال بابتسامة حانية: ومن لا يستطيع ان لا يعود الى طبيعته..وأنت معه..
وانطلق بالسيارة وكلمات وعد له تتردد
في اذنه..وتجعله يحيا في عالم من الأحلام..وربما لن تلبث أن تتحطم على
صخرة الواقع..أقول ربما..ولا أحد يعلم ما قد يخفيه القدر لأي منهم....

************

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:28 am

*الجزء السابع*
(أريد أن أعلم..من أنت؟)


أوقف هشام سيارته بجانب مبنى الصحيفة وقال: لا تفرحي كثيرا.. فلن آخذ إجازة من عملي كل يوم حتى أخرجك معي في نزهة ما..
قالت وعد بسخرية: كل هذا لأنني قلت لك أنني سعيدة اليوم..وما يدريك انني
سعيدة لخروجي معك..ألا يحتمل أن ما أسعدني هو شيء حصل معي بالصحيفة..ثم من
قال انني كنت أفكر بالخروج معك من الأساس..أنت من دعوتني..
التفت لها وقال مبتسما: لتمضية الوقت لا أكثر..
ابتسمت وقالت: حسنا لذا..أراك بخير ..إلى اللقاء..
قالتها وفتحت باب السيارة..فأسرع هشام يهتف بها قائلا: وعد..
التفتت له بحيرة فقال بابتسامة حانية: اهتمي بنفسك..
قالت وهي ترفع حاجبيها: ألا تغير هذه الجملة ابدا؟..أسمعها منك في اليوم الواحد أكثر من ثلاث مرات..
قال بسخرية: قبل الطعام أم بعده..؟
أخرجت له لسانها وقالت: سخيف..
تابعها بنظراته وهي تغادر سيارته وتتوجه نحو المبنى..وقال هامسا: لو تعلمين فقط كم أحبك..وكم أتمنى أن أرى نظرة حب في عينيك لأجلي..
وتنهد وهو ينطلق بالسيارة مبتعدا عن المكان..وعلى الطرف الآخر..كانت وعد
قد وصلت في هذه اللحظة إلى القسم الذي تعمل به..وما ان دلفت حتى قال أحمد
مازحا: أهذا الشاب الوسيم هو ابن عمك حقا؟..
قالت مبتسمة: هل أحضر لك بطاقته الشخصية لتتأكد؟..
قال مبتسما: كلا..وإنما اعني انه ابن عمك فقط؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت:وأنا ابنة عمه ايضا..
ضحك أحمد بمرح وقال: أحقا؟..يا للمصادفة..
ضحكاتهم..وحديثهم المرح..جعلت طارق يترك ما بين يديه للحظات ..ويتطلع
اليهم..والى الفتاة التي اقتحمت هذا المكتب لتضفي جو من المرح عليه بعد أن
كان هادئا وساكنا منذ دقيقة وحسب..
وسمع وعد تقول في تلك اللحظة: أستاذ أحمد..ألديك جريدة اليوم؟..سأمضي
الوقت بقراءة شيء ما..أفضل من الشرود أو كتابة مواضيع لا معنى لها..
التقط أحمد الصحيفة من فوق مكتبه وقال: بلى لدي.. ويمكنك الحصول على واحدة ان أردت..
أخذت الصحيفة منه وقالت: لا داعي..فلا أريد قراءة شيء مهم..سأقرأها وأعيدها إليك..
- ويمكنك أخذها إن أردت..
- كلا شكرا لك..
وبدأت بقراءة الصفحة الأولى..أول ما فكرت به وهي تتطلع الى هذه الصفحة ان
ترى المواضيع التي يكتبها طارق..تريد أن ترى طريقة كتاباته..أهي باردة
مثله؟..أم إنها ذات أسلوب خاص..
جذبها ذلك العنوان والذي أشار إلى موضوع يتعلق بمن التقت هي وطارق به
بالأمس..العنوان كان غريبا قليلا..ولكنه بكل تأكيد يمكن أن يجذب القارئ
المهتم بمثل هذه الأمور.."نحو الأفضل"..هذا هو العنوان الذي اختاره طارق
للموضوع المتعلق بالمقابلة مع المدير العام لتلك الشركة الفخمة..
اختطفت الكلمات في لهفة..أسلوبه لا يبدوا باردا أبدا..على العكس منه يبدوا
سلساً وبسيطاً ولا تعتريه أي تعقيدات..وحتى طريقة طرحه للموضوع تبدوا
منظمة ومميزة..
وواصلت قراءتها للموضوع..وبغتة..تعلقت عيناها بأحد السطور..وأعادت قراءته
لتتأكد منه وان قراءتها للسطر لم تكن خاطئة أو غير صحيحة..انه
سؤالها..سؤالها الذي طرحته على المدير العام..ها هي ذي ترى إجابته في
الموضوع..بعد أن اعاد طارق صياغته..هل اهتم بسؤالها حقا؟..هل كان سؤالها
جيدا وفي محله؟..أنها لا تذكر غير نظرات الاستنكار التي رأتها في عينيه
بعد أن قامت بطرح السؤال..وتذكر أيضا لهجته التي تدل عن الانزعاج عندما
سألها عند المواقف عن كيفية طرح مثل هذا السؤال الجريء..ظنت إن الأمر
سيمضي ولن يضع لسؤالها أي اهتمام..لكن هاهي ذي ترى إجابة المدير العام
عليها في الموضوع..
يا ترى هل هو سؤالي الذي ربما يكون جيدا قد دفعه لوضع إجابته بالموضوع..أم
انه قد وضعه هكذا دون اهتمام؟..لا أظن.. فهو لن يضع كلمة واحدة في احد
مواضيعه دون اهتمام..إنها تذكر ما قاله أحمد بأن طارق هو الصحفي الأكفأ
بالصحيفة..فكيف له أن يضع كلمة أو جملة في الموضوع غير مهتم لوجودها فيه..
والتفتت الى طارق وقالت بشرود وهي تتحدث الى نفسها: (أريد أن أعلم..أريد أن أفهم..ما معنى تصرفاتك؟..ومن أنت؟)..
*********
انشغل عماد بقراءة احد الملفات والتوقيع عليه ..وانتزعه صوت رنين هاتفه
المحمول من اندماجه في العمل..فتنهد والتقطه من جيب سترته قبل أن يتطلع
إلى رقم الهاتف الذي أخذ يضيء على شاشته..وقال بابتسامة وهو يجيبه: أهلا
(عمر)..كيف حالك؟..
(عمر صديق عماد منذ ايام الجامعة..شاب طيب وذا أخلاق عالية..وافترقا بعد
تخرجهما حيث عمل عماد بشركة والده وعمل عمر بأحد البنوك التجارية)..
قال عمر بابتسامة: بخير..وأنت..ماذا عنك؟..
- في أحسن الأحوال..
قال عمر وابتسامته تتسع: في الحقيقة لقد اتصلت بك..قاصدا منك خدمة..
قال عماد بهدوء: اطلب ما تشاء يا عمر..ولا تخجل..
قال عمر وهو يحاول انتقاء كلماته: بالأمس فقط تعطلت سيارتي..واضطررت ان
آتي هذا الصباح مع أحد الزملاء الى البنك.ولكنه للأسف لديه عمل لوقت إضافي
وسيستمر لساعتين إضافتين...
قال عماد مازحاً: حسنا وماذا في هذا.. انتظره..انها ساعتين لا أكثر..
قال عمر بضيق: أتمزح يا عماد؟..إن كنت تستطيع إيصالي إلى المنزل فتعال إلى البنك..أظنك تعرف العنوان..
- بلى اعرف..ولكن ماذا إذا لم أكن أستطيع إيصالك؟..
قال عمر بغيظ: ابقى في مكتبك إذا..ولا تتحرك..
ضحك عماد بهدوء وقال: أنا قادم يا عمر..أهم شيء راحتك عندنا..
قال عمر بتعالي مصطنع: وأسرع من فضلك..
- أظن إنني سأبقى في المكتب أفضل لي...
أسرع عمر يقول: إنني امزح.. حذار إن لا تأتي..
قال عماد وهو ينهض من خلف مكتبه: مسافة الطريق وأكون عندك..مع السلامة..
قال عمر مبتسما: أشكرك..إلى اللقاء..
وغادر عماد مكتبه ليقول متحدثا إلى السكرتيرة: أي اتصالات تأتي على
المكتب..اعتذري بالنيابة عني..وان كانت هامة اطلبي منهم الاتصال على هاتفي
المحمول..
أومأت السكرتيرة برأسها ايجابيا..فواصل طريقه مغادرا مبنى الشركة..ومنطلقا
بسيارته متوجها الى البنك..وما ان وصل حتى أوقف سيارته واتصل بصديقه عمر
حتى يطلب منه الخروج..
ضغط رقم هاتف عمر وانتظر سماع رده..وما ان أجاب هذا الأخير حتى قال عماد: أنا بأحد مواقف البنك الآن..انتظرك..
قال عمر بهدوء: أيمكنك الدخول للدقائق؟..فقد اتأخر قليلا..فلم أتوقع أن تصل بهذه السرعة..
قال عماد وهو يدس أصابعه بين خصلات شعره: أكاد لا أفهمك..ما دمت لم تنهي أعمالك فلم قمت بالإتصال بي..
قال عمر بابتسامة: توقعت ان انهيها ريثما تصل..ولكنك جئت في وقت قصير..كم كانت سرعة السيارة وأنت قادم؟..
قال عماد بسخرية: عشرون..
ضحك عمر وقال: حقا..لم أكن اعلم ان شركتك مجاورة للبنك الذي أعمل به..
قال عماد بجدية: أخبرني الآن كيف أدخل الى البنك؟..
قال عمر وهو يهز كتفيه: كما يدخل البقية..ادخل الى البنك وسأكون بانتظارك..
قال عماد بضجر: فليكن..ولكن لا تتصل بي مرة أخرى قبل أن تنهي أعمالك..فلا أحب الانتظار لفترات طويلة..
قال عمر بمرح: حسنا..المعذرة..لن أعيدها مرة أخرى..الى اللقاء..
أغلق عماد الهاتف وهبط من السيارة ليتوجه إلى البنك..دلف من البوابة
الالكترونية عابرا إلى داخل البنك..وهناك سار بخطوات هادئة وهو يلمح
المكان الذي يسير فيه..كان يحتوي على مقاعد..نباتات للزينة..ركن صغير
نسبياً للاستقبال..وبعض المكاتب الذي يفصلها عن الخارج نافذة من زجاج
تحتوي على فجوة صغيرة تكفي لتسليم المال..أو استلامه..
(عماد..من هنا..)
لمح عمر وهو يلوح له بيده من مسافة بسيطة..فابتسم وهو يقترب منه ويصافحه قائلا: ألا نراك يا عمر إلا في الظروف الطارئة؟..
قال عمر مبتسما: مرحبا بك أولا..وثانيا..أنت الذي لم تعد تتصل..
رفع عماد حاجبيه وقال: أنا أم أنت الدائم الانشغال..
ضحك عمر وقال: تعال معي الآن..قبل أن نتشاجر..
سار عماد بجواره تقريبا الى ان وقفا أمام باب في زاوية من زوايا
الممر..فأخرج عمر بطاقته الخاصة وفتح به الباب..فابتسم عماد وقال: من
الجيد انني عرفت انك تملك بطاقة كهذه..حتى أستعيرها منك ان احتجُت للمال..
قال عمر بسخرية: بلى سأفعل..ان كنت ترغب في موتي..
قال عماد بسخرية: لن يقتلوك..مجرد فصل من العمل لا أكثر..
- وثلاث شهور في السجن..
- ستمضي سريعا..لا تقلق..
قال عمر وهو يلتفت له بضيق: هل لك أن تصمت ريثما أقوم بإنجاز أعمالي؟..
قالها عمر وتوجه ليجلس على مقعد مواجه لذلك المكتب الذي يواجهه تلك
النافذة الزجاجية ذات الفجوة..فسأله عماد وهو يقترب منه ويجلس على مقعد
مجاور له: كيف عملك هنا؟..
قال عماد وهو يسرع بقراءة أحد الأوراق: جيد..لا بأس به..
- ما رأيك بالعمل معي ..بالشركة..
- لا أريد أن أكون تحت أمرتك..
ضحك عماد وقال: لم؟..أتخشى أن أكلفك بعمل إضافي..
ابتسم عمر وقال: كلا..ولكن دعني اعمل هنا افضل لي..ولك..
قال عماد بجدية: أـظن ان العمل سيؤثر على صداقتنا يا عمر..تكون مخطئ ان فكرت هكذا..
قال عمر بهدوء: عملي جيد وليس به ما يرهق..أفضل العمل هنا وببنك..من العمل في شركة..
قال عماد وهو يزفر بحرارة: كما تشاء..ولكن في أي وقت تغير رأيك فيه..اتصل بي..
أومأ عمر برأسه ايجابيا وواصل العمل..وبعدعشر دقائق من الانتظار..قال عمر
أخيرا:ها قد انتهيت.. سأذهب لوضع هذه الورقة بالملف ..وأعود لنغادر..
قالها ونهض من خلف مكتبه ليتوجه نحو الأدراج التي بنهاية المكتب..تاركا عماد جالسا على المقعد المجاور لمقعده..
( من فضلك يا سيد؟..)
التفت عماد إلى مصدر الصوت نحو النافذة الزجاجية..وقال بهدوء: هل من شيء؟..
وما ان قالها حتى اعترت الدهشة ملامحه ..وتطلع الى تلك الفتاة الواقفة
امامه..وهذه الأخيرة لم تكن بافضل حالا منه..فقد اتسعت عيناها وهي تقول
بدهشة: هذا أنت..!!
كانت من تقف أمامه..تلك الفتاة التي رآها في ذلك المتجر..وقد تحدثت معه بشأن أن يبيعها الفستان..بالتأكيد لم تنسوها بعد..
وقبل أن يجيبها عماد قالت بعصبية: إذا أنت تعمل هنا..لكن هذا لا
يهمني..أريد أن افهم يا سيد ما سبب هذه الفواتير الخاطئة ..لقد قمت بالسحب
قبل اسبوع من الجهاز الآلي مئة قطعة نقدية..والآن عندما قمت بالسحب خمسون
فحسب..شاهدت ان حسابي ينقصه مائتي قطعة نقدية..أريد أن افهم سبب مثل هذه
الأخطاء..ومثل هذا الإهمال من الموظفين..
كان عماد يستمع إليها وشبح ابتسامة ترتسم على شفتيه..وقال عندما أنهت
حديثها وابتسامته تكاد ترتسم على شفتيه: إنهم لا يهملون في عملهم..ربما
يكون هناك خلل في الجهاز..
قالت بحدة: هذا ليس ذنبي..إن استمر الأمر على هذه الحال فسأجد رصيدي بعد شهر قد أصبح صفرا..
قال عماد بهدوء: حسنا سيرون مشكلتك..اهدئي انت فقط..
قالت بحدة أكبر: لن أتحرك قبل ان تتصرف وتجد لي حلا..ألست موظفا هنا؟..
ارتسمت ابتسامة على شفتيه والتفت الى الوراء ليقول: عمر..هناك عميلة لديها مشكلة وترغب بالمساعدة..
سألته وهي تعقد حاجبيها: ما الأمر؟..لماذا لا تقوم انت بالمساعدة؟..ألست تعمل هنا؟..
أجابها عمر الذي جاء لتوه وقال: كلا يا آنسة..انه صديقي ولا يعمل هنا..والآن ما هي مشكلتك؟..
أحست الفتاة بإحراج كبير وخصوصا للطريقة التي تحدثت بها مع عماد..وعلى
الرغم من انه لا يعمل بالبنك..إلا انه لم يحاول إحراجها..على العكس ظل
صامتا..انه يشعرها بالذنب وبتأنيب الضمير خصوصا مع هدوءه هذا الذي يواجه
به تصرفاتها المندفعة..
تحدثت إلى عمر بهدوء على عكس عصبيتها السابقة..ولا تلبث بين الفينة
والأخرى إلا ان تختلس النظرات الى عماد..يا ترى ماهو رأيه بي
الآن...وخصوصا بعد أن رآني بجميع حالاتي العصبية والمندفعة..في كل مرة
أراه لابد وأن يحدث شيء ما..لم؟.. اريد ان افهم..
وصمتت بغتة وهي ترى عماد ينهض من مقعده ويقول متحدثا الى عمر: سأغادر الآن..اذا انهيت اعمالك اتبعني الى السيارة..
قال عمر في سرعة: حسنا..
والتفت الى الفتاة ليقول: أكملي يا آنسة..
تابعت عيناها عماد وهو يغادر المكتب وقالت بكلمات سريعة: هذا ما حدث يا
سيد..هناك خطأ بالفواتير..وكلما حاولت سحب مبلغ ما..ارى رصيدي قد انخفض..
قال عمر وهو يتطلع الى الفواتير: سأرى المشكلة..من فضلك هلا مررت بالغد؟..لأن دوام العمل قد انتهى الآن..ومعذرة فعلي أن اغادر..
- لا بأس..
قالتها وأسرعت عيناها تتطلعان باتجاه بوابة الخروج لترى ان كان عماد قد
غادر ام لا..عليها على الأقل ان تعتذر منه لأسلوبها الفظ معه..
أخذت عيناها تبحثان عنه..وأخيرا شاهدته وهو يهم بالخروج من البوابة..اسرعت
بخطواتها متجهة اليه ونادته قائلة ولم يعد يفصلها عنه غير ثلاثة امتار: من
فضلك يا سيد؟..
استغرب عماد ندائها له..والتفت لها وقال بحيرة: ما الأمر؟..
توقفت ومن ثم قالت بقليل من الارتباك: كنت أود ان اعتذر منك..
قال عماد وهو يرفع حاجبيه: ولم؟..ما حدث معك أمر طبيعي..يمكن ان يحدث مع
أي شخص آخر..ولست منزعجا ابدا مما حدث..ثم انها أموالك ومن حقك ان تخشي
عليها..
قالت بابتسامة مرتبكة: لقد كنت شهما معي دائما..ولم يكن علي أبدا ان أبدي
مثل هذه العصبية والغضب وانا اتحدث اليك..أنا آسفة..لم أكن أعلم بأنك لست
موظفا هنا..
ابتسم عماد وقال: لا داعي للاعتذار..لم يحدث شيء أبدا..وبصراحة انا سعيد لأنني التقيت بك مرة أخرى..
قالت بإحراج: ولقاء حاد جدا..
صمت وهو يتطلع اليها..هاهي ذي نظراتها الشمسية ترفع بها خصلات شعرها البني..تبدوا جميلة ورائعة و...
وجد نفسه يسألها قائلا: حسنا ما دمنا قد التقينا الآن..وحدث بيننا سوء تفاهم لا معنى له..هل تسمحين لي ان أسألك عن اسمك؟..
حنت رأسها قليلا وقالت: (لــيلـى)..والآن هل تسمح لي بأن اسألك السؤال نفسه؟..
ليلى..ليلى..لقد كان يبحث عن أسماء كثيرة تناسبها..لكن ابدا لم يخطر هذا الاسم في ذهنه..
واجابها قائلا وهو يمد يده مصافحا: عماد..وتشرفت بمعرفتك يا آنسة ليلى..
قالت وهي تصافحه: بل انا من لي الشرف يا سيد عماد..
وأردفت بابتسامة: الى اللقاء الآن..وأظن ان الصدف لن تدعنا وشأننا وسنلتقي مرة أخرى..
قال عماد بدهشة: وما يدريك؟..
اتسعت ابتسامتها وقالت: مجرد حدس..
قالتها ومضت في طريقها مغادرة المكان..في حين قال عماد بصوت هامس وهو يراها تتوجه نحو سيارتها: اتمنى هذا..
وبغتة شعر بكف توضع على كتفه وصوت صاحبها يقول: هيا بنا الآن يا عماد..
اومأ عماد برأسه وهو يتوجه نحو سيارته..وتفكيره بات مقتصرا على تلك الفتاة التي فارقها منذ دقائق..
************
يوم جديد لوعد بالعمل كسابقه..وهاهي ذي نراها
تزفر بملل وهي تراقب كل من حولها منشغلين بالعمل وكعادتها هي ..ليس لديها
ما يشغلها سوى الورق والأقلام..ماذا تكتب؟..لا شيء مهم يطرأ في ذهنها في
هذه اللحظة..أمسكت بالقلم وكتبت أول ما جال بذهنها..
" برودك يغيظني..
تجاهلك يثير حيرتي..
أخبرني اي شخص هو أنت..
لا ..بل من أنت؟..
لم اشعر بكل هذا الاهتمام؟..
وأنت لا ترفع رأسك وتنظر الى الأمام..
إلي..
انظر إلي..
حقاً أريد أن أراك..
أريد أن اعلم أي شخص هو أنت..
برود وصمت..
ام اهتمام خلف قناع من ثلج؟..
أحقا تشعر كباقي البشر..
أم بت صلبا كالصخر..
بالله عليك كرهت هذا الصمت..
تحدث واخبرني...من أنت؟.."
ابتسمت بسخرية بعد أن انتهت..أي سخافات كتبتها وهي تفكر بذلك الجليد
الجالس إلى جوارها..كيف تفكر به..وهو إلى الآن لم يجب حتى على تحيتها..يا
للتفاهة..
أمسكت بالورقة..وطوتها بقبضتها بقوة.. قبل ان ترميها بأحد أدراج مكتبها
بإهمال..يا للسخف..كيف لي ان أفكر بشخص كهذا..هل انتهى جميع من بالعالم
حتى أفكر بمن أحرجني يوما أمام الجميع..
وقالت وهي تلتفت الى أحمد: من فضلك يا أستاذ أحمد..هلا أعطيتني الصحيفة؟..
التقط أحمد الصحيفة من على مكتبه وسلمها لها قائلا بابتسامة: تفضلي..
التقطتها منه وقالت بابتسامة واسعة: اشكرك..
وتطلعت الى الصفحة الأولى..تريد أن ترى ما يكتب..أيضا!!.. تريدين أن تقرأي له يا وعد ..كلا لن أهتم..
وبلامبالاة..تصفحت الجريدة..وهي تقرأها لتمضية الوقت ليس الا..وتوقفت
عيناها أمام أحد العناوين بها..كان موضوع بالصفحة ما قبل الأخيرة..وهو
يحتل أحد زوايا الصفحة..عنوان ذلك الموضوع كان..(في عقل كل منا..طفل)...
************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:28 am

*الجزء الثامن*
(هل من الممكن أن يتحطم الجليد؟..)




تعلقت عينا وعد بتلك السطور بالصحيفة..والتي كانت
تنشر لها موضوعا تذكر إنها كتبته قبل يومين ..وتركته بإهمال على المكتب
..لأنها شعرت بأنه غير صالح للنشر...

ولكن مادامت لم تقم بإرسال الموضوع الى رئيس التحرير
حتى يقوم بنشره فمن فعل؟..إنها لا تذكر انها قد طلبت من أحد ذلك..أو إن
احدهم تحدث إليها بشأن نشر هذا الموضوع..إذاً من نشر هذا الموضوع وكيف؟؟..

وقفزت تساؤلاتها إلى لسانها لتقول بصوت مسموع: انه موضوعي..كيف نُشر بالصحيفة ومن قام بنشره؟..
انتبه لها أحمد وقال وهو يلتفت لها: أتقولين بأن موضوعك قد نُشر..هذا أمر جيد بالنسبة لصحفية تحت التمرين مثلك..
قالت وهي تهز رأسها: ليست المشكلة في أن الموضوع قد
نشر أم لا..المشكلة اني لم آخذه للنشر..وها انذا..اراه قد نشر في صفحات
هذه الجريدة..فمن يكون قد فعل وقا....

(أنا..)
الصوت البارد كالثلج الذي جعلها تلتفت بغرابة ودهشة
الى صاحبه..وتتطلع الى طارق بحيرة ..قبل ان تتمتم بعدم تصديق: أنت من قام
بنشر موضوعي؟..

قال طارق وهو يمسك بقلمه و يتطلع اليها بنظرة باردة: أجل..أنا..
ظهرت نظرات التشكك وعدم التصديق في عيني وعد..أي شخص
آخر سواه كانت ستصدق الا هذا الجليد..ثم كيف يقوم بنشر موضوعها دون ان
يستشيرها حتى...

إحراج طارق لها في أول يوم لها..وتجاهله
لها..وتصرفاته الباردة والغير مبالية معها..كل هذا جعلها تقول من باب
الانتقام: ومن سمح لك بنشر الموضوع؟..

حرك طارق القلم بين إصبعيه بلامبالاة وقال: أظن إن اسمك الموجود بنهاية الموضوع وليس اسمي..أو اسم أي شخص سواي..
اختطفت نظرة سريعة الى الموضوع لتتأكد من ما
قاله..وعندما تأكدت من صدق ما قاله..قالت باستنكار وحدة: ولو..لم يكن من
المفروض ان تنشر موضوع يخصني..دون ان تخبرني بالأمر..ربما لم أكن ارغب
بنشره أو إنني أريد إضافة بعض التعديلات اليه..

قال طارق وقد أحس بالضيق من حديثها..وخصوصا من انه
فكر في إسداء خدمة لصحفية جديدة في بداية حياتها المهنية..وهي بالمقابل
تقابل تصرفه بالعصبية..واختفت النظرة الباردة من عينيه لتحل محلها نظرة
منزعجة وقال: لقد قامت لجنة التدقيق والتصحيح اللغوي والإملائي بالتعديلات
اللازمة..

قالت بحدة اكبر وكأنها تريد ان تتحداه وتحرجه كما فعل
هو معها يوما: ولكني لم ارغب بنشره وهذا شأني انا..ليس من حقك ان تنشره
بدون ان تخبرني او ان تأخذ رأيي بالأمر على الأقل..لقد...

قاطعها طارق بعصبية تراها عليه وعد للمرة الأولى:
موضوعك هذا..كان مرمي بإهمال على مكتبك.. والجميع قد غادر المكتب في تلك
الأثناء..كان بالتأكيد سيصل الى سلة المهملات..عندما يحضر العامل في نهاية
الدوام..لقد قرأته ووجدته جيد ويستحق النشر..واعتقد أن أمر نشره لا يتوجب
كل هذا الغضب..لأني فكرت بإسداء خدمة..ولم اعلم بأنها قد كانت جريمة في
نظرك...

خيم الصمت على المكان بعد ما قاله طارق..كانت وعد
تتطلع إليه وهي في دهشة من أمرها..يا ترى هل تحطم الجليد؟..شعرت بالذهول
من غضبه وعصبيته التي تتناقض مع بروده..ترى هل ما قالته استفزه الى هذه
الدرجة..ام ان كلماتها كانت بالفعل في غير محلها..لقد سيطر عليها الرغبة
في الانتقام وهي تتحدث اليه..ولكن الآن ..يبدوا انه هو من أعاد
الكرّه..وأحرجها للمرة الثانية أمام الجميع..إنها تشعر الآن بسخف ما قالته
حقا...

لم تعلم بم تجيب..وخصوصاً وان كلماته قد أخرستها
تماما..لم تكن ترغب بقطع هذا الصمت وهي تتحاشى النظر الى طارق الذي كان
يحر ك القلم بين أصابعه بعصبية..

طارق الذي عرف ببروده أغلب الأوقات..كيف لفتاة أن
تستفزه بكلماتها..كيف له ان يهتم بما قالته أصلا ..لقد فكر في تقديم خدمة
وهي من رفض..وهي من ستخسر في النهاية..فلم أبدى كل هذه العصبية..ما الذي
دعاه ليهتم بالرد على ما قالته...

( استاذ طارق..رئيس التحرير يطلبك)
قالها أحد العاملين بالصحيفة..وهو يقف عند باب القسم..فقال طارق وهو ينهض من خلف مكتبه: حسنا..سأذهب اليه بالحال..
ولم يلبث أن غادر القسم..وقال أحمد في هذه اللحظة
محاولا تلطيف الجو: أهنئك يا آنسة وعد لقد حطمت القاعدة أخيرا..فمن
المستحيل أن تري الأستاذ طارق عصبيا الا مرة في الشهر..وها انذا أراه
للمرة الثانية لهذا الشهر..

قالت بصوت خفيض بعض الشيء: لم يكن علي ان اقول ما قلت له..
هز أحمد كتفيه وقال: على العكس..انه حقك..ولم يكن ينبغي ان يقوم طارق بنشره دون ان يأخذ الاذن منك..
قالت وعد بتردد: ولكني أظن اني زدت بالجرعة في الحديث
معه..وحديثه كان صحيحا فلو لم يقم بنشره..لرُمي بسلة المهملات..دون ان
يهتم أحد به او بما كتبت..

التفت احمد لها وقال: ولكنها رغبتك في النهاية..ولم يكن على طارق التدخل في هذا الأمر..
صمتت وعد دون أن تعلق على عبارة أحمد..وغرقت في تفكير
عميق ..وفي النهاية قالت متحدثة الى نفسها: ( يا ترى كيف أتصرف تجاه ما
بدر مني؟..)

وكأن احمد قد قرأ أفكارها فقال: وعلى فكرة فطارق لا
يهتم بهذه الأمور أبدا..تجدينه الآن قد نسى الأمر برمته..وسيأتي ليتحدث
معنا بشكل طبيعي عندما يعود وكأن أمرا لم يكن..

قالت وعد وهي تطرق برأسها: حتى وان لقد أخطأت بتصرفي..وعلي أن أتحدث معه حيال ذلك..
قال أحمد وهو يعود الى عمله: افعلي ما ترينه مناسبا..
قالها واستمر في عمله..تاركا وعد في حيرة من أمرها..
**********
أحس طارق بالحنق من نفسه..كيف؟..كيف تثير أعصابه مجرد
فتاة؟..فتاة لم يمضي على وجودها هنا غير أسبوع..لا بل اقل..خمسة ايام لا
أكثر..منذ اليوم الثاني لها وهي تتعمد استفزازه..وإثارة أعصابه..وبالتأكيد
هي تفعل ذلك حتى تعيد له الكرّه عندما وجه لها تلك العبارة أمام الجميع في
اليوم الأول لها بالصحيفة..

وقال بشرود وكأنه قد عاد بالزمن الى الوراء: ولكن.. ولكنها تشبهها..كثيرا..
************
طرقات سمعها هشام على باب غرفته جعلته يقول بصوت هادئ: من..؟
قالت فرح وهي تفتح الباب: الآنسة الجميلة فرح..هل يمكنني الدخول؟..
قال هشام بسخرية: لقد دخلت لوحدك الآن..فلا يمكنني ان اطردك..
قالت فرح باستنكار وهي تتقدم منه: وهل كنت تفكر بطردي لو لم أدخل لوحدي..
- ولم لا؟..
قالت فرح بابتسامة ماكرة: فليكن..هذا افضل..حتى لا أخبرك بما جئت لأقوله لك..وسأخرج وحدي حتى احفظ كرامتي..
قال هشام متسائلا: وما الذي جئت لتقولينه لي؟..
قالت فرح بخبث وهي تبتعد وتتجه الى الباب: لقد جئت
لأخبرك بأمر يخص وعد..ولكني أراك غير متقبل لأي شيء لذا سأغادر الغرفة
وأتركك بهدو...

قاطعها هشام وهو ينهض من خلف لوحة الرسم الهندسية ويسرع نحوها: أي كلام تقولينه..أخبريني ماذا بها وعد؟..
قالت فرح بتعالي: أولا اعتذر عما قلته..
قال بسخرية: لا تحلقي بأحلامك كثيرا..
قالت وهي تفتح باب غرفته: حسنا اذا سأغادر..
قال وهو يعقد ساعديه أمام صدره: أتتوقعين أن أترجاك حتى تتحدثي..كلا لا تحلمي..اذهبي وأغلقي الباب خلفك..
رفعت حاجبيها وقالت: ما هذا التطور..هشام لا يرغمني على الحديث لأمر يخص وعد...
قال وهو يبتسم بزاوية فمه: ولم أتعب نفسي؟..سأتصل بوعد نفسها لتخبرني بالأمر برمته..
قالت فرح وهي تبتسم بمكر: انها لا تعلم بالأمر بعد..
- فرح..اخرجي خارجا من فضلك..لقد ازعجتيني كثيرا..
- تريد ان تتحدث اليها على انفراد..اليس كذلك؟..
قال بضيق: اجل..والآن هلا خرجت..
قالت وهي تخرج خارج الغرفة: سأخرج ولكن لا تتوقع ان تفيدك وعد فهي لا تعلم بالأمر بعد..
انتظر هشام حتى خرجت فرح من الغرفة..ثم لم يلبث ان
ضغط رقم وعد وأعقبه بالضغط على زر الاتصال..وهو ينتظر إجابتها بلهفة..وما
ان أجابت على الهاتف حتى أسرع يقول: أهلا وعد..كيف حالك؟..

قالت وعد وهي تزفر بحدة: بصراحة متعبة..
قال متسائلا: بسبب العمل؟..
- اجل..
- قدمي استقالتك اذا..
ضحكت وعد قالت: أحقا..لقد قدمت لي الحل فعلا.. أشكرك..
ابتسم وقال: فليكن..سأعطيك حلا آخر..ابتلعي أقراصا مهدئة..
قالت بعصبية: اوتظنني مجنونة؟..
قال بابتسامة أوسع: أهدئي..أنا امزح..اسمعي.. الا تعلمين شيئا مما يحدث من حولنا؟..
قالت بغرابة وحيرة: ماذا تعني؟..
قال وهو يتجه ليجلس على مقعد الحاسوب المتحرك: بصراحة
لا اعلم..فرح جاءت الي وقالت ان هنالك شيء تود قوله لي يخصك أو يخص
عائلتك..قبل ان اطلب منها مغادرة الغرفة..لذا فهي رافضة لإعلامي بالأمر
الا بعدان اقدم تصريح الاعتذار لها..

قالت وعد بمرح: قدمه..والا سيتم إصدار حكم بالأشغال الشاقة عليك..
- لا أريد تخييب ظنها ..ولكنها تحلم بجموح..
قالت وعد بابتسامة: وما المطلوب مني..فإن كنت تصدق فأنا نفسي لا اعلم بهذا الأمر الذي قد يكون يخصني..
وأردفت: اسمع..مع إني في صف فرح دائما ولكن هذه المرة
فقط سأكون في صفك..لأنني انا نفسي اصبت بالفضول لمعرفة هذا الشيء الذي
يخصني ولا اعرفه..لذا سأتصل بها وأتحدث اليها وأحاول جرها في الحديث الى
ان تبلغني بالامر..وبعدها اتصل بك وابلغك..هه ما رأيك؟..

- أمتأكدة من انك لم تعملي مع المقدم سالم قبل الآن؟..
ضحكت بمرح وقالت: مع اني لا اعلم من هو سالم هذا..لكن تأكد اني لم أعمل قبل الآن غير مهنة الصحافة..
واستطردت قائلة: والآن الى اللقاء..سأتصل بك فيما بعد..
- الى اللقاء..
وما إن أغلق هاتفه..حتى انتظر بلهفة اتصال وعد..تتطلع
الى ساعة يده بين اللحظة والأخرى ..وهو يجلس بانتظار اتصالها..ولما شعر
بالملل..فتح جهاز الحاسوب ..وتسلى بالدخول الى عدد من المواقع على
الانترنت..

ولما شاهد ان نصف ساعة قد مضت دون ان تتصل وعد..قرر
ان يتصل بها..التقط هاتفه وضغط على زر الاتصال..وانتظر إجابتها لكنها لم
تجب..أعاد الاتصال لثلاث مرات أخرى ولما شعر باليأس من إجابتها..عاد ليبحر
في عالم الانترنت....

**************
قال عمر وهو يضحك متحدثا الى عماد بذلك المطعم: أتتحدث عن نفسك أم عن فيلم أجنبي..
قال عماد بابتسامة: هذا ما حدث صدقني..يبدوا الأمر
غريبا فعلا..في البداية أمر الموقف ذاك الذي اوقفت سيارتها به على الرغم
من انه كان من حقي انا التوقف به..ثم أمر المتجر..وبالأمس ذاك الموقف الذي
حصل بالبنك أمام عينيك..

قال عمر مازحا: واين سيكون المشهد التالي؟..
قال عماد بسخرية: في قاع البحر..
قال عمر وهو يضحك: لم ؟..المشهد القادم سيكون مع حورية ام سمكة..
قال عماد بضيق: توقف عن ضحكك يا عمر لقد اخبرتك بالأمر لأني اثق بك وأريد رأيك بالموضوع..
قال عمر وهو يهز كتفيه: رأيي في ماذا؟..في فتاة لا
تعرف عنها شيئا غير ان اسمها ليلى..وما الذي سيفيدك اسمها..انك لا تعرف من
تكون..ومن أي عائلة..واين تسكن..وما هي صفاتها وشخصيتها..

قال عماد بهدوء: الفتاة سيطرت على تفكيري ليس الا..ولم اقل اني أفكر بالارتباط بها..
- ولو..فكر بالأمر بجدية..اين يمكن ان تلتقيها..لقد
جمعتكما الصدفة فقط..انك لا تعرف رقم هاتفها حتى تتحدث اليها حتى وتطلب
منها مثلا لقائك في مكان ما..

- أنت تعلم إنني لست من هذا النوع من الشباب..
قال عمر بجدية: اسمعني..إذا كنت جادا بالأمر وتفكر بالارتباط بها..فليس هناك ما يعيب حديثك معها أو لقاءك بها..
قال عماد وهو يرفع حاجبيه: رويدك..أنا لم اقل إلا انني أعجبت بها..هل سأرتبط بها هكذا..ثم من قال اني أفكر بالزواج؟..
مال نحوه عمر وقال: اسمعني..ما دامت فتاة قد نالت على
إعجابك أخيرا فلا تضعها من بين يديك..انت لن تجد فتاة تنال إعجابك كل
يوم..فذوقك صعب جدا..

ابتسم عماد وقال: لا تخشى شيئا..لست مريضا نفسيا..حتى
اكره جميع الفتيات..يمكن ان تقول انني لم اجد بعد الفتاة التي رسمتها
بذهني واحاول ان اطابقها مع احدى فتيات الواقع..

قال عمر باهتمام: وتلك الفتاة..
قال عماد وهو يزفر بحدة: تطابقت معها ..تقريبا...فأنا
لم ارى سوى الشكل الخارجي بعد..لم اعرف بعد من هي تلك الفتاة فعلا..ما هي
طباعها.. طموحها .. تصرفاتها.. أتفهمني يا عمر؟..

قال عمر بابتسامة: كيف لا افهمك يا عماد..ما تقوله
صحيح أنت لم ترى غير الشكل الخارجي بعد..ولكن كيف ستتعرف على
شخصيتها؟..انت لا تعرف من تكون حتى..

قال عماد بشرود: دع هذ للأيام فكما جمعتنا يوما..قد تجمعنا مرة أخرى من جديد...
**********
غرق هشام في تصميمه الذي صممه على حاسوبه.. تصميم
لمنزل من طابقين..الطابق الأول يتكون من ردهة واسعة..وغرفة معيشة..واخرى
للجلوس..ودورة المياه ومطبخ واسع..

أما الطابق الثاني فكان يحتوي على ثلاث غرف
للنوم..وكل واحدة منها تحتوي على دورة مياه تابعة لها..وردهة صغيرة ومطبخ
صغير تابع للردهة..

وابتسم بشرود وهو يتطلع الى المنزل الذي صممه..لو انه
اشرف على بناء هذا المنزل الذي رسم له هذا التصميم الهندسي..ليكون هذا
المنزل له ولوعد..هما فقط.. يشرفان على بناءه ويختاران الألوان لكل غرفة
منه..ومن ثم يضعان الأثاث في كل غرفة..وثم يسكنانه..

أحلام كثيرة شغلته..وأحس بالمرارة منها..ترى هل يمكن ان يتحقق حلمه بأن تكون وعد شريكة حياته..انها لا تشعر به حتى و....
شعر بغتة بيدان تغلقان عيناه فقال بضجر: فرح ازيلي يديك عن عيني والا كسرتهما لك..
سمع صوت فرح وهي تقول له: تكسر يداي مرة واحدة..يالك من شرير.. حمدلله اذا ان هاتين ليستا يداي أنا..
استغرب من كلامها..وشعر باليدين تنزاحان عن عينيه..وصوت ضحك ينطلق من خلفه..فالتفت وراءه وقال بابتسامة واسعة: وعد...
واسرع ينهض من خلف مقعده وقال: اشتقت إليك..
قالت وعد بمرح: يا لك من كاذب..بالأمس فقط كنا معا..
كاد ان يهم بقول شيء ما حين سمع صوت ضحك فرح..والتفت
اليها مستغربا ..ولم تلبث وعد ان شاركتها الضحك..فقال وهو يعقد ساعديه
امام صدره: هل لي ان اعرف ما الذي يضحككما..فلست مهرجا حسبما اعلم..

قالت وعد وهي تتوقف عن الضحك: بصراحة عندما اتصلت بي
كنت اعلم ما هنالك وماذا أرادت فرح قوله لك..ولكننا اتفقنا انا وفرح على
عدم إخبارك..حتى عندما حاولت الاتصال بي كنت اتعمد عدم الرد..

قال هشام بسخرية: اذا كان مقلبا..لقد اخترتما الشخص الخطأ يا آنسات..لأني سأعيد لكما الصاع صاعين..
واردف متسائلا: ولكن ماذا هناك فعلا..ما الأمر الذي لا اعلمه أنا الى الآن ويعلمه الجميع..
قالت فرح بابتسامة مرحة: الم تعلم بعد..يكفي وجود هذه الآنسة الجميلة في منزلنا حتى نخفي الأمر عنك..
قال هشام بسخرية: لقد ظننت ان الأمر مهم حقا..فما الذي يُدهش لو قامت وعد بزيارتنا..انها تقوم بذلك كل اسبوع..
قالت وعد وهي تجذب فرح من كفها: هيا يا فرح يبدوا ان الأخ يشعر بالملل مني..فلنذهب الى غرفتك..
قالت فرح وهي تتوقف في مكانها وتلتفت الى هشام: انه
ليس اليوم المعتاد لزيارة عمي الى منزلنا..لكن هناك بعض الأمور الذي دعته
ليقوم بهذه الزيارة..لذا فهذا يعني انهم سيحضرون الى منزلنا يومين
بالأسبوع..أفهمت الآن؟..

ومع ان هشام شعر بالسعادة لهذا الا انه قال: هذه ليست مفاجأة حتى تخفياها عني..
قالت فرح: اذا ماذا تكون؟..
قال هشام بسخرية: كارثة..
قالت وعد وهي تخرج لها لسانها بحركة طفولية: مضحك جدا..
وبغتة سمعا صوت نداء والدة هشام وهي تنادي فرح..فقالت هذه الأخيرة : لا اعلم ماذا تريد أمي..سأذهب لأراها..
قالت وعد في سرعة: سآتي معك..
وتوجهت خلف فرح في سرعة..وقبل ان تخرج سمعت هشام يناديها فالتفتت اليه بحيرة وقالت: ماذا؟..
قال مبتسما وهو يتقدم منها: كيف حال العمل معك؟..
هزت كتفيها وقالت: لا بأس به الى الآن..
قال وهو يشير اليها نحو جهاز الحاسوب: تعالي سأريك تصميم لمنزل..واخبريني برأيك به..
قالت وهي تتوجه نحو جهاز الحاسوب وتجلس على المقعد الخاص به: أهو من تصميمك؟..
قال وهو يجذب له مقعدا ويجلس الى جوارها: بالتأكيد..
تطلعت وعد باهتمام الى التصميم ومن ثم قالت بابتسامة: جميل..ولكن ينقصه شيء..
قال متسائلا: ما هو؟..
- الحديقة الأمامية والخلفية..الا ترى انه سيكون أجمل بهما..
تطلع الى التصميم ومن ثم قال: بلى..معك حق..
قالت وهي تنهض من على المقعد: عليك ان تعرف انك لست وحدك من لديه أفكارا جيدة..والآن الى اللقاء..
تطلع اليها وهي تغادر غرفته..وما ان فعلت حتى قال
بحب: لو تعرفين يا وعد..انك قد أضفت فكرتك هذه لما أتمناه ان يكون منزلنا
المشترك..لو تعلمين فقط...

*************
قالت فرح بملل وهي تعد الأطباق بالمطبخ: دائما فرح..لا يوجد غيرها بالمنزل ليطلبوا منه العمل..وكأنني أعمل خادمة هنا..
ضحكت وعد وقالت: للأسف الخادمة أفضل منك..فهي تحصل على راتب شهري..
قالت فرح بضيق: معك حق..حتى الخادمة باتت أفضل مني..
ابتسمت وعد وهي تقترب منها وتضع بعض الكعك في الطبق: ولم انت غاضبة هكذا..ها انذا اساعدك..
قالت فرح وهي تقلد وعد بسخرية: ها انذا اساعدك..لقد مرت ساعة وانت تضعين هذا الكعك فقط بالطبق..
قالت وعد بمرح: لم تصبح ساعة بعد..انها ساعة الا دقيقتين..
قالت فرح بضجر: اسمعي اتركي هذا الكعك..واذهبي لاعداد العصير..
قالت وعد وهي تبتسم بمرح: أمرك سيدتي..
وتوجهت الى تلك الخزانة العلوية بالمطبخ..وقالت وهي تقتح بابها: فرح أي علبة هي علبة مسحوق العصير..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: الا تعرفين القراءة؟..
- بلى ولكن هناك عدة انواع..اي نوع استخدم..
- أي شيء..
قالت وعد وهي تلتقط علبة مسحوق عصير التفاح: اذا سأقوم باعداد عصير التفاح لاني اعلم انك لا تحبينه..
قالت فرح بابتسامة وهي تلتفت اليها: ولم كل هذا الكره..
همت وعد بقول شيء ما ..عندما شاهدت رنين هاتفها
المحمول..والتقطته لتشاهد انه رقم مجهول..عقدت حاجبيها ومن ثم أجابت
قائلة: الو..من المتحدث؟..

جاءها صوت امرأة تقول: أأنت الآنسة وعد عادل؟..
- اجل انا هي..ما الأمر؟..
- أنا أتحدث إليك من صحيفة الشرق..وهم يطلبونك الآن..
قالت وعد بغرابة: الآن؟؟..
- اجل..احرصي على ان لا تتأخري..
- حسنا.. الى اللقاء..
أغلقت وعد الهاتف وهي في حيرة من أمرها فقالت فرح بحيرة وهي تتطلع اليها: ماذا هناك يا وعد؟..
قالت وعد وهي تتنهد: يطلبوني في الصحيفة الآن..
قالت فرح بدهشة: الآن؟..لم؟..
- لست اعلم..سأذهب وارى الأمر..
- ألا يمكنك الاعتذار عن الذهاب؟..
- ولم افعل؟..سأذهب وارى الأمر..وأتركك لوحدك تعملين..حتى تعرفي قيمتي..
قالت فرح مبتسمة: سأعرف انك لا تعملين شيئا من الأساس..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: الى اللقاء الآن..اراك بخير..
قالت فرح في سرعة: مع السلامة..وحاولي ان تحضري الى منزلنا بعد انتهاء عملك..
- سأحاول..
قالتها وعد وتوجهت الى باب المنزل الرئيسي فاستوقفتها والدة هشام قائلة: الى اين يا وعد؟..
قالت وعد في سرعة وهي تلتفت إليها: يطلبونني في الصحيفة..سأرى ما الأمر وأعود سريعا..الى اللقاء..
قالت والدة هشام بهدوء: صحبتك السلامة يا وعد..وقودي بتمهل ولا داعي للعجلة..
ضحكت وعد وقالت: حسنا سأفعل..مع السلامة..
وأكملت طريقها نحو خارج المنزل..وهي تستغرب انهم قد طلبوها لأمر ما خارج وقت العمل وهي تقريبا لا تقوم بأي عمل في الصحيفة و...
(الى أين؟..)
انتفضت وعد عندما شعرت بكف على كتفها.والتفتت لترى صاحب الصوت..وقالت بملل: من اين تخرج انت؟..
ضحك هشام وقال: من الباب..شاهدتك تغادرين فتبعتك..والآن اخبريني الى اين انت ذاهبة؟..
- الى الصحيفة..
قال هشام باستنكار: الآن؟؟؟..
قالت وعد وهي تسرع مبتعدة عنه نحو سيارتها: كلا غدا..والآن مع السلامة..
قال بحدة: انتظري يا وعد..لم انهي حديثي بعد..
قالت وعد بضجر:عندما أعود سأجيب عن جميع أسألتك..سأذهب الآن حتى لا أتأخر..
قالتها وانطلقت بالسيارة متوجهة الى الصحيفة..ترى ما الذي ينتظرك يا وعد هناك؟..
************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:29 am

*الجزء التاسع*
(هل بدأت الأمور تتحسن؟)


توقفت وعد بسيارتها في المواقف الخاصة بالصحيفة وهي لا تزال تشعر بغرابة
ان يطلبوها في الصحيفة في مثل هذا الوقت..هبطت من سيارتها الرياضية
الحمراء وتوجهت الى داخل المبنى....
وعلى الطرف الآخر..كان طارق يقف عند باب القسم ويقول متحدثا الى أحمد: ألم تصل بعد؟..
قال أحمد نافيا: ليس بعد..ولكنها ستصل عما قريب..
قال طارق وهو يتطلع الى ساعة معصمه: سوف نتأخر هكذا..
قال أحمد بهدوء: هم لم يبلغوها إلا منذ ربع ساعة..لذا فهي بحاجة لبعض الوقت حتى تصل إلى الصحيفة و...
صمت أحمد ولم يكمل عبارته عندما شاهد طارق يلتفت عنه ويتطلع الى يساره ويقول: هيا يا آنسة وعد..لا نريد أن نتأخر..
كانت وعد قد وصلت لتوها الى القسم...لترى طارق يقف عند بابه..ويوجه لها
عبارته السابقة ..فقالت بحيرة: لحظة واحدة لم افهم شيئا بعد..هلاّ افهمني
أحدكم..
سار طارق في طريقه متوجها نحو المصاعد وقال: سنقوم بعمل مقابلة صحفية مع أحد الوزراء..
قالت بغرابة: وألا يمكن الانتظار حتى الغد لعمل هذه المقابلة؟..
قال طارق ببرود دون ان يلتفت لوعد التي تسير خلفه: لم نجد غير هذا الموعد
للقاؤه..وهو على اية حال وزير ومنشغل دائما لذا فمن الصعب أن نحصل على
الموعد حسبما نريد نحن...
أحست وعد ان هذه فرصتها لتلطف الجو قليلا خصوصا بعدما فعلته معه هذا
الصباح..وقالت بابتسامة وهي تسرع في خطواتها قليلا: لقد نسيت أحد مواضيعي
على مكتبي..هل أستطيع العودة له..فأخشى ان ينشر أحدهم الموضوع دون ان
اعلم..
توقف طارق للحظات عن السير والتفت لها ليقول ببرود اكبر: الآن فقط صدقت المثل القائل..(افعل خيرا..وارميه بالبحر)..
اتسعت ابتسامة وعد بالرغم منها وقالت: كلا لا اقصد شيئا..على العكس كنت أفكر بالاعتذار عما قلته لك هذا الصباح..
قال طارق بلامبالاة: لا داعي..فأولا كان ذلك شأنك أنتِ..وثانيا أنا نسيت الأمر برمته..
صمتت دون ان تنبس ببنت شفة..وهي تفكر فيما قاله..على الأقل ان الأجواء
بينهما لم تعد متكهربة الآن..وهاهو الهدوء يعم بينهما أخيرا..ولكن هل هو
هدوء ما قبل العاصفة يا ترى؟..
وها نحن نرى طارق ووعد يخرجان من مبنى الصحيفة ..وتلك الأخيرة تقول قاطعة
الصمت الذي خيم عليهما لفترة: أي وزير سوف نلتقي به لعمل المقابلة الصحفية
معه؟..
قال طارق بهدوء: وزير التربية والتعليم..
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي وعد وقالت: أتعلم ..عندما كنا صغارا كنا
نتمنى ان نلتقي به..ولكن لقتله وليس لعمل مقابلة صحفية معه..وذلك لتلك
المناهج التي كنا ندرسها..
قال طارق بهدوء: ونحن ايضا كنا نتمنى المثل..وكأننا نظن انه اذا رحل وزير ما لن يجلبوا غيره..
استغربت وعد تجاوب طارق معها بالحديث.. تذكرت كلمات أحمد في هذه اللحظة..انها لن تعلم معدن طارق الحقيقي الا بعد فترة من الوقت..و...
(ستغادرين بسيارتك؟..)
قالها طارق قاطعا أفكارها وهو يراها تتوجه نحو سيارتها..فأجابته قائلة: اجل..
قال طارق بهدوء: حسنا إذاً..إذا أضعت الطريق فعودي الى هنا..
أومأت برأسها وهي تدلف الى السيارة وتغادر بها خلفه..وطوال الطريق كانت
الأفكار تتسلل الى ذهنها..انه يبدوا مختلفا..يتجاوب معها بالحديث ولا
يتجاهل ما تقوله..يتحدث بهدوء اكثر منه برود..ترى هل أصبح يحترم وجودها
على الأقل؟..
وصلت الى حيث مبنى الوزارة وأوقفت سيارتها بالمواقف الموجودة بجانب الشارع
الرئيسي..وخرجت من سيارتها ووجدت طارق يخرج من سيارته بدوره..تقدمت منه
وتساءلت قائلة: ما اسم الوزير الذي نقوم بمقابلته؟..
قال طارق بهدوء وهو يسير الى حيث الشارع: صالح سالم..
- وكم ستستغرق المقابلة؟..
قال طارق بضجر: ساعتين..
لم تنتبه وعد لرنة الضجر في صوته..فقالت: هل قمت بعمل مقابلة معه من قبل؟..
التفت لها طارق وقال بملل: أي اسألة سخيفة تسألين؟..
اتسعت عينا وعد استنكارا..وصمتت وهي تشعر بالحنق منه..ها قد عاد بأسرع مما
كانت تتوقع الى شخصيته المغرورة..وقالت بسخط: اسألني انا السخيفة..ام
طريقة حديثك هي السخيفة..
والتفتت عنه لتعبر الشارع..فأسرع طارق يقول: انتظري لا تزال هناك سيارات بالطريق..
قالت بحنق دون ان تلتفت له: لست طفلة..
وتبعت عبارتها بعبور الشارع..وهي تشعر بالغضب من تصرفه معها..عندما شعرت
ان الأمور تحسنت معه..عاد لطبيعته الباردة واللامبالية..من يظن نفسه لوح
الثلج هذا..انه مغرور..مجرد شخص مغرور..يظن انه الافضل دوما و...
استيقظت من أفكارها عندما شاهدت طارق يقف أمامها على الطرف الآخر من
الطريق وهو يقول بصرامة: في المرة القادمة..لا تتصرفي تصرفات الأطفال هذه
وتعبري الطريق من دون اهتمام..فلو حدث لك شيء سوف أكون انا المسئول..لا
أريد أية مشاكل يا آنسة ..هل هذا مفهوم؟..
تطلعت له وعد باحتقار..تتمنى لو تستطيع ان تقول له..انه ليس سوى مغرور
متعالي..وانه شخص لا يرى سوى نفسه في هذا العالم..ويرى الجميع على انهم
اقل مستوى منه حتى وان كانوا افضل منه..متكبر..تافه..
وسمعت طارق يقول بصرامة اكبر: لم تجيبي..هل فهمت ما قلته أم أعيده؟..
قالت بحدة: فهمته ولا حاجة لأن تعيده..ولكني أظن ان ليس من حقك لعب دور
الرئيس علي فأنا صحفية مثلك تماما ويتوجب عليك احترامي على الأقل وعدم
التقليل من شأني او إهانتي..
قال طارق ببرود: أولا أنت لست صحفية الى الآن..لأنك لا تزالين تحت التمرين..وثانيا..انا لم اقلل من شأنك او أهينك..
قالت بعصبية: إذاً ماذا تسمي الذي تفعله؟..
قال بعدم اهتمام: اسمعيني جيدا يا آنسة..نحن هنا من اجل عمل..وعمل فقط..ولا داعي أن تؤثر أمور شخصية على العمل الذي جئنا من اجله..
قالت وعد بغضب حاولت ان تخفيه: معك حق..فهذه الأمور الشخصية لا تستحق الاهتمام..
لم يعلق على ما قالته..ودلف الى مبنى الوزارة..ووعد دلفت من بعده..وهي تشعر بغضب شديد تجاه طارق وما يفعله..
************
قال هشام بعصبية وهو يرمي بهاتفه على الأريكة: لماذا لا تجيب على
اتصالاتي؟..انها المرة العاشرة التي اتصل بها..ولا تجيب..ماالذي يحدث؟؟..
قالت فرح بملل: هشام يكفي..وعد ليست طفلة ..والداها لم يقلقا عليها الى هذا الحد..لقد ذهبت في عمل وستعود منه قريبا..
تطلع الى ساعته وقال: لقد مضت ساعتان ونصف منذ ان غادرت..ربما قد حدث لها أمر ما..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: ولماذا تتشاءم..إنها بكل تأكيد بخير..ولكنها ربما
لا تجيب على اتصالاتك لأنها تكون بمقابلة صحفية وقد وضعت هاتفها على الوضع
الصامت..
قال هشام بعصبية: تبا..تبا...لم اعد احتمل..سأذهب لها..
قالت فرح بحدة: هشام لا تضخم الأمور هكذا..وعد ليست طفلة ولا داعي لان
تعاملها على انها كذلك..لو حدث معها شيء ستتصل بنا..فقط اجلس انت..او اذهب
الى أصدقائك..
قال وهو يدس أصابعه بين خصلات شعره بعصبية: أتظنين انني سأتمكن من الذهاب
الى مكان وانا لا اعلم ما الذي حدث معها..ولماذا لا تجيب على اتصالاتي؟..
قالت فرح بغضب: لقد طفح الكيل يا هشام..هي لم تذهب لتقاتل في الحرب حتى تخشى عليها هكذا..انتظر وستصل..
قال هشام وهو يلتفت عنها: لن تفهميني يا فرح..لا احد منكم سيفهمني ابدا..
- بل أفهمك..واعلم انك تحبها ولا تحاول الإنكار..لا يقوم بتصرفات كهذه غير شاب يحب..
صمت هشام ولم يجبها..يعلم ان خوفه مبالغ فيه..وقلقه كذلك..ولكنه لا يملك
شيء حيال ذلك..لقد شعر بالاضطراب والتوتر وهو لا يراها تجيب..ويخشى أن
أمرا سيئا قد حدث لها..
وسمع بغتة رنين هاتف فرح..وتطلعت هذه الأخيرة الى الرقم وقالت وهي ترفع
عيناها الى هشام: انها وعد..هل انت مرتاح الآن..لم يحدث لـ....
لم تستطع فرح إكمال جملتها..لأن هشام قد اختطف الهاتف من كفها وأسرع يجيبه
قائلا: وعد اين انت الآن..ولماذا لم تجيبي على اتصالاتي؟؟؟..
ضحكت وعد وقالت: هل أخطأت بالرقم ولا اعلم..أظن إنني قد اتصلت على هاتف فرح..
قال هشام وهو يحاول تمالك أعصابه:وعد..لست في مزاج يسمح لي بالمزاح..
قالت وعد بهدوء: ما بك يا هشام؟..إن كنت تشعر بالغضب على عدم الرد عليك
فقد كنت بالمقابلة الصحفية..ولم استطع إلا أن اترك الهاتف على الوضع
الصامت..وها انذا قد خرجت من المقابلة قليلا من اجل ان أطمأنكم على أحوالي
وإنني بخير..لا تقلق..والآن مع السلامة..
تساءل هشام قائلا: متى ستعودين؟..
- اظن بعد نصف ساعة..
- فليكن اذا اهتمي بنفسك..الى اللقاء..
ولم يلبث ان اغلق الهاتف..فقالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها: اخبرني ..هل ارتحت الآن؟..
قال هشام بابتسامة: كثيرا..
قالها واتجه الى الطابق الاعلى وفرح تتابعه ببصرها..يا ترى يا هشام الى متى ستظل متعلق بأمل واه؟..الى متى؟..
************
وفي الطرف الآخر..دلفت وعد الى داخل غرفة المكتب التي كانت تضم طارق ووزير
التربية والتعليم..لقد خرجت منها بعد ان شاهدت اتصالات هشام
المستمرة..وأحست بالشفقة والعطف تجاهه..بالتأكيد هو يظن ان امر ما قد حصل
لها..وخصوصا انها لا تجيب عليه..ولهذا استأذنت خارجة من المكان..لتتحدث
الى هشام..ولكنها تدرك يقينا انه لن يكتفي بالأسألة لهذا قررت الاتصال
بفرح لتطمأنهم على حالها فقط.. وما جعلها تشعر بالرغبة بالضحك بحق هو ان
من أجابها هو هشام في النهاية...
ومن جهة أخرى لم تحاول التدخل بالمقابلة ابدا..او حتى التعليق على أي شيء
واكتفت بالصمت..فهي لا تزال تشعر بالغضب من تصرفات طارق معها..وفوجئت
بطارق يقول وهو يلتفت لها بعد انتهاء المقابلة الصحفية تقريبا: أليس لديك
سؤال ما؟..
هزت رأسها نفيا بصمت..فأردف بصوت هامس بعض الشيء وهو يميل نحوها: ولا حتى سؤال عن رشوى مصطنعة..
وجدت وعد نفسها تبتسم مما قاله..لا تعلم لم؟ ..كلماته أشعرتها بأنه يريد
أن ينسيها ما حصل منه..او ربما يحاول تلطيف الجو على الأقل..وقالت بهدوء:
ولا حتى هذا..
التفت طارق الى الوزير وقال: حسنا اذا سنغادر الآن..سعدنا بلقاؤك يا سيد صالح..
قال السيد صالح باقتضاب: وانا كذلك..
صافحه طارق وغادر المكتب برفقة وعد..والتي ظلت مصرة على صمتها..ولم تنطق
بحرف وحد..وقال طارق عندما طال الصمت بينهما: لا أراك تتحدثين..أو تسألين
أية أسئلة..
قالت ببرود متعمد: أليس هذا ما تريده؟..
قال طارق بهدوء: أن تظلي صامتة؟..كلا ليس ما أريده ان تصمتي..
قالت وهي تتنهد: ان تحدثنا استهزؤوا بنا..وان صمتنا قالوا لم تصمتون ولا تتحدثون..
قال طارق باهتمام مصطنع: من هم؟..
قالت وعد بسخرية: أصحابي..
قال طارق مبتسما بهدوء: أرسلي سلامي لهم اذا..
وعد التي تطلعت الى طارق وهي تشعر بحيرة من امرها..يا الهي أي شخص هو
هذا..منذ قليل كان في قمة البرود..والآن أراه يتحدث بشكل طبيعي ويمزح
كذلك..سيصيبني بالجنون بكل تأكيد..إن استمريت بالذهاب معه في أي لقاءات
قادمة..
قالت وعد بعد فترة من الصمت وهي تغادر مبنى الوزارة برفقة طارق: هل يمكن ان اسأل سؤالا؟..ام اصمت فربما يكون سخيفا بالنسبة لك..
قال بعدم اهتمام: اسألي..
- هل هناك أي لقاءات قادمة؟..
- لست اعلم..
قالها وصمت..طارق الذي كان يعيش في حيرة تزيد على حيرة وعد أضعافا..ما
الذي يدفعني للتجاوب معها..للحديث إليها والمزاح أيضا..إنني استغرب شعوري
بالضيق عندما شاهدتها صامتة طوال الوقت وحاولت الحديث اليها..علّي أُحسن
الامور بيننا قليلا..
وبغتة شعر بصوت من اعماقه يقول: (استيقظ يا طارق من امامك هي فتاة تدعى وعد..لا (مـايـا )..)
وعاد ليجيب على نفسه قائلا: (ولكنها تشبهها بعفويتها ..بمرحها..وبعصبيتها..انها لا تلبث ان تذكرني بها بين لحظة وأخرى..)

(أستاذ طارق..)
استيقظ طارق من شروده والتفت الى وعد ناطقة العبارة السابقة..وقال: ماذا هناك؟..
قالت مبتسمة: لا شيء ولكنك تجاوزت سيارتك فحسب..
التفت طارق الى ما وراءه ليكتشف صحة ما قالته..وابتسم لا اراديا وتوجه
ليصعد سيارته..ولا يزال عقله الباطن يردد ..انها ليست مايا..ليست هي..
تريدون ان تعلموا من هي مايا..وما هي حكايتها مع طارق..ستعلمون ولكن ليس
الآن..فقط عندما يقرر طارق ان يعود بالزمن للوراء ويحدثنا عن الماضي
قليلا..
***********
وصلت وعد الى مبنى الصحيفة..ولكنها لم توقف سيارتها بالمواقف الخاصة بل
فتحت النافذة الجانبية لها..وهتفت منادية طارق الذي غادر سيارته منذ
لحظات: استاذ طارق..
التفت لها واقترب من السيارة قليلا فقالت: سأغادر انا الآن..
تساءل قائلا: الا تريدين تعلم كيفية اعداد التقرير للمقابلة الصحفية؟..
قالت بهدوء: مرة اخرى..أنا مستعجلة الآن..فأهلي قلقون على تأخري..
قال طارق ببرود: كما تشائين..مع السلامة..
قالت مبتسمة: اراك بخير..الى اللقاء..
قالتها وانطلقت بالسيارة..لا تستطيع الإنكار ان وسامته لا تزال
توترها..كلماته تربكها..نظراته الباردة تسرع نبضات قلبها..ترى ما الذي حدث
لي؟..أليس هذا من أفكر بالانتقام منه على ما يفعله بي؟.. اني اشعر بشيء
غريب يتسلل الى اعماقي..كلما اتذكره..يا الهي أي شيء يحدث لي..أي شيء؟..
وصلت في تلك اللحظة الى منزل عمها فأوقفت السيارة وهبطت منها..واستدارت
لتغلق بابها..وهي لا تزال غارقة في أفكارها..أيعقل ان لوح الثلج هذا قد
بات يسيطر على أفكاري..من المستحيل ان اهتم بشخص مثل ذاك..شخص
غامض..مغرور..بارد..وبه شيء ما مميز..لا اعلم ما هو..لكني اشعر بأنفاسي
المتوترة كلما تذكرته..و...
أحست بغتة بشخص يقف خلفها..وكادت ان تلتفت لولا انه قد وضع يده على
كتفها..فشهقت بقوة وهي تلتفت له..وقالت وهي تزفر بحدة وتطلع الى هشام
الواقف امامها: لو توقف قلبي يوما..ستكون انت السبب..
قال مبتسما: لا تخشي شيئا..لن يصيبك شيء..
واردف قائلا: والآن..لماذا تأخرت؟..
قالت بضجر: اقسم بأنني قد جئت من الصحيفة مباشرة الى هنا..لم ذهب للتسوق او لزيارة صديقاتي..
واردفت وهي تلتفت له: هشام أأطلب منك شيء؟..
التفت لها متسائلا فقالت: قلل من محاصرتك لي..فإن كنت لا تعلم..فهي تضايقني..والداي لا يفعلان ما تفعله معي..
قال بسخرية: ربما لأنك لست مهمة لديهم..
قالت ساخرة: ان لم اكن انا مهمة لديهم..وانا الفتاة الوحيدة لهم..فمن سيكون..انت؟..
قال مبتسما: ولم لا؟..
قالت وهي ترفع حاجبيها باستخفاف: لان بكل صراحة ..رجل في السادسة والعشرين من عمره..لا يحتاج للرعاية او الاهتمام..
قال ساخرا: وفتاة في الثالثة والعشرين من عمرها يجب عليها ان تكون محط اهتمام الجميع..
رفعت حاجبيها في استخفاف قائلة : الجميع لا المتطفلين..
رفع حاجبيه باستنكار قائلا : من المتطفل ؟؟..
ابتسمت بسخرية قائلة : شخص تراه في المرآة يوميا ..
قال ساخرا : و أنا أسرح شعري..
قالت في سخرية : كلا و أنت تفرش أسنانك ..
مط شفتيه قائلا : سخيفة..
قالت في سرعة : على الأقل لست بحجم السخافة التي لديك..
قال هشام بسخرية لاذعة: حقا..اذا البشرية في خطر..
هتفت بمرح: بالتأكيد..إذا كنت أنت احدهم..
قالتها وانطلقت إلى الداخل..متوجهة الى المطبخ..ولكنها لم تشاهد فرح فقالت
مبتسمة: بالتأكيد لن أجدها هنا..أظننت انها ستبقى في المطبخ لثلاث ساعات
متواصلة؟..
وسمعت من خلفها صوت هشام يقول لها: فرح بالأعلى ان كنت تريدينها..
قالت وهي تخرج منم المطبخ وتسرع بصعود السلالم: أشكرك يا ايها المتطفل..
قال بسخرية: العفو يا أيتها السخيفة..
توقفت على السلالم للحظة والتفت الى هشام لتقول وهي تخرج له لسانها: سخيف ومتطفل..وتصلح حارسا للسجن..
ابتسم وقال: لم؟..
قالت وهي تكمل صعود السلالم: لأنك لا تكف عن ملاحقتي..وإحكام الحصار
علي..صدقني لو قدمت أوراقك المهنية لديهم بالإضافة إلى خبرة عشر سنوات من
إحكام لحصار علي..ْ سيتم قبولك على الفور ودون الحاجة لأية شهادة..
وابتعدت عنه الى الطابق الأعلى..فقال وهو يتطلع الى النقطة التي كانت بها
منذ لحظات: (احبك..كل خلية في جسدي تشهد بحبك..كل نبضة من نبضات قلبي تهتف
باسمك..اخبريني ألا تشعرين؟..أليست لديك مشاعر كباقي البشر لتشعري بكل هذا
الحب الكبير الذي احمله لك؟..لم اعد احتمل..أريد ان اصرخ وأقول بدون
خوف..أحبك يا حلم حياتي)..
**************
صعد عماد الى سيارته وقال مبتسما: وأخيرا سأعود الى المنزل..
فبعد ساعات من العمل المتواصل بالشركة..ومراقبة مختلف الطلبيات
للشركة..حان الوقت أخيرا ليعود الى منزله..انه يشعر بالتعب
وبالإرهاق..ويتمنى ان يصل سريعا الى المنزل..ليحصل على حمام دافئ ومن ثم
يرمي بجسده المتهالك على الفراش ليستغرق في النوم..يشعر انه بحاجة للنوم
لأيام وربما لأسابيع حتى يسترد بعضا من نـ....
استيقظ من شروده اثر الحادث الذي كان بالطريق.. والذي دفعه للانتظار بصف
السيارات الطويل..والتفت ليتطلع الى الحادث الحاصل بالطريق..كان الحادث
بين سيارتين احداهما رياضية والأخرى اعتيادية..ويبدوا ان الخطأ كان على
صاحب السيارة الرياضية..
تقدم صف السيارات قليلا وهذا ما مكنه من مشاهدة رجل المرور..ورجل في
الثلاثينيات من عمره تقريبا يقف إلى جواره..بالإضافة إلى..إلى فتاة..إنها
ليلى!..من تقف أمامه الآن هي ليلى..انه لا يتخيل..يا لمصادفات هذا
القدر!!..
فها قد جمعهما من جديد بعد يومين فحسب من افتراقهما.. ويبدوا إنها هي
المخطأة وقد تسببت في الحادث..ليس عليه ان يصمت ويتطلع اليها فحسب دون ان
يفعل شيء..على الاقل يعرض مساعدته ومن حقها ان تقبل او ترفض هذه المساعدة..
أوقف سيارته الى جانب الطريق..وهبط منها ليعبر الطريق الى الجهة الأخرى منه..وما ان اقترب منها حتى هتف قائلا: آنسة ليلى..
استغربت ليلى هذا الصوت وظنت انه تشابه بالصوت ليس إلا..ولكن عندما التفتت
له تجمدت في مكانها.. ولم تستطع ان تنبس ببنت شفة وهي تشعر بغرابة وجوده
معها الآن وفي هذا المكان..
في حين قال هو: هل يمكنني أن أساعد في شيء؟..
قالت بدهشة وكأنها لم تستمع الى عبارته السابقة:سيد عماد..ما الذي جاء بك الى هنا؟..
قال مبتسما: كنت مغادرا الى المنزل وشاهدت هذا الحادث..اخبريني هل يمكنني المساعدة؟..
قالت وهي تهز رأسها نفيا: كلا شكرا لك..
قال متسائلا: ولكن يبدوا انك أنت من تسبب بالحادث ..وبحاجة لمن يستطيع التفاهم مع الشخص الذي صدمت سيارته..
قالت بابتسامة: لا عليك..لدي تأمين على السيارة ..وسيتم إصلاح سيارته على نفقات شركة التأمين..
قال عماد وهو يهز كتفيه: لا بأس ولكن هل تسمحين لي أن أتفاهم معهم حتى ينتهي الأمر..
قالت بارتباك: أشكرك لا داعي..لا أريد إزعاجك وإقحامك معي في مشاكلي..
قال بابتسامة: لا عليك..لن يكون هناك أي إزعاج ..ارتاحي أنت..وسأقوم انا باللازم وأتفاهم معهما..
قالت في سرعة: أشكرك كثيرا ولكن...
قاطعها قائلا: صدقيني يا آنسة ليلى لن يزعجني الأمر..
صمتت باستسلام..ورأته يقترب من شرطي المرور وذلك الرجل الذي صدمت سيارته..ورأته كيف يتحدث اليهما ويحاول ان ينهي الأمر بهدوء..
وارتسمت ابتسامة إعجاب على شفتيها..وهي تشعر بالفخر لأن عماد الى جوارها
الآن..على الرغم من ان المشاكل هي التي تجعله يقف الى جوارها..وصحيح ان ما
جمعهما الآن هي المصادفة..لكنها تمنت ان تتكرر هذه المصادفات..حتى يتجدد
لقاءها به وتراه مرة أخرى...
***********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:30 am

*الجزء العاشر*
(اية مشاعر تلك التي اشعر بها تجاهك؟)




ربما كان ما فعله عماد عاديا..واي شخص في مكانه كان
سيفعله لو تعرف على ليلى من قبل..لكن هذه الأخيرة اعتبرت ما قام به عماد
كبيرا جدا..وانه جميل لن تنساه له ابدا..وقالت بابتسامة واسعة وهي تراه
يلتفت لها: اشكرك جزيل الشكر يا سيد عماد على ما قمت به لأجلي..لن أنسى
جميلك هذا ابدا..

قال عماد بابتسامة شاحبة اثر تعبه: عن أي جميل تتحدثين؟..لم افعل غير الواجب..وما يمليه علي ضميري..
قالت وهي تتطلع إليه: أتعبتك معي كثيرا..
- أبدا..لقد سعدت بمساعدتك..
وأردف قائلا: ألا تحتاجين لأي مساعدة اخرى؟..
هزت رأسها وقالت: كلا شكرا جزيلا لك..
ابتسم وقال: العفو يا آنسة..
قالها ومضى في طريقه الى حيث سيارته..وما ا دلف
اليها..حتى زفر بقوة..وهو يسند رأسه الى مسند المقعد..شعر بحبيبات العرق
تتصبب على جبينه.. وبإرهاقه يتضاعف..ترى هل سيتمكن من القيادة الى
المنزل؟..يتمنى هذا..

قاد سيارته بهدوء في شوارع المدينة..حتى لمح المنزل
يتراءى له من بعيد..فزفر بحدة وهو يقترب من المنزل أكثر..واخيرا يوقف
سيارته الى جواره..ليهبط من السيارة ويتوجه اليه..ودون ان ينبس ببنت
شفة..او حتى يلتفت ليرى ان كان أحد موجود بالردهة صعد الى الطابق الأعلى
متوجها الى غرفته..وما ان وصل اليها حتى القى بجسده على الفراش بتعب..

وارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيه أمحت آثار التعب
الذي كانت مرتسمة على ملامحه منذ لحظات..وهمس لنفسه قائلا: (لا اعلم ماذا
يحدث لي؟..ولكني اشعر انني منجذباً اليك بالرغم مني..ترى هل هو اعجاب..ام
ميل..ام هو الحب يا ترى؟..)

************
رنين مستمر..أزعج وعد..وجعلها تفيق من نومها بالرغم
منها..والتفت الى جوارها لتغلق المنبه وتصمت رنينه المزعج..وتنهض من
فراشها..توجهت في سرعة الى دورة المياه..لتغسل وجهها وتستعد للذهاب
للصحيفة..وليوم عمل جديد..

ولم تمضِ نصف ساعة حتى كانت وعد قد جهزت تقريبا..بعد
ان ارتدت بنطال ازرق من نوع (الجينز) ..وقميص ازرق فاتح بأكمام
طويلة..ارتدت فوقه سترة طويلة تصل الى ما فوق الركبة من غير أكمام زرقاء
ومن نوع الجينز ايضا..

كانت تبدوا بسيطة بهذه الملابس وانيقة في الوقت ذاته..ملابسها جعلتها تبدوا بمظهر ناعم وهادئ..
وأسرعت لتختطف حقيبتها وتخرج من الغرفة نحو الطابق
الأسفل..وما ان وصلت نحو طاولة الطعام التي كانت بإحدى زوايا الردهة حتى
قالت: ابي..امي..سأغادر الآن..مع السلامة..

هتف بها والدها: تعالي يا وعد قليلا ارغب في الحديث معك..
توجهت الى والدها وقالت متسائلة: ماذا هناك يا ابي؟..
قال والدها بهدوء: اشربي كأس من العصير قبل ان تخرجي..
ابتسمت وعد وقالت: اظن ان الدعوة للطعام هي من اختصاص امي..
أمسك والدها باذنها مداعبا وقال مبتسما: من اختصاص امك او من اختصاصي لا فرق..اهم شيء ان تتناولي شيئا قبل خروجك..
ضحكت وعد وقالت: حسنا يا ابي سأفعل..ولكن اترك اذني اولا..
قال وهو يترك اذنها ويشير بيده نحو المقعد: هيا اجلسي..
جلست في سرعة وقالت: لقد جلست لأجلك فقط..ولكن علي الإسراع فأخشى ان أتأخر..
وأسرعت بتناول بعض قطع البسكويت..وشُرب كأس العصير ومن ثم قالت وهي تنهض من مقعدها: والآن انا ذاهبة..أتريدان شيء قبل ان اخرج؟..
قالت والدتها بهدوء: سلامتك..فقط قودي بتمهل..
قالت وعد بمرح: لن اصل الى الصحيفة إلا بعد ساعتين اذا..
واردفت وهي تتوجه نحو الباب الرئيسي: مع السلامة..
ولم تلبث ان غادرت المنزل وانطلقت بسيارتها متوجهة
الى الصحيفة..وهناك أوقفت سيارتها الرياضية الحمراء بأحد
المواقف..وغادرتها متوجهة نحو مبنى الصحيفة..وابتسمت بهدوء وهي تتذكر اول
مرة دلفت فيها الى هذا المبنى.. وحتى عندما صعدت بالمصعد نحو الطابق
الثالث تذكرت اصطدامها بتلك السيدة عندما كادت ان تخرج منه..يا الهي هل
الأيام تمضي سريعا هكذا؟..وهل هذا اليوم هو اليوم السابع لي
بالصحيفة؟..اشعر وكأن شيئا لم يتغير وان...

قطعت حبل أفكارها اثر وصولها الى جوار قسم الصفحة الرئيسية ودلفت اليه وهي تقول بابتسامة واسعة: صباح الخير جميعا..
لم تنتظر سماع رد لتحيتها..وكانت عيناها تتطلعان الى
مكتب ما..مكتب يجاور مكتبها تقريبا..وما ان فعلت حتى اختفت ابتسامتها من
على وجهها..فقد كان مكتب طارق فارغا..يبدوا وانه خرج من القسم..لا تعلم لم
شعرت بالضيق من كونه غير موجود بالمكتب..اعتادت وجوده يوميا كلما جاءت
صباحا..ولكن حقا لم تشعر بالضيق؟..ما دخلها هي؟..

أكملت طريقها الى حيث مكتبها حتى لا يشعر أحد
بضيقها..وطارق لا يزال محور تفكيرها..لم تشعر بالضيق لعدم وجوده؟..لم
تتلهف أحيانا لرؤيته؟..يالها من بلهاء..لم تفكر به وهو الى الآن لم
يبادلها الا بضع كلمات داخل نطاق العمل..لقد استحوذ على تفكيرها منذ اليوم
الأول..ربما لغموضه..او لبروده المضاعف..او ربما لأنها..لأنها...

(آنسة وعد..)
التفتت الى صاحبة الصوت ناطقة العبارة السابقة وقالت: أجل..ما الأمر يا أستاذة نادية؟..
قالت نادية بهدوء:رئيس التحرير يطلبك..
قالت وعد بدهشة: أنا؟..
اكتفت نادية بهز رأسها ايجابيا..فقالت وعد وهي تنهض من خلف مقعدها: سأذهب لأرى ما يريد اذا..
وغادرت القسم لتسير بالممرات وعندما وصلت الى مكتب
رئيس التحرير..توجهت الى مكتب السكرتيرة اولا وقالت: من فضلك؟..أنا
الصحفية وعد عادل..ورئيس التحرير أرسل بطلبي..هل استطيع الدخول؟..

قالت السكرتيرة وهي تنهض من خلف مكتبها: اجل..فقد طلب مني ان أدخلك على الفور اذا حضرت..
وتوجهت لتفتح لها باب المكتب..واستغربت وعد الارسال
في طلبها من رئيس التحرير..وثانيا ادخاله لها على الفور وكأن الأمر مستعجل
ويحتاجها..و...

انقطع حبل أفكارها..لا لشيء..ولكن لأن طارق كان يقف
أمامها..في مكتب رئيس التحرير أيضا..وبعد ان كانت تسير بخطوات واثقة..باتت
تسير بخطوات بطيئة ومضطربة بعض الشيء..وقالت عندما وصلت الى حيث مكتب رئيس
التحرير..وهذا الأخير يجلس خلفه: هل ارسلت في طلبي يا سيد نادر؟..

تطلع اليها رئيس التحرير ومن ثم قال سريعا: في
الحقيقة لقد كنت أفكر بإرسالكما لعمل تقرير عن مؤتمر سياسي..ولكن حدثت
ظروف دفعتني لتغيير هذا القرار..وإرسالكما لعمل تقرير عن حادث مروري..

قالت وعد متسائلة: واين وقع هذا الحادث؟..
تطلع اليها رئيس التحرير بحزم على مقاطعته وقال: لم انهِ كلامي بعد..
واردف قائلا: لقد وقع الحادث بالشارع الثاني في المنطقة الخامسة..أريدكما ان تسرعا في عمل التقرير قبل ان تسبقنا أي صحيفة اخرى..
أومأ طارق برأسه ايجابيا وقال : هل من أمر آخر يا سيدي؟..
قال رئيس التحرير في سرعة: كلا يمكنكما المغادرة..
التفت طارق الى وعد وقال ببرود: هيا بنا اذا يا آنسة وعد..
قالها ومضى في طريقه نحو باب المكتب ووعد تتبعه
بخطوات سريعة محاولة اللحاق بخطواته الواسعة..وما ان صعدا المصعد وضغط على
زر الطابق الارضي حتى قال طارق: هل أحضرت الكاميرا؟..

هزت وعد رأسها نفيا وقالت: كلا..
قال طارق وهو يشير بأصبعه: اذا هذا هو الخطأ الأول لك..
عقدت حاجبيها وقالت محاولة الدفاع عن نفسها: اولا..
لم اكن اعلم السبب الذي دعا المدير للارسال في طلبي..وثانيا انت لم تمنحني
الفرصة للعودة..

قال طارق وهو يلتفت عنها: كان بإمكانك ان تطلبي مني التوقف..انا لم أجبرك على اللحاق بي..
ازداد انعقاد حاجبي وعد..ايتعمد استفزازها أم ماذا؟..وقالت ببرود مماثل لبروده: سأقوم بالتصوير بواسطة هاتفي..لا مشكلة..
لم يعلق طارق على عبارتها ووصل المصعد في تلك اللحظة
إلى الطابق الأرضي..فخرجت منه وعد اولا وهي تشعر بالسخط من تصرفاته..لن
يتغير..مهما ظنت انه قد غير طريقة تعامله معها يعود الى بروده..والى
استفزازه لها..تشعر احيانا برغبة بداخلها تدفعها الى الرد عليه..والصراخ
في وجهه حتى يتوقف عند بروده الذي يكاد يحطم أعصابها..أو حتى....

(آنسة وعد أسرعي..سنذهب بسيارتي)
قالها طارق بحزم وبلهجة من لا تقبل النقاش..ولكن وعد قالت باستنكار: سأذهب بسيارتي فلا أريد ان...
قاطعها طارق قائلا بحزم: ليس لدي الوقت الكافي لتضييعه معك..استمعي الي..ان الطرق مزدحمة هناك ولن تتمكني من اللحاق بي..
رفعت وعد حاجبيها للحظة ومن ثم عادت لتخفضهما..لم
تعلم لم وجدت نفسها تتقدم من سيارته وتدلف اليها..ربما لصدق ما قاله..او
ربما لأنها أحست ان ليس هناك أي داع للاعتراض..فهي ستذهب معه في مهمة خاصة
بالعمل..

وطوال الطريق لم يتبادلا كلمة واحدة ..كان طارق صامت
ومنشغل بالقيادة..اما وعد فكانت تتطلع من النافذة بشرود..وما ان اوقف طارق
السيارة حتى قال: المكان مزدحم جدا..حاولي ان تتبعيني..

التفتت لتتطلع الى جماعات الناس التي تجمعت حول
الحادث وشرطة المرور تحاول منعها بشتى الطرق..وأسرعت بالنزول من السيارة..
لترى طارق قد أسرع باتجاه الازدحام..فأسرعت بدورها خلفه..

اقتحم طارق جماعات الناس بمهارة يثبت بذلك انه اعتاد
على مثل هذه الامور..ولكن ماذا عن وعد التي وُضعت في هذا الموقف للمرة
الأولى..كانت تحاول اقتحام افواج الناس من دون فائدة..وتطلعت الى طارق
الذي اكمل طريقه دون ان يلتفت لها حتى..

وقال طارق عندما وصل عند احد شرطة المرور وهو يخرج
بطاقته المهنية من جيبه: من فضلك؟..انا صحفي وارغب بتصوير الحادث..اسمح لي
بالمرور..

تطلع شرطي المرور الى بطاقته ثم قال بسرعة: أسرع..قبل ان يدلف خلفك احد من الناس..
التفت طارق الى الخلف وقال: هيا بنا يا....
بتر عبارته وعقد حاجبيه بغرابة..وعد ليست خلفه..لم
تتمكن من اقتحام جماعات الناس..وقال وهو يلتفت لشرطي المرور مرة اخرى:
سأذهب لأرى زميلتي واعود..لحظة واحدة..

لم يهتم شرطي المرور بالإجابة على عبارته..او التعليق
عليها..في حين عاد طارق أدراجه باحثا عن وعد..تلفت حوله مرارا اين
هي؟..لهذا يكره ان يكون معه شخص ما..لكي لا يقع في مثل هذا الموقف؟..وهتف
اخيرا بصوت عالٍ: آنسة وعد..هل تسمعيني؟..وعد..

شاهدها اخيرا وهي تحاول المرور بين جماعات الناس دونما فائدة..فتوجه اليها وقال: هيا اسرعي ..حاولي المرور..
قالت وهي تزفر بحدة: لا استطيع..
عقد حاجبيه..ثم لم يلبث ان عاد ادراجه قليلا..ليمسك
بمعصم وعد ويخرجها من بين جماعات الناس بسرعة..وقال: يجب عليك ان تعتادي
مثل هذه الامور..فمستقبلا ستكونين وحدك..

قالت وهي تحاول اللحاق به: وعليك انت ايضا ان لا تمضي
في طريقك دون ان تتأكد من وصول من يرافقك ايضا.. فستوضع في هذا الموقف
مستقبلا..

قال طارق بسخرية وهما يخرجان اخيرا من بين صفوف الناس: اشكر لك نصيحتك..
قالت وعد وهي تلهث: على العموم..شكرا لك..
التفت طارق عنها دون ان يعلق على عبارتها..وتحدث الى
شرطي المرور الذي سمح له بالمرور مع وعد..وبالنسبة لوعد فقد كان هذا اليوم
حافلا.. ومرهقا.. و... مميزا...

************
ابتسمت وعد بسعادة وهي تتطلع الى الصور التي التقطوها
للحادث وقالت: انها صور مميزة جدا..ونادرة ايضا..لن يتمكن أي صحفي من
التقاط مثل هذه الصور التي تعطي صورة مكتملة عن المكان..

قال طارق بهدوء: هل قمت بسؤال احد من اللذين شاهدوا الحادث؟..
أومأت وعد برأسها ايجابيا وقالت: بلى فعلت..وماذا عنك هل قمت بسؤال شرطة المرور؟..
لم يعلق على عبارتها بل قال مغيرا دفة الحديث: فلنعد إذاً..
هزت وعد كتفيها بلامبالاة وتبعته الى حيث السيارة..
وقالت محاولة تلطيف الجو قليلا:انتبه للطريق والا لن يكون حالنا افضل من
حال ذلك الحادث..

التفت لها طارق وقال: أتظنين انها السنة الأولى التي اقود فيها؟..
قالت وعد بحنق: لم اعني شيئا..كنت أريد تلطيف الجو بعد هذا العمل الشاق..
مضى طارق في طريقه مبتعدا..ووعد تشعر بأنها ستنفجر في
وجهه في اية لحظة.. مغرور ..بارد ..تافه .. كلما تقضي فترة أطول معه كلما
تشعر بالاستياء والغضب من تصرفاته..لا تراه يستفز أحد سواها ببروده
هذا..او ربما هي الوحيدة التي تشعر بالغضب من تجاهله..اما البقية فقد
اعتادوا عليه..

دلفت وعد إلى السيارة بصمت..وانطلق طارق بالسيارة
عابراً شوارع المدينة..وقال وهو يختلس النظر إليها: ستتعلمين كيفية اعداد
التقارير هذا اليوم..

قالت ببرود متعمد: وأنت من سيقوم بتعليمي؟..
رفع طارق أحد حاجبيه وقال: أجل أنا..ألست أهلا لذلك؟..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها: لم أقل ذلك ولكنك هادئ أكثر من اللزوم..بمعنى آخر بارد في تصرفاتك معي..هل لي ان اعلم السبب؟..
صمت طارق لدقيقة كاملة حتى ان وعد ظنت انه لن يجيب على استفسارها..ولكنها سمعته يقول بعد فترة: أنا هكذا مع الجميع..ولست معك فقط..
قالت وعد وهي تلتفت اليه: اعلم..ولكن تصرفاتك..
وكتاباتك لا تبدوا متطابقة..بمعنى ادق كتاباتك لابد ان تعكس شخصيتك..وأنا
ارى كتاباتك مختلفة تماما..وهذا يعني انه ربما يكون برودك هذا مجرد قناع
تخفي به طبيعتك الحقيقية..

شعر طارق بالإعجاب أكثر منه اندهاش..كلماتها كانت لها
الأثر الكبير في نفسه..وخصوصا وهي تلمس شيئا من الحقيقة التي يحاول
إخفاءها..لقد تمكنت من ان تفهمه وان تفهم ما لم يفهمه الجميع طوال هذه
السنوات..من هي هذه الفتاة؟..تبدوا مرحة..هادئة..جريئة وذكية..و...

التفت لها ..وقال وهو يتطلع اليها: لن أتمكن من إجابة مثل هذا السؤال.. اعذريني..
همت بأن تقول شيء ما ولكنها وجدته يردف: ليس في الوقت الحالي على الأقل..
ابتسمت وعد في قرارة نفسها..هذا يعني انه سيجيبها على
مالديها من اسألة..لا يهم متى..المهم ..انه سيجيبها يوما ما..تتمنى أحيانا
لو تستطيع سبر أغواره..وقراءة ما يخفيه في اعماقه..أحيانا تشعر بأنه
كالبحر في غموضه..وهدوء أمواجه..وأحيانا اخرى تشعر انه كالريح العاتية
التي تستطيع ان تزيح كل ما أمامها..وخصوصا عندما يغضب..

وصلا في تلك اللحظة الى مبنى الصحيفة..فهبطا من
السيارة وتوجها الى المبنى..ومن ثم إلى القسم الذي يعملان به..وما ان وصل
الى داخل القسم حتى قال في سرعة:أسرعي بإعداد المسجل..والأشرطة..سنستخدمها
في إعداد التقرير..

قالت وهي تدخل الى القسم: فليكن..هل من شيء آخر؟..
هز طارق رأسه نفيا وقال: كلا..
أعدت الأشرطة بالمسجل وقامت بتشغيله..وأخذ طارق يستمع
اليه بانتباه واهتمام..ويسجل المعلومات الأساسية والمهمة فقط..التي ستفيده
في تقريره..ثم لم يلبث أن أغلق جهاز التسجيل وقال في سرعة: الآخر..

أومأت وعد برأسها وهي تناوله الشريط الآخر فقال وهو يضعه بداخل جهاز التسجيل: شكرا..
ابتسمت وعد بسرور..انه يبدوا مهذبا..لم تعتد ان
يشكرها على أي شيء تقوم به...ولكن هاهو ذا يفعل الآن..انه شاب غريب لن
تفهمه أبداً..واستيقظت من شرودها على صوت طارق وهو يقول: والآن عليك ان
تختاري الجمل المناسبة لوضع هذه المعلومات فيها ..فمثلا ..وقت الحادث
..يمكنك ان تضعيه في جملة تشمل الوقت والمكان معا..هل فهمت ما أقوله؟..

قالت مبتسمة: بالتأكيد..
قال مستطردا وكأنه لم يسمع إجابتها: وأريد أن يكون مفهوما..غير معقد..ومختصرا..ويحتوي في الوقت ذاته على كل ما يهم..
قالت وعد وهي تتنهد: حسنا فهمت..هل أستطيع العمل الآن؟..
قال طارق بهدوء: تستطيعين.. واستخدمي هذه المعلومات التي قمت بتدوينها في هذه الورقة..
قالها وسلمها الورقة..وكادت ان تبتعد الى حيث مكتبها لكنها سمعته يقول مناديا باسمها: وعد...
تسمرت قدما وعد بالمكان..انه يقول اسمها مجردا من أي
القاب..لم؟..ومن ثم لماذا هتف بي مناديا؟..ولماذا نبضات قلبي تسارعت؟..يا
الهي أي شعور ينتابني كلما اسمع صوتك..

والتفتت اليه..وهنا فقط التقت نظاراتهما..وأحس كلاهما
بشيء غريب يجذبه نحو الآخر..أحست وعد بغموض عينه وسحرهما والدفء الذي
تراهما فيها..وشعر طارق بجمال عينيها ومرحها وحنانها..أحس في هذه اللحظة
بشيء غريب يتسلل الى أعماقه..

وظلا صامتين ..وكلاهما يكتفي بلغة العيون التي دار
بينها حوار طويل..وأفسد هذه اللحظة التفات طارق عنها وقال بصوت مرتبك بعض
الشيء: اعتذر ان كنت قد أحرجتك ذات يوم..

أذناها لا تصدقان ما تسمعان..طارق يعتذر لها..لقد بت
اشعر بالحيرة لا بل بالذهول..لم اعد أدرك..من انت حقا؟..إنسان بارد جامد
المشاعر..أم انسان هادئ ومهذب..أم انسان متفائل وسعيد..عيناك تحملان شجنا
عجيبا لم المحهما في عيني أي شخص آخر..

وقالت بعد وهلة من الصمت: لا بأس..لم يحدث شيء..
قالتها وانطلقت الى مكتبها مسرعة..قبل ان يكشفها
توترها..ونبضات قلبها..التي باتت تخشى ان كانت مسموعة لدى الجميع
الآن..وبدون ان تشعر تمتمت متحدثة الى نفسها وهي تطلع اليه بين لحظة
وأخرى: ( اعترف بأنك قد بت جزءاً لا يتجزأ في حياتي..وانك أصبحت شخصا مهما
فيها)..

*************
توجه هشام بخطوات مترددة الى غرفة فرح وطرق بابها قائلا: فرح..هل يمكنني الدخول؟..
قالت فرح وهي تفتح باب الغرفة له: بالتأكيد..ماذا هناك؟..
قال هشام مبتسما: جئت للسؤال عن أحوالك؟..
قالت فرح مبتسمة: ليس من عادتك ذلك..على العموم..انا بخير..هل من أسألة أخرى؟..
قال هشام وهو يومئ برأسه: بلى..وما أخبار الجامعة معك؟..
قالت فرح وهي تطلع اليه بملل: هشام اختصر الطريق..وقل ما جئت لتقوله..لا داعي لكل هذه المقدمات..
صمت هشام لفترة ومن ثم قال: حسنا سأقول..لكن من دون سخرية او استهزاء..
قالت فرح بمكر: لقد سخرت مني دوما..ومن حقي الآن الانتقام..
قال هشام بجدية: بصراحة يا فرح..أنا..أنا..
قالت فرح مستحثة هشام على الحديث: أنت ماذا؟..
قال وهو يشيح بوجهه: بصراحة..انا أحب وعد..
وعاد ليلتفت لها ليعرف ردة فعلها على ما قاله..ووجدها تقول مصطنعة اللامبالاة: حسنا..هذا خبر قديم..هل لديك شيء جديد؟..
تطلع اليها هشام وقال: أنا لا أمزح..أنا احبها وأتمناها زوجة لي..فما رأيك؟..
قالت فرح مبتسمة: ان اردت رأيي وعد فتاة رائعة..يتمناها أي شاب..
قال هشام وهو يزدرد لعابه: أعلم ولكن ليس هذا هو بيت القصيد..أريد ان أعلم هل يوجد شخص ما في حياتها؟..
قالت فرح وهي تهز كتفيها: بصراحة لا أعلم..ولكن أشياء كهذه لا أظن أنها تفكر بها في الوقت الحالي..
قال هشام باهتمام: متأكدة؟..
أومأت فرح برأسها بهدوء..فصمت هشام وهو يفكر..هذا
يعني انها لا تهتم لأمره هو كذلك..هو ليس فارس الأحلام الذي تفكر
فيه..ولكن من يدري ربما وعد لا تتحدث عن هذه الأمور امام فرح..وربما تفضل
اخفاء مشاعرها..يا ترى هل يمنح نفسه أملا لا أساس له..ام انه يعيش نفسه في
حلم قد يتحقق يوما ما..

وقال وهو يميل الى فرح: هل اطلب منك طلبا؟..
مطت فرح شفتيها وقالت: ماذا؟..
قال بابتسامة هادئة: هل تعرفين لي ان كانت تفكر في شاب ما ام لا؟..
قالت فرح باستنكار: هل جننت؟..تريدني ان اسألها ان كانت تفكر في ....
قاطعها قائلا: لم اقل اسأليها..بل قلت اعرفي لي..اي حاولي جرها في الحديث..او معرفة ما تخفيه..
- وما الذي ستستفيده؟..
- أريد ان اعرف ان كانت تفكر في شاب ما اولاً قبل ان...
صمت لفترة ومن ثم قال بحزم واصرار: قبل ان اعترف لها بمشاعري..
وابتسمت فرح بخوف ..فما تخفيه وعد بداخلها..قد يهد جبال الامل الذي يعيش عليها هشام الآن..
**********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:30 am

*الجزء الحادي عشر*
(من سينتصر في حرب الأعصاب هذه؟)





تحدث عماد الذي كان يجلس بالمكتب الى عمر عبر الهاتف
وقال: حسنا يا عمر لقد فهمت..سآتي لأخذك بعد انتهاء موعد العمل ولكن لا
تفعل مثل المرة السابقة وتطلب مني المجيء قبل ساعة من انتهاء عملك..

قال عمر بابتسامة: لا تقلق لن افعل..
- فليكن إذاً أراك بخير..إلى اللقاء..
وما إن أغلق الهاتف حتى تنهد وهو يسند رأسه الى مسند
المقعد..تلك الفتاة ليلى..لا تكاد تفارق ذهنه..كلما خلى بنفسه قليلا او
شرد ظهرت صورتها امام عينيه..وسمع صوتها يرن في اذنيه..لها تأثير غريب
عليه ..على الرغم من انه لم يرها الا صدفة..ولا يعرفها جيدا..يا ترى هل
هذا هو الحب؟..

قطع سكونه صوت طرقات على باب المكتب..فقال وهو يعتدل في جلسته: ادخل..
دلفت السكرتيرة الى المكتب وقالت وهي تقدم له عدد من الملفات: هذه عدد من الطلبات للوظيفة الجديدة..
قال عماد بهدوء: حسنا..يمكنك الانصراف..
وما ان غادرت السكرتيرة المكتب حتى تصفح الملفات التي
بين يديه باهتمام..تقريبا جميع من قدموا للوظيفة مناسبون لها..نظرا
لمطابقتهم لمواصفات الوظيفة..ولكن عليه اولا ان يلتقي بهم ويحدد من بينهم
من....

اتسعت عينا عماد بغتة وهو يتطلع الى الملف
الأخير..ازدرد لعابه في توتر وهو يتطلع الى صورة مقدم الطلب او مقدمة
الطلب على وجه التحديد..يا الهي أي صدف غريبة وعجيبة تجمعنا..انها ليلى
إحدى مقدمين الطلب لهذه الوظيفة..يا لعجائب القدر!!..

تطلع الى ملفها باهتمام وهو يقرأ كل ما احتواه
بدقة..التهم سطور الملف وهو يتمنى ان تكون هي احدى الموظفات بالشركة..فهذا
سيسمح له ان يراها يوميا و...

هل حقا هو يتلهف الى رؤيتها الى هذه الدرجة؟..ولكن
لحظة.. عليه ان يقابل جميع مقدمي الطلب للوظيفة حتى يكون عادلا بقبول
الموظف فربما يكون هناك من هو افضل منها في الخبرة او الصفات للوظيفة..

ضغط على زر الاتصال الذي بينه وبين مكتب السكرتيرة وقال:فلتحضري الى المكتب للحظة يا آنسة؟..
قالت السكرتيرة عبر جهاز الاتصال: حاضر..
طرقت السكرتيرة باب المكتب قبل ان تدلف الى داخل
المكتب وتتقدم من عماد الذي سلمها أربع ملفات وقال بهدوء: اتصلي بهؤلاء من
اجل المقابلة الشخصية للوظيفة..

استلمت السكرتيرة منه الملفات وقالت: هل تأمرني بشيء آخر يا سيدي؟..
- كلا يمكنك الانصراف..
وما ان غادرت السكرتيرة حتى عاد عماد ليغرق في بحر الأحلام...
************
ما إن دلفت وعد إلى القسم في ذلك اليوم حتى قالت: صباح الخير جميعا..أين صحيفة اليوم؟..
ابتسم احمد وقال وهو يلوح لها بالصحيفة: هاهي.. وموضوعك مع طارق بالصفحة الأولى بكل تأكيد..
اختطفت الجريدة في سرعة وهي تتطلع الى الصورتين التي
تم اختيارهما للحادث..والتقرير الذي كان مشتركا بينها وبين الأستاذ
طارق..وقالت مبتسمة بسعادة: اشعر بالفخر لأنني أرى موضوعا كتبته بالصفحة
الاولى..

والتفتت لترى طارق الذي كان يتطلع الى ذات الموضوع بالصحيفة وقالت بابتسامة: ما رأيك يا أستاذ طارق؟..انه أمر رائع أليس كذلك؟..
رفع طارق اليها عينيه وقال: وما الرائع بالأمر؟..انت تعملين بقسم الصفحة الرئيسية ولابد ان ينشر موضوعك بالصفحة الاولى..
تلاشت ابتسامتها من على شفتيها..وتحولت سعادتها التي
كانت تشعر بها منذ لحظة إلى حنق..وقررت في هذه المرة أن لا تصمت على ما
يفعله فقالت: اعلم انني اعمل بالصفحة الرئيسية لم انس ذلك بعد..ولكني شعرت
بالسعادة لنشر الموضوع..معذرة ان كنت قد طلبت رأيك منذ البداية..

شعر احمد بتوتر الجو بينهما فقال محاولا تغيير دفة الحديث: من التقط هذه الصور؟..تبدوا جيدة جدا..
التفتت له وعد وقالت: لقد التقطت الأولى..اما الأستاذ فقد التقط الأخرى..
- أتعلمين كلاهما جيد..انت موهوبة يا آنسة وعد..
قالت وعد بابتسامة باهتة: أشكرك..
قالتها وجلست خلف مكتبها..لن تهتم لأمره بعد الآن..لن
تهتم لما يقوله ستتجاهله تماما..كما يفعل هو معها..ان حاول ان يستخف بها
ستدافع عن نفسها ولن تصمت..لقد ملت ما يفعله..عليها ان تنتصر في حرب
الأعصاب هذه..فبدلا من ان يستفزها ستستفزه هي..وإذا حاول الاستخفاف بها
ستفعل المثل..

التقطت إحدى الأوراق وأمسكت بالقلم لتخط عليه فكرة
لموضوع جالت بذهنها..وبينما هي كذلك ومنشغلة بالكتابة سمعت صوت رنين
هاتفها المحمول ..ولتغيظ طارق قررت الإجابة عليه في القسم متعمدة
استفزازه..وقالت ما ان سمعت اجابة الطرف الآخر: اهلا فرح كيف حالك؟..

قالت فرح مبتسمة: بخير وأنت؟..
- على ما يرام..
قالت فرح مباشرة: بصراحة أود الحديث إليك..متى تنتهين من عملك؟..
- الساعة الثانية..
- حسنا ما رأيك ان يأتي هشام لأخذنا جميعا لنجلس في مكان هادئ..كالمطعم مثلا..
ابتسمت وعد وقالت: هشام مرة أخرى الا يكفيك شجار تلك المرة تريدين ان لا نتحدث ابدا..
قالت فرح بابتسامة باهتة: اسمعي ..لا تهتمي لعصبيته ولا تقابليها بالمثل..وعندها لن تتشاجرا..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها: اجل.. اتركه اذا ليسخر مني كيفما يشاء واصمت..
- وعد أرجوك..من اجلي..
- حسنا..من أجلك فقط..
قالت فرح بابتسامة واسعة: أشكرك..نلتقي على الساعة الثانية..إلى اللقاء..
قالت وعد بهدوء: الى اللقاء..
قالتها وأغلقت الهاتف..ولم تلبث ان التفتت الى طارق
وتطلعت اليه بنظرة تحدي قبل ان تكمل كتابة موضوعها..وبالنسبة لطارق فقد
أثارت نظرتها استغرابه وعلم ان ما يفعله معها هو خاطئ الى ابعد
الحدود..وعليه إصلاح ما افسد..

**********
زفرت ليلى بحرارة وهي تجلس على أحد المقاعد المواجهة
لمكتب السكرتيرة..لقد قدمت لتقديم طلب الوظيفة وهي تتمنى ان يتم
قبولها..ولكن يبدوا ان فرصتها قد تراجعت فهاهم ثلاثة غيرها وربما يكونون
افضل منها قد قدموا للوظيفة نفسها..

والتفتت للسكرتيرة لتسألها للمرة الثانية: متى سيحين دوري للمقابلة..؟
قالت السكرتيرة بهدوء: بعد الآنسة التي دخلت منذ قليل..
شعرت ليلى بالتوتر لم يبق شيء إذاً..ستدخل للمدير بعد
قليل..وأكثر ما يخيفها ان تفشل فيها..التقطت نفسا عميقا وهي تحاول تمالك
نفسها وإخفاء توترها..وسمعت صوت السكرتيرة تقول بصوت هادئ وهي تشير نحو
باب مكتب المدير: دورك يا آنسة ليلى..

ازدردت ليلى لعابها وهي تنهض من على المقعد لتتوجه
الى باب المكتب وتطرقه عدة طرقات قبل ان تدلف الى الداخل..وسارت بخطوات
هادئة حتى المكتب وقالت بهدوء: صباح الخيـ...

لم تتمكن ليلى من اتمام جملتها..فقد اتسعت عيناها
بدهشة وهي تتطلع الى الشخص الجالس خلف مكتب المدير وسمعته يقول بهدوء:
صباح النور..تفضلي..

تمتمت ليلى بدهشة: مستحيل..اي صدف هذه؟..
قال مبتسما: اجلسي اولا وبعدها نتحدث..
جلست على المقعد والدهشة لا تكاد تفارقها..انها المرة
الرابعة التي تلتقي به..وبالصدفة ايضا..لقد جاءت لتقديم اوراقها هنا دون
ان تعلم ان كان يعمل موظفا هنا ام لا..وهو..هل قام بالموافقة على عمل لقاء
معه من اجل الوظيفة لانه يعرفها والتقى بها مرارا ام لخبرتها و...

(ماذا تريدين ان تشربي؟)
قاطعها صوت عماد من افكارها فقالت وهي تلتفت له: لا اريد..شكرا لك..
- سأطلب عصير ليمون لتهدئي أعصابك قليلا..فتبدين متوترة..
قالها وضغط على زر الاتصال قائلا: احضري كأس عصير ليمون..
أجابته السكرتيرة قائلة: حاضر..
اغلق عماد جهاز الاتصال وقال: انا ايضا دُهشت عندما وجدت ملف طلب الوظيفة الخاص بك..
قالت ليلى متسائلة: وهل قمت بالموافقة على عمل لقاء معي لانك تعرفني من قبل ام....
قاطعها قائلا: قد أساعدك لأني أعرفك ولكن ابدا لن
أقوم بالموافقة على عمل لقاء معك اذا كنت لا تصلحين للوظيفة..بمعنى أدق
أنا لا أجامل أحدا او أقوم بعمل الوساطة لهم..

قالت بابتسامة متوترة: ولكن امر غريب فعلا ان تجمعني كل هذه الصدف بك..
قال عماد مبتسما: ربما هذا ما يريده لنا قدرنا ان نلتقي دائما..حتى وان كان عن طريق المصادفة..
همت بأن تقول شيء ما..لكن طرق الباب جعلها تتراجع عن
ذلك..ووجدت السكرتيرة تتقدم منها وتضع كأس العصير على الطاولة الصغيرة
المواجهة لها..ومن ثم تقول لعماد: هل تأمر بشيء آخر يا سيدي؟..

اجابها عماد: كلا شكرا لك..
اومأت السكرتيرة برأسها ومن ثم غادرت المكتب
..فالتقطت ليلى كأس العصير لترتشف منه قليلا ثم تعيده الى مكانه..فقال
عماد متسائلا: هل ابدأ الآن بطرح الأسألة؟..

أومأت ليلى برأسها ..فقال عماد متسائلاً: لماذا تقدمت لطلب هذه الوظيفة؟..
صمتت ليلى للحظات ومن ثم قالت: بصراحة لقد وجدت ان
هذه الوظيفة تناسب ميولي وخبراتي..وكذلك وجدت ان الصفات المطلوبة في مقدم
الطلب موجودة لدي.. والراتب الذي تقدمه الشركة جيد جدا كذلك..

- حسنا وما الخبرات المتوافرة لديك؟..
أجابته ليلى بهدوء..واستمر اللقاء الشخصي حوالي نصف
الساعة وبعدها قال عماد منهيا اللقاء: حسنا يا آنسة ليلى سعدت بالحديث
معك..وأتمنى ان تكون الوظيفة من نصيبك..احضري بالغد للامتحان النظري..

قالت ليلى مبتسمة: وأنا كذلك أتمنى المثل..عن اذنك..
قالتها ونهضت من مقعدها ..فقال هو: سنتصل بك بعد الامتحان النظري لتعلمي ان تم قبولك ام لا..
أومأت برأسها وهي تبتسم ابتسامتها الجذابة..قبل ان
تغادر مكتب عماد بخطوات هادئة..وهي لا تعلم الى الآن ان عماد هو ابن صاحب
الشركة..

وبالنسبة لعماد فقد شعر بسعادة غريبة تسري في جسده
..يشعر ان هذه الفتاة قد باتت مسيطرة على كيانه..انها تحتلف عن أي فتاة
شاهدها من قبل .. وقال بابتسامة حالمة وهو يتحدث الى نفسه: (يا لها من
فتاة..رائعة)..

**********
استراحة لمدة نصف ساعة فقط يحصل عليها الصحفيين
بالصحيفة بعد ثلاث ساعات من العمل المتواصل..وفي ذلك القسم الخاص بالصفحة
الرئيسية قال احمد وهو يزفر بحدة: وأخيرا..يا الهي لقد ظننت ان فترة
الاستراحة لن تأتي ابدا..

والتفت الى وعد ليقول: ألم تقولي انك ترغبين في مبادلتي ..حسنا انا موافق الآن..
ابتسمت وعد وقالت: حسنا ولكن ماذا عن...
قاطعها قائلا: لا تقولي انك قد تراجعت عن ما قلته..
ضحكت وعد وقالت: كلا ابدا..ولكن ماذا عن عدم خبرتي الكافية..اظن انني سأفسد كل عملك..
قال أحمد مبتسما: لا يهم..اخبريني أتريدني ان احضر شيء لك معي سأذهب الى كافتيريا الصحيفة بعد قليل؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: سأذهب بنفسي..
قالتها ونهضت من خلف مكتبها..ونهض أحمد بدوره ليغادر القسم قبلها..وسارت هي خلفه مغادرة القسم ولتسير في الممرات و...
(آنسة وعد..)
التفتت وعد الى طارق ناطق العبارة السابقة وقالت بعدم اهتمام: ماذا؟..
قال طارق بجدية: ارغب في التحدث اليك..
قالت وهي تلتفت عنه: فيما بعد..
قال بحزم: بل الآن..
التفتت له مرة اخرى وقالت وهي ترفع حاجبيها باستخفاف: وهل سترغمني على هذا؟..
قال طارق بهدوء: لقد كنت افكر بتأجيل الأمر حتى يحين
موعد انتهاء العمل..ولكني فهمت من محادثتك الهاتفية انك ستغادرين في ذلك
الوقت..

صمتت وعد للحظات ومن ثم قالت: حسنا..وبشأن ماذا ترغب في الحديث إلي؟..
- لقد سألتيني بالأمس لماذا انا شخص بارد المشاعر..واليوم انا مستعد لإجابة سؤالك هذا..
تطلعت اليه وعد بشك وقالت: ستجيبني بهذه البساطة..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ربما لا تعلمين انك
تذكريني بشخص عزيز على نفسي..ولهذا فكرت طويلا قبل أن أقرر إخبارك بالأمر
والإجابة على سؤالك..

قالت وعد بابتسامة: حسنا موافقة..ولكن من دون ان تتسبب في إحراجي..
قال طارق بابتسامة شاحبة: لن افعل..أعدك بذلك..
قالت وعد بهدوء: وأنا يكفيني وعدك هذا..
اتسعت ابتسامة طارق وقال: اذا فلنذهب الى مكان نستطيع الحديث فيه..
أومأت وعد برأسها ايجابيا وهي تتبع طارق إلى الكافتيريا ..حيث قد قرر أخيرا ان يكشف ن جزء مما يخفيه خلف قناع البرود هذا..
ترى أي أمور يخفي؟..وهل ستؤثر هذه الأمور على علاقته بوعد؟؟...
**********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:31 am

*الجزء الثاني عشر*
(هل سينكشف ما يخفيه أخيرا؟..)


سارت وعد خلف طارق الى تلك الكافتيريا التابعة للصحيفة وقال طارق وهو يلتفت لها: ماذا تريدين ان اطلب لك؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها: سأختار بنفسي لا تزعج نفسك..
قال طارق بلامبالاة:كما تشائين..
وقام طارق باختيار ما يرغب من طعام
وشراب..وتوجه ليحتل إحدى الطاولات هناك..وما إن انتهت وعد من اختيار
طعامها وشرابها..حتى توجهت إلى الطاولة التي يحتلها طارق وجذبت لها مقعدا
لتجلس عليه..وهنا تطلع إليها طارق وقال بادئاً الحديث: سأبدأ بقول كل شيء
منذ البداية..وارجو ان لا تشعري بالملل او ان تنزعجي..

هزت وعد رأسها نفيا وقالت: أبداً..على العكس انا متشوقة لسماع ما تود قوله..
ابتسم طارق وقال وهو يعود بذهنه الى الوراء: حسنا ان الحكاية بدأت منذ ثمان سنوات مضت..
كان يوما صاخبا من أيام الجامعة ..هو
يوم إعلان النتائج وكما يعلم الجميع الكل متلهف ليعرف نتيجته..وان كان قد
استطاع ان يحصل على النجاح وينتقل للسنة القادمة ام انه سيضطر لاعادة مادة
او اثنتين..المهم انني كنت طالبا ضمن مجموعة من الزملاء والزميلات..كنا
على ما اذكر ثلاث شباب وثلاث فتيات..وقد كنت اعتبرهم جميعا كأخوة لي..

ولكن (مايا ) كانت مختلفة..كانت مرحة ورقيقة وترسم الابتسامة على شفتي كل من يراها..ولكنها كانت عصبية بعض الشيء..
صمت طارق قليلا عن سرد روايته ومن ثم التفت الى وعد وقال: وهي تشبهك كثيرا في هذا..
ابتسمت وعد وقالت: هل اعتبر هذا مدحا ام ذما؟..
ابتسم طارق وقال: اعتبريها ما شئت..
وواصل روايته قائلا: المهم ان مايا
كانت محط إعجاب جميع من بالمجموعة..وقد كان يسعدها هذا كثيرا خصوصا وهي
تشعر بكل هذا الاهتمام من زملائها..ولكن منذ ان انضممت الى المجموعة عن
طريق احد اصدقائي الذي رحب بوجودي بينهم..قل اهتمامهم بها..وهذا ما أثار
سخطها علي..وحدوث العديد من المشادات بيننا لأتفه الأسباب..

قالت وعد مقاطعة طارق: أخبرني يا استاذ طارق..هل كانت هذه هي شخصيتك بالجامعة؟..اعني هادئ اكثر من اللزوم..
ابتسم طارق وقال وقد فهم ما تعنيه:
كلا لم أكن شخصا بارد وغير مبالي..على العكس لقد كنت شابا مرحا حيويا
واجتماعيا..أشارك في كل نشاط بالجامعة تقريبا..

وأردف قائلا وهو يلتقط نفسا عميقا:
وبصراحة لقد حازت مايا على إعجابي منذ الوهلة الأولى التي رأيتها
فيها..ولكن يبدوا ان هذا لم يكن شعورا متبادلا فقد كانت تنظر الي دائما
بغضب.. وحقد أحيانا..لأنني قد سرقت اهتمام الجميع منها..المهم ان في يوم
اعلان النتائج كان الجميع متلهف لمعرفة ان كانت النتائج قد اعلنت ام لا
وقال أحد زملائي لي: اذهب يا طارق واعلم ان كانت قد اعلنت النتائج ام لا..

التفت له وقلت باستنكار: ولم لا تذهب انت؟..
فقال لي مبتسما: هيا اذهب..ألست رئيس مجموعتنا؟..
فقلت له وانا التفت عنه: بصراحة لا اذكر انني قد عينت في هذا المنصب..
مايا التي كانت تشعر بالغضب من اهتمامهم بي قالت بحنق: سأذهب انا لأرى وأعلم ان كانت النتائج قد اعلنت ام لا..
فقال احد الزملاء بمرح: تحيا زميلتنا الرائعة مايا..
هنا فقط استطعت ان المح ابتسامتها
المرحة التي اختفت منذ فترة ..وكل ذلك بسببي..لم أكن اعلم ان وجودي
بالمجموعة سيثير في نفسها كل هذا الكره لي..والا لما كنت انضممت منذ
البداية..

وشاهدتها تتوجه نحو أحد المكاتب
بالجامعة لتسأل عن النتائج..وبعد فترة عادت الينا وجميعنا متلهف لسماعها
وقلت انا متسائلا: هل أعلنت النتائج ام لا؟..

تعمدت مايا تجاهلي لحظتها ولم تجب فسألتها إحدى الزميلات بتوتر: هيا يا مايا تحدثي..لقد انشدت اعصابي بما يكفي..
قالت مايا مبتسمة وهي تتطلع الى زميلتها: هل حقا اعصابك مشدودة الى ذلك الحد؟..
فقالت زميلتها في ضجر: هيا تحدثي يا مايا ولا تتلاعبي بأعصابنا..
قالت مايا بهدوء: حسنا لم يتم اعلانها..
قال احد الزملاء بشك: أتقولين الصدق؟..
قالت بابتسامة واسعة: لم يتم اعلانها وحسب بل تم اعلان جميع الدرجات التي حصلنا عليها بالمواد وقد عرفت درجاتنا جميعا..
قال احد الزملاء: ماذا عني انا؟..فأعلم اني قد قمت بالتأليف في الامتحانات..
ضحكت مايا وقالت: لا تقلق لقد نجحت ولكن بنسبة متوسط..
قال بسعادة: لا يهم المهم انني قد نجحت وسأنتقل الى السنة القادمة اخيرا انها المرة الثانية التي اعيد هذه المواد..
سألت احدى الزميلات مايا وقالت: وماذا عنك.. يا مايا؟..
قالت مايا بفرحة: لقد نجحت وبتقدير جيد جدا..
قالت زميلتها بسعادة: مبارك يا مايا..
شعرت بالسعادة لحصولها على هذا
التقدير فقلت وانا التفت لها بابتسامة واسعة وسعيدة: مبارك يا مايا..انت
تستحقين هذه التقدير..بل تستحقين الأفضل دائما..

تطلعت الي مايا وقالت ببرود: شكرا لك..اعلم انني استحق هذا التقدير..لم اطلب رأيك..
بصراحة شعرت وقتها ان مشادة أخرى ستحصل بيننا فقررت الانسحاب وقلت وأنا التفت عنهم: عن اذنكم سأذهب لأرى نتيجتي...
ولكن الغريب في الأمر ان مايا أوقفتني وقالت: لا داعي لقد شاهدتها..وكنت أفضلنا..لقد نجحت بأعلى نسبة بيننا وبتقدير جيد جدا..
وقتها لم اشعر بنفسي الا وانا التفت لها واقول بسعادة كبيرة: حقا..أشكرك يا مايا..أشكرك كثيرا يا ايتها الرائعة..
اتذكر وقتها ان الجميع قد اندهش من
ممما قلته وخصوصا وهم يعلمون بالخلافات الكثيرة التي بيننا واننا لم نكن
نتحدث الا لفترات قصيرة وللضرورة فقط..ولكني بصراحة لا اعلم ما حدث
لي..لقد شعرت بسعادة فائقة ونطق لساني بكلمات الاعجاب دون ان اشعر والتي
كنت اتمنى ان اقولها لها دائما..

ولم تكن مايا بأفضل حال منهم فقد كانت
تتطلع الي بذهول..عيناها كانتا متسعتان بدهشة كبيرة وهي تتطلع الي وتستغرب
نطقي لمثل هذه الكلمة و...

توقف طارق عن سرد الحكاية بغتة..فقالت وعد مستحثة اياه على الحديث: لماذا توقفت؟..أكمل..
قال طارق مبتسما: ألا تلاحظين اننا وحدنا من بقي بالكافتيريا..
تطلعت وعد حولها قبل ان تقول بابتسامة مرحة: هذا صحيح..لم انتبه الى هذا..لقد مضى الوقت سريعا ونحن نتحدث..
قال طارق وهو ينهض من على مقعده: حسنا إذاً.. فلنعد الآن الى القسم..
قالت وعد باستنكار وهي تنهض من مكانها: اخبرني بتتمة الحكاية..أريد ان اعرف ماذا حصل بعدها..
قال طارق بهدوء: أعدك أن أكملها لك غدا..
رفعت وعد حاجبيها وقالت: لن احتمل ان انتظر الى الغد..فلتخبرني بقية الحكاية بعد انتهاء العمل..
قال طارق وهو يسير مغادرا الكافتيريا: أنسيت انك ستغادرين بعد انتهاء العمل؟..
قالت وعد وهي تسير في الممرات: صحيح..اذا ما العمل؟..
التفت لها وقال بابتسامة باهتة: تنتظرين الى الغد..
هزت وعد كتفيها وقالت: حسنا لا بأس..ما باليد حيلة..
وأردفت بابتسامة وهي تلتفت له: ولكن صدقني..سأظل أفكر بالتتمة بكل لحظة..
لم يعلق طارق على عبارتها واكتفى
بابتسامة هادئة ..ولكنه كان يشعر بشعور مختلف كلما لمح ابتسامتها..او سمع
ضحكتها..كان كل شيء في وعد تقريبا يذكره بمايا..والتفت في هذه اللحظة الى
وعد..وتطلع اليها لفترة أثارت استغراب هذه الأخيرة فقالت: أستاذ طارق ما
الأمر؟..هل هناك شيء؟..

قال نافيا: أبدا.. لم؟..
قالت بحيرة: إذا لم كنت تتطلع إلي ؟..
واردفت بمرح: هل انا جميلة الى هذه الدرجة؟..
أعماقه كانت تصرخ..نعم..انت
جميلة..رائعة الجمال..تأسرين كل من يتطلع اليك بابتسامتك الرائعة
والساحرة..مرحك يشعرني بأن قلبي عاد ليخفق من جديد..ترى هذا لأنك
تشبهينها..أم انني قد...

( أستاذ طارق..إلى أين شردت؟..)
قال طارق وهو يلتفت الى وعد: لقد اعدتيني بالزمن الى الوراء..إلى أيام كادت ان تغيب عن ذاكرتي..
قالت وعد مبتسمة: من المستحيل ان تغيب عن ذاكرتك ..وإلا لما كانت جزء من حياتك ذات يوم..
قال طارق مبتسما بامتنان: معك حق..
وعاد ليختلس النظرات إليها وهو يشعر
بخفقات قلبه التي أخذت تخفق بقوة..ان هذه الفتاة جذبت انتباهه منذ اليوم
الأول لها ..وها هي ذي تشعره بخفقات قلبه كلما تحدث اليها..ان وعد تختلف
عن مايا..على الرغم من انها لا تزال تذكره بها بين اللحظة والأخرى...

************
( فرح ..هيا بنا..)
صاح هشام بهذه العبارة من أسفل السلم مناديا فرح التي قالت بصوت عال من الطابق الأعلى: قادمة يا هشام..لا تلح هكذا..
قال هشام بحنق: اريد ان افهم .. ماذا تفعلين كل هذا الوقت؟..
قالت فرح وهي تهبط على درجات السلم: اسرح شعري وارتدي ملابسي..
قال هشام بسخرية: حقا؟..لقد ظننت انك تألفين كتابا ..
قالت فرح وهي تشير له بإصبعها: بدون سخرية من فضلك والا عدت من حيث أتيت..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه: أأسمي هذا استغلالا؟..
- اجل انه استغلال..فعندما طلبت مني ان أتحدث الى وعد واطلب منها ان نخرج معها لم اسخر منك..
قال هشام بسخرية: البتة..لم تسخري ابدا..
قالت فرح وهي تهز كتفيها: حسنا لقد سخرت من مطلبك..ولكن ليس كسخريتك انت..
قال هشام بضجر وهو يسير بخطوات سريعة: فرح انها الثانية الا خمس دقائق..سنتأخر بسببك وبسبب محاضراتك..
قالت فرح مبتسمة بخبث: كل هذا من أجل وعد..هدئ من أعصابك قليلا..
قال هشام وهو يرفع حاجبيه بسخرية: لا ليس من أجلها بل من أجلي..فلست بمزاج يتحمل الشجار..
قالت فرح وهي تفتح باب المنزل ليخرجا منه: أتخشى اغضابها ايضا؟؟..يا لرجال هذه الايام..
قال هشام وهو يتطلع الى فرح بضيق: الى الآن لم تثيري غضبي ..حاولي استفزازي وستصلين الى المشفى بعد قليل..
غمزت فرح له بعينها وقالت: ولم تغضب؟..انها من تحب وبالتأكيد لا تقبل ان تحزنها او تثير غضبها..
قال هشام وهو يدلف الى السيارة: اتعلمين اول مرة اعلم انك ثرثارة الى هذه الدرجة..
قالت فرح وهي تدلف الى سيارته بدورها: وأول مرة اعلم انك لا تتقبل ما اقول على سبيل الاستهزاء والسخرية مني..
قال بسخرية: كما تريدين..فقط ان اسخر مما تقولينه..
قالت فرح بغتة بجدية وهي تراه ينطلق بالسيارة: اسمعني يا هشام..الى الآن لم افهم ما علي قوله لوعد جيدا..
التفت لها وقال: هل فهمك بطيء الى هذه الدرجة؟..
قالت فرح وهي تلتفت له: لا ليس بطيئا ولكنك طلبت من ان اسألها ان كان شخصا ما في حياتها أم...
قاطعها هشام قائلا: كم مرة علي افهامك..ان تعرفي لي..لا ان تسأليها..
- أجل..أجل..فهمت ان اعرف لك ولكن كيف؟..
- هذا من اختصاصك انت..
فكرت فرح قليلا ومن ثم قالت: تعني ان احاول جرها بالحديث الى ان افهم منها ما اريد..
- واخيرا وصلتك المعلومة..
قالت فرح متسائلة: وماذا عنك؟..
رفع هشام حاجبيه بحيرة وقال: ماذا عني؟..
قالت فرح وهي تشبك اصابع كفيها: اعني كيف سأسألها وانت موجود معنا؟..
قال مبتسما: ومن قال انني سأكون معكم ..سأوصلكم ..ومن ثم اعود لأخذكم..
أوقف هشام في تلك اللحظة سيارته عند مبنى الصحيفة فقالت فرح متسائلة: والى اين ستذهب؟..
- ليست بمشكلة..استطيع ان اتسوق قليلا..فكما تعلمين عيد ميلاد وعد بعد اسبوع وحسب..
قالت فرح بدهشة: بعد اسبوع؟؟..اتصدق لم انتبه الى هذا الا الآن..
واردفت مبتسمة: وهديتك انت بالذات يجب ان تكون مميزة..
قال هشام مبتسما: صدقيني ستكون مميزة جدا..
واعقب قوله بأن أخرج هاتفه المحمول من
جيبه واتصل بوعد..التي كانت تستعد للمغادرة من القسم..وسمعت صوت رنين
هاتفها فتطلعت الى رقم الهاتف الذي يضيء على شاشتها قبل ان تجيبه قائلة
بابتسامة واسعة: اهلا هشام كيف حالك؟..

قال هشام بابتسامة: أنا بخير..ماذا عنك؟..
- على ما يرام..
- منعا للمقدمات..نحن ننتظرك بالأسفل..
قالت وعد بهدوء: حسنا..دقائق واهبط لكما..
قال هشام بابتسامة حانية: حسنا اذا اهتـ...
قاطعته وعد وقالت لتكمل على
عبارته:حسنا اذا اهتمي بنفسك ..لقد حفظت هذه العبارة اكثر من اسمي..اريد
ان اسألك..كم مضى من الزمن وانت تقولها لي؟..

قال هشام مبتسما: ربما عشرة أعوام..
- لا اظن..اظن انك كنت تقولها لي منذ كنت في الثانية من عمري.. ولو كنت افهم ما تقوله ساعتها..لعبرت لك عن ضجري بهذه العبارة..
قال هشام بسخرية: أأخبرك بشيء؟..لا تستحقين ان اقول لك حتى الى اللقاء قبل ان أغلق هاتفي..
قالت وعد بسخرية بدورها: قل اذا مع السلامة..
- ظريفة جدا..
- وانت سخيف جدا..
- صدقيني لن تكبري ابدا..
- وصدقني لن تكف عن جنونك هذا ابدا..
قال هشام مبتسما: يسعدني استفزازك..
قالت وعد بسخرية: ويسعدني اثارة غضبك قليلا..والآن الى اللقاء والا سأترككما تنتظرونني لساعة اخرى..حالما اجهز..
قال هشام مبتسما: حسنا الى اللقاء..
اغلقت وعد الهاتف واسرعت بترتيب
الاوراق ووضعهم في درج المكتب..والتفت الى طارق الشخص الوحيد الذي لايزال
بالمكتب الى الآن –غيرها بالتأكيد- وقالت: سأغادر الآن..أراك بخير.. الى
اللقاء..

قال طارق متسائلا وكأنه لم يستمع الى عبارتها: هل من حدثك الآن هو نفسه ابن عمك الذي جاء لزيارتك قبل ايام؟..
أومأت وعد برأسها وقالت: بلى.. لم؟..
قال طارق بهدوء: لا لشيء..مجرد سؤال عابر..
واردف قائلا: ستغادرين الآن؟..
عادت وعد لتومئ برأسها فقال طارق وهو يعود للكتابة في احد الاوراق: الى اللقاء اذا..
رفعت وعد حاجبيها وقالت وهي تتطلع الى طارق بدهشة: ماذا قلت؟..
رفع طارق رأسه لها وقال: ماذا بك؟..قلت الى اللقاء..
ابتسمت وعد وقالت: لقد قلت الى اللقاء..لم اسمعك تودع أي احد او ترحب به ابدا..انها المرة الاولى..
ارتفع حاجبا طارق..صحيح كيف لم ينتبه
الى هذا..انها المرة الاولى منذ فترة الذي يهتم بتوديع احد قيه..يبدوا وان
وعد قد اثرت عليه وغيرت اشياء كثيرة فيه..حقيقة يا وعد انت تكادين ان
تذيبي الجليد الذي احيط به نفسي ومشاعري منذ زمن..

وقال مبتسما: جيد انك نبهتيني الى هذا..كانت زلة لسان لا أكثر..
ضحكت وعد بمرح وقالت: حقاً؟..إذاً لا تنسى مثل هذه الاشياء المهمة في المرة القادمة..
ولوحت له بيدها قبل ان تغادر
القسم..وعينا طارق لا تكادان تفارقانها ..واسرعت الاولى واستقلت المصعد
لتهبط به الى الطابق الارضي..ومن ثم الى موقف السيارات وما ان شاهدتها فرح
حتى فتحت لها نافذة السيارة وقالت: وعد.. اصعدي معنا..

قالت وعد وهي تتقدم من نافذة السيارة وتميل باتجاه فرح: سأتبعكما بسيارتي..فكيف اتركها هنا؟..
أجابها هشام قائلا: لا بأس سأعيدك الى هنا بعد ان نعود من المطعم..
قالت وعد مبتسمة: حسنا موافقة ولكن انت من سينزعج..
اسرع هشام يقول: ابدا..
فتحت وعد باب السيارة الخلفي ودلفت اليها وهي تقول بمرح: هيا تحرك ايها السائق الى افخر مطعم في المدينة..
قال هشام بسخرية: حسنا اذا يا آنسة..ستصلين عما قريب الى مطبخ منزلكم..
قالت وعد مبتسمة: معك حق..فألذ اطباق الطعام لا تتذوقها الا في منزلنا..
قالت فرح مؤيدة: بكل تأكيد..
قال هشام بسخرية وهو ينطلق بالسيارة: والدتها التي تطهو كل شيء..اما هي فلا تتعب نفسها باعداد العصير حتى..
ضحكت وعد وقالت متحدثة الى فرح: فرح.. الم أعد ذلك اليوم العصير لكم؟..
ضحكت فرح وقالت: بلى..
قال هشام مستهزءا: بكل تأكيد..فتيات وستؤيدون بعضكم البعض..
قالت وعد وهي تغمز لفرح: وهل هناك ما يضايقك في هذا؟...
قال هشام مبتسما: اخشى ان اقتل بين ايديكم.. ان قلت نعم..
قالت فرح مبتسمة وهي تلتفت له: لا تقلق لن نفعلها..أليس كذلك يا وعد؟..
والتفتت الى الخلف لتتطلع الى وعد
التي شردت قليلا وهي تفكر في كل ما حكاه لها طارق اليوم..وفي الحكاية التي
اختارها هي بالذات لتستمع لها..ربما لانها تذكره بشخص عزيز عليه..وهذا
الشخص هو ..مايا..تلك الفتاة التي نالت اعجاب طارق منذ ان رآها اول
مرة..لكن أسألة كثيرة لا تزال تدور في ذهنها..دون ان تجد لأي منها
اجابة..ولم العجلة؟..غدا ستعلم بكل شيء..

تنهدت وهي تطلع من نافذة
الطريق..وعبارات عديدة تتردد في ذهنها..(( ولكن مايا كانت مختلفة))..((
وهي تشبهك كثيرا في هذا))..(( لقد حازت مايا على إعجابي منذ الوهلة الأولى
التي رأيتها فيها))..(( ربما لا تعلمين انك تذكريني بشخص عزيز على نفسي))..

هذه العبارات كانت تقذفها يمينا
ويسارا..فأحيانا تشعر بالابتسامة ترتسم على شفتيها وبمشاعر رقيقة تتحرك
بداخلها وتجعل قلبها يخفق بقوة..وأحيانا اخرى تشعر بالضيق وبشيء يجثم على
صدرها..أي جنون هو هذا؟..لم تشعر بالسعادة او بالضيق؟..ايعقل ان مشاعرها
بدأت تتحرك تجاه طارق؟..أيعقل هذا؟..كلا لا يمكن..لم لا تقولينها يا وعد
وتريحي نفسك..لقد اعجبتِ بطارق منذ اليوم الاول لك بالصحيفة..وكنت تتعمدين
استفزازه حتى تلفتي انتباهه لك..ومشاعرك هذه ليست الا مشاعر ميل تجاهه..لا
تحاولي الانكار يا وعد..انتِ...

نفضت وعد أفكارها عن ذهنها..وهي تشعر
بأن حقيقة ما ستنكشف امامها..حقيقة لا ترغب في ان تعترف بها لنفسها..وسمعت
صوت هشام في تلك اللحظة وهو يقول لها: هل نمت ام ماذا؟..نحن نحدثك منذ
فترة؟..

قالت وعد بابتسامة باهتة: حقا؟..لم انتبه..
قال هشام: لقد كنا نسألك ان كان مطعم النور يعجبك ..ولكن الآن لا يهم فقد وصلنا اليه..
قالت وعد وهي تفتح باب السيارة: لا بأس..
وتساءلت وهي تراه لم يهبط من السيارة: ألن تأتي معنا؟..
- كلا..لدي بعض الاعمال..سأنجزها وأعود اليكم..
- كما تشاء..
والتفتت الى فرح لتقول: هيا بنا نحن..
قال هشام وهو يلتفت لهم : اهتموا بأنفسكم..الى اللقاء..
اومأت فرح برأسها ايجابيا..وشاهدته
ينطلق بالسيارة مغادرا ..فتوجهت برفقة وعد الى داخل المطعم ودلفوا اليه
قبل ان يحتلوا احدى الطاولات..وقالت فرح مبتسمة وهي تمسك بقائمة الطعام:
ما رأيك ؟..ماذا نطلب؟..

قالت وعد بهدوء: لن نطلب شيئا..فقط العصير ..لأني ارغب في تناول الغذاء بالمنزل..
هزت فرح كتفيها وقالت: كما تشائين..
وطلبت من النادل ان يحضر لهما كأسين
من عصير البرتقال ..وما ان ابتعد عن طاولتهما حتى قالت وعد: والآن ما
الشيء المهم الذي دعاك لدعوتي في المطعم..

قالت فرح بارتباك: حسنا انه موضوع يتعلق بك..
قالت وعد باهتمام: اكملي..
فرح التي كانت تقول متحدثة الى نفسها في هذه اللحظة: (لقد وضعتني في موقف محرج جدا يا هشام..لا اعرف حتى كيف ابدأ بالحديث معها)..
وقالت متحدثة الى وعد: بصراحة اريد ان اسألك..لم رفضت عماد؟..
قالت وعد باستغراب: كم مرة سأعيد هذا يا فرح ..أخبرتك باني لا اشعر بأية مشاعر تجاهه..ولهذا رفضته ..اخبريني اكنت تفكرين بعماد؟..
هزت فرح رأسها وقالت: ابدا..ولكنه مجرد سؤال..حسنا اخبريني انت ..هل هناك شخص معين برأسك دعاك لرفض الزواج من عماد؟..
قالت وعد مبتسمة: أي اسألة تسألين؟..تبدين غريبة اليوم يا فرح..كلا لا يوجد شخص معين في رأسي..
صمتت فرح للحظة ومن ثم قالت وهي تضغط
على حروف كلماتها: حسنا اذا..سأسألك سؤالا..مثلا لو لم يكن عماد هو من
تقدم لخطبتك..بل هشام..ماذا سيكون جوابك؟..

وارتفعا حاجبي وعد بدهشة..فهذا هو آخر
سؤال كانت تتوقع ان تسأله فرح لها..وفي الحقيقة هذا هو السؤال الوحيد الذي
تخشى وعد الاجابة عليه....

*************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:31 am

*الجزء الثالث عشر*
(لم يا وعد؟؟)


ظلت وعد صامتة تتطلع الى فرح التي تنتظر اجابتها وتخشاها في الوقت
ذاته..ففرح تعلم تقريبا ان وعد لا تحمل اية مشاعر خاصة لهشام..ولكنها في
الوقت ذاته لا تعلم نوعية المشاعر التي تحملها له في الوقت الحاضر..تشعر
بأنها مجرد مشاعر أخوة..لكنها غير متأكدة من ذلك تمام التأكيد..
وارتسمت ابتسامة على شفتي وعد..ابتسامة اقرب ما تكون الى الشحوب وهي تقول: لم تسألين هذا السؤال يا فرح؟..
قالت فرح متلعثمة: انه..مجرد سؤال..لا أكثر..
قالت وعد وابتسامتها الشاحبة تتسع قليلا: لا تعرفين الكذب يا فرح..في
البداية كنت اظن ان ما يحمله لي هشام مجرد مشاعر قرابة وأخوة نظرا لاننا
قد تربينا سويا..وبعدها بدأت اشك في انها مشاعر اهتمام واعجاب بعد ان
تحدثت ذلك اليوم عن مشاعر يحملها لي.. والآن اتأكد من انها ليست سوى مشاعر
ميل و..حب.. أليس كذلك يافرح؟..
رفعت فرح حاجبيها بدهشة..وظلت صامتة لفترة..قبل ان تقول بارتباك: لست أعلم..لم يخبرني هشام بشيء..
قالت وعد وهي تميل نحوها: حقا لم يخبرك بشيء؟..
لم تجبها فرح وظلت صامتة وهي تشعر بأن وعد ستكشف بأنها لم تحضرها الى هنا
الا لتعلم منها حقيقة مشاعرها تجاه هشام ..واحترمت وعد صمتهافصمتت بدورها
وهي تفكر فيما عليها قوله..وقطع هذا الصمت الذي يغلفهما صوت النادل وهو
يضع العصير امامهما ويقول: هل من خدمة اخرى؟..
أجابته وعد قائلة: كلا..شكرا لك..
انصرف النادل مغادرا فارتشفت وعد قليلا من العصير الذي أمامها ومن ثم قالت
وهي تعتدل في جلستها: فرح هشام هو شقيقك وأعلم انك تتمنين له ان يحيا
سعيدا وان يتحقق كل ما يحلم به..وأنا كذلك اتمنى ان أراه سعيدا دائما..لا
اقبل ان اراه حزينا يوما..هشام هو الوحيد الذي كان يقف معي في كل مشاكلي
ويساعدني على ان اتخطاها..لهذا...
صمتت وعد للحظة ومن ثم اردفت بحزم: لهذا ان تقدم هو لخطبتي..فسأرفض بالتأكيد..
قالت فرح باستغراب ودهشة: ولم؟..ألم تقولي لتوك انك تتمنين له السعادة وانه ....
قاطعتها وعد قائلة: لهذا سأرفض..لاني اتمنى له السعادة..صدقيني أنا لا
اصلح لاكون زوجة له..انا لن اسعده..انت تعلمين ان هشام كما هو شقيقك هو
شقيقي وربما اكثر منك..أنسيت اننا قد ترعرعنا معا..انا وهو كنا نظل طوال
الوقت معا..واكثر من بقاءه معك لانك كنت صغيرة وقتها..لقد كنت أحيانا اظن
احيانا انه شقيقي فعلا..اتتوقعين ان أقبل أن أتزوج من شاب أحمل له مشاعر
كهذه..لو كان هو يقبلها على نفسه..فأنا لا اقبلها عليه..لن استطيع ان
امنحه حبا حقيقيا..أتفهميني يا فرح؟..
لم تعلم فرح بما تجيب..فمن جهة حب هشام الكبير لوعد..وحزنه على انه قد لا
تكون له..ومن جهة أخرى مشاعر الاخوة التي تحملها وعد تجاه هشام والتي لا
تستطيع ان تغيرها مهما حدث..كلا الطرفين تشعر ان وجهة نظره مقنعة وصحيحة..
ولكن..هذا سيخلف جريحا واحدا وهو هشام..وعد لن تخسر شيئا اذا لم تبادله
المشاعر..اما هشام هو الذي سيخسر الكثير اذا علم بهذه الحقيقة..
تنهدت فرح بحرارة ومن ثم قالت:أفهمك يا وعد..ولكن ما افهمه أكثر ان هشام يحبك بصدق وبكل مشاعره..
ابتسمت وعد وقالت: أنت تعترفين اذا..
وضعت فرح كفها على شفتيها وقالت بارتباك: يا لحمقاتي ..ما الذي قلته؟..
قالت وعد وهي تهز كتفيها: وما المشكلة في هذا..اتعتبرين الحب جريمة؟..
قالت فرح بابتسامة: كلا ولكن هشام هو من سيرتكب بي جريمة ان علم اني قد اخبرتك بأمر مشاعره تجاهك..
قالت وعد وهي ترفع أحد حاجبيها: ولم؟..هل يعتبر مشاعره لي جريمة..ام انها عار له..
قالت فرح بابتسامة باهتة: نوعا ما..فما فهمته منه..انه لن يفصح عن مشاعره
قبل ان يرى تجاوبا منك..وهو يرى ان المشاعر ما دامت من طرف واحد فهي ذل
له..
قالت وعد بهدوء: لا اعتقد هذا ابدا..فمشاعره ملك له..وليست عارا اوذلا
ابدا..ستكون كذلك لو استخدم مشاعره في الاستغلال او تحقيق مصالحه الشخصية..
قالت فرح بعد وهلة من الصمت: ما افهمه منك الآن..انك ترفضين ان يكون هشام زوجا لك..
قالت وعد بابتسامة حانية: هشام شاب وسيم يعمل في وظيفة ممتازة..ويمتلك
شخصية رائعة ومتميزة..آلاف الفتيات يتمنونه..وان كانت احداهن تحبه بصدق
فستسعده بكل تأكيد..انا لن أسعده صدقيني..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: آلاف الفتيات يتمنونه..ريما يكون هذا صحيح..ولكنه يتمنى واحدة فقط..واحدة لا تبادله المشاعر وترفضه..
زفرت وعد وقالت: هل المشاعر بيدي يا فرح..هل املك حيالها أي شيء؟..انني لا استطيع ان اوافق الا على من يختاره قلبي..
- احيانا القلب يخدع..يجب ان تحكمي عقلك كذلك..
- هذا صحيح ..وعقلي يقول ايضا انه لا يجب علي ان اتزوج من شخص وانا اعتبره
كأخ لي لا أكثر..ان لم يكن لأجلي فلأجله هو..لم أظلم هشام معي..أنا احب
هشام وربما أكثر منك كذلك..ولكن كأخ..
قالت فرح بشحوب: بصراحة لا اعلم ماذا اقول لهشام اذا سألني عن ردك..
قالت وعد وهي تتنهد: أخبريه ما اخبرتك به تماما..واظن انه سيتفهم الامر..
قالت فرح بألم: لا اظن انه سيتفهم الامر..بل انه سيتألم ياوعد..وبأكثر مما تتصورين..
صمتت وعد وهي لا تجد جوابا لفرح..يا ترى ايهما الصحيح؟ ..هل عليها ان تسعد
نفسها وتنسى آلام الآخرين..ام تنسى نفسها وتسعد غيرها ؟..لم تعد تعلم..لم
تعد تعلم ابدا....
************
كان الصمت هو سيد الموقف في سيارة هشام..بعد ان حضر هذا الاخير الى المطعم من اجل ان يصحبهم..ويوصل وعد الى الصحيفة حيث سيارتها..
كان هشام يشعر بالتوتر وهو يريد ان يعرف من فرح بما اخبرتها به وعد..وما
جوابها على كل الاسألة التي تدور في ذهنه ..لكن فرح لم تنطق بحرف واحد
فمنذ ان دخلت الى السيارة وهي صامتة..بالتأكيد هي تنتظر أن اوصل وعد
وبعدها ستتحدث بحرية..ولكنه يشعر ان هناك شيء ليس على ما يرام وعد وفرح لم
تنطقا بكلمة واحدة طوال الطريق..هل تشاجرا ام ماذا؟..
ولم يلبث ان توقف بجوار مبنى الصحيفة وقال: ها قد وصلنا يا وعد..
قالت وعد بابتسامة باهتة: حسنا اذا..الى اللقاء..أراكم بخير..
قالتها وهبطت من السيارة متوجهة الى حيث سيارتها بالمواقف ..وتطلع اليها
هشام للحظة قبل ان يلتفت الى فرح ويقول: ماذا حدث بينكما؟..لم تتحدثا طوال
الطريق..
قالت فرح وهي تستند الى مسند المقعد: لم يحدث بيننا شيء..
قال هشام وهو ينطلق بالسيارة: ليس من عادتكما الصمت دون ان تزعجاني بصوتيكما..
قالت فرح بابتسامة شاحبة: وها قد ارتحت من ازعاجنا لك..
قال هشام بغتة: ماذا كان جوابها يا فرح؟..
ارتبكت فرح وقالت: جوابها عن ماذا بالضبط؟..
قال هشام وهو يختلس النظرات الى فرح: عن اذا كان هناك شخص ما في حياتها ام لا..
قالت فرح في هدوء: لقد قالت لي انها لا تفكر بأي شاب على الاطلاق في الوقت الحاضر..
ازدرد هشام لعابه ليبتلع تلك الغصة التي امتلأ بها حلقه..وقال مترددا: حسنا..وماذا قالت بشأني؟..
قالت فرح وهي تتحاشى النظر اليه: بشأن ماذا يالضبط..انت لم تطلب مني الا ان اعرف منها ان كانت تفكر في شاب ما ام لا..
قال هشام مستنكرا: وطلبت منك ان تعلمي منها من انا بالنسبة لها..
قالت فرح وهي تلتفت عنه وتطلع عبر النافذة متاحشية ردة فعله: أنت ابن عم بالنسبة لها..
قال هشام باهتمام: حسنا وبعد..
قالت فرح وهي تلتقط نفسا عميقا: لقد تربيتما سويا وكنتما معا طوال الوقت..لهذا فهي تعتبرك مثل اخ لها تماما..
اتسعت عينا هشام وقال بذهول: أخ لها؟..أتعتبرني وعد مجرد اخ لها فحسب؟؟؟..
واردف وهو لا يزال غير مستوعب لما يسمعه: هذا مستحيل ..انها لا تعلم
بحقيقة مشاعري تجاهها لهذا تعتبرني مجرد اخ لها لا اكثر..أليس كذلك؟..
لم تجبه فرح فصاح قائلا بعصبية: اليس كذلك يا فرح؟ .. اجيبي ..
قالت فرح وهي تلتفت له: أعلم بأن هذا صعب عليك ولكنها الحقيقة..حتى وان لم تكن كما نتمناها..
قال هشام بغضب: أنت لا تفهمين..لا تفهمين ماذا تعني وعد بالنسبة لي..وعد
ليست مجرد فتاة احببتها وانتهى الامر..انها النبض الذي ينبض به قلبي..كيف
احيا من دونها..وهي تملك قلبي كيف؟..لا استطيع..هذا مستحيل..سأذهب لها
واخبرها بحقيقة مشاعري وعندها...
قاطعته فرح بألم: لا فائدة يا هشام..وعد ليست لك..
قال هشام بمرارة وهو يضرب بقبضته على المقود: أي شيء سوى هذا..انها الحلم
الذي احلم به منذ صغري..لقد كبرت امام ناظري..كل سنة تمضي من عمرينا كنا
نقضيها معا..وكان حبي لها يزداد ويتضاعف..انها حلم حياتي الا تفهمين؟؟؟..
قالت فرح وهي تتنهد: وعد ايضا لها احلامها ولها امنياتها..دعها تحيا كما تتمنى وكما تحلم هي..وليس كما تحلم انت..
التقط هشام نفسا عميقا وظل صامتا يتجرع كأس الألم والمرارة ..الحلم الوحيد
الذي كان يغذيه بكل لحظة من عمره تحطم امام عينه..وعد قتلت حلمه من دون
رحمة..لم تأبه بكل ما يحمله لها من مشاعر..داست على حبه..على مشاعره..لم
يا وعد؟؟..ألا تعلمين انك حياتي كلها ..وبأنك اسمى امنياتي؟؟..
ولكن لا..لن ييأس او يستسلم لهذا الامر..لقد عاهد نفسه يوما..انه سيجعل وعد تبادله المشاعر والاحاسيس ..وهذا ما سيحدث بكل تأكيد..
وقال في تلك اللحظة بلهجة واثقة وحازمة: ستكونين لي يا وعد..لي انا..أقسم على هذا...
*************
بدا عماد سعيدا على غير عادته الهادئة كلما يدلف إلى مكتبه كل صباح..وقال بابتسامة واسعة متحدثا إلى السكرتيرة: صباح الخير..
قالت السكرتيرة بهدوء مستغربة ابتسامته الواسعة: صباح النور يا سيدي..
دلف عماد إلى المكتب وقال: سيكون اليوم الامتحان النظري لقبول الوظيفة..اخبريني بأسماء الناجحين فيه فور أن يتم معرفتهم...
قالت السكرتيرة باستغراب: حسنا يا سيدي..
لم يكن سؤال عماد عن اسماء الناجحين من عادته فهو لم يكترث يوما بمن يتم
توظيفه..اكثر ما يهمه ام يكون ذو خبرة..انه يبدوا غريبا منذ ان تسلم ملفات
المقدمين للوظيفة..
ربما كان تصرف عماد غريبا للسكرتيرة ولكنه ليس غريبا لمن يعلم سبب
سعادته..فاليوم قد تكون ليلى احدى موظفات هذه الشركة..وهذا الشيء وحده
كفيل بأن يرسم هذه الابتسامة الواسعة والسعيدة على شفتي عماد..
ظل عماد منشغلاً ببريد الشركة للساعات التالية وان لم تغب ليلى عن تفكيره
لحظة واحدة..في كل لحظة كانت لهفته تزداد لمعرفة نتائج الامتحان
النظري..وان كانت ليلى قد باتت من...
قطع تفكيره صوت طرقات على باب مكتبه فقال بهدوء: ادخل..
دلفت السكرتيرة الى مكتبه ..وقالت وهي تتقدم منه وتقدم له احدى الاوراق: هذا كشف باسماء الناجحين..
قال عماد مبتسما: انهم اربع اشخاص فقط..لا يحتاج الامر الى كشف..
ومن ثم التقط الكشف من السكرتيرة واختطف اسماءهم في سرعة..كان لشخصين ممن
قدموا لطلب الوظيفة..والذين استطاعوا اجتياز الامتحان النظري.. وكانت ليلى
احداهما..وهذا ما جعل عماد يبتسم ابتسامة نصر وسعادة وهو ينهض من خلف
مكتبه..فقالت السكرتيرة باستغراب: الى اين يا سيدي؟..
تساءل عماد باهتمام قائلا: هل غادر الممتحنين من الشركة؟..
- كلا يا سيدي انهم ينتظرون معرفة ان كانوا قد قبلوا في الوظيفة ام لا..
- اذا سأذهب لهم..
قالت السكرتيرة باستغراب: الى مقدمي الوظيفة؟؟..
قال عماد بهدوء: هل الامر غريب الى هذه الدرجة؟..
أحست السكرتيرة بالاحراج من تدخلها فيما لا يعنيها وقالت معتذرة: معذرة يا سيدي...
لم يهتم عماد بما قالته السكرتيرة وانطلق مغادرا مكتبه متوجها الى قسم
المصاعد..ليهبط به الى الطابق الثاني..وهناك أخذ يبحث في لهفة عن
ليلى..وشاهدها اخيرا تجلس على احدى طاولات كافتيريا الشركة..فتوجه لها
وقال مبتسما: كيف حالك يا آنسة ليلى؟..
رفعت ليلى عينيها الى عماد الماثل امامها..لم تصدق اذنيها عندما سمعت
صوته..مدير الشركة يقف امامها..هذا غير معقول..مدير الشركة يتواضع ويأتي
لمجرد مقدمة طلب لوظيفة للسؤال عنها..وقالت وهي تتطلع الى عماد بحيرة:
بخير..
قال وهو يشير الى المقعد المواجه لها: هل يمكنني الجلوس؟..
قالت في سرعة: بالتأكيد..
قال وهو يجلس ويتطلع اليها بابتسامة: لدي خبر لك..
اشارت الى نفسها وقالت متسائلة: لي انا؟..وما هو؟..
قال عماد وابتسامته تتسع: لقد تخطيت الامتحان النظري واصبحت احدى موظفات هذه الشركة..
قالت ليلى بعدم تصديق: أنا ؟..اواثق من هذا يا سيد عماد؟؟..
قال عماد وهو يومئ برأسه: بالتأكيد والا لما جئت لأخبرك..
ارتسمت ابتسامة واسعة وسعيدة على شفتي ليلى وقالت: أشكرك كثيرا على
إخباري..لو تعلم كم اشعر بالسعادة لحصولي على وظيفة كهذه..لقد بحثت طويلا
حتى وجدتها..الحمد لك يا رب..
قال عماد مبتسما: كنت أعلم إن خبرا كهذا سيفرحك لهذا جئت لإخبارك..
قالت ليلى بامتنان: اشكرك جزيل الشكر يا سيد عماد..اتعبت نفسك بالمجئ الي..
قال عماد بهدوء: ابدا..اهم شيء ان اراك سعيدة..
توترت ليلى لحظتها..ماذا يعني؟..احقا تهمه سعادتها ..لم؟ ..وقالت بمزيج منالتوتر والخجل: شكرا ..
قال عماد وهو يسند ذقنه الى كفه: لا داعي للشكر..على العموم ستبدئين العمل غدا بقسم المبيعات..موافقة؟..
قالت ليلى باستغراب: بالتأكيد موافقة..من أنا حتى ارفض عرضا كهذا؟..
قال عماد مجيبا بابتسامة وهو ينهض من على المقعد: ليلى..
قالت وهي تتطلع اليه بحيرة: ماذا تعني؟..
قال وهو يلوح لها بيده ويبتعد عنها: لا شيء..عن اذنك..
تابعته ليلى بنظرها وهي تشعر باضطراب كبير في مشاعرها..وصحيح انه قد غادر
ولكنه ترك اكبر اثر في نفسها..تشعر بان عماد قد سلبها تفكيرها تماما...
************
سارت وعد في ممرات مبنى الصحيفة بخطوات هادئة وسمعت احد الموظفين يقول وهو يمر من جوارها: صباح الخير..
التفتت له وعد وقالت: صباح الخير..
وواصلت سيرها الى حيث قسم الصحيفة وقالت وهي تدلف اليه: صباح الخير جميعا..
قالتها ثم رفعت حاجبيها بحيرة وهي تتطلع الى المكاتب الفارغة الا مكتب
طارق..الذي كان يجلس خلفه هذا الأخير..وقالت متسائلة: اين ذهب الجميع؟..
قال طارق وهو يرفع عيناه اليها: احمد لديه مهمة صحفية ..والاستاذة نادية لم تستطع الحضور اليوم..
قالت وعد وهي تتوجه الى مكتبها وتجلس خلفه: ولم؟..
قال طارق ببرود: وكيف لي ان أعلم؟..
تجاهلت وعد عبارته وقالت: حسنا اذا..هل استطيع أن اطلب منك انهاء الحكاية لي؟..
صمت طارق للحظات ومن ثم قال: ولكن لدي موضوع يتوجب علي انهاءه..
قالت وعد بابتسامة: نصف ساعة لن تضر..
قال طارق وهو يهز كتفيه: فليكن..الى اين وصلت في السرد؟..
قالت وعد في سرعة: الى ان تطلعت اليك مايا بذهول بسبب...
قاطعها طارق قائلا: أجل لقد تذكرت..حسنا..كانت مايا تتطلع الي بذهول
لحظتها وذلك بسبب ما قلته بشأنها..وهي مستغربة أن اصفها بالرائعة..على
الرغم من عدم وفاقنا والعلاقة المتوترة بيننا..ولم تستطع الا ان تقول
بارتباك: لم افعل شيءيستحق الشكر..لقد عرفت نتيجتك..كما عرفت نتيجة بقية
زملائي..
صمت وانا اشعر بارتباك ربما يفوق ارتباكها..ووجدتها تخبر الجميع بنتائجهم
والكل يشكرها بحرارة وسعيد لنجاحه..ووجدت أحد زملائنا يقول في تلك اللحظة:
بمناسبة نجاحنا جميعا يا رفاق..ما رأيكم ان نذهب جميعا الى النادي؟..
جميعنا تقريباً أيدنا الفكرة ما عدا مايا التي ابدت اعتراضها ..فقلت انا مستنكرا: ولم ترفضين المجئ معنا؟..
تطلعت الي بتحدي وقالت: اظن ان هذا شأني وحدي..
صمت طارق قليلا عن السرد وقال وهو يتطلع الى وعد: أتعلمين يا وعد..نظرتك
لي في ذلك اليوم التي تحدثت فيه عبر الهاتف في القسم عن عمد وذلك
لتستفزيني وتتحديني..كانت تماما كنظراتها المملوءة بالتحدي لي دائما..
توترت اطراف وعد لقاء ما قاله..انها المرة الثانية التي يناديها باسمها
مجردا من دون القاب..ماذا هناك؟..هل هي زلة لسان لا أكثر..وقالت وهي تزدرد
لعابها لتخفي توترها: ومن قال إني قد فعلت ذلك عن عمد لأستفزك أو
لأتحداك؟..
قال طارق بابتسامة باهتة: الم أقل لك بأنك تشبيهنها كثيرا؟..
قالت وعد بحيرة: ماذا تعني؟..هل مايا تشبهني الى هذه الدرجة؟..
قال طارق بهدوء: بالتصرفات فقط..المهم..انها قالت عبارتها بتحدي لي..فقررت
ان افعل المثل فقلت بتحدي اكبر: أنت لا ترغبين في المجيءمعنا الى النادي
لانني سأذهب ايضا ..اليس كذلك؟..
قالت مايا بعصبية: من قال هذا؟..
قلت متعمدا استفزازها: إذا لم تصرين على عدم المجيء؟ ..الجميع سيذهب فيما عداك أنت..
قالت مايا بحدة: لقد كنت مشغولة بعض الشيء ولهذا لم اكن ارغب في
المجيء..ولكن ما دمت تظن اني لا ارغب في المجيء لانك ستكون هناك فسآتي
وأثبت لك العكس ..وحتى لا تحلم بأشياء لا حقيقة لها..
وقتها ابتسمت في سري فها انذا انتصر عليها..وأتمكن من ردعها عن قرار
اتخذته..على الرغم من إنها معروفة بمجموعتنا بأنها من المستحيل أن تتراجع
عن أي قرار اتخذته..

في هذه اللحظة ادركت وعد مقدار التشابه بينها وبين مايا..فها هي ذي تجد
أكثر صفاتها في هذه الفتاة التي تدعى مايا..حقيقة انها تشبهها في أغلب
صفاتها وتصرفاتها..
في حين قال طارق مكملا: وانطلقنا جميعا الى النادي ونحن نتمنى قضاء وقت
ممتع فيه..جميعنا كان يشعر بالسعادة ما عداها هي..كانت ترى الجميع
يشاركوني الحديث والضحك فتزداد غضبا وغيظا..ووجدناها تبتعد عنا فجأة وهي
تشعر بالغضب من الجميع..واعتقد انها كانت تشعر بالحقد نحوي كذلك..
استغربنا جميعا ابتعادها عن المجموعة..وكادت احدى زميلاتنا ان تتبعها وترى ما بها..ولكني اوقفتها وقلت بهدوء: سأذهب لأراها أنا..
قال أحدهم: ولكن يا طارق انت أعلم بنوعية العلاقة التي بينكما..لن تستمع لما ستقوله وستغضب اكثر لو ذهبت لها..نحن بحاجة لمن يهدئها..
قلت بحزم: انها غاضبة بسببي انا..لهذا سأحاول ان اعالج الامر بنفسي..
قال احد الزملاء باستغراب: بسببك انت؟.. ولم؟..انت محبوب من الجميع هنا..
قلت بابتسامة ساخرة بعض الشيء: وهذا هو السبب..
قلتها وابتعدت عنهم..لا بحث عن مايا في كل ارجاء النادي..وقد ادركت انني
ان لم اعالج الأمر واحاول اصلاح الامور بيننا اليوم..فلن استطيع اصلاحها
ابدا....
**********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:32 am



*الجزء الرابع عشر*
(هل سيعترف لها بمشاعره؟)


قال طارق مواصلا سرد حكايته: أخذت ابحث عنها في جميع ارجاء النادي..وبكل
اصرار وحزم..ومضى من الوقت ساعة تقريبا حتى شاهدتها أخيرا..كانت تجلس في
كافتيريا النادي بصمت وشرود..وعيناها لا تريان ما امامها..كانت غائبة
عماحولها..تفكر في امر ما باهتمام..بصراحة لقد خشيت وقتها من ردة فعلها
وأنا اقترب منها واقف في مواجهتها تقريبا وأقول بصوت حاولت أن اجعله هادئا
قدر المستطاع: مايا..هل يمكنني ان اتحدث معك لدقائق؟..
انتفضت مايا والتفتت لي بحدة اثر شرودها..وقالت بتوتر: لماذا لحقت بي؟..
قلت بهدوء: ارغب في الحديث اليك قليلا..
التفتت عني مايا لحظتها وقالت ببرود: تحدث أنا أسمعك؟..
قلت وانا اتطلع الى المقعد المواجه لها: حسنا هل يمكنني الجلوس اولا؟..
قالت مايا بسخرية: لو قلت لا..هل ستظل واقفا؟..
قلت بحزم: بالتاكيد..
تطلعت الي مايا بحيرة وقالت: اجلس وقل ما جئت لاجله..ثم غادر لانني اريد الجلوس لوحدي..
جلست وقلت دون مقدمات: أعلم بأني وجودي في المجموعة يضايقك ويزعجك..واعلم
جيدا انك تكرهيني لاني قد بت محبوبا من الجميع وقداصبحوا يتحدثون معي طوال
الوقت هاملين وجودك تقريبا بعد ان كنت انت مصدر اعجابهم واهتمامهم..لهذا...
قاطعتني مايا وقالت: ولم اتضايق أو انزعج من شخص مثلك؟..
قلت مردفا متجاهلا ما قالته: لهذا قررت الانسحاب من هذه المجموعة..وان
اردت الدقة سأبتعد عن جميع من بالمجموعة حتى تعودي انت مصدر اهتمامهم
..ولا اسبب لك أي ازعاج او ضيق..او ازيد من كرهك نحوي..
قالت بدهشة: اتعني ما تقوله؟..
قلت وانا ازفر بحدة: بالتأكيد..
ظلت صامتة لم تنبس ببنت شفة..طوال الوقت ارى عدم التصديق في عينيها..والشك
في ملامحها..فقلت بجدية: اسمعيني يا مايا..سأقول لك هذا لاول مرة وربما
لآخر مرة..عندما رأيتك لأول مرة أعجبت بك..لا لم يكن اعجابا..لقد شعرت
بمشاعر تتولد بداخلي..اصبحت اتعجل اللحظات حتى اراك واتلهف للقاءك..ولكني
لم ارى منك الا الكره والحقد نحوي..انا لا اعاتبك..انها مشاعرك وانت حرة
بها..ولكني اردت ان اقول ان كل ما اتمناه هي سعادتك..وان ارى الابتسامة
تضيء وجهك من جديد..
في تلك اللحظة شاهدتها تبتسم..ربما كنت اتخيل ..ولكنها حقا
ابتسمت..ابتسامتها كانت مليئة بالخجل ..ووجنتيها توردتا بشكل ضاعف من
جمالها..وربما النظرة التي رأيتها في عينيها لحظتها ولم استطع ان افسرها
كانت نظرة ندم..ربما..وظلت على صمتها لفترة اخرى قبل ان تقول وهي تزدرد
لعابها بارتباك وتلعثم شديدين: بصراحة لا اعلم ما اقول..ولكني اشكرك..
قلت وانا انهض من على المقعد: بل انا الذي اشكرك لانك سمحت لي بهذه الدقائق من وقتك لاتحدث لك..
ومددت يدي نحوها وقلت بابتسامة شاحبة بعض الشيء: حسنا هل تسمحين بأن اودعك؟..
مدت يدها هي الأخرى وصافحتني لتقول: بالتأكيد انت زميل لي قبل كل شيء..
قلت مبتسما: هل اعتبر حديثك هذا معاهدة صلح بيننا؟..
كانت اجابتها لي هي ابتسامة ..ولكنها كانت تكفيني واكثر..ثم قلت متسائلا: وهل استطيع ان اطلب منك شيئا ما دام هذا لقاءنا الأخير؟..
ترددت قليلا ومن ثم قالت: ان كنت استطيع تلبية طلبك هذا..فلن اتأخر..
قلت وانا اتطلع لها: لقد سمعت انك تتمنين ركوب الخيل..اهذا صحيح؟..
رفعت حاجبيها باستغراب وقالت وهي تومئ برأسها: بلى..
- هل تسمحين لي اذا ان اعلمك ركوبه؟..
- وهل ركبت خيلا من قبل؟..
- لقد اشتركت لفترة في قسم الفروسية في النادي ولكني تركته بعدها بفترة..
- ولم؟..
استغربت سؤالها لي وقتها ..لا بل استغربت من محادثتنا معا ..لقد توقعت ان
تصرخ في وجهي ..ان ترفض الاستماع لي منذ ان جئت للحديث لها..ولكن يبدوا
انني كنت مخطأً ..مايا انسانة مرهفة المشاعر والاحاسيس ولهذا لم ترفض
الاستماع الى شخص طلب الحديث اليها...
قلت مجيبا على سؤالها: بسبب ضغط الدراسة والامتحانات التي واجهتني في بداية دراستي بالجامعة..
واردفت في سرعة: والآن مارأيك؟..هل توافقين؟..
اطرقت برأسها يصمت ومن ثم قالت: ليس الآن..ربما في يوم آخر او وقت افضل من هذا..
قلت بابتسامة: أأعتبر هذا وعداً منك على تلبية طلبي يوما؟..
قالت بابتسامة باهتة: يمكنك ان تعتبره كذلك..
قلت وانا ادير ظهري لها: اذا اودعك الآن..على امل ان القاك مستقبلا..وان تفي بوعدك هذا يوما..
وسرت مبتعدا عن مايا..الفتاة التي تمكنت من امتلاك مشاعري قي يوم ..وبات لقاءنا حلم اتلهف لاجله في كل دقيقة وكل ثانية...
صمت طارق بغتة..وتوقف عن السرد..فقالت وعد بدهشة: لماذا توقفت؟..هل هذه هي نهاية الحكاية؟..
هز طارق رأسه نفيا وقال: لا لم تحن النهاية بعد..
- اذا لم توقفت عن السرد؟..
قال طارق بابتسامة باهتة: لقد طلبت نصف ساعة لأحكي لك تتمة الحكاية..وقد مضت الى الآن ساعة كاملة تقريبا..
قالت وعد بدهشة: أحقا؟..لم انتبه..المعذرة ان كنت قد اضعت وقتك..
قال طارق بهدوء: لا عليك..
وعاد لمواصلة كتابته للموضوع..ووعد تتطلع اليه دون ان ينتبه
لنظراتها..كانت نظراتها له في هذه المرة تختلف..تختلف عن كل مرة..لم تكن
نظرة اعجاب او فضول او اهتمام ..لقد كانت نظرة فتاة لفارس احلامها..
*********
ربما كان السبب الذي حرم هشام من لذة النوم هو تفكيره المتواصل بوعد..او
ربما لقاء ما قالته تجاهه وعن علاقتها به..وانها لا تعتبره الا مجرد
أخ..او ربما تفكيره المتواصل بكيفية جعل وعد تبادله المشاعر..المهم
الآن..ان عيناه لم تذوقا طعم النوم ابدا..
تطلع الى ساعته التي تشير الى العاشرة صباحا ..لم يذهب الى العمل
اليوم..اتصل لأخذ اجازة من العمل..ثم يوما واحدا لن يضر أحد..ولكن ما الذي
عليه فعله لجعل وعد تبادله المشاعر هل يعترف لها بما يجول في صدره..هل
يخبرها بحبه الكبير لها؟..هل....؟؟؟
افكار كثيرة وتساؤلات اكثر جالت بذهنه..وهو يحاول الوصول الى طريقة او
وسيلة توصله الى قلب وعد..وتحرك مشاعرها تجاهه..لكن كيف؟..هل المشاعر
تتحرك لشخص ما حسبما نريد نحن ام حسبما يريد هو؟..تنهد بحرارة والتقط
هاتفه المحمول..عليه ان يتحدث الى وعد ..يتناقش معها على الاقل ..يفهم
منها لم تعتبره مجرد اخ لا اكثر على الرغم من كل ما يفعله لاجلها..الا
تشعر به؟..
ضغط رقم هاتفها في سرعة واستمع الى الرنين المتواصل ..وعقد حاجبيه..لا
جواب..أتتعمد عدم الاجابة عليه ام ماذا؟..حسنا اذا كما تفعل معه
سيفعل..انها تتجاهله ..لهذا سيتجاهلها هو ايضا..ولم يلبث ان رمى الهاتف
على فراشه بعصبية..
لم تمض دقائق حتى انطلق هاتفه بالرنين ..تطلع الى الرقم..انها وعد..لن
اهتم ولن اجيبها..ولتتصل الى الغد حتى..وتوقف الهاتف عن الرنين بغتة كما
انطلق..وهنا شعر بالندم..انها لن تخسر شيئا او تهتم اذا لم يجب على
اتصالها..ولكن هو من سيخسر في النهاية..انه من....
عاد الهاتف الى رنينه من جديد..فلم يكذب هشام خبرا واسرع في الاجابة قائلا: اهلا وعد..
قالت وعد باستغراب: هشام..ماذا هناك لقد اتصلت بك قبل لحظة ولم تجب؟..
قال هشام بهدوء: لا شيء..
قالت مبتسمة بمرح: لا تقل انك كنت تريد اعادة الكرّه لي..فعندما لم اجب عليك..لم تجب انت كذلك..
ابتسم هشام لا اراديا وقال : من الجيد ان لديك بعض الذكاء الذي يُمكنك من فهم الامور على شكلها الصحيح..
- مضحك جدا لو لم اكن املك ذكاءا فائقا لما كنت اجلس الآن على مكتبي..والآن ماذا تريد؟..
قال هشام بسخرية: سيارة آخر طراز..
اتسعت ابتسامة وعد وقالت: لا تكن سخيفا..أخبرني ماذا تريد هيا؟..
قال باستنكار مصطنع: اتستخسرين شراء مجرد سيارة لي..يا للبخل..
قالت وعد بسخرية مماثلة: سأذهب واشتريها لك..ولكن امنحني ثمنها اولا..
قال مبتسما: على العموم لا احتاج لصدقاتك..اخبريني يا وعد هل لديك ارتباطات لهذا اليوم؟..
قالت وعد ساخرة: بلى.. لدي مؤتمر علي الذهاب له..وندوة صحفية وحفل زفاف وحفل عيد ميلاد وكذلك سأزور احدى الشركات وأحد المطاعم و....
قاطعها هشام بسخرية: والمقبرة الن تذهبي لزيارتها هي ايضا؟..من المؤسف ان لا تزوريها..
قالت وعد باستخفاف: كلا لن اقوم بزيارتها لان زيارتها تناسبك انت اكثر..
قال هشام بغتة بجدية: افكر في دعوتك على الغداء ما رأيك؟..
قالت وعد وهي تفكر: لا بأس..تعال الى الصحيفة الساعة الثانية والنصف تقريبا..
قال هشام بسعادة: حسنا سأكون هناك قبل الثانية والنصف.. اراك بخير وا...
قاطعته وعد قائلة : واهتمي بنفسك..لقد حفظتها اقسم على ذلك..
- حسنا اذا كم مرة قلتها هذا الاسبوع؟..
ضحكت وعد وقالت: اظن انها مائة مرة..ماهي جائزتي؟..
- لا شيء فاجابتك خاطئة..
قالت مبتسمة: افضل..والآن الى اللقاء..وسأهتم بنفسي لا تقلق..
- الى اللقاء يا وعد..
قالها هشام واغلق الهاتف..التقط نفسا عميقا قبل ان يتوجه الى احد ادراجه
ليفتحه ويتتطلع الى تلك العلبة المتوسطة الحجم التي بداخله ويقول بابتسامة
حالمة: يا ترى هل ستكون هديتي لك هي الهدية المميزة في حفل عيد ميلادك يا
وعد؟..
**********
لم يتمنى عماد ان ينتهي وقت العمل سريعا في حياته..قدر ما تمناه ذلك
اليوم..كان يتمنى أن ينتهي دوام العمل حتى يرى ليلى..حتى وان كان سيراها
من بعيد فحسب..لهذا ما ان اعلنت عقارب الساعة الثانية ظهرا تماما
تقريبا..حتى اسرع بوضع الاوراق المهمة في حقيبته..قبل ان يغادر المكتب في
سرعة..
استقل المصعد الذي في نهاية الممر وضغط على زر الطابق الارضي..وانتظر في
لهفة وصوله..وتوقف المصعد عند الطابق الثاني حتى يصعد موظفوا هذا الطابق
ليغادروا بدورهم ..ومن بينهم كانت هي..ليلى..
ارتسمت ابتسامة على شفتي عماد..يبدوا ان القدر لا يزال مصرا على ان يكونا
سويا..وانتبهت ليلى الى نظرات عماد التي تراقبها..فالتفتت له بحيرة..وهنا
شاهدت ابتسامته وهو يتطلع لها بنظرات اعجاب واهتمام غريبين..فقالت بهمس:
هل هناك شيء يا سيد عماد؟..
قال عماد وهو يهز كتفيه: لا ابدا..
صمتت وهي مستغربة من نظراته..يا ترى هل سيفكر مدير الشركة في مجرد
موظفة..ولم لا؟..انه يعرفها قبل ان يعلم من تكون..وهي تعرفه كذلك قبل ان
تعلم من يكون ..وما هي وظيفته..
ظلت صامتة حتى وصل المصعد الى الطابق الارضي وغادره الجميع الى الاستقبال
ومن ثم الى المواقف الخاصة بالشركة ..ولم يجد عماد فرصة افضل من هذه حتى
يتحدث فيها الى ليلى..لهذا تبعها بخطوات سريعة بعض الشيء وهو يقول: آنسة
ليلى..
التفتت له ليلى بتساؤل..فقال وهو يبتسم: أتمنى ان تكون الوظيفة قد حازت على رضاك واعجابك..
قالت ليلى وهي تومئ برأسها: بكل تأكيد..
قال عماد بهدوء: سعيد لسماع هذا..
واردف ببعض التردد: آنسة ليلى..هل استطيع دعوتك على كأس من العصير؟..ارغب في الحديث اليك بخصوص أمر هام بعض الشيء..
تطلعت اليه ليلى باستغراب قبل ان تقول بدهشة: تدعوني انا؟..
قال عماد وهو يتنهد: ان كان هذا يزعجك فليس هناك أي داع للامر من الاساس..
قالت ليلى وهي تزيح بعض من خصلات شعرها خلف اذنها بتوتر: ابدا ولكن...لكني لم اظن ان مدير في شركة سيدعو مجرد موظفة لديه في...
قاطعها عماد قائلا باستنكار: أي قول تقولينه يا آنسة ليلى..هل اصبحت
المناصب هي التي تحرك البشر الآن؟..هل أصبح من الواجب على الامير الا يعرف
سوى الامراء كما كان يحدث في الماضي؟..لقد تطور العالم بأكمله..وحتى لو لم
يتطور تفكير البشر بعد..فإن العواطف والاحاسيس ليس لها أي دخل بالمناصب او
المال..المشاعر هي تحرك البشر وتوفق بين الناس..وليس المال والنفوذ
والسلطة...
تطلعت اليه ليلى بدهشة كبيرة..كلماته الرائعة استطاعت ان تبعث الارتياح في
نفسها..لديه منطق رائع بالحديث..هذا بالاضافة الى انه كان يتحدث عن
المشاعر والاحاسيس.. ترى ايعنيها هي؟..هل تحركت مشاعره تجاهها كما تحركت
مشاعرها تجاهه؟..
ازدردت لعابها في توتر قبل ان تقول: معك في كل ما قلته يا سيد عماد..
قال مبتسما: لم تخبريني بعد..هل توافقين على دعوتي لك؟..
قالت وهي ترفع رأسها له وتبتسم: بكل سرور..
اتسعت ابتسامة عماد وقال وقد انفرجت اساريره : اشكرك كثيرا يا آنسة ليلى..وارجو ان لا يكون ذلك قد ازعجك..
اسرعت تقول: ابدا..ولكن اي مطعم هو؟..
قال عماد بتفكير:مطعم العاصمة..
قالت وهي تومئ برأسها: حسنا سأكون هناك..عن اذنك..
قالتها واسرعت باتجاه سيارتها لتصعدها وتنطلق بها الى حيث المطعم..وتوجه
عماد الى سيارته بدوره ليركبها وينطلق بها..وهو يشعر بالرضا والارتياح
لأنه قد قام بالخطوة الاولى تجاه علاقته بليلى اخيرا....
**********
نهضت وعد من خلف مكتبها مع رنين هاتفها الذي انطلق معلنا ان هشام قد
وصل..وهو ينتظرها بالاسفل..وقالت في سرعة وهي تدخل حاجياتها في ادراج
المكتب: اراكم غدا..الى اللقاء..
واسرعت بمغادرة القسم..وطارق يتابعها بناظريه..وبغتة قاطعه من شروده صوت أحمد وهو يقول: لم تخبرني ..ما الذي بينك وبين الآنسة وعد؟..
قال طارق متعمدا البرود في حديثه: زمالة عمل..
مال نحوه أحمد وقال وهو يبتسم: أعلم انها زمالة عمل..لست أحمقا..ولكني اقصد ما هو أكثر من ذلك..
قال طارق وهو يهز كتفيه: لا شيء أكثر من ذلك..
قال احمد وهو يرفع حاجبيه: أتحاول الكذب علي..لقد شوهدت يا صديقي العزيز طارق معها بالكافتيريا..
قال طارق بسخرية: صحيح..وبعد؟..
- لا شيء..
قال طارق بلامبالاة: اذا اصمت ولنغادر نحن ايضا..
قال أحمد وهو يفكر: لا تحاول اخفاء الامر عني..أعلم انك تحمل لوعد مشاعر ما..
قال طارق ببرود: بلى..مشاعر الزمالة..
- وهل توجد مشاعر بالعالم تسمى مشاعر الزمالة؟..انت معجب بها ومهتم لأمرها..اليس كذلك؟..
- لا ليس كذلك..
قال أحمد وهو يجذب له مقعدا ويجلس عليه في مواجهة طارق: اذا ماذا تسمي
متابعتك لها بنظراتك دائما..وماذا تسمي جلوسك معها بالكافتيريا بالأمس..
قال طارق بضجر: لا اظن ان الحديث مع أحدى الزميلات قد بات جريمة هذه الايام..
مال نحوه أحمد وقال وهو يغمز له بعينه: اعترف وارح نفسك..
- لا يوجد ما اعترف به..
قال أحمد وهو ينهض من على المقعد: حسنا يا طارق..كما تشاء..ولكن صدقني سأثبت لك يوما انك مهتم جدا بهذه الفتاة..
ابتسم طارق ابتسامة باهتة وقال: سأنتظر هذا اليوم الذي لن يأتي ابدا..
قال أحمد بابتسامة: سنرى..
وتوجه أحمد الى حيث مكتبه...حتى يجمع حاجياته ويغادر هو الآخر..بينما شرد
طارق قليلا ليفكر في كلمات أحمد..وفي المشاعر الغريبة التي باتت مسيطرة
عليه تجاه وعد..ترى هل تحقق المثل القائل " الحب لا يأتي الا بعد عداوة"..
ترى اهذا صحيح؟..هل مشاعره تجاه وعد تصل الى درجة الحب؟..لا يظن..وتحدث
الى نفسه قائلا ببعض السخرية: ( لا تظن..أم انك..لا تريد ان تعترف..ان هذه
الفتاة استطاعت ان تحرك مشاعرك تجاهها دون ان تشعر بذلك)..
***********
ابتسمت وعد وهي تصعد سيارة هشام وتقو ل يلهجة آمرة مصطنعة: هيا تحرك..
قال بسخرية: كنت سأفعل لولا ان تحدثت..
قالت وعد وهي تلتفت له بغضب مصطنع: أتعني ان اوامري غير مستجابة..سوف اقوم بطردك ايها السائق المتمرد..
قال هشام بسخرية أكبر: أي وظيفة افضل من ان اعمل عند فتاة حمقاء مثلك..
قالت وعد بابتسامة: لم يطلب احد منك ان تدعو فتاة حمقاء على الغداء..
انطلق هشام بالسيارة لحظتها وقال مبتسما: في الحقيقة الامر لم يكن بيدي..هناك امر هام علي قوله لك..ولهذا اضطررت لدعوتك..
قالت وعد وهي تتطلع من نافذة السيارة: يمكنك ان تتراجع عن قرارك ان اردت..
قال هشام متحدثا الى نفسه وهو يختلس النظرات اليها: (أمجنون انا لاتراجع
عن قرار كهذا؟..أمجنون لأتخلى عن أي لحظة تجمعنا سويا؟..سأجن فعلا يا وعد
لو انك لم تكوني لي أنا..أنا مجنون بك يا وعد..أحبك أنت..الا تفهمين؟)..
تمنى هشام لو يستطيع ان ينطق بكلمة مما جال بذهنه..لكنه لم يفعل..خشى من
صد وعد له..او ان تحطم آماله التي عاش عليها طويلا..أيهما الافضل ان تعيش
على امل سعيد واه..أم تعيش في واقع مرير؟..
وأيقظته وعد من شروده وهي تقول: هشام..توقف هنا..
قال هشام بحيرة: ولم؟..
قالت وعد باصرار: قلت توقف هنا..
توقف هشام كماطلبت منه وعد..فقال متسائلا: ها قد توقفت..والآن ما الأمر؟..
قالت وعد مبتسمة: اهبط من السيارة..
قال هشام بسخرية: هل هذه أعمال احدى العصابات؟..
- لا ..لا تقلق..هيا اهبط..
هبط هشام وهو في حيرة من أمره..فلم يكن بجوارهما سوى حديقة عامة..وبعض المحال البسيطة..مما جعله يقول: اترغبين بشراء شيء من هنا؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: بل أرغب في السير قليلا في هذه الحديقة..هل تمانع؟..
هز هشام كتفيه وقال: ابدا..
أمسكت وعد بكف هشام وجذبته معها لتقول بابتسامة: اذا هيا..
ارتفع حاجبا هشام للحظة ولكنه عاد ليخفضهما وهو يبتسم بسرور..وسارا في تلك
الحديقة لبضع دقائق وهما ملتزمين الصمت..كلاهما شارد ويفكر في أمر
مختلف..فمن جهة كانت وعد تفكر في طريقة لتفهم هشام الأمر دون ان تجرح
مشاعره او تحزنه..ومن جهة أخرى كان هشام يفكر في طريقة لجذب مشاعر وعد
تجاهه..وأخيرا قطعت وعد الصمت وقالت: أتذكر يا هشام عندما كنا صغارا كنت
اناديك أحيانا بكلمة أخي..كنت أظنك أحيانا شقيقي فعلا..
تطلع هشام اليها..لم تقول مثل هذا؟..هل تتعمد ان تنبه ان علاقتهما لا
تتعدى كونها الأخوة..لا وألف لا..وقال : بلى أذكر..وأحيانا كنت أغضب و
أخبرك بأنني لست شقيقك ...ولكنك تصرين على ذلك..وتقولين انني احاول الكذب
عليك فقط و انني شقيقك وانت شقيقتي..
تنهدت وعد..وهي تبطء من خطواتها قليلا..لقد تعمدت فتح هذا الموضوع
بالذات..وقد تعمدت ان تنبهه بأنها لم تعتبره في صغرها الا شقيقا..ولازالت
تعتبره كذلك..لا تريده ان يحيا في أوهام لا حقيقة لها..عليه أن
ينساها..ويبحث عن فتاة تحبه بحق..
قال هشام بغتة بجدية: وعد هل يمكنني ان اتحدث اليك بكل صراحة؟..
أدركت وعد ما سيقوله لذا قالت محاولة اضفاء بعض المرح: لا..لا يمكنك..
قال هشام وهو يمسك بمعصمها ويوقفها عن مواصلة سيرها: وعد..هناك أمر هام عليك أن تعلميه..
توترت وعد..وازدردت لعابها بصعوبة..لا تريد ان تجرح هشام بكلماتها..وفي
الوقت ذاته لا تريده أن يحيا على آمال زائفة..فما الذي تستطيع ان تفعله؟..
وتطلع هشام الى عينيهاالعسليتين بعمق..نظرة اربكتها ..وجعلتها تشيح بعينها
بعيدا.. ومن ثم قال بحنان: أتعلمين سبب عصبيتي معك أحيانا..وخاصة عندما
تفكرين بالخروج الى مكان ما..أو حين تجالسين عماد؟..
قالت وعد بمرح مصطنع: ربما لأنك تكره عماد..
قال هشام وهو يهز رأسه نفيا: لا..بل لسبب مختلف..
اصطتعت وعد التفكير وهي تضيع سبابتها اسفل ذقنها ومن ثم قالت: ربما لأنك تحب التشاجر معي واستفزازي..
ابتسم هشام ابتسامة خافتة وحانية..ومن ثم انزل كفها عن ذقنها ليقول: وليس لهذا السبب ايضا..
تضاعف توتر وعد اضعافا..هاهو هشام سيخبرها بما يكنه لها من مشاعر وهي لا
تستطيع سوى ان تقف كالتمثال أمامه ..لا تستطيع ان تنطق ببنت شفة أو تتهرب
مما سيقوله..فلو تهربت اليوم فلن تستطيع ذلك غدا..ثم انه كلما كانت معرفته
بالحقيقة في وقت اسرع كلما كان ذلك أفضل..
ووجدت هشام يمسك بذقنها ليرفع رأسها له..ويجبرها على النظر اليه ويقول بنظرات مملوءة بالحب: بل لأني أحبك أنت يا وعد..أحبك..
سرت رعشة في جسد وعد وهي تسمع كلمات هشام لها ..كانت رعشة خوف مما
قاله..ومن مشاعره الصادقة تجاهها ..ترى هل ستستطيع قتل حلمه لتحيا هي..أم
تنسى أحلامها لتسعد شخصا يحبها بكل صدق واخلاص..لا تعلم..لا تعلم..رأسها
يوشك على الانفجار وهي تلمح نظرات الحب والحنان التي يغمرها بها هشام وهو
ينتظر سماع رد منها..اي رد...
**********






















رواية حلم حياتي User_online











رواية حلم حياتي Quote
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:32 am

*الجزء الخامس عشر*
(ماذا أفعل؟)



كان هذا اصعب موقف تمر به وعد في حياتها..أصعب امتحان لها..ونطقها للكلمات
التالية ستحدد مصيرها ولن يكون لها رجعة..اما احلامها هي او احلام
هشام..أحست بشلل تفكيرها لا يمكنها ان تتحدث وهي ترى نظرات الحب والحنان
التي يغمرها بها هشام..تشعر بأنها ستكون انانية لو رفضت حب شاب أحبها بكل
اخلاص..وتتسبب في جرح مشاعره من أجلها هي..أليست هذه انانية منها..ان تسبق
سعادتها على سعادة غيرها؟..
ولكن لا..انها حقا تفكر في سعادة هشام ايضا..فلو انها تزوجت شخصا وهي لا
تحبه سيكون هذا ظلم وتعاسة له..لن تحقق له السعادة التي يتمناها لو انها
لا تبادله المشاعر ..ثم ماذا عن طارق؟..
طارق؟؟..ما الذي أتى بطارق في ذهني الآن..ما الذي يربط بين طارق وبين هذا
الموضوع؟..أحقا افكر انني سأتخلى عن طارق ومشاعري تجاهه لو انني تخليت عن
احلامي ومشاعري ..وحققت احلام هشام؟..يا الهي أي حيرة هي هذه؟؟..
وعندما شعر هشام بأن صمت وعد قد طال أكثر من اللازم..قال بلهفة واهتمام:
اجيبيني يا وعد..تحدثي..قولي أي شيء..لا تظلي صامتة هكذا..فصمتك هذا يكاد
يقتلني..
توترت وعد وهي تتطلع الى هشام..والتقطت نفسا عميقا قبل ان تزيح كفه عن ذقنها بهدوء وتقول بشحوب: حسنا..انا اعلم انك تحبني منذ زمن..
قال هشام بذهول وهو يتتطلع اليها: تعلمين؟؟..
قالت وهي تحاول ان تبدوا لهجتها طبيعية: أجل ..أعلم ..كما أحبك انا تماما ..
كاد قلب هشام ان يرقص فرحا..كاد ان يقفز من شدة سعادته..كاد ان يحلق
بالهواء وهو يسمع عبارتها السابقة ..لولا ان اردفت: كأخ لي تماما..
تطلع اليها هشام كالمصعوق ومن ثم قال: كأخ؟؟..ومن قال اني أحبك كأخت لي..أنا احبك يا وعد..وأتمناك شريكة لحياتي ..الا تفهمين؟؟..
قالت وعد بابتسامة مصطنعة: ولكنك أخي..
قال هشام بغضب: أنا لست أخاك..الا زلت تظنين ذلك؟..ألا زلت تلك الطفلة الحمقاء التي تظنني أخاها؟؟..
قالت وعد بهدوء: بل انت أخي..انت وفرح شقيقاي التي لم تلدهما والدتي ..لقد عشنا سويا..ترعرعنا معا..كأخوة تماما..
أمسك هشام بكتفيها بحدة وقال بعصبية: وعد..لا تثيري جنوني أكثر من
هذا..أنا لست شقيقك ولن أكون..الا تفهمين؟..أنا أحبك بكل ما أملك من
مشاعر..واتمناك لترافقيني بقية حياتي..اتمناك ان تكوني الى جواري الى
الابد..أنا احبك يا وعد..لم لا تصدقين؟..
قالت وعد وهي تتطلع الى هشام: اصدقك يا هشام..ولكن لكل منا امنياته
واحلامه التي يتمنى تحقيقها..أنا لن احقق لك السعادة التي تتمناها
صدقني..لاني سأظل أحبك كأخ طوال عمري..هل تقبل ذلك يا هشام؟..ان تتزوج
فتاة وهي تعتبرك كأخ لها..وحتى ان قبلتها انت..أنا لن اقبلها..لانك عزيز
علي كثيرا..
صمت هشام وهو يشعر بغضبه يتضاعف..وبآلامه تزداد ..كيف يتركها وهي حبيبة
قلبه..أغلى انسانة لديه في هذا الوجود..بدونها يشعر انه تائه.. ضائع في
عالم لا يعرفه ..يشعر انه انسان لا معنى له .. بقربها يشعر بالسعادة
وبالحنان ..وبأن الحياة هي نبضات قلبها والسعادة هي ابتسامتها والدفء هي
لمسة من كفها ..ان نبضات قلبه تهتف باسمها ..انفاسه تشهد بحبه لها ..انها
من عاش بقربها سنوات عمره التي مضت ..تضاعف حبه لها كلما رآها تكبر أمام
عينيه ..ولكنها لم تشعر به ابدا..وحتى عندما أعلن لها بمشاعره رفضت
مشاعره..لا يستطيع ان يتخلى عنها او ينساها مهما فعلت..انها وعد..حبه
الوحيد..حلمه الذي عاش ليالي من الألم لأجله..انها حلم حياته..
وشعرت وعد في هذه اللحظة بالمرارة التي يتجرعها هشام .فقالت وهي تتنهد: هشام..هل اسألك سؤالا؟..
لم يجبها واكتفى بنظرة لوم وعتاب..فقالت وهي تتحاشى نظراته: لو ان الوضع
قد اختلف..وانت من كان يعتبرني مجرد أخت له..هل كنت ستتخلى عن أحلامك
وحياتك لأجلي؟..
ظل هشام صامتا..فالتفتت له وعد وقالت: ارجوك أجبني..لو كنت انا من يحبك..هل ستتخلى عن كل شيء لأجلي؟..
قال هشام بعصبية: لا استطيع التفكير في شيء..ارجوك يا وعد اصمتي..
قالت وعد وهي تعقد ساعديها امام صدرها: لا لن اصمت ..عليك ان تفهم الموقف
على شكله الصحيح ..ولا تظن انني اظلمك ..على العكس انا بهذا افعل ما هو في
صالحك ..لو تجاهلت مشاعري تجاهك اليوم..فلن استطيع ذلك غدا او بعد غد
..اريدك ان تفهم يا هشام..انك اكثر من أخ بالنسبة لي ..انك الشخص الوحيد
الذي اثق به.. واطلعه على جميع مشاكلي..لهذا لا اريد ان اكون سببا في
آلامك ..هشام انا اتمنى ان تتزوج من فتاة تحبها وتحبك هي بكل صدق وبكل
مشاعرها واحاسيسها..فعندها فقط تستطيع ان تحقق لك احلامك والسعادة التي
لطالما تمنيتها..
قال هشام بسخرية مريرة: أجل صحيح انت لاتظلميني ابدا..ولن تسببي لي أي الم
او مرارة بكلماتك هذه..انك تقتليني ببطءيا وعد ان كنت لا تشعرين بذلك الى
الآن..
قالت وعد وهي تتنهد مرة اخرى بحرارة: قد تكون كلماتي لك قاسية الآن او
جارحة..ولكنها ليست كلمات خادعة..على الاقل ان اخبرك بالحقيقة التي ستجعلك
تحيا حياتك من دوني..ولا ادعك تحيا في خديعة..لن تلتئم جراحها طوال الدهر
كله..
قال هشام وهو يشعر بقبضة باردة تعتصر قلبه و يحاول ابتلاع تلك الغصة
المريرة التي امتلأ بها حلقه : بل ان كلامتك لي الآن هي التي ستظل جراحا
لن تلتئم ابدا يا وعد..
قالت وعد وهي تتطلع اليه برجاء: ماذا تريدني ن افعل يا هشام؟ ..اخبرني
ارجوك..اتريدني ان اخدعك؟..ان اكذب واقول اني أحبك واني اوافق ان اكون
شريكة لحياتك ..اتريدني ان اجعلك تكرهني وتكره حياتك معي وانت لا ترى مني
أي مشاعر او تجاوب معك في كل هذه المشاعر الكبيرة التي تحملها لي..اتريدني
ان أكون سببا في آلامك طوال عمرك..وانت الذي لم تتسبب في آلامي يوما..لهذا
لا اريد ان اؤذيك..لا اريد ان اخدعك..هل فهمت ما قلته يا هشام؟..
طعنات كالخناجر كان يشعر بها هشام في صدره وقلبه كلما واصلت وعد
كلماتها..لماذا لا تصمت؟..الا تعلم ان كل حرف تنطق به كالسكين التي تغرز
في قلبه..الا تعلم ان نبتة حبه لها التي اخذ يسقيها طوال عشرون عاما لتنمو
تكاد تذبل بكل برود بكلماتها القاتلة له ..فالتكذب ..فالتخدعه..ولكن لا
تقول انها لا تحبه و لا تفكر به..وانه لاشيء في حياتها..سوى اخ...أخ...
شعر بالدماء تكاد تنفجر من عروفه..وتلك الكلمة تتردد في ذهنه..لم تفعلين
بي هذا يا وعد؟..اتفرحين وانت تريني أنهار امام ناظريك؟..وسمع صوت وعد في
تلك اللحظة تقول وهي تضع كفها على كتفه بهدوء: لا اريد ان ارى هذه النظرة
في عينيك يا هشام..لقد كنت صلبا دائما..ولا تزال..ازل هذه النظرة من عينيك
وانسى فتاة حمقاء تدعى وعد ..اتفقنا؟..
قال هشام وهو يزيح كفها عن كتفه بخشونة ويلتفت عنها: فلنعد الى المنزل الآن..فلاداعي لمكوثنا هنا وقت اكبر ..فكل شيء قد انتهى..
سارت وعد خلفه وهي تعلم بالألم الذي خلفته في قلب هشام..ولكن هذا هو الواقع..وعليه ان تأخذ الامور مجراها الصحيح..
في رأيكم انتم..اتعتبرون مافعلته وعد صحيحا ام خاطئا؟..هل اخطئت عندما
جرحت مشاعره وآذته بكلماتها؟..ام فعلت الصواب عندما قررت ان لا تخدعه
بمشاعر زائفة ؟...
*********
لم يعرف عماد بم يبدأ الحديث وهو يجلس في ذلك المطعم مع ليلى..يشعر انه قد
تسرع أكثر من اللازم في دعوتها..وانه لم يتوجب عليه ان يدعوها وهو لا يعرف
عنها شيئا بعد..ترى هل أخطأ بذلك؟..لم يُعرف يوما بالتسرع...فلماذا قد
تسرع الآن؟..هل هي اللهفة لمحادثة ليلى؟..أم كان الخوف من مغادرتها للشركة
دون ان يحظى ولو بدقائق لمحادثتها؟..
ولم يجد ما يقوله لها وهو يراها تشرب العصير بهدوء سوى : هل أعجبك المطعم؟..
يعلم انه سؤال سخيف لبدء الحديث بينهما..لكنه لم يجد غيره..فقالت ليلى وهي رفع رأسها اليه: أجل..انه مطعم جيد جدا..
قال عماد بابتسامة خافتة: سعيد انه قد نال اعجابك..
دقيقة صمت مرت بينها وكلاهما مكتف بالنظر لما تحويه الطاولة او لما
حوله..وشعر عماد بالضيق من هذا الصمت الذي غلفهما..هل جاءا الى هنا
ليتطلعا الى محتويات هذا المطعم؟..
وقال محاولا قطع هذا الصمت مرة أخرى: مصادفة غريبة ان نكون نحن الأثنين نفضل عصير الليمون..
قالت ليلى موافقة: صحيح..
مرة أخرى يعود الصمت ليغلف المكان..ولكن في هذه المرة قطعته ليلى وهي تقول: لقد تأخرت..وأرغب في العودة..
قال عماد بخيبة أمل: كما تشائين..فلننهض..
قالها ونهض من مكانه..وهو يشعر بسخف موقفه معها..ماذا يدور في ذهنها الآن
عنه..ياله من أحمق..غبي..كل ما استطاع فعله طوال جلوسه معها هو النظر الى
ارجاء المطعم..عليه ان يفعل شيئا..أن يصلح من موقفه معها على الأقل..أجل
..عليه ان يعبر لها عن مشاعره ولو بشيء ضئيل...
**********
طرقات على باب غرفة هشام..سمعها هذا الأخير وهو يستلقي على فراشه ويستعيد
كل لحظة قضاها مع وعد..منذ عشرون عاما حتى اللحظة..يشعر انه طوال عشرون
عاما لم يتمسك الا بالهواء..ظن انه قد امسك بحلمه..تمسك ولو بالقليل
منه..لكنه لم يكن يمسك طوال الوقت الا بالهواء..بذرات الغبار التي تسربت
من بين اصابعه لتحلق مع حلمه في هذا الفضاء..تبا للحب..تبا لقلبي الذي لم
يتعلق الا بفتاة حطته دون ان تكترث..
وعادت الطرقات على بابه..فقال بصوت عصبي بعض الشيء: من؟..
قالت فرح بصوت قلق: هشام ماذا هناك منذ ان خرجت وعدت وانت تقفل على نفسك الباب..ما الذي حدث؟..
قال هشام بعصبية أكبر: دعيني وحدي الآن يا فرح..ارجوك..
قالت فرح برجاء: لكن ما الذي حدث لكل هذا؟..أخبرني..
- لم يحدث شيء..فقط دعيني وحدي..
قالت فرح وهي تتعمد الضغط على كلماتها: هل ذهبت لوعد؟..
صمت هشام ولم يعلق..فأستطردت فرح قائلة: افتح الباب وأخبرني بما حدث بينكما..ربما استطيع ان افعل شيئا..
تنهد هشام وقال: لن يمكنك فعل شيء..فقط غادري ودعيني وحدي..
قالت فرح بألأم لحالة شقيقها: والى متى ستظل تسجن نفسك في غرفتك و تر...
قاطعها هشام قائلا بنفاذ صبر: ارجوك يا فرح يكفي..دعيني وحدي ..ولأمت ان كان هذا سيريحك..
شعرت فرح انه لافائدة ترجى من هذا النقاش..وابتعدت عن غرفته وهي تشعر بغصة
في حلقها..ترى هل تستطيع ان تفعل شيء ما لتعيد هشام الى حالته
الطبيعية؟..هل تستطيع أن تعيد ابتسامته المرحة التي لطالما رافقته أينما
يكون؟..أم ان المرارة هي التي سيظل يتجرعها طوال عمره ؟..
**************
شردت وعد بذهنها بعيدا وهي تجلس على مكتبها بالصحيفة تتذكر أحداث الليلة
الماضية..عندما اتصلت بها فرح حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف وقالت هذه
الأخيرة بقلق: اهلا وعد..
قالت وعد وهي تتثائب اثر تعبها: ماذا هناك يا فرح؟..ما الذي دعاك للاتصال بي في وقت كهذا؟...
قالت فرح برجاء: ما الذي حدث بينك وبين هشام؟ ..اخبريني ..اتوسل اليك ..
رفعت وعد حاجبيها بدهشة ومن ثم قالت: ما الذي دعاك للظن ان هناك شيئا ما حدث بيني وبين هشام؟..
قالت فرح بتوتر: منذ ان أخبرته بجوابك..وانك لا تعتبرينه سوى اخ كما قلت
لي..حتى تغيرت احواله تماما وقال لي انه سيفعل أي شيء لتكوني له..اخبرته
انه لا فائدة مما يفعله..ولكنه لم يستمع لي..واليوم اراه يغادر المنزل
ظهرا ويعود له وحالته قد انقلبت رأسا على عقب..اختفى الاصرار من عينيه ولم
ارى فيهما سوى اليأس والمرارة..ثم لم يلبث ان دخل الى غرفته واغلق على
نفسه الباب..ولم يخرج منها حتى الآن..
قالت وعد وهي تزدرد لعابها بقلق: ربما كان مشغولا..او يرغب في الجلوس لوحده قليلا..
قالت فرح باصرار: بل هو يتألم بسببك..أخبريني ماذا قلت له؟؟..
قالت وعد بحيرة: فرح ماذا جرى لك؟..لماذا تحدثيني هكذا؟..
- لان شقيقي يتعذب بسببك وانت لا تشعرين به..اراه يقتل نفسه لأجلك وانت لا
تملكين ذرة احساس لما يفعل..وأخيرا اراه على هذه الدرجة من الانهيار
بسببك..ولهذا علي ان افعل أي شيء لاجل شقيقي..اتفهمين يا وعد؟؟..
ألجمت الدهشة لسان وعد للحظات قبل ان تلتقط انفاسها وتقول: لم يحدث شيء
سوى انني فضلت ان اخبره بالحقيقة على ان أخدعه ..فضلت ان اخبره بأنني
اعتبره كأخ لي تماما.. لا بل اكثر من اخ..على ان اجعله يندم ويكرهني طوال
عمره لأنني خدعته بمشاعر لا وجود لها..افهمت ما فعلته؟ ..أخبريني انت
ايهما الصحيح في نظرك ..أخدعه ام اصارحه بالحقيقة؟..
قالت فرح بحنق: لا افهم سوى ان شقيقي يتألم بسببك انت..
- فرح..ماذا جرى لك؟..الم تعودي تنظرين الى الامور على شكلها
الصحيح؟..انني لا اصلح لشقيقك ابدا..ايعجبك ان اكذب عليه اذا ؟.. ام يعجبك
ان اقتل احلامي من أجله؟ ..از ربما ان اعيشه في ندم طوال عمره لانه اختار
فتاة لن تبادله مشاعره حتى وان اصبحت زوجته يوما؟..أخبريني أي الحلول
تفضلين؟..
قالت فرح بعصبية: لا اريد الا ان ارى اخي بخير واراه يمرح ويبتسم كعادته
دوما ..لو حدث لشقيقي شيء يا وعد ..فلن اسامحك ..اتسمعين..لن اسامحك
ابدا....

(وعد..وعد..)
انتفضت وعد وهي تستفيق من شرودها وتلتفت الى ناطق العبارة السابقة..انه
هو..طارق..لا يزال مصرا على منادتها بأسمها مجردا من أي القاب..ورفعت
رأسها اليه لتقول: ماذا؟..
- انا اناديك منذ مدة..مالامر؟..
قالت وعد وهي تبتسم ابتسامة باهتة: صحيح..لم انتبه..كنت شاردة الذهن..
تطلع اليها طارق وقال: يبدوا ان هناك امرا هاما يشغل ذهنك..
قالت وعد بهدوء: شيئا كهذا..
قال طارق وهو يصطنع اللامباة : حسنا اذا استعدي فلدينا مهمة صحفية الآن..
قالت وهي تنهض من خلف مكتبها: لقاء صحفي ام حادث؟..
قال طارق وهو يغادر القسم: لقاء صحفي..
اسرعت تسير مغادرة القسم برفقة طارق الذي قال وهو يراها صامتة: هل الأمر
الذي يشغل تفكيرك يسبب لك كل هذا الحيرة والقلق اللذان اراهما في عينيك؟..
ابتسمت وعد وقالت: لم اكن اعلم من قبل ان عيناي تصفان حالتي النفسية للجميع..
قال طارق بابتسامة وهما يدخلان الى المصعد: ليس للجميع..لمن يعرف لغة العيون فقط..
قالت وابتسامتها تتسع: ومن يعرف مثل هذه اللغة الغريبة؟..
قال طارق وهو يشير لها بسبابته: لا يفهمها الا من يهتم بصاحبها..
ارتفع حاجبا وعد في تلك اللحظة باستغراب وحيرة شديدين..( لا يفهمها الا من
يهتم بصاحبها)..هذا لا يعني سوى امرا واحدا ان طارق مهتما بي..أحقا؟..يهتم
بي انا..لااظن..انه لا يقوم بأي شيء يثبت اهتمامه بي ...ولكن ..المشاعر
تُحس يا وعد ولا تُقال..فما فائدة المشاعر ان نطقت بها الشفاه ولم ينبض
بها القلب..ألا تشعرين بأنه يبدي بعضا من الاهتمام نحوك؟..ثم حكايته مع
مايا لماذا يخبرها لكِ؟..لمجرد انك تشبهينيها في تصرفاتها..لا هناك سببا
آخر بكل تأكيد خلف اخباره لي حكاية مثل هذه..
والتفتت له لتترجم افكارها الى سؤال نطقت به شفتاها وهما يغادران المصعد
الذي وصل لتوه للطابق الارضي: استاذ طارق..اريد ان اسألك..لم تخبرني
بحكايتك مع مايا؟..ألمجرد انني اشبهها بشخصيتها وتصرفاتها؟..
هز طارق رأسه نفيا وقال: لا.. هناك سبب آخر ايضا..
قالت وعد متسائلة: هل لي ان اعرفه؟..
- ستعرفينه..عندما تنتهي الحكاية..
وظلا صامتين حتى غادرا مبنى الصحيفة الى حيث سيارة طارق وصعد اليها هذا
الأخير وقال متسائلا عندما رأى وعد تقف في مكانها ولم تصعد: لم لا
تصعدين؟..نحن ذاهبان في مهمة عمل ليس الا..
فتحت وعد باب السيارة بتردد قبل ان تصعد اليها..وقال طارق في تلك اللحظة: هذا وقت مناسب لاكمال الحكاية اليس كذلك؟..
قالت وعد وهي تلتفت له بابتسامة: بكل تأكيد..
قال طارق بهدوء بعد ان انطلق بالسيارة وهو يحاول العودة بذاكرته الى احداث
مضت عليها ثمان سنوات تقريبا : ولقد فعلت ما وعدت به مايا تماما..لم احاول
العودة الى صفوف تلك المجموعة من جديد..او الاقتراب من أي منهم..لم يكن
يألمني شيء بالأمر برمته..سوى انني قد ابتعدت عن مايا..لم اعد اراها الا
للحظات قليلة او في قاعات الدراسة عندما بدأ العام الجديد لنا بالجامعة..
وقد استغرب عدد من الزملاء ابتعادي المفاجئ عنهم ..ولكني تعللت بالانشغال
..وبالدراسة..ولكنهم ظلوا يصرون ان هناك امرا اخفيه عنهم..وانني لم اكن
لابتعد عنهم الا لسبب طارئ جدا..
كنت اقضي طوال وقتي بمكتبة الجامعة..افعل أي شيء حتى لا التقي بهم..ولم
اكن اعلم يومها بأن مايا قد ندمت على ما فعلت وعلى انها طلبت مني الابتعاد
عنهم.. لم اكن اعلم انها تشعر بتأنيب الضمير وبالافتقاد لي..وخصوصا وانني
كنت محبوبا من الجميع في المجموعة..وكان الجميع يشعرون بالافتقاد لحسي
المرح ويعتقدون ان شخصا ما من المجموعة قد ضايقني ودفعني للابتعاد
عنهم..لم اعلم كل هذا الا في وقت متأخر .. وبعد ست شهور تقريبا من بداية
الجامعة عندما جاءت الي...
رأيتها تقف أمامي وانا اغادرالمكتبة..لم اصدق عيني ..لقد ظننت انه مجرد
حلم وسأفيق منه قريبا..ولكنني سمعتها تقول بابتسامة شاحبة: هل يمكن ان
نتحدث؟..
قلت بلا تردد: بالتأكيد..
وذهبنا سويا الى كافتيريا الجامعة وطوال جلوسنا حول احدى الطاولات لم
تتحدث..وقد استغربت صمتها هذا فقلت بحيرة: مايا ماذا بك؟..هل ضايقك
احدهم؟..ام وقعت بمشكلة ما؟..
رايتها تتطلع الي وتقول: بل انا من ضايق احدهم واوقعته بالمشاكل..
قلت باستغراب: ان كنت تعنيني انا..فلا تعتقدي اني قد تضايقت ابدا..فأنا من وعدك بالابتعاد..وانت لم تطلبي مني أي شيء..
قالت وهي تعض على شفتيها بمرارة: بل انا كنت سبب ابتعادك..لو لم اتضايق من
وجودك بيننا لما ابتعدت عنا..لقد كنت انانية وسأظل انانية دوما ..لا افكر
الا في نفسي ..قررت ابعادك عنا لمجرد انك كنت محبوبا من الجميع ..ارأيت
فتاة اكثر انانية مني؟..
تطلعت اليها وقلت مبتسما: انا لا اعتبرها انانية..لانني قد دفعت الجميع
لاهمال وجودك بعد ان كنت تحاطين بكل الاهتمام منهم..ولهذا كان من حقك ان
تتضايقي من شخص اقتحم عليك حياتك وافسدها..
قالت مايا وهي تشعر بغصة في حلقها: أرأيت..انا المخطأة في كل شيء وعلى
الرغم من هذا تحمل نفسك مسؤولية كل شيء..انا احتقر نفسي في كل ثانية وانا
اراك تقول مثل هذا..
واردفت بصوت متحشرج: لم اشعر بالندم في حياتي..مثلما شعرت به عندما وجدتك
تبتعد عنا..ولهذا جئت اليك اليوم..لاعتذر..واطلب منك العودة الينا من
جديد..وان تطوي صفحة الماضي..ونبدأ معا حياة جديدة..
ظللت صامتا للحظة وانا افكر في كل ماقالته..لقد جاءت لتعتذر..لكن
لماذا؟..ما الذي دعاها للاعتذار.شعورها بالندم..أم بتأنيب الضمير..ام انني
قد اثرت شفقتها؟..وقلت وانا اعقد ساعداي امام صدري: هل هي شفقة منك؟..
قالت مايا في سرعة: ابدا..اقسم لك..
ظللت افكر في كل شيء دار بيننا منذ ان رأيتها لاول مرة..الى ان قررت
الابتعاد عنهم..ومن ثم الآن..وهي تعتذر لي..وظنت هي ان صمتي تردد مني
فقالت برجاء: أنا آسفة حقا..لم اقصد أن اتسبب لك بكل هذه المـ...
قاطعتها وانا أضع سبابتي على شفتي واقول: هذا يكفي يا مايا..انت زميلة عزيزة علي..ولا داعي للاعتذار..
رأيتها تطرق برأسها وتقول: هل هذا يعني انك ترفض ما طلبته منك؟..
قلت مبتسما: بل اوافق..
تطلعت الي بعينان متسعتان ومن ثم قالت بابتسامة واسعة: توافق؟؟..حقا؟؟..هل ستعود الى المجموعة من جديد..لقد افتقدتك كثيرا..
ورأيتها ترتبك وتردف في سرعة: اعني افتقدناك جميعا..
قلت مبتسما: واتمنى ان لا تندموا على افتقادكم لي بعد عودتي اليكم..
قالت مايا بسعادة او هذا ما هُيأ لي وقتها: بل جميع الزملاء سيفرحون بعودتك..
ومنذ ذلك اليوم وقد تغيرت حياتي كليا مع مايا...
صمت طارق للحظة فقالت وعد باصرار: حسنا وبعد..أكمل..
ابتسم طارق وقال وهو يلتفت لها: لقد وصلنا..
قالت وعد بضيق: الا تصل الا في لحظة مهمة كهذه؟..
اتسعت ابتسامة طارق وقال: اخشى ان تشعري بالملل من ما احكيه بعد فترة..
- على العكس لقد بت احيانا اتمنى ان يأتي الغد..لأسمع تتمة الحكاية..
قال طارق بهدوء: حسنا سأكملها لك بعد ان ينتهي اللقاء الصحفي..أعدك..
قالت وعد بابتسامة: اشكرك..
قالتها وهبطا من السيارة الى ذلك المصنع..ليبدآ بعمل اللقاء الصحفي...
ترى هل حقا تحركت مشاعر طارق تجاه وعد؟..
وما مصير هشام وحبه الكبير لوعد؟..
وماذا عن طارق ومايا؟..
كلها اسألة ستعلمون اجوبتها مع مرور الأيام..
************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:33 am

* الجزء السادس عشر*
(هل تجسدت احلامها على ارض الواقع؟)




قال طارق بغتة وهما في طريقهما الى المصنع: اسبقيني الى المصنع ريثما أحضر الكاميرا من السيارة..
قالت وعد وهي تومئ برأسها: حسنا..
عاد طارق الى حيث السيارة في حين استمرت وعد في سيرها باتجاه المصنع..عندما سمعت احد الاشخاص يهتف بها قائلا: من فضلك يا آنسة..
التفتت وعد الى صاحب الصوت وعقدت حاجبيها وهي تراه شابا يبدوا في العشرين
من عمره ويضع كفه بداخل جيب بنطاله باستهتار..كانت الوقاحة واضحة على
ملامحه..وهذا ما دعا وعد لعدم شعورها بالراحة من سؤاله فقالت ببرود: هل
ناديتني؟..
قال الشاب بابتسامة صفراء: بلى..اريد ان أسألك.. كم الساعة الآن؟..
تطلعت له وعد باستخفاف ومن ثم قالت بسخرية: وما فائدة الساعة التي ترتديها حول معصمك اذا؟..
عقد الشاب حاجبيه وشعر ببعض الغضب من سخرية فتاة منه وقال وهو يلوح بكفه: انها معطلة..
قالت وعد بسخرية أكبر: اذاً ينبغي عليك استخدام الساعة الشمسية كما كان يحدث في العصور البدائية..
ازداد انعقاد حاجبي الشاب وهو يشعر بالغضب من كلمات وعد الساخرة له..في
حين ابتعدت وعد عنه بلامبالاة..فهتف بها قائلا: ستندمين ايتها الجميلة..
لم تهتم وعد بما قال بل فضلت تجاهله وهي تتوجه الى المصنع ..وبغتة سمع ذلك
الشاب صوتا صارما يأتي من جواره وصاحبه يقول: بل انت من سيندم ان تعرضت
للآنسة مرة أخرى..
قال الشاب بابتسامة وقحة: حقا؟.. ومن انت؟..
قال طارق بسخرية: شخص سيسعده تحطيم اسنانك ان لم تصمت..
قال الشاب وهي يبتسم بسخرية: هيا ارني ما لديك اذا..
قال طارق وهو يكور قبضة يده: بكل سرور..
وهم بأن يلكم الشاب وتحقز هذا الأخير لتصدي لكمة طارق..ولكن كف وعد امسكت
بمعصم طارق بغتة وهي تقول بهدوء: لا نريد أي مشاكل يا استاذ طارق فلنغادر
..ولا تهتم لأمر شاب مثله..
تطلع طارق الى الشاب بنظرات صارمة قبل ان يقول: حسنا ..هيا بنا ..
والتفتا عن الشاب ليسيرا في طريقهما وسمعاه يقول من خلفهما: يالك من جبان يا هذا..
قالت وعد وهي تلتفت لطارق: انه مجرد شاب طائش..دعه عنك..ولا تسبب أية مشاكل لك بسببه..
لم يعلق طارق على عبارتها ودلفا سويا الى حيث المصنع ثم استقلا المصعد الى
الطابق الأخير..حيث مكتب المدير العام للمصنع..وسارا الى حيث مكتب
السكرتيرة وشرح طارق لهذه الأخيرة سببب مجيئهم فقالت: حسنا ..يمكنكما
الانتظار في مكتبه ريثما ينتهي الاجتماع..
قال طارق بتساؤل: ومتى سينتهي الاجتماع؟..
قالت السكرتيرة بعدم اهتمام: ربما بعد خمس عشرة دقيقة..
- شكرا لك..
نهضت السكرتيرة من خلف مكتبها.. لتفتح لهم باب مكتب المدير العام وهي تقول: تفضلا الى الداخل..
دلف طارق برفقة وعد الى الداخل وتطلع كلاهما الى هذا المكتب الذي اقل ما
يقال عنه انه قمة في الفخامة والرقي والذي يبدوا مالكه من أثرياء
الدولة..وقالت وعد وهي تهمس لطارق بصوت خفيض: مجرد مدير عام..لديه مكتب
فاخر كهذا..
قال طارق بتفكير: يثير حيرتي هذا الامر حقا..
وقالت السكرتيرة وهي تشير لهما بالجلوس في ركن من المكتب والذي يحتوي على
اريكة ذات جلد أحمر فخم..ومقعدين آخرين من نفس لون ونوع الجلد: تفضلا
للجلوس من فضلكما..
جلس طارق على الأريكة.. بينما اختارت وعد الجلوس على أحد المقعدين..وعادت السكرتيرة لتقول: ماذا تشربان؟..
قال طارق بهدوء: قهوة من فضلك..
وقالت وعد وهي تسترخي قليلا: عصير البرتقال لوسمحت..
اومأت السكرتيرة برأسها وهي تتجه مغادرة المكتب بخطوات هدئة ..وما ان
اغلقت باب المكتب خلفها..حتى قال طارق وهو يتطلع من حوله: لا اظن ان مجرد
مدير عام لديه المقدرة المالية على تأثيث مكتب بمثل هذا الأثاث الفاخر..
قالت وعد موافقة: والشيء الاهم من هذا..انه بكل تأكيد قد استغل رأسمال هذا
المصنع لتأثيث مكتبه ..وهذا ما سيدفع مصنعا كهذا للتراجع وربما الخسارة
المالية..
التفت لها طارق وقال بمكر: ما رأيك بسبق صحفي مثير اذا؟..
قالت وعد مبتسمة وقد فهمت ما يعنيه: اتعني الكتابة عن امثال هذا المدير العام؟..
اومأ طارق برأسه ومن ثم قال: أجل والاهم من هذا اننا سنقرنها بالصور..
وناولها كاميرته الشخصية وهو يردف: هيا هلمي..والتقطي الصور لكل ركن في هذا المكتب..
ابتسمت وعد وقالت وهي تتناول الكاميرا منه: سأفعل بكل تأكيد..
واسرعت بالتقاط الصور لأرجاء لمكتب..وللتحف واللوحات الفنية الراقية والتي
تدل على ارتفاع ثمنها..وسمعت طارق يقول في تلك اللحظة: أظن ان سبق صحفي
كهذا سيمنحك حق ان تكوني صحفية حقيقية لجريدة الشرق..
قالت وعد وهي تلتقط صورة اخرى: اتمنى هذا..
صمت طارق قليلا ومن ثم قال: هذا يكفي يا وعد..لا نحتاج لكل هذه الصور..
قالت في سرعة: صورة واحدة اخرى فحسب..
واسرعت تلتقط تلك الصورة وتعود الى مكانها حيث كانت تجلس..وناولت طارق
كاميرته..فقال هذا الاخير: حاولي طرح الاسألة المتعلقة بهذا الموضوع ولكن
بطريقة غير مباشرة ..طبعا انت تفهمين ما اعنيه..
- بالتأكيد فلا تظن انني سأتخلى عن سبق صحفي كهذا ابدا..سأفعل أي شيء لأكون صحفية بالفعل بينكم..
قال طارق بهدوء: ونحن نرحب بك بيننا..
قالت وعد بابتسامة: وهذا يسعدني..
قالتها وشردت بذهنها قليلا..وهي أفكار كثيرة تدور في ذهنها تجاه طارق ..
الشاب الوحيد الذي تمكن من السيطرة على تفكيرها على هذا
النحو..والأهم..انه الوحيد الذي تحركت مشاعرها تجاهه.. .
**********
ضحك عمر ضحكة طويلة متواصلة وهو يجلس مع عماد بأحد المطاعم وقال وهو يحاول
التوقف عن الضحك: أحقا احضرتها الى هنا..لتتفرجا على ارجاء المطعم..لِم
لَم تسألها بعد انتهائكما ان كان تنسيق المطعم قد نال اعجابها؟..
قال عماد بعصبية: كف عن سخريتك يا عمر..انا لم اخبرك بهذا حتى تسخر من
تصرفي..انا اريد ان افعل لها أي شيء لاصلح الامور..وأعوضها عن سخافة
الموقف الذي وضعتها فيه..
قال عمر ضاحكا: كدعوتها الى مطعم مثلا..
قال عماد بغضب: لقد كنت مخطأ عندما أخبرتك بكل شيء منذ البداية..
قال عمر وهو يتوقف عن الضحك: حسنا انا آسف..لم اقصد السخرية..ولكن ما
فعلته يثير في نفسي الضحك والغرابة في الوقت ذاته..فكيف تسمح لنفسك باضاعة
فرصة من ذهب للحديث اليها على انفراد؟..
زفر عماد بعصبية وقال: هذا ماحدث..
قال عمر وهو يميل نحوه: وتريد مني ان أخبرك بطريقة لتصلح الامور اولا..ولتتحدث اليها ثانيا..اليس كذلك؟..
- بلى ..كذلك..
فكر عمر قليلا ومن ثم قال: حسنا..سأخبرك بطريقة .. قد تكون قديمة بعض الشيء..ولكن اظن انها مضمونة..
وأخذ يحدثه عن طريقته..وعماد يستمع اليه باهتمام وانصات شديدين..
**********
( الا يبدوا انه قد تأخر؟)
قالتها وعد وهي تتطلع الى ساعة معصمها..ومن ثم ترفع رأسها الى طارق منتظرة
اجابته..فقال هذا الاخير: أجل..لقد تأخر ما يقارب النصف ساعة عن موعدنا
معه..
قالت وعد وهي تسند رأسها الى مسند المقعد: هل تظن انه قد نسي أمرنا؟..
قال طارق بهدوء: لقد اعتدت مثل هذه الامور..ان بعض من اصحاب الشركات او
رجال الاعمال لا يمنحون الصحافة أي اهمية..بل انهم يحاولون تحاشيها على
الارجح..
قالت وعد متسائلة: ولم؟؟..
- لانهم يكرهون ان تطرح عليهم اسألة من النوع الذي يتدخل في اعمالهم
وخصوصياتهم..و لا يريدون ان تنتشر اعمالهم على الملء..وتعلمين ان بعض هذه
الاعمال ربما لا تكون قانونية..
تسائلت وعد مرة أخرى: وماذا لو تم نشر ما لا يرغب رجل الاعمال مثلا بنشره..ماذا سيفعل حينها هذا الاخير؟..
هز طارق كتفيه وقال: ربما ينشر تكذيب لما نُشر....او ربما يثبت خطأ ما نشر
بدليل وهمي.. أو يتخذ اجراءات أخرى ..تدفع الصحفي الى تغيير اقواله..
قالت وعد وهي تعقد حاجبيها: تعني ان يغريه بالمال مثلا؟..
قال طارق بهدوء: ربما يحدث هذا احيانا..
صمتت وعد قليلا ومن ثم قالت: انت تعمل منذ ثلاث سنوات بالصحيفة..أليس كذلك؟..
قال طارق مصححا: بل اربع..
قالت وهي تزدرد لعابها: حسنا اذا ما رأيك بي كصحفية مبتدأة؟..هل اصلح لكي استمر في هذا المجال؟..
قال طارق وهو يتطلع لها: لو كنت تحبين عملك..ستواظبين عليه بكل جد..وأنا اراك كمبتدأة ....
بتر طارق عبارته للحظة ومن ثم اضاف وهو يبتسم: ممتازة..
قالت وعد وحاجباها يرتفعان بسرور: أحقا؟..هل أنا جيدة في مجال الصحافة..
قال طارق وهو يعقد اصابع كفيه: انت أفضل من التحق بالصحافة كمبتدأة بدون
ادنى مجاملة..لديك طموح كبير..واستعداد للعمل المتواصل..كما تتمتعين
بالذكاء أحيانا..
قالت وعد بحيرة: ماذا تعني بأحيانا هذه؟..
قال طارق مازحا: أحيانا تكونين على مستوى من الذكاء واحيانا لا..
قالت وعد بضيق: هل اعد كلامك هذا سخرية مني؟..
ابتسم طارق بخفوت: بل انني امزح لا اكثر..
- لا تمزح معي بمثل هذا النوع من المزاح مرة أخرى..
قال طارق بسخرية: أظن انني انا من يملك الحق فقط في اعطاء الاوامر..
همت وعد بقول شيء ما..حينما سمع كلاهما صوت تحرك مقبض الباب..والتفتت وعد
لتتطلع الى من سيدخل.. كان رجلا في الاربعينيات من عمره تقريبا ضخم الجثة
الى حد ما..ويرتدي حُلة فاخرة..وقال وهو يقترب منها ويجلس على المقعد
الآخر: هل تركتكما تنتظران طويلا؟..
تطلع اليه طارق للحظة ومن ثم قال: ليس هذا مهما..أخبرني..هل نستطيع بدأ اللقاء الصحفي الآن يا سيد (أيمن)؟..
قال أيمن ببرود: ولكن اسرع فلدي من العمل الكثير..
قال طارق وهو يلتفت عنه ويخرج جهاز التسجيل من جيب سترته..ويضعه أمامه: حسنا..فالنبدأ اذا..
وغمز لوعد بشكل خفي..ففهمت على الفور ما يعنيه..واستمر طارق في طرح
الأسألة حتى قالت وعد بعد ان توقف طارق عن سؤاله بغية ان تطرح عليه وعد
الأسألة الآن : لدي بعض الأسألة التي سأطرحها عليك يا سيد أيمن..هل تسمح
لي؟..
قال أيمن وهو يلتفت لها ويلوح لهابكفه بملل: حسنا..ولكن سؤالان فقط..لان لدي بعض الارتباطات بعد قليل..
قالت وعد وعلى شفتيها شبح ابتسامة: لا بأس..كنت ارغب في سؤالك..غرفة
المكتب هذه شديدة الفخامة..وقد تم انتقاء الأثاث بشكل ممتاز..ولا اظن ان
ميزانية المصنع تسمح بشراء اشياء كمالية بهذا السعر..ما رأيك فيما قلته؟؟..
صمت أيمن للحظات ومن ثم قال وهو يرمقها بنظرة متفحصة: في الحقيقة تم
استبدال غرفة المكتب القديمة بهذه..وقد تم شارؤها بالتقسيط..لهذا لن تتأثر
ميزانية الشركة كثيرا..
قالت وعد وهي تتطلع الى احدى اللوحات: وماذا عن مثل هذه اللوحات والتحف الفنية..هل يتم شراؤها بالتقسيط ايضا؟..
تطلع اليها أيمن بغضب وهو يعقد حاجبيه..ومن ثم قال محاولا تمالك اعصابه: انها بعض اغراضي الشخصية التي أحببت وضعها في المكتب..
ومن ثم قال منهيا النقاش: حسنا..كان بودي اكمال الحوار لاصحفي معكم..ولكني مشغول كما أخبرتكما..
قال طارق وهو يغلق جهاز التسجيل: بالطبع يا سيد أيمن.. نعلم مدى انشغال اشخاص مثلكم..
واردف وهو ينهض من على مقعده: سررنا بمقابلتك..هيا يا آنسة وعد..
نهضت وعد من مكانها..في حين تطلع اليها أيمن بنظرات ضيق شديد..ولم تعر
نظراته هذه انتابهاً..وغادرت المكتب برفقة طارق..وقالت بعد أن خرجا من
المكتب: أظن انني قد أثرت ضيقه كثيرا..
قال طارق وهو يهز كتفيه: لا عليك..أمثال هذا ..ينبغي تقديمهم على حقيقتهم للناس وبتر جذورهم من المجتمع..وهذه هي مهنة الصحفي منا..
اومأت وعد برأسها ايجابيا وقالت مبتسمة: معك حق..هذه مهنة الصحفي..أو صحفية مثلي..
ابتسم طارق بهدوء وهو يتطلع لها للحظة..قبل ان يكملا سيرهما مغادران المصنع...
***********
غادرت ليلى قسم عملها بالطابق الثاني..وتوجهت نحو قسم المصاعد لتستقل احدها..ولتهبط به الى الطابق الارضي ومن ثم تغادر الشركة..
سارت بخطوات هادئة نحو سيارتها القابعة بأحد مواقف الشركة..وأخرجت مفاتيح
السيارة لتفتح الباب وتدلف اليها..ولكن شيئا ما لفت انتباهها..كانت ورقة
مطوية وقد وضعت على نافذة سيارتها الامامية..
ظنت انها احدى الاعلانات التي توزع في العادة على مختلف
السيارات..والتقطته لتفضه ومن ثم تقرأ تلك الكلمات التي خطت فيه..وتملكتها
الدهشة وهي ترى انها ليست سوى رسالة..ازدردت لعابها واخذت تقرأ كلماتها
بصوت هامس قائلة:
(( العزيزة ليلى وبعد...
أعلم ان ارسالي مثل هذا الخطاب سيكون بمثابة تصرف طفولي مني..وخصوصا وانه
لم يدم على معرفتنا سوى اسبوعين لا أكثر ..ولكني كنت اريد ان اعتذر ..أجل
أعتذر عما بدر مني في لقاءنا الأخير ..وعلى سخافة موقفي معك..وكيف انني لم
استطيع ان اتحدث اليك ولو بكلمة ..ولكن صدقيني كنت اعد حديث طويل جدا
لنتحدث فيه سويا ..ولكن لا اعلم ما حدث لي..فمنذ ان وجدتك معي في
المطعم..وان الفرصة سانحة لي لكي اتحدث بحرية ..حتى هربت الكلمات من على
لساني..
اعرف انك لن تصدقي مثل هذا الكلام الذي ربما تعتبرينه أحمقا وتافها..ولكن
هذا ما حدث حقا..لقد كنت اشعر بشعور غريب طوال جلوسنا معا يمنعني من
التفوه بأي كلمة..واليوم انا اتسائل بيني وبين نفسي..ماذا ظنت بي؟..أكانت
تظن انني قد دعوتها لاتسلى او ربما لأسخر منها؟..وها انذا سأخبرك
بالاجابة..فربما يكون الخطاب خير وسيلة لايصال ما اود قوله لك شخصيا..
أريد ان أخبرك..بأنني ابدا لم افكر في السخرية أو ان اتسلى بأي أحد
يوما..فكيف اذاكان الامر متعلق بك أنت..لست أكذب ان قلت ان المصادفات التي
جمعتنا قد قربتني منك كثيرا..لقد بت اشعر احيانا بضيق كبير لو لم ارك ولو
للحظة في الشركة..وأحيانا أفكر في زيارة اقسام الشركة فقط لأراك..ولكني
اتراجع وأظن ان تصرف مثل هذا سيجعلني ابدوا أحمقا في نظرك..
أريد ان أطلب منك أن تقبلي اعتذاري عن تصرفي السخيف معك في ذلك
اليوم..وارجو ان تعذريني لاني ارسلت لك خطابا بهذه الطريقة..ولكني لم اجد
أي وسيلة للاتصال بك سوى هذه..ولم أرد التطفل على أي من معلوماتك الشخصية
التي لدي بالشركة.. فربما كان ذلك سيضايقك..
وأخيرا اريد ان أسألك..ماذا أعني بالنسبة لك؟..لست أطلب منك اية
أجابة..ولست أسألك لاني ارغب بان تخبريني بأي شيء..ولكني ارغب في ان تفكري
بالأمر جيدا..وان كنت قد ظننت ان الامر سيختلف ان كنت رئيسا وانت موظفة
لدي..فسأجيب بقول لا.. ابدا لا تهمني المناصب او الأموال أو حتى الأسرة
التي تنتمين اليها..كل ما يهمني انك أنت..أنت يا ليلى ولست أي شخص آخر...
بكل اخلاص
عماد ))
طوت ليلى الخطاب بعد ان انتهت من قرائته وهي في ذهول حيرة من أمرها..أفكار
عديدة تصارعت بذهنها ..الخطاب ..عماد ..ومشاعره التي تحدث عنها ..وتفكيره
بها ..واهتمامه بأمرها..كل هذا لا يعني سوى ان عماد يميل لها...
هل هي تحلم؟..هل قرأت هذا الخطاب حقا قبل قليل؟..أم كانت تتخيل ان أحلامها
قد اصبحت مجسدة على ارض الواقع؟..هزت رأسها بعنف..لتعود لقراءة الخطاب من
جديد..وكأنها تريد التأكد من ان مرسله عماد حقا..أو ان الكلمات التي
قرأتها لم تكن من وحي خيالها..
طوت الورقة بهدوء..وهي تشعر بالنشوة..وكأنها في حلم جميل لا تريد
الاستيقاظ منه ابدا..ووضعتها في حقيبتها قبل أن تفتح باب السيارة و...
(أظن انك قد قبلت اعتذاري الآن..أليس كذلك؟..)
التفتت ليلى الى ناطق العبارة السابقة..ولم تستطيع كتمان تلك الدهشة التي
ارتسمت على ملامحها..أو منع تلك الشهقة التي اصدرت من بين شفتيها..وهي
تتطلع الى عماد الماثل امامها وهو يتطلع لها بهدوء وفي يده باقة من الورود
الحمراء..
وسمعته يقول في تلك اللحظة: هل أخفتك؟؟..
هزت ليلى رأسها نفيا وقالت: لا..ولكني شعرت بالدهشة لوجودك بالقرب من هنا..
قال في هدوء: في الحقيقة كنت أعد الدقائق حتى تخرجي من الشركة..فقد مللت وقوفي هنا لفترة..
واردف وهو يمد له يده بباقة الزهور: أعبر عن اعتذاري مرة أخرى..وأرجو ان تخبرك الزهور بما عجزت أنا عن قوله..
قالت ليلى بدهشة: صدقني لم يكن هناك أي داع لكل هذا..لم يحدث شيء ابدا يستدعي كل هذا..
ابتسم عماد وقال: حسنا اقبلي مني هذه الزهور كهدية اذا..
ترددت قليلا قبل ان تمد يدها وتلتقط الباقة منه ثم تقول بابتسامة ووجنتيها قد توردتا من شدة الخجل: اشكرك..انها هدية عزيزة جدا علي..
قال عماد بابتسامة واسعة: اسعدني سماع هذا منك ..والآن انا مضطر لافارقك..الى اللقاء..
قالت ليلى وهي تشتم عبق الزهور الندي: الى اللقاء..
القى عليها نظرة أخيرة قبل ان ينصرف متجها الى سيارته ..في حين دلفت ليلى
الى سيارتها وقالت هامسة لنفسها: يا أروع من عرفت في حياتي...

***********
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:33 am

*الجزء السابع عشر*

(هل يمضي الوقت سريعا حقا وانا معك؟)



ما ان استقر بهما المقام في السيارة..حتى قالت وعد مبتسمة وهي تلتفت له: والآن ..أكمل..

قال طارق مبتسما وهو يشعل المحرك وينطلق بالسيارة: رويدك يا وعد..دعيني التقط انفاسي على الأقل..

ها هو ذا
يناديها باسمها مجردا مرة اخرى..يبدوا انه قد اعتاد هذا الأمر..فلم يعد
يهمه أن يناديها بلقب آنسة بحكم زمالتهما في العمل..انه يحدثها وكانه
يعرفها منذ قنرة أو انها شخص قريب منه و...

ابعدت تلك الافكار عن رأسها وقالت: بصراحة لا املك مزيدا من الصبر..اريد أن أعلم ما حدث بعدها..

قال طارق بهدوء: حسنا دعيني اتذكر قليلا..لقد أخبرتك الى أن تغيرت حياتي مع مايا..أليس كذلك؟..

أومأت وعد
برـسها فقال: حسنا..سأخبرك ما حدث بعد أن طلبت مني العودة الى
المجموعة..ولقد فعلت نهضت من مكاني على الفور لأسير برفقتها الى حيث باقي
المجموعة ..وسمعت أحد الرفاق يهتف بابتسامة واسعة: يا اصحاب ..لقد جاء
طارق..

التفت الجميع نحوي وقالت احدى الزميلات: لم لم نعد نراك يا طارق.. لقد افتقدناك كثيرا..

ابتسمت وقلت وانا اختلس نظرة الى مايا: لن تفتقدوني بعد الآن مطلقا..

قالت تلك الزميلة متسائلة باهتمام: ولم؟..

في حين قال آخر في سرعة: اتعني انك ستعود الينا أخيرا؟..

تطلع الي الجميع في لهفة منتظرين اجابتي..فقلت بابتسامة: هذا اذا كنتم ترحبون بي بينكم من جديد..

صاح عدد منهم في صوت واحد: بالتأكيد يا طارق..انت أكثر من أخ بالنسبة لنا جميعا..

قلت وانا التفت لمايا وابتسامة حانية تعلو شفتي: عليكم ان تشكروا مايا فهي من اقتعنتني بالعودة..

التفت اليها أحدهم وقال بحيرة: أحقا؟..كيف تمكنت من اقناعه؟..جميعنا تقريبا حاولنا معه دون فائدة..

قلت وانا أغمز لمايا بعيني: ربما لأن لديها طرقها الخاصة..

لمحت في
تلك اللحظة ابتسامة واسعة تعلوا شفتيها ..وكم شعرت بالسعادة وأنا ألمح تلك
الابتسامة على شفتيها والتي تدل على سرورها بعودتي مجددا بينهم ..وتطلعت
لها لفترة قبل ان ابادلها الابتسامة..

وربما ما
أثار حيرة وغرابة الزملاء في الايام التالية هو ان علاقتي بمايا قد اختلفت
تماما..لم تعد تشعر بالغضب لاهتمام باقي الزملاء بي ..وانا بدوري كنت
احاول ان اجعلها موضع اهتمامهم معي..بالفات النظر اليها..وانتهى الامر بأن
اصبحنا اغرب ثنائي في الجامعة..فكما تعلمين شخصية كل منا تختلف عن
الآخر..وعلى الرغم من ذلك استطاع كلانا ان يتوافق مع الآخر..

وكم كنت
اشعر بالسعادة عندما اشاهدها تنتظرني بعد انتهاء محاضرتي..كنت اشعر
باهتمامها نحوي الذي أخذ يزيد مع الأيام..الى ان شعر كلانا بحاجته الماسة
تجاه الآخر.. وانه قد اصبح شخصا مهما في حياته ..وازداد هذا الشعور لاشعر
بحبي نحو هذه الانسانة التي امتلكت كياني وتفكيري وقلبي..ولكن لم اكن انا
اعلم بنوعية مشاعرها لي..كنت اشعر باهتمامها ..باعجابها ..وحنانها في
لحظات نادرة..ولكن لم اكن اعلم ان كانت تبادلني المشاعر وقلبها ينبض
لاجلي..وظل ...

قاطعته وعد
بغتة وهي تحاول اخفاء رنة الضيق من صوتها قائلة: لحظة واحدة..انت تقول انك
قد احببت مايا..أليس كذلك؟..وانك كنت تشعر باهتمامها الشديد نحوك..فما
الذي منعك من مصارحتها بمشاعرك تلك؟..

قال طارق
مجيبا: اشياء كثيرة..فأولا انا لا ازال طالبا في الجامعة..وقد خشيت لو
اعترفت لها بحبي ان تتعلق بي..وبعدها يكون من الصعب على اهلها القبول بشخص
مثلي كزوج لها..لهذا فظلت الصمت..لأحتمل بألم البعد وحدي على ان نحتمله
سويا..

قالت وعد متسائلة: وايضا؟..ما الذي منعك من مصارحتها غير هذا الامر؟..

- لم اكن اعلم بمشاعرها نحوي كما اخبرتك ..وخشيت ان اخسر كل ما يربطني بها لو انني اعترفت لها بهذا الحب..

قالت وعد
وهي تعقد ساعديها : لست معك في هذا ..فأولا من الصعب على الفتاة ان تعبر
عن مشاعرها تجاه شاب ما..بينما يسهل على الشاب ذلك..فربما كانت تنتظرك ان
تقوم انت بالخطوة الاولى..وثانيا دراستك ليست بمشكلة يمكنك ان تخطبها مثلا
ريثما تكمل دراستك وتحصل على عمل..

ابتسم طارق وقال: كنت أفكر في هذا الأمر طويلا ..لكني لم احسم قراري وقتها..ولم اجد أحد يقدم لي النصح كما تفعلين الآن..

قالت وعد متسائلة: هل لي بسؤال آخر؟..

قال طارق بهدوء: نفضلي..

قالت وعد
وهي تعقد حاجبيها بحيرة: اين هي مايا الآن؟.. وماذا حدث لها؟..واسمح لي
بهذا..انا لا ارى في اصبعك أي خاتم زواج او خطوبة ..

ظل طارق صامتا لفترة من الوقت ومن ثم قال بلامح جامدة: لماذا تستعجلين الامور؟..ستعلمين بكل شيء عندما انتهي مما احكيه..

قالت وعد بهدوء: لم اقصد شيئا..ولكن انتابني الفضول لمعرفة مصير علاقتك بمايا فقط..

- حسنا..هل تريدين سماع باقي ما حدث ام اصمت؟..

استغربت وعد عصبيته وقالت وهي تمط شفتيها: اكمل..انا اسمعك..

التقط طارق
نفسا عميقا وزفره بقوة قبل ان يقول: المهم ان علاقتنا انا ومايا كانت
محصورة على الصداقة فقط طوال سنتين..ولم احاول ان اجعل علاقتي بها ما هو
اكثر من ذلك ..ولكني كنت اشعر بأنها تشعر بي وبما احمله لها من مشاعر
..وخصوصا وانني قد اخبرتها بأنني احمل لها مشاعرخاصة في ذلك اليوم الذي
قررت الانسحاب فيه من المجموعة ...

وجاء موعد
اعلان النتائج من جديد..وقد نجحنا انا ومايا و جميع الزملاء كذلك بفضل
الله..ويومها قلت لمايا بابتسامة واسعة: ما رأيك ان نذهب الى النادي مع
باقي الزملاء؟..

قالت مبتسمة: بالتأكيد موافقة..

قلت وأنا أميل نحوها: وستفين بوعدك لي..

قالت بدهشة: أي وعد؟؟..

غمزت بعيني وقلت: تدريبك على ركوب الخيل..

قالت وهي تبتسم من جديد: الا زلت تذكر؟..

قلت وانا اتطلع اليها بنظرة حنان: وكيف لي ان انسى وعدك لي؟..

ظهر التردد قليلا في عينيها ومن ثم قالت: طارق كنت اريدان اخبرك بأمر ما..

قلت وانا اتطلع لها باهتمام وقد شعرت باهمية ما ستقوله: تفضلي..

همت بقول
شيء ما..لولا ان اقترب احد الزملاء في تلك اللحظة وقال بمرح: انتما..الى
متى ستظلان تتحدثان؟ ..الن نذهب الى النادي كما اتفقنا؟..

قلت وانا التفت له بابتسامة: بالتأكيد..فقط انتظرونا للحظات..

والتفت الى مايا من جديد..ولمحت خيبة أمل على ملامحها ..فقلت بعد ان شاهدت زميلنا يبتعد: تحدثي انا اسمعك..

لوحت لي بكفها وابتسمت ابتسامة مصطنة وقالت: لا داعي..فليس الامر مهما على الاطلاق..فلنذهب الى النادي مع باقي الزملاء..

تطلعت الى عينيها بنظرة شك وقلت: امتـاكدة بأن ليس لديك ما تقولينه؟؟..

اسرعت تشيح بعينيها بعيدا وقالت: اجل بالتأكيد ..هيا..

لم اصدق
حرفا مما قالته يومها..لقد كانت ترغب باخباري بشيء ما ..وشيء مهم ايضا
ولكنها تراجعت في اللحظة الاخيرة..لم اعلم لم ..ربما كانت متخوفة من قوله
لي او تخجل من ان تقوله..

وذهبنا
جميعا الى النادي مرة أخرى..بعد سنتين كاملتين ..بالطبع انت تذكرين المرة
الاولى الذي ذهبنا فيها جميعا الى هناك..ولكن الوضع كان مختلفا هذه
المرة..لم نكن انا ومايا متشاجرين ..على العكس من يرانا لا تأتي في ذهنه
سوى فكرة ان كلينا يحب الآخر ..وربما مخطوبان ايضا .. لقد أحسست باندفاع
في مشاعري يومها..وانا اسير الى جوارها حيث قسم الفروسية بالنادي..وقلت
وانا اتطلع لها بحب: تبدين جميلة جدا هذا اليوم..

توردت وجنتيها بخجل شديد وقالت بصوت متلعثم: اشكرك..

قلت وأنا لا ارفع عيناي عنها: اتمنى لو ان عقارب الساعة تتوقف عن الدوران لأحظى بقربك اطول فرصة ممكنة..

التفت لي وقالت بارتباك محاولة تغيير دفة الحديث: الديك فرس في قسم الفروسية هنا؟..

نظرت لها بضيق وقلت: لا ليس لدي..اخبريني هل يزعجك حديثي الى هذا الحد حتى تغلقينه كلما فتحته معك؟..

قالت في سرعة: مطلقا ولكن...

صمتت
بغتة..وحاولت اكمال عبارتها لكنها عادت لتطبق شفتيها وهي تركل حجرا صغيرا
بحذائها في عصبية..فقلت مستحثا اياها على الحديث: تحدثي..ولا تخشي شيئا..

تطلعت الي
بنظرة غامضة..تحمل ما بين الرجاء ..والتوتر ..والخوف ..فقلت بهدوء وانا
احاول ان نبتعد عن هذا الموضوع قليلا: حسنا..فلنذهب الى قسم الفروسية
الآن..

رأيتها
تومئ برأسها باستكانة..وتتبعني الى حيث اذهب .. ووجدت هي اننا قد وصلنا
الى الاسطبل..فقالت متسائلة: كيف ستستخدم حصانا وهو ليس ملكا لك؟..فكما
تقول انت لا تملك احدها..

أجبتها قائلا: هناك حصان في هذا النادي وهو ملك لأحد معارفي..

وأخذت
اتلفت بحثا عن ذلك الخيل..الى ان وجدته ..كان حصانا ذا لون بني قاتم تبدوا
عليه علامات الصلابة ..فقلت مبتسما وانا اشير للحصان: هذا هو..ما رأيك
به؟..

تطلعت اليه للحظة ومن ثم قالت وهي تقترب من الحصان: يبدوا جيدا..اريد ان اجربه..

قلت وانا امسك بلجام الحصان وافتح باب الاسطبل لأخرجه: حسنا اسبقيني انت الى الخارج..

نفذت ما طلبته منها واسرعت تغادر بخطوات سريعة بعض الشيء..في حين اخرجت انا الحصان الى الخارج..وقلت مبتسما: هاهوذا يمكنك تجريبه..

تطلعت الي ومن ثم الى الحصان في حيرة وقالت متسائلة: وكيف امتطيه؟..

ضحكت بمرح وقلت: هذه مشكلتك..

تطلعت الي باستغراب فقلت وانا الوح بكفي بابتسامة: أنا امزح..بامكانك امتطائه باستخدام هذا الدرج..

قلتها وانا التقط السلم القصير الذي يتكون من درجتين وهو خاص بامتطاء الخيل..ووضعته بجانب الخيل وقلت: هيا جربي امتطاءه..

ازدردت لعابها وقالت: وماذا لو سقطت؟..

قلت بابتسامة حانية: لا تقلقي لن اسمح لذرة غبار بأن تؤذيك..

امتطت مايا ظهر الجواد ومن ثم قالت:...


صمت طارق عن مواصلة السرد..فقالت وعد بعصبية: لا تقل اننا وصلنا وانك ستتوقف عن السرد الآن..

التفت لها طارق وقال مبتسما: لقد وصلنا ومنذ فترة ايضا ..ولكنك لم تنتبهي الى ذلك..وانا اوقف السيارة واستمر في السرد..

قالت وعد وهي ترفع حاجبيها في دهشة غير مصدقة: احقا ما تقول؟؟..

هز طارق كتفيه وقال وهو يفتح باب السيارة: اجل.. فلن اكذب من اجل شيء تافه كهذا..

قالت وعد
وكأنها قد اعتادت اسلوبه المستهزئ في الحديث فلم تعر ما قاله اهتماما
وخرجت من السيارة بدورها: ان الوقت يمضي سريعا حقا كلما تحدثنا..

قال طارق
بهدوء وهو يدور حول مقدمة السيارة ويسير برفقتها الى داخل الصحيفة: ربما
لأن اللحظات السعيدة بالنسبة لك تمضي سريعا لانك لا تتمنين ذلك..وتتمنين
ان تدوم.. بينما اللحظات الحزينة تمضي ببطء شديد لأنك لا تريدين
ذلك..وتشعرين بها كالساعات..

قالت وعد
بابتسامة: ربما كان ما تقوله صحيحا..وربما لاننا نحن نشعر بها
كذلك..فبمجرد الشعور يتولد في عقلنا احساسا بأن ما نقضيه من وقت قد يكون
اكبر او اقل على الرغم من تساوي كلا الوقتين..

التفت لها طارق وقال بابتسامة اعجاب: لاول مرة اعلم انك قد بت فيلسوفة..

- اتسمي ما قلتها انا فلسفة.. ماذا عن ما قلته انت..لا بد ان يطلق عليه اسم محاظرة علمية..

قال طارق وابتسامته تتسع: اظن ان علينا ان ننتقل للعمل في الابحاث العلمية قريبا..

ابتسمت وعد بمرح وقالت: فكرة جيدة..ولكن اخبرني اولا أي الرواتب أكبر؟..

- العمل في الابحاث العلمية بكل تأكيد..

ضحكت وعد وقالت: لولا انني امتلك شهادة في الادب..لفعلتها وانتقلت الى تلك الابحاث..

قال طارق مداعبا: ليتك تفعلينها..

قالت وعد وهي ترفع حاجبيها باستنكار: هل بدأتم تشعرون بالملل مني بهذه السرعة؟..

مال طارق نحوها وقال: وبأكثر مما تتصورين..

قالت وعد وهي تعقد ساعديها امام صدرها: الا تعرف المجاملة ابدا؟..

- بل لا اعرف الكذب..

هزت رأسها وقالت: ليكن اذا..سأرى ان انتقلت انا الى قسم آخر فقط..كيف ستجدون صحفية مثلي؟..

قال طارق بغتة وكأنه قد تذكر امر ما: صحيح لا تنسي امر ذلك الموضوع الصحفي..

قالت متسائلة: تعني عن ما يتعلق بأمر ذلك المدير العام..أليس كذلك؟..

اومأ برأسه وقال: حاولي الاسراع في اعداده واي مساعدة تحتاجينها..لا تترددي في طلبها مني..

قالت وعد وهي تضع سبابتها تحت ذقنها وتتطلع اليه بسخرية: ولكني احسب انك قد اصبحت تشعر بالملل من وجودي..

قال طارق بابتسامة هادئة: لانك بلهاء.. لا تفهمين المزاح..

اشارت الى نفسها وقالت بضيق شديد: أنا بلهاء..

اتسعت ابتسامة طارق وقال: اجل عندما لا تفهمين ما اعنيه..

والتفت
مبتعدا عنها ليواصل طريقه..ووعد تتابعه بعينيها وابتسامة حالمة وسعيدة
تتراقص على شفتيها..وهي تفكر في فارس احلامها الذي سيطر على كيانها
ومشاعرها بشكل اذهلها هي نفسها والذي يمتلك اغرب شخصية في هذا الكون
بأكمله..

*********

لنرحل
قليلا عن مبنى الصحيفة ولنتجه الى ذلك المنزل..والى تلك الغرفة
بالذات..الذي جلس صاحبها على طرف فراشه وهو يتطلع الى علبة ما متوسطة
الحجم في يده ..ويتمتم محدثا نفسه: (لم اكن اعلم انك تكرهيني الى هذا الحد
يا وعد..الى درجة حتى تمنعك من الاتصال بي بعد آخر لقاء بيننا..أنا لااريد
ان ابدء الحديث حتى لا اهدر كرامتي اكثر من ذلك..كنت اتوقع ان تتصلي بي او
على الاقل ترسلين رسالة قصيرة لتطمأني على احوالي..ولكن يبدوا انني قد بت
لا شيء في حياتك ..لا شيء..)

وترك هشام
ما بيده ليضعه على طاولة صغيرة مجاورة واردف وهو لا يزال يتحدث الى نفسه:
( لكني لن اييأس..مهما حدث او سيحدث..مهما فعلتِ..فأنت تعلمين الآن بأني
احبك..واني مستعد للنضحية بأي شيء في سبيل ان تبادليني مشاعري..لن اظل
مكتوف اليدين حتى يأتي احدهم ويأخذك مني امام ناظري..لن اسمح بحدوث هذا
مطلقا وان كان علي التضحية بأغلى ما املك..فما دمت ترفضين الزواج بي..فلن
اسمح لك بالزواج من غيري ..اتفهمين ..لن اسمح بأن تتزوجي شخصا آخر سواي
..حتى وان كان هذا غرورا او انانية مني..لكنك لا تفهمين اني احبك ولا
احتمل رؤيتك مع سواي ولو للحظة..لا تفهمين)..

ودفن وجهه
بين كفيه في مرارة..وهو يحاول السيطرة على مشاعره وعلى الغضب الذي اخذ
يجتاحه..وشرد بعقله بعيدا وهو يحلم بعالم ملئ بالأحلام..تتحقق فيه الاماني
دون أي تعب او مشقة..عالم يكون فيه هو ووعد فقط..ولا شخص آخر...

*********

تطلعت ليلى
بابتسامة حانية الى مجموعة الزهور الحمراء التي اهداها اياها عماد بالأمس
والتي احتلت احدى الزهريات في غرفتها..وقالت وهي تميل نحوها وتتنسم
عبيرها: صباح الخير..كيف حالكم جميعا؟..

ومن ثم
انتظرت قليلا وكأنها ترغب في سماع رد الزهور ..قبل ان تقول: ها نذا ذاهبة
اليه..لكن اتمنى ان اراه وان لا يحدث مثل كل مرة..اذهب انا قبله او هو
قبلي الى الشركة..

والتقطت احدى الزهرات لتقول بابتسامة واسعة: هه..ما رأيك؟..هل يحبني الآن كما احبه؟..

وعادت
لتقول وهي تعيد الزهرة الى الزهرية من جديدوتتنهد بحرارة: هل اظن ايضا انه
يحبني؟..يالي من واسعة الافق ..واحلق كثيرا في عالم الاحلام..

والتقطت
حقيبتها على عجل واسرعت تغادر المنزل وتنطلق بسيارتها الى حيث الشركة..وما
ان اوقفت سيارتها في احد المواقف حتى قالت بسخرية مريرة: ها قد صدق
حدسي..فهاهي ذي سيارته تحتل أحد المواقف الخاصة..

وهبطت من السيارة وهي تهز كتفيها محاولة اصطناع الامبالاة واكملت سيرها الى حيث الشركة..و...

(صباح الخير يا آنسة ليلى..)

التفتت الى
مصدر الصوت وقالت بابتسامة واسعة متحدثة الى صاحبه: صباح النور..هل جئت
انا اليوم مبكرة ..ام انك انت من جاء متأخرا على غير عادتك يا سيد عماد؟..

قال عماد بهدوء: اولا لا تناديني بلقب سيد الا في وقت العمل.. وثانيا لا هذا ولاذاك.. فقد كنت انتظر مجيئك..

تطلعت اليه باستغراب وقالت: مجيئي انا؟؟..

قال بابتسامة واسعة: اجل وما الغريب في هذا؟..

صمتت دون
ان تعلق على عبارته..وهي تشعر ببعض الاضطراب من وقوفهما معا هكذا..وشعر
عماد باضطرابها فأسرع يقول: حسنا كل ما كنت اود قوله لك..هو انني اريد
تعويضك ما حدث..

رفعت حاجبيها بدهشة وقالت: لا تقل لي بأنك تعني ذلك اليوم الذي ذهبنا فيه الى....

قاطعها قائلا: اجل اعنيه هو..

قالت وهي تتطلع اليه: صدقني انني لم افكر في الأمر حتى ..لقد سعدت بدعوتك لي.. حتى وان كان الصمت هو حوارنا طوال الوقت..

قال عماد وهو يتطلع اليها بنظرة تحمل بعضا من الرجاء: وماذا لو طلبت منك ان تقبلي دعوة اخرى مني..هل توافقين؟..

ظلت صامتة للحظة ومن ثم قالت وهي تبتسم: بالتأكيد يا سيد عماد..وهل ستتاح لي الفرصة لأن يدعوني مدير الشركة كل يوم؟..

قال عماد وهو يبتسم بدوره: بدون سيد من فضلك.. وبدون ذكر مناصب..

قالت مداعبة: حاضر يا سيدي..

تطلع اليها للحظة واتسعت ابتسامته بشكل اكبر.. قبل ان يقول : حسنا اراك اذا بعد انتهاء فترة العمل.. اتفقنا؟..

أومأت
برأسها بهدوء..ومن ثم تبعته الى داخل الشركة وهي تشعر بسعادة كبيرة..فها
هو ذا عماد يثبت لها انه مهتم بها بأكثر مما كانت تتصور....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:34 am

*الجزء الثامن عشر*
(لم خطت تلك الكلمات؟)



تطلعت وعد الى الصور التي بين يديها ومن ثم قالت متسائلة وكأنها تحدث نفسها: أي الصور اضع للموضوع؟..جميعها تبدوا جيدة..
التفت لها أحمد وقال وهو يمد يده لها: دعيني اراهم..
قدمت له الصور فأخذ يتطلع لهم.. ومن ثم قال وهو يصدر من بين شفتيه صوتا اشبه بالهمهمة: اعتقد ان هاتين الصورتين مناسيتين للموضوع..
التقطت منه الصورتين الذي يقصدهما بحديثه ومن ثم قالت: تبدوان جيدتان
ولكني اظن ان الموضوع بحاجة الى صور تعبر اكثر عن فخامة ذلك المكتب..
قال طارق بغتة وقد انتبه لحديثهم: دعيني ارى كل الصور التي بحوزتك..
عادت لتجمع الصور من جديد مع بعضها وتسلمها لطارق.. الذي تطلع الى الصور
باهتمام ومن ثم قال بعد تفكير: هذه غير مناسبة كثيرا.. الموضوع يحتاج الى
صور تشمل أكثر المناطق بالمكتب وتدل على فخامته المبالغ فيها في الوقت
ذاته..
ثم توقف عند احدى الصور.. وقال وهو يشير الى الصورة بقلمه: كهذه الصورة تماما..
تطلعت الى الصورة وقالت وهي تبتسم: هذه الصورة الاخيرة التي قمت بتصويرها والتي كدت ان تمنعني من ان احصل عليها..
قال بهدوء وهو يعيد لها الصورة : حسنا خذي الموضوع الذي قمت بكتابته بالاضافة الى هذه الصورة .. للطبع..
اومأت برأسها وقالت: حسنا ها انذا ذاهبة..وشكرا لك على المساعدة على اية حال..
ونهضت من خلف مكتبها لتغادر القسم بخطوات هادئة..وما ان تأكد أحمد من ابتعادها حتى قال: ما هذا التطور؟..
رفع له طارق عينيه وقال بعدم اهتمام: قل ما تعني علىالفور ولا داعي للمقدمات..
قال احمد وهو يغمز بعينه: اعني علاقتك بوعد بالتأكيد..لقد تطورت كثيرا حتىانك اصبحت تعرض المساعدة عليها دون ان تطلبها هي..
قال طارق وهو يهز كتفيه: ذلك لانها جديدة هنا.. وقد رغبت في مساعدتها لا اكثر..
قال احمد بخبث: حقا؟..هل هي مجرد مساعدة بالفعل؟..
قال طارق بضيق: كف عن مثل هذه الافكار.. انها مجرد صحفية هنا لا اكثر ولا اقل..
قال أحمد وهو يغمز بعينه: اعلم انها مجرد صحفية هنا وها هي ذي ترافقك
اينما تذهب في كل لقاءاتك الصحفية تقريبا ..ماذا تريد اكثر من ذلك؟..
قال طارق ببرود: ان تصمت..
قال احمد مبتسما: ما بك؟..ليس الحب عيباً او ممنوعاً.. تستطيع ان تتحدث بحرية وتعبر عن مشاعرك..
قال طارق ببرود اشد وهو يعود لمراجعة الورقة التي بين يديه: اما ان تصمت او تصل عبر النافذة الى مواقف السيارات مباشرة..
ضحك أحمد بمرح وقال: منذ متى تمزح هكذا يا طارق.. يبدوا ان الآنسة وعد لها تأثير السحر عليك..
رفع طارق عينيه الى احمد وقال بحنق: أحمد.. لا اريد ان تنشر مثل هذه الاشاعات في المبنى باكمله..
غمز احمد بعينه وقال بابتسامة واسعة: أواثق انها مجرد اشاعات؟..
قال طارق بملل: يبدوا انك بالامس لم تنم جيدا..وان النعاس يؤثر على تفكيرك كثيرا..
قال احمد بخبث: بل انت الذي لم تنم بالامس.. هذا يبدوا واضحا من ملامح وجهك..
قال طارق دون ان يرفع رأسه اليه: كلا ..فلقد استغرقت في التوم بالامس.. ولكني اشعر اني متعب قليلا..
قال احمد باهتمام: هل انت على مايرام؟.. اتود العودة الى المنزل لترتاح؟..
( من هو الذي ليس على ما يرام؟..)
التفت أحمد الى وعد التي دلفت للتو الى القسم ونطقت عبارتها السابقة.. وهم
بقول شيء ما.. ولكن طارق قال في تلك اللحظة: ماذا حدث بشأن موضوعك؟..
ابتسمت وعد بسرور وقالت وهي تجلس خلف مكتبها: سيتم نشره في جريدة اليوم..
قال طارق بابتسامة: اتوقع ان يحظى باهتمام كبير من القراء..
التفتت له وعد وقالت مبتسمة: اتمنى هذا.. فعندها ربما اكون صحفية حقيقية بينكم أخيرا..
ساد الصمت المكان للحظات ومن ثم عادت وعد لتلتفت الى أحمد وقالت: صحيح.. لم تخبرني من الذي ليس على ما يرام..
اجابها احمد قائلا وهو يشير بقلمه الى طارق: انه طارق..
خفق قلبها في عنف والتفتت الى طارق بحدة وقالت: أحقا؟..ماذا بك؟..
قال طارق ببرود: لو لم اكن على ما يرام لما جئت اليوم الى الصحيفة .. ولكني اشعر ببعض الارهاق لا اكثر.. فلا تهولوا الموضوع..
تطلعت اليه وعد لفترة.. وانتبهت في هذه اللحظة فقط الى شحوب وجهه.. فقالت
وهي تزدرد لعابها: ولكنك حقا لست على ما يرام.. انه ليس ارهاقا.. انت
تعاني مرضا ما..أليس كذلك؟..
- لا ليس كذلك..وارجوك اغلقي هذا الموضوع لأني اريد ان امارس عملي بهدوء..
هزت وعد رأسها في نفاذ صبر.. فقال لها أحمد: دعيه هو هكذا دائما.. يشارك
آلام الآخرين دائما.. ويرفض ان يشاركه أحد آلامه هو ولو لمرة..
ربما كانت هذه العبارة قد زادت من اعجاب وعد لطارق اضعافا.. حقا انها تراه
الآن بصورة مختلفة.. لا يبدوا مغرورا او حتى يقلل من شأن الآخرين على
العكس.. لقد ساعدها مرارا وساعد غيرها من الزملاء ايضا بالاضافة الى انه
يبدوا في قمة التواضع..
كيف كنت اظن به ذلك من قبل؟..الأني لم اعرفه بعد ..ام لأني كنت اغضب من
تجاهله وبروده لي وفي تصرفاته معي؟.. هل هو حقا فارس احلامي الذي
تمنيته؟..اليس هذا من كنت اكرهه.. كيف تتغير مشاعري تجاهه هكذا الآن.. ثم
ماذا عن مايا؟.. من هي؟.. ومادورها في حياته؟.. لقد اخبرني بكل صراحة انه
احبها..ومن يحب لا ينسى ابدا.. هذا اذا كانت قد ابتعدت عنه كما اتوقع..كيف
افكر في شخص يحب فتاة اخرى وسيظل يحبها الى الابد؟..لكن لم يخبرني بهذه
القصة اذا؟.. لابد من وجود سببا ما و....
(أليس لديك عمل تقومين به الآن؟)
نطق طارق هذه العبارة متحدثا الى وعد التي تنبهت من شرودها وقالت نفيا: لا..لم؟..
قال طارق ببرود: لانك لا تفعلين شيء سوى التحديق بي..
اتسعت عينا وعد في دهشة وهي تشعر بالضيق من كلماته وبالغضب من جرأته.. كيف
يجرؤ على قول مثل هذا لي؟..انا احدق به هو؟.. من يظن نفسه هذا المغرور؟
..وقالت مصطنعة اللامبالاة: ومن قال اني كنت احدق بك؟ ..لقد كنت شاردة
الذهن ليس الا..ولم انتبه الى أي شيء انظر..
قال طارق بنظرة لامبالية: انتبهي في المرة القادمة اذا..
تطلعت اليه وعد بضيق شديد.. ماذا حدث له فجأة؟.. لقد كان جيدا في تعامله
معي.. بل كان مهذبا جدا كذلك .. لقد ظننت ان معاملته لي قد اختلفت وانه قد
بات يعاملني كزميلة له في العمل على الاقل..ما الذي اختلف الآن؟ ..والتفتت
عنه في ضيق.. وهي تمارس أي عمل..فقط لتشغل ذهنها عن طارق..
ومن جانب آخر كان طارق يشعر بالندم لما قاله.. لم قال ذلك؟؟..ما ذنبها هي
ليفرغ ضيقه فيها؟..ما ذنبها هي ان كان احمد قد لاحظ اهتمامه بها؟..اكان
يريد بفعله هذا ان يثبت لأحمد العكس..هل بات الاعجاب او الاهتمام بشخص ما
جريمة هذه الايام؟.. ياله من احمق.. ما فعله طوال اسبوع كامل ليصلح
العلاقة بينه وبين وعد تلاشى فجأة امام لحظة عصبية وضيق منه..
استغرق في التفكير وهو يختلس النظرات لها.. وابتسم لا شعوريا.. تبدوا في
منتهى البراءة وهي مستغرقة في الكتابة .. تبدوا وكأنها قد عادت طفلة
بحركاتها العفوية.. حتى طريقة تفكيرها بوضع سبابتها اسفل ذقنها.. تبدوا
غريبة ومميزة في الوقت ذاته .. ترى لماذا انشد تفكيره لها؟ ..المجرد انها
تشبه مايا؟..ولكن انقضى زمن طويل الآن.. فهل لا يزال حب مايا محفورا في
قلبي؟.. احيانا حينما انظر الى وعد اشعر ان مايا هي من تقف امامي.. ولكن
في اغلب الاحيان لا ارى امامي سوى وعد.. ووعد فقط..
وهم بقول شيء ما.. لولا ان التفتت له وعد وقالت بسخرية: أليس لديك عمل تقوم به سوى التحديق بي؟..
ولدهشتها رأته يبتسم بهدوء ويقول: حسنا انا آسف.. لقد انتصرتِ..
طلعت اليه وعد بدهشة وقالت بحيرة: أبكل هذه البساطة تقولها؟.. لقد توقعت ان ادخل معك متاهات في الحديث لا تنتهي..
لوح طارق بكفه وقال وهو لا يزال يحتفظ بابتسامته: لا داعي للمتاهات بعد الآن.. لقد كنت فظا معك حقا.. لذا انا اعتذر..
ابتسمت وعد ابتسامة مرتبكة بعض الشيء وقالت: هكذا تجبرني انا ايضا على الاعتذار عما قلته قبل لحظات..
- لا داعي لذلك ابدا..
وعاد لواصلة عمله في حين ابتسمت وعد ابتسامة تدل على سرورها واستغرابها في
الوقت ذاته.. انه يملك اغرب شخصية رأتها حقا.. متقلب الى ابعد الحدود..
فأحيانا تراه باردا وهادئا.. واحيانا اخرى قاسيا..وتراه كذلك بشخصية عكس
هذه تماما.. فيتحول الى شخص متفاؤل.. مبتسم..مهذب.. مرح ويتعاون مع الجميع
بكل جهده ..حقا اريد ان اعرف ماذا تخفي خلف قناعك هذا.. واي الشخصيتين هو
أنت؟..
استغرقت في شرودها وهي تعمل حتى انها لم تنتبه الى ذلك المراسل الذي طرق
باب القسم بهدوء ومن ثم قال: الآنسة وعد.. المدير يطلب رؤيتك..
انتبه أحمد الىشرود وعد والى انها لم تنتبه الى ماقاله المراسل فالتفت الى وعد وقال: آنسة وعد..
انتبهت له وعد والتفتت اليه قائلة: ماذا؟..
قال وهو يشير الى المراسل: ان المدير يطلبك..
قالت باستغراب: انا؟ ولم؟..
قال المراسل وهو يهز كتفيه: لست اعلم.. بامكانك توجيه سؤالك الى المدير..
اومأت وعد برأسها وقالت: حسنا.. ها انذا قادمة..
واسرعت تنهض من خلف مكتبها لتخرج من القسم..وهي تشعر بالغرابة من استدعاء
المدير لها.. في حين استمر الجميع في اداء اعمالهم وبعد مضي ربع الساعة
تقريبا.. سمع الجميع صوت طرقات على الباب مجددا.. فرفع طارق رأسه وسمع احد
الموظفين يقول: اين هي الآنسة وعد؟..
اجابه احمد قائلا: لقد ذهبت الى المدير منذ قليل ..
قال الموظف بتساؤل: ولكننا بحاجة الى صورة اخرى لموضوعها..ماذا نفعل الآن؟..
قال أحمد متحدثا الى طارق: طارق ..أعطه صورة اخرى..لقد وضعت الآنسة وعد الصور في درجها..
قال طارق بهدوء: ولم لا تمنحه انت ما يريد؟..ان المكتب اقرب اليك مني..
قال أحمد في سرعة: انت تعلم ما يناسب الموضوع اكثر مني..
نهض طارق من خلف مكتبه وتوجه الى حيث مكتب وعد وقال متسائلا: في أي درج هم؟..
- لست اعلم..
فتح طارق الدرج الاول فلم يجد فيه غير عدد من الاوراق والمجلات.. فعاد
ليفتح الدرج الثاني وعثر فيه على مظروف يحوي الصور.. فتطلع الى الصور
باهتمام قبل ان يمنح احمد احدى الصور ويقول: امنحه هذه..
تسلم احمد الصورة ومنحها للموظف الذي غادر من فوره على عجل..حتى لا يتسبب
في تأخير طبع الجريدة..في حين اعاد طارق المظروف الى الدرج وكاد ان يغلقه
لولا ان لفت انتباهه ورقة ما.. كانت مطوية بشكل يوحي انها مرمية عن عمد
وانه لا حاجة لها..شعر بالفضول لمعرفة ما تحويه هذه الورقة المرمية باهمال
في هذا الدرج..ولكنه شعر بأن ذلك تعدي على خصوصيات الغير..بالاضافة الى
انه لا شأن له بوعد.. وسيعد موقفه سخيفا تجاهها لو علمت بقراءته للورقة
الخاصة بها..
ولكن.. يبدوا انها لا تهتم لامر هذه الورقة فهي قد قامت برميها باهمال
شديد دون ان تكترث لها..بالاضافة الى انه ربما تكون هذه الورقة تحوي
موضوعا جيدا كسابقه الذي رفضت نشره وتركته مهمل على مكتبها..
الفضول بالاضافة الى رغبة ما في داخله تحرضه الى قراءة الورقة.. وتبريره
ان هذه الورقة تحوي موضوعا ما.. كل هذه العوامل مجتمعة دفعته الى التقاط
تلك الورقة من الدرج..ووضعها في جيب سترته.. ومن ثم يغلق الدرج.. ليعود
مرة اخرى للجلوس خلف مكتبه..وذهنه منشغل بأمر هذه الورقة...
*********
توقف عماد بجوار سيارته وهو يشعر بشوق ولهفة شديدين.. وتطلع الى ساعته
للمرة العاشرة في ترقب منتظرا خروج ليلى من الشركة..الى الآن لا يعلم كيف
سيواجهها ..وكيف سيتحدث لها ..وعن ماذا سيخبرها..لكنه سيترك كل هذا الى
حينه.. فربما يحدث ما لا يتصوره.. ويكون لقاءهما بمثابة وسيلة ليبوح لها
بالقليل على الاقل بما يشعر به تجاهها..
مرت ربع ساعة تقريبا وهو ينتظرها دون ان تخرج.. ترى اين هي؟..هل لا تزال
تعمل الى الآن؟..ولم تأخرت ربع الساعة تقريبا؟..عاد ونظر الى مدخل
الشركة.. وقرر ان يذهب لها ليعلم سبب تأخرها..
دلف الى الشركة وتوجه الى قسم المصاعد وهناك استقل المصعد الى الطابق
الثاني حيث القسم الذي تعمل به ليلى.. وتردد قليلا قبل ان يخرج من
المصعد..ماذا سيقول لها عندما تسأله عن سبب مجيئه لها بالقسم؟.. لا ليست
هذه هي المشكلة.. انما المشكلة تكمن في نظرة الموظفين له او لها لو شاهدوه
يحضر الى القسم من اجل موظفة تعمل عنده.. لا يخشى من شيء اكثر من ان
يتحدثوا عن ليلى بسوء او يختلقوا الاشاعات.. ويظنوا ان توظيفها هنا كان
بسبب معرفته بها..
لكنه برغم كل هذا اكمل سيره.. سوف يتعلل بأي شيء لو شاهد احد الموظفين
بالقسم الذي تعمل به.. ثم ان الوقت قد تأخر بعض الشيء وأغلب الموظفين قد
غادروا المكان..
وصل اخيرا الى القسم الذي تعمل به فطرق الباب المفتوح بخفوت.. قبل ان
يتطلع الى كل زاوية بالقسم بحثا عن ليلى.. ووجدها تجلس وحيدة فيه خلف
مكتبها وهي منشغلة بقراءة احد الملفات ومراجعته باهتمام.. ويبدوا انها لم
تنتبه لطرقاته بسبب انشغالها.. فتوجه بهدوء لها وقال بخفوت حتى لا يزعجها:
ليلى.. لماذا لم تغادري الى الآن؟..
وعلى الرغم من خفوت صوته الى انها انتفضت بحدة ورفعت رأسها اليه وقالت بارتباك: متى جئت؟..وكيف دخلت الى هنا؟..
ابتسم عماد وقال بمرح: أهذا ما يقلقك بالأمر.. حسنا .. متى جئت ..قبل دقائق..وكيف دخلت ..عن طريق الباب..
ابتسمت ليلى بالرغم منها وقالت: اعني لم جئت؟..
قال عماد وهو يهز كتفيه: لقد تأخرت فقلقت عليك.. وجئت لأعلم ما سبب تأخرك
هذا..خصوصا ونحن متفقان على ان تقبلي دعوتي اليوم بعد انتهاء العمل..
قالت ليلى وهي تتنهد وترجع رأسها لمسند المقعد: هلا عذرتني من فضلك..
فلازال لدي عمل لم انتهي منه الى الآن.. واعدك بقبول دعوتك في يوم آخر..
جذب له مقعدا ليجلس عليه ومن ثم قال: وهل ستظلين طوال الوقت بالمكتب تعملين؟..
قالت وهي تهز كتفيها دلالة على الاستسلام: ما باليد حيلة..
قال بابتسامة واسعة: الا تحتاجين لمن يسليك؟..لابد انك ستشعرين بالضجر لوحدك..
تلعثمت ليلى وقالت وهي تشعر بالخجل: كلا شكرا لك.. يمكنك الانصراف..لا اريد ازعاجك معي..
قال عماد متسائلا: كم ملف ظل لك ولم تنهيه بعد؟..
قالت ليلى بحيرة: ربما ملفان .. لم؟..
- اذا سأنتظرك..
تطلعت له بدهشة ومن ثم قالت وهي غير مستوعبة لما يقول: ستنتظرني؟..اتعني ما تقول؟..
وضع كفيه خلف رأسه واسند رأسه لمسند المقعد ليقول: ولم لا؟..
قالت ليلى متلعثمة: ولكني سأأخرك عن اعمالك؟..
قال وابتسامة تتراقص على شفتيه: اية أعمال.. لقد انهيت عملي وكنت سأذهب
معك الى احد المطاعم كما اخبرتك هذا الصباح..لولا ان انشغلت بهذا العمل..
قالت معترضة: ولكن لا يمكنني ان ادعك تبقـ...
قال عماد مقاطعا وهو يتطلع لها بطرف عينيه: انهي اعمالك سريعا وكفي عن
حديثك هذا.. والا ارغمتني على البقاء معك لوقت اطول طوال فترة عملك..
تطلعت اليه مستغربة.. فضحك وقال: انا امزح.. لكن اسرعي بانهاء اعمالك حتى يتاح لنا وقت اكبر لنظل سويا..
قالت ليلى وهي تطرق برأسها خجلا: الا ترى انك تفعل الكثير لأجلي؟..وانا لا استحق أي شيء مما تفعله لي..
- بل اشعر انني مقصر كثيرا في حقك واتمنى لو استطيع فعل المزيد..
قالها وابتسم بحنان وهو يتطلع لها..في حين ارتجف جسد ليلى وهي تتطلع الى
نظراته لها.. والى ابتسامته الحانية التي يحملها على شفتيه..وعادت لتواصل
عملها.. ولكن بارتباك شديد هذه المرة.. فعقلها لم يكن معها..بل كان مع
عماد...
ترى هل ما اشعر به الآن هو ما يطلقون عليه اسم الحب يا ترى؟..
*********
شعر هشام بالغضب.. لا.. الغضب يعد امرا بسيطا على ما كان يشعر به لحظتها..
كان كالقنبلة الموقوتة.. المستعدة للانفجار في أي لحظة لو لامسها احدهم
..أخذ يذرع موقع البناء جيئة وذهابا.. حتى ان اغلب العمال لم يسلموا من
غضبه هذا.. فكان يصرخ على هذا لاتفه الاسباب ..ويعنف ذاك لمجرد خطأ
بسيط..حتى انهم شعروا ان هذا المهندس الذي امامهم ليس هشام بل شخص
يشبهه..ليس هشام الذي اعتادوا على طيبته وهدوءه وصبره..
لكن ما كان يشعر به هشام لحظتها يفوق حدود صبره واحتماله.. او حتى ان يبقى
هادئا.. وعد..اجل وعد.. انها لم تفكر حتى بالاتصال به او حتى معرفة ان كان
بخير او لا يزال على قيد الحياة منذ ثلاثة ايام من ذلك اليوم المشئوم.. هل
تكرهه ام لا ترغب في ان تواجهه ام ان لا شيء يدعوها للاتصال به.. ايفعل
هو؟.. لا .. يكفيه ما هدره من كرامة من اجلها.. انها لا تستحق.. على الرغم
من كل ما منحها اياه من حب وحنان واهتمام الا انها رفضت كل هذا.. وواجهته
بالحقيقة المرة وانه ليس سوى أخ في حياتها ..كيف يمكنه احتمال كل هذا..
اخبروه بالله عليكم..هل يستطيع احدكم احتمال ان يرى محبوبته امام ناظريه
ترفضه وتجرحه وتحطم قلبه؟.. هل يستطيع احدكم احتمال مثل هذا.. هل يستطيع؟..
والأسوأ من كل هذا انها ابنة عمه.. أي له ارتباط بها على الرغم من كل
شيء.. سيضطر لرؤيتها..وسيموت اكثر.. كلما شاهد نظراتها التي لا تحمل سوى
الاخوة له..ماذا يفعل؟.. ما الذي يستطيع ان يفعل لفتاة مثلها؟..على الاقل
حتى تشعر به.. او تشعر بكل ما يعانيه لاجلها..
تطلع حوله بهدوء مراقبا عمل عمال البناء.. ولمح احدهم قد سقطت منه النافذة
الزجاجية عن طريق الخطأ.. فقال العامل في سرعة وارتباك: معذرة يا سيد
هشام.. لقد سقطت مني عنوة..
استغرب هشام من العامل.. لاول مرة يشعر ان احدهم يخشاه .. وهو يكره مجرد
الشعور بمثل هذا وانه قد بات قاسيا في تصرفاته الى الحد الذي يجعل الغير
يهابه.. فتوجه الى النافذة الزجاجية وساعد العامل على حملها وقال بابتسامة
شاحبة: لا داعي للاعتذار فكلنا يمكن ان نكون في الموقف ذاته..
شاهد العامل يتطلع له بحيرة.. ومن ثم يومئ برأسه شاكرا ويبتعد عن هشام..
الذي قال محدثا نفسه: ( كل هذا بسببك يا وعد.. الى اين ستوصليني بما فعلته
بي؟.. لا استغرب ان اصبت بالجنون او فكرت بالانتحار مستقبلا بسببك.. لن
استغرب ذلك مطلقا.. لقد انتهى هشام يا وعد.. لقد مات.. وانت من قتله يا
وعد.. لا تنسي ذلك ابدا..)
************
فلنعد بالزمن للوراء قليلا فقبل ساعتين تقريبا وقي مبنى الصحيفة .. وبعد
ربع ساعة من مغادرة وعد للقسم..تنهد طارق بهدوء وهو يدخل كفه في جيبه
ويتحسس تلك الورقة التي التقطها من درج وعد.. وعد لم تعد حتى الآن من بعد
ان استدعاها المدير .. وهو لا يزال يشعر بخطأ فعلته فهل يعيد الورقة الى
مكانها؟.. ربما تشعر وعد بأنه قد أخذها ..او...
اسرع يبعد تلك الافكار عن رأسه ويخرج الورقة من جيبه ويفضها ببطء..ليقرأ
ما نحويه.. واتسعت عيناه بدهشة وذهول وهو يقرأ ما كتب..مجرد كلمات كان لها
الاثر الكبير والعميق في نفسه.. ان هذه الخاطرة تتحدث عنه لاشك في
هذا..(هل تذكرون تلك الخاطرة التي كتبتها وعد عن طارق بأحد الاجزاء
السابقة عندما شعرت بغرابته..والتي رمتها باهمال في احد ادراجها بعد ان
احست بسخف ما كتبته..لمن لا يذكر يستطيع مراجعة الاجزاء السابقة..)..المهم
الآن ان طارق يكاد يقسم ان كل كلمة تعنيه في هذه الخاطرة.. فهل كتبتها وعد
عنه حقا؟..ولم فعلت؟..
وجد نفسه يبتسم ابتسامة تحمل ما بين السعادة والحنان.. ويعيد تلك الورقة
الى جيبه.. ان وعد تفكر بي كما افكر بها انا.. انها مهتمة لامري.. كما
مهتم انا لأمرها.. لم يعد هناك مجالا للشك في ذلك..ولكن كيف ابدأ معها؟..
ثم انها لم تعلم تتمة حكاية مع مايا.. ربما اذا علمت بتتمتها تغير رأيها
عني ولا تلتفت لي بعد الآن..ستعلم يقينا ان مايا لا تزال في عقلي وربما
قلبي كذلك و...
ولكن لا.. مايا هي الماضي.. ووعد هي الحاضر ..سأخبرها بكل شيءعن مايا كما
قررت مسبقا لاعلم برأيها النهائي عني .. ولتعلم انني لم احاول اخفاء أي
امر عنها ..وانها قد باتت انسانة مهمة في حياتي...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:34 am

* الجزء التاسع عشر*
(ماذا تعني بكلماتها؟)


دلفت وعد الى القسم وهي تتنهد.. وتوجهت لتجلس خلف مكتبهابهدوء.. فتسائل أحمد قائلا:لم استدعاك المدير؟..
التفتت له وعد وقالت: لقد تحدث الي بشأن موضوعي وانه ربما يحدث بعض
المشكلات.. واخبرني انه سيوافق عليه على ان اتحمل انا تلك المشكلات..
سألها طارق في هذه المرة قائلا: وبماذا اجبته؟..
هزت وعد كتفيها وقالت: بالتأكيد وافقت..هل ارفض فرصة نشر موضوع كهذا من اجل بضع مشكلات..
ابتسم طارق بهدوء وقال: جيد انك لم ترفضي..
وظل يتأملها لوهلة قبل ان يلتفت عنها ويعود لممارسة عمله وكلمات خاطرتها
لا تكاد تبارح ذهنه.. (" برودك يغيظني..تجاهلك يثير حيرتي..أخبرني اي شخص
هو أنت ..لا ..بل من أنت؟..لم اشعر بكل هذا الاهتمام؟ ..وأنت لا ترفع رأسك
وتنظر الى الأمام ..إلي..انظر إلي ..حقاً أريد أن أراك..أريد أن اعلم أي
شخص هو أنت ..برود وصمت..ام اهتمام خلف قناع من ثلج؟..أحقا تشعر كباقي
البشر..أم بت صلبا كالصخر..بالله عليك كرهت هذا الصمت..تحدث واخبرني ...من
أنت؟..")
كل كلمة من هذه الكلمات تعود لتدوي في ذهنه.. لتمنعه من مواصلة عمله..
ورمى بالقلم بهدوء ليتأمل ملامحها الجميلة ويهمس لنفسه قائلا: (ماذا فعلت
بي يا وعد؟.. مجرد كلمات اجبرتني على التفكير بك طوال الوقت.. على ان تظل
صورتك محفورة في ذهني..لقد بدأت اعتاد حياتي هذه ..فلم جئت الآن؟..لا اريد
ان يعود قلبي للنبض مرة اخرى..لقد احطت مشاعري منذ سنين بجبال من الجليد..
فكيف في ايام فقط استطعت ان تذيبي منها الكثير.. اشعر اني قد بدأت اعود
الى شخصي الاول..الى طارق الذي فارقته منذ ثمان سنين..طارق المتفاؤل..
المرح.. الذي ينظر الى الحياة بنظرة سعيدة..الذي كان يمنح الحياة كل شي
دون ان يطلب منها سوى سعادته.. لم يرغب في حياته بشيء غير ان يشعر بأن
احلامه ستتحقق في يوم.. احلامه التي عاش سنتين لأجلها.. ولكن ...
وكأن الحياة تبخل عليه مجرد الشعور بالسعادة.. حطمت احلامه.. قتلت
أمنياته.. جرعته كأس المرارة لسنين طويلة..وكأن ليس من حقه ان يبتسم فقد
ابتسم بما فيه الكفاية..
وعاد ليتطلع لوعد ويهمس لنفسه من جديد قائلا: ( ولكن هاهي ذي وعد
أمامي..ربما ارسلها لي القدر لتعود السعادة الى حياتي الآن..لأطوي صفحة
الآلام الى الابد.. وابدأ من جديد..ترى هل انا محق؟.. هل اترك قلبي
لوعد؟.. ام اتجاهل مشاعري واقبل بالحياة التي اعتدت عليها منذ سنين..
لماذا دخلت الى حياتي الآن يا وعد؟.. ألتبعثي في نفسي كل هذه الحيرة
وتعيدي الي آلام الماضي..ام لكي تمنحيني بصيص امل اكمل به طريقي.. لو
تعلمين يا وعد..فقط لو تعلمين انني لم اعد استطيع الابتعاد عنك مطلقا..
ربما تندهشين.. تستغربين.. ولكنها الحقيقة.. لقد بات قلبي ينبض لأجلك..
اجل لأجلك انت.. هل بت تشعرين بي؟.. وبـ....
جاءه صوت وعد لتنتشله من افكاره وهي تقول: واخيرا حانت نصف ساعة الاستراحة..
رفع طارق حاجبيه للحظة وغمغم لنفسه قائلا: (هل غرقت في التفكير لكل هذا الوقت؟)
ووجد وعد تلتفت اليه وتقول بابتسامة عذبة: ألن ننهض؟..
أومأ لها طارق برأسه بهدوء وهو يقول : بلى..
نهضت من خلف مكتبها وقالت بحماس: لا زلت متشوقة لمغرفة تتمة حكايتك مع مايا..
قال طارق بهدوء: سأكملها لك اليوم اذا حصلت على الوقت الكافي..
وسارت برفقته الى حيث الكافتيريا .. وقال طارق بهدوء: اريد ان اخبرك انك
ستواجهين الكثير من المصاعب في عملك هذا.. وخصوصا اذا كان الموضوع يتعلق
بشخص ما مسئول في الدولة.. والصحفي الحقيقي فقط هو الذي يمكنه مواجهة مثل
هذه الامور..
واردف وهو يلتفت لها: لا تستغربي ان قلت لك انه ربما تتعرضين للفصل من
العمل بسبب مجرد موضوع قمت بكتابته .. او ربما يتم ايقافك عن العمل لمدة
معينة.. هذا بالاضافة الى الخصم من الراتب.. ما اريده منك يا وعد.. ان لا
تلتفتي لكل هذا.. مادمت تؤمنين بصدق ما تكتبين وبأثره على اصلاح وتقدم
المجتمع.. تحلي بالجرأة والشجاعة .. وواجهي الجميع لتثبتي وتبيني لهم انك
على حق.. وهم على باطل.. مادمت تعملين من اجل هدف نبيل..
تطلعت اليه وعد باعجاب ومن ثم سألته قائلة: أخبرني.. هل تعرضت انت لمثل هذا؟..
قا لطارق بهدوء: كثيرا.. فكثيرا ما تم الخصم من راتبي.. وكثيرا ما اوقفت عن العمل لفترة..
تطلعت اليه بحيرة: ولا زلت مستمرا فيما تكتب من موضوعات تنتقد المسئولين..
قال طارق بحزم: واكثر من هذا.. مادمت ارى الخطأ امام عيني.. فلم اصمت؟..هل
انا اصم ام اخرس.. لم جئت للعمل في مجال الصحافة اذا.. ان كنت سأصمت عن
الخطأ؟..

قالت وعد وهي تغمز بعينها: اخشى ان يتحول عملك يوما في الصحيفة الى عمل تطوعي اذا استمر الخصم من راتبك..
قال طارق مبتسما: لا تقلقي.. هناك حد معين لا يمكنه الخصم بما يفوقه..
قالت وعد وهي تتطلع الى طارق باعجاب: ولكنك على حق..فلا يهمني ان تم طردي
من هذه الصحيفة يوما.. ما يهمني هو ان اعبر برأيي بكل حرية في هذا المجتمع
وان استطيع توصيل هذه الاخطاء للناس..
قال طارق بابتسامة: تعجبني جرأتك..
خفق قلب وعد لاطراءه لها وابتسمت بدورها وقالت: وتعجبني انا طريقة تفكيرك..
واردفت بمرح: ولكن ليس دائما..
اتسعت ابتسامة طارق وهو يدلف برفقتها الى الكافتيريا ويذهب لشراء بعض
الاعطمة له ولها.. قبل ان يعود ليجلس برفق وعد حول احدى الطاولات.. وقالت
هي وهي ترتشف قليلا من كوب الشاي: هيا انا بشوق لسماعك ..كلي آذان صاغية..
صمت طارق قليلا ومن ثم قال: اظن انك لا تزالين تذكرين ان آخر ما رويته لك كان بخصوص تدريبها على ركوب الخيل .. اليس كذلك؟...
أومأت وعد برأسها ايجابيا فأردف طارق قائلا: حسنا.. لقد صعدت مايا آنذاك
على ظهر الحصان وهي تشعر بالخوف والتوتر وتطلعت الي لفترة قبل ان تزدرد
لعابها وتقول: ولكني اشعر بالخوف قليلا..
تطلعت اليها وقالت وانا امسك اللجام: لا تخشي شيئا وانا معك..
عادت لتزدرد لعابها وتقول: انها اول مرة اركب فيها حصانا.. اشعر انني ارتجف..
قلت بهدوء وانا التفت لها: لا تتوتري والا شعر الحصان بذلك..ورفض التحرك وربما تمرد ايضا..
قالت مايا بصوت مرتبك: انت تخيفني هكذا اكثر..
قلت وانا اشير بسبابتي: بل احاول تنبيهك الى بعض الامور قبل ان نبدأ..
وابتسمت لاقول مردفا: هل انت جاهزة الآن؟..
أومأت برأسها بتوتر..فأخذت أحرك الحصان بخطوات بطيئة.. واتطلع اليها بين
الفينة والاخرى..والى القلق الذي يكتسي ملامحها ومن ثم قلت مبتسما وانا
اسلمها اللجام: والآن حاولي قيادته وحدك..
تطلعت الي بدهشة وهتفت قائلة: ماذا تقول؟..هل تظنني قد جننت حتى اقود حصان لوحدي؟..
غمزت بعيني لها وقلت: هذا لايسمى جنونا بل تدريبا على ركوب الخيل..
واردفت بابتسامة مشجعة وانا اقدم لها اللجام: هيا حاولي لوحدك.. ستجدين الامر سهلا صدقيني..
ترددت وقالت بخوف: ولكن...
جذبت احدى كفيها لاناولها اللجام وقلت بابتسامة حانية: ستفعلينها يا مايا .. صدقيني.. انت قادرة على ذلك..
رأيت الارتباك يبدوا واضحا من ملامحها من مسكة يدي لكفها.. فتركت كفها وقلت: هيا يا مايا..
أومأـ برأسها..والتقطت نفسا عميقا..قبل ان تحاول تحريك الحصان.. فقلت لها: اضربيه بحذائك بخفة..
قالت بشحوب: لن يتحرك.. فالأهبط من على ظهره افضل لي..
- بل ستكملين..هيا لا تستسلمي بهذه السرعة..
فعلت كما طلبت منها ولكن الحصان لم يتحرك فطلبت منها ان تفعل ذلك بقوة
اكبر.. وهنا تحرك الجواد.. وشاهدتها تبتسم ابتسامة متوترة وتقول: لقد تحرك
حقا..
اومأت برأسي وقلت مشجعا: هيا اكملي..
قالت بسعادة: لأول مرة اشعر بأناحدى امنياتي قد تحققت بالفعل .. اشعر
ببشيء غريب وانا ارى فسي امتطي جوادا كما تمنيت دوما..انه لشعور رائع يا
طارق.. اشعر وكأنني احلق بالهواء و....
وتوقفت بغتة عن مواصلة الحديث ..لا اعلم ما الذي اوقفها عن مواصلة كلماتها
السعيدة المفعمة بالحياة والامل..والتفت لها لأعرف السبب.. وهنا فقط شاهدت
الشحوب يكتسي وجهها فاسرعت اوقف الجواد وانا اسألها قائلا: ماذا بك؟؟..
عضت على شفتيها بألم وقالت مكابرة: لا شيء.. انا بخير..
قلت وانا اعقد حاجبي: اخبريني الصدق يا مايا..ما الذي حدث لك فجأة؟..
ازدادت علامات الألم على وجهها وقالت بصوت خفيض بالرغم منها: اريد ان اهبط من على ظهر الجواد..
تملكني الخوف بغتة.. انها اول مرة اراها فيها على مثل هذه الحالة من
الشحوب والالم هل تعاني من شيء ما.. او من مرض ما.. او انه شعورها بالخوف
؟.. واتجهت اليها في سرعة لامد لها يدي واقول: سأساعدك..هيا اهبطي..
لم تعترض وهذا ما ادهشني.. هذا يعني انها لا تستطيع حتى الاعتراض.. امسكت
بكفي وهبطت بمعاونتي من على ظهر الجواد.. ولمحت بوضوح اكبر في تلك اللحظة
ملامح الالم البادية على وجهها فقلت بقلق وتوتر: مايا اخبريني ماذا بك؟؟
التقطت مايا نفسا عميقا.. شعرت معه انها تحاول ملء رئتيها بالهواء الذي
اخذ ينفذ من رئتيها..وهذا يعني انها تشعر بالاختناق في هذه اللحظة او
بالالم الشديد.. وقالت بصوت ضعيف: لا شيء يا طارق...لا شيء..
امسكت بكتفيها وصحت بحدة: لا تكذبي.. اخبريني الصدق.. انت تكادين تصيبيني بالجنون باخفائك مثل هذا الامر عني..
تطلعت الي بنظرة لم افهم معناها.. ومن ثم قالت بصوت خافت للغاية حتى انني بالكاد كنت اسمعه: طارق..دعك مني..انا لن احيا...طويلا..
اردت ان اسألها عن معنى ما قالته.. عن معنى هذه القنبلة التي فجرتها في
وجهي بكلماتها.. عن معنى هذا الكلام الاحمق الذي نطقت به منذ ثوان.. ولكني
لم استطع فلقد تهاوت بين ذراعي فاقدة للوعي....
لم اعلم ماذا افعل فقد تملكني الرعب والفزع الشديدين وشلاّ اطرافي
وتفكيري.. مانعاني من فعل أي شيء للسيطرة على مثل هذا الموقف وانا أكاد
اسمع ضربات قلبي التي أخذت تنبض بسرعة وخوف..ولكني وجدت نفسي اصرخ طالبا
النجدة .. ووجدت عدد من زملاء النادي جاؤوا لمعاونتي..لا اعلم ماذا حدث
لحظتها.. لقد كنت مشتت العقل تماما..لم أكن ارى أمامي سوى ضباب كثيف أخذ
يحجب عني الرؤية تدريجيا ..وأخيرا تم نقل مايا الى قسم صغير للطوارئ
بالنادي..
تستطعين القول ان هذا اصعب موقف مررت به في حياتي.. وأنا ارى مايا فاقدة
الوعي تماما وبصعوبة اراها تتنفس..والتف حول فراشها في تلك الغرفة الصغيرة
التي تم نقلها اليها بالقسم الطبي..عدد بسيط من الاطباء لا يتعدون
ثلاثة..وعدد من الممرضات.. ومنعا الجميع من الدخول.. ووجدت نفسي اهتف
بانفعال في وجه احدى الممرضات: ابتعدي عن طريقي اريد ان اراها..ليس من حقك
منعي..
قالت الممرضة بحزم: ارجوك يا سيد..هذه هي اوامر الاطباء.. سيتم فحصها وبعدها يمكنك الدخول..
قلت بعصبية: فلتذهب اوامرهم الى الجحيم اتفهمين.. اريد رؤيتها الآن..
قالت الممرضة بهدوء: سيدي انك تعطلنا عن عملنا هكذا.. ارجوك انتظر قليلا..
كدت ان استمر في انفعالي لولا ان شعرت بأحد الزملاء يقترب مني ويقول وهو
يضع كفه على كتفي: اهدئ يا طارق قليلا.. ودعهم يمارسون عملهم.. مايا عزيزة
علينا جميعا .. والجميع يرغب في رؤيتها.. ولكن من أجلها سننتظر.. أليس
كذلك يا طارق؟..
التفت نحوه وقلت بحدة: لن انتظر لحظة واحدة اكثر من هذا.. اعصابي تكاد
تتحطم وأنا لا اعرف ماذا بها.. وما الذي اصابها فجأة.. لا افهم معنى تلك
الكلمات الحمقاء التي نطقتها قبل ان تفقد الوعي..
تطلع الي زميلي بحيرة وقال: أي كلمات؟..
كدت ان أخبره.. لكن لساني ظل عاجزا عن اعادة نطقها .. وكأن قولها قد يصيب
شيء من الحقيقة.. وهذا ما أخشاه ..وارفض تصديقه.. ووجدت نفسي ابتعد بخطوات
بسيطة عن غرفتها.. وارمي نفسي على أحد المقاعد بانهيار.. ان ما يصيبني
الآن اكبر من ان أتحمله.. ان اعصابي تكاد تتلف وانا انتظر في لهفة وقلق
خروج أحد الاطباء ليخبرنا بما حدث لمايا...
توقف طارق عن السرد للحظة.. وبدا عليه ان عاد لتلك اللحظة وانه يراها الآن
امام عينيه..والتقط نفسا عميقا محاولا السيطرة على مشاعره ومن ثم قال:
وأخيرا خرج أحد الاطباء من تلك الغرفة.. ولم اكد المحه حتى اسرعت اليه
وقلت بتوتر: طمئنا على مايا يا ايها الطبيب..
قال الطبيب بهدوء: هذه اعراض طبيعية واظن انه لا داعي لكل هذا الخوف..
فمرضى القلب يعانون من هذه الحالات بين فترة واخرى عند شعورهم بالخوف او
التوتر الشديد واظن...
قاطعته كالمصعوق : مرضى القلب؟؟..اي هراء تتفوه به يا هذا.. ان مايا بخير وليست مصابة بأي شيء..
قال الطبيب بهدوء من اعتاد مثل هذه الأمور: انه مرض وراثي لديها على ما
اظن.. وهي تتعالج منه منذ فترة.. واظن انها تدرك مثل هذه الاعراض التي
تصيبها اثر مرض قلبها..
اتسعت عيناي عن آخرهما وانا احاول استيعاب أي كلمة مما نطق.. وانا احاول
ان اقنع نفسي ان هذا ليس سوى كابوسا سأستيقظ منه بعد قليل.. اذا هذا ما
كانت تعنيه بكلماتها .. انها مريضة بالقلب.. وشبح الموت سيظل يطاردها الى
الابد .. سيكون الخوف من هذا المصير هو صاحبها في كل لحظة..
لم اشعر بنفسي الا وانا اندفع الى داخل غرفتها واسرع الى جوار فراشها
لاتطلع اليها.. كانت تبدوا كالملاك وهي مغمضة العينين..بريئة الملامح..
ساكنة الاطراف..وشعرت بغصة مريرة تملأ حلقي .. وأنا اتخيل ان تكون مثل هذه
الانسانة الرائعة مريضة بالقلب.. كيف يستطيع المرء تصديق ان هذا الجمال
النائم سينتهي يوما ما..
حاولت تمالك نفسي لكن قدماي لم تعودا قادرتان على حملي فتهاويت على أحد
المقاعد وأنا اتطلع الى وجهها بيأس كبير ..لماذا القدر لا يمنحني السعادة
الذي تمنيت؟..اليس من حقي ان اكون سعيدا مثل بقية الناس؟.. هل عندما احببت
وتملكت فتاة قلبي ارى هذا المصير المرعب ينتظرنا سويا.. ماذا فعلت لأشعر
بكل هذا؟.. هل اخطأت عندما أحببت فتاة ما وتمنيتها لتكون شريكة لحياتي؟..
هل هذه جريمة ارتكبتها؟.. ام ان...
وتوقف عقلي عن التفكير.. لم استطع ان اتحمل المزيدمن هذه الآلام والا
سأنهار..ان لم يكن الانهيار قد اصابني وقتها بالفعل .. رأيت عددا من
الزملاءوالزميلات يدلفون الى الداخل ويتطلعون الى مايا بهدوء..يخفي
احاسيسهم..ان الجميع يدفن بداخله حزن عميق لهذه الانسانة الرائعة التي
كانت ولا تزال احدى اروع فتيات جامعتنا.. اسرت الجميع بطيبتها.. بمرحها
..باخلاقها.. برقتها وبغرورها احيانا.. اسرت قلبي ببرائتها..بشخصيتها
وبأحلامها البسيطة.. وفي تلك اللحظة شاهدت احدى الزميلات تخفي فمها بكفها
وهي تطلع الى مايا .. ولم تستطع الاحتمال اكثر.. فسالت دموعها على وجنتيها
في الم وهي تحاول التماسك دون فائدة.. وقال احد الزملاء متحدثا لها: لا
داعي للبكاء.. ان مايا بخير..
قالت وهي تتطلع اليه بعينان مغرورقتان بالدموع: لماذا لم تخبرنا مايا بهذا
الامر؟..لماذا اخفته عنا؟..اريد ان اعلم..هل تظن انها لن تبقى عزيزة علينا
لو اخبرتنا بحقيقة مرضها؟..
اجابها زميل آخر بهدوء: ان الامر اصعب مما تتصورين.. من الصعب على شخص ما
ان يعبر عن مثل هذه الحقيقة للآخرين.. سيشعر وانهم سينظرون اليه دائما
بشفقة وعطف.. وانه لا يربطه بهم سوى الشفقة لحاله لا شخصه هو..
لم تتوقف الدموع عن الانهمار من عيني تلك الزميلة.. وتبعتها زميلة اخرى ..
وقال احد الزملاء لتدارك الموقف: انتن تزعجونها هكذا.. اما ان تصمتن او
نخرجكن من الغرفة..
قالها بمرح مفتعل..في حين قالت احداهن: حتى التعبير عن المشاعر اصبح ممنوعا هذه الايام..
قال مبتسما بشحوب: اسمعوني جيدا.. سوف نبقى قليلا هنا ومن ثم نغادر جميعنا لندعها ترتاح.. اتفقنا..
كنت معهم بنصف عقل.. بنصف تفكير.. لم اكن استمع الى ما كانوا يقولونه
بعدها الا لكلمات متفرقة.. لقد كانت انظاري معلقة بمايا طوال الوقت..
وجسدي هو الموجود بينهم فقط.. فعقلي وقلبي كانا مع مايا.. يرافقناها في كل
لحظة في عالم احلامها.. تمنيت ان أخترق احلامها لأعلم بمن تفكر.. بمن تحلم
في هذه اللحظة..
وايقظني من افكاري صوت أحد الزملاء وهو يقول لي: هيا يا طارق فلنغادر وندعها ترتاح.. سوف نأتي مرة اخرى لرؤيتها فيما بعد..
هززت رأسي نفيا وقلت: سأبقى معها ولن اغادر..
- وماذا سيفيد بقاءك معها؟..
- اريد ان اظل الى جوارها..
واردفت مبررا: فماذا لو نهضت ولم تجد أحد معها..ربما تحتاج الى شيء ما حينها ..
قال زميلي بهدوء: انها ليست طفلة.. ولابد انها قد اعتادت مثل هذه الامور..وكيف تتصرف لوحدها بالمشفى و..
رمقته بنظرة صارمة.. اصمتته وارغمته على عدم مواصلة حديثه.. فقال بارتباك:
معذرة لم اقصد ما فهمته.. اعني انها تعرف كيف تتصرف لوحدها.. دعها لترتاح
يا طارق وسنأتي جميعا لرؤيتها بعد قليل..
قال طارق باصرار: قلت لا.. ان كنتم تريدون المغادرة فغادروا لن امنع احدكم..
- لكن يا طارق سـ...
قاطعه زميل آخر قائلا: دعه وشأنه..ان كان يريد البقاء فليبقى معها..
واردف بخبث: فيبدوا انها غالية عليه بأكثر مما كنا نتصور..
تطلعت الى زميلي بصمت دون ان اعقب بشيء..لم اعترض؟.. لم ابرر؟.. لم افعل
هذا؟..انني احب مايا حقا..احبها بكل مشاعري.. فهل افعل ما هو خطأ؟.. لست
اخدعها او اكذب عليها .. انني مستعد للزواج بها اليوم قبل الغد ..لكن هل
ستوافق هي؟.. هل ستوافق ان علمت انني قد علمت بأمر مرضها هذا؟.. ستظن انها
شفقة او عطف مني.. لكن لا.. لن اسمح لها بأن تظن بي مثل هذا الظن.. انا
احبها .. احبها ..ومستعد لفعل أي شيء لأجلها..لتعلم كم هي غالية بالنسبة
لي..
لم اشعر بزملائي وهم يغادرون المكان..بصراحة لم اكن اشعر بشيء مما حولي
مطلقا.. كانت ابصاري معلقة بمايا وهي ممدة على الفراش وشعرها الاسود
الطويل يجيط بوجهها بنعومة.. بعكس بشرتها البيضاء الناصعة..ليخلق مشهد
اجمل فتاة رأيتها في حياتي.. اكاد اسمع صوت ضربات قلبها.. والغرفة تخلوا
من أي صوت أخر سوى صوت جهاز ضربات القلب الذي يستمر بالرنين في كل ثانية..
وانفاسها الهادئة تدل على نومها العميق..
وابتسمت بمرارة بالرغم مني.. كيف لي ان احتمل مثل هذه الفكرة .. ان مايا مريضة بالقلب.. وانها...
لكن لم اليأس.. لم؟..ان الله عز وجل قادر على كل شيء.. وقلت هامسا لتفسي:
( يا رب.. ابقي مايا لنا يا رب.. اشفها من مرضها..اسألك يارب العالمين..
اسألك وانت لا ترد سؤال الداعي اذا دعاك..ارحمنا برحمتك يا رب العالمين)..
لم اعلم كم مر من الوقت بعدها.. ساعة .. يوم.. اسبوع.. عام..لست اعلم..
كنت اشعر بكل ثانية تمر.. اشبه بالساعة.. لهذا لست اعلم كم قظيت في تلك
الغرفة من الوقت..وتوقفت عقارب الساعة كلها فجأة .. اظن ان هذا ما حدث
وقتها..وانا اسمع ذلك الصوت الخافت الذي همس: طارق..
تطلعت اليها بدهشة ومن ثم لم البث ان ابتسمت بحنان وانا اقترب منها قائلا: حمدلله على السلامة..
قالت بشحوب: اين انا؟..
جذبت مقعدا لي وجلست عليه وانا اقول: بقسم للرعاية الطبية بالنادي..
رأيت عيناها تتسعان بغتة.. وتمتمت بصوت مرتجف: اذا فقد عرفت..
امسكت بكفها لأقول بحب: عرفت ماذا؟..
تطلعت الى كفي الممسكة بكفها للحظة قبل ان تقول بمرارة: انني مريضة ولن احيا طويلا..
قلت مبتسما: وما ادراك؟.. هل تعرفين الغيب؟..
قالت وهي تشيح بوجهها بألم: لا.. ولكنه الواقع الذي علي ان اتقبله.. اعرف ان مرضي هذا لا شفاء منه.. وان نهايته هي الموت..
قلت محاولا تهدئتها: لا تقولي هذا .. من يدري .. هناك اشخاص اصحاء لا
يعيشون لأكثر من عشرون عاما.. بينما يعيش اشخاص فقدوا الامل بالحياة لأكثر
من ستون عاما..
لمحت الدموع تترقرق في عينيها وقالت: اتحاول ان تمنحني بعض الامل.. أعلم انني سأموت قريبا..
عقدت حاجبي وقلت: من يدري ربما اموت انا بعد لحظات من الآن..
قالت مايا باستنكار: لا تقل هذا..
قلت وانا اتطلع اليها بحنان: وانت ايضا لا تقولي مثل هذا الكلام التافه مرة اخرى.. لا تفقدي الامل يا مايا.. اتعدينني؟..
اومأت برأسها ومن ثم ضغطت على كفي الممسكة بكفها بحنان وقالت بصوت هامس ودافئ: اعدك..
************
تطلع عماد بابتسامة واسعة الى ليلى التي انتهت من عملها أخيرا.. وقال: وأخيرا.. لقد كدت ان انام..
قالت ليلى مبتسمة: لم يطلب احد منك انتظاري.. انت من فعل..
- الا ترين انه من الواجب عليك شكري بعد ساعة كاملة من الانتظار..
قالت ليلى مداعبة: ربما كان من الواجب علي لو انني انا من طلبت منك الانتظار معي..
قال عماد وهو ينهض من على مقعده: حسنا لا بأس في المرة القادمة انت من سيطلب بقائي معك..
قالت ليلى مبتسمة: من قال هذا؟..
غمز لها عماد بعينه وقال: سنرى.. والايام بيننا..
واردف بهدوء: هيا لنغادر الآن..
اومأت ليلى برأسها وهي تنهض من خلف مكتبها وتسير الى جواره.. الى ان وصلا
الى مواقف السيارات.. وهناك سألته ليلى قائلة:الى أي مطعم سنذهب؟..
قال عماد مبتسما: انها مفاجآة ..
قالت ليلى بحيرة : ولكن هكذا لن استطيع ان اتبعك بسيارتي..
قال عماد وهو يفتح باب السيارة المجاور له: هل تسمحين اذا ان اوصلك انا الى هناك؟..
ظهر التردد جليا على وجهها فقال عماد بابتسامة حانية: الا تثقين بي؟..
تطلعت له ليلى ومن ثم قالت وهي تلمح ابتسامته الحانية: على العكس.. انت اكثر الشباب نبلا على وجه الارض بالنسبة لي..
ابتسم عماد وقال: اشكرك.. ان كلماتك هذه تسعدني..
ابتسمت ليلى واقتربت من سيارته بهدوء لتدلف اليها .. ويدلف عماد بدوره على مقعد القيادة وينطلق بالسيارة ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:35 am

*الجزء العشرون*
(هل هي النهاية؟)


قال طارق وهو يكمل سرده
للحكاية: تستطيعين ان تقولي ان ماحدث بعدها اشياء عادية جدا.. لم يؤثر
مرضها كثيرا على علاقتها بي او بالآخرين.. ولكني شعرت بأنها تحبني بحق
..لأول مرة اعلم بحقيقة مشاعرها وانها قد بادلتني المشاعر أخيرا.. لابد
وانك تتسائلين كيف عرفت بحبها لي.. لقد بدأت اشعر باهتمامها الكبير تحوي..
بحنانها.. بلهفتها وشوقها كلما رأتني.. لم يكن هناك ما يفسر تصرفاتها..
الا انها قد بادلتني المشاعر أخيرا...

وجاء ذلك اليوم..كان يوما عاديا
كأي يوم قد مر علينا جميعا.. نهضت صباحا لأذهب الى الجامعة ولم انس ان
اتوجه الى زملائي لالقي التحية عليهم.. وعلى مايا خصوصا ..ورأيتهم جميعا
جالسين حول احدى الطاولات بالكافتيرا ..فقلت بابتسامة مرحة: صباح الخير
جميعا.. الا تكفون عن تناول الطعام ابدا؟..

قال أحدهم بخبث: ليس نحن.. انها مايا من اقترحت هذه الفكرة..
اشارت مايا الى نفسها وقالت باستنكار: انا؟؟..
اما انا فقلت: هذا يثبت لي انك انت صاحب هذه الفكرة..
ضحكنا جميعا في مرح..هذه هي
حياتنا اليومية.. ابتسامة .. وفرح.. والم نخفيه في اعماقنا بعيدا عن انظار
مايا..لم نستطع ان نتعايش مع مرضها بهذه البساطة ولكن مع هذا لم نحاول
تغيير أي شيء.. على العكس لقد ازدادت لقاءاتنا.. وظننا اننا سنودع هذا
المرض اللعين الى الابد.. وانه لا مكان له وسط كل هذه السعادة التي تعلوا
وجوهنا..

ولكن..الواقع المرير كان اقوى
منا جميعا.. ولا احد يستطيع منع القدر.. فبعد ان انتهت محاضرتي في ذلك
اليوم رأيت احد الزملاء يسرع نحوي وهو يقول لي بصوت لاهث: طارق..
مايا..فقدت الوعي..

اتسعت عيناي برعب وقلت وقد سيطر التوتر على كياني بأكمله: وأين هي الآن؟..
- بالقسم الطبي..
اسرعت الى جواره هابطين السلالم
الى الطابق الاول حيث القسم الطبي بالجامعة.. وسمعته يقول لي حينها: لقد
اخبرتني احدى زميلاتها.. بأنها كانت تشعر بتعب بسيط ورفضت الذهاب الى
القسم الطبي في حينها..وأصرت على مواصلة بقية المحاضرة.. الى ان شعرت بألم
فجأة ليجدوها قد أخذت تأن معبرة عن الامها.. وتفقد الوعي بعدها مياشرة..

ازدردت لعابي محاولا السيطرة
على خوفي..ان هذا يعني ان آلامها اكبر من ان تتحملها..يا الهي.. ابقي لي
مايا ارجوك.. هذا ما اخذت اتمتم به طوال الطريق الى ان وصلت الى القسم
الطبي وكدت ان افتح الباب لولا ان خرجت احدى زميلاتي من الداخل بغتة
ودموعها تسيل على وجنتيها.. لم احتمل اكثر فهتفت بها في انفعال: ماذاحدث
لمايا؟..ماذا حدث لها؟..

شهقت بألم ومن ثم قالت بصوت متحشرج: انها تطلب رؤيتك..وقد طلبت مني قائلة: استدعي لي طارق على الفور فهذه آخر مرة اراه فيها..
قلت وقلبي يخفق بعنف: أي هراء تتفوه به؟..
قالت زميلتي برجاء: اذهب لها ارجوك.. انني اشعر بأنها تعني ما تقول..
ابعدتها عن طريقي يخشونة وقلت: لا تتفوهي بمثل هذه الكلام مرة أخرى.. لا اريد سماعه مطلقا.. اتفهمين؟..
وتوجهت الى حيث ترقد مايا على
ذلك الفراش الابيض.. ورأيتها تبتسم.. وهذا ما اذهلني.. كانت تجمع قواها
كلها في هذه الابتسامة الشاحبة وتقول: وأخيرا حضرت يا طارق .. كنت انتظرك
قبل ان ارحل ولا اراك مرة أخرى..

قلت وانا اجثوا على ركبتي بجوارها: ارجوك لا تتفوهي بمثل هذا.. انت ستعيشين وسنحقق امنياتنا معا..
قالت بشرود: وسوف تدربني مرة اخرى على ركوب الخيل.. اليس كذلك؟..
امسكت بكفها بحنان وقلت بصوت مختنق: بالتأكيد.. وسنظل معا الى الابد..
تطلعت الي وقالت بهمس: لا اعلم كيف اشكرك.. انت انسان رائع يا طارق واروع مما كنت اتصور..
قلت بشحوب: بل انت الرائعة يا مايا..انت كالملاك الرقيق في تصرفاته.. في كلماته.. انت كل شيء لي يا مايا ..كل شيء ..
قالت وهي تتطلع الى نقطة مبهمة
في السقف: اتعلم؟.. لم اكن اتصور يوما ان يخفق قلبي لشخص ما.. او انني
اشعر بالحب.. لقد كنت اظن ان هذه الامور لا توجد الا في الروايات ولا وجود
لها على ارض الواقع..

واردفت وهي تتطلع الي بنظرة
حالمة: ولكن ها انذا اشعر بها.. كل خلية من جسمي تشهد بهذا الحب الذي اخذ
يسري في عروقي.. لقد نبض قلبي المريض يا طارق بالحب.. نبض لك انت..

شعرت بغصة مريرة تملأ حلقي..
وحاولت النطق بأي حرف.. فهذه الكلمات التي اردت سماعهامنها يوما..تنطقها
في اصعب موقف تمر به.. تعترف بحبها لي.. وهي تكاد ترى شبح الموت امام
ناظريها ينتظرها ليسلبها الروح.. وقلت بصوت مختنق طهرت منه الكلمات
بصعوبة: مايا..هل تدركين؟..انني احببت انا ايضا..احببت فتاة رائعة.. جميلة
..بريئة.. رقيقة..كالملاك في اخلاقها وتصرفاتها..فتاة لا اتخيلها الا ان
تكون شريكة حياتي الابدية.. انها فتاتي الرائعة... انها أنت يا مايا..احبك
بكل قطرة في دمي.. واتمنى ان اكون قد استطعت منخك من الحب والامان والحنان
ما يوفي حقك..

عادت مايا لتبتسم بشحوب وتقول
بصوت متعب:كلماتك هذه تكفيني.. تشعني بأني في امان دائما ما دمت معي بقلبك
وبروحك .. ستظل دائما معي يا طارق حتى ولو انتقلت الى العالم الآخر..

ترقرقت الدموع في عيني بالرغم
مني..لم استطع الا ان ازدرد لعابي لامنعها من الهبوط على وجنتي.. وقلت
لحظتها وانا امسح على شعرها الاسود الناعم بحب وحنان: انت دائما وابدا في
قلبي يا مايا.. سنكون معا.. وسنتخرج سويا من الجامعة لنعمل في احدى الصحف
ونكون افضل صحفيين في هذه الدولة دون منازع كما تمنيا دوما.. سنكون اروع
ثنائي يا مايا.. سنحقق حلمنا هذا معا..

التفتت عني مايا وقالت بصوت
هامس: اعذرني يا طارق فلن استطيع ان اكون معك.. ستواصل طريقك وحدك.. عدني
بأن تكون صحفي لامع وذا قلم متميز ذات يوم..عدني بذلك..

قلت بخفوت وحنان: اعدك يا مايا.. اعدك يا مالكة قلبي وكياني..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وقالت: اذا فسأرحل عن هذه الدنيا وانا مطمأنة ان حلمي وحلمك ستحققهما بكل اصرار..
قلت في سرعة وخوف: لا تقولي مثل
هذا الكلام.. اتوسل اليك.. مايا انك نبض قلبي.. مالكة مشاعري.. كيف
ستذهبين وتتركيني.. لن استطيع الحياة من بعدك يا مايا.. لن استطيع..

ضغطت على كفي بخفوت وقالت وهي
تغمض عينيها: بل ستواصل حياتك..ستصبح صحفي لامع بجريدة ما.. وستتزوج..
وتبدأ حياة جديدة..مليئة بالفرح.. دوني..

قلت وانا امسك بكفها الرقيقة
بين اناملي واضغط عليها: مايا.. انت من احب انت من ستواصلين الحياة معي ..
انت فقط.. لن اكون صحفي معروف حتى من دونك.. انت من سيمنحني القوة على
المواصلة..انت من ستكونين برفقتي.. ستشجعيني دائما.. وسنكون معا دائما..
اليس كذلك يا مايا؟ ..اليس كذلك؟..

ولما لم اجد الرد منها.. التفتت
بخوف الى جهاز ضربات القلب وهنا فقط سمحت لدمعتي بالهبوط من على وجنتي
وانا اصرخ هاتفا باسمها الذي ظل دائما وابدا محفورا بذهني وقلبي:
مــــــايـــــا....

وتردد صوت ندائي بالممكان بأكمله دون ادنى جواب...

التقط طارق نفسا عميقا وهو
يتوقف عن السرد ويحاول ان يبعد ذلك المشهد الذي عاش لحظاته المؤلمة وشديدة
الحزن ذات يوم .. وتنهد بمرارة وكاد ان يهم بنطق شيء ما وهو يلتفت الى وعد
الجالسة امامه.. ولكنه رفع حاجبيه بغتة باشفاق وحنان شديدين وهو يقول:
اتبكين يا وعد؟..

رفعت اليه وعد عينيها الدامعتين وقالت وهي تحاول السيطرة على انفعالاتها: معذرة.. ولكن دموعي قد سقطت بالرغم مني..
قال طارق بابتسامة هادئة وهو يناولها منديلا: خذي.. امسحي دموعك..
التقطت المنديل من كفه واسرعت
تمسح دموعها .. في حين أخذ يراقبها هو بهدوء.. وتنهدت وعد بصمت قبل ان
تتطلع الى طارق بنظرة طويلة.. اكان يعاني كل هذا؟.. ولم يشعر به
أحد..أيدفن كل هذا الحزن بداخله حقا؟.. هل استطاع ان يتحمل ان يرى فتاته
تغادر الدنيا امام نا ظريه؟..

وقاطع طارق افكارها وهو يلامس كفها بأنامله ويضغط عليها قائلا بابتسامة حانية: معذرة ان كنت قد تسببت في حزنك و بكاءك..
ارتجفت كف وعد بالرغم منها وهي
تشعر بأنامل طارق وهي تمس كفها بحنان غريب.. تراه يوجهه لها لأول مرة منذ
ان التقيا..وقالت بارتباك وخجل وهي تجذب كفها من بين انامله: دعك مني..
فأن حزني لا يساوي قطرة من بحر حزنك عليها..

زفر طارق زفرة حمل معها آلامه
وقال: انت محقة تقريبا في هذا.. فحزني وقتها لم يكن يضاهيه أي حزن
بالعالم.. وانا افقدها امام عيني .. وتحولت بعدها من طارق المرح والممتلئ
بالحيوية والنشاط.. الى طارق الذي تعرفين الآن.. ولكن مع هذا اصررت ان
احقق حلمها وان اصبح صحفي مشهور او لامع باحدى الجرائد.. وها انذا قد حققت
حلمها أخيرا وانا ارى نفسي صحفي الكل يعترف بقدرته ومهارته..

قالت وعد متسائلة بتردد: اريد ان اسألك..بعد ثمان سنوات من فقدانك لمايا.. لم يتغير شيء..وهي لا تزال تحتل قلبك ..اليس كذلك؟..
اجابها طارق وهو يهز كتفيه: لا
اسطيع انكار هذا.. فمايا لم تكن مجرد فتاة دخلت الى حياتي ومن ثم رحلت
منها دون ان تترك أي أثر فيها.. لقد كانت الفتاة التي أحب.. ولقد وعدت
نفسي يومها انني سأحيط قلبي باسوار من الجليد.. لاجعله بارد المشاعر..لا
ينبض الا بحب مايا..

واردف وهو يبتسم ويتطلع لها :
ولكن كان هذا قبل ان التقي بالصحفية التي اقتحمت مكتبي ذات يوم لتقول:من
فضلك يا سيد.. لقد وظفت حديثا هنا وأريد أن أسأل اين هو المكتب الذي سأجلس
عليه..

ابتسمت وعد ابتسامة واسعة وقالت: وانت اجبتني يومها قائلا: وما شأني أنا..
ضحك طارق ضحكة قصيرة ومن ثم قال: الا زلت تذكرين؟..
ابتسمت وقالت: لقد اغضبني ردك هذا يومها.. وكنت انعتك دوما بالمغرور في سري..
قال طارق مبتسما: وما رأيك الآن..هل انا مغرور كما ظننت؟..
قالت مصطنعة التفكير وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: ليس كثيرا..
قال طارق بسخرية: حقا؟..
صمتت وعد للحظات ومن ثم قالت وهي تتطلع اليه: اتعلم يا طارق انها المرة التي اراك فيها تضحك..
رفع طارق حاجبيه للحظة وكأنه انتبه لهذا الامر توا ومن ثم قال: الم اقل لك انك قد غيرت حياتي؟..
قالت وعد بدهشة: انا؟؟..
- اجل انت..وهل يوجد غيرك هنا؟..
ابتسمت بهدوء.. وشاهدته في تلك
اللحظة يميل قليلا نحوها ومن ثم يقول: وهل تعلمين يا وعد..انها المرة
الاولى التي اسمعك تناديني باسمي مجردا من دون (استاذ)..

قالت وعد بدهشة: هل فعلت؟.. لم اكن اقصد.. لقد كانت زلة لسان لا اكثـ...
قاطعها طارق قائلا بابتسامة جذابة: ماذا تقولين؟..على العكس لقد سعدت بهذا.. فهذا يعني على الاقل انك بت تعتبريني شخصا قريبا منك..
اعتلت حمرة الخجل خديها ومن ثم
قالت بارتباك محاولة تغيير دفة الحديث: لم تخبرني الى الآن.. لم اخبرتني
انا بالذات بحكايتك مع مايا..

اجابها قائلا: لانك قد سألتني ذات مرة عن سبب برودي معك وسبب تصرفاتي اللامبالية.. واردت ان اجيبك على سؤالك..
- هل منحتني ثقتك من اجل هذا السبب فقط؟؟
هز طارق رأسه نفيا ومن ثم قال: لا.. هناك سبب آخر بالتأكيد..
- وما هو؟..
قال وهو يبتسم بغموض: سأخبرك به في الوقت المناسب.. اعدك بهذا..
*********
توقفت سيارة عماد امام احد
المطاعم الفخمة بالمنطقة.. وظهرت الدهشة جلية على ملامح ليلى التي ترافقه
وهي تقول: انه افخم المناطق واغلاها تقريبا بهذه المدينة.. هل اخطأت
الطريق باصطحابي الى هنا ام ماذا؟..

قال عماد مبتسما: لا لم اخطئ الطريق.. فما المشكلة ان نتناولنا طعام الغداء هنا؟..
التفتت له وقالت بحيرة: اتعلم ان وجباته مرتفعة الثمن؟..
هز كتفيه وقال : اعلم.. ثم انه يوم واحد فحسب.. دعينا نستمتع قليلا..
- اظن انه يتوجب عليك البحث عن مطعم آخر والا اشهرت افلاسك بسببي..
قال مبتسما وهو يغادر سيارته: فليكن وانا اقبل.. والآن هلاّ هبطتِ من السيارة لتناول غدائنا..فأنا اشعر بالجوع صراحة..
قالت ليلى بضيق وهي تهبط من السيارة: ما زلت ارى انه لم يكن هناك أي داع للذهاب الى مطعم كهذا..
هز كتفيه ودلف الى ذلك المطعم الراقي وتبعته ليلى لتسير الى جواره..واستوقفهم النادل ليقول: طاولة لشخصين؟..
اومأ طارق برأسه ايجابيا..
فصحبهما النادل الى احدى الطاولات المستديرة الشكل التي تجاور النافذة
التي تحتل الجدار تقريبا.. وقال وهو يشير لهما بالجلوس: تفضلا..

ابتسم عماد بهدوء وهو يجلس على
احد المقاعد في حين احتلت ليلى المقعد المواجه له..وقال النادل في تلك
اللحظة: أي خدمة استطيع تقدميها لكما..

التفت له عماد وقال: غداء لشخصين من فضلك..
قالها ومن ثم املى عليه ما يتوجب عليه احضاره من انواع الوجبات والمشروبات المختلفة .. فقال النادل بهدوء: دقائق ويكون جاهزا..
وما ان انصرف النادل حتى قال
عماد وهو يتطلع الى ليلى: اخبريني في أي مطعم غير هذا ستجدين هذه الخدمة
الممتازة ..والوجبات الغاية في اللذة..

قالت ليلى متسائلة: وما ادراك ان وجباتهم على النحو الذي تصف؟.. هل حضرت الى هنا من قبل؟..
أومأ عماد برأسه ومن ثم قال: اجل مع والدي وعدد من...
بتر عبارته فجأة.. وتوقف عن
مواصلة الكلام.. لقد كاد ان يشر الى ابيه وشركاءه بالشركة.. وهو لا يرغب
بالاشارة ابدا الى انه ابن صاحب هذه الشركة.. لا يريد ان تبتعد المسافة
بينه وبينها اكثر من ذلك؟.. لقد كانت تتجنب لقاءه في بادئ الامر لمجرد
انها كانت تظن انه مدير للشركة.. فكيف اذا علمت انه صاحبها تقريبا..
ستبتعد عنه نهائيا.. او ستظل تنظر اليه من من خلال منظور الطبقات
الاجتماعية..وهذا هو اكثر ما يبغضه..ان يراه شخص ما انه سيده وانه اعلى
منه شئنا.. فكيف بليلى..تلك الفتاة الرقيقة التي استطاعت ان تحرك
مشاعره..استطاعت ان تستحوذ على تفكيره.. كيف يبعدها عنه الآن بد ان وصل
الى هذه المرحلة معها من العلاقة..كلا سيصمت ولن يخبرها بأي شيء.. لن
يفعل.. اجل هذا ما يجب ان يفعله و...

قاطعت ليلى تفكيره وهي تقول: لم تخبرني مع من جئت؟..
قال بابتسامة: مع اسرتي وقد كانت مرة واحدة فقط لا غير..
كان يكذب.. فقد جاء الى هذا
المطعم لمرات عديدة قبل الآن.. مع والده وشركائه وبعض رجال الاعمال
للتناقش في الصفقات التجارية المختلفة.. ولكنه فضل الكذب على ان تتباعد
المسافة بينه وبين ليلى..

قالت مايا لحظتها وهي تنزع
النظارة الشمسية من على شعرها وتضعها امامها على الطاولة وهي تقول: اما
انا..فهذه هي المرة الاولى التي آتي فيها الى هنا..

قال عماد مبتسما: واعدك انها لن تكون الأخيرة..
قالت ليلى بحيرة: هل تفضل تبذير اموالك هكذا دائمافي اشياء غير مهمة على هذا النحو؟..
صمت عماد ومن ثم قال: لا اعد هذا تبذيرا.. يمكنك ان تقولي انني احاول ان جرب كل شيء تقريبا..
زفرت ليلى وقالت: ولكن ليس على هذا النحو..
قال عماد مبتسما وهو يميل نحوها: هل انت مهتمة بميزانيتي الى هذه الدرجة..
قالت ليلى بارتباك: لا ولكني اقدم النصح لك لا اكثر..
قال وهو يعقد ذراعيه: ما رأيك ان نتحدث عن شيء غير هذا..
تسائلت قائلة: مثل ماذا؟..
فكر قليلا ومن ثم قال: طموحاتك في الحياة مثلا او امنياتك؟..
قالت بابتسامة باهتة: لست اتمنى سوى شيئا واحدا..ان يعود والدي الى والدتي..
قال عماد باهتمام: هل هما منفصلان؟..
اومأت ليلى برأسها وقالت: اجل.. لقد انفصلا قبل ما يقارب العشر سنوات؟..
سألها قائلا: واتعلمين ما هي الاسباب التي دعت الى ذلك؟..
- اتذكر ان المشاكل لم تكن
لتختفي من حياتهما يوما واحدا فحسب.. كان دائمي الشجار لاتفه الاسباب..
حتى جاء اليوم الذي وجدت فيه والدتي تغادرنا..

قال عماد وهو يعقد حاجبيه: الم تذهبي معها حينها؟..
قالت ليلى بهدوء: بلى لقد ذهبت
معها حينها.. ولا ازال احيا معها الى الآن.. ولكن لا ازال امتلك امل ان
يعود والدي الى والدتي ذات يوم.. فأنا على اتصال بأبي وهو شخص ابيض القلب
ولطيف للغاية.. وربما سلبيته الوحيدة انه عصبي جدا.. وربما كان هذا احد
اسباب الانفصال..

صمت عماد للحظة ومن ثم قال متسائلا: بم شعرت يومها وانت ترين نفسك مشتتة بين اباك وامك؟..
- شعور اقرب الى الضياع.. ولم يكن يخفف عني هذا العبأ سوى انني كنت ارى والدي يوما واحدا بالاسبوع اقضيه معه كيفما اشاء..
قال عماد وهو يتطلع لها: بصراحة
احزنني سماع مثل هذا.. ففتاة كانت في مرحلة المراهقة في ذلك الوقت..كانت
في اشد الحاجة الى وجود والديها من حولها..

- معك حق ولكني ها انذا امامك لم يتغير شيء في حياتي سوى انني ازددت طموحا على ان احقق كل ما حلمت به..
قال عماد مبتسما: من يراك
تتحدثين هكذا يعتقد بأنك صلبة الى ابعد الحدود.. على الرغم من رقتك
ومشاعرك الصادقة والشفافة التي تصل الى أي شخص يعرفك جيدا..

قالت بابتسامة باهتة: معذرة ان كنت قد ازعجتك بمشاكلي..
اتسعت ابتسامته وقال: على العكس يسعدني مشاركتي لك مشاكلك..
تطلعت اليه للحظة بحيرة ومن ثم قالت: هل لي بسؤال؟..
اومأ عماد برأسه وقال : بالتأكيد.. سلي ما يحلوا لك..
قالت بتردد: لم تبدي كل هذا الاهتمام نحوي.. انا بالذات؟؟..
صمت عماد للحظات..وليلى تترقب
ان ينطق بشيء يرضي مشاعرها نحوه وحبها له.. وتجعلها تتأكد من مشاعره نحوها
وتعلم كونها على الاقل.. فهي لم تخبره بمشكلتها الا ليكون على علم بكل
ظروفها.. فهي تكره ان تخفي عنه شيئا.. او ان يخفي عنها هو شيئا ما.. تشعر
بأن ذلك سيكون خداعا له لو لم تخبره بالحقيقة كاملة..وانتظرت وهي تتطلع
اليه حتى وجدته يقول اخيرا: اظن انني اجبت عن هذا السؤال من قبل..

ارتفعا حاجبا ليلى في دهشة فهي
لا تذكر ابدا انها قد سألته مثل هذا السؤال قبل الآن .. ووجدته يقول وفي
عينيه نظرة لم تتمكن من تفسيرها: الا تذكرين؟.. في تلك الرسالة.. لقد
اخبرتك ان كل ما يهمني هو انك انت يا ليلى..انت ولست أي شخص آخر..

تطلعت اليه وقالت بلهفة وحيرة: ماذا تعني؟..
كانت تنتظر سماع كلمة منه تطفئ
نار عذابها بحبها له والذي لا تعلم الى الآن ان كان يبادلها حبا بآخر ام
لا.. تشعر انه مهتم لأمرها ولكن هل وصل هذا الاهتمام الى مرحلة الحب؟؟..

كاد عماد ان ينطق بقول شيء ما..
عندما جاء النادل ليقطع عليهما حديثهما ويبدد امنية ليلى في ان تسمع منه
كلمة واحدة تشير الى انه يبادلها مشاعرها تلك.. ووضع امامهما اطباق
الطعام.. قبل ان يقول : هل تأمران بأي خدمة اخرى؟..

قال عماد نافيا: لا شكرا لك..
وما ان غادر النادل حتى التفت عماد الى ليلى وقال: ماذا كنا نقول؟..
ابتسمت بمرارة ..هل غاب الامر
عن ذهنه بهذه السرعة؟.. اهذا يعني انه يريد ان يتهرب من الموضوع؟.. وقالت
بهدوء: دعك مما كنا نقوله.. ولنتناول طعام الغداء..

قال عماد مبتسما: ولم ترفضين القول؟.. الا تريدين معرفة اجابة سؤالك؟..
رفعت اليه رأسها في لهفة
وتتطلعت اليه بعينان تشعان شوقا لسماع ما سيقوله.. فبهذا تستطيع ان تحدد
ان كان عماد يبادلها حبها هذا .. ام انه اعجاب لا اكثر ولا اقل...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:35 am

* الجزء الواحد العشرون*
(أحقا يا ليلى ؟)


تطلعت ليلى بلهفة الى عماد وهي تنتظر سماع ما سيقوله بشوق وترقب ومن ثم
وجدته يقول وهو يتطلع الى عينيها مباشرة ويحتضن كفها برقة: اعني.. انك
انسانة غالية على قلبي..ولن ابالغ ان قلت انني قد اعجبت بك منذ اول مرة
رأيتك فيها.. واهتمامي بك قد تضاعف وانا ارى مشاعر كثيرة تتحرك بداخلي
نحوك..
توردت وجنتا ليلى بخجل شديد.. واحست بالحرارة في اطراف جسدها.. ارتجاف هو
ما سيطر على اطرافها في تلك اللحظة.. وارتباك جعلها تتلعثم دون ان تعلم ما
تقول.. ووجدت عماد يردف بحب: ولن ابالغ ايضا ان قلت انك قد بت احد احلامي
التي اتمناها.. لقد اصبحت حلم حياتي الذي اطمح له..
ازداد ارتباك ليلى وهي تقول بتلعثم: اتراني حقا استحق كل هذا.. وانا...
قاطعها عماد قائلا: ان كنت ستتحدثين عن المناصب او الطبقات الاجتماعية
فأرجوك لا تكملي.. اخبرتك بأنني لا اهتم لكل هذه التفاهات التي تملأ
المجتمع.. كل ما يهمني هو انك الانسانة الذي كنت احلم بأن تكون شريكة
حياتي..
قالت ليلى وابتسامة خجلى ترتسم على شفتيها: أحقا؟..
اومأ عماد برأسه ومن ثم قال: اجل..يا ليلى.. وسأثبت لك بأنك الوحيدة الذي استطاعت تحريك مشاعري نحوها واختطاف قلبي.. ولكن...
- ولكن..ماذا؟..
سألها عماد قائلا: هل تبادليني شعورا بآخر؟..
قالت ليلى بخجل: اتسأل؟..
ابتسم عماد بسعادة وقال بفرحة: أحقا يا ليلى ؟.. أحقا؟..
قالت ليلى وهي تطرق برأسها في ارتباك وخجل شديدين: أجل فقد أعجبت بك انا ايضا.. ومع الأيام وجدت انك قد اصبحت شخصا مهما في حياتي..
قال عماد بحنان شديد وهو يمسك بكلتا كفيها: اذا هل تسمحين لي ان اطلب منك طلبا أخيرا يا عزيزتي؟..
أومأت برأسها وهي تحاول منع ارتجافة كفيها.. فقال: هل تقبلين الزواج بي يا ليلى؟..
تطلعت له ليلى بعينان تمتلآن بالدهشة والفرح ولم تستطع نطق أي حرف.. أحست
بقلبها يرقص بين ضلوعها فرحا.. أحست بنفسها تحلق في سماء الاحلام
الوردية.. فهاهي ذي اكبر أمنياتها قد تحققت امام ناظريها.. لقد طلبها عماد
للزواج.. هذا ليس حلما.. ان الاحلام ليست بهذا الوضوح والدقة..الاحلام لا
تُحس؟..انها تشعر بكفيه وهما تمسكان بكفيها بحنان شديد..انها...
وظل الوضع على ما هو عليه بضع لحظات أخرى.. ليلى صامتة دون ان تستطيع ان
تنطق بحرف وعماد يتطلع اليها بحب شديد ..قبل ان يردف عماد بصوت اقرب
للهمس: لم تجيبيني يا عزيزتي .. هل تقبلين بي زوجا؟..
حاولت ليلى النطق بأي عبارة.. ولكن الخجل الجم لسانها .. وأخيرا ازدردت لعابها وتماسكت لتقول: ان هذا اسمى احلامي يا عماد..
خفق قلب عماد بقوة وهو يستمع لما قالته.. ومال نحوها ليقول بهمس وحب: أحبك يا ليلى.. احبك..
وارتجف قلب ليلى بسعادة كبيرة.. فهل تكون سعادتها الكبيرة هذه دائمة يا ترى ؟..ربما...
**********
توقفت سيارة وعد عند أحدالكبائن لبيع الجرائد والمجلات في الطريق لتهبط من سيارتها وتتوجه نحو البائع وتقول: صحيفة الشرق من فضلك؟..
قدم لها ما تريد ومن ثم قال: ثلاث قطع نقدية لو سمحت..
قدمت له وعد المبلغ قبل ان تتجه نحو سيارتها وتحتل مقعد القيادة..ومن ثم
تتطلع الى الجريدة في لهفة والى موضوعها الذي احتل الصفحة الاولى.. ابتسمت
بسعادة .. فهذا يعني انها قد قامت بالخطوة الاولى بنجاح.. وكما يقولون "
مشوار الالف ميل..يبدأ بخطوة"..انها الخطوة الاولى لها لتصبح صحفية
ناجحة..ومن يدري؟.. ربما يحصل موضوعها هذا على نجاح لم تتوقعه..
لم تستطع اخفاء تلك الابتسامة الواسعة التي ارتسمت على شفتيها طوال
قيادتها لسيارتها الى المنزل..وما ان وصلت اليه حتى هبطت من السيارة
والتقطت الصحيفة بفرح وتوجهت الى الداخل حيث يجلس والداها وهي تقول:
امي..ابي.. لقد نشر موضوعي بالصفحة الاولى..
انشد انتباه والداها لها.. وقال والدها بابتسامة: دعيني ارى لاصدق بنفسي..
قالت باستنكار طفولي: ما هذا يا ابي؟.. الا تصدق بأن ابنتك صحفية ممتازة الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة ابوية: البرهان اولا..
تقدمت وعد منه وقدمت له الصحيفة وقالت وهي تشير الى موضوعها: انظر بنفسك واخبرني برأيك بموضوعي..
قال والدها وهو يتطلع الى حيث تشير: "خلف ابواب مصنع ما".. بالنسبة للعنوان فهو جيد..
ابتسمت وعد وقالت وهي تجلس الى جوار والدها: جيد فقط؟..
قال والدها وهو يقرأ موضوعها باهتمام: دعيني أكمل القراءة ومن ثم أعطيك رأيي النهائي..
صمتت وعد وهي تتطلع الى والدها الذي أخذ يقرأ السطور في سرعة واهتمام ثم
لم يلبث حاجباه ان انعقدا وهو يقول: ماذا تعنين بما كتبته؟..
هزت وعد كتفيها وقالت: الحقيقة لا اكثر..
التفت لها والدها ومن ثم قال: ولكن موضوعا كهذا قد يسبب لك المشاكل وخصوصا وانت تضعين صور ذلك المكتب بمثل هذا الوضوح..
قالت وعد بعناد: لا يهمني.. فلست اخشى امثاله..
قال والدها مؤنبا: الشجاعة احيانا تكون صفة سيئة وليست جيدة لدى الانسان..
عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت : ومتى تكون الشجاعة صفة سيئة؟..
قال والدها وهو يتنهد: عندما يتحلى شخص واحد بالشجاعة وهو يقاتل عدد كبيرا
من الناس.. في هذه الحالة ما يفعله يسمى تهورا.. فهو يدرك بأنه سيفشل ومع
هذا يصر على التظاهر بالشجاعة..
واردف وهو يتطلع اليها بعينين قلقتين: وهذا ما تفعلينه الآن يا بنيتي..
فأنت وحدك تحاولين مجابهة امثال هؤلاء اصحاب النفوذ بالمجتمع.. واخشى عليك
منهم..
ابتسمت وعد وقالت: لا تخشى على ابنتك يا ابي.. ان عملي هو اظهار الحقيقة للناس لا اخفاءها..
قالت والدتها فجأة: منذ البداية لم اكن اوافقك لأن تعملي في مثل هذا العمل..
التفتت وعد الى والدتها وقالت: لكنه العمل الذي طالما تمنيته..
ربت والدها على كتفها ومن ثم قال: دعيك الآن من هذا.. لقد افسدنا فرحتك بنشر موضوعك.. فاعذريني..
ابتسمت وعد ابتسامة واسعة وهي تتطلع الى والدها.. في حين اردف هو: واذهبي لاستبدال ملابسك لاننا مغادرون الآن..
تسائلت وعد قائلة: الى اين؟..
اجابتها والدتها قائلة: الى منزل عمك..
- ولم؟..
- لا يوجد سبب محدد سنذهب لزيارتهم لا اكثر..
أومأت وعد برأسها وهي تنهض من مكانها وتصعد الى الطابق الاعلى..استعدادا للذهاب الى منزل عمها..
*********
طرقت فرح باب غرفة هشام عدة طرقات قبل ان تقول: هل استطيع الدخول؟..
قال هشام من داخل غرفته: لا..فلتغادري..
ابتسمت فرح وقالت وهي تدلف الى الداخل: انها دعوة لي بالدخول اذا..
وتطلعت اليه وهو مستغرق في عمله امام احد الرسوم الهندسية ومن ثم قالت: هل لديك عمل كثير هذا اليوم؟..
اجابها هشام ببرود قائلا: اجل ولولا هذا لكنت قد غادرت المنزل.. حتى لا ارى وجهها..
كانت تعلم بأنه يعني وعد..وانه قد علم بأمر حضورها اليوم لمنزلهم.. فتقدمت
منه قليلا ومن ثم قالت: هشام.. انت اخي الوحيد.. صدقني انا لا اتمنى وعد
لسواك.. ولكنها لا تصلح لك..
- ومن انت حتى تحكمي بهذا؟..
قالت وكأنها لم تسمعه: انت عصبي المزاج وهي عنيدة الى اقصى درجة.. انت
تسخر منها دائما.. وهي تكره ان يقلل شخصا ما من شأنها.. انتما هكذا تصبحان
نقيضان تماما وكل منكما سيزيد المشكلة ولن يصلحها..
قال هشام وهو يلتفت عنها: يقول بعض علماء النفس ان زواج شخصين يختلفان عن بعضهما هو الافضل لان كلا منهما سيكمل نواقص الآخر..
قالت فرح مكملة: وربما كلا منهما سيفسد حياة الآخر بصفاته المختلفة.. فأنت مثلا ...
قاطعها هشام بسخرية مريرة: فأنا مثلا احمق لانني احببت فتاة لا تأبه بي.. اليس كذلك؟..
قالت فرح في سرعة: ليس هذا ما اعنيه يا هشام وانما...
فاطعها هذه المرة صوت والدتها وهو يرتفع بالنداء .. هاتفة باسمها.. فقال
هشام بهدوء: دعي عنك هذا الموضوع السخيف .. واذهبي الى والدتي..
تنهدت فرح بيأس وهي تغادر غرفته وتهبط الدرجات الى الطابق الاسفل حيث والدتها وهناك قالت: اجل يا امي..ما الأمر؟..
قالت والدتها في سرعة: تعالي لتساعديني قليلا في المطبخ قبل ان يصل عمك واسرته..
قالت فرح بهدوء وهي تتبع والدتها: حاضر..
وما لبث ان ارتفع رنين جرس الباب.. فقالت لها والدتها : اذهبي لتري من بالباب..
اتجهت فرح للباب وفتحته لتسمع صوت وعد المرح وهي تقول: اهلا فرح كيف حالك؟..
قالت فرح ببرود متعمد: بخير..
قالت وعد وهي تبتسم: ما بالك؟.. تحدثينني وكأنني قد سرقت منك شيئا..
قالت فرح ببرود اكبر: بل انت من سرق منا ذاك الشيء..
تطلعت اليها وعد بغرابة وحيرة.. ثم لم تلبث ان فهمت ما تعنيه.. فقالت: تعالي ارغب في التحدث معك قليلا..
قالت فرح وهي تلتفت عنها: سأساعد امي بأعمال المطبخ..
التفتت وعد الى والدة فرح وقالت مبتسمة وهي تمسك بكف فرح: خالتي هل يمكن لي ان استعير منك فرح للحظات؟..
قالت والدة فرح مبتسمة: تستطيعين لو اكملنا عملنا سريعا..
التفتت وعد الى فرح وقالت بابتسامة عذبة: اذا سأساعدها..
صمتت فرح دون ان تنبس ببنت شفة في حين دلفت وعد الى الداخل وقالت وهي تشمر عن كم قميصها: ما المطلوب مني فعله؟..
قالت والدة فرح مبتسمة: اعدي طبق الخضراوات والفاكهة..
ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى فرح وقالت: وانت يا فرح اعدي العصير..
قالت وعد بمرح: انا اعد اطباق الفاكهة والخضراوات.. وفرح العصير فقط ..ماهذا التمييز؟..
قالت والدة فرح بابتسامة: انت من عرض المساعدة..
ضحكت وعد وقالت: اجل انت محقة يا خالتي.. انه خطأي منذ البداية في ان اساعد فرح..
قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها: يمكنك ان تتراجعي عن عرضك هذا..
ابتسمت وعد وقالت وهي تلتفت لها: عنداً فيك.. لن اتراجع..
قالتها وأخرجت لها لسانها بحركة طفولية.. وابتسمت فرح بالرغم منها.. لم هي
متحاملة على وعد الى هذه الدرجة.. ما ذنبها هي؟؟..هل تريدها ان تدفن
احلامها من اجل هشام؟.. ولكن ما ذنب هشام ايضا حتى يتعذب.. لم تعد تستطيع
ان تدرك ايهما الذي على صواب وايهما الذي على خطأ.. انها تشعر ان كلاهما
مصيب فيما يقوله ومخطأ في الوقت ذاته.. انها...
(ما هذا الكسل يا فرح؟..ألم تعدي العصير بعد؟.. لقد انتهيت انا من الفاكهة)
قالتها وعد بابتسامة مرحة.. فقالت فرح وهي تسرع باحضار علبة العصير : سأعده حالا..
قالت والدة فرح وهي تتطلع الى وعدفي تلك اللحظة: متى نفرح بك يا وعد؟.. ونراك عروساً لهشام..
تغيرت ملامح وعد فجأة..واطرقت برأسها بصمت دون ان تقوى على الاجابة..
وقالت بارتباك محاولة تغيير دفة الحديث: لقد انتهيت من اعداد الاطباق..
والآن هل نستطيع انا وفرح ان نغادر؟..
قالت والدة فرح وهي تهز كتفيها: يمكنكما ذلك..
امسكت وعد بمعصم فرح وقالت بابتسامة: هيا يا فرح..
واسرعت تجذب فرح الى حيث الردهة وهناك جلست وعد على احد الارائك.. واجلست فرح الى جوارها وهي تقول: والآن..اخبريني بكل ما حدث..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: بل انت التي اخبريني بكل ماحدث بينك وبين هشام..
قالت وعد بهدوء: لقد صارحني بمشاعره.. فصارحته انا الأخرى بمشاعري..
اخبرته بأني لو تظاهرت بالعكس فسيعد هذا خداعا له.. واخبرته ان يبحث عن
فتاة اخرى تحبه بحق وعندها يستطيع ان ينساني.. ولهذا لم احاول الاتصال به
مطلقا خلال الايام السابقة.. حتى امنحه الفرصة ليزيلني من حياته..
تنهدت فرح وقالت: انت لا تعلمين كيف اصبحت حال شقيقي في الايام السابقة..
انه صامت مكتئب اغلب الوقت بعد ان كان يملأ المنزل مرحا ويبتسم طوال
الوقت.. وما ان يحادثه احد ما حتى ينفجر في وجهه.. ولولا ان لديه اليوم
عمل هام لغادر المنزل ليحيل دون رؤياك..
ابتسمت وعد ابتسامة باهتة ومن ثم قالت: هل اصبحت مخيفة الى هذه الدرجة؟؟..
قالت فرح ببرود: ان اصعب شيء على الشاب ان تهان كرامته او تجرح مشاعره..
شيء قاس جدا ان يحب فتاة بكل صدق .. ويراها في النهاية تضرب بمشاعره هذه
عرض الحائط دون ان تكترث..
عقدت وعد حاجباها بضيق وقالت: لم افعل.. لم احاول ان اهين كرامته او اجرح
مشاعره.. على العكس لقد احترمت مشاعره واحترمت كل كلمة نطق بها.. ولكن من
الصعب علي ان ابادل مشاعره هذه.. ان المشاعر تولد بداخلنا فجأة تجاه شخص
ما ولسنا نحن من يصنعها..
قالت فرح بتحدي: هل تستطيعين انكار بأنك تحبين هشام وانك مستعدة بالتضحية بأي شيء لأجله؟..
- ومن قال خلاف ذلك.. انا بالفعل احبه ولكن كأخ لي وليس أكثر.. هل ارتكب
جرما اذا لم احب شخصا قد احبني؟ .. اخبريني انت.. لو كنت مكاني هل ستخدعين
شخصا ما بحب وهمي لمجرد ان هذا الشخص قد احبك..
ترددت فرح قليلا ومن ثم قالت: لا اظن انني سأفعل بل سأصارحه بحقيقة مشاعري نحوه واطلب منه ان يبحث عن فتاة تبادله مشاعره هذه و ...
صمتت فرح بغتة لا لشيء بل لأنها ادركت ان ما قالته الآن مطابقاً لما قالته
وعد لشقيقها.. وادركت ان وعد محقة في كل ما قالته..وانه ليس من حقها هي ان
تفرض على وعد قتل احلامها من اجل شقيقها.. على العكس.. فكما تتمنى فرح
الزواج من شاب تربطها به عاطفة بريئة.. تتمنى وعد المثل..
ولم تمض لحظات حتى رفعت فرح رأسها الى وعد لتطالعها ابتسامة هذه الاخيرة..
وقالت فرح بابتسامة: انت على حق.. آسفة على كل ما قلته لك.. ولكنني احب
شقيقي هشام كثيرا كما تدركين.. وما اصابه افقدني القدرة على التفكير
الصحيح..
قالت وعد وهي تهز كتفيها: لا عليك.. كل ما كنت ارجوه ان تفهمي موقفي ولا تتحاملي علي..
قالت فرح وهي تتطلع الى وعد: على الاطلاق.. انت صديقتي واختي.. ولا يمكنني ان اتحامل عليك ابدا..
ابتسمت وعد وهي تقول: هذا يعني انك ستعودين للاتصال بي.. اليس كذلك؟..
قالت فرح بغتة بمرح: للاسف لن استطيع.. فقد انتهى الرصيد بالهاتف اليوم فقط..
قالت وعد بسخرية: هل اسمي هذا بخلا منك اذا؟.. وانك لا ترغبين باضافة رصيد جديد الى هاتفك..
كادت فرح ان تهم بقول شيء ما.. حين ارتفع صوت والدة وعد وهي تقول: هيا يا فتيات.. الغداء جاهز..
نهضت وعد من مكانها وامسكت بمعصم فرح وهي تقول ميتسمة: هيا اذا لنتناول
طعام الغداء.. لو تعلمين فقط كم اشعر بالجوع.. فانا لم اتناول شيء منذ خمس
ساعات تقريبا و...
بترت وعد عبارتها وهي تتطلع الى ملامح فرح الواجمة.. وكأنها تفكر بأمر ما.. فسألتها الاولى قائلة: ما الأمر يا فرح؟..
تنهدت فرح وقالت: هشام..
عقدت وعد حاجبيهاوسألتها قائلة: ماذا به؟..
- لن يحضر لتناول الغداء..
- وما ادراك؟..
- انا اعرفه جيدا.. فما دمت هنا لن يخرج من غرفته حتى لا يضطر لأن يراك..
قالت وعد وهي تضع سبابتها اسفل ذقنها: لماذا يعقد الامور الى هذه الدرجة؟..
- لو كنت مكانه لفعلت المثل..
قالت وعد بغتة: مكانه؟.. هذا جيد جدا..
قالت فرح بغرابة: ماذا تعنين؟..
قالت وعد وهي تغمز لفرح بعينها: سأخبرك بكل شيء.. وكيف سأجبر هشام على تناول طعام الغداء معنا..
قالت فرح في لهفة وهي تعتدل في جلستها: وكيف؟؟..
قالت وعد وهي تميل نحوها وتهمس لها بصوت منخفض: ستذهبين اليه في غرفته وتتحدثين اليه و....
وواصلت وعد حديثها لفرح .. وهذه الاخيرة تبتسم ابتسامة مرحة.. تتسع تدريجيا..
**********
سمع هشام طرقات هادئة على باب غرفته.. فقال بنفاذ صبر: لا اريد تناول طعام الغداء.. يمكنك الانصراف اياً كنت..
قالت فرح مبتسمة وهي تدلف الى الداخل: ما هي احوال شقيقي العزيز؟..
قال هشام بسخرية: اظن انك قد جئت لزيارتي منذ لحظات ولم يتغير في شيء الى الآن.. ولم اجن بعد ان كان هذا ما تتوقعينه..
قالت فرح وابتسامتها تتسع : من قال هذا؟.. لقد جئت لرؤية عملك.. ثم سنهبط نحن الاثنان لتناول طعام الغداء مع الاسرة جميعا..
- اظن انني قد اخبرتك بعدم رغبتي في تناول طعام الغداء..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: لكن الجميع سيلاحظ هكذا.. وسيظنون انك لا ترغب بالجلوس معهم..
قال هشام بلا مبالاة: فليظنوا ما يظنوه.. هل هذه هي المشكلة الآن؟..
واردف قائلا بحسم: اذهبي اليها.. فهي تنتظرك بالاسفل ولا داعي لأن تجعليها تنتظر اكثر من ذلك .. فلن اهبط..
- ولكن يا هشام...
قاطعها قائلا بحزم: قلت لا.. الا تفهمين..
قالت فرح وهي تتنهد: فليكن كما تريد.. ولكن ان اردت يمكنك النزول معي الآن و...
( فرح .. فرح)
بترت فرح عبارتها بالرغم منها وقالت بقلق: انه صوت وعد.. ما بها تصرخ هكذا؟..
قال هشام وهو يلوح بكفه: اذهبي لها لتعلمي بالأمر..
جاءهم هتاف وعد مرة أخرى وهي تهتف بصوت متألم: فرح تعالي وساعديني على النزول.. فقد التوى كاحلي وانا احاول الصعود اليك..
قالت فرح وهي تسرع الى خارج غرفة هشام: يا الهي..
ومن ثم قالت وهي تهبط الى مستوى وعد الجالسة على احدى درجات السلم: كيف حدث هذا؟..
قالت وعد وهي تعض على شفتيها بألم: لقد زلت قدمي وانا اصعد لندائكما للغداء..
جائهم صوت هشام من على الطرف الآخر لوعد وقال وهو يعقد ساعديه امام صدره:
حمقاء كما عهدتك دوما يا وعد.. الا تنظرين امامك وانت تصعدين السلم؟..
التفتت له وقالت بحدة: لقد كنت انظر امامي بالفعل.. ثم ان هذا ليس وقت اللوم..
قال هشام وهو يميل نحوها ويمسك بذراعها قاصدا رفعها عن درجات السلم: دعيني اساعدك..
قالت وعد بابتسامة: اشكرك..
والتفتت الى فرح لتغمز لها بعينها علامة على الانتصار..وما ان اوصلها هشام
الى اسفل الدرج حتى قال: هل تشعرين بألم؟.. هل ترغبين بالذهاب الى
المشفى؟..
قالت وعد وهي تهز رأسها نفيا: لا.. فقط اوصلني الى طاولة الطعام.. سأتناول طعام الغداء وبعدها سأغادر الى المنزل..
- اانت متأكدة؟..
- اجل..
توجه هشام برفقتها الى طاولة الطعام ومن ثم قال وهو يجذب لها مقعدا لتجلس
عليه: طفلتكم الصغيرة قد زلت قدمها على احدى درجات السلم.. يبدوا انها
المرة الاولى التي تتعلم فيها صعوده..
قال والد وعد بابتسامة: اوافقك في هذا يا هشام.. فلن استغرب يوما اذا سقطت وهي تسير على قدميها..
قالت وعد وهي تلتفت الى والدها باستنكار: ابي.. ما هذا الكلام؟..
ضحك والدها وشاركته فرح الضحك.. فلكزتها وعد وهي تقول بحنق: حتى انت..
هز هشام كتفيه في تلك اللحظة ومن ثم قال: عن اذنكم..
قال والد وعد متسائلا: الى اين يا هشام؟.. الن تتناول طعام الغداء معنا؟..
قال هشام بهدوء: لدي الكثير من الاعمال يا عمي.. اعذروني جميعا انا مضطر للمغادرة ..
وكاد ان يبتعد لولا ان شعر بكف فرح وهي تمسك بذراعه وتقول باصرار: لا لن تغادر.. ستتناول طعام الغداء معنا..
التفت هشام اليها وقال: دعي عنك مثل هذه التصرفات يا فرح ودعيني اذهب لانجز اعمالي..
امسكت وعد بذراعه الأخرى ومن ثم قالت مبتسمة: لن يغادر العمل وحده المنزل.. اعدك بهذا..
قالت والدة هشام بخبث في تلك اللحظة: ماذا تريد اكثر من هذا.. فتاتان جميلتان يلحان عليك بالجلوس ثم لا تجلس..
قال هشام ساخرا: لا ارى اياً من هاتين اللتين تتحدثين عنهما..
قالت فرح بعناد: هيا يا هشام.. أجلس لاتكن سخيفا..
تنهد هشام ومن ثم قال: فليكن.. فليكن.. دعوني الآن.. حتى لا اظن انني مقتاد للسجن وليس لتناول طعام الغداء..
ابتسمت فرح وقالت وهي تترك ذراعه وتتجه لتجلس على احد المقاعد وتراه يجلس
بدوره: أجل .. هكذا.. فبعد كل هذا الذي فعلناه تريد ان لا تتناول طعام
الغداء معنا ايضا..
عقد هشام حاجبيه ومن ثم كرر ما قالته فرح: الذي فعلتموه؟؟..
والتفت الى وعد وهو يتطلع اليها بنظرة استنكار قبل ان يقول وهو يعقد
حاجبيه بحنق: ايتها الممثلة البارعة.. لقد كدت اصدق بالفعل ما اصابك..
تطلعت وعد الى فرح بنظرة حانقة على كشف الامر لهشام ومن ثم التفتت اليه
لتقول بابتسامة صغيرة: ما رأيك بي.. اصلح للتمثيل في احد المسلسلات.. اليس
كذلك؟.. ثم انها كانت الوسيلة الوحيدة لننزلك من مخبأك..
قال هشام وهو يبتسم بسخرية: انظري امامك جيدا في المرة القادمة وانت تصعدين السلم.. حتى لا يتحول التمثيل الى حقيقة..
قالت وعد مبتسمة: سأفعل بالتأكيد..
لم يكن يهم وعد شيء في هذه اللحظة سوى انها قد رسمت الابتسامة على شفتي
هشام أخيرا.. وانه قد يخرج من دائرة احزانه هذه التي لا تنتهي لو فعلت له
القليل..لهذا قد قررت ان تتعامل معه باسلوب طفولي كما كانت تفعل في
الماضي.. عله يزيح آلامه بعيدا ويفكر بمستقبله جيدا.. مطمئنا الى انها قد
تكون له ذات يوم..
وارتجف قلب وعد.. هل من الممكن ان تكون لهشام ذات يوم؟.. الاسرة جميعها
على ما يبدوا ترحب بهذه الفكرة.. ولكن.. ماذا عن طارق؟.. ماذا عنه؟؟...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:36 am

* الجزء الثاني والعشرون*

(هل سترحل؟)



تطلعت ليلى بشرود
الى سقف غرفتها وهي تشعر برجفة لذيذة تسري في اطرافها كلما تذكرت آخر لقاء
لها مع عماد.. ذلك اللقاء الذي اعترف لها بمشاعره فيه.. ذلك الللقاء الذي
ادركت معه ان لاشيء مستحيل في هذا العالم.. وان الاحلام تتحقق وليست مجرد
اوهام تختفي مع الزمن.. انها اليوم تشعر بالنشوه وهي تفكر بأمور كثيرة
..كثيرة جدا..بعماد.. بحياتها معه.. بحبها له.. بشخصيته المهذبة التي
اسرتها منذ اول مرة رأته فيها..

اشيا ء كثيرة تلك
التي دارت برأسها تختص بشخص واحد فحسب .. عماد.. ولم تستطع منع عيناها –
كلما تذكرته - بالتحول الى زهرية الورود المركونة على الطاولة .. ووجدت
نفسها لا اراديا تنهض من على فراشها وتتوجه الى تلك الزهور وتداعبها
هامسة: أحبه.. كما لم احب احد في حياتي يوما.. أحبه بكل رجفة يرجف بها
جسدي كلما تعانق كفانا.. احبه بكل همسة تهمس بها عيناه قبل شفتاه.. احبه
بكل لحظة تتلاقى فيها عيناي بعينيه الدافئتين لتهمس له بما اعجز عن نطقه..
احبه بكل لحظة قضيتها الى جواره.. احبه .. احبه.. ولا املك الا ان انطق
بهذا لمئات المرات.. حتى اصدق انني لست في حلم جديد وان ما حدث هذا الصباح
كان واقعاً.. واقعاً عشت كل لحظة فيه.. واقعا أحسست فيه بكل شيء من حولي..
ولكني لم اكن اشعر الا به.. لم اكن ارى سواه في تلك اللحظات.. لم اكن
استمع الا الى صوته.. على الرغم من اصوات الموسيقى الهادئة التي كانت تملأ
الاركان..

لو سألني احدهم عن
كنه ما اكلته على الغداء في ذلك الوقت.. فلن اتذكر.. لو سألني عن الوقت
لحظتها.. فسأخبره بأنه لم يكن لدي الوقت لأنظر الى الساعة بدلا من النظر
الى عينا عماد التي تأسراني بداخلها!..لو سألني شخص ما عن سبب صمتي وقتها
بعد أن همس لي بكلمة احبك.. فسأخبره بأنه لو كان مكاني لفعل المثل.. وهو
يرى ان حلمه بين ليلة وضحاها بات واقعاً يعيشه!..

وعادت لتهمس وهي تتطلع الى تلك الزهور الحمراء: اخبريني ايتها الزهور.. هل تدوم سعادة الانسان طويلا.. ام انها تتلاشى مع الزمن؟..

ولم تحرك الزهور
ساكنا وكأنها تؤكد لها صعوبة سؤالها.. فعادت لتسألها: وماذا عن الحب؟.. هل
يبقى الى الابد في قلوبنا.. ام لا يكون له اثرا مع الايام؟..

وظلت الزهور ساكنة
على الرغم من تلك الانسام الباردة التي داعبت خصلات من شعر ليلى.. في حين
زفرت ليلى بهدوء وقالت: اتمنى ان لا استيقظ من هذا الحلم الجميل الذي
احياه.. لاجد نفسي في كابوس الواقع.. اتمنى ذلك..اتمناه..

ولكن هل كل ما نتمناه ندركه يا ترى؟..

*********

يوم جديد للجميع
بالعمل.. كان يوما روتينيا واعتياديا على الجميع.. الجميع ما عدا البعض
بالتأكيد..البعض مثل عماد مثلا الذي تطلع الى علبة القطيفة الحمراء التي
بين يديه وغمغم بابتسامة: هل سيعجبها ذوقي؟؟..

وعاد ليتطلع الى
العلبة مرة اخرى.. ربما كانت المرة العاشرة التي يتطلع فيها الى العلبة
هذا اليوم..ومن ثم لم يلبث ان فتحها بهدوء .. لترتسم ابتسامة سعيدة على
شفتيه وعيناه تتطلعان الى ذلك الخاتمين..الذين قد نقش على احديهما اسم
ليلى والآخر اسم عماد..

كان الخاتم الذي
يخص عماد فضيا وبسيطا.. اما خاتمها هي فقد بحث طويلا حتى اختار ما يناسبها
ويناسب شخصيتها.. كان خاتما ذهبيا رائعا.. تعلوه ثلاث ماسات وتستقر اسفل
كل ماسة زمردة بشكل وردة صغيرة وكل منها بلون مختلف.. شعر بأن مثل هذا
الخاتم يناسبها فهو يعكس شخصيتها البسيطة والرقيقة والفريدة من نوعها..

وعاد ليغلق علبة
القطيفة ويسند رأسه لمسند المقعد ويسبل جفتيه بهدوء.. وكأنه لم يغلق
العلبة منذ لحظات فقد كان يشعر بأنه يرى الآن الخاتمين امام ناظريه.. وكيف
تتلألأ الماسات بخاتم ليلى لتعكس الضوء الساقط عليها ليبدوا الخاتم في
غاية الروعة..

وعاد عماد ليفتح
عينيه ويقول بشرود: متى ينتهي وقت العمل هذا؟.. اريد ان اراك..ان اقدم لك
هذا الخاتم بنفسي.. واضعه باناملي في اصبعك.. حتى اتأكد اخيرا بأنك قد بت
لي يا ليلى.. وان حلم حياتي قد بات حقيقة..

وتطلع الى ساعة الحائط بشرود وابتسامة حامة ترتسم على شفتيه وهو يشعر بعقرب الثواني يسير ببطء شديد.. او هذا ما خُيل له..

********

(رئيس التحرير يطلبك يا آنسة وعد)

ما ان سمعت وعد
هذه العبارة حتى التفتت الى صاحب العبارة الذي كان احد الموظفين
بالصحيفة.. وقالت وهي تعقد حاجبيها: مجددا.. ياللغرابة.. ولم يطلبني يا
ترى؟..

هز الموظف كتفيه وقال: لست اعلم يا آنسة.. يمكنك سؤال رئيس التحرير بنفسك..

قالت وعد وهي تلتفت عنه: حسنا سأحضر بعد قليل..

قال الموظف في سرعة: لقد اكد علي ان تحضري الآن وعلى وجه السرعة.. يبدوا ان الامر هام جدا.. فهو يبدوا عصبيا جدا..

عقدت وعد حاجبيها اكثر وقالت بحيرة وهي تنهض من خلف مكتبها: حسنا سآتي فورا..

قال لها طارق: ربما كان الامر يتعلق بموضوعك..

صمتت قليلا ومن ثم قالت: اجل ربما يكون لهذا السبب..

واردفت وهي تغادر القسم: عن اذنكم..

قالت لها نادية في تلك اللحظة: اخبرينا بما سيحصل معك..

قالت وعد وهي تبتعد عن المكان: سأفعل..

واسرعت تسير
بخطوات متوترة بعض الشيء الى مكتب رئيس التحرير.. وما ان وصلت الى هناك
حتى سألتها السكرتيرة قائلة: هل انت الآنسة وعد؟..

أومأت وعد برأسها وحيرتها تتضاعف.. فقالت لها السكرتيرة وهي تفتح لها باب المكتب: رئيس التحرير ينتظرك يا آنسة وعد بالداخل..

دلفت وعد الى
الداخل.. وعشرات الآسألة تتفجر برأسها.. لم الاستدعاء على وجه السرعة؟..
ولم هي بالذات؟.. هل هو امر يخص موضوعها؟..ام ماذا؟.. وقالت وهي تتقدم حيث
يجلس رئيس التحرير: هل طلبت استدعائي يا استاذ نادر؟..

قال وهو يشير لها بالجلوس: اجل .. تفضلي بالجلوس..

جلست على المقعد المواجه لمكتبه ومن ثم قالت: ما الامر يا استاذ نادر؟.. هل حدث امر يتعلق بالموضوع الذي نشرته؟..

قال نادر ببرود: جيد انك فتحت الموضوع بنفسك.. اجل انه يتعلق بالموضوع الذي قمت بنشره امس..

- وماذا به؟..

قال نادر بحدة
فجأة: لقد سبب لنا العديد من المشاكل يا آنسة وعد.. بسبب موضوعك انهالت
علينا مكالمات التهديد والاستنكاروالشتم ..ولم تخلوا من تعريض الصحيفة
للمشاكل القانونية اذا لم يتم تصحيح مثل هذا الخطأ..

قالت وعد باستنكار: ومن قال ان ما كتبته كان خاطئا؟..

قال رئيس التحرير
بلامبالاة: لا يهمني ان كان ما كتبته خاطئا ام لا.. ما يهمني هو ان لا
تتعرض الصحيفة للمشكلات .. بسبب صحفية لا تزال تحت التمرين..

شعرت وعد بالغضب
من كلماته واندفعت تقول: صحيح انني لا ازلا تحت التمرين ولكني افهم جيدا
معنى ان يكون الفرد صحفيا.. ان هذا معناه ان يكشف الشخص منا أخطاء المجتمع
للناس لا ان يستتر عليها..

- لسنا هنا من اجل تعليمي مهنة الصحفي يا آنسة.. كل ما اطلبه منك هو تصحيح ذلك الموضوع..

قالت وعد
باصرار:لن اغير حرفا واحدا.. ثم انك وافقت على الموضوع بنفسك ووقعت عليه..
وانا لم اشر بأي شكل من اشكال الى هوية ذلك المصنع او الى المدير العام
الذي تحدثت عنه بالموضوع..

هوى رئيس التحرير
بقبضته على الطاولة وقال بانفعال: ولكنك اقرنتيها بالصور..وهذا هو الخطا
الذي ارتكبتيه لقد اشرت الى ذلك المصنع بمنتهى الوضوح بسبب تلك
الصور..فاما ان تكتبي موضوع اعتذار لمدير ذلك المصنع.. وتخبريه بأنك اقرنت
تلك الصور سهوا بالموضوع او...

قالت وعد بعصبية: او ماذا يا استاذ نادر؟..

لوح الاستاذ نادر بكفه ومن ثم قال: او نتخذ معك الاجراء اللازم..

قالت وعد بتحدي: اتخذه اذا ماذا تنتظر..

تطلع اليها رئيس
التحرير بمزيج من العصبية والانفعال ومن ثم قال صرامة: انت موقوفة عن
العمل لثلاثة ايام يا آنسة وعد.. لا تأتي الى الصحيفة قبل هذا الوقت.. الا
اذا قررت التراجع عن قرارك..

قالت وعد بحزم على
الرغم من الغصة التي شعرت بها وهي تستمع الى مثل هذا الاجراء القاسي من
رئيس التحرير: لن اتراجع عنه عنه مطلقا يا استاذ نادر .. ثق بهذا..

********

ساد الصمت بعد
خروج وعد من القسم.. واستمر الصمت على المكان الى ما يقارب النصف ساعة..
حتى قال طارق بقلق قاطعا ذلك الصمت : لقد تأخرت .. ما الذي حدث معها يا
ترى؟..

قال احمد وهو يهز كتفيه: لننتظر.. وسنعلم بعدها بما حدث..

قال طارق بصوت متوتر حاول اخفاءه: لماذا طلبهارئيس التحرير؟..أمن اجل موضوعها امن من اجل امر آخر..

قال احمد وهو يزفر بحدة: اذا جاءت يمكنك توجيه هذا السؤال لها..

صمت طارق وتفكيره
مقتصر على وعد.. وسبب طلب رئيس التحرير لها..وبغتة سمع صوت خطواتها
المسرعة وهي تقترب من القسم فقال في سرعة: لقد حضرت أخيرا..

التفت له أحمد وقال بغرابة: وما ادراك..

وبدل ان يجيبه
طارق .. دلفت وعد الى القسم وهي تحاول تمالك نفسها والسيطرة على اعصابها
واسرعت تتجه نحو مكتبها وهي تفتح الادراج وتخرج منهم عدد من الاوراق ..
وسألتها نادية بهدوء: ماذا حدث يا وعد؟..

واسرع طارق يقول: ان الامر متعلق بموضوعك اليس كذلك؟..

قالت وعد بحدة بالرغم منها: اجل.. انه يطلب مني ان اكتب اعتذار لذلك المدير وان ابين انني قد اقرنت الصور بموضوعي عن طريق الخطأ..

سألها طارق باهتمام: وماذا فعلت؟..

قالت وعد بلهجة ساخرة ومريرة: لقد اوقفت عن العمل لثلاثة ايام..يمكنكم ان تقولوا انها اجازة مفروضة علي..

عقد طارق حاجبيه ومن ثم قال: ليس من حقه ان يوقفك عن العمل.. انت لديك الدليل على كل ما قلتيه.. وهذا يثبت صدق موضوعك..

قالت وعد وهي تتنهد: يقول انني اسبب له المشاكل مع ذلك المدير العام وغيرهم..

عقد طارق حاجبيه
اكثر وصمت في تفكير وهو يشعر بالغضب يتضاعف بداخله.. في حين قال أحمد: ان
رئيس تحرير هذه الجريدة شخص جبان يخشى مواجهة المسئولين ذوي النفوذ
بحقيقتهم..

قالت وعد وهي تضع
آخر الاوراق في حقيبتها: لقد ادركت هذا.. اليوم فقط.. بعد ان طلب مني ان
اقوم بتعديل الموضوع الصحيح واكذبه.. وانشر بدلا منه موضوعا كاذبا ليصدقه
الجميع!..

قال طارق بعتة بصرامة: ألم يوقع بنفسه على موضوعك؟..

التفتت له وعد وقالت بتوتر اثاره في نفسها صرامة عينيه: بلى.. لقد وافق عليه ووقعه على ان اتحمل انا المشكلات المترتبة..

قال طارق بصرامة أكبر: ليس له الحق بتوقيفك عن العمل اذا.. كل ما يستطيع فعله ان يطلب منك مناقشة الامر مع ذاك المدير العام..

قالت وعد وهي تزفر
بحدة: لا فائدة.. لقد انتهى الامر وتم توقيفي عن العمل رسميا.. ولكن مع
هذا لن اتوقف عن انتقاد مثل هؤلاء اللذين ينشرون بالبلدة الفساد.. سأظل
اكتب ..دون خوف او جبن ..كما علمتني انت يا ..استاذ ..طارق..

قالتها ببحنان وهي
تطلع اليه و تحاول ملء عينيها بوجهه قبل ان تغادر المكان..وكأنها تريد ان
ترسخ صورته في ذهنها وتظل عالقة فيه.. ومن ثم نهضت بتثاقل من خلف المكتب
وقالت وغصة مريرة تملأ حلقها وتعتصر حلقها: يحز في نفسي ان افراقكم.. لقد
اعتدت وجودي بينكم كل يوم.. وسيكون من الصعب علي ان لا اراكم لمدة ثلاثة
ايام كاملة..

قال أحمد محاولا
اضفاء جو من المرح على المكان: ليس كل يوم.. لا تنسي عطلة نهاية الاسبوع..
فهي ما نحتاجه بشدة بعد تعب مضني طوال الاسبوع..

التفتت وعد اليه وقالت بابتسامة باهتة: الى اللقاء يا استاذ احمد.. اراك بخير.. وعلى فكرة انت مصور بارع..

والتفتت الى نادية لتقول: الى اللقاء يا استاذة نادية.. لقد علمتيني اشياء عديدة في عملي بالصحافة.. اشكرك..

قالت نادية بصوت غلب عليه التأثر: انت كأخت لي يا وعد.. لقد اعتبرناك اختنا جميعا هنا.. ولا داعي لشكري فهذا واجبي تجاه شقيقتي..

التفتت وعد الى
طارق ولكنها لم تنطق بكلمة .. ظلت تتطلع اليه بلهفة وشوق وحنان..ظلت واقفة
مكانها وعيناها جامدتان عليه وكأنها تأبى ان تفارقه وتبتعد عنه.. ولغة
العيون هي من كانت تتكلم.. وتذكرت عبارته لحظتها.. "لا يفهمها الا من يهتم
بصاحبها".. هي الآن تهتم بصاحب تلك العينان العسليتين .. تلك العينان التي
تمتلآن بحزم وصرامة العالم كله.. تلك العينان الباردتان التي تحتويها
بالدفء.. بالحنان.. بالطمأنينة .. ولا تلبث ان تجعل نبضات قلبها تخفق بقوة
و سرعة لأجله..

ان لاامر ليس
مقتصرا على الاهتمام بصاحب هاتين العينين فحسب .. بل ان الامر يفوق ذلك
بكثير.. انها تحبه!! ..شعرت بالدهشة.. بالذهول من نفسها.. ومن تفكيرها
هذا.. هل هي تحبه حقا؟؟.. اجل لم لا تعترف لنفسها؟.. لم تخف هذا الامر عن
نفسها.. اتخشى ان تعرف بأنها تحمل لها هذا الحب في قلبها؟.. ام حكاية مايا
لا تزال تذكرها بأن طارق قد احب ذات يوم وان محبوبته تلك لا تزال تسكن
قلبه...

وادارت رأسها بغتة
عنه.. حاولت ان تهمس له ولو بكلمة وداع ولكن لسانها قد انعقد فجأة وكأنه
يأبى عليها ولو كلمة وداع تلقيها على مسامعه.. ووجدت نفسها تتحرك بخطوات
متثاقلة عن المكان وهي تشعر بالمرارة .. بالالم.. ستغادر هذا المكان ..
سترحل عنه لمدة ثلاثة ايام فحسب.. لكنها تشعر بها اشبه بالسنوات.. لانها
لن تراه.. لن ترى طارق كما اعتادت يوميا.. لن يمكنها ذلك بعد الآن..

( وعد..)

منذ متى كان رنين
اسمي جميل الى هذه الدرجة.. هل هما اذناي؟.. ام صوته الذي همس باسمي بأروع
مافي الكون من معان.. والتفتت له في لهفة وهي تسير بالممرات بعد ان غادرت
القسم .. فقال بعتاب: الن تسلمي علي حتى قبل رحيلك؟..

كادت ان تهتف
بوجهه هاتفة: ( الم تفهم؟.. لقد كنت اخاطبك بلغة العيون تلك التي علمتتني
اياها.. الم تفهم كلمات توديعي لك.. الم تفهمي نظرات الحب الذي ارسلتها
لك.. الم تفهم بعد؟) ..

ولكنها لم تقل حرفا من هذا بل اطرقت برأسها ومن ثم قالت: الفراق صعب كما يقولون..

قال بابتسامة شاحبة: لم تتحدثين هكذا.. انها ثلاثة ايام لا اكثر..

ثلاثة ايام؟؟..
تقولها بهذه البساطة.. اية اعصاب فولاذية تملك؟.. احقا لم تعرف بعد معنى
نظراتي لك ؟.. وقالت وهي تشيح بوجهها: معك حق.. انها ثلاثة ايام فحسب..

مد لها يده ومن ثم قال: الن تصافحيني حتى؟..

التفتت له وكادت
الدموع ان تترقرق في عينيها.. أي رجل هو هذا؟.. الا يشعر بأني احبه؟..
اعشقه.. لم اعد ارى سواه في حياتي.. انه فارس احلامي الذي طالما كنت احلم
به.. الا يحمل لي ولو ذرة من المشاعر.. الا يشعر بي؟..

ومدت له يد مرتجفة لتصافحه وهي تقول: الى اللقاء يا استاذ...

قاطعها قائلا وهو
يتطلع اليها بحنان: طارق بدون استاذ.. لقد قلتيها مرة وسأكون سعيدا لو
سمعتها منك مرة اخرى.. فهذا يعني انني قريب اليك..

كلماته تؤكد
اهتمامه بامري..وتصرفاته تؤكد عكس ذلك احيانا!.. ولكنه لا يشعر بي.. ولا
اظنه سيشعر ابدا.. فمايا.. حبه الوحيد.. ستظل تجري في عروقه كمجرى الدم..
سيظل يحبها ولن ينساها ابدا.. وهي -وعد- لن تكون سوى صفر على الشمال..

قالت وعد وهي تطرق برأسها وتقول بصوت مرتجف بالرغم منها: لقد كانت زلة لسان يومها لا اكثر..

تطلع لها بصمت وهو يبتسم فقالت وهي تزدرد لعابها محاولة السيطرة على مشاعرها: اراك بخير.. يا .. طارق..

قالتها وكادت ان تسحب كفها من يده حتى تغادر.. لكنها وجدته يحتضن كفها بكفه الاخرى ويربت عليها ليقول بابتسامة: سنكون بانتظارك..

اومأت برأسها فحرر يدها لتضعها الى جوارها ومن ثم سمعته يقول بهمس: اراك بخير يا وعد..

واردف وهو يكور قبضته بحزم: لكني اعدك بفعل أي شيء تجاه هذا القرار القاسي الذي تعرضت له..

قالت بشحوب وهي تهز رأسها نفيا: لا داعي..

ومن ثم لم تلبث ان
لوحت له بكفها وهي تبتعد..وتابعها طارق بناظريه حتى اختفى طيفها من امام
عينيه وهنا ردد بصرامة وحزم: اعدك يا وعد.. اعدك...

*********

من منا جرب
الانتظار يوما؟.. من منا جرب ان ينتظر لساعات طويلة ظن انها لن تنتهي
ابدا؟.. ساعات جعلته يشعر بالملل والتعب والرغبة في الخلاص من هذا
الانتظار.. لو جرب احدا منكم مثل هذا الشعور فعندها فقط سيعرف شعور عماد
الذي ان يجلس في سيارته بانتظار هبوط ليلى.. وعلى الرغم من ان تأخرها لم
يدم الا ربع ساعة الا ان الترقب واللهفة اللذان يسيطران على كيانه جعلته
يشعر بأن الوقت طويل ولن ينتهي..

ووجد نفسه يهبط من
سيارته ويستند اليها بملل.. انه خطأه لأنه خرج من الشركة مبكرا.. ولكنه
كان يخشى ان تغادر دون ان يراها.. دون ان يمنحها ذلك الخاتم الذي تمنى ان
يزين اصابعها يوما.. والتمعت عيناه بغتة ببريق امل وهو يراها تخرج مغادرة
الشركة.. وتابعتها عيناه بلهفة وشوق.. قبل ان يرى الحيرة قد ظهرت على
ملامحها وهي تراه في وقفته هذه .. فاقتربت حيث يقف ومن ثم قالت: هل تنتظر
احدا؟..

قالت مبتسما وهو يعقد ساعديه امام صدره: بلى انتظرك انت..

قالت مستفهمة: ولم؟..

جذبها من كفها ومن ثم قال: لدي ما اريد ان اريكِ اياه..

رأته يجذبها برفق الى حيث سيارته القابعة على القرب منهما ..وقال وهو يفتح باب سيارته بابتسامة واسعة: تفضلي بالدخول يا أميرتي..

تطلعت اليه بخجل ومن ثم قالت ووجنتاها متوردتان: عماد الجميع ينظر لنا..

غمز بعينه لها ومن ثم قال: وفيم يهموني؟..

ارتبكت أكثر ومن
ثم لم تلبث ان دلفت الى داخل سيارته واغلق هو خلفها الباب.. ليدور حول
مقدمة السيارة.. ومن ثم يحتل مقعد القيادة وينطلق بالسيارة مبتعدا عن
الشركة والمكان بأكمله.. والتفتت ليلى لتتطلع من خلال النافذة الى الشوارع
والسيارات والمباني ..ومن ثم تمتمت بخفوت: ما الامر؟..لم اصطحبتني معك..

قال مبتسما: أخبرتك انني اريد ان اريك شيئا ما..

التفتت له وقالت وهي تزيح بعض من خصلات شعرها خلف اذنها: وما هو هذا لشيء؟..

صمت ولم يجبها..
وكادت ان تكرر السؤال ولكنها آثرت الصمت.. وران الصمت على المكان لخمس
دقائق اخرى قبل ان تتوقف السيارة بغتة على جانب الطريق.. مما جعل ليلى
تعقد حاجبيها باستغراب ومن ثم تقول: لم توقفت هنا؟..

قال وهو يهمس بحنان: لانني اريد ان اتحدث اليك لوحدنا قليلا..

التفتت له وقالت بحيرة: وعن ماذا ستتحدث الي؟..

قال وهو يلتفت لها ومن ثم يخرج من كفه علبة القطيفة ويفتحها امام ناظريها وهو يقول بخفوت: هذا..

تطلعت الى الخاتم
الذي انعكست عليه اشعة الشمس لتجعل ماساته تتلألأ بشكل رائع .. ورفعت
عيناها عن الخاتم لتتطلع الى عماد وتقول بدهشة: خاتم زواج؟؟..

قال وهو يومئ برأسه بابتسامة واسعة: اجل حتى يعلم الجميع انك خطيبتي ولا يحق لاحد التفكير بك بعد الآن..

تطلعت الى الخاتم من جديد ومن ثم قالت متسائلة: يبدوا غالي الثمن.. اليس كذلك؟..

قال عماد وهو يهز رأسه: بم تفكرين يا ليلى؟.. حتى وان كان ثمنه ملايين من القطع النقدية فهو سيكون رخيصا في حقك..

توردت وجنتاها ومن ثم قالت بارتباك: ولكن الخطبة يجب ان تكون رسمية وامام الجميع..

امسك بكفها ومن ثم قال: دعينا نقيمها لوحدنا الآن.. ثم نقيمها مرة أخرى لاحقا..

- اتمزح؟؟..

قال مبتسما: ابدا.. لست امزح.. ولكن اتمنى ان اكون انا وانت فقط معا عندما البسك هذا الخاتم.. الذي سيظل يزين اصبعك الى ابد الدهر..

لم تستطع ان تتفوه
بحرف.. الكلمات تعجز عن الخروج من حلقها.. وكأنها قد رفعت الراية البيضاء
واعلنت الخضوع التام لما قال.. واتسعت ابتسامة عماد وهو يتطلع لها بحب ومن
ثم يقول بهمس وهو يدخل الخاتم باصبع كفها اليمنى: سيذكرك بي دائما وانا
بعيد عنك..

قالت بخجل: انا لا انساك حتى اتذكرك..

تطلع لها بحب
وحنان شديدين.. ثم لم يلبث ان رفع كفها الرقيقة الى شفتيه ليقبل اناملها
بحب.. ومن ثم قال: ستكونين حبيبتي وزوجتي الى الابد يا ليلى .. فأنت حلم
حياتي قبل كل شيء.. الذي حلمت به طويلا.. طويلا جدا...

وظلا على حالهما هذا كلاهما يتطلع الى الآخر بحب وحنان شديدين.. وعيناهما تنطقان باسمى المعاني.. ومشاعرهما تبثها لمسة كفيهما..

وعاد السؤال ليتردد بذهن ليلى على الرغم منها.. ترى هل ستدوم هذه السعادة التي احياها طويلا؟؟..

وبات السؤال معلقا دون جواب.. فمن يعلم بما يحفيه لنا القدر.. من يعلم؟...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبق الجنة
عضو شرف
عضو شرف
عبق الجنة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 665

رواية حلم حياتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حلم حياتي   رواية حلم حياتي I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 4:37 am

* الجزء الثالث والعشرين*
(ما الذي يحدث؟!)

(قرار قاسي هو ما اصدر بحقها)
قالها طارق بغضب شديد وهو يتحرك في ارجاء القسم بخطوات عصبية ومن ثم اردف
بحنق: انها لم تتوانى يوما عن العمل بكل جدية واخلاص ومع هذا يوقع مثل هذا
القرار القاسي لها لمجرد بضعة مشاكل..
قال احمد بهدوء: المشكلة لن تحل هكذا يا طارق.. لن تحل بغضبك هذا..او باستنكارك.. فقط اجلس لنحاول فهم وحل الموضوع بهدوء..
قال طارق وهو يكور قبضته: انت تعلم ان رئيس التحرير ذاك شخص جبان.. لن
يهتم بما يحدث بما انه في أمان.. حتى لو استدعى هذا طرد جميع الصحفيين من
الجريدة..
واردف باصرار: لكني لن اسمح له ان يصدر قرارا قاسيا كهذا في حق وعد مهما حصل..وسأفعل أي شيء.. سأجعله يتراجع عن قراره التافه هذا..
قال احمد وهو يعقد حاجبيه: اتعني ما تقول؟..
قال طارق وبريق اصرار وحزم يبرق في عينيه: اجل .. فقد وعدتها بأني لن اصمت وسأفعل أي شيء..
واردف بصوت هامس ومتهدج: من اجلها .. من اجلها هي فقط..
*********
ما ان وصلت وعد الى غرفتها بالمنزل..حتى القت بنفسها على الفراش ومشاعر
شتى تعصف بكيانها.. هل هو الاستنكار والغضب من قرار رئيس التحرير؟ .. ام
هو الالم لفراقهم؟.. ام يا ترى هو الحزن الشديد لفراقه هو بالذات؟..ام انه
مزيج من كل هؤلاء..
احست بانقباض في قلبها وهي تتخيل انها لن تذهب الى الصحيفة غدا.. لن تراه
الا بعد ثلاثة ايام كاملة.. هل تستطيع ان تحتمل ان لا تملأ عيناها بصورته
لثلاثة ايام؟..هل تستطيع احتمال ان لا تروي اذنها بصوته الذي يحسسها
بالدفء والامان؟..هل تستطيع يا ترى؟ .. هل تستطيع؟..
تفكيرها هذا يصيبها بالصداع ويجعل غصة المرارة تعتصر قلبها بمرارة
والم..لم ؟؟..اجيبوني لم؟..لم يوقع مثل هذا القرار بي وانا لم توانى يوما
عن العمل بكل جدية واخلاص.. لم؟.. ولكن ماذا يهم ؟؟.. لقد دافعت عن مبدأها
بكل حزم واصرار.. اجل لن تتوقف عن الكتابة وعن اظهار فساد المجتمع للناس
جميعا.. والا فما فائدة وجود الصحف بالبلاد.. التصمت عن الخطأ.. وتكتفي
بنشر الأحاديث الروتينية.. لا ان اهم ما يميز الصحافة انها تحاول معالجة
المجتمع باظهار مشاكله المختلفة للناس..
وضعت كفها على جبينها بتعب وهي تتخيل آحر اللحظات التي جمعتها بطارق..
انها تحبه.. بل تعشقه.. انها المرة الاولى التي تشعر بهذا الشعور تجاه شخص
ما.. ترى لماذا انشدت اليه؟.. لماذا تحركت مشاعرها اليه هو بالذات.. على
الرغم من فظاظته معها في بادئ الامر.. ترى لشخصيته المميزة.. ام لغرابته..
ام لانها ...
زفرت بعمق وهي تنهض من على الفراش.. ستتوقف عن التفكير به الآن والا لن
تشعر بالراحة ابدا..واتجهت لتتطلع من النافذة.. الى تلك الحديقة الساكنة
والهادئة..و التي لا تلبث الانسام ان تداعب حشائشها الخضراء بين لحظة
واخرى بهدوء..وظلت تحدق بشرود في اسراب الطيور التي اخذت ترفرف باصرار
غريب في هذه السماء الصافية دون ان تهبط ولو للحظات على سطح الارض.. عندما
سمعت صوت رنين هاتفها المحمول معلنا وصول رسالة قصيرة..
توجهت الى حقيبتها.. لتلتقط الهاتف ومن ثم تقرأ فحوى الرسالة التي كانت
تقول: (لو كنت غير مشغولة.. فتعالي وخذيني من الجامعة .. رأسي يكاد ينفجر
من كثرة المحاضرات.. متى ينتهي هذا العذاب؟)..
ابتسمت وعدابتسامة باهتة وهي تعيد قراءة الرسالة المرسلة من فرح.. ومن ثم
لم تلبث ان اتصلت بتلك الاخيرة التي ما ان اجابت على الهاتف حتى قالت: لا
تصدقي لقد كنت امزح..
قالت وعد بسخرية: لا فائدة انا الآن امام بوابة الجامعة..
قالت فرح بسخرية مماثلة: لقد ارسلت الرسالة منذ لحظات فقط.. أي سيارة خارقة تملكين؟..
- ليست السيارة يا عزيزتي بل سائقتها..
قالت فرح مبتسمة: حقا؟..
قالت وعد بغته وهي تزفر: اخبريني متى تنتهي محاضراتك؟..
قالت فرح متسائلة: ولم؟..
تنهدت وعد بمرارة ومن ثم قالت: اشعر بالملل الشديد واود ان اتحدث معك قليلا بعد ان تنتهي محاضراتك..
عقدت فرح حاجبيها ومن ثم قالت: لم؟.. الست بالصحيفة الآن؟..
قالت وعد بسخرية مريرة: لقد منحني رئيس التحرير اجازة.. ولكن مفروضة..
شهقت فرح ومن ثم قالت: اتعنين انه قد قام بطردك..
- لا بل تم فصلي لثلاثة ايام..
- ولم؟..
- سأخبرك بكل شيء عندما اراك والآن اخبريني متى تنتهي محاضراتك؟..
صمت فرح برهة ومن ثم قالت ببعض التردد: بعد ساعتين .. بل اعني ثلاث ساعات..
قالت وعد بهدوء: حسنا اذا اطلبي من مَن سيوصلك ان يصطحبك الى منزلنا..
اسرعت فرح تقول: ولماذا لا تحضرين انت الى منزلنا؟..
قالت وعد بابتسامة: لقد اقسمت على ان لا احضر.. فاخشى ان يتحول التمثيل الى حقيقة كما قال شقيقك.. واسقط من على السلم..
قالت فرح بضجر: كفاك سخافة.. انت احضري الي.. فلدي بعض البحوث الهامة التي ارغب في انهائها..
- فليكن اذا سأحضر بعد ثلاث ساعات ونصف.. هل هذا يناسبك؟..
- اجل كثيرا..
قالت وعد مبتسمة: اراك بخير اذا.. الى اللقاء..
قالت فرح بابتسامة: الى اللقاء..
وما ان انهت فرح الاتصال حتى قالت بخبث: نعم سنلتقي.. وسيكون لقاءاً لا ينسى..
********
انشغل هشام بالعمل على احدى رسومه الهندسية بمكتبه عندما اجبره على تركها
صوت رنين هاتفه المستمر..فأجابه بصوت هادئ: اهلا فرح.. ماذا تريدين ؟..
قالت فرح باستنكار: اهكذا يجيب الشقيق شقيقته على الهاتف .. بـ"ماذا تريدين؟"..
قال بملل: لو انك قد اتصلت للتسلية .. فحاولي في وقت لاحق.. انا منشغل الآن بالعمل..
قالت في سرعة: لا لم اتصل لاتسلى.. وحتى لو وددت ان افعل.. فلن اخسر رصيدي من اجل تسلية.. سأتصل من هاتف المنزل بكل بساطة..
قال هشام باستخفاف: يا للذكاء.. من اين تجلبين مثل هذه البدائل .. الـ.. السخيفة..
ابتسمت فرح وقالت: ليست سخيفة ابدا.. ثم ليس هذا مهما الآن.. بل امرا آخر..
- وما هو؟..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: وعد اليوم قد فصلت من عملها لمدة ثلاثة ايام..
عقد هشام حاجبيه باستنكار ومن ثم قال: ولم؟؟..
قالت فرح وهي تزدرد لعابها: لست اعلم.. لقد اخبرتني انها ستعلمني بالامر
عندما تحضر الى منزلنا بعد ثلاث ساعات ونصف..في الوقت الذي انهي فيه
محاضراتي..
قال هشام بحيرة: بعد ثلاث ساعات؟.. الم تخبريني انك ستنتهين من محاضرتك الاخيرة بعد ساعة..
- بلى.. ولكني تعمدت قول هذا لها..
- ولم؟.. ما السبب من كذبك هذا؟..
قالت فرح مبتسمة: لا اسمي هذا كذبا.. اما عن السبب فسأخبرك اياه.. ولكن استمع الي بهدوء ولا تقاطعني ريثما انتهي مما اقوله..
واخذت تتحدث اليه بهدوء وهي تحاول شرح كل ما تستطيع .. بينما اخذ هشام
يستمع اليها بانصات شديد وهو يشعر بالاهتمام من كل كلمة تقولها...
***********
قال أحمد بانفعال: ما هذا الذي فعلته يا طارق؟..
قال طارق ببرود: وماذا فعلت؟..
قال احمد وهو مستمر بانفعاله: بعد كل هذا الذي اخبرتني اياه وتقول انك لم
تفعل شيئا.. لقد ذهبت بكل بساطة الى رئيس التحرير لتطلب منه ان يعيد وعد
الى العمل والا ستستقيل من عملك على الفور..
قال طارق وهو يهز كتفيه بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه: وماذا في هذا؟..
قال احمد باستنكار: لا تجد في هذا الامر شيئا حقا.. ستستقيل يا طارق..
ستستقيل من عملك.. ومن وظيفتك التي يحسدك عليها غيرك من اجل فتاة..
تطلع اليه طارق بصرامة ومن ثم لم يلبث ان قال: هذه الوظيفة التي تتحدث
عنها يمكنني ان احصل عليها في أي جريدة اخرى.. ثم لا اظن ان رئيس التحرير
بهذا الغباء ليقبل استقالتي فور تقديمي لها.. دون ان يفكر بالامر او حتى
يمنحني فرصة لاعادة النظر بهذه الاستقالة..
قال احمد وهو يعقد حاجبيه: تعني ان ما قمت به كان بمحض التهديد لا اكثر.. وانك ستتراجع عن قرار استقالك لو رفض طلبك..
قال طارق بحزم: بالطبع لا.. لن اتراجع عن قراري مطلقا لو انه رفض طلبي..
سأستقيل من عملي وابحث عن آخر في أي صحيفة اخرى.. واظن ان اسمي بات معروفا
عند بعض الصحف التي ستقبل بي لو انني فكرت بالعمل معها..
قال احمد بدهشة: تضيع سنوات عملك هنا يا طارق من اجل فتاة وحسب..
قال طارق وهو يمط شفتيه: وعد ليست أي فتاة.. ثم انت.. انت بنفسك لو رأيت خطيبتك تتعرض لمثل هذا القرار لفعلت الشيء ذاته..
قال احمد بخبث:تلك خطيبتي.. ثم انني كنت سأناقش رئيس التحرير بالامر
واحاول حله ولن اتسرع بتقديم استقالتي.. ولكن انت بأي صفة تدافع عن وعد
بكل هذه القوة..
قل طارق وهو يعقد ذراعيه امام صدره: لنقل انها زميلة عزيزة لي بالعمل..
قال احمد بخبث اكبر: حسنا وبعد..
قال طارق ببرود: لا يوجد بعد.. توقف عن افكارك المريضة..
قال احمد مبتسما: معك حق.. الحب اصبح مرضا هذه الايام..
تطلع اليه طارق بحنق ومن ثم قال: لا فائدة ترجى منك.. سأكمل عملي افضل لي..
قال احمد وهو يغمز بعينه: الا تريد أي مساعدة من اجل اعادة وعد الى الصحيفة..
قال طارق بهدوء: لو كنت مستعدا لتقديم المساعدة.. فتفضل قل ما عندك..
قال احمد بمكر: ما رأيك ان اقدم استقالتي انا الآخر؟..
نطلع اليه طارق لبرهة ومن ثم قال ببرود: سخيف..
ضحك أحمد بمرح ومن ثم قال: ما الذي يمنعك ان تعترف؟ ..نحن جميعا سنشعر بالسعادة من اجلك ومن اجل الآنسة وعد..
صمت طارق طويلا ولم يعلق.. ولكن ذهنه كان شاردا في تلك اللحظة.. كان يفكر
بما قاله أحمد مرارا وتكرارا .. وقال متحدثا الى نفسه: ( ليس الآن يا
احمد.. ليس الآن..لا يزال الوقت مبكرا لاعترف.. باني احب هذه المرحة
العنيدة.. لان هناك حاجزا يقف حائلا بيننا.. حاجزا يسمى .. ((حبي القديم
لمايا)).. فهل ستصدق لو اخبرتها بأني احبها.. احبها فعلا ولست اخدعها..
مايا كانت الماضي.. ووعد هي الحاضر والمستقبل..هل ستصدقني يا ترى لو
اخبرتها.. هل ستصدق؟)
********
تنهدت وعد بحرارة وهي توقف سيارتها امام باب منزل عمها .. لا يزال شعورها
بالالم يسيطر على كيانها.. لا تستطيع ان تبعد ذهنها عن التفكير بطارق..انه
قبل كل شيء الشخص الذي تحب..الذي احتل قلبها دون استئذان.. الذي طرق باب
مشاعرها بشخصيته الغريبة..وببروده العجيب..
وعادت لتتنهد من جديد وهي تهبط من سيارتها وتغلق بابها خلفها ومن ثم تتوجه
الى المنزل لتضرب على زر جرس الباب عدة مرات.. ولكن الغريب بالامر ان احدا
لم يجبها.. فعقدت حاجبيها.. واخرجت هاتفها المحمول لتتصل بفرح .. وما ان
اجابتها تلك الاخيرة حتى قالت: فرح.. اين انتم؟.. لقد ضربت الجرس عدة مرات
ولم يجبني احد..
قالت فرح بهدوء: انا بالطابق الاعلى ولم استمع الى الجرس.. ولا يوجد احد
بالمنزل سواي انا وامي.. وربما كانت امي نائمة الآن.. او مشغولة بالمطبخ..
قالت وعد بضجر: لا داعي لكل هذا الشرح.. فقط تعالي وافتحي لي الباب..
قالت فرح بلامبالاة: ان الباب مفتوح.. يمكنك الدخول..
قالت وعد باستغراب: ولم تتركون الباب مفتوحا؟.. ان أي شخص يستطيع التسلل الى المنزل في هذه الفترة وسرقة ما يريد..
قالت فرح وهي تمط شفتيها: لا لشيء.. ولكن ابي قد غادر المنزل لتوه.. واتصل
بي ليخبرنا انه قد نسي اقفال الباب وطلب مني ان افعل ذلك.. وكدت ان افعل
لولا اتصالك بي.. لذا ادخلي الى الداخل واقفلي الباب خلفك..
قالت وعد باستسلام: فليكن.. الى اللقاء..
قالت فرح بابتسامة: الى اللقاء..
وادخلت وعد هاتفها في حقيبتها لتمسك بمقبض الباب وتديره بهدوء.. ومن ثم
تفتح الباب بهدوء وهي تدلف الى الداخل.. والتفتت لتقفله .. قبل ان تسير
الى حيث الدرج لتصعده حيث غرفة فرح و....
توقفت في مكانها فجأة.. وهي تشعر بحركة ما بالردهة.. فعقدت حاجبيها ومن ثم قالت وهي تزدرد لعابها: من هناك؟..
جاوبها الصمت التام.. والسكون الذي غلف ارجاء المكان .. وتطلعت الى
ماحولها لبرهة ثم لم تلبث ان هزت كتفيها وقالت وهي تواصل سيرها: لابد
وانني كنت اتخيل لا اكثر..
وما ان خطت خطوة اخرى حتى انقطع التيار الكهربي فجأة.. فشهقت قائلة بخوف: ما الذي يحدث هنا؟..
وتطلعت الى الظلام من حولها الذي بات هو اللون الوحيد الذي يغلف كل شيء
بالمنزل..وازدردت لعابها من جديد لعلها تستعيد رباطة جأشها.. واردفت وهي
تهتف بصوت سيطر عليه الارتباك والخوف بالرغم منها: فرح.. اين انت يا فرح؟
.. خالتي.. اين انتم جميعا؟..
واشتعلت الاضواء فجأة ومع ذلك الهتاف القوي الذي هتف الجميع به في آن واحد: عيد ميلاد سعيد يا وعد!!!..
التفتت وعد بسرعة وحدة الى مصدر الصوت ومن ثم قالت والذهول لا يكاد يفارق
ملامحها وهي غير قادرة على استيعاب ما يحدث: ما الذي يحدث؟!.. ماذا
تعنون؟!..
قال والد وعد بابتسامة وهو يشير الى فرح: انها فكرة فرح.. ان نقيم لك عيد ميلاد لا ينسى.. واقترحت علينا مثل هذه الفكرة..
قالت وعد وهي تزفر بحدة وقوة:لقد كاد قلبي ان يتوقف بفعلتكم هذه .. ثم اين كنتم تختفون؟..
قال والدها وهو يشير الى غرفة ما: بغرفة المعيشية..
واردف بحنان ابوي: عيد ميلاد سعيد يا ابنتي الصغيرة..
قالت وعد مبتسمة وهي لا تزال تشعر بالاضطراب من المفاجأة: لم اعد صغيرة يا والدي..
- ستظلين كذلك الى الابد في نظر والداك..
قالت فرح وهي تعقد ساعديها امام صدرها وتتطلع الى وعد بمرح: توقعت ان تكون
اصعب مرحلة بالموضوع هي اقناع وعد بالدخول من الباب المفتوح..
قالت وعد بغضب مصطنع: اصمتي انت.. انها فكرتك باخافتي هكذا في يوم مميز كيوم ميلادي..
قالت فرح وهي تغمز بعينيها: اردته عيد ميلاد لا ينسى..
قال عماد الذي تواجد بالحفل بدوره بناء على رغبة فرح والبقية: لم تقفين هناك يا وعد؟.. اقتربي..
قالت وعد بارتباك وتوتر: اتريدون الحقيقة.. لا استطيع التقدم فقدماي لم تعودا تطيعاني من اثر المفاجأة..
تقدم منها هشام بغتة .. وقال بصوت هادئ: اخبرتهم بان طفلة مثلك لا تتحمل
مثل هذه المفاجآت..ولكنهم أصروا على أن يفاجئوك بهذه الطريقة..
قالت وعد باستنكار: انا طفلة يا هشام؟..
اقترب منها اكثر وقال بصوت هامس لا يكاد يسمعه سواهما: واجمل طفلة كذلك..
توترت اطراف وعد وهي تتطلع اليه.. في حين جذبها هو من كفها وقال مبتسما:
لا تصدقي كل ما يُقال لك.. والآن تعالي إلى حيث الكعكة لتطفأي الشموع..
سارت معه الى حيث تلك الطاولة الكبيرة التي ضمت عدد من الاطباق الرئيسية
والحلويات.. بالاضافة الى المشروبات.. واخيرا كعكة بالشوكلاتة وقد زينت
بقطع من الحلوى والبسكويت.. كتب على سطحها بالكريمة عبارة "عيد ميلاد سعيد
يا وعد.. وكل عام وانت بخير".. هذا بالاضافة الى شمعة قد اشارت الى عمرها
الذي قد اصبح منذ اليوم 24 ربيعاً.. ومر شريط بسيط من ذكرياتها الماضية
وهي ترى نفسها اليوم وهي تنهي سنوات عمرها الرابعة والعشرين.. وتمتمت
بخفوت: هل يمضي العمر سريعا هكذا؟..
قالت لها والدتها بابتسامة: هذه هي سنة الحياة.. طفل يولد اليوم ليكبر
غدا.. وليصبح شابا ومن ثم كهلا.. ويأتي من بعده طفلا آخر.. هذه هي الحياة
يا بنيتي.. دائرة لا تنتهي الى يوم الدين..
وقال والدها وهو يقترب منها ويحيطها بذراعه بحنان: اتصدقين.. اني اشعر اني
قد رزقت بك بالامس فقط.. اتذكر يوم ولادتك.. كم كنت اشعر بالسعادة وانا
احملك بذراعي .. فقد كنت اتمنى ان يكون الطفل الذي انتظرته انا ووالدتك هو
فتاة.. فتاة جميلة مثلك يا وعد..
همست وعد وقالت بحب وهي تطلع الى والدها: كم احبك يا والدي..
قا طع هذه اللحظة صوت العم وهو يقول بابتسامة: هيا يا وعد.. اطفأي الشموع.. ودعينا نفرح بك..
اومأت برأسها وابتسامة واسعة ترتسم على ثغرها.. فاقتربت منها فرح وقالت وهي تشعل الشمعة بعود الثقاب: فاليطفأ احدكم المصابيح..
وما ان انطفأت المصابيح واشعلت فرح الشمعة..حتى اخذ الجميع يرددون على
مسامعها ( عيد ميلاد سعيد يا وعد).. وكادت ان تطفأ الشمعة حين اسرعت فرح
تقول: توقفي تمني امنية ثم اطفأيها..
التفت لها هشام بضيق ومن ثم قال: ما هذه الاعتقادات السخيفة؟..
قالت فرح مبتسمة: ليست اعتقادات.. مجرد امل في ان تتحقق امنياتنا ذات يوم..
والتفتت الى وعد التي قالت: حسنا سأتمنى امنية..
قالت فرح وهي تشير لها بسبابتها: في سرك..
ضحكت وعد وقالت: بالتأكيد سأقولها في سري..
وصمتت للحظات وهي تتمنى امنية ما.. ثم لم تلبث ان اطفأت الشمعة.. معلنة عن
بداية عامها الجديد.. العام الذي قديخفي لها الكثير.. الكثير جدا..
**********
تطلعت ليلى الى الخاتم الذي يزين اصبعها طويلا.. وذهنها شارد تماما.. فلقد
ذهب معه حيث غادر.. مع عماد.. هل تستطيع ان تحبه أكثر من ذلك؟.. ان حبها
له لا يلبث ان يتضاعف كل لحظة.. باعجابها بشخصه.. برجولته.. بقوة شخصيته
.. وابتسامته الرائعة التي لا تلبث ان تشعرها بالسعادة.. وعيناه العميقتان
اللتان تشعرها بحبه لها.. وبحنان العالم كله..
ترى هل تحبني بقدر ما احبك يا عماد؟..هل تفكر بي الآن كما افكر بك.. هل
احرمك لذة النوم؟.. كما تفعل بي انت دوما.. هل صورتي تظل عالقة بذهنك بعد
آخر لقاء لنا ولا تفارقك طوال اليوم؟..
ولم تلبث ان اغمضت عيناها وهي تحلم به.. وتتخيل ما يفعله في هذه اللحظة..
وداعبت ذلك الخاتم الذي يحتل اصبعها ومن ثم همست لنفسها: ( هل الاحلام
تتحقق بهذه السرعة؟.. هل القدر يمنحنا السعادة بهذه البساطة؟.. ترى لماذا
اشعر بأن لا شيء يأتي بسهولة ابدا؟..وان سعادتي هذه لن تلبث ان تختفي..)
وعادت لتردد لنفسها قائلة بضيق: ( أي هراء اتفوه به.. اني احيا الآن في
لحظات سعيدة .. فلم لا استمتع بها بدلا من تنغيصها بهذه الطريقة.. اجل..
سأبعد هذا الشعور بالضيق عن ذهني..وسأفكر بعماد فقط وحياتنا القادمة..)
*********
احاديث كثيرة اخذت تدور في ذلك الحفل البسيط الذي شمل كل افراد هذه
العائلة تقريبا..قبل ان يقطعه عماد وهو يقول متطلعا الى ساعة الحائط:
معذرة يا وعد.. ولكن علي ان اغادر الآن..
قالت عد بضيق: العمل لن يحلق في الهواء يا عماد..
قال عماد مبتسما: ليس العمل هذه المرة..
قالت وعد متسائلة: اذا؟..
اقترب منها ليسلمها هديتها ومن ثم قال بصوت خفيض: بل هي فتاة.. استطاعت ان تجعلني اقع اسير حبها..
قالت وعد مبتسمة: احقا ما تقول؟..
قال بابتسامة واسعة: اجل .. وسأذهب اليوم مع والداي لخطبتها رسميا من اهلها..
قالت وعد بسعادة: مبارك يا عماد.. انت تستحق الافضل دائما.. لكنك لم تخبرني.. هي.. هل تحبك؟..
قال وهي يومئ برأسه: بالتأكيد.. لو لم اكن واثق من حبها لي لما اتخذت خطوة كهذه..
واردف وهو يلوح بيده للجميع: والآن استودعكم جميعا.. الى اللقاء..
لم يكن حديثهم الهامس قد استمع اليه احد ما تقريبا..لذا لم يعلم بأمر هذه
الفتاة التي تحدث عنها سوى وعد..وشعرت بغتة بكف توضع على كتفها..فالتفتت
الى صاحبها الذي قال: هل تفكرين بذاك الذي غادر الآن؟..
قالت وعد بابتسامة: تقريبا.. ثم ما شأنك انت يا هشام؟..
تطلع لها لبرهة قبل ان يقول وهو يضغط على حروف كلماته: صحيح لا شأن لي الآن.. ولكن سيكون لي شأن بهذا في المستقبل القريب..
فهمت ما يعنيه.. ولكنها قالت محاولة التهرب من الموضوع: اخبرني ماذا جلبت لي؟..
قال هشام بسخرية: لم اكن اعلم انك مادية الى هذه الدرجة؟..
- ها انتذا قد علمت.. والآن اخبرني ماذا جلبت لي؟..
سلمها تلك العلبة المتوسطة الحجم و المغلفة بورق تغليف هادئ الالوان ومن ثم قال: شيء قد كنت تودين الحصول عليه ذات يوم..
عقدت حاجبيها في تفكير وهي محاولة تذكر ذلك الشيء.. في حين عاد هشام
بذاكرنه الى الوراء للحظات وهو يتذكر ذلك الحوار الذي دار بينهما قبل بضع
شهور..

(ستعملين بالصحافة.. لا اظن ان أي صحيفة ستقبل بك ابدا)
قالها هشام بسخرية واستهزاء وهو يتطلع الى وعد التي كانت تجاس على احد
المقاعد بحديقة المنزل.. في حين قالت هي: اجل سأعمل في الصحافة.. وسأكون
صحفية ممتازة ايضا.. وسأغيظك يومها.. تذكر هذا..ومن يدري ربما اكتب عنك
موضوع بالجريدة.. واصور احد المواقع التي تصمم لها رسومها الهندسية ..
ولكن اذا ترجيتني فقط سأفعل..
ضحك بسخرية ومن ثم قال: اترجاك.. هذا ما كان ينقصني.. ثم كيف ستقومين
بتصوير تلك المواقع؟ ..بكاميرتك البائسة تلك..لا اظن انها ستفيدك ابدا..
نهضت من على مقعدها وقالت بتحدي: عندما احصل على اول راتب لي.. سأشتري لي افضل انواع الكاميرات .. وستكون رقمية ايضا ..
قال هشام بسخرية: سوف انتظر هذا اليوم حتى ارى كاميرتك المزعومة تلك....

وتوقف شريط ذكرياته.. وهو يبتسم لنفسه بسخرية.. في النهاية هو من اشتراها
لها.. هو من حقق لها رغبتها باحضار تلك الكاميرا لها.. لقد سخر من ان تحصل
على مثل هذه الكاميرا الرقمية.. لكن لسخرية القدر.. هو بنفسه من جعلها
تحصل عليها..
وتطلع الى وعد التي انشغلت بالحديث والضحك المرح مع فرح.. وهما يتابدلان
الأحاديث المتفرقة..وهمس لنفسه قائلا باصرار: (ستكونين لي انا يا وعد..
انا فقط.. لن اسمح بأي شخص آخر بأن يأخذك مني..انت لي.. وانا لك ..ستكونين
لي يا وعد قريبا.. قريبا جدا..)..
وكور قبضته بقوة وهو يردف لنفسه بصرامة: ( اقسم على هذا)...
*********
احلام كثيرا باتت تحلق في سماء رواية"حلم حياتي"..
حلم وعد بالزواج من الشخص الذي تحب..
حلم طارق بأن تصدقه وعد وتعرف بحبه لها..وان تبادله مشاعره هذه..
حلم هشام بالزواج من وعد..
حلم ليلى وعماد بالزواج والحياة في سعادة وهدوء في عالم من الاحلام الوردية..
ولكن ماذا عن القدر..
هل يحقق احلامهما البسيطة هذه..
ام ستتحطم على احلامهم هذه على صخرة الواقع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية حلم حياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» 48 رواية عربية جاهزة للتحميل نقلت لكم لتعم الفائدة
» مقال أحلى صيف في حياتي
» أصعب 12 دقيقه في حياتي وحياتك .....؟؟!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى عبق الجنان :: •·.·°¯`·.·• عبـــق العام•·.·°¯`·.·• :: القسم الأدبي :: القصص الأدبية والروايات-
انتقل الى: